لَيْسَ : كَلِمَةُ نَفْيٍ وهي فِعْلٌ ماضٍ أَصْلُه - وفي بعضِ الأُصُولِ : أَصْلُهَا ومثْلُه في المُحْكَم : لَيِسَ كفِرِحَ فسُكِّنَتْ تَخْفِيفاً وفي المُحْكَم : إسْتثْقَالاً قالَ : ولم تُقْلَبْ أَلفاً لأَنَّهَا لا تَتَصَرَّفُ من حيثُ إسْتُعْمِلَت بلَفْظِ الماضِي للحَالِ والذي يَدُلُّ على أَنَّهَا فِعْلٌ وإِن لم تَتَصَرفْ تَصَرُّفَ الأَفْعَال قَوْلُهُم : لَسْتُ ولَسْتُمَا ولَسْتُم كقولهم : ضَرَبْتُ وضَرَبْتُمَا وضَرَبْتُم وجُعِلَت من عَوَاملِ الأَفْعَالِ نحو كانَ وأَخَواتِها التي تَرْفَعُ الأَسْمَاءَ وتَنْصِبُ الأَخْبَارَ إِلاّ أَن البَاءَ تَدْخُلُ في خَبَرِها وَحْدَها دُونَ أَخَواتها تَقُولُ : ليس زَيْدٌ بمُنْطَلِقٍ فالباءُ لتَعْدِيَةِ الفِعْلِ وتَأْكِيدِ النَّفْيِ ولك أَلاّ تُدْخِلَها لأَن المُؤَكِّدَ يُسْتَغْنَى عنه قالَ : وقد يُسْتَثْنَى بهَا تَقُول جاءَني القَوْمُ ليس زيداً كما تقول : إِلاّ زَيْداً تُضمِر اسمها فيها وتَنصِب خَبرَها بها كأَنك قلت : ليس الجائي زيداً وتقديره : جاءَني القَوْمُ ليسَ بَعْضُهُم زيداً ولك أَنْ تَقُولَ : جاءَنِي القَوْمُ لَيْسَكَ إِلاّ أَن المُضْمَرَ المُنْفَصِلَ هنا أَحْسَنُ كما قالَ الشاعِر :
لَيْتَ هذا اللَّيْلَ شَهْرٌ ... لا نَرَى فَيهِ عَريبَاً
لَيْسَ إِيَّايَ وإِيَّا ... ك ولا نَخْشَى رَقِيبَاً
ولم يقل : ليْسَنِي ولَيْسَكِ وهو جائزٌ إِلاّ أَن المُنْفَصِلَ أَجْوَدُ . وفي الحَدِيثِ : أَنّهُ قالَ لِزَيْدِ الخَيْلِ : ما وُصِفَ لِي أَحَدٌ في الجَاهِلِيَّةِ فَرَأَيْتُه في الإِسْلامِ إِلاّ رَأَيْتُه دُونَ الصِّفَةِ لَيْسَكَ أَي إِلاّ أَنْتَ . قال ابنُ الأَثير : وفي لَيْسَكَ غَرَابَةٌ فإِن أَخْبَارَ كَانَ وأَخواتهَا إِذا كانَتْ ضَمائِرَ فإِنمَا يُسْتَعْمَلُ فيهَا كثيراً المُنْفَصِلُ دُونَ المُتَّصِلِ تقول : ليسَ إِيّايَ وإِيَّاكَ . وقال سِيبَوَيْهِ : ولَيْسَ : كلمةٌ يُنْفَى بها ما في الحالِ فكَأَنّهَا مُسَكَّنَةٌ ولم يَجْعَلُوا إعْتِلالَها إِلاّ لُزُومَ الإسكانِ إِذْ كَثُرَتْ في كلامِهم ولم يُغَيِّروا حَرَكَةَ الفاءِ وإِنما ذلك لأَنه لا مُسْتَقْبَل مِنها ولا اسْمَ فَاعِلْ ولا مَصْدَرَ ولا إشْتقَاقَ . فلمّا لم تتَصَرفْ بَصَرُّفَ أَخْوَاتها جُعِلَتْ بمَنْزِلةِ ما ليسَ من الفِعْل نحو لَيْتَ وأَمّا قولُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ :
" يا خَيْرَ مَنْ زَانَ سُرُوجَ المَيْسِ
" قَدْ رُسَّتِ الحاجاتُعِنْدَ قَيْسِ
" إِذ لا يَزَالُ مُولَعاً بِلَيْسِ فإِنَّه جَعَلَهَا اسْماً وأَعْرَبَها . أَو أَصْلُه هكذا في النُّسَخِ والصَّوابُ : أَصْلُهَا : لا أَيْسَ طُرِحَتِ الهَمْزَةُ وأُلْزِقَتِ اللامُ باليَاءِ وهو قولُ الخَليلِ والفَرّاءِ قال الأَخِيرُ : والدَّلِيلُ على ذلك قَوْلُهم أَي العَربِ : إئْتِنِي به من حَيْثُ أَيْسَ ولَيْسَ أَي منْ حَيْثُ هُوَ ولا هُوَ وكذلك قولُهُم : جيءْ بِه مِن أَيْسَ ولَيْسَ أَو مَعْنَاه : من حَيْثُ لا وُجْدَ أَو أَيْسَ أَي مَوْجُودٌ ولا أَيْسَ أَي لا مَوْجُودٌ فخَفَّفُوا وحَكى أَبُو عليٍّ أَنَّهُم يقولون : جِيءْ به من حَيْثُ ولَيْسَا يريدون : ولَيْسَ فيُشْبِعُون فتحةَ السِّين لِبيانِ الحَرَكةِ في الوَقْفِ . وإِنمَا جاءَتْ - هكذا في سَائرِ النُّسَخِ والصّواب : ورُبَّمَا جَاءَتْ لَيْسَ - بمَعْنَى : لا التَّبْرِئَةِ ورُبَّمَا جَاءَتْ بمَعْنَى لا الّتِي يُنْسَقُ بها وتَفْصِيلُه في المُغْنِي وشُرُوحِه . واللَّيَسُ مُحَرَكةً : الشَّجَاعَةُ والشِّدَّةُ وهُو أَلْيَسُ أَي شُجَاعٌ بَيِّنُ اللَّيَسِ مِن قَوْمٍ لِيسٍ ويقال : لُوسٌ ويقال للشُّجاعِ : هو أَهْيَسُ أَلْيَسُ وكانَ في الأَصْلِ : أَهْوَسَ أَلْوَسَ فلمّا إزْدَوَجَ الكَلامُ قَلَبُوا الوَاوَ ياءً فقالُوا أَهْيَسُ وقد يُسْتَعْمَلُ في الذَّمّ أَيضاً فيُريدُون بالأَهْيَسِ : الكَثِيرَ الأَكْلِ وبالأَلْيَسِ : الّذي لا يَبْرَحُ بَيْتَه فاللَّيَسُ يَدْخُلُ في المَعْنَيين في المَدْحِ والذَّمِّ وكُلٌّ لا يَخْفَي على المُتَفَوِّه به . وقال أَبُو زَيْدٍ : اللَّيَسُ : الغَفْلَةُ وهو أَلْيَسُ . والأَلْيَسُ : البَعيرُ يَحْمِلُ كُلَّ مَا حُمِّلَ عليه . نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الفَرّاءِ . والأَلْيَسُ : مَن لا يَبْرَحُ مَنْزِلَه قاله الأَصْمَعِيُّ وهو ذَمٌّ . والأَلْيَسُ : الأَسَدُ لِشِدَّتِه . والأَلْيَسُ : الدَّيُّوثُ هكذا في سائر النُّسَخِ ومِثُلُه في اللِّسَان . وفي التكْمِلَة : قال بعضُ الأَعْرَاب : الأَلْيَسُ : الدَّيُّوثِيُّ الذي لا يَغَارُ ويُتَهَزَّأُ بِه فيُقَال : هو أَلْيَسُ بُوركَ فِيه وهو ذَمٌّ . والأَلْيَسُ : الحَسَنُ الخُلُقِ يُقَالُ : هو أَلْيَسُ دَهْثَمٌ أَي حَسَنُ الخُلُقِ . ويُقَال : تَلاَيَسَ الرجُلُ إِذا حَسُنَ خُلُقُه وكان حَمُولاً . وتَلايَسَ عَنْه : أَغْمَضَ . والمُلاَيِسُ : البَطِيءُ الثَّقِيلُ عن أَبِي عَمْروٍ لا يَبْرَحُ . واللَّيَاسُ ككِتَابٍ : الدَّيُّوثُ هكذا في النُّسَخِ وهو غَلَطٌ والصوَاب : الزُّبُونُ لا يَبْرَحُ مَنْزلَه كما نقلَه الصّاغَانِيُّ وضَبَطَهُ . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : اللَّيَسُ مُحَرَّكةً : الشِّدَّة والصَّلاَبةُ . والأَلْيَسُ : مَن لا يُبَالي الحَرْبَ ولا يَرُوعُه . واللِّيسُ واللُّوسُ : الأَشِدَّاءُ . قالَ الشّاعِرُ :
تخَالُ نَدِيَّهُمْ مَرْضَى حَيَاءً ... وتَلْقَاهُمْ غَدَاةَ الرَّوْعِ لِيسَاً وقد تَلَيَّسَ . وإِبِلٌ لِيسٌ على الحَوْضِ إِذا أَقَامَتْ عليه فَلَمْ تَبْرَحْه قال عَبْدَةُ بن الطَّبِيب :إِذا ما حَامَ راعِيها إسْتَحَثَّتْ ... لعَبْدَةَ مُنْتَهَى الأَهْوَاءِ لِيسُ لِيسٌ : لا تُفَارِقُ مُنْتَهَى أَهْوَائهَا وأَرادَ : لِعَطَنِ عَبْدَةَ أَي أَنَّهَا تَنْزِعُ إِليه إِذا حامَ رَاعِيها . وبَعْضُ بَنِي ضَبَّةَ يَقُولُ : لِسْتُ بمَعْنَى لَسْتُ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وقد تَقَدَّم . واللَّيَسُ مُحَرَّكةً : الغَفْلَةُ عن أَبي زَيْدٍ كما في العُبَاب
فصل الميم مع السين
الأَلْسُ : اختِلاطُ العَقْلِ وقيل : ذَهابُه وبه فُسِّرَ الدُّعاءُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بكَ من الأَلْسِ والكِبْرِ . قاله أَبو عُبيدة . أُلِسَ الرجُلُ كعُنِيَ أَلْساً فهو مَأْلُوسٌ أَي مَجنونٌ : ذهبَ عقلُه عن ابن الأَعرابيِّ . وقال غيرُه : أَي ضَعيفُ العَقْلِ قال الرَّاجِز :
يَتْبَعْنَ مثلَ العُمَّجِ المَنْسُوسِ ... أَهْوَجَ يَمْشي مِشيَةَ المَأْلُوسِ الأَلْسُ : الخِيانَةُ وبه فسَّرَ القُتيبِيُّ حديث الدُّعاءِ السابقَ وخَطَّأَه ابنُ الأَنبارِيِّ . الأَلْسُ أَيضاً : الغِشُّ والخِداعُ والكَذِبُ والَّسرقة . وبالأَوَّل فُسِّرَ قول الشَّاعِر وهو الحُصَيْن بن القَعقاع :
هُمُ السُّمْنُ بالسَّنُّوت لا أَلْسَ فيهمُ ... وهُم يَمنعونَ جارَهم أَنْ يُقَرَّدا الأَلْسُ : إخطاءُ الرَّأْي وهو من ذَهاب العقل وتَذهيلِه . الثَّلاثةُ عن ابن عَبَّاد . الأَلْسُ : الرِّيبَةُ . الأَلْسُ : تَغَيُّرُ الخُلُق من ريبَةٍ أَو مَرَض . يُقال : ما أَلَسَكَ ؟ . الأَلْسُ : الجُنُون يُقال : إنَّ به لأَلْساً وأَنْشَدَ :
يا جِرَّتَيْنا بالحَباب حَلْسَا ... إنَّ بِنا أَوْ بكُمُ لأَلْسا كالأُلاسِ بالضَّمِّ أَي كغُراب . وقال ابنُ فارِس : يُقال : هو الذي يَظُنُّ الظَّنَّ ولا يكونُ كذلك . الأَلْسُ : الأَصْلُ السُّوءُ . قال ابن عَبّاد : المَأْلُوسُ : اللَّبَنُ لا يَخْرُجُ زُبْدُه ويَمُرُّ طعمُه ولا يُشْرَبُ من مَرارَته . نقله الصَّاغانِيّ . وإلْياسُ بالكَسْر والفتح وبه قرأَ الأَعرجُ ونُبيح وأَبو وَاقِدٍ والجَرَّاحُ : " وإنَّ إلْيَاسَ " عَلَمٌ أَعْجَمِيٌّ وزادَ في العُباب : لا ينصرفُ للعُجْمَة والتَّعريف . قال الله تعالى : " وإنَّ إلياسَ لُمِنَ المُرْسَلينَ " وقال الجَوْهَرِيّ : اسمٌ أَعجَمِيٌّ . قال شيخُنا : هو فِعْيال من الأَلْس وهو اخْتلاطُ العقلِ . وقيل : هو إفعال من ليس يقال : رجلٌ أَلْيَسُ أَي شُجاعٌ لا يَفِرُّ أَو أَخذوه من ضِدّ الرَّجاءِ ومَدُّوه . والْياسُ بنُ مُضَرَ في التَّحْتيَّة وهو اسمٌ عِبرانيٌّ انتهى . قال الجَوْهَرِيّ : وقد سَمَّت العرَب به وهو الياسُ بنُ مُضَرَ بن نِزار بن مَعَدِّ بن عدنان قال الصَّاغانِيّ : قياسُه إلياسَ النَّبيَّ صلواتُ الله عليه على الْياس بن مُضَرَ في التَّركيب قياسٌ فاسدٌ لأَنَّ ابن مُضَرَ الأَلِف واللام فيه مثلهما في الفضل وكذلك أَخوه النَّاسُ عَيْلانُ وما كان صِفةً في أَصلِه أو مَصدراً فدخولُ الأَلِف واللام فيه غيرُ مُلازمٍ . وأُلَّيْسُ كقُبَّيْطٍ : ة بالأَنبار . كذا في كتاب الفُتوح والعُباب . وفي التَّكملة : مَوضعٌ . قلتُ : وقد جاءَ ذِكرُه في شِعر أَبي مِحْجَنٍ الثَّقفيِّ وكان قد حضرَ غَزاةً بها وأَبْلَى بَلاءً حسَناً فقال :
وقَرَّبْتُ رَوَّاحاً وكُوراً ونُمْرُقاً ... وغُودِرَ في أُلَّيْسَ بَكْرٌ ووَائِلُ وآلِسٌ كصاحبٍ : نَهْرٌ ببِلادِ الرُّومِ على يَومٍ من طَرْسُوسَ قريبٌ من البَحْر من الثُّغور الجَزَرِيَّة وفيه يقول أَبو تمَّامٍ يمدَحُ أَبا سَعيدٍ الشغريّ :
فإنْ يَكُ نَصْرٌ آتِياً نَهْرَ آلِسٍ ... فقد وَجَدوا وَادِي عَقَرْقَسَ مُسْلِما يُقال : ضرَبَه مائَةً فما تَأَلَّسَ أَي ما تَوَجَّعَ . يُقال : هو لا يُدالِسُ ولا يُؤَالِسُ أي لا يُخادِع ولا يَخونُ فالمُدالَسَةُ من الدَّلَسِ وهي الظُّلْمَةُ يُرادُ أَنَّه لا يُعَمِّي عليكَ الشيءَ فيُخفيه ويَسْتُر ما فيه من عيب . والمُؤالَسَةُ : الخِيانَةُ . ومما يُستدرَك عليه : قال أَبو عَمرو : يُقال : إنَّه لمَأْلُوسُ العَطِّيَّة وقد أُلِسَتْ عَطِيَّتُه إذا مُنِعَتْ من غيرِ إياسٍ منها . ويُقال للغريم : إنَّه ليتَأَلَّسُ فما يُعطِي وما يَمْنَعُ . والتَّأَلُّسُ : أَن يكونَ يُريد أَن يُعطِيَ وهو يَمْنَعُ وأَنشدَ :
" وصَرَمَتْ حَبْلَكَ بالتَّأَلُّسِ ويُقال : ما ذُقْتُ عنده أَلُوساً أَي شيئاً من الطَّعام وكذا مَأْلُوساً . وأَلُوسُ كصَبور اسم رجلٍ سُمِّيَتْ به بلدةٌ على الفرات قُرْبَ عانات والحَديثة قال ياقوت : وغَلطَ أبو سعد الإدريسيُّ فقال : إنَّها بساحِل بحر الشَّام قرب طَرْسوس وإنَّما غَرَّه نِسبةُ أَبي عبد الله عمر بن حِصْن بن خالد الأَلوسيِّ الطَّرسوسيِّ من شيوخ الطَّبرانِيِّ وابن المقري وإنَّما هو من أَلُوس وسكَنَ طَرسُوسَ : فنُسِبَ إليها . ويقال فيها أَيضاً : آلُوسَةُ بالمَدِّ