" العَنَتُ مُحَرَّكَةً : الفَسَادُ والإِثْمُ وَالهَلاَكُ " والغَلَطُ والخَطَأُ والجَوْرُ وَالأَذَى وَسَيَأْتي " ودُخُولُ المَشَقّةِ على الإِنْسَانِ " . وقال أَبو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ : العَنَتُ فِي اللُّغَةِ : المَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ والعَنَتُ : الوُقُوعُ في أَمْر شَاقٍّ . وقد عَنِتَ " وأَعْنَتَهُ غَيْرُه " العَنَتُ : " لِقَاءُ الشِّدَّةِ " يقال : أَعْنَتَ فلانٌ فُلاناً إِعْنَاتاً وفي الحديث البَاغُونَ البُرَاءَ العَنَتَ قالَ ابنُ الأَثِيرِ : العَنَتُ المَشَقَّةُ والفَسَادُ والهَلاَكُ والإِثْمُ والغَلَطُ والخَطَأُ " والزِّنَا " كُلّ ذلك قَدْ جَاءَ وأُطْلِقَ العَنَتُ عَلَيْهِ وَالحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كُلَّهَا والبُرَآءُ : جَمْعُ بَرِىءٍ وهو والعَنَتُ مَنْصُوبانِ مَفْعُولانِ للبَاغِينَ وقوله عزَّ وجَلَّ : " وعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ " أَي لو أَطَاعَ مثلَ المُخْبِرِ الذي أَخْبَرَه بما لا أَصْلَ لَه وكَانَ قد سَعَى بقَوم من العَرَبِ إِلى النَّبِيّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أَنّهم ارْتَدُّوا لوَقَعْتُمْ في عَنَتٍ أَي في فسَادٍ وهَلاَكٍ وفي التَّنْزِيل " وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ " معنَاه : لو شَاءَ لشَدَّدَ عَلَيْكُمْ وتَعَبَّدَكُمْ بِمَا يَصْعُبُ عليكُم أَدَاؤُهُ كما فَعَلَ بمَن كانَ قَبْلَكُمْ . وقد يُوضَعُ العَنَتُ مَوْضِعَ الهَلاَكِ فيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاه لو شَاءَ لأَعْنَتَكُمْ أَي لأَهْلَكَكُم بحُكْم يكونُ فيه غيرَ ظَالِم . وقال ابن الأَعْرَابِيّ : الإِعْنَاتُ : تَكْلِيفُ غيرِ الطَّاقَةِ وفي التَّنْزِيلِ " ذلِكَ لِمَنْ خَشِىَ العَنَتَ مِنْكُمْ " يعِني الفُجُورَ والزِّنا . وقال الأَزْهَرِيُّ : نزلت هذه الآيةُ فيمَنْ لَمْ يَسْتَطعْ طَوْلاً أَي فَضْلَ مَالٍ يَنْكِحُ بِهِ حُرَّةً فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً ثم قَالَ : " لِمَنْ خَشِىَ العَنَتَ مِنْكُمْ " وهذا يُوجِبُ أَنّ من لَمْ يَخْشَ العَنَتَ ولَمْ يَجِدْ طَوْلاً لِحُرَّةٍ أَنّهُ لا يَحِلُّ له أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً . قال : واخْتَلَفَ النّاس في تَفْسِيرِ هذِه الآيَةِ فقال بعضُهم : معناه : ذلك لمن خَافَ أَن يَحْمِلَهُ شِدَّةُ الشَّبَقِ والغُلْمَةِ على الزِّنَا فيَلْقَى العَذَابَ العَظِيمَ في الآخِرَةِ والحَدَّ في الدُّنْيَا وقال بعضُهُمْ : معناه أَن يَعْشَقَ أَمَةً وليس في الآيةِ ذِكْرُ عِشْقٍ ولكِنَّ ذا العِشْقِ يَلْقَى عَنَتاً وقال أَبُو العَبَّاسِ محَمَّدُ بنُ يَزِيدَ الثُّمالِيّ : العَنَتُ ها هنا الهَلاكُ وقيل : الهلاكُ في الزِّنا وأَنشد :
" أُحَاوِلُ إِعْناتِي بما قَالَ أَو رَجَا أَرَادَ إِهْلاكِي ونَقَل الأَزْهَرِيُّ قولَ أَبي إِسْحَاق الزَّجّاجِ السّابِق ثم قال : وهذا الذي قَالَهُ صَحِيحٌ فإِذا شَقَّ على الرَّجُلِ العُزْبَةُ وغلبته الغُلْمَة ولَمْ يَجِدْ ما يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً فلهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً ؛ لأَنَّ غَلَبَةَ الشَّهْوَةِ واجتماعَ الماءِ في الصُّلْبِ رُبَّما أَدّى إلى العِلَّةِ الصَّعْبَةِ . وفي الصحاح : العَنَتُ : الإِثْمُ وقد عَنِتَ قالَ الأَزْهَرِىُّ : في قوله تعالى " عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ " أَي عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ وهو لِقَاءُ الشِّدَّةِ والمَشَقَّة وقال بعضُهم : مَعْنَاه : عزيزٌ أَي شديدٌ مَا أَعَنَتَكُمْ أَي ما أَورَدَكُم العَنَتَ والمَشَقَّةَ . يُقَالُ : العَنَتُ : " الوَهْىُ والانْكِسَارُ " قال الأَزْهَرِيّ : والعَنَتُ : الكَسْرُ وقد عَنِتَتْ يَدُهُ أَو رِجْلُهُ أَي انْكَسَرَتْ وكذلك كُلُّ عَظْمٍ قال الشاعر :
" فَدَاوِ بِهَا أَضْلاَعَ جَنْبَيْكَ بَعْدَمَاعَنِتْنَ وأَعْيَتْكَ الجَبَائِرُ مِنْ عَلُ ويقال : عَنِتَ العَظْمُ عَنَتاً فهو عَنِتٌ : وَهَي وانْكَسَرَ قال رؤبة :
" فَأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّمَا
" مَجْدُوعَهَا والعَنِتَ المُخَشَّمَاوَقَالَ اللَّيْثُ : الوَثْءُ ليسَ بعَنَتٍ لا يَكُونُ العَنَتُ إِلاّ الكَسْرَ والْوَثْءُ : الضَّرْبُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدَ واللَّحْمَ ويَصلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَنْ يَنْكَسِرَ . العَنَتُ أَيضاً " : اكْتِسَابُ المَأْثَمِ " وقد عَنِتَ عَنَتاً إِذا اكْتَسَبَ ذلك . قال ابنُ الأَنْبَارِيّ : أَصْلُ التَعَنُّتِ التَّشْدِيدُ فإِذا قَالَتِ العَرَبُ : فُلانٌ يَتَعَنَّتُ فُلاناً ويُعْنِتُهُ وقد " عَنَّتَهُ تَعْنِيتاً " فالمُرادُ " شَدَّدَ عَلَيْهِ وأَلْزَمَهُ بِمَا يَصعُبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ " قال : ثم نُقِلَتْ إِلَى مَعْنَى الهَلاكِ والأَصلُ ما وَصَفْنَا . انتهى . وَأَعْنَتَهُ مِثْلُ عَنَّتَهُ وقد تقدم الإِيماءُ إِلَيْهِ . " والعُنْتُوتُ " بالضّمّ : " يَبِيسُ الخَلَى " بفتح فسكون : نَبْتٌ . " وجَبَلٌ مُسْتَدِقٌّ فِي الصَّحَرَاءِ " وعِبَارَةُ اللّسَان : جُبَيْلٌ مُسْتَدِقٌّ في السَّمَاءِ وقيلِ : هي دُونَ الحَرّةِ قال :
" أَدْرَكْتُهَا تَأْفِرُ دُونَ العُنْتُوتْ
" تِلْكَ الهَلُوكُ والخَرِيعُ السُّلْحُوتْ العُنْتُوتُ : " أَوّلُ كُلِّ شَىْءٍ " نقله الصّاغَانيّ . العُنْتُوتُ : الشَّاقَّةُ المَصْعَدِ مِن الآكَامِ كَالْعَنُوتِ " كصَبُورٍ يقال : أَكَمَةٌ عَنُوتٌ إِذا كَانَتْ طَوِيلَةً شَاقَّةَ المَصْعَدِ . " وَعَنْتَتَ عَنْهُ " بتاءَين إِذا " أَعْرَضَ " عَنْتَتَ " قَرْنُ العَتُودِ " إِذا ارْتَفَعَ وشَصَرَ نَقَلَه الصاغانيّ . " والعَانِتُ : المَرْأَةُ العَانِسُ " قيلَ : هو إِبْدَالٌ وقيل : هو لُغَةٌ وقيل : لُثْغَةٌ . قالَه شيخنا . وفي العِنَايَة للشِّهَابِ في المَعَارِجِ العَنَتُ : المُكَابَرَةُ عِناداً وفي ق : العَنَتُ : اللَّجَاحُ في العِنَادِ . يُقَالُ : جَاءَهُ فُلاَنٌ مُتَعَنِّتاً أَي طَالِباً زَلَّتَهُ " . وفي الأَساس : وتَعَنَّتَنِى : سأَلَنِي عَنْ شَىْءٍ أَرادَ بِهِ اللَّبْسَ علَّى والمَشَقَّةَ . وفي اللسان : رَوَى المُنْذِرِىُّ عن أَبِي الهَيْثَمِ أَنَّه قَالَ : العَنَتُ فِي كَلاَمِ العَرَبِ : الجُوْرُ وَالإِثْمُ والأَذَى قال : فقلت له : التَّعَنُّتُ مِنْ هذَا ؟ قال : نَعَمْ يقال : تَعَنَّتَ فُلانٌ فُلاناً إِذا أَدْخَلَ عَلَيْهِ الأَذَى . " ويُقَالُ لِلْعَظْمِ المَجْبُورِ إِذا هَاضَهُ شَىْءٌ " - وعبارةُ اللِّسَانِ إِذا أَصَابَهُ شَىْءٌ فَهَاضَهُ - : " قد أَعْنَتَهُ فهو عَنِتٌ " كَكَتِفٍ " ومُعْنَتٌ " كمُكْرِم قال الأَزْهَرِيُّ : معناه أَنَّهُ يَهِيضُه وهو كَسْرٌ بعد انْجِبَارٍ وذلك أَشَدُّ من الكَسْرِ الأَوَّلِ ويقال : أَعْنَتَ الجَابِرُ الكَسِيرَ إِذَا لم يَرْفُقْ بهِ فزادَ الكَسْرَ فَساداً وكذلك راكبُ الدَّابَّةِ إِذا حَمَلَه على ما لا يَحْتَمِلُهُ من العُنْفِ حتى يَظْلَعَ فقد أَعْنَتَهُ " وَقَدْ " عَنِتَتِ الدَّابَّةُ . وجُمْلَةُ العَنَتِ : الضَّرَرُ الشَّاقُّ المُؤْذِى وفي حديث الزُّهريّ : في رَجُلٍ أَنْعَلَ دَابَّةً فعَنِتَتْ هكذا جاءَ في روايَةٍ أَي عَرِجَتْ وسمَّاه عَنَتاً ؛ لأَنَّهُ ضَرَرٌ وفَسَادٌ والرِّوَايَةُ فَعَتِبَتْ - بتاءٍ فوقها نُقْطَتَانِ ثم باءٍ تحتها نقطة - قال القُتَيْبِىُّ : والأَوّلُ أَحَبُّ الوَجْهَيْنِ إِلَىَّ . ويقَال : " عَنِتَ العَظْمُ كفَرِحَ عَنَتاً فهو عَنِتٌ : وَهَي وانْكَسَرَ قال رُؤْبَةُ :
" فَأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّمَا
" مَجْدُوعَها والعَنِتَ المُخَشَّمَا وقد تَقَدَّمَ عن اللَّيْثِ : أَنَّ العَنَتَ لا يكونُ إِلاّ الكَسْرَ ويُقَالُ : عَنِتَتْ يَدُهُ أَو رِجْلُهُ وكذلك كُلُّ عَظْمٍ فذِكْرُ المصنّفِ له هنا ثانياً في حُكم التَّكْرارِ ؛ لأَنَّهُ داخلٌ تحت قوله : والوَهْىُ والانْكِسارُ وهو يَشْمَلُ اليَدَ والرِّجْلَ والعَظْمَ . ومما يستدرك على المُؤَلّف : العُنْتُوتُ : الحَزُّ في القَوْسِ قال الأَزْهَرِيُّ : عُنْتوتُ القَوْسِ : هو الحَزُّ الذي تُدْخَلُ فيه الغَانَةُ والغَانَةُ : حَلْقَةُ رَأْسِ الوَتَرِ