الوَصَبُ محرَّكَةً : المَرَضُ . وقيل : الأَلَمُ الشَّدِيدُ وقيل : الأَلمُ الدّائمُ . وقيلَ : الوَصَبُ : المَرَضُ والنَّصّبُ : التَّعَبُ والمَشَقَّة كما تقدَّم . والوَصَبُ : دَوامُ الوَجَعِ ولُزُومُه . وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : الوَصَبُ : نُحُولُ الجِسمِ من تَعَبٍ أَو مَرَضٍ . ج أَوْصَابٌ على القِيَاس كَمَرَضٍ وأَمْرَاض . وَصِبَ كفَرِحَ يَوْصَبُ وَصَباً ووَصُّبَ تَوْصِيباً وتَوَصُّبَ وأَوْصَبَ وهذه عن الزَّجّاج وهوَ واصِبٌ . والأَوْصَابُ : الأَسْقَام الوَاحِدُ وَصَبٌ . ورجلٌ نَصبٌ وَصِبٌ من قومٍ وَصَابَى ووِصَابٍ بالكسر . وأَوْصَبَهُ الدَّاءُ : أَسْقَمَهُ . وأَوْصَبَهُ اللهُ تعالى : أَمْرَضَهُ . أَوْصَبَ القَوْمُ على الشَّيْءِ وأَوْبَرُوا عليه : ثابَرُوا ويُقال : واظَبَ على الشَّيْءِ ووَاصَبَ عليه : إذا ثابَرَ عليه . وأوْصَبَ : وُلِدَ له أَولادٌ وَصَابَى أَي : مَرْضَى ؛ قاله الفَرّاءُ . والّذي في تهذيب الأَفعال لابنِ القَطّاع : وأَوصَبَ القَومُ : أَتْعَبَ المرضُ أَولادَهُم . قال أَبو حنيفةَ : وَصَبَ الشَّحْمُ دامَ . وأَوْصَبَتِ النّاقَةُ الشَّحْمَ برفْعِ الأَوّل ونَصْب الثّاني وضُبِط في بعض النُّسَخ بالعكس : نَبَتَ شَحْمُها وكانت مع ذلك باقَيَةَ السِّمَنِ . وَوَصَبَ الشَّيْءُ يَصِبُ وُصُوباً أَي : إِذا دامَ وثَبَتَ . والوُصُوبُ : دَيْمُومَةُ الشَّيْءِ كأَوْصَبَ ؛ وفي التَّنْزِيل العزيز : " وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً " قال أَبو إِسحاقَ قيل في معناه : دائباً أَي : طاعتُه دائمةٌ واجِبةٌ أَبداً . ويجوزُ والله أَعلم أَن يكونَ " ولَهُ الدِّينُ واصِباً " أَي : لَهُ الدِّينُ والطّاعَةُ رَضِيَ العَبدُ بما يُؤْمَرُ به أَو لَمْ يَرْضَ به سهُلَ عليه أَوْ لم يَسْهُل فله الدِّينُ وإِنْ كان فيه الوَصَبْ . والوَصَبُ : شِدَّةُ التَّعَب . وفيه : " ولَهُمْ عذابٌ واصِبٌ " أَي : دائمٌ ثابتٌ . وقيل : مُوجِعٌ . قال مُلَيْح :
تَنَبَّهْ لِبَرْقِ آخِرَ اللَّيْلِ مُوصِب ... رَفِيعَ السَّنا يبْدُو لنا ثُمَّ يَنْضُبَ
أَي : دائمٌ . ومنه : وَصَبَ الشَّحْمُ وقد تقدّم فيكون من المجاز . وَصَب على الأَمْرِ : إِذا وَاظَبَ عليه . ووَصَبَ الرجُلُ في مالِه وعلى مالِه يَصِبُ كوَعَدَ يَعِدُ وهو القِياس . ووَصِبَ يَصِب بكسر الصّاد فيهما جميعاً نادرٌ : إِذا لَزِمَهُ وأَحْسَنَ القِيَامَ عَلَيْهِ كِلاهُمَا عن كُراع وقَدَّمَ النّادرَ على القِياس ولم يذكر اللُّغَويون : وَصِبَ يَصِبُ مع مَا حَكَوْا مِنْ : وَثِقَ يَثِقُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ يَفِقُ وسائره . ومَفازَةٌ واصِبَةٌ : بَعِيدةٌ جِدًّا وذلك إِذا كانت لا غايةَ لها . وفي الأَساسِ : لا تَكادُ تَنهِي لبُعدْها . والوصْبُ ما بيْن البِنْصِرِ إِلى السَّبّابَةِ وذا مِن زِيادته . أَوْصَبَه اللهُ فهو مُوصَبٌ كَمُكْرَم . والمُوَصَّبُ كمُعَظَّمٍ : الكَثيِرُ الأَوْجَاعِ هكذا عبارةُ الجوهَرِيّ . وفي حديث عائشةَ رَضِي الله عنها : " أَنا وَصَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلّم " أَي : مَرَّضْتُه في وَصَبِه . والوَصَبُ : دَوامُ الوَجَعِ ولُزومُه كمَرَّضْتُه من المرض أَي : دَبَّرْتُه في مَرضه . وقد يُطْلَقُ الوَصَبُ على التَّعَبِ والفُتورِ في البَدَن . وفي حديث فارِعة أُخْتِ أُمَيَّة قالت له : " هَلْ تَجِدُ شَيْئاً ؟ قالَ : لا إِلاّ تَوْصِيباً " أَي : فُتوراً . وفي الأَساس : وأَتَوَصَّبُ : أَجِدُ وَجَعاً . وفي بَدَنِي تَوَصُّبٌ . ووَصَبَ لَبنُ الناقةِ : دامَ . وأَوْصبَت الناقةُ ووَاصَبَتْ وهي مُوصِبَةٌ ومُوَاصِبَةٌ . انتهى
وممّا استدركه شيخنا على المُصَنِّف : وَصّابٌ : بَطنٌ من حِمْيَرَ نُسِبَ إِليه عَمْرُو بْن حَفصٍ الوَصّابيُّ وأُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغرَى المُخْتَلَف في صحبتها وهي : خَيْرَةَ أَو هُجَيْمَة الوَصّابيّة ويقال : الأَصَّابِيّة أَشار إِليها في الإِصَابَة وذَكَرها الجَلالُ في طبقات الحُفّاظ . ونُسِبَ إِلى هذَا البطن جماعاتٌ كما في أَنسابِ ابنِ الأَثِيرِ انتهى . قلتُ : قال ابْنُ الكَلْبيّ : في حِمْيَرَ فَضْلُ بنُ سَهْل بنِ عَمْرِو بن قَيْسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ . وزاد الهَمْدَانيُّ بينَ سَهْلٍ وعَمْرٍو : زَيْداً وابْنُ الكَلْبيّ جعلَ زيداً أَخا سهْل وهو أَخو وَصّابٍ أَيضاً . ثمّ قال الهَمْدانيّ : والمُجمَع عليه أَنَّ وَصّاباً ابنُ مالكِ بنِ زَيْدِ بْنِ سَدَدِ بن زُرْعَةَ بنِ سَبَإٍ الأَصغر منهم : ثُوَيْبٌ أَبو الرّشد الحِمصيّ ذكره ابْنُ أَبي حاتِمْ وقال ابن الأَثِير : وصّاب بن سَهْل أَخو جبلان بن سَهْلٍ الّذِي يُنْسَب إِليه الجبلانّيون وهما من حِمْيَر . كذا في أَنساب البُلْبَيْسِيّ . ووُصَابٌ كغُرَابٍ ويُقَالُ أُصَابٌ اسْمُ جَبل يُحَاذِي زَبِيدَ باليَمَن وفيه عِدّةُ بلادٍ وقرًى وحُصُون وأَهله عُصاةٌ لا طاعةَ عليهم لسُلْطان اليمن إِلاَّ عَنْوَةً معاناةً من السُّلطان لِذلك كذا في المعْجَمِ لياقُوت . قلْت : والآنَ في قَبْضة سُلطان اليَمَن يَدِينُونَهُ ويَدْفَعُون له العُشْرَ والخَراجَ وحُصونُهم عاليةٌ جدًّا منها جبلُ المصباح وغيرُهُ . ثمّ إِنّي رأَيتُ أَبا الفِدَاءِ إِسماعيلَ بْن إِبراهيمَ ذكر في كتابه : الأَوْصابِيَّ منسوباً بلفظ الجمع وقال : إِلى أَوْصَاب بالفَتْح قبيلة من حِمْيَرَ منها : أُمُّ الدَّرْدَاءِ واسمُها هُجَيْمة الأَوصابِيَّة وهي الصَّغْرَى تُوُفِّيَتْ بعدَ سنةِ إِحْدَى وثَمانينَ . ونقلَ ذلك عن أُسْدِ الغابة . وكانت من فُضَلاءِ النِّساءِ . وذكر الحافِظُ تَقِيُّ الدّين في المعجم : أَنَّ الصَّحِيح أَنْ لا صُحْبَةَ لها والله أَعلمُ
صَبَّهُ أَي المَاءَ ونَحْوَه : أَرَاقَه يَصُبُّه صَبّاً فَصَبَّ أَي فَهُو مِمَّا اسْتُعْمِل مُتَعَدِّياً ولاَزِماً إِلا أَنَّ المُتَعَدِّيَ كنَصَر واللاَّزم كَضَرَب وكان حَقُّه التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِك أَشَار لَهُ شَيْخُنا وهَكَذَا ضَبَطَه الفَيُّومِيُّ في المِصْبَاح وانْصَبَّ على انْفَعَل وَهُوَ كَثِير واصْطَبَّ على افْتَعَل مِنْ أَنْوَاع المُطَاوع وتَصَبَّبَ على تَفَعَّل لكن الأَكْثَر فيه أَنْ يَكُونَ مُطَاوِعاً لِفِعْل المُضَاعَف كعَلَّمته فَتَعلَّم . واسْتِعْمَالُه في الثُّلاثِيّ المُجَرَّد كَهَذَا قَلِيل قَالَه شَيْخُنَا . وصَبَبْتُ المَاءَ : سَكَبْتُه . ويُقَالُ : صَبَبْتُ لِفُلاَنٍ مَاءً في القَدَح لِيَشْرَبَه . واصْطَبَبْتُ لِنَفْسي مَاءً من القِرْبَة لأَشْرَبَه واصْطَبَبْت لنَفْسي قَدَحاً . وفي الحَدِيثِ : فَقَامَ إِلَى شَجْبٍ فَاصْطَبَّ مِنْهُ المَاءَ هُو افْتَعَل من الصَّبِّ أَي أَخَذَه لِنَفْسِه وتَاءُ الافْتعَال مَعَ الصَّادِ تُقْلَبُ طَاءً لِيَسْهُل النُّطْقُ بِهَا وهما من حُرُوفِ الإِطْبَاق . وقَالَ أَعْرَابِيٌّ : اصْطَبَبْتُ مِنَ الْمَزَادَة مَاءً أَي أَخَذْتُه لِنَفْسِي وقد صَبَبْتُ المَاءَ فَاصْطَبَّ بِمَعْنَى انْصَبَّ وأَنْشَد ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
" لَيْتَ بُنَيَّ قَدْ سَعَى وشَبَّا
" ومَنَع القِرْبَةَ أَنْ تَصْطَبَّا وفي لِسَان العرب : اصْطَبَّ الماءَ : اتَّخَذَه لِنَفْسه على مَا يجِيءُ عَلَيْه عَامَّة هَذَا النَّحو حَكَاه سِيبَوَيْهِ . والماءُ يَنْصَبُّ من الجَبَل ويَتَصَبَّبُ من الجَبَل أَي يَتَحَدَّر . ومِنْ كَلاَمِهِم : تَصَبَّبتُ عَرَقاً أَي تَصَبَّبَ عَرَقِي فنقَل الفِعْل فَصَارَ في الَّلفْظِ لِي فخَرج الفَاعِلُ في الأَصْل مُمَيِّزاً ولا يجوز عَرَقاً تَصَبَّبَ لأَنَّ هَذَا المُمَيِّزَ هُوَ الفَاعِلُ في المَعْنَى فكَمَا لا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الفَاعِل على الفِعْل كذلك لا يجوز تَقْدِيمُ المُمَيِّز إِذَا كَانَ هُوَ الفَاعِلَ في المَعْنَى على الفِعْل هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي . وصَبَّ في الوَادِي : انْحَدَر . وفي حديث الطَّوَافِ : حَتَّى إِذَا انْصَبَّت قَدَمَاه في بَطْنِ الْوَادِي أَي انْحَدَرَت في السَّعْي . وفي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلَى بَدْر : أَنَّه صَبَّ في ذَفِرَانَ . أَي مَضَى فِيهِ مُنْحَدِراً وَدَافِعاً وهو مَوْضِعٌ عِنْدَ بَدْر . والصُّبَّةُ بالضَّمِّ : مَا صُبَّ مِنْ طَعَامٍ وغَيْرِهِ مُجْتَمِعاً كالصُّبِّ بغَيْر هَاء ورُبَّما سُمِّي بِهِ . الصُّبَّةُ : السُّفْرَةُ لأَنَّ الطَّعَامَ يُصَبُّ فِيهَا أَو شِبْهُهَا . وفي حَدِيث واثْلَةَ بْنِ الأَسْقَع في غَزْوة تَبُوك : فخرجْتُ مَعَ خَيْر صَاحِب زَادِي في صُبَّتي . ورُويَت صِنَّتي بالنُّونِ . وَهُمَا سَوَاء الصُّبَّةُ : السُّرْبَةُ أَي القِطْعَةُ من الخِيْل وفي بَعْض النُّسَخ السَّرِيَّة وَهُوَ خَطَأٌ . قال :
صُبَّةٌ كاليَمَامِ تَهْوِي سِرَاعاً ... وعِدِيٌّ كَمِثْلِ سيل المَضِيقِ والأَسْيَقُ صُبَبٌ كاليَمَام كَمَا في لِسَانِ العَرَب . الصُّبَّةُ : الصِّرْمَةُ مِنَ الإِبِل . الصُّبَّةُ : القِطْعَةُ مِنَ الغَنَم . أَو الصُّبَّةُ من الإِبِل والغَنَم : ما بَيْنِ العِشْرينَ إِلَى الثَّلاَثين والأَرْبَعِين . وقيل : مَا بَيْن العَشَرةِ إِلَى الأَرْبَعِين . وفي الصَّحَاح عَنْ أَبِي زَيْد : الصُّبَّةُ من المَعِز : ما بَيْن العَشَرَةِ إِلَى الأَرْبَعِين . وهِيَ مِن الإِبِل : مَا دُونَ المائَة كالفِرْقَ مِن الْغَنَم في قَوْل مَنْ جَعَل الفِرْقَ مَا دُونَ المائَة . والفِزْرُ مِنَ الضَّأْنِ مِثْلُ الصُّبَّةِ من المِعْزَى . والصَّدْعَةُ نَحْوُهَا . وقَدْ يُقَالُ في الإِبِل . الصُّبَّةُ : الجَمَاعَةُ من النَّاسِ وَهُو أَصْلُ مَعْنَاها . واسْتِعْمَالُها في الإِبِل والغَنَم ونَحْوِهِمَا مَجَازٌ . كذا قَوْلُهم : عِنْدِي مِنَ الْمَاءِ صُبَّةٌ أَي القَلِيلُ مِنَ المَال كَذَا في الأَسَاسِومَضَتْ صُبَّةٌ مِنَ اللَّيل أَي طَائِفَةٌ . في حَدِيثِ شَقِيق قَال لإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَلَمْ أُنْبَّأْ أَنَّكُم صُبَّتَانِ صُبَّتَان أَي جَمَاعَتَانِ جَمَاعَتَان . وفي الحَدِيثِ : عَسَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَن يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ من الغَنَم أَي جَمَاعَةً مِنْهَا تَشْبِيهاً بجَمَاعَة مِنَ النَّاسِ قال ابن الأَثير : وقد اخْتُلِفَ في عَدَدِهَا فقِيلَ : مَا بَيْن العِشْرينَ إِلَى الأَرْبَعِين من الضَّأْنِ والمَعِز وقيل : من المَعِز خَاصَّة وقِيلَ نَحْوُ الخَمْسِين وقِيل : ما بَيْن السِّتِّين إِلَى السَّبْعِين . قال : والصُّبَّةُ من الإِبِل نحوُ خَمْسِ أَوْ سِتٍّ . وفي حَدِيثِ ابْنِ عُمَر : اشْتَريتُ صُبَّةً من غَنَم . الصُّبَّةُ : البَقِيَّةُ من المَاءِ واللَّبَن وغَيْرِهِما تَبْقَى في الإِنَاءِ والسِّقَاءِ وعن الفرَّاءِ : الصُّبَّةُ والشَّوْلُ والغَرَضُ : المَاءُ القَلِيلُ كالصُّبَابَة بالضَّمِّ أَي في المعنى الأَخير . قال الأَخطل في الصُّبَابَة :
جَادَ القِلاَلُ لَهُ بِذَاتِ صُبَابَة ... حَمْرَاءَ مِثْلِ شَخِيبَةِ الأَوْدَاجِ وفي حَدِيثِ عُتْبَة بْنِ غَزْوَان أَنَّه خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا قَد آذَنَت بصَرْم وولَّتْ حَذَّاءَ فلم يَبْقَ مِنها إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ . حَذَّاءُ أَي مُسْرِعَة . وقال أَبُو عُبَيْد : الصُّبَابَةُ : البَقِيَّةُ : اليَسِيرَةُ تَبْقَى في الإِنَاءِ مِن الشَّرَاب إِذَا شَرِبَها الرَّجُلُ قال : تَصَابَيْتُ المَاءَ أَي شَرِبْتُ صُبَابَتَه أَي بَقِيَّتَه . وأَنْشَدَنَا شَيْخُنا العَلاّمَةُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَر الحُسَيْنِيّ في كدف البِطَاح من قُرَى زَبِيد لأَبي القَاسِم الحَرِيرِيّ :
تَبّاً لطَالِب دُنِيا ... ثَنَى إِليها انْصِبَابه
ما يَسْتَفِيق غَرَاماً ... بِهَا وفَرْطَ صَبَابَه
ولو دَرَى لَكَفَاه ... مما يَروم صُبَابَهْ وفي لسان العرب : فأَمّا ما أَنْشده ابن الأَعْرَابيّ من قول الشاعر :
وَلَيْلٍ هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً ... سُقُوا بِصُبَابِ الكَرَى الأَغْيَدِ . قال : قَدْ يَجُوزُ أَنَّه أَرَادَ بِصُبَابِةِ الكَرَى فحذَفَ الهَاءَ أَو جَمَع صُبَابَة فيكون من الجَمْع الذي لا يُفَارِق وَاحِدَه إِلاَّ بالْهَاءِ كشَعِيرَة وشَعِير . ولَمَّا اسْتَعَارَ السَّقْىَ لِلْكَرَى اسْتَعَار الصُّبَابَةَ لَهُ أَيْضاً وكل ذلك على المَثَل . ومن المَجَازِ : لم أُدْرِك من العَيْش إِلا صُبَابَةً وإِلا صُبَابَاتِ . ويُقَالُ : قد تَصَابَّ فُلاَنٌ المَعِيشَةَ بَعْدَ فُلانٍ أَي عَاشَ . وقد تَصَابَبْتُهم أَجْمَعِين إِلاَّ وَاحِداً . وفي لسان العرب : تَصَابَّ المَاءَ . واصْطَبَّهَا وتَصَبَّبها وتَصَابَّهَا بِمَعْنىً . قال الأَخْطَلُ ونَسَبَه الأَزْهَرِيّ للشَّمَّاخ :
لقَوْمٌ تَصَابَبْتُ المَعِيشَةَ بَعْدَهُمْ ... أَعزُّ عَلَيْنَا من عِفَاءٍ تَغَيَّرَا جعل لِلْمَعِيشَةِ صُبَاباً وهو عَلَى المَثَل أَي فَقْدُ مَنْ كُنتُ مَعَه أَشَدّ عليّ من ابْيِضَاضِ شَعِري . قال الأَزهريّ : شَبَّه ما بَقِي من العَيْشِ بِبَقِيَّةِ الشَّرَاب يَتَمَزَّزُه وَيَتَصَابُّه . ومن أَمْثَالِ المَيْدَانِيّ : صُبَابتي تُرْوِي وليْسَتْ غَيْلاً . الغَيْلُ : المَاءُ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ . يُضْربُ لمَنْ يَنْتَفع بِمَا يبذُل وَإِنْ لَم يَدْخُل في حَدِّ الكَثْرة . والصَّبَبُ مُحَرَّكَةً : تَصَبُّبُ هَكَذا في النُّسَخ وصَوَابُه تَصَوُّبُ كَمَا في المحْكَم ولِسَانِ العَرَب نَهْرٍ أَو طَرِيقٍ يَكُونُ في حَدُور . وفي صِفَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم أَنَّه كَانَ إِذَا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ أَي في موضع مُنْحَدِرٍ . وقال ابْنُ عَبَّاس : أَرَادَ بِهِ أَنَّه قَوِيُّ البَدَنِ فإِذا مَشَى فكأَنَّه يَمْشِي على صَدْرِ قَدَمَيْه من القُوَّة . وأَنْشَدَ :
الوَاطِئينَ عَلَى صُدُورِ نِعَالِهِمْ ... يَمْشُونَ في الدَّفَنِيّ والأَبْرَادِوفي رِوَايَة : كأَنَّمَا يَهْوِي من صَبَب كالصَّبُوبِ بالفَتْح والضَّمِّ . وقيل بالْفَتْح : اسْمٌ يُصَبُّ عَلى الإِنْسَانِ من مَاءٍ وغَيْرِه كالطَّهُورِ والغَسُول والضَّم جَمْعُ صَبَب . الصَّبَبُ : ما انْصَبَّ مِنَ الرَّمْل . وَمَا انْحَدَرَ من الأَرْضِ . و القومُ أَصَبُّوا أَي أَخَذُوا فِيهِ أَي الصَّبَب ج أَصْبَابٌ . قَالَ رُؤْبَةُ :
" بَلْ بَلَد ذِي صُعُدٍ وأَصْبَابْ والصَّبوب : ما أَنْصببْت فيه . والجمع صُبُبٌ وصَبَبٌ . قال أَبو زيد : سمعت العرب تقول للحَدور الصَّبوب . وجمعها صُبُبٌ . وهي الصَّبِيبُ وَجَمْعُه أَصْبَابٌ . وقَوْلُ عَلْقَمَة بْنِ عَبَدَة :
فأَوْرَدْتُهَا مَاءً كَأَنَّ جِمَامَه ... من الأَجْنِ حِنَّاءٌ مَعاً وصَبِيبُ قيل : هي عُصَارَة وَرَق الحِنَّاء والعُصْفِر . وقيل : هو العُصْفُر المخلَص . وأَنْشَدَ :
" يَبْكُونَ مِنْ بِعْدِ الدُّمُوعِ الغُزَّرِ
" دَماً سِجَالاً كَصَبِيبِ العُصْفُرِ عن أَبي عمرو : الصَّبِيبُ : الجَلِيد وأَنْشَد في صِفَة الشِّتاءِ :
ولا كَلْبَ إِلاَّ وَالِجٌ أَنْفَه اسْتَه ... ولَيْسَ بِهَا إِلا صَباً وصَبِيبُها قيل : هو الدَّمُ . و هو أَيْضاً العَرَقُ . وأَنْشَدَ :
" هَوَاجِرٌ تَحْتَلِب الصَّبِيبَا وشَجَر كالسَّذَابِ يُخْتَضَبُ بِهِ و الصَّبِيبُ : السَّنَاءُ الذي يُخْضَبُ بِهِ اللِّحَى كالحِنَّاءِ . ويوجد في النُّسَخ هُنَا السِّنَاءِ مَضْبُوطاً بالكَسْر وصَوَابُه بالضَّمِّ كَمَا شَرَحْنَا . الصَّبِيبُ : مَاءُ شَجَر السِّمْسِمِ . وفي حديثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر أَنَّه كَانَ يَخْتَضِبُ بالصَّبِيب . قال أَبُو عُبَيْدَةَ : يُقَالُ : إِنَّه مَاءُ وَرَقِ السِّمْسِمِ أَوْ غَيْره مِنْ نَبَاتِ الأَرْض . قال : وقَدْ وُصِفَ لِي بِمِصر ولَوْنُ مَائِه أَحْمَر يَعْلُوه سَوَادٌ . وأَنْشَدَ قَوْلَ عَلْقَمَة ابْنِ عَبَدَة السَّابق ذِكْره . الصَّبِيبُ : شَيْءٌ كالوَسْمَةِ يُخْضَبُ به اللِّحَى . قِيل : هو عُصَارَةُ العَنْدَم . و قيلَ هُوَ صِبْغٌ أَحْمَر . و الصَّبِيبُ أَيْضاً : المَاءُ المَصْبُوبُ . وهَذِه الأَقْوَالُ كُلُّهَا بهذا التَّفْصِيلِ في المحكَمِ ولِسَان العَرَب وغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الفَنِّ . الصَّبِيبُ : العَسَل الجَيِّد نَقَلَه الصَّاغَانِيّ وطَرَفُ السَّيْفِ في قَتْل أَبِي رَافِعٍ اليَهُودِيّ . : فوضَعْت صَبيبَ السَّيْفِ في بَطْنِه أَي طَرَفَه وآخرَ ما يَبْلغ سِيلاَنُهُ حِينَ ضرب وقيل هو سِيلاَنُهُ مُطْلَقاً . صَبِيبٌ : ع بَلْ هُوَ جَبَل . وبه فُسِّر الحَدِيث : أَنَّه خَيْرٌ من صَبِيبٍ ذَهَباً كما جَاءَ في رواية أُخْرَى مِنْ صَبيرٍ ذَهَباً . أَوْ هُوَ صُبَيْبٌ كزُبَيْرٍ . وقِيلَ صَبِيبٌ في الحَدِيث فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول أَي ذَهَبٌ كَثِير مَصْبُوبٌ غَيْرُ مَعْدُود . والصَّبَابَة : الشَّوْقُ أَو رِقَّتُه وحَرَارَتُه أَو رَقَّةُ الْهَوَى . صَبِبْتَ يا رَجُلُ إِليه بالكَسْر صَبَابَةً كَقَنِعْتَ قَنَاعَةً فأَنْتَ صَبٌّ أَي عَاشِقٌ مُشْتَاق وَهِي صَبَّة ومُقْتَضَى قَاعِدَتِه أَن يَقُولَ وَهِيَ بِهَاءٍ كما تَقَدَّم غَيْر مَرَّة . وهذَا الَّذي ذَكَره المُؤَلِّف هو لَفْظ سِيبَوَيْه كما نَقَل عَنْه ابْنُ سِيدَه في المُحْكَم والجَوْهَرِيّ في الصَّحَاح ولاَ إِجْحَافَ في عِبَارَة المؤَلِّف أَصْلاً كما زَعَمَه شَيْخُنَا فانْظُر بالتَّأَمّل . وفي لسان العرب : وحَكَى اللِّحْيَانِيّ فِيمَا يَقُولُه نِسَاءُ الأَعْرَابِ عِنْدَ التَّأْخِيذِ بالأُخَذِ : صَبٌّ فاصْبَبْ إِلَيْه أَرِقٌ فَارْقَ إِلَيْه . قال الكُمَيْت :
ولَسْتَ تَصَبُّ إِلَى الظَّاعِنِينَ ... إذَا ما صَدِيقُك لم يَصْبَبِوعن ابْنِ الأَعْرَابِيّ : صَبَّ الرجلُ إِذا عَشِق يَصَبُّ صَبَابَةً ورَجُلٌ صَبٌّ ورَجُلاَن صَبَّان ورجال صَبُّون . وامرَأَتَان صَبَّتَان ونِسَاءٌ صَبَّاتٌ على مَذْهَب مَنْ قَالَ : رَجُلٌ صَبٌّ بِمَنْزِلَة قَوْلك : رجل فَهِمٌ وحذِرٌ وأَصله صَبِبٌ فاستَثْقَلوا الجَمْع بَيْنَ بَاءَيْن مُتَحَرِّكَتَيْن فأَسْقَطُوا حَرَكَةَ البَاء الأُولَى وأَدْغَمُوهَا في الثانية . الصُّبَيْبُ كَزُبَيْر : فَرَسٌ من خَيْل العَرَب مَعْرُوفٌ عَنِ ابْنِ دُرَيْد . صَبَّابٌ كخَبَّاب : جَفْرٌ لبَنِي كِلاَبٍ نَقَله الصَّاغَانِيُّ وزَادَ غَيْره : كَثيرُ النَّخْلِ . وصَبْصَبَهُ : فَرَّقَه ومَحَقَه وأَذْهَبَه فَتَصَبْصَبَ وصَبْصَبَ الشيءُ : امَّحَقَ وذَهَبَ . عن أَبي عَمْرو : صَبْصَب الرَّجُلُ إِذَا فَرَّق جَيْشاً أَو مَالاً . وصُبَّ الرَّجُلُ والشيُْ مَبْنِيّاً لِلْمَجْهُول إِذا مُحِقَ وهَذَا عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ . والتَّصَبْصُبُ : ذَهَابُ أَكْثَرِ اللَّيْل . يقال : تَصَبْصَبَ الليلُ وكذا النهارُ تَصَبْصُباً : ذَهَبَ إِلا قَلِيلاً . وأَنْشَدَ :
" حَتَّى إِذَا مَا يَوْمُهَا تَصَبْصَبَا وعن أَبي عمرو : المُتَصَبْصِبُ : الذاهِبُ المُمَّحِق . التَّصَبْصُبُ : شِدَّةُ الجُرْأَةِ والخِلاَفِ . يُقَالُ : تَصَبْصَبَ عَلَيْنَا فُلاَنٌ . التَّصَبْصُبُ : اشْتِدَادُ الحَرِّ . قال العَجَّاجُ :
" حَتَّى إِذا مَا يَوْمُهَا تَصَبْصَبَا
" مِنْ صَادِرٍ أَو وَارِدٍ أَيْدِي سَبَا قال أَبُو زَيْد أَي ذَهَب إِلاَّ قَلِيلاً وقيل أَي اشتد عَلَيَّ الجمر ذلك اليوم . قال الأَزْهَرِيُّ : وقَوْلُ أَبي زَيْدٍ أَحَبُّ إِلَيّ . ويقال : تَصَبْصَبَ أَي مَضَى وذَهَب . وتَصَبْصَبَ القَوْمُ إِذَا تَفَرَّقُوا . وقال الفَرَّاءُ : تَصَبْصَبَ مَا فِي سِقَائِكَ أَي قَلَّ . والصَّبْصَابُ بالفَتْح : الغَلِيظُ الشَّدِيدُ كالصَّبْصَبِ كجَعْفَرٍ . والصُّبَاصِبِ كعُلاَبِطٍ . يُقَالُ : بَعِيرٌ صَبْصَبٌ وصُبَاصِبٌ . قال :
" أَعْيَسُ مَضبُورُ القَرا صُبَاصِبُ الصَّبْصَابُ : ما بَقِي مِن الشَّيْءِ . وقال المرَّار :
تَظَلُّ نِسَاءُ بَنِي عَامِرٍ ... تَتَبَّعُ صَبْصَابَه كُلَّ عَام أَو ما صُبَّ مِنْه الضَّمِير رَاجِعٌ للشَّيْءِ والمُرَادُ بِهِ السِّقاءُ كَمَا هُوَ في المحكَمِ وغَيْرِه . قَرَبٌ صَبْصَابٌ : شَدِيدٌ وخِمسٌ بالكَسْرِ صَبْصَابٌ مِثْل بَصْبَاص . وعن الأَصْمَعِيّ : خِمْسٌ صَبْصَابٌ وبَصْبَاصٌ وحَصْحَاصِ كُلُّ هَذَا : السَّيْرُ الذي ليست فيه وَتيرةٌ ولا فُتُور . وقد أَحَالَ المُؤَلِّفُ عَلَى الصَّادِ المُهْمَلَة ولا قُصُورَ في كَلاَمه كَمَا تَرى كَمَا زَعَمه شَيْخُنا . ومِمَّا بَقِي عَلَى المُؤَلِّف مِنْ ضَرُورِيَّات المَادَّة . قَوْلُهم مِنَ الْمَجَاز : صُبَّ رِجْلاَ فُلاَن في القَيْدِ إِذَا قُيِّدَ . قال الفَرَزْدَقُ :
ومَا صَبَّ رِجْلِي في حدِيدِ مُجَاشع ... مع القَدْرِ إِلاَّ حَاجَةٌ لي أُرِيدُهاذكَرَه ابْنُ مَنْظُورِ والزَّمَخْشَرِيّ . ومن المَجَازِ أَيْضاً : صَبَّ ذُؤَالَةُ عَلَى غَنَم فُلانٍ إِذَا عَاثَ فيها . وصَبَّ اللهُ عَلَيْهم سَوْطَ عَذَاب إِذَا عَذّبهم . وكَذَا صَبّ اللهُ عَلَيْه صَاعِقَةً . ومن المَجَازِ أَيضاً : ضَرَبَه مَائَةً فصَبّاً مُنَوَّن أَيْ فَدُونَ ذَلِكَ ومَائَةً فَصَاعِداً أَي مَا فَوْقَ ذَلِك . وقِيلَ صَبّاً مثْل صَاعِداً . يُقَالُ : صُبَّ عَلَيْه البَلاَءُ مِنْ صَبٍّ أَي مِنْ فَوْق كَذَا في الأَسَاسِ . وفي لسان العرب عن ابن الأَعْرَابِيّ : ضَرَبه ضَرْباً صَبّاً وحَدْراً إِذا ضَرَبَه بحَدِّ السَّيْفِ . ومن المجاز أَيضاً : انْصَبَّت الحية على الملدوغ إِذا ارتفعت فانْصَبَّت عَلَيْه من فَوْق . وهو يصَبُّ إلى الخَيْر . وصَبَّ دِرْعَه : لَبِسَها . وانْصَبَّ البازِي عَلَى الصَّيْد . وتَحَسَّوْا صُبَابَاتِ الْكَرَى . كُلُّ ذَلِكَ في الأَسَاس وبَعْضُه في لِسَانِ العَرَب . وفي التَّهْذِيبِ في حَدِيثِ الصَّلاَة : لم يَصُبَّ رَأْسَه أَي يُمِلْهُ إِلَى أَسْفَل . وفي حَدِيث أُسَامَة : فجعل يَرْفَعْ يَدَه إِلَى السَّمَاءِ ثم يَصُبُّها عَلَيَّ أَعْرِف أَنَّه يَدْعُو لِي . وفِي لِسَانِ العَرَب عَنْ أَبِي عُبَيْدَة : وقَد يَكُونُ الصَّبُّ جمع صَبُوبٍ أَوْ صَابٍّ . قال الاَزْهَرِيّ وقَالَ غَيْرُه : لا يَكُون صَبٌّ جَمْعاً لصَابّ أَو صَبُوب إِنَّمَا جَمْعُ صَابٍّ أَوْ صَبُوبٍ صُبُبٌ كَمَا يُقَالُ : شَاةٌ عَزْوزٌ وعزُزٌ وَجَدُودُ وجُدُدٌ . وفِيهِ أَيْضاً في حَدِيثِ بَرِيرَةَ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُك أَنْ أَصُبَّ لَهُم ثَمَنَك صَبَّةً وَاحِدَةٌ أَي دَفْعَةً وَاحِدَةً من صَب المَاءَ يَصُبُّه صَبّاً إِذا أَفْرَغَه . حِينَ مات : كُنْتَ عَلَى الكافِرينَ عَذَاباً صَبّاً . هو مَصْدَر بمَعْنَى الفَاعِل أَوِ المَفْعُول . وماءٌ صَبٌّ كَقَوْلك : مَاء سَكْبٌ ومَاءٌ غَوْرٌ . قال دُكَيْنُ بْنُ رَجَاء :
" تنْضَحُ ذِفْرَاهُ بمَاءٍ صَبِّ
" مِثْلِ الكُحَيْلِ أَو عَقِيدِ الرُّبِّ الكُحَيْل : هُوَ النِّفْطُ الَّذِي يُطْلَى به الإِبلُ الجَرْبَى . وَفِيهِ في الحَدِيث أَنَّهُ ذَكَر فِتَناً فقَالَ : لَتَعودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبّاً يَضْرِبُ بَعْضُكُم رَقَابَ بَعْضٍ . والأَسَاودُ : الحَيَّاتُ . وقَوْلُه : صُبّاً . قالَ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث هُوَ من الصَّبِّ قَالَ : والحَيَّةُ إِذَا أَرَادَ النَّهْس ارتَفَع ثُم صَبَّ عَلَى المَلْدُوغِ ويُرْوَى صُبَّى بِوَزْنِ حُبْلَى . قال الأَزْهرِيّ : قَوْلُه أَسَاوِدَ صُبّاً جَمْعُ صَبُوبٍ وصَبِبٍ فحذَفُوا حَرَكَةَ البَاءِ الأُولَى وأَدْغَمُوها في البَاءِ الثَّانِيَة فقِيلَ صَبٌّ كما قَالُوا رجل صَبٌّ والأَصْلُ صَبِبٌ فأَسْقَطُوا حَرَكَةَ البَاءِ وأَدْغَمُوهَا فقِيلَ صَبٌّ كما قَالَ . قَالَهُ ابنُ الأَنْبَارِيّ قَالَ : وَهَذَا هُوَ القَوْلُ في تَفْسِيرِ الحَدِيثِ وقَدْ قَالَه الزُّهْرِيّ وصَحَّ عَنْ أَبي عُبَيْد وابْنِ الأَعْرَابِيّ وعَلَيْهِ العَمَلُ . ورُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ في كِتَابِ الفَاخِر فقالَ : سُئِل أَبُو العَبَّاسِ عَنْ قَوْله : أَسَاوِد صُبّاً فحدّث عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَنَّه كَانَ يَقُولُ : أَسَاوِدَ يُرِيدُ به جَمَاعَات سَوَاد وأَسْوِدَه وأَسَاوِد . وصُبّاً : يَنْصَبُّ بَعْضُكُم عَلَى بَعْضٍ بالقَتْل . وقِيلَ : هُوَ مِنْ صَبَا يَصْبُو إِذَا مَالَ إِلى الدُّنْيَا كما يُقَال : غَازٍ وغُزّاً . أَرَادَ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ أَيْ جَمَاعَات مُخْتَلِفِين وطَوَائفَ مُتَنَابِذِين صَابِئين إِلى الفِتْنَة مَائِلِين إِلى الدُّنْيَا وزُخْرُفِها . قالَ : ولا أَدْرِي مَنْ روى عنه . وكَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ يَقُولُ : أَصْلُه صَبَأَ على فَعَل بالهَمْز مِثْل صَابِئ . مِنْ صَبَأَ عَلَيْه إِذَا دَرَأَ عَلَيْه مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبه ثم خَفَّفَ هَمْزَه ونَوَّن فَقِيل صُبّىً بوَزْنِ غَزّىً هَذَا نَصُّ لِسَان العَرَبِ . وقد أُغْفِلَ شَيْخُنا رَحِمَه اللهُ تَعَالى عن ذَلِكَ كُلِّه مَعَ كَثْرَةِ تَبَجُّحَاتِهِ في أَكْثَرِ المَوَادِّ . وعَبْد الرَّحْمن بْنُ صُبَابٍ كغُرَاب : تَابِعِيٌّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ