اللَّوْح : كلُّ صَفيحةِ عَرِيضةِ خَشَباً أَو عَظْماً ومثله في المحكم والتهذيب . أَلْواحٌ وأَلاَوِيحُ جج أَي جمْع الجمْعِ قال سيبويه : لم يُكسَّر هذا الضَّرْبُ على أَفعُلٍ كَراهيَةَ الضّمّ على الواو . واللَّوْح : الكَتِف إِذا كُتِبَ عليها كذا في التهذيب . واللَّوْح : الهَواءُ بين السماءِ والأَرْض وبالضّمِّ أَعلَى ولم يَحْكِ الفَتحَ فيه إِلاّ اللِّحْيَانيّ . قال الشاعر :
لِطائرٍ ظَلَّ بنَا يَخُوتُ ... يَنْصبُّ في اللُّوحِ فما يَفُوتُ ويقال : لا أَفعَلُ ذلك ولو نَزَوْتَ في اللُّوح أَي ولو نَزَوْت في السُّكَاكِ والسُّكَاكُ بالضمّ هو الهواءُ الذي يُلاقِي أَعنانَ السَّماءِ واللَّوْح : النَّظْرة كاللَّمْحَة . ولاَحَه ببِصَرِه لَوْحَةٌ : رآهُ ثمَّ خَفِيَ عنه . واللَّوْح : أَخفُّ العَطش وعمَّ به بعضُهم جِنسَ العَطِش . وقال اللِّحيانِيّ : اللَّوْح : سُرعةُ العَطشِ كاللُّوحِ واللُّوَاح واللُّؤُوحِ بضمهنّ الأَخيرة عن اللِّحْيانيّ واللَّوَحانِ محرّكةً والالتِياحِ . وقد لاَحَ يَلُوحُ والْتَاحَ . وأَلاَحَ النَّجمُ : بَدَا وأَضاءَ وتَلأْلأَ كلاَحَ . وأَلاَحَ البَرْقُ : أَوْ مَضَ فهو مُلِيحٌ . وقيل : أَلاَحَ : أَضاءَ ما حَولَه . قال أَبو ذُؤَيب :
رَأَيتُ وأَهْلِي بِوادِي الرَّجي ... عِ مِن نحْوِ قَيْلةَ برْقاً مُلِيحَا كلاَحَ يَلوح لَوْحاً ولُؤُوحاً ولَوَحَاناً . وقال المتلمِّسُ :
وقد أَلاَحَ سُهَيْلٌ بَعدَمَا هَجَعُوا ... كأَنّه ضَرَمٌ بالكَفِّ مَقبوسُ قال ابن السّكيت : يقال لاَحَ السُّهَيْل إِذا بدَا وأَلاحَ إِذا تَلأْلأَ . ومن المجاز : أَلاَحَ الرّجُلُ من الشْيءِ يُلِيح إِلاَ حَةً كأَشاحَ : خافَ وأَشفَقَ وحاذَرَ وفي بعض الأُصول حَذِرَ ثلاثيًّا . وفي حديث المغيرة : أَتَحْلِفُ عِنْدَ مِنبر رسُولِ اللّه صلَّى اللّه عليه وسلّم ؟ فأَلاحََ مِنَ اليَمِينِ أَي أَشفَقَ وخافَ . ومن المجاز : أَلاحَ بسَيْفِهِ : لَمَعَ به وحَرَّكَة كَلوّحَ تَلْوِيحاً . وأَلاحَ فُلاَناً : أَهلَكَه يُلِيحه إِلاحةً . والمِلْوَاحُ : الطَّويلُ والضّامرُ وكذلك الأُنثَى : امرأَةٌ مِلْواحٌ . ودَابّةٌ مِلْواحٌ إِذا كان سؤيعَ الضُّمْرِ . والمِلْوَاحُ : المرأَةُ السَّريعةُ الهُزَالِ وجمْعُه مَلاوِيحُ قال ابنُ مُقْبل :
بِيضٌ مَلاَوِيحُ يَومَ الصَّيف لا صُبُرٌ ... على الهَوَان ولا سُودٌ ولا نُكُعُ والمِلْوَاح : العَظِيم الأَلْوَاحِ والأَلواحُ من الجَسد : كلُّ عَظمٍ فيه عِرَضٌ قال :
يَتْبَعْنَ إِثْر بازلٍ ملْواحِ ... وبَعيرٌ مِلْواحٌ ورَجلٌ مِلْوَاحٌ
وقال شَمِرٌ وأَبو الهيثم : المِلْواحُ هو : الجَيِّدُ الأَلْواحِ العَظيمُهَا . وقيل : أَلواحُه ذِرَاعاه وساقاه وعَضُداه . والمِلْواحُ : سَيفُ عَمرو بن أَبي سَلَمةَ وهو مَجاز تَشبيهاً بالعَطْشَانِ . و المِلْوَاحُ : البُومَة تُخَيَّط عَيْنُها وتُشَدُّ في رِجْلِها صُوفةٌ سوداءُ ويُجعَل له مَرْبأَةٌ ويَرتَبيءُ الصّائدُ في القُتْرة ليُصادَ بها البازِي وذلك أَنْ يُطِيرَهَا سَاعةً بعد ساعةٍ فإِذا رآه الصَّقْر أَو البازِي سقَطَ عليه فأَخذَه الصائدُ . فالبُومَة وما يَلِيها تُسمَّى مِلْوَاحاً . والمِلْوَاح من الدَّوابِّ : السَّريعُ العطَشِ قاله أَبو عُبيد . كالمِلْوَحِ مثل مِنْبرٍ والمِلْياحِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ . فأَمّا ملْوَاحٌ فعلى القياس وأَمّا ملْيَاحٌ فنادرٌ . قال ابن سيده : وكأَنَّ هذه الواوَ إِنمَا قُلبتْ ياءً لقُرْب الكَسرةِ كأَنّهُم تَوهَّموا الكَسرةَ في لام مِلواح حتى كأَنّه لِوَاحٌ فانقلَبَت الوَاوُ ياءً لذلك . وإِبلٌ لَوْحَى أَي عَطْشَى ولاَحَه العَطَشُ أَو السَّفرُ والبَرْدُ والسُّقْمُ والحُزْن يَلُوحُه لَوْحاً : غَيَّرَه وأَضْمَرَه . وأَنشد :
ولم يَلُحها حَزَنٌ على ابْنُمِ ... ولا أَخٍ ولا أَبس فتَسْهُمِ كلوَّحَة تَلويحاً . وقالوا : التَّلْوِيح هو تَغْيير لونِ الجِلْد من مُلاقَاةِ حَرِّ النّارِ أَو الشَّمس . وقِدْحٌ مُلَوَّح : مُغَيَّر بالنّار وكذلك نَصْلٌ مُلَوَّوحٌ . ولَوَّحتْه الشّمْسُ : غَيَّرتْه وسَفَعَتْ وَجْهَه . وقالَ الزّجاج : لَوَّاحَةٌ للبَشَرِ أَي تحرِق الجِلْدَ حتّى تُسوِّدَه . يقال لاَحَهُ ولَوَّحَه . وأَلوَاحُ السِّلاحِ : ما يَلُوح مِنه كالسَّيْفِ ونحْوِه مثل السِّنانِ . قال ابن سيده : والأَلْواحُ : ما لاَحَ من السِّلاح وأَكْثرُ ما يُعنَى بذلك السيوفُ لبيَاضِها . قال عمرو بن أَحمرَ الباهليّ :
تُمْسي كأَلْواحِ السِّلاحِ وتُضْ ... حِى كالمَهاةِ صَبِيحةَ القَطْرِ قال ابن بَرِّيّ : وقيل في أَلوَاحِ السِّلاحِ إِنّهَا أَجفانُ السُّيوفِ لأَنّ غلافَها من خَشَبٍ يُرَاد بذَلك ضُمورُهَا يقول تثمْسِي ضامرةً لايَضُرُّهَا ضُمْرُهَا وتُصبِح كأَنَّهَا مَهاةٌ صبيحةَ القَطْر وذلك أَحسنُ لها وأَسْرَعُ لعَدْوِها . والمُلَوَّحُ كمُعظَّم : المغُيَّر بالنَّار أَو الشَّمْس أَو السَّفَر . واسم سَيفِ ثابتِ بن قَيْسِ الأَنصاريّ . واسْم والد فَضَالَة له ذِكْرٌ في شرح الشِّفاءِ . وجَدٌّ قَبَاثِ بن أَشْيَمَ الكنانيّ . ولُحْتُه : أَبصَرْتُه . ولُحْتُ إِلى كذا أَلُواح : إِذا نظَرْت إِلى نارٍ بعيدة . قال الأَعشي :
لعَمْرِي لقدْ لاحَتْ عُيونٌ كَثيرةٌ ... إِلى ضَوءِ نارٍ في يَفَاعٍ تُحَرَّقُ أَي نَظَرتْ . قال شيخنا : وأَنشدوا :
وأَصْفَر من ضَربِ دارِ المُلوكِ ... تَلوحُ علَى وَجْهِهِ جَعْفَرَاقال ابن بَرِّيّ : هو من لاحَ إِذا رأَى وأَبصر أَي تُبْصِر وتَرَى على وَجْهِ الدِّينار جَعفَراً أَي مرسوماً فيه وهو ظاهر لا غبار عليه . قال : ورُوِيَ يَلوحُ بالتّحتية وهو يحتاج إِلى تأْوِيل وتقديرِ فِعلٍ ناصِب لجعفر نحو اقصدُوا جعفرا وشِبْهه . وقد استوفاه الجَلال السُّيُوطيَ في أَواخرِ الأَشباه والنظائر النَّحوية واسْتلاحَ الرّجلُ إِذا تَبصَّرَ في الأَمْر . وقولهمْ لَوِّحِ الصَّبيَّ معناه قُتْه - بالضّمّ أَمرٌ من قَاتَ يقوتُ - مايُمسِكُه وفي نُسخة . بما يُمسِكه . والمُلْتَاحُ بالضّمّ : المتَغَيِّر من الشَّمس أَو من السَّفر أَو غير لك . والِلَّيَاحُ كسَحاب وكِتَابٍ : الصُّبْحُ لبِياضه . ولَقِيتُه بِلِيَاحٍ إذا ألقيته عند العصر والشمس بيضاء واللَّيَاحُ واللِّياحُ : الثَّوْرُ الوَحشيّ لبياضه . والِلَّيَاحُ : سَيفٌ لحَمْزَةَ بن عبد المطَّلب رضي اللّه تعالَى عنه ومنه قوله . قَد ذاقَ عُثْمَانُ يوم الجَرِّ من أُحُد وَقْعَ الِلَّياح فأَوْدَى وهو مَذمومُ قال ابن الأَثير : هو من لاَح يَلوح لِيَاحاً إِذَا بَدَا وظَهَر . والِلَّيَاحُ : الأَبيضُ من كل شَيْءٍ . ومن المجاز يُقال : أَبْيضُ لِيَاحٌ بالوَجهين ويَقَقٌ ويَلَق : ناصعٌ وذلك إِذَا بُولِغَ في وَصْفه بالبياض . وفي نسختنا : لماح بالميم بدل لياح بالتَّحتيّة وهو صحيحٌ في بابه وقد تَقَدّم استدراكُه وأَمّا هُنَا فليس إِلاّ بالتّحْتِيّة . قال الفرّاءُ : إنما صَارَت الواو في لِيَاح ياءً لانكسار ما قبلَها . وأَنشد :
أَقبُّ البَطْنِ خَفّاقٌ حَشَاهُ ... يُضِيءُ اللَّيْلَ كالقَمَرِ اللِّيَاحِ قال ابن بَرِّيّ : البَيت لمالكِ بن خالدٍ الخُنَاعِيّ يمدح زُهيرَ بنَ الأَغَرِّ . اللِّيَاح الأَبيضُ المتلأْلىء . وقال الفَارسيّ : وأَمّا ليَاحٌ يعنِى كسَحابٍ فشاذّ : انقلبت واوه ياءً لغير عِلّة إِلاّ طَلبَ الخِفّة . ولوَّحَهُ بالنّار تَلويحاً أَحْمَاه قال جِرَانُ العَوْدِ واسمه عامر بن الحارث
عُقَابٌ عَقَنْبَاةٌ كأَنّ وَظِيفَهَا ... وخُرْطَومَها الأَعلَى بنارٍ مُلَوَّحُ ولاَحَ الشَّيبُ يَلوحُ في رَأْسه : بدَا ولوَّحَ الشَّيْبُ فُلاناً غَيَّره وذلك إِذا بَيَّضَه . قال :
" من بعْد ما لوَّحَكَ القَتيرُ وقال الأَعشي :
فلَئِنْ لاحَ في الذُّوأَبَة شَيْبٌ ... يَا لَبَكْرٍ وأَنْكَرَتْني الغَوَانِي ومما يُستدرك عليه : اللَّوْحُ اللَّوْحُ المَحْفُوظ وهو في الآيَة مُستودَعُ مَشِيئاتِ اللّه تَعالى وإِنَّمَا هو على المَثَلِ : وفي قوله تعالى : " وكَتَبْنَا لَهُ في الأَلْوَاح " قال الزّجّاج : قيل : كانَا لَوْحَيْن ويجوز في اللُّغَة أَن يقال للَّوْحينِ أَلواحٌ . ولَوْحُ الكَتِفِ : مَا مَلُسَ منها عنْد مُنقَطَع عَيْرِهَا من أَعلاها . قال ابن الأَثير : وفي أَسماءِ دَوابِّه صلَّى اللّه عليه وسلّم أَنّ اسمَ فَرسِه مُلاَوِحٌ وهو الضَّمار الّذي لا يَسْمَن والسَّرِيعُ العطَشِ والعظيمُ الأَلوَاحِ . ومن المجاز : لاحَ لي أَمرُك وتَلوَّحَ : بانَ ووَضحَ كذا في الأَساس . وقال أَبو عُبَيْدٍ : لاحَ الرَّجلُ وأَلاحَ فهو لائحٌ ومُلِيحٌ إِذَا بَرَزَ وظَهَر . ولَوائحُ الشْيءِ : ما يَبدو منه وتَظهرُ عَلامَتُه عليه . وأَنشد يعقوب في المقلوب قَول خُفاف ابن نَدْبَةَ
فإِمّا تَرَيْ رَأْسي تَغَيَّرَ لَونُه ... ولاَحَتْ لَواحِي الشَّيبِ في كلِّ مَفْرِقِقال : أَراد لَوائح . وفي الأَساس : نَظَرْت إِلى لَوَائِحه وأَلْواحِه إِلى ظَواهِره . ومن المجاز أَلاحَ بثَوْبه ولَوَحَ به الأَخيرة عن اللِّحْيَانِيّ : أَخَذَ طَرَفَه بيَدِه من مكانٍ بعيدٍ ثم أَدارَه ولَمَع به ليُرِيَه مَن يُحِبُّ أَن يَراه : وكلُّ من لَمَعَ بشْيءٍ وأَظهرَه فقد لاحَ به ولَوَّح وأَلاحَ وهما أَقلّ . ولَوَّحَه بالسَّيْف والسَّوطِ والعَصَا : عَلاَه بها فضَرَبه . وفي الأساس من المجاز : لَوَّحْتُه بعَصاً أَو نِعْل : عَلَوْتُه ولَوَّحَ للِكَلْب بِرَغيفٍ فَتبِعه . وأَلاح بحَقّي : ذَهَبَ به . وقُلتُ له قَولاً فما أَلاَحَ منه أَي ما استحَى . وأَلاحَ على الشْيءِ : اعْتَمَدَ . وفي الأَساسِ : ومن المجاز : لم يَبْقَ منه إِلاّ الأَلْواحُ وهي العِظَامُ العِرَاضُ للمَهزول
فصل الميمِ مع الحاءِ المهملة
الفَلحُ محرّكَةً والفَلاحُ : الفَوْزُ بما يُغْتبَط به وفيه صَلاحُ الحال . والنَّجاةُ والبَقاءُ في النّعيم والخَيرِ . وفي حديث أَبى الدّحداح بشَّرك اللّهُ بخَير وفَلَحٍ أَي بَقَاءِ وفَوْزٍ وهو مقصورٌ من الفَلاح وقولهم : لا أَفْعَلُ ذلك فَلاحَ الدّهْرِ أَي بقاءَه . وقال الشاعر :
" ولكنْ ليَس في الدُّنْيَا فَلاَحُ أَي بقاءٌ وفي التهذيب عن ابن السِّكّيت : الفَلَحُ والفَلاحُ : البقاءُ قال الأَعشي :
ولئن كنّا كقَوْمٍ هَلَكوا ... ما لِحَيٍّ يا لَقَومٍ مِنْ فَلَحْ وقال عَديّ :
ثمَّ بعدَ الفَلاَحِ والرُّشْدِ والإِ ... مَّةِ وَارَتْهُم هُنَاكَ القُبورُ وقال الأَضبطُ بن قُرَيعٍ السَّعْديّ :
لكلِّ هَمٍّ من الهُمُومِ سَعَهْ ... والمُسْيُ والصُّبْحُ لا فَلاَحَ معَه
يقول : ليس مع كرِّ اللّيلِ والنّهَارِ بقاءٌ . وفي حديث الأَذان : حَيَّ على الفَلاَح يعني هَلُمَّ على بَقاءِ الخَير . وقيل : أَسْرِعْ إِلى الفَوزِ بالبقاءِ الدّائمِ . وقال ابنُ الأَثير : وهو مِن أَفلَحَ كَالنَّجاح من أَنجَحَ أَي هَلُمُّوا إِلى سَببِ البقاءِ في الجَنّة والفَوْزِ بها وهو الصّلاة في الجَمَاعَة . قلت : فليس في كلام العرب كلِّه أَجمعُ من لفظَةِ الفلاحِ لخيرَيِ الدُّنيا والآخرة كما قاله أَئمّةُ اللِّسَان . و في الحديث صَلَّينا معَ رَسُول اللّه صلَّى اللّه عليه وسلّم حتَّى خَشِينَا أَن يَفُوتَنا الفَلاحُ أَي السَّحورُ كالفَلَح ؛ لبقاءِ غَنَائِه . وعبارة الأَساس والصّحاح : لأَنّ به بقاءَ الصَّوم وأَصلُ الفَلاحِ البَقَاءُ . والفَلْح : الشَّقُّ والقَطْع . قال شيخنا : الفَلْحُ وما يُشاركه كَالفَلْق والفلْد والفَلْذِ ونحو ذلك يَدُلُّ على الشَّقّ والفَتْح كما في الكشّاف وصَرحَ به الرّاغبُ وغيره . وهو بناءً على ما عليه قُدماءُ أَهلِ اللُّغَة من أَنّ المشاركة في أَكثرِ الحروف اشتقاقٌ يدور عليه معنَى المادّةِ فيتّحد أَصلُ مَعناهَا ويتغايَرُ في بَعْض الوُجوه كما هو صَنيعُ صَاحبِ التهذيب والعَيْن وغيرهما . انتهَى المقصود منه . وفَلَحَ رَأْسَه فَلْحاً : شَقَّه . والفَلْح : المَكْر كالتفليح ويأْتى قريباً . و الفَلْح : النَّجْشُ في البَيْع وقد فَلَحَ به وذلك أَن يَطْئنّ إِليك فيقول لك بِعْ ليِ عَبْداً أَو مَتاعاً أَو اشْتره لي فتأْتي التجارَ فتَشتريه بالغَلاءِ وتَبيع بالوَكْس وتُصيب من التاجر . وهو الفَلاَّح . وفي التهذيب : والفَلْح النَّجْشُ وهو زيادة المكْتَرِى ليَزيدَ غيرُه فيَغُرَّ به كالفَلاَحة بالفتح . وفِعلُ الكلِّ فَلَحَ كمَنَع يفلَح فَلْحاً . والفَلَحُ محرّكةَ : شَقٌّ في الشِّفةِ . وقد فَلحها يَفلَحها فَلْحاً شَقَّهَا واسم ذلك الشَّقِّ الفَلَحةُ مثل القَطَعة . وقيل : الفَلَحُ : شَقٌّ في وَسطها دون العَلَم . وقيل هو تَشقُّقٌ في الشَّفةِ واسترخاءٌ وضِخَم كما يُصِيب شِفَاهَ الزِّنْج رَجُلٌ أَفْلحُ وامرأَةٌ فلْحاءُ . وفي التهذيب : الفَلَح : شَقٌّ في الشَّفة السُّفْلَى فإِذا كَان في العُلْيَا فهو عَلَمٌ . والفَلاَّح : المَلاّح وهو الذي يَخدُمُ السُّفنَ . وَفَلحَ الأَرْضَ للزِّراعة يَفْلَحها فَلْحاً إِذا شَقَّها للحَرْث . و الفَلاّح : الأَكَّار لأَنّه يَفلَحُ الأَرْضَ أَي يَشقُّها وحرْفتُه الفِلاَحة . وفي الأَساس : وأَحْسَبُك من فَلاَّحَة اليمن وهم الأَكَرَة لأَنّهم يَفلحون الأَرضَ أَي يَشقّونها . و الفَلاّح : المُكَارِى تشبيهاً بالأَكّار ومنه قولُ عَمْرِو بِن أَحمرَ الباهلّي :
لهَا رِطْلٌ تكيِلُ الزَّيتَ فيه ... وفَلاَّحٌ يَسوقُ لها حِمَارَا كذا في التهذيب . وقال اللّه تعالى " قدْ أَفلَحَ المؤمنون " أَي أُصِيرُوا إِلى الفَلاَح . قال الأَزهرِيّ : وإِنَّمَا قيل لأَهل الجَنّةِ مُفْلِحُونَ لفَوْزِهم ببَقاءِ الأَبدِ . وقال أَبو إِسحاق في قوله عزّ وجلّ " أُولئك هم المفلحون " يُقَال لكلّ مَن أَصابَ خَيْراً مُفلِحٌ . وقول عَبِيد :
أَفْلِحْ بما شِئْتَ فقد يُبلَغ با ... لنَّوْكِ وقد يُخَدَّعُ الأَريُب معناه فُزْ وَاظْفَرْ . وفي التَّهْذِيبُ : يقول عِشْ بما شِئْتَ من عَقْلٍ وحُمْق فَقد يُرْزَق الأَحمقُ ويُحرَمُ العاقلُ . وقال اللّيْث في قوله تعالى : " وقد أَفْلَحَ اليَوْمَ مَنِ اسْتَعلَى أَي ظَفِرَ بِالْمُلْكِ مَن غَلَبَ . وأَفلَحَ بالشَّيْءِ : عاشَ به . قال شيخنا : المعروف أَنّه رباعيّ لازم وقرأَ طَلْحة بن مُصَرّف ؛ وعَمْرو بن عُبيد " قد أُفلِحَ المؤمنون " بالبناءِ للمفعول حكاه الشيخ أَبو حَيّان في البحر ونقله في العناية وبَسَطه . والتَّفليح : الاستهزاءُ والمَكْرُ وقد فَلّحَ بهم تَفليحاً : مَكَرَ وقال غيرَ الحَقِّ . وقال أَعرابيّ : قد فلَّحوا به أَي مَكُروا . وقال ابن سِيده : الفَلَحةُ محرّكةً : القَرَاحُ من الأَرضِ الذي اشتُقَّ للزَّرْع عن أَبي حنيفة وأَنشد لحسّان :
دَعُوا فَلَحَات الشّام قد حَالَ دُونَهَا ... طِعَانٌ كَأَفَواهِ المَخَاضِ الأَوراكِيَعْنِي المَزارِعَ . ومن رواه : فَلَجات الشأْم بالجيم فمعناه ما اشتُقّ من الأَرض للدِّبار كلّ ذلك قَولُ أَبي حنيفة كذا في اللسان . والفَلِيحة : سَنفَةُ المَرْخِ إِذا انشقَّت ويروَى بالجيم وقد تقدّم . ومن أَلفاظ الجاهلّية في الطّلاق قَال شيخنا : أَي الدّالّة عليه بالكنايَة . لأَنّه لاَ يَلزم معَه إِلاّ بمقارنَة النِّيَّة كما عرف في الفروع - : استَفْلِحِي بأَمْرِكِ أَي فُوزي به . وفي حديث ابن مسعود أَنّه قال : إِذا قال الرجلُ لامرأتهِ استفلِحِي بأَمرِك فَقَبِلَتْه فواحدةٌ بائنة . قال أَبو عُبَيْدة : معناه اظفَرِي بأَمرِك واسْتَبِدِّي بأَمرك . قال شيخنا : وهو مَرْوِيٌ بالجيم أَيضاً . وقد تقدّمت الإِشارة في مَحلّه وبالوَجْهَيْن ضَبَطَه البَيْضَاويّ تَبَعاَ للزَّمَخْشَرِيّ عند قوله تعالى " أُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون " . والفَلاَحَة بالفتح وضبطَه صاحب اللسان بالكسر : الحِرَاثة وهي حِرْفَة الأَكَّار . ويقال : فُلانٌ في رِجْلِه فُلُوحٌ بالضّمّ أَي شُقُوقٌ من البَرد . ويُروَى بالجيم أَيضاً . والفَلْحُ : الشَّقّ والقَطْع . قال الشاعر :
قد عَلِمَتْ خَيْلُكَ أَنَّى الصَّحْصَحُ ... إِنَّ الحَدِيدَ بالحَدِيدَ يُفْلَحُ أَي يُشَقُّ ويُقْطَع . وأَورَد الأَزهريُّ هذا البيتَ شاهداً مع فَلَحْت الحَديدَ إِذا قَطَعْته . ومُفْلِح : كمحْسِن وكَسَحَاب وزُبَيرٍ وأَحْمَدَ أَسماءٌ . ومما يُستدرك عليه : قَومٌ أَفلاحٌ : فائزُون قال ابن سيده : لا أَعرفُ له واحداً . وأَنشد :
بَادوا فلم تَكُ أُولاهُمْ كآخِرِهِمْ ... وهَلْ يُثَمَّرُ أَفلاحٌ بأَفْلاحِ أَي قَلَّمَا يُعْقِبُ السَّلفُ الصالحُ إِلا الخَلَفَ الصّالِحَ . وفي الحديث " كلُّ قَومٍ على مَفْلَحةٍ من أَنفُسِهِم " وهي مَفعَلَة من الفَلَاح وهو مثْل قوله تعالى : " كلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " . والفَلَحَة محرّكةً : مَوضِعُ الفَلَح وهو الشَّقُّ في الشَّفَة السُّفلَى . وفي حديث كعْبٍ : " المرأَةُ إِذا غابَ عنها زَوْجُهَا تَفَلَّحَتْ وتنكَّبَتِ الزِّينة " أَي تَشقَّقتْ وتَقَشَّفَت . قال ابن الأَثير : قال الخَطّابيّ : أُراه تَقَلَّحَت بالقاف من القَلَح وهو الصُّفرة التّي تَعلو الأَسنان . وكان عنترةُ العَبْسيّ يُلَقَب الفَلحاءَ لفَلَحَة كانت به وإِنما ذَهبوا إلى تأْنِيث الشَّفة قال شُرَيحُ بنُ بُجَيرِ بنِ أَسْعَدَ التَّغلبيّ :
ولوْ أَنّ قَوْمِي قَوْمُ سَوْءِ أَذلةٌ ... لأَخْرَجَني عَوْفُ بنُ عَوْفٍ وعِصْيَدُ
وعَنْتَرَةُ الفلْحَاءُ جاءَ مُلأَمّاً ... كأَنّهُ فِنْدٌ مِنْ عَمَايةَ أَسودُ أَنَّثَ الصِّفَة لتأْنِيثِ الاسم . قال الشَّيخ ابن بَرّيّ : كان شُرَيْح قال هذه القَصِيدةَ بسَبب حرْبٍ كانت بينه وبين بني مُرّةَ بنِ فَزارة وَعَبْس . والفِنْدُ القِطْعة العظيمةُ الشَّخْصِ من الجَبل . وعَمَايةُ : جَبلٌ عظيمٌ . والمُلأَمُ : الذي قد لبِسَ لأْمَته وهي الدِّرْعُ . قال : وذكَرَ النحويّون أَن تأْنيث الفَلحاءِ إِتباعٌ لتأْنيث لفْظ عنترَةَ . قال ابن منظور : ورأَيْتُ في بعض حواشي نُسخ الأُصول الّتي نَقلْت منها ما صُورته : في الجمهرة لابن دريدٍ . عِصْيدٌ لقبُ حِصْنِ بن حُذَيفةَ أَو عُيينةَ بنِ حِصْن ورجلٌ مُتفلِّحُ الشَّفَةِ واليَدينِ والقَدَمَينِ : أَصابَه فيها تَشقُّقٌ من البَردِ . والفَيْلحَانيُّ : تِينٌ أَسودُ يَلِي الطُّبَّارَ في الكِبَر وهو يَتقلَّع إِذا بَلغَ شديدُ السّوادِ حكاه أَبو حنيفة . قال : وهو جَيِّدُ الزبيبِ يعنى بالزَّبيب يابسَه