تَمَكَ السَّنامُ يَتْمِكُ ويَتْمُكُ من حَدَّىْ ضَرَب ونَصَر تَمْكاً وتُمُوكاً فيه لَفّ ونَشْرٌّ مرَتّب : طالَ وارْتَفَع كما في الصِّحاح . وقيل : تزَوَّى واكْتَنَزَ كما في العُبابِ وزادَ في المُحْكَم : وَ تَرَّ فهو تامِكٌ . وفي المُحْكَم التّامِكُ : السَّنامُ ما كانَ وقِيل : هو المُرتَفِعُ وأَنشَدَ الصاغانيُ لِذي الرُمَّةِ :
دِرَفسٌ رَمَى رَوْضُ القِذافَين مَتْنَه ... بأَعْرَفَ يَنْبُو بالحَنِييْنِ تامِكِ والتّامِكُ أيضاً : النّاقَةُ العَظِيمَة السَّنامِ عن ابنِ سِيدَه والجمعُ تَوامِكُ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَتْمَكَها الكَلأُ : إِذا سَمَّنَها وهو مَجازٌ وفي الأَساس : أَتْمَكَ الرَّبيعُ سَنامَه
ومما يُستَدْرَكُ عليه : بِناءٌ تامِكٌ أي : مُرتَفِع . وقدَ تمك فيه الحُسنُ وإِنّه لتامكُ الجَمالِ . وتَقولُ : شَرَفكَ تامِكٌ وِإقْبالُكَ سامِكٌ وهو مجازٌ كما في الأَساسِ
مَكَّهُ أي العَظْمَ يَمُكُّه مَكًّا وامْتَكَّه وَتمكَّكَه ومَكْمَكَهُ : مَصَّهُ جَمِيعَه مما فيهِ من المُخِّ وكذلِكَ الفَصِيلُ ما في ضَرعِ أُمِّهِ والصَّبِي : إِذا اسْتَقْصَى ثَدْيَ أُمهِ بالمَصِّ
قال ابنُ جِنّي : وأَمّا ما حَكاهُ الأَصْمَعِي من قَوْلِهم . امْتَكَّ الفَصِيلُ ما في ضَرعِ أُمِّهِ وَتمَككَ وامْتَقَّ وَتمَقَّقَ فالأظْهَرُ فيه أَنْ تَكُونَ القافُ بَدَلاً من الكافِ
وذلك المُخّ الممْكُوكُ واللَّبَنُ المَمْصُوصُ مُكاكٌ ومُكاكَةٌ كغُرابٍ وغُرابَةٍ
واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الأُولَى منهما وعلى مَكَّهُ وامْتَكَّهُ وَتمكَّكَه
وفي التَّهْذِيب : مَكَكْتُ المُخَّ مَكًّا وَتمَكَّكْتُه وَتمَخَّخْتُه وَتمَخَّيتُه : إِذا اسْتَخْرَجْتَ مُخَّهُ فأَكَلْتَه
ومَكَكْتُ الشيء : مَصَصْتُهُ
وفي العُبابِ : المُكَاكُ والمُكاكَةُ بضَمِّهِما : ما يُستَخْرَجُ من عَظْمٍ مُمِخ
ومَكَّهُ يُمُكُّهُ مَكّا أي : أَهْلَكَهُ وقيلَ : نَقَصَه
قِيل : ومِنْهُ مَكَّةُ شَرَّفَها اللّه تَعالَى واخْتُلِف فِيها فقِيل : اسْمٌ للبَلَدِ الحَرامِ أَو لِلْحَرَمِ كُلِّه وقالَ يَعْقُوبُ في البَدَلِ : مَكَّةُ : الحَرَمُ كُلُّه فأَمّا بَكَّةُ بَين الجَبَلَين قال ابنُ سِيدَه : ولا أَدْرِي كَيفَ هذا ؛ لأَنَّه قد فَرَّقَ بينَ مَكَّةَ وبَكَّةَ في المَعْنَى وبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى البَدَلِ والمبدَلِ منه سَواء وتَقَدَّمَ شيء من ذلك في ب ك ك واخْتُلِفَ في وَجْهِ تَسميتِها فقِيل : لأَنَّها تَنْقُصُ الذُّنُوبَ أَو تُفْنِيها أَو لأَنَّها تُهْلِكُ مَنْ ظَلَمَ فِيها وأَلْحَدَ وفي كتاب تَلْبيَةِ أَهْلِ الجاهِلِيَّةِ : كانت تَلْبِيَةُ عَكَّ ومَذْحِجَ جَمِيعًا :
" يا مَكَّةُ الفاجِرَ مُكِّي مَكَّا
" ولا تَمُكِّي مَذْحِجًا وعَكَّا
" فنَتْرُكَ البَيتَ الحَرامَ دَكَّا
" جِئْنَا إِلى رَبِّكِ لا نَشكَّا فهما وَجْهانِ وقِيلَ : لقِلَّةِ مائِها وذلِكَ أَنَّهُم كانوا يَمْتَكُّونَ الماءَ فِيها أَي : يَستَخْرِجُونَه وقيل : لجَذْبِ النّاسِ إِلَيها والمَكُّ : الجَذْب نَقَلَه السُّيُوطِي في المُزْهِرِ في الأَضدِاد عن أبي العَبّاسِ فهي وُجوهٌ أَرْبَعَةٌ وهُناكَ وَجْهٌ آخر نَذْكُرُه في المُستَدْرَكاتِ
ومن المَجازِ : تَمكَّكَ على الغَرِيمِ وَتمكَّكَهُ ومَكَّهُ : أَلَحَّ عليهِ في الاقْتِضاءِ ومنه الحَدِيثُ : لا تُمَكِّكُوا على غُرَمائِكُم هكَذا أَوْرَدَه الجَوْهَرِيُّ وقال : أي لا تَستَقْصوا زاد الصّاغاني : ويُروَى لاُ تمَكِّكُوا غُرَماءَكُم قال : والتَّعْدِيَةُ بعَلَى لتَضْمِين مَعْنَى الإِلْحاحِ أي : لا تُلِحُّوا عليهِمْ إِلْحاحًا يَضُرُّ بمَعايِشِهمْ ولا تَأْخُذُوهُمِ على عُسرَةٍ وأَنْظِرُوهُم إِلى مَيسَرَةٍ وأصلَه من مَكَّ الفَصِيلُ ما في ضَرعِ أمِّهِ وامْتَكَّهُ : اسْتَقْصاهُ
والمَكْمَكَةُ : التَّدَحْرُجُ في المَشْيِ عن ابنِ سِيدَه ونقَلَه الصّاغانيُ عن أبي عَمْرو ونَصُّه : التَّرَجْرُجُ بَدَل التَّدَحْرُجِ
والمَكُّوكُ كتَنُّورٍ : طاشٌ يُشْرَبُ بهِ قالَهُ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَدَ وفي المُحْكَمٍ : يُشْرَبُ فيهِ أَعْلاهُ ضَيِّقٌ ووَسَطُه واسِعٌ وفي حَدِيث ابنِ عَبّاسٍ رضي اللّه عَنْهُما في تَفْسِيرِ قَوْلهِ تَعالَى : " صُواعَ المَلِكِ " قال : كهَيئَةِ المَكّوكِ وكانَ للعَبّاسِ مثْلُه في الجاهِلِيَّةِ يَشْرَبُ بهِوالمَكُّوكُ : مِكْيالٌ مَعْرُوفٌ لأَهْلِ العِراقِ ويَخْتَلِفُ مِقْدارُه باخْتِلافِ اصْطِلاح النّاسِ عليهِ في البِلادِ وفي حَدِيث أنَسٍ رضي اللّهُ عنه : " أَنّ رَسُولَ اللّه صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ يَتَوَضَّأ بمَكُّوك " قالَ ابنُ بَري : يَسَعُ صاعًا ونِصْفًا وقالَ غَيرُه : أَو نِصْفَ رَطْلٍ إِلى ثَمانِ أَواق أَو يَسَعُ نِصْفِ الوَيْبَةِ والوَيْبَةُ اثْنانِ وعِشْرُونَ أَو أَرْبَعٌ وعِشْرُونَ مُدًّا بمُدِّ النَّبِي صَلَّى اللّهُ عليهِ وسَلَّمَ وبه فُسِّرَ حَدِيثُ أَنَسٍ السابِقُ كما جاءَ في حَدِيث آخَرَ مُفَسَّرًا به أَو هُو ثَلاثُ كيلَجاتٍ كما في الصِّحاحِ وهو صاعٌ ونِصْفٌ كما قالَهُ ابنُ بريّ ثمّ قالَ الجَوْهَرِيُّ : والكَيلَجَة تَسَعُ مَنًا وسَبعَة أَثْمانِ مَنًا والمَنَا : رِطْلانِ والرطْلُ : اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً والأُوقِيَّةُ : إِسْتارٌ وثُلُثا إِسْتارٍ والإِسْتارُ : أَرْبَعَةُ مَثاقِيلَ ونِصْف والمِثْقالُ : دِرْهَمٌ وثَلاثَةُ أَسْباعِ دِرْهَمٍ والدِّرهَمُ : سَتَّةُ دَوانِقَ والدَّانِق قِيراطانِ والقِيراطُ : طَسُّوجانِ والطَّسُّوجُ : حَبَّتان والحَبَّةُ : سُدُسُ ثُمُنِ دِرْهَمٍ وهو جُزْءٌ من ثَمانِيَةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءاً من دِرهَم هذا نَصُّ الجَوْهَرِيِّ زادَ ابنُ بَريّ : الكرّ سِتُّونَ قَفِيزًا والقَفِيزُ : ثَمانِيَةُ مَكاكِيكَ والمَكّوكُ : صاعٌ ونِصْفٌ وهو ثلاثُ كَيلَجات
مَكاكِيكُ وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ ومنه حَدِيثُ أَنَس رضي اللهُ عنه : ويَغْتَسِلُ بخَمْسِ مَكاكِيكَ . ويُروِى بخَمسِ مَكاكِي بإِبْدالِ الكافِ الأخِيرَةِ ياءً وِإدْغامِها في ياءِ مَفاعِيلَ كما حكاه أَبو زَيْد وغيرُه كَراهِيَةَ التَّضْعِيفِ واجْتِماع الأَمْثالِ كتَظَنَّى قال شَيخُنا : ومَنَعه ابن الأَنْبارِيِّ وقال : لا يُقالُ في جَمْعِ مَكّوكٍ إِلا مَكاكِيكُ لما في إبْدالِه من اللَّبسِ . قلتُ : أي بجَمعِ المُكَّاءِ للطّائِرِ فإِنّ جَمْعَه مَكاكِي كما نَصَّ عليهِ الأَزْهَرِيُّ في التَّهْذِيب ومَحَلُّه المُعْتَلُّ بالواوِ كما سَيَأْتِي ولكن جاءَ في حَدِيثِ جابِرٍ في الحَوْضِ عندَ البزّار : وعليه مَكاكِي عَدَد النُّجُومِ فهو يَرُدُّ على ابنِ الأَنْبارِيّ
وامرَأَةٌ مَكْماكَةٌ ومُتَمَكْمِكَةٌ : مثل كَمْكامَة ورجُلٌ مَكْماك مثل كَمْكامٍ وسَيَأْتِي في المِيمِ
ومن المَجازِ : المَكّانَةُ بالتَّشْدِيدِ الأَمَةُ لِلُؤْمِها
ومَكَّ الطائِرُ بسَلْحِهِ مَكًّا : رَمَى بهِ وذَرَقَ
ومما يستدرك عليه : المَكُّ : الازْدِحامُ كالبَكِّ قيل : ومِنْه سُمِّيَتْ مَكَّةُ ؛ لازْدِحامِ النّاسِ فيها وهذا هو الوَجْهُ الخامِسُ المَوعُودُ به آنفًا
وَتمكْمَكَهُ : مثل تَمكَّكَه
ورَجُلٌ مَكّانُ مثل مَصّانَ ومَلْجانَ وهو الذي يَرضَع الغَنَمَ من لُؤْمِه ولا يَحْلِبُ يُقالُ ذلك لِلَّئيمِ
وقالَ ابنُ شُمَيلٍ : تَقُولُ العَرَبُ : قَبَّحَ اللّه اسْتَ مَكَّانَ وذلك إِذا أَخْطَأَ إِنْسانٌ أَو فَعَل فِعلاً قَبِيحًا يُدْعَى بهذا
وقال الأَزْهَرِيُّ : سَمِعْتُ أَعْرابِيًّا يَقُولُ لرجُلٍ عَنَّتَه : قد مَكَكْتَ رُوحِي أَرادَ أَنَّه أَحْرَجَه بلَجَاجِهِ فيما أَشْكاهُ
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : واسْتَوْلَى مَرَةً على مَكَّةَ ناجِمٌ من بِلادِ نَجْدٍ فطَرَدُوهُ فلَمّا خَرَج قال : خُذُوا مُكَيكَتَكُم
ومن سَجَعاتِه : إِنَّ المُلُوكَ إِذا تابَعْتَهُم مَكُّوكَ . قلت : ولو قالَ : مَلُّوك أَو مَكُّوك كان أَحْسَنَ وفي البَصائِرِ : إِيّاكَ والمُلُوك ؛ فإِنَّهُم إِن عَرَفُوكَ مَكوك
وضَرَبَ مَكوكَ رَأْسِه على التَّشْبِيهِ
والنِّسبَةُ إِلى مًكّةَ مَكِّي على الصَّحِيحِ
وقد سُمِّيَ به غيرُ واحِدٍ من قُدَماءِ المُحَدِّثِينَ تَبَرّكًا
وأَما قَوْلُ العامَّةِ مَكّاوِيٌّ وكذا في الجَمْعِ المَكاكِوَة فخَطَأٌ
ومَكَّةُ : اسمُ جارِيَةٍ لها حِكايَةٌ نقَلَه الحافِظُوقال المُصَنِّفُ في البَصائِرِ والأَصْبَهانِيُّ في المُفْرَداتِ : وقيل : إِنَّ مكة مأَخوذة من المُكاكَةِ وهي اللّبُّ والمُخُّ الذي في وَسَطِ العَظْمِ سمِّيَتْ بها لأنَّها وَسَطُ الدُّنْيا ولُبُّها وخالِصُها هكذا قالَهُ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَدَ فصارَت الأَوْجُهُ سِتَّةً