" الكَرِيصُ كأَمِير " مَكْتُوبٌ بالأَحْمَرِ مع أَنَّ الجَوْهَرِيّ ذَكَرَهُ فقال : هو " الأَقِطُ " أَيْ عامَّةً وهو قَوْل الفَرّاءِ مِثْلُ الكَرِيزِ وسيأْتِي الاعْتِذَار عن تَحْمِيره للمُصَنّف قَرِيباً . فقال : الكَريصُ هو الأَقِطُ الَّذِي " يَكْثُر مع الطَّرَاثِيثِ أَو مَع الحَمَصِيصِ " وهُمَا نَبَاتَانِ تَقَدَّم ذِكْرُهما " لا كُلُّ أَقِطٍ ووَهِمَ الجَوْهَرِيّ " في إِيرادِه على العُمُوم وقد تَقَدَّم أَنَّه قَوْلُ الفَرَّاءِ واقْتَصَرَ عَلَيْه الجَوْهَرِيّ لأَنَّه صَحَّ عنده فلا يُنْسَبُ إِليه الوَهَمُ في مِثْلِ ذلك . " وإِنَّما حَمَّرْتُه " أَي كَتَبْتُه بالحُمْرَة دُونَ السَّوَادِ " لأَنَّه لَمْ يَذْكُر سِوَى لَفْظَةٍ مُخْتَلَّةٍ " وأَنتَ خَبِيرٌ بأَنَّ مِثْلَ هذا لا يَكُون اعْتِذَاراً في التَّحْمِير كَيْفَ وقَدْ أَوْرَدَه بما صَحَّ عِنْدَه . وأَمَّ ذِكْرُه الأَقْوَالَ المُخْتَلِفَةَ فلَيْسَ من وَظِيفَتِهِ إِنْ لم تَثْبُتْ عِنْدَهُ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ . ثمّ قال : الكَرِيصُ : " الذَّخِيرَةُ " نَقَلَه الصَّاغَانِيّ . ثمّ ظَاهِرُهُ العُمُوم والصَّحِيحُ أَنَّهُ اسمٌ لِمَا يُدَّخَرُ ويُرْفَعُ من الأَقِط بَعْدَ أَن يُجْعَل فيه شَيْءٌ من بَقْلٍ لئلا يَفْسُدَ كما يَشْهَد له مَفْهُومُ المادَّةِ . قيل الكَرِيصُ : هو " أَنْ يُطْبَخَ الحُمَّاضُ باللَّبَنِ فيُجَفَّفَ " فيُرْفَعَ ويُدَّخَرَ " فيُؤْكلَ في القَيْظِ " . ويَقْرُبُ منه قَولُ مَنْ قال : الكَرِيصُ : بَقْلَةٌ يُحَمَّضُ بها الأَقِطُ ومنه قَولُ الشَّاعِر :
" جَنَيْتُها مِنْ مُجْتَنىً عَوِيصِ
" من مُجْتَنَى الإِجْرِدِ والكَرِيصِ قيل : الكَرِيصُ هو " أَنْ يُكْرَصَ أَي يُخْلَطَ " بَعْدَ أَنْ يُدَقَّ " الأَقِطُ والتَّمْرُ . و " قيل الكَرِيصُ : " المَوْضِعُ " الَّذِي " يُتَّخَذُ فِيهِ الأَقِطُ " كَأَنَّهُ بحَذْفِ مُضَافٍ أَي مَوْضِعُ الكَرِيصِ " وقد كَرَصَه يَكْرِصُهُ " كَرْصاً : " دَقَّهُ " فهو كَرِيصٌ أَي مَدْقُوق . " والمِكْرَصُ كمِنْبَرٍ : إِنَاءٌ أَوْ سِقَاءٌ يُحْلَبُ فيه اللَّبَنُ " نَقَلَه الصَّاغَانِيّ . " وكَرَّصَ تَكْرِيصاً : أَكَلَ الكَرِيصَ " أَي الأَقِطَ . عن ابنِ الأَعْرَابِيّ : " الاكْتِراصُ : الجَمْعُ " وأَنشد :
" لا تَنْكِحَنَّ أَبَداً هَنَّانَهْ
" تَكْتَرِصُ الزَّادَ بِلا أَمَانَهْ وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : الكَرِيصُ : الجَوْزُ بالسَّمْنِ يُكْرَصُ أَي يُدَقُّ وبه فُسِّرَ قَوْلُ الطِّرِمَّاح يَصِفُ وَعلاً :
وشَاخَسَ فَاهُ الدَّهْرُ حَتَّى كَأَنَّهُ ... مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيصِ الضَّوَائنِ شاخَسَ : خالف بَيْنَ نِبْتَةِ أَسْنانِه والثِّيرانُ : جَمْع ثَوْرٍ وهي القِطْعَة من الأَقِطِ . والمُنْمِّسُ : القَدِيمُ . والضَّوَائنُ : البِيضُ وقِيل الكَرِيصُ هُنَا الأَقِطُ المَجْمُوعُ المَدْقُوقُ . وقِيلَ هو الأَقِطُ قبْلَ أَنْ يَسْتَحْكِمَ يُبْسُه . وقَالَ ابنُ بَرِّيّ : الكَرِيصُ : الَّذِي كُرِصَ أَي دُقَّ . والكَرْصُ : الخَلْطُ . وقد ذَكَرَهُ المُصَنِّف اسْتِطْرَاداً . وقيل : الكَرْصُ : العَصْرُ باليَد ومنه الكَرِيصُ من الطَّرَاثِيثِ يُدَقُّ فيُكْرَصُ باليَدِ أَي يُعْصَرُ
رَصَّهُ يَرُصُّهُ رَصاً : أَلْزَقَ بَعْضَه ببَعْضٍ وضَمَّ فهو مَرْصُوصٌ ورَصِيصٌ ومِنْهُ قَوْلُه تعالَى كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ كرَصَّصَهُ تَرْصِيصاً وكَذلِكَ رَصْرَصَهُ وكُلُّ ما أُحْكِمَ وجُمِعَ وضُمَّ بَعْضُه إِلَى بَعْضٍ فَقَدْ رُصَّ وبُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ومُرَصَّصٌ كمَرْصُوصٍ وقالَ أَبُو عُبَيْدَة : مَرْصُوصٌ لا يُغَادِرُ مِنْهُ شَيءٌ شَيْئاً وقالَ الفَرّاءُ : مَرْصُوصٌ : يُرِيدُ بالرَّصاصِ . ورَصَّت الدَّجَاجَةُ بَيْضَتَهَا وكَذَا النَّعامَةُ : سَوَّتْها بمنْقَارِهَا ورِجْلَيْهَا ؛ لِتَقْعُد عَلَيْهَا . والرَّصَاصُ كسَحَابٍ : م ولا يُكْسَرُ ونَسَبَه الجَوْهَرِيُّ لِلعامَّةِ والرَّصَصُ مقصورٌ مِنْهُ قال ابنُ دُرَيْدٍ : وهو عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ من رَصَّ بِنَاءَهُ لَتَدَاخُلِ أَجْزَائِهِ وشَاهِدُ الرَّصَاصِ بالفَتْحِ قَوْلُ الرّاجِزِ :
" أَنَا ابنُ عَمْروٍ ذِي السَّنا الوَبّاصِ
" وابن أَبِيهِ مُسْعِطِ الرَّصَاصِ قال : وأَوَّلُ من أَسْعَطَ بالرَّصَاصِ من مُلُوكِ العَرَبِ ثَعْلَبَةُ بنُ امْرِئِ القَيْسِ بن مازِن بن الأَزْدِ . ثم إِنّ الكَسْرَ الَّذِي نَفَاهُ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ونَسَبه الجَوْهَرِيُّ لِلعَامّةِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بهِ أَبُو حاتِمٍ ونَقَلَه أَبُو حَيّانَ في تَذْكِرَتِهِ مُقْتَصِراً عَلَيْه ونَقَلَه الزَّرْكَشِيُّ أَثْنَاءَ سُورةِ الصَّفِّ مِنَ التَّنْقِيحِ وكَذَا نَقَلَه أَيْضاً بَعْضُ شُرّاحِ الفَصِيحِ قالَ شَيْخُنَا : وكُنَّا نَسْمَعُ من أَفْوَاهِ الشَّيْخِ : أَنّ الرّصاصَ مُثَلَّثٌ ولم نَرَهُ مَنْصُوصاً . وهُوَ ضَرْبَانِ : أَسْوَدُ وهو الأُسْرُبُّ والإِبَارُ وأَبْيَضُ وهو القَلْعِيُّ والقَصْدِيرُ وله خَوَاصُّ مِنْهَا : إِنْ طُرِحَ يَسِيرٌ مِنْهُ في قِدْرٍ لَمْ يَنْضَجْ لَحْمُهَا أَبَداً . والمَعْرُوفُ بالتَّجْرِبةِ فيهِ هو الضَّرْبُ الأَولُ وكَذَا إِنْ طُوِّقَتْ شَجَرَةٌ بِطَوْقٍ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ ثَمَرُهَا وكَثُرَ ذِكْره أَهْلُ النّبَاتِ وقَدْ جُرِّبَ ذلِكَ في شَجَرِ الرُّمّانِ وقالَ أَبُو حُسَيْنٍ المَدَائِنِيُّ : كانَ يُقَالُ : الشُّرْبُ في آنِيَةِ الرَّصاصِ أَمَانٌ من القُوْلَنْجِ . وشَيْءٌ مُرَصَّصٌ : مَطْلِيٌّ بهِ وكذلِكَ مَرْصُوصٌ كما تَقَدَّمَ عن الفَرّاءِ . والمَرْصُوصَةُ : البِئْرُ الَّتِي طُوِيَتْ بِهِ عن ابْنِ عَبّاد . والرَّصِيصُ : البَيْضُ بَعْضُه فَوْقَ بَعْضٍ . قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ يَصِفُ ناقَتَهُ :
عَلَى نِفْتِق هَيْقٍ لَهُ ولِعِرْسِهِ ... بمُنْعَرَجِ الوَعْسَاءِ بَيْضٌ رَصِيصُ وقَالَ أَبُو عَمْروٍ : الرَّصِيصُ : نِقَابُ المَرْأَةِ إِذَا أَدْنَتْهُ من عَيْنَيْها وقال أَبو زَيْدٍ : النِّقَابُ : على مارِنِ الأَنْفِ والتَّرْصِيصُ : هو أَنْ تَنْتَقِبَ المَرْأَةُ فلا يُرَى إِلاَّ عَيْنَاهَا وتَمِيمٌ تقُول : هو التَّوْصِيصُ بالواو وقد رَصَّصَتْ عَنِ الفَرّاءِ ووَصَّصَتْ . والأَرَصُّ : المُتَقَارِبُ الأَسْنَانِ وهِيَ رَصّاءُ . وفَخِذٌ رَصّاءُ : ضِدُّ بَدَّاءَ وهِيَ الَّتِي الْتَصَقَتْ بأُخْتِهَا كما فِي العُبَابِ . والأُرْصُوصَةُ بالضَّمِّ : قَلَنْسُوَةٌ كالبِطِّيخَةِ كما فِي العُبَابِ . والرَّصّاصَةُ مُشَدَّدَةً : البَخِيلُ وهُوَ مَجَازٌ شُبِّه بالحَجَرِ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ . وقال اللَّيْثُ : الرَّصَّاصَةُ : حِجَارَةٌ لاَزِقَةٌ بحَوَالَيِ العَيْنِ الجَارِيَةِ كالرَّصْرَاصَةِ قال النّابِغَةُ الجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرَساً :
حِجَارَةُ قَلْتٍ برَصْراصَةٍ ... كُسِينَ غِشَاءً من الطُّحْلُبِوقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : هِيَ أَي الرَّصْرَصَةُ : الأَرْضُ الصُّلْبَةُ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : رَصْرَصَ البِنَاءَ : إِذا أَحْكَمَه وشَدَّدَهُ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : رَصْرَصَ في المَكَانِ : ثَبَتَ . وتَرَاصُّوا في الصَّفِّ أَيْ صَفِّ القِتَالِ والصَّلاةِ إِذا تَلاصَقُوا وانْضَمُّوا وقال الكِسَائِيُّ : التَّرَاصُّ : أَنْ يَلْصَقَ بَعْضُهُم ببَعْضٍ حَتَّى لا يَكُونَ بَيْنَهُم خَلَلٌ ولا فُرَجٌ وأَصْلُه تَرَاصَصُوا من رَصَّ البِنَاءَ يَرُصُّه رَصّاً فأَدْغِمَ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : الرَّصُوصُ من النِّسَاءِ : الرَّتْقَاءُ . والرَّصَصُ في الأَسْنَانِ كاللَّصَصِ . وقال الفَرّاءُ : رَصَّصَ إِذا أَلَحَّ في السُّؤَالِ وهُوَ مَجَازٌ . وارْتَصَّتِ الجَنَادِلُ كتَرَصَّصَتْ . ورُصَّتْ عَلَى القَبْرِ الرَّصَائِصُ أَيْ رُكِمَتْ عَلَيْه الحِجَارَةُ . وفي أَسْنانِهِ رَصِيصٌ . والرَّصَّاصُ : مَنْ يَعْمَلُه . ومُنْيَةُ الرَّصَاصِ : قَرْيَةٌ بمِصْرَ مِنْهَا شَيْخُنا الخَطِيبُ المُفَوَّهُ صالِحُ بنُ محمودٍ الرَّصَاصِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى