بَسَطَهُ يَبْسُطُه بَسْطاً : نَشَرَهُ وبالصّادِ أَيْضاً نَقَله الجَوْهَرِيّ . وبَسَطَه : ضِدُّ قَبَضَه كبسَّطَه تَبْسيطاً قالَ بعضُ الأَغْفال :
" إِذا الصَّحيحُ غَلَّ كَفًّا غَلاَّ
" بَسَّطَ كَفَّيْهِ مَعاً وبَلاَّ
فانْبَسَطَ وتَبَسَّطَ . ومن المجازِ : بَسَطَ إليَّ يَدَهُ بما أُحِبُّ وأَكْرَهُ : مَدَّها ومِنْهُ قوله تعالى : " لَئنْ بَسَطْتَ إليَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَني " وكَذلِكَ بَسَطَ رِجْلَهُ وهو مَجازٌ أَيْضاً وكَذلِكَ قَبَضَ يَدَهُ ورِجْلَهُ . وبَسَطَ فُلاناً : سَرَّهُ ومِنْهُ حَديثُ فاطمَةَ رَضِيَ الله عَنْها " يَبْسُطُني مَا يَبْسُطُها " أي : يَسُرُّني مَا يَسُرُّها ؛ لأنَّ الإنْسانَ إِذا سُرَّ انْبَسَطَ وَجْهُهُ واسْتَبْشَرَ . قالَ شَيْخُنا : فإطْلاقُ البَسْطِ بمَعْنَى السُّرورِ من كَلامِ العَرَبِ وليس مَجازاً ولا مُوَلَّداً خِلافاً لِمَنْ زَعَمَ ذلِكَ . وذَكَر الحَديثَ وَقَدْ أَوْضَحَه الشِّهابُ في شَرْح الشِّفاءِ . قُلْتُ : أمّا زَعْمُهم كَوْنَه مولَّداً فخَطَأٌ كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ في كلامِه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّم وأمّا كونُه مَجازاً فصَحيحٌ صَرَّح به الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ . وأصلُ البَسْطِ : النَّشْرُ وما عَداه يَتَفرَّع عَلَيْهِ فتَأَمَّلْ . وفي البصائرِ : أَصْلُ البَسْطِ : النَّشْرُ والتَّوْسيعُ فتارَةً يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الأَمْرانِ وتارَةً يُتَصَوَّرُ مِنْهُ أحَدُهما . واسْتَعارَ قَوْمٌ البَسيطَ لكلِّ شَيْءٍ لا يُتَصَوَّرُ فيه تَرْكيبٌ وتأليفٌ ونَظْمٌ . ومن المَجَازِ : بَسَطَ المَكانُ القَوْمَ : وَسِعَهُم ويُقَالُ : هذا بِساطٌ يَبْسُطُكَ أَي يَسَعُك . ومن المَجَازِ : بَسَطَ الله فُلاناً عليَّ : فَضَّلَهُ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ والصَّاغَانِيُّ . وبَسَطَ فُلانٌ من فُلانٍ : أَزالَ مِنْهُ . وفي العُبَاب : عنه الاحْتِشامَ وهو مَجازٌ أَيْضاً وقال الجَوْهَرِيّ : الانْبِساطُ : تَرْكُ الاحْتِشامِ وَقَدْ بَسَطْتُ من فُلان فانْبَسَطَ . ومن المَجَازِ : بَسَطَ العُذْرَ يَبْسُطُه بَسْطاً إِذا قَبِلَهُ . ويُقَالُ : هذا فِراشٌ يَبْسُطُني أَي واسِعٌ عَريضٌ ونَقَل الجَوْهَرِيّ عن ابن السِّكِّيتِ : يُقَالُ : فَرَشَ لي فِراشاً لا يَبْسُطُني إِذا كانَ ضَيِّقاً . وهذا فِراشٌ يَبْسُطُكَ إِذا كانَ واسِعاً . وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : أَي يَسَعُك وهو مَجازٌ . والباسِطُ : هو الله تعالى هو الَّذي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ أَي يُوَسِّعُه عَلَيْهِ بجودِهِ ورَحْمَتِهِ وقيل يَبْسُطُ الأرْواحَ في الأجْسادِ عندَ الحَياةِ . ومن المَجَازِ : الباسِطُ من الماءِ : البَعيدُ من الكَلإ وهو دونَ المُطْلِبِ ويُقَالُ : خِمْسٌ باسِطٌ أَي بائِصٌ . نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . وبَسْطُ اليَدِ والكَفِّ تارَةً يُسْتَعْمَل للأخْذِ كقَوله تعالى : " والمَلائِكَةُ باسِطو أَيْديهِم " أَي مُسَلَّطون عَلَيْهِم كما يُقَالُ : بُسِطَتْ يَدُهُ عَلَيهِ أَي سُلِّطَ عَلَيه وتارَةً يُسْتَعْملُ للطَّلَبِ نحو قَوله تعالى : " إلاَّ كَباسِطَ كَفَّيْهِ إِلَى الماءِ لِيَبلُغَ فاهُ " أَي كالدَّاعي الماءَ يومِئ إليهِ لِيُجيبَهُ وفي العُبَاب : فلا يُجيبَه . وتارَةً يُسْتَعْمَلُ للصَّوْلَةِ والضَّرْبِ نحو قوله تعالى : " ويَبْسُطوا إليْكم أَيْدِيَهُم وأَلْسِنَتَهُمْ بالسُّوءِ " وتارَةً يُسْتَعْمَلُ للبَذْلِ والإعْطاءِ نحو قولهِ تعالى : " بَلْ يَداهُ مَبْسوطَتانِ " كما سَيَأتي . وكُلُّ ذلك مَجازٌ . والبِساطُ بالكَسْرِ : مَا بُسِطَ وفي الصّحاح : مَا يُبْسَطُ وفي البَصائِرِ : اسمٌ لكلِّ مَبْسوطٍ . وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ للمُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ يَصِفُ حالَه مع أَضْيافِه :
سَأَبْدَؤُهُمْ بمَشْمَعَةٍ وأَثْني ... بجُهْدي من طَعامٍ أو بِساطِ قالَ : ويُرْوى : من لِحافٍ أو بِساطِ فعلى هذه الرِّوايَةِ البِساطُ : مَا يُبْسَطُ . قُلْتُ : وهي روايةُ الأخفَشِ ففي شَرحِ الدِّيوان : ولِحافٌ : طَعامٌ يَقُولُ : يأكُلونَ ويَشْرَبونَ فهو لِحافُهُم . يَقُولُ : أَكَلَ الضَّيْفُ فَنامَ فهو لِحافُه . ويُقَالُ : لِلَّبَنِ إِذا ذَهَبَتْ الرَّغْوَةُ عنه قَدْ صُقِلَ كِساؤُه وأَنْشَدَ رَجُلٌ من أهل البَصْرة :
فباتَ لنا مِنْها وللضَّيْفِ مَوْهِناً ... لِحافٌ ومَصْقولُ الكِساءِ رَقيقُقالَ : والمَشْمَعَة : المُزاحُ والضَّحِكُ وأَثْنى أَي أُتْبِع . ج بُسُطٌ ككِتابٍ وكُتُبٍ . والبِساطُ : وَرَقُ السَّمُرِ يُبْسَطُ له ثَوْبٌ ثمَّ يُضْرَبُ فيَنْحَتُّ عَلَيْهِ . والبَساطُ بالفتْحِ : المُنْبَسِطَةُ المُسْتَوِيَةُ من الأرْضِ كالبَسيطَةِ قالَ ذو الرُّمَّة :
ودَوٍّ ككَفِّ المُشْتَري غَيرَ أنَّهُ ... بَساطٌ لأَخْفافِ المَراسيلِ واسِعُ وقال آخر :
ولو كانَ في الأرْضِ البَسيطَةِ مِنْهُمُ ... لِمُخْتَبِطٍ عافٍ لَما عُرِفَ الفَقْرُ وقال أَبو عُبَيْدٍ وغيرُهُ : البَساطُ والبَسيطَةُ : الأرْضُ العَريضَةُ الواسِعَةُ وتُكْسَرُ عن الفَرَّاء وزاد : لا نَبَلَ فيها كالبَسيطِ يُقَالُ : مَكانٌ بَساطٌ وبِساطٌ وبَسيطٌ أَي واسِعٌ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن الفَرَّاء وأَنْشَدَ لرُؤْبَة :
" لَنا الحَصَى وأَوْسَعُ البِساطِ وذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ في الصّحاح واقْتَصَرَ عَلَى الفَتْحِ . وأَنْشَدَ للشّاعرِ وهو العُدَيْلُ بنُ الفَرْخِ العِجْليُّ وكان قَدْ هَجا الحَجّاج فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى قَيْصَرَ :
أُخَوَّفُ بالحَجّاجِ حتَّى كأَنَّما ... يُحَرَّكُ عَظْمٌ في الفُؤادِ مَهيضُ
ودونَ يَدِ الحَجّاجِ منْ أنْ تَنالَني ... بَساطٌ لأيْدي النّاعِجاتِ عَريضُ
مَهامِهُ أَشْباهٌ كأَنَّ سَراتَها ... مُلاءٌ بأَيْدي الغاسِلات رَحيضُ فكَتَبَ الحَجّاجُ إِلَى قَيْصَرَ : والله لتَبْعَثَنّ بهِ أو لأغْزُوَنَّكَ خَيْلاً يكونُ أَوَّلُها عِنْدَك وآخِرُها عِنْدي . فبَعَث به فلمّا دَخَلَ عَلَيْهِ قالَ : أَنْتَ القائِلُ هذا الشِّعْر ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : فكَيْفَ رَأَيْتَ الله أَمْكَنَ مِنْك ؟ قالَ : وأَنا القائِلُ :
فلَوْ كُنْتُ في سَلْمى أَجا وشِعابِها ... لكان لِحَجّاجٍ عَليَّ سبيلُ
خَليلُ أَميرِ المُؤْمنين وسَيْفُه ... لكُلِّ إمامٍ مُصْطَفًى وخَليلُ
بَنَى قُبَّةَ الإسْلامِ حتَّى كأَنَّما ... هَدَى النَّاسَ من بَعدِ الضَّلالِ رَسولُ فلمّا سَمِعَ شِعْرَهُ عَفا عنه . والبَساطُ : القِدْرُ العَظيمَةُ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . وقيل : البَسيطَةُ : الأرْضُ اسمٌ لَها قالَهُ ابن دُرَيْدٍ يُقَالُ : مَا عَلَى البَسيطة مثلُ فُلانٍ . والبَسيطَةُ : ع ببادِيَةِ الشّامِ قالَ الأخْطَلُ يَصِفُ سَحاباً :
وعَلا البَسيطَةَ فالشَّقيقَ برَيِّقٍ ... فالضَّوْج بَيْنَ رُؤَيَّةٍ وطِحالِ ويُصَغَّرُ قالَ ابنُ بَرِّيّ : بُسَيْطَةُ مُصَغَّراً : اسمُ مَوْضِعٍ رُبَّما سَلَكَهُ الحُجَّاجُ إِلَى بيت الله الحرام ولا يدخُلُهُ الأَلِفُ واللام والبِسيطَةُ وهو غيرُ هذا الموضِعِ : بَيْنَ الكوفَةِ ومَكَّة قالَ : وقولُ الرَّاجِزِ :
" إِنَّكِ يا بَسيطَةُ الَّتِي الَّتِي
" أَنْذَرَنِيكِ في الطَّريقِ إِخْوَتِي يَحْتَمِلُ الموضِعَيْنِ . قُلْتُ : والذي في المُحْكَمِ قولُ الرَّاجِز :
" مَا أَنتِ يا بُسَيِّطَ الَّتِي الَّتِي
" أَنْذَرَنِيكِ في المَقيلِ صُحْبَتِيقالَ أَرادَ يا بُسَيِّطَةُ فرَخَّمَ عَلَى لغةِ من قالَ : يا حارِ . وفي المعجمِ : بُسَيْطَةُ بالضَّمِّ : فَلاةٌ بَيْنَ أَرْضِ كَلْب وبَلْقَيْن وهي بقَفَا عَفْراءَ وأَعْفَرَ وقيل : عَلَى طَريقِ طَيِّئٍ إِلَى الشَّام ويُقَالُ - في الشِّعْرِ - : بُسَيْط وبُسَيْطَة . وأَمَّا بالفَتْحِ فإِنَّه أَرضٌ بَيْنَ الكوفَةِ وحَزْنِ بَنِي يَرْبوع وقيل : بَيْنَ العُذَيْبِ والقَاعِ وهُناكَ البَيْضَةُ وهي من العُذَيْبِ . وقال ابنُ عبَّادٍ : البَسيطَةُ كالنَّشيطَةِ للرَّئيسِ وهي النَّاقَةُ مع وَلَدِها فتكونُ هي وولَدُها في رُبْعِ الرَّئيس وجَمْعُهَا : بُسُطٌ . قالَ : وذهبَ فُلانٌ في بُسَيْطَةَ مَمْنوعَةً من الصَّرْفِ مُصَغَّرَةً أَي في الأَرْضِ كما في الأَساسِ والعُبَاب وهُو مَجَازٌ . والبَسيطُ : المُنْبَسِطُ بلِسانِهِ وقال اللَّيْثُ : البَسيطُ : المُنْبَسِطُ اللّسَانِ وهي بهاءٍ وَقَدْ بَسُطَ ككَرُمَ بَسَاطَةً . والبَسيطُ : ثالثُ بُحورِ الشِّعْرِ وفي الصّحاح : جِنْسٌ من العَرُوضِ ووزنُه : مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ ثَمانِيَ مَرَّاتٍ سُمِّي به لانْبِساطِ أَسبابِه قالَ أَبو إسْحاق : انْبَسَطَت فيه الأَسْبابُ فصار أَوَّلُه مُسْتَفْعِلُنْ فيه سَبَبانِ مُتَّصِلانِ في أَوَّله . ومن المَجَازِ : رَجُلٌ بَسيطُ الوجهِ أَي مُتَهَلِّلٌ وبَسيطُ اليَدَيْنِ أَي مِسْماحٌ مُنْبَسِطٌ بالمَعْروفِ . جَمْعُهُمَا بُسُطٌ قالَ الشَّاعِرُ :
في فِتْيةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسَامِحٍ ... عندَ الفِضالِ قَدِيمُهم لم يَدْثُرِ ومن المَجَازِ : أُذُنٌ بَسْطَاءُ أَي عَظيمَةٌ عَريضَةٌ . ومن المَجَازِ : انْبَسَطَ النَّهارُ : امْتَدَّ وطَالَ وكَذلِكَ غيرُهُ . ومن المَجَازِ : البَسْطَةُ : الفَضيلَةُ وقَوْلُه تَعَالَى " وزادهُ بَسْطَةً في العِلْمِ والجِسْمِ " فالبَسطَةُ في العِلْمِ : التَّوَسُّعُ وفي الجسم : الطولُ والكَمالُ وقيلَ : البَسْطَةُ في العِلْمِ : أَن يَنْتَفِعَ به وينْفَعَ غيرَه وقال : أَعْلَمَهم الله تعالى أَنَّ العِلْمَ الَّذي بهِ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ الاخْتِيارُ لا المالُ وأَعلَمَ أَنَّ الزِّيادَةَ في الجِسْمِ ممَّا يَهيبُ العَدُوَّ . ويُضَمُّ في الكلِّ وبه قرأَ زيدُ بنُ عليٍّ رَضِيَ الله عَنْه " وزادُهُ بُسْطَةً " . والبِسْطُ بالكَسْرِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وشاهِدُه قَوْلُ أَبي النَّجْمِ :
" يَدْفَعُ عنها الجُوعَ كُلَّ مَدْفَعِ
" خَمْسونَ بسْطاً في خَلايا أَرْبَعِ وبالضَّمِّ لغَةُ تَميمٍ نَقَلَهُ الفَرَّاءُ في نَوَادِرِه وبِضَمَّتَيْنِ لَغَةُ بني أَسَدٍ نَقَلَهُ الكِسَائِيّ وهي : النَّاقَةُ المَتْروكَةُ مع وَلَدِها لا تُمْنَعُ عنه وفي الصّحاح : لا يُمْنَعُ منها . والجمع أَبْساطٌ كبِئْرٍ وآبارٍ وظِئْرٍ وأَظْآرِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وحكَى ابن الأَعْرَابِيّ في جمْعهما بُسْطٌ بالضَّمِّ وأَنْشَدَ للمَرَّار :
مَتابِيعُ بُسْطٌ مُتْئِمَاتٌ رَوَاجِعٌ ... كما رَجَعَتْ في لَيْلِها أُمُّ حائِلِوقيل : البُسْطُ ها هنا : المُنْبَسِطَةُ عَلَى أَوْلادها لا تَنْقَبِضُ عنها . قالَ ابنُ سِيدَه : وليس هذا بقَوِيٍّ ورَوَاجِعُ : مُرْجِعَةٌ عَلَى أَوْلادِها ومُتْئِمَات : معها حُوارٌ وابنُ مَخَاضٍ كأَنَّها وَلَدَتْ اثْنَيْنِ من كثرَةِ نَسْلها وبِساطٌ بالكَسْرِ مِثْلُ : بئْرٍ وبِئَارٍ وشَهْدٍ وشِهَادٍ وشِعْبٍ وشِعابٍ وبُساطٌ بالضَّمِّ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ ومثَّلَهُ بظِئْرِ وظُؤَارٍ وهو شاذٌّ وفي اللّسَان : من الجمعِ العَزيزِ . وفي الحَدِيث أَنَّهُ كَتَبَ لوَفْدِ كَلْبٍ - وقيلَ : لوفْد بَني عُلَيْمٍ - كِتاباً فيه : " عَلَيْهِم في الهَمُولَةِ الرَّاعِيَةِ البسَاطِ الظُّؤارِ في كلِّ خَمْسينَ من الإِبِلِ ناقَةٌ غيرُ ذاتِ عَوارٍ " البسَاط يُروى بالفَتْحِ والضَّمِّ والكَسْرِ أَمَّا بالكَسْرِ فهو جمعُ بِسْطٍ بالكَسْرِ أَيْضاً كما قالَهُ الأّزْهَرِيّ وبالضَّمِّ : جمع بُسْطٍ بالضَّمِّ أَيْضاً كشُهْدٍ وشُهادٍ . وأَمَّا بالفَتْحِ فإِنْ صَحَّتِ الرِّوايَةُ فإِنَّها الأَرْضُ الواسِعَةُ كما تَقَدَّم ويكون المعنى في الهَمُولَةِ : الرَّاعِيَةَ الأَرْضَ الواسِعَة وحينئذٍ تَكُونُُ الطَّاءُ منْصوبةً عَلَى المفعولِ كما في اللّسَان . والمَبْسَطُ كمَقْعَدٍ : المُتَّسِعُ . قالَ رُؤْبَةُ في رِوايَةِ أَبي عَمْرٍو والأَصْمَعِيّ . وقال ابن الأَعْرَابِيّ هو للعَجَّاج وكَذلِكَ حُكْمُ ما أَذْكُره من هذه الأُرْجوزَةِ وإِنْ لم أَذْكُر الاخْتِلافَ :
" وبَلَدٍ يَغْتالُ خَطْوَ المُخْتَطِي
" بغَائلِ الغَوْلِ عَرِيضِ المَبْسَطِ وعُقْبَةٌ باسِطَةٌ : بَيْنَها وبينَ الماءِ لَيْلَتانِ وقال ابنُ السِّكِّيتِ : سِرْنا عُقْبَةً جَواداً وعُقْبَةً باسِطَةً وعُقْبَةً حَجُوناً أَي بعيدَةً طَويلَةً . والباسُوطُ والمَبْسُوطُ من الأَقْتابِ : ضِدُّ المَفْروقِ وهو الَّذي يُفْرَقُ بَيْنَ الحِنْوَيْنِ حتَّى يكونَ بينَهُما قَريبٌ مِنْ ذِراعٍ والجمعُ : مَبَاسيطُ كما يُجْمَعُ المَفْروقُ مَفَاريقَ . وبَسْطَةُ ممنوعاً من الصَّرْفِ ويُصْرَفُ : ع بجَيَّانَ من كُوَرِ الأَندلس نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . قُلْتُ : وإليهِ نُسِبَ أَبو عَبْدِ اللهِ محمَّدُ بنُ عيسى بنِ محمَّدٍ الورَّاقُ البَسْطِيُّ القُرْطُبِيُّ حدَّثَ . تُوفِّيَ سنة 396 . ذَكَرَهُ ابنُ الفَرَضِيِّ . وعبدُ الله ابنُ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ السَّعْدِيُّ البَسْطِيُّ كَتَبَ عنه محمَّدُ بنُ الزَّكِيِّ المُنْذِرِيُّ من شِعْرِه وهو ضَبَطَه . ورَكِيَّتُهُ قامَةٌ باسِطَةٌ وقامةُ باسِطَةَ مضافَةً غيرَ مُجْراةٍ ؛ كأَنَّهم جَعَلوها مَعْرِفَةً أَي قامةٌ وبَسْطَةٌ كما في العُبَاب . وفي اللّسَان : وقالَ أَبو زَيْدٍ : حفَرَ الرَّجُلُ قامَةً باسِطَةً إِذا حفَرَ مَدَى قامَتِه ومَدَّ يَدِهِ . ومن المَجَازِ : يدُهُ بُسْطٌ بالضَّمِّ وبُسُطٌ بضمَّتين قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : ومِثلُه في الصِّفاتِ . رَوْضَةٌ أُنُفٌ ومِشْيَةٌ سُجُحٌ ثمَّ يُخفَّفُ فيقالُ : بُسْطٌ كعُنْقٍ وأُذْنٍ ويُكسَرُ كالطِّحْنِ والقِطْفِ بمَعْنَى المَطْحونِ والمَقْطوفِ وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ أَي مُطْلَقَةٌ مَبْسوطَةٌ كما يُقَالُ : يَدٌ طِلْقٌ . وقيلَ : مَعْنَاهُ مِنْفاقٌ مُنْبَسِطُ الباعِ ومِنْهُ الحديثُ : " يَدَ اللهِ بُسْطَانِ لِمُسِيءِ النَّهارِ حتَّى يَتوبَ بالنَّهارِ ولِمُسيءِ اللَّيْلِ حتَّى يَتوبَ بالنَّهارِ " يُروى بالضَّمِّ وبالكَسْرِ وقُرئَ : " بَلْ يَداهُ بِسْطَانِ " بالكَسْرِ قرأَ به عبدُ الله بنُ مَسْعودٍ وإليه أَشارَ الجَوْهَرِيّ وهكذا رُوِيَ عن الحَكَم . وقُرِئَ بالضَّمِّ حَمْلاً عَلَى أَنَّهُ مصدَرٌ كالغُفْرانِ والرُّضْوانِ ونقلهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وقال : فيكونُ مِثْلَ رَوْضَةٍ أُنُفٍ كما تَقَدَّم قَريباً . وقال : جَعَلَ بَسْطَ اليدِ كِنايةً عن الجُودِ وتَمْثيلاً ولا يَدَ ثَمَّ ولا بَسْطَ تَعَالى اللهُ وتَقَدَّسَ عن ذلكوقالَ الصَّاغَانِيُّ في شرحِ الحَديث الَّذي تَقَدَّم قَريباً : هو كِنايةٌ عن الجُودِ حتَّى قيلَ للمَلِكِ الَّذي تُطْلَقُ عَطاياه بالأَمْرِ والإِشارَةِ : مَبْسوطَ اليَدِ وإِن كانَ لم يُعْطِ منها شيئاً بيدِه ولا بَسَطَها به البَتَّةَ والمعنى : إِنَّ الله جَوادٌ بالغُفْرانِ للمُسيءِ التَّائِبِ . وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : تَبَسَّطُ في البِلادِ : سارَ فيها طُولاً وعَرْضاً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . والبَسْطَةُ بالفَتْحِ : السَّعَة نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً وكذا الصَّاغَانِيُّ وزادَ : والطُّول قالَ : وجمْعه بِسَاطٌ وبالكَسْرِ وبه فسَّرَ قولَ المُتَنَخِّلِ السَّابقَ : من طعامٍ أَو بِساطٍ . قُلْتُ : وقيلَ : معنَى قولِ المُتَنَخِّلِ أَو بِساطٍ : أَي أَلْقاه ضاحِكَ السِّنِّ . وقالَ الأخفشُ : سَمِعْتُ مرَّةً شيخاً عالِماً بشِعْرِ هُذَيْلٍ يَقُولُ : البَسْطَةُ : الدُّهْنُ والمعنى : أَي أَدْهنُهُم وأُطْعِمُهم كذا في شرحِ الدِّيوانِ . وقالَ غيرُ واحِدٍ من العَرَبِ : بَيْنَنا وبَيْنَ الماءِ مِيلٌ بَسَاطٌ أَي مِيلٌ مَتّاحٌ . وقال ابن الأَعْرَابِيّ : التَّبَسُّط : التَّنَزُّه يُقَالُ : خَرَجَ يَتَبَسَّطُ مأْخوذٌ من البَسَاطِ وهي الأَرْضُ ذاتُ الرَّيَاحينِ . وقيلَ : الأَشْبَهُ في قَوْله تَعَالَى " بَلْ يَداهُ بسْطان " أَنْ تكونَ الباءُ مَفْتوحةً حَمْلاً عَلَى باقِي الصِّفاتِ كالرَّحمن . وبَسَطَ ذِراعَيْه وابْتَسَطَهُما أَي فَرَشَهُمَا . وَقَدْ نُهِيَ عنه في الصَّلاةِ كما جاء في الحديثِ . وفي وصفِ الغَيْثِ : فوقَعَ بَسيطاً مُتَدارِكاً أَي انْبَسَط في الأَرْضِ واتَّسعَ ومُتَدارِكاً أَي مُتَتَابِعاً . والبَسْطَةُ بالفَتْحِ : الزِّيادَةُ . وفُلانٌ بَسيطُ الجسمِ والبَاعِ . وامرأةٌ بَسْطَةٌ : حَسَنَةُ الجِسْم سَهْلَتُه وظَبْيَةٌ بَسْطَةٌ كَذلِكَ . وناقَةٌ بَسُوطُ كصَبورٍ : تُرِكَتْ ووَلَدَها لا يُمْنَعُ منها ولا تُعْطَفُ عَلَى غيره وهي مع ذلك تُرْكَبُ وجمعُه بُسُطُ بالضَّمِّ وقال الأّزْهَرِيّ : ناقَةٌ بَسوطٌ : فَعُولٌ بمَعْنَى مَفْعُولَة أَي مَبْسُوطَةُ كما يُقَالُ : حَلُوبٌ للَّتي تُحْلَبُ ورَكُوبٌ للَّتي تُرْكَب . وقرأَ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ : بَلْ يَداهُ بساطان . وأُبْسِطَتِ النَّاقَةُ : تُرِكَتْ مع ولَدِها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . ويُجمعُ البِساطُ لما يُفْرَشُ عَلَى بُسُطٍ بالضَّمِّ . والبُسْطَةُ والبُسْطِيُّون بالضَّمِّ : جماعةٌ من المُحَدِّثين نُسِبُوا إِلَى بَيْعِها . وقولُ العامَّة : أَبْسَطَنِي رُباعيًّا غَلَطٌ . وقولهم : البَسْطُ لبعضِ المُسْكِراتِ مُوَلَّدة . وبَسَطَ رِجْلَهُ مَجازُ وكذا تَبَسَّطَ عليهِمُ العَدْلُ وبَسَطَه . ونحنُ في بِسَاطٍ واسِعَةٍ . وانْبَسَطَ إِلَيْه وباسَطَهُ وبينَهُما مُبَاسَطَةٌ . وبَسْطَةُ بالفَتْحِ : قريَةٌ بالشَّرْقِيَّة . وبَسْطويه : قريةٌ أُخْرى بالغَرْبيَّة . وبَسُوطُ كصبُور : أَربعُ قُرًى بمصرَ ذَكَرَ ياقوت منها في المُشْتَرَك ثلاثةً منها : في الدَّقَهْلِيَّة وتعرف ببسوط اتفو وفي الغربيَّة بسوط بهنية وتُعْرَفُ ببُساطِ الأَحْلاف وقريةٌ أُخرى بها تُسمَّى كَذلِكَ وتذكر مع بقليس ؛ وفي السَّمَنُّودِيَّة وتُعرفُ ببُساطِ قروص وهو اسمٌ رومِيٌّ كما نَقَلَهُ السَّخاوِيّ . وقيل : بِساط قروص من الغربيَّة والصَّحيحُ مَا قَدَّْمناه . وإِلى هذه نُسِبَ عالِمُ الدِّيارِ المصرِيَّة الشَّمسُ محمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ عُثْمانَ بن نعيم ابن مُقَدَّم البُسطاطِيُّ المالِكِيُّ ولد سنة 806 وتوفي سنة 843 وابنُ عمّه العَلَم سليمانُ بنُ خالِدِ بن نعيم وولَدُه الزَّيْنُ عبدُ الغنيِّ بنُ محمَّدٍ ولد سنة 806 أَجازه الوَلِيُّ بالعِراقيّ والحافظُ بنُ حَجَرٍ وولَدُه البَدْرُ محمَّدُ ابن عبدِ الغنيِّ ولد سنة 836 أَجاز له البُرْهان الحَلبيّ وتوفِّي سنة 892 وعمُّه العِزُّ عبد العزيزِ بمُ محمَّدٍ أَخَذَ عن أَبيه ومات سنة 881 وهم بَيْتُ عِلْمٍ وحَديثٍ
الوَسَطُ مُحَرَّكَةً من كُلِّ شَيْءٍ : أَعْدَلُهُ . ويُقَالُ : شَيْءٌ وَسَطٌ أَيْ بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى : " وكَذلِكَ جَعَلْنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً " قال الزّجاجُ : فيه قَوْلانِ قال بَعْضُهُم : أَيْ عَدْلاً وقالَ بَعْضُهُم : خِيَاراً . اللَّفْظَانِ مُخْتَلِفَانِ والمَعْنَى وَاحِدٌ لأَنَّ العَدْلَ خَيْرٌ والخَيْرَ عَدْلٌ
ووَاسِطَةُ الكُورِ وَوَاسِطُهُ الأُولَى عن اللِّحْيَانيّ : مُقَدَّمُهُ وعَلَى الثانِيَةِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيّ . وأَنْشَدَ لِطَرَفَةَ :
" وإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطُ الكُورِ رَأْسُهاوعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ وأَنشد الصّاغَانِيّ لأُسامَةَ الهُذَلِيّ يَصِفُ مَتْلَفاً :
تَصِيحُ جَنَادِبُه رُكَّداً ... صِياحَ المَسامِيرِ في الوَاسِطِ وقال اللَّيْثُ : وَاسِطُ الكُورِ ووَاسِطَتُه : ما بَيْنَ القَادِمَةِ والآخِرَةِ
قال الأَزْهَرِيُّ : لَمْ يَتَثَبَّت اللَّيْثُ في تَفْسِيرِ وَاسِطِ الرَّحْلِ وإِنَّمَا يَعْرِفُ هذا مَنْ شاهَدَ العَرَبَ . ومَارَسَ شَدَّ الرِّحالِ عَلَى الإِبِلِ فَأَمَّا مَنْ يُفسِّرُ كَلامَ العَرَبِ على قِياسَاتِ الأَوْهَامِ فإِنَّ خَطَأَهُ يَكْثُرُ . وللرَّحْلِ شَرْخَانِ وهُمَا طَرَفاه مِثْلُ قَرَبُوسَيِ السَّرْجِ فالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي ذَنَبَ البَعِير : آخِرَهُ الرَّحْلِ ومُؤْخرَتُه والطَّرَفُ الَّذِي يَلِي رَأْسَ البَعِير : وَاسِطُ الرَّحْلِ بِلا هاءٍ ولَمْ يُسَمَّ وَاسِطاً لأَنَّهُ وَسَطٌ بين الآخِرَةِ والقَادِمَةِ كما قال اللَّيْثُ . ولا قادِمَةَ لِلرَّحْلِ بَتّةً إِنَّمَا القادِمَةُ الوَاحِدَةُ مِنْ قَوَادِمِ الرِّيش . ولضَرْعِ الناقَةِ قادِمانِ وآخِرَان بِلا هاءٍ
وكَلامُ العَرَبِ يُدَوَّنُ في الصُّحُفِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ عن إِمامٍ ثِقَةٍ عَرَفَ كَلامَ العَرَبِ وشاهَدَهُمْ أَوْ يُقْبَلَ من مُؤَدٍّ ثِقَةٍ يَرْوِي عن الثِّقَاتِ المَقْبُولِينَ . فأَمَّا عِبَارَاتُ مَنْ لا مَعْرِفَةَ لَهُ ولا أَمانَةَ فإِنَّهُ يُفْسِدُ الكَلاَمَ ويُزِيلُه عن صِيغَتِهِ . قال : وقَرَأْتُ في كِتَابِ ابنِ شُمَيْلٍ في بابِ الرِّحَالِ قال : وفي الرَّحْلِ وَاسِطُه وآخِرَتُهُ ومَوْرِكُه فَوَاسِطُهُ مُقَدَّمُهُ الطَّوِيلُ الَّذِي يُحَاذِي صَدْرَ الراكِبِ وأَمَّا آخِرتُهُ فمُؤْخرَتُه وهي خَشَبَتُه الطَّوِيلَةُ العَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رَأْسَ الراكِبِ . قالَ : والآخِرَةُ والوَاسِطُ : الشَّرْخَانِ . ويُقَالُ : رَكِبَ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِهِ وهذا الَّذِي وَصَفَهُ النَّضْرُ كُلُّهُ صَحِيحٌ لا شَكَّ فيه . ووَاسِطٌ مُذَكَّراً مَصْرُوفاً لأَنَّ أَسْمَاءَ البُلْدَانِ الغالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وتَرْكُ الصَّرْف إِلاَّ مِنى والشَّأْمَ والعِرَاقَ ووَاسِطاً ودَابِقاً وفَلْجاً وهَجَراً فإِنَّهَا تُذَكَّرُ وتُصْرَفُ كَمَا في الصّحاحِ . وقَدْ يُمْنَعُ إِذا أَرَدْتَ بِها البُقْعَةَ والبَلْدَةَ كما قال الشاعر :
مِنْهُنّ أَيّامُ صِدْقٍ قَدْ عُرِفْتَ بِهَا ... أيّامُ وَاسِطَ والأَيّامُ مِنْ هَجَر هَكَذا في الصّحاح وهُوَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ يَرْثِي به عُمَرَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعْمَرٍ وصَوَابُهُ : مِنْ هَجَرَا فإِنَّ أَوّلَ الأَبْيَاتِ :
" أمَّا قُرَيْشٌ أَبا حَفْص فَقَدْ رُزِئَتْبالشَّامِ إِذْ فارَقَتْكَ السَّمْعَ والبَصَرا
كَمْ مِنْ جَبانٍ إلى الهَيْجا دَلَفْت بِه ... يَوْمَ اللِّقَاءِ ولَوْ لا أَنْتَ ما جَسَراد بالعِراقِ اخْتَطَّها هكَذَا في النُّسَخِ وصَوَابُه اخْتَطَّه الحَجَّاجُ ابنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيّ في سَنَتَيْنِ بَيْنَ الكُوفَةِ والبَصْرَةِ ولِذلِكَ سُمِّيَتْ وَاسِطاً لأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا لأَنَّ مِنْها إلى كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ فَرْسَخاً قال ياقُوت : لا قَوْلَ فِيهِ غَيْرَ ذلِكَ إِلاَّ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ حِكَايَةً عَنِ الكَلْبِيّ . وهُوَ قَوْلُ المُصَنِّف . ويُقَالُ لَهُ : وَاسِطُ القَصَبِ أَيْضاً فَلَمَّا عَمَّرَ الحَجّاجُ مَدَينَتَهُ سَمّاهَا باسْمِهِ أَوْ هُوَ قَصْرٌ كانَ قَدْ بَنَاهُ الحَجّاجُ أَوّلاً قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَ البَلَدَ ثُمَّ لَمّا بَنَاهُ سُمِّيَ بِهِ
ومِنْهُ المَثَلُ : تَغافَلْ كَأَنَّكَ واسطِيٌّ . قال المُبَرِّدُ : سَأَلْتُ عنه الثَّوْرِيَّ فَقال : لأَنَّهُ كانَ أَي الحَجّاجُ يَتَسَخَّرُهُم في البِنَاءِ فيَهْرُبُونَ وَينَامُونَ بَيْن وفي الصحاح : وَسْطَ : الغُرَباءِ في المَسْجِدِ . فَيَجِئُ الشُّرَطِيّ ويقُولُ : يا وَاسِطِيُّ وفي المُعْجَم : يا كِرْشِيّ فَمَنْ رَفَع رَأْسَهُ أَخَذَهُ وحَمَلَهُ فَلِذلِكَ كانُوا يَتَغَافَلُون انْتَهَى نَصُّ الصّحاح
وَوَاسِطُ : ة قُرْبَ مَكَّةَ بِوَادِي نَخْلَةَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَها وبَيْنَ بَطْنِ مَرٍّ ذاتُ نَخِيلٍ نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ وياقُوت . وَاسِطُ : ة ببَلْخَ منها مُحَمَّد ابنُ مُحَمَّد بنِ إِبراهِيم حَدَّثَ عن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيم المُسْتَمْلِي وعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بنُ أَحْمَدَ السَّرّاجِ وبَشِيرُ ابنُ مَيْمُون أَبو صَيْفِيّ عَنْ عُبَيْدٍ المَكْتِبِ وعَنْهُ قُتَيْبَةُ المُحَدِّثان . ووَاسِطُ : ة بِبَابِ نَوقان طُوسَ ويُقَالُ لَهَا وَاسِطُ اليَهُودِ ومنها مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْن الإِمَام أَبُو بَكْرِ الوَاعِظُ المُحَدِّثُ الفَرَضِيّ رَوَى عن أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بنِ الحُسَيْنِ الفَرَائضيّ وَعَنهُ أَبُو سَعْدِ بنُ السَّمْعَانيّ
وَاسِطُ : ة بحَلَبَ قُرْبَ بُزاعَةَ مَشْهُورَة وبقُرْبِها قَرْيَةٌ أُخْرَى تُسَمَّى الكُوفَة . نقله ياقُوت هكَذَا
ووَاسِطُ : ة بالخابُورِ قُرْبَ قَرْقِيساء . قال ياقُوت : وإِيّاهَا عَنَى الأَخْطَلُ فيمَا أَحسب لأَن الجزيرة مَنازِلُ بَنِي تَغْلب :
" عَفَا وَاسِطٌ من أهْلِ رَضْوَى ونَبْتَلُ ووَاسِطُ : قَرْيَتَانِ بالمَوْصِلِ إِحْدَاهُما : بالفَرْجِ مِنْ نَوَاحِي المَوْصِلِ والثّانيةُ : شَرْقِيّ دِجْلة المَوْصِلِ بَيْنَهُما مِيلانِ ذاتُ بَساتينَ كَثِيرَة
ووَاسِطُ : ة بدُجَيْلٍ عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ بَغْدَادَ نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ ويَاقُوت هَكَذَا مِنْهَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ العَطَّارُ المُحَدَّثُ الحَرْبِيُّ ثُمَّ الوَاسِطِيُّ مِنْ وَاسِطِ دُجَيْلٍ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ ناصِرٍ السَّلامِيّ وعَنْهُ ابنُ نُقْطَةَ
ووَاسِطُ : ة بالحِلَّة المَزْيَدَيَّةِ قُرْبَ مُطَيْراباذَ يُقَالُ لَهَا : وَاسِطُ مَرْزاباذَ منها أَبو النَّجْمِ عِيسَى بنُ فَاتِكٍ الوَاسِطِيّ الشاعِرُ . ومن شِعْرِهِ
وَما عَلَى قَدْرِه شَكَرْتُ لَهُ ... لكِنَّ شُكْرِي لَهُ عَلَى قَدْرِي
لأَنّ شُكْرِي السُّهَى وأَنْعمُهُ الْ ... بَدْرُ وأَيْنَ السُّهَى مِنَ البَدْرِ وواسط : ة باليَمَن بالقُرْب من زَبِيدَ قُرْبَ العَنْبَرَةِ ومِنْهَا خَرَجَ عَلِيُّ بن مَهْدِيّ المُسْتَوْلِي عَلَى اليَمِنِ
ووَاسِط : ع بَيْنَ العُذَيْبَةِ والصَّفْرَاءِ وبِهِ فَسَّرَ ابنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ كُثَيِّر :
فإذا غَشِيتُ لَها ببُرْقَةِ واسِطٍ ... فِلَوى كُتَيْنَةَ مَنْزِلاً أَبْكَانِي ووَاسِط : ع لبني قُشَيْر لِبَنِي أُسَيْدَةَ وهُمْ بَنُو مالِكِ بنِ سَلَمَةَ بن قُشَيْرٍ
ووَاسِط : ع لَبني تَمِيمٍ نَقَلَهُ ياقُوتٌ عن العمرانيّ . قال : وهو المُرَاد في قول ذي الرُّمَّةووَاسِطُ : د بالأَنْدَلُس من أَعْمَالِ قَبْرَةَ ذَكَرَهُ ياقُوتٌ و الصّاغَانِيّ . منه أَبو عُمَرَ أَحمدُ ابنُ ثابِت بن أَبِي الجَهْمِ الوَاسِطِيّ سَكَنَ قُرْطُبَةَ رَوَى عن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصيلِيّ وتُوُفِّيَ سنة 437 ذَكَرَهُ ابنُ بَشْكُوال . ووَاسِطُ : ة باليَمَامَةِ قالَهُ أَبُو النَّدَى ونَقَلَهُ عنه الأَسْوَدُ . قَالَ : وإِيّاهَا عَنَى الأَعْشَى في شِعْرِهِ . ووَاسِطُ : حِصْنٌ لِبَنِي السُّمَيْرِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لِهذا الحِصْنِ مَجْدَلٌ . قال أَبو عُبَيْدَةَ : وإِيّاهُ عَنَى الأَعْشَى :
في مَجْدَلٍ شَيَّدَ بُنْيَانَهُ ... يَزِلّ عَنْهُ ظُفُرُ الطّائِرِ ووَاسِطُ : ة بنَهْرِ المَلِكِ وهي وَاسِطُ العَرَاق ذَكَرَها أَبُو النَّدَى
ووَاسِط : جَبَلٌ أَسْفَلَ مِنْ جَمْرَةِ العَقَبَةِ بين المَأْزِمَيْنِ إِذا ذَهَبْتَ إِلَى مِنَى كَانَ يَقْعُدُ عِنْدَهُ المَسَاكِينُ قالَهُ الحُمَيْديّ ونَقَلَهُ السُّهَيْلِيّ عَنْهُ في الرَّوْضِ وأَنْشَدَ قَوْلَ الحارِث بنِ مُضَاضٍ الجُرْهُمِيِّ :
ولَمْ يَتَرَبَّعْ وَاسِطاً وجنُوبَهُ ... إِلَى السِّرِّ من وَادِي الأراكَةِ حاضِرُ أَو وَاسِط : اسمٌ لِلْجَبَلَيْنِ الَّلذَيْنِ دُونَ العَقَبَةِ . قالَهُ مُحَمَّد بنُ إِسْحاقَ الفاكِهِيّ في تَارِيخِ مَكَّة
وقال بَعْضُ المَكِّيّين : بَلْ تِلْكَ الناحِيَةُ مِنْ بِرْكَةِ القَسْرِيّ إلى العَقَبَةِ تُسَمَّى وَاسِطَ المُقِيمِ
والوَاسِطُ : البابُ هُذَلِيَّةٌ
ووَسَطَهُمْ كوَعَدَ وَسْطاً بالفتْحِ وسِطَةً كعِدَةٍ : جَلَسَ وَسْطَهُمْ أَي بَيْنَهُمْ كتَوَسَّطَهُمْ ويُقَالُ أَيضاً : وَسَطَ الشَّيْءَ وتَوَسَّطَهُ : صارَ في وَسَطِهِ
وهو وَسِيطٌ فِيهِمْ أَيْ أَوْسَطُهُم نَسَباً وأَرْفَعُهُمْ مَحَلاًّ كَذا في النُّسَخِ . وفي بَعْضِ الأُصُولِ مَجْداً
قال العَرْجِيُّ وهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو ابنِ عُثْمَانَ :
كَأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيهِمْ وَسِيطاً ... ولَمْ تَكُ نِسْبَتِي فِي آلِ عُمْرِو وقالَ اللَّيْثُ : فُلانٌ وَسِيطُ الدّارِ والحَسَبِ في قَوْمِهِ وقد وَسُطَ وَسَاطَةً وسِطَةً ووَسَّطَ تَوْسِيطاً وأَنْشَدَ :
" وَسَّطْتُ مِنْ حَنْظَلَةَ الأُصْطُمَّا والوَسِيطُ : المُتَوَسِّطُ بَيْنَ المُتَخَاصِمَيْنِ . وفي العُبَابِ : بَيْنَ القَوْمِ
والوَسُوطُ كصَبُورٍ : بَيْتٌ من بُيُوتِ الشَّعرِ أَكْبرُ من المَظَلَّةِ وأَصْغَرُ من الخِبَاءِ أَوْ هُوَ أَصْغَرُها
ويقال : الوَسُوطُ النَّاقَةُ تَمْلأُ الإِناءَ مِثْلُ الطَّفُوفِ جَمْعُه وُسُطٌ بضَمَّتَيْن نَقَلَه الصّاغَانِيّ
وقِيلَ : هي الَّتِي تَحْمِل على رُؤُوسَها وظُهُورِها صِعابٌ لا تُعْقَل ولا تُقَيَّد نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ أَيْضاً
وقِيلَ : هِيَ التي تَجُرُّ أَرْبَعِينَ يَوْماً بَعْدَ السَّنَةِ هذِه عن ابْنِ الأَعْرَابِي قال : فَأَمَّا الجَرُورُ فَهِيَ الَّتِي تَجُرُّ بَعْد السَّنَةِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ
وقد ذُكِرَ في مَوْضِعهِ . ووَسْطَانُ : د للأَكْرَادِ لَمْ يَذْكُرْهُ ياقُوتٌ في مُعْجَمِهِ ولا الصّاغَانِيّ وإِنَّما ذَكَرَ ياقُوتٌ وَسْطَان : مَوْضِعٌ في قَوْلِ الهُذَلِيّ يَأْتِي في المُسْتَدْرَكَات ووَسَطٌ مُحَرَّكَةً : جَبَلٌ ضَخْمٌ على أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَرَاءَ ضَرِيَّةَ وفي التَّكْمِلَةِ : عَلَمٌ لِبَنِي جَعْفَرِ بنِ كَلابٍ ودَارَهُ وَاسِطٍ : ابْن الأَعْرَابِيّ هُوَ جَبَلٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ ضَرِيَّةَ وقد ذُكِرَ في الدَّاراتِ
ووَسَطُ الشَّيْءِ مُحَرَّكَةً : ما بَيْنَ طَرَفَيْهِ قالَ :
إذا رَحَلْتُ فاجْعَلُونِي وَسَطَا ... إِنِّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنَّدَاأَيْ اجْعَلُونِي وَسَطاً لَكُمْ تَرْفُقُونَ بِي وتَحْفَظُونَنِي فإِنّي أَخافُ - إِذا كُنْتُ وَحْدِي مُتَقَدِّماً لَكُمْ أَو مُتَأَخِّراً عَنْكُمْ - أَنْ تَفْرُطَ دَابَّتِي أَوْ ناقَتِي فَتَصْرَعَنِي . كأَوْسَطِه وهو اسْم كأَفْكَل وأَزْمَل فإِذا سُكِّنَت السِّينُ مِنْهَا كَانَتْ ظَرْفاً . وفي الصّحاح يُقَالُ : جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْمِ بالتَّسْكِينِ لأَنَّهُ ظَرْفٌ وجَلَسْتُ وَسَطَ الدّارِ بالتَّحْرِيك لأَنَّهُ اسْمٌ
وللشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ بَرِّيٍّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - هُنَا كَلامٌ مُفِيدٌ لا يُسْتَغْنَي عَنْ إِيرادِهِ كُلِّه لحُسْنِهِ . قال : اعْلَمْ أَنَّ الوَسَطَ بالتَّحْرِيكِ : اسمٌ لِمَا بَيْنَ طَرَفَي الشَّيْءِ وهُوَ مِنْهُ كقَوْلِكَ : قَبَضْتُ وَسَطَ الحَبْلِ وكَسَرْتُ وَسَطَ الرُّمْحِ وجَلَسْتُ وَسَطَ الدّارِ ومِنْهُ المَثَلُ : يَرْتَقِي وَسَطاً ويَرْبِضُ حَجْرَةً أيْ يَرْتعِي أَوْسَطَ المَرْعَى وخِيَارَهُ ما دامَ القَوْمُ في خَيْرٍ فإِذا أَصابَهُمْ شَرٌّ اعْتَزَلَهُمْ ورَبَضَ حَجْرَةً أَيْ ناحِيَةً مُنْعَزِلاً عنهم . وجاءَ الوَسَطُ مُحَرَّكاً أَوْسَطُه على وِزانٍ نَقِيضِه في المَعْنَى وهو الطَّرَفُ لأَنَّ نَقِيضَ الشَّيْءِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ نَظِيره في كَثِيرٍ من الأَوْزَانِ نَحْوُ : جَوْعَان وشَبْعان وطَوِيلٍ وقَصِير . قال : ومِمّا جاءَ عَلَى وِزَانِ نَظِيرِه قَوْلُهم : الحَرْدُ لأَنّه عَلَى وِزَانِ القَصْدِ والحَرَدُ لأَنَّهُ عَلَى وِزَانِ نَظِيرِهِ وهُوَ الغَضَبُ . يُقَالُ : حَرَدَ يَحْرِد حَرْداً كما يُقَالُ : قَصَدَ يَقْصِدُ قَصْداً . ويُقَالُ : حَرِدَ يَحْرَدُ حَرَداً كَما يُقَالُ : غَضِبَ يَغْضَبُ غَضَباً . وقالُوا : العَجْمُ لأَنَّهُ على وِزانِ العَضِّ وقالُوا : العَجَمُ لِحَبّ الزَّبِيبِ وغَيْرِه لأَنَّهُ وِزَانُ النَّوَى
وقالُوا : الخِصْبُ والجَدْب لأَنَّ وِزَانَهُمَا العِلْمُ والجَهْلُ لأَنَّ العِلْمَ يُحْيِي الناسَ كما يُحْيِيهِمُ الخِصْبُ
والجَهْلَ يُهلِكهم كما يَهْلِكُهم الجَدْبُ . وقالُوا المَنْسِرُ لأَنَّهُ عَلَى وَزَانِ المَنْكِب . وقالوا : المِنْسَرُ لأَنَّهُ على وِزَان المِخْلَبِ . قالُوا : أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ : إِذا أَرْسَلْتَها في البِئْرِ ودَلَوْتُهَا : إِذا جَذَبْتَها فجاءَ أَدْلَى على مثال أَرْسَلَ ودَلاَ عَلَى مِثَالَ جَذَبَ قال : فبِهذَا تَعْلَمُ صِحّةَ قَوْلِ مَنْ فرَقَ بَيْنَ الضَّرِّ والضُّرِّ ولَمْ يَجْعَلْهُما بمَعْنَىً فقالَ الضَّرُّ : بإِزاءِ النَّفْعِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ والضُّرُّ بإِزاءِ السُّقْمِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُهُ في المَعْنَى . وقالُوا : فادَ يَفِيدُ جاءَ عَلَى وزانِ مَاسَ يَمِيسُ إِذا تَبَخْتَرَ وقَالُوا : فادَ يَفُودُ على وِزَانِ نَظِيرِه وهو ماتَ يَمُوتُ والنَّفَاقُ في السُّوقِ جاءَ على وَزْنِ الكَسَادِ والنِّفاقُ في الرَّجُلِ جاءَ على وِزَانِ الخِدَاعِ . قالَ : وهذا النَّحْوُ في كَلامِهِم كَثِيرٌ جِدّاً
قال : واعْلَمْ أَنَّ الوَسَطَ قَدْ يَأْتِي صِفَةً وإِنْ كانَ أَصْلُه أَنْ يَكُونَ اسْمَاً مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَوْسَطَ الشَّيْءِ أَفْضَلُه وخِيَارُه كوَسَطِ المَرْعَى خَيْرٌ مِنْ طَرَفَيْهِ وكوَسَطِ الدَّابَّة للرُّكُوبِ خَيْرٌ من طَرَفِيْهَا لِتَمَكُّنِ الرّاكِبِ . ومنه الحَدِيثُ : خِيَارُ الأُمُورِ أَوْسَاطُها . وقول الراجز :
" إِذا رِكِبْتُ فاجْعَلانِي وَسَطَا فَلَمَّا كانَ وَسَطُ الشَّيْءِ أَفْضَلَهُ وأَعْدَلَهُ جازَ أَنْ يَقَعَ صفة وذلِكَ مِثْلُ قَوْلِه تَعالَى : " وكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً " أَيْ عَدْلاً فهذا تَفْسِيرُ الوَسَطِ وحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ وأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طَرَفَيِ الشَّيْءِ وهو مِنْهُ . أَو هُمَا فِيمَا مُصْمَتٌ كالحَلْقَةِ مِنَ النَّاسِ والسُّبْحَةِ والعِقْدِ فإِذا كانَتْ أَجْزَاؤُه مُتَبَايِيَةً فبالإِسْكَانِ فَقَط والَّذِي حُكِيَ عن ثَعْلَبٍ : وَسَطُ الشِّيْءِ بالفَتْحِ إِذا كَانَ مُصْمَتاً فإِذا كانَ أَجْزَاءً مُتَخَلْخِلَةً فهُوَ وَسْطٌ بالإِسْكَانِ لا غَيْرُ فتأَمَّلْأَو كُلُّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فهُوَ وَسْطٌ بالتَّسْكِينِ وإِلاَّ فبِالتَّحْرِيكِ وهذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ
قال : ورُبَّمَا سُكِّنَ ولَيْسَ بالوَجْهِ كقَوْلِ الشّاعِرِ وهو أَعْصُرُ بنُ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ :
وقَالُوا يَالَ أَشْجَعَ يَوْم هَيْجٍ ... ووَسْطَ الدّارِ ضَرْباً واحْتِمَايَا قال ابنُ بَرِّيّ : وأَمّا الوَسْطُ بسُكُونِ السِّين فهُوَ ظَرْفٌ لا اسْمٌ جَاءَ على وَزانِ نَظِيرِهِ في المَعْنَى وهُوَ بَيْنَ تَقُولُ : جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْم أَي بَيْنَهُمْ . ومنه قَوْلُ أَبي الأَخْزَرِ الحِمّانيّ :
" سَلّو لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأَعْجَمِ أي بَيْنَ الأَعْجَمِ . وقال آخَرُ :
أَكْذَبُ من فاخِتَةٍ ... تَقُولُ وَسْط الكَرَبِ
والطَّلْعُ لَمْ يَبْدُ لَهَا ... هَذا أَوانُ الرُّطَبِ وقال سَوَّارُ بنُ المُضرّب :
إِنّي كَاَنِّي أَرَى مَنْ لا حَياءَ لَهُ ... ولا أَمانَةَ وَسْطَ النّاسِ عُرْيَانَا وفي الحَدِيثِ أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسْطَ القَوْمِ أَيْ بَيْنَهُمْ . ولَمّا كانَتْ بَيْنَ ظَرْفاً كانت وَسْطَ ظَرْفاً ولهذَا جاءَتْ سَاكِنَةَ الأَوْسَط لِتَكُونَ على وِزَانِهَا ولَمّا كانَتْ بَيْنَ لا تَكُونُ بَعْضاً لِمَا يُضَافُ إِلَيْهَا بخِلافِ الوَسَطِ الَّذِي هو بَعْضُ ما يُضَافُ إِلَيْه كَذلِكَ وَسْط لا تكُونُ بَعْضَ ما تُضَافُ إِلَيْه أَلا تَرَى أَنَّ وَسَطَ الدّارِ مِنْهَا ووَسْط القَوْمِ غَيْرهم ومِنْ ذلِكَ قَوْلُهم : وَسَطُ رَأْسِه صُلْب لأَنَّ وَسَطَ الرّأْسِ بَعْضها وتَقُولُ : وَسْطَ رَأْسِهِ دُهْنٌ . فتَنْصِبُ وَسْطَ على الظَّرْف . ولَيْسَ هو بَعْضَ الرَّأْسِ . فقَدْ حَصَلَ لَكَ الفَرْقُ بَيْنَهُما من جِهَةِ المَعْنَى ومِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ . أَمَّا من جِهَةِ المَعْنَى فإِنَّهَا تَلْزَمُ الظَّرْفِيَّةَ ولَيْسَتْ باسْمٍ مُتَمَكِّنٍ يَصِحُّ رَفْعُهُ ونَصْبُه عَلَى أَنْ يَكُونَ فاعِلاً ومَفْعُولاً وغَيْرَ ذلِكَ بِخلافِ الوَسَطِ
وأَمَّا من جِهَةِ اللَّفْظِ فإِنَّهُ لا يَكُونُ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ بخِلافِ الوَسَطِ أَيْضاً . فإِنْ قُلْتَ : قَدْ يَنْتَصِبُ الوَسَطُ عَلَى الظَّرْفِ كما يَنْتَصِبُ الوَسْط كقَوْلِهِم : جَلَسْتُ وَسَطَ والدّارِ وهُوَ يَرْتَعِي وَسَطاً ومِنْهُ ما جاءَ في الحَدِيثِ : أَنَّهُ كانَ يَقِفُ في الجَنَازَةِ عَلَى المَرْأَةِ وَسَطَها فالجَوَابُ أَنَّ نَصْبَ الوَسَطِ على الظَّرْفِ إِنَّمَا جاءَ عَلَى جِهَةِ الاتِّسَاعِ والخُرُوجِ عَنِ الأَصْلِ عَلَى حَدِّ ما جَاءَ الطَّرِيق ونَحْوهُ وذلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ :
" كَما عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ ولَيْسَ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِ عَلَى مَعْنَى بَيْنَ كَمَا كانَ ذلِكَ فِي وَسْط أَلا تَرَى أنَّ وَسْطاً لاَزِمٌ للظَّرْفِيّة ولَيْسَ كَذلِكَ وَسَطٌ بَلِ الّلازِمُ لَهُ الاسْمِيَّة في الأَكْثَرِ والأَعَمّ ولَيْسَ انْتِصَابُه عَلَى الظَّرْفِ - وإِنْ كانَ قَلِيلاً في الكَلامِ - عَلَى حَدِّ انْتِصَابِ الوَسْطِ فِي كَوْنِهِ بِمَعْنَى بَيْنَ فافْهَم ذلِكَ . قال : واعْلَمْ - أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ عَلَى وَسْط حَرْفُ الوِعَاءِ - خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ ورَجَعُوا فِيه إِلَى وَسَط ويَكُونُ بمَعْنَى وَسْط كقَوْلِكَ : جَلَسْتُ فِي وَسَطِ القَوْمِوفي وَسَطِ رَأْسِه دُهْنٌ . والمَعْنَى فِيهِ مَعَ تَحَرُّكِهِ كَمَعْناهُ مَعَ سُكُونِهِ إِذا قُلْتَ : جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْمِ ووَسْطَ رَأْسِهِ دُهْنٌ أَلاَ تَرَى أَنَّ وَسَطَ القَوْمِ بمَعْنَى وَسْط القَوْمِ إِلاّ أَنّ وَسْطاً يَلْزَمُ الظَّرفِيّة ولا يَكُونُ إلاَّ اسْماً فا سْتُعِيرَ لَهُ إِذا خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيّة الوَسَطُ على جِهَةِ النِّيَابَةِ عَنْهُ وهو في غَيْرِ هذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَاهُ . وقد يُسْتَعْمَلُ الوَسْطُ الَّذِي هو ظَرْفٌ اسْماً ويُبْقَّى عَلَى سُكُونه كما اسْتَعْمَلُوا بَيْنَ اسْماً عَلَى حكمِهَا ظَرْفاً في نَحْوِ قَوْلِه تَعالَى : " لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُم " قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ :
مِنْ وَسْطِ جَمْعِ بَني قُرَيْظٍ بَعْدَما ... هَتَفَتْ رَبِيعَةُ يا بَنِي خَوَّارِ وقال عُدِيُّ بنُ زَيْدٍ :
وَسْطُهُ كاليَراعِ أَوْ سُرُجِ المَجْ ... دَلِ حِيناً يَخْبُو وحِيناً يُنِيرُ انتهى كَلامُ ابن بَرِّيّ
وقال ابنُ الأَثِيرِ - في تَفْسِيرِ حَدِيثِ : " الجالِسُ وَسْطَ الحَلْقَةِ مَلْعُونٌ " - ما نَصَّهُ : الوَسْط بالتَّسْكِينِ يُقالُ فيِما كانَ مُتَفَرِّقَ الأَجْزَاءِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ كالنّاسِ والدَّوَابِّ وغَيْرِ ذلِكَ فإِذا كانَ مُتَّصِلَ الأَجْزَاءِ كالدّارِ والرَّأْسِ فهو بالفَتْحِ . وكُلُّ ما يَصْلُحُ فِيهِ بَيْن فَهُوَ بالسُّكُونِ وما لا يَصْلُحُ فِيهِ بَيْن فَهُوَ بالفَتْحِ . وقِيلَ : كُلٌّ مِنْهُما يَقَعُ مَوْقِعَ الآخَرِ قالَ : وكَأَنَّه الأَشْبَهُ . قالَ : وإِنَّمَا لُعِنَ الجَالِسُ وَسْطَ الحَلْقَةِ لأَنَّهُ لا بُدَّ وأَنْ يَسْتَدْبِرَ بَعْضَ المُحِيطِين بِهِ فَيُؤْذَيهِمْ فيَلْعَنُونَهُ ويَذُمُّونَهُ . قُلْتُ : هذا خُلاصَةُ ما ذَكَرَهُ الأَئِمَّةُ في الفَرْقِ بَيْنَ وَسْط ووَسَطَ . وكلامُ اللَّيْثِ يَقْرُبُ مِنْ كَلامِ ابنِ بَرّيّ أَعْرَضْنا عَنْ إِيرادِ نُصُوصِهِم كُلّهَا مَخافَةَ التَّطْوِيلِ وفِيما ذَكَرْناهُ كِفَايَةٌ وإِلَى تَحْقِيق ما سَطَّرْنَاه النِّهَايَة . وقَدِيماً كُنْتُ أَسْمَعُ شُيُوخَنَا يَقُولُون في الفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَلاماً شَامِلاً لِما ذَكَرُوهُ وهو : السَّاكِنُ مُتَحَرِّكٌ والمُتَحَرِّكُ ساكِنٌ وما فَصَّلْناه مُدْرَجٌ تَحْتَ هذا الكامِنِ . وقال الصَّفَدِيّ في تارِيخه : أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ جَمَالُ الدّين يوسُفُ ابنُ محمد العُقَيْلِيّ السُّرمَرِّيّ لِنَفْسِهِ :
فرق ما بينهم وَسَط الشيْ ... ءِ ووَسْط تَحْرِيكاً أَوْ تَسْكِينا
مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِبَيْنَ فَسَكِّنْ ... ولِفِي حَرِّكَنْ تَرَاهُ مُبِينا
كجَلَسْتُ وَسْطَ الجَمَاعَةِ إِذْ هُمْ ... وَسَطَ الدّارِ كُلُّهُم جالِسينَا والله أَعْلَم وبِهِ نَسْتَعِينُ
ويُقالُ : صارَ الماءُ وَسِيطَةً : إِذا غَلَبَ عَلَى الطِّينِ كَذَا في الأُصُولِ والَّذِي حَكَهُ اللِّحْيَانِيّ عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ أَي غَلَبَ الطِّينُ على الماءِ . والوَسْطَى من الأَصَابِعِ : م أَيْ مَعْرُوفَةٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيّ
والصَّلاةُ المَذْكُورَة في التَّنْزِيل العَزِيز وهو قَولُه تَعالَى : " حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوَسْطَى " لأَنَّها وَسَطٌ بَيْنَ صَلاتَيِ اللِّيلِ والنَّهَارِولِهذَا المَعْنَى وَقَعَ الاخْتِلافُ في تَعْيِينِهَا فَقِيلَ : إِنَّهَا الصُّبْحُ وهُوَ قَوْلٌ عِليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ في رِوَايَةِ عنه وابْنِ عَبّاسٍ أَخْرَجُهُ في المُوطَّإِ بَلاغاً وأَخْرَجَهُ التِّرْمِذيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابْنِ عُمَرَ تَعْلِيقاً . ورُوِيَ عن جَابِرٍ وابن مُوسَى وجَمَاعَةٍ من التَّابِعِينَ وإِلَيْه مالَ الإِمامُ مالِك وصَحَّحَه جَماعةٌ من أَصْحابِهِ وإِلَيْه مَيْلُ الشافِعيّ فِيما ذَكَرَ عنه القُشَيْرِيّ أَو الظُّهْرُ وهوَ قَوْلُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وعُبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وعائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَو العَصْرُ وهُوَ قَوْلُ عَليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ في رِوَايَةٍ وابْنِ عَبّاسٍ وابنِ عُمَرَ في رِوَايَةِ عَنْهُمَا وأَبِي هُرَيْرَةَ وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ وعائِشَةَ وحَفْصَةَ وأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهُم وجَمَاعَةٍ من التّابِعِينَ مِنْهُم الحَسَنُ البَصْرِيّ وهو اخْتِيارُ أَبِي حَنِيفَةَ وأَصْحَابِهِ وقَالَهُ الشافِعِيُّ وأَكْثَرُ أَهْلِ الأَثَرِ وهُوَ رِوايَةٌ عَنْ مالِكٍ وصَحَّحَه عَبْدَ المَلِكِ بنُ حَبِيبٍ واخْتَارَهُ ابنُ العَرَبِيّ في قَبَسِهِ وابنُ عَطِيَّةَ في تَفْسِيرِهِ وصَحَّحَهُ الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ أَو المَغْرِبُ قالَه قَبِيصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ ومَكْحُولٌ أَو العِشَاءُ حَكاهُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَرِّ عَنْ جَماعَةٍ أَو الوِتْر نَقَلَه الحافِظُ الدِّمْيَاطِيّ واختاره السَّخاوِيّ المقرئُ أَو الفِطْرُ نَقَلَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيّ أَو الضُّحَى حَكاه بَعْضُهُم وتَرَدَّد فِيهِ أَو الجَمَاعَة نَقَلَهُ الحافِظُ الدّمْيَاطِيّ أَو جَمِيعُ الصَّلُواتِ المَفْرُوضاتِ وهُوَ قَولُ مُعَاذٍ بنِ جَبَلٍ نَقَلهُ القُرْطُبِيُّ أَو الصُّبْحُ والعُصْرُ مَعاً قالَهُ أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ
أَوْ صَلاةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وهُوَ قَوْلُ نافِعٍ والرَّبِيعِ بن خُثَيْمٍ أَو العِشَاءُ والصُّبْحُ مَعاً رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عُمَرَ وعُثْمانَ أَو صَلاَةُ الخَوْفِ نَقَلَه الحافِظُ الدِّمْيَاطِيّ أَو الجُمْعَةُ في يُوْمِها وفي سائِرِ الأَيّامِ الظُّهْرُ رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عَلِيّ نَقَلَه ابنُ حَبيب أَو المُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الطُّولِ والقِصَرِ وهذا القَوْلُ قَدْ رَدَّهُ أَبُو حَيَّانَ في البَحْرِ أَوْ كُلٌّ مِنَ الخَمْسِ لأَنَّ قَبْلَهَا صَلاتَيْنِ وبَعْدَهَا صَلاتَيْنِ
قال شَيْخُنا : وحَاصِلُ ما عُدَّ مِنَ الأَقْوَالِ تِسْعَةَ عَشَر قَوْلاً والمَسْأَلَةُ خَصَّها أَقْوَامُ من المُحَدِّثِينَ والفُقَهاءِ وغَيْرِهِمْ بالتَّصْنِيفِ واتَّسَعَتْ فيها الأَقْوَالُ وزَادَتْ على أَرْبَعِينَ قَوْلاً فما هذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَافِياً ولا بالنِّصْفِ مِنْهَا مع أَنَّهُمْ عَزَوا الأَقْوَال لأَرْبَابِهَا واعْتَنَوْا بِفَتْحِ بابِها . وصَحَّحَ أَرْبَابُ التَّحْقِيقِ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ كَلَيْلةٍ القَدْرِ والاسْمِ الأَعْظَمِ وساعَةِ الجُمُعَةِ ونَحْوِها مِمّا قُصِدَ بإِبهامِها الحَثُّ والحَضُّ والاعْتِنَاءُ بِتَحْصِيلها لِئَلاّ يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ أَنْظَارِهَا . وأَنْشَدَ شَيْخُنَا الإِمامُ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ المسناويّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ :
" واُخْفِيَتِ الوُسْطَى كساعَةِ جُمْعَةٍكَذَا أَعْظَمُ الأَسْماءِ مَعْ لَيْلَةِ القَدْرِ ولَمْ يَلْتَفِتِ العارفُونَ المُتَوَجِّهُونَ إلى اللهِ تَعَالَى إلى شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ وأَخَذُوا في الجِدّ والاجْتِهاد نَفَعَنا الله بِهِمْ
قُلْتُ : ولِكُلِّ قَوْلٍ مِنْ هذِهِ الأَقَوالِ المَذْكُورَةِ دَلِيلٌ وتَوْجِيهٌ مَذْكُورٌ فِي مَحَلَّه وأَقَوَى الأَقْوَال ثَلاثةٌ : العَصْرُ والصُّبْحُ والجَمُعَةُ كما في البصائِر
قال ابنُ سِيدَه في المُحْكَم : مَنْ قَالَ هِيَ غَيْرُ صَلاةِ الجُمُعَةِ فقَدْ أَخْطَأَ إِلاَّ أَنْ يَقُولَهُ بِرِوَايَةِ مُسْنَدَةٍ إِلىَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم انْتَهَىوعَلَّلها بكَوْنِها أَفْضَل الصَّلَوَاتِ قِيلَ لا يَرِدُ عَلَيْه قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في يَوْمِ الأَحْزَابِ شَغَلُونا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطَى صَلاةِ العَصْرِ مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وقُبُورَهُمْ نَاراً لأَنَّهُ لَيْسَ المُرادُ بِهَا في الحَدِيثِ المَذْكُورَةَ في التَّنْزِيلِ أَي أَنّ المَذْكُورَةِ في الحَدِيثِ لَيْس المُرَادُ بِهَا المَذْكُورَةَ في التَّنْزِيلِ أَيْ لاِحْتِمَالِ أَنَّهَا غَيْرُها وهُوَ كَلامٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ ولا مُعَوَّلَ عَلَيْه فِإِنّ الآيَاتِ تُفسِّرُها الأَحَادِيثُ ما أَمْكَن كالعَكْس ولا يَجُوز لأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ في آيَةٍ وَقَعَ فِيهَا نَصٌّ من السَّلَفِ ولا في حَدِيثٍ وَافَقَ آيَةً وصَرَّح السَّلَفُ بِأَنَّهَا تُوافِقُه أَو وَرَدَتْ فِيهِ أَو نَحْو ذلِكَ كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا . ثُمَّ إِنَّ الحَدِيثَ المَذْكُورَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ويعضدُه حَدِيثٌ آخَرُ أَنَّهَا الصّلاةُ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السّلامُ حَتَّى تَوَارَتْ بالحِجَابِ أَوْرَدَ مُلاّ عَلِيٍّ في نَامُوسِه كَلاماً قد ذَكَرَ حاصِلَهُ واسْتَدَلَّ بِهَذَا الحَدِيثِ وبِمَا في مُصْحَفِ حَفْصَةَ وذَكَرَ شَيْخُنَا الإِجْمَاعَ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ على أَنَّهَا صَلاةُ العَصْرِ كما أَشَرْنَا إِلَيْه
فَتَأَمَّلْ واللهُ أَعْلَمُ . قُلْتُ : وقد أَفْرَدْتُ في هذِهِ المَسْأَلَةِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً جَلَبْتُ فِيهَا نُصُوصَ العُلَمَاءِ والأَئِمّةِ كالقُرْطُبِيِّ وابْنِ عَطِيّةَ والسُّلَمِيّ وأَبِي حَيّانَ والنَّسْفِيّ والحَافِظِ الدّمْيَاطِيّ والبِقَاعِيّ وغَيْرِهم فراجِعْها . ووَسَّطَهُ تَوْسِيطاً : قَطَعَهُ نِصْفَيْن يُقَالُ : قُتِلَ فُلانٌ مُوَسَّطاً . أَو وَسَّطَهُ : جَعَلَه فِي الوَسَطِ ومِنْهُ قِرَاءَةُ بَعْضِهِم : " فَوَسَّطْنَ به جَمْعا " قال ابنُ بَرِّيّ : هذِه القِرَاءَة تُنْسَب إلى عَلِيّ كَرَّمَ اللهُ وجههَ وإِلى ابنِ أَبِي لَيْلَى وإِبْرَاهِيَم بنِ أَبِي عَبْلَةَ
قُلتُ : وعَمْرِو بنِ مَيْمُونَ وزَيْدِ بنِ عَلِيّ وأَبُو حَيْوَةَ وأَبُو البَرَهْسَمِ والباقُونَ بالتَّخْفِيفِ
وتَوَسَّطَ بَيْنَهُمْ : عَمِلَ الوَساطَةَ . وتَوَسَّطَ : أَخَذَ الوَسَطَ وهو بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ . قال ابْنُ هَرْمَةَ يَصِف سَخاءَهُ :
واقْذِفْ بِحَبْلِكَ حَيْثُ نالَ بِأَخْذِهِ ... مِنْ عُوذِهَا واعْتَمْ ولا تَتَوَسَّطِ ومُوسَطُ البَيْتِ كمُكْرَمٍ : ما كانَ فِي وَسَطِهِ خَاصَّةً نَقَلَه ابنُ عَبَّادٍ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : الأَواسِطُ : جَمْع أَوْسَط ومِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
شَهْمٌ إِذا اجْتَمَعَ الكُماةُ وأُلْهِمَتْ ... أَفْوَاهُها بأَواسِطِ الأَوْتَارِ وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ وَاسِطاً على وَوَاسِطَ فاجْتَمَعَتْ وَاوانِ فَهَمَزَ الأُولَى
ووَسَطَ الشَّيْءَ : صَارَ بأَوْسَطِهِ . قال غَيْلانُ بنُ حُرَيْثٍ :
وقد وَسَطْتُ مَالِكاً وحَنْظَلا ... صُيَّابَها والعَدَدَ المُجَلْجِلا ووُسُوطُ الشَّمْس : تَوَسُّطُهَا السَّمَاءَ
ووَاسِطَةُ القِلادَةِ : الدُّرَّةُ الَّتِي في وَسَطِها وهي أَنْفَسُ خَرَزِهَا
ودِينٌ وَسُوطٌ كصَبُورٍ : مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الغالِي والتّالِي
ورَجُلٌ وَسِيطٌ أَي حَسِيبٌ في قَوْمِهِ ووَسُطَ في حَسَبِهِ وَسَاطَةً وسِطَةً ووَسَّطَ تَوْسِيطاً
ووَسَطَهُ : حَلَّ وَسَطَهُ أَيْ أَكْرَمَهُ
قال :
" يَسِطُ البُيُوتَ لِكَيْ تَكُونَ رَدِيَّةًمِنْ حَيْثُ تَوضَعُ جَنْفنَةُ المُسْتَرْفِدِ ووَسَاطَةُ الدَّنانِيرِ : خِيَارُهَا . وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : وَاسِطٌ : مَوْضِعٌ بنَجْدٍ
ووَاسِطَةُ بالهَاءِ : قَرْيَةٌ تَحْتَ المَوْصِلِ وأُخْرَى في حَضْرَمَوْت وأُخْرَى من قُرَى قَزْوِينَ . ومنها مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي الرَّبِيعِ الوَاسِطِيّ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ في تارِيخِ قَزْوِينَووَاسِطُ : جَبَلٌ لِبَنِي عامِرٍ مِمّا يَلِي ضَرِيَّةَ قِيلَ : هُوَ الَّذِي نُسِبَتْ إِلَيْه الدّارَةُ وقِيلَ : غَيْرُهُ
ووَاسِطُ : قَرْيَةٌ قُرْبَ مُطَيْرَاباذَ وهِيَ الَّتِي ذَكَرَها المُصَنِّفُ بالقُرْبِ مِنَ الحِلَّةِ المَزْيَدِيَّة وأُخْرَى القُرْبِ مِنَ الرَّقَّةِ أَوَّلُ مَنِ اسْتَحْدَثَها هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِك ومِنْها أَبُو سَعِيدٍ مَسْلَمَةُ ابنُ ثابِتٍ الخُرَاسانِيّ نَزيلُ وَاسِطِ الرَّقَّةِ حَدَّثَ عَنْ شريكٍ وغَيْرِهِ وَوَلَدُه أَبُو عَلِيٍّ سَعِيدُ بنُ مَسْلَمَة صاحِبُ تاريخ الرَّقَّة قال فيه : وهي قَرْيَةٌ غَرْبِيِّ الفُراتِ مُقَابِلَ الرَّقَّة . وقالَ أَبو حَاتِمٍ : وَاسِطُ بالجَزِيرَةِ فالله أَعْلَم هِيَ هذِهِ أَو الَّتِي بقَرْقِيسَاء أَوْ غَيْرهما . وقال مُحَمَّدُ بنُ حَبِيبَ - في شَرْحٍ دِيوانِ كُثَيِّر عَزَّةَ في تَفْسِيرِ قَوْله - :
فَوَاحَزَنِي لَمَّا تَفَرَّقَ وَاسِطٌ ... وأَهْلُ الَّتِي أَهْذِي بِهَا وأَحُومُ إِنَّهَا قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الرَّقَّةِ . قال ياقُوتٌ : هكَذَا قالَهُ والظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاسِطُ نَجْدٍ أَو الحِجَازِ واللهُ أَعْلَمْ
ووَسْطَانُ بالفَتْحِ : مَوْضِعٌ في قَوْلِ الأَعْلَمِ الهُذَلِيّ :
" بذَلْتُ لهم بذِي وَسْطانَ جَهْدِي ويُرْوَى شَوْطَان كَذا نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ قُلت : وهكَذا هو في دِيوَانِ شِعْره ونَصُّه :