الكُفْرُ بالضَّمِّ : ضِدُّ الإيمان ويُفتَحُ وأَصلُ الكُفْرِ من الكَفْرِ بالفتح مَصدَر كَفَرَ بمعنى السَّتْر كالكُفور والكُفران بضّمِّهِما ويقال : كَفَرَ نِعْمَةَ اللهِ يَكْفُرُها من باب نَصَرَ وقول الجوهريّ تبعاً لخاله أبي نصرٍ الفارابيّ إنَّه من باب ضَرَبَ لا شُبْهَةَ في أَنَّه غَلَط والعجبُ من المُصَنِّف كيف لم يُنَبِّه عليه وهو آكَدُ من كثير من الألفاظ التي يوردُها لغير فائدة ولا عائدة قاله شيخُنا . قلت : لا غَلَط والصوابُ ما ذهب إليه الجَوْهَرِيّ والأئمة وتبعهم المصنِّف وهو الحقُّ ونصّ عبارته : وكَفَرْتُ الشيءَ أَكْفِرُه بالكَسْر أي سَتَرْتُه فالكفر الذي هو بمعنى السَّتْر بالاتِّفاق من باب ضَرَبَ وهو غير الكُفْر الذي هو ضدّ الإيمان فإنَّه من باب نَصَر والجَوْهَرِيّ إنَّما قال في الكَفْر الذي بمعنى السَّتْر فظَنَّ شيخُنا أَنَّهما واحدٌ حيثُ إنَّ أحدهما مأخوذٌ من الآخر
وكَمْ من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفتُه من الفهم السَّقيمِ فتأمَّل . كذلك كَفَرَ بها يَكْفُرُ كُفوراً وكُفراناً : جَحَدَها وسَتَرَها . قال بعض أهل العلم : الكُفْر على أَربعةِ أَنحاءٍ : كُفْرُ إنكارٍ بأَن لا يعرفَ اللهَ أَصلاً ولا يعترف به وكُفرُ جُحود وكُفر مُعانَدَة وكُفرُ نفاق من لقيَ ربَّهُ بشيءٍ من ذلك لم يَغْفِرْ له ويغفِرُ ما دونَ ذلكَ لِمَنْ يشاءُ . فأَما كُفرُ الإنكار فهو أَنْ يكفُرَ بقلبه ولِسانِه ولا يعرف ما يُذْكَر له من التَّوحيد وأما كُفرُ الجُحود فأَن يعترفَ بقلبه ولا يُقِرّ بلسانه فهذا كافرٌ جاحدٌ ككُفْرِ إبليسَ وكُفْرِ أُمَيَّةَ بن أبي الصَّلت . وأما كُفرُ المُعانَدَة فهو أن يعرفَ اللهَ بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يدين به حَسداً وبَغياً ككُفر أبي جَهلٍ وأَضرابه . وفي التهذيب : يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأبى أَنْ يَقْبَلَ كأَبي طالب حيث يقول :
ولَقَدْ عَلِمْتُ بأَنَّ دِينَ مُحمَّدِ ... من خيرِ أَديان البَرِيَّة دِينا
لولا المَلامَةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ ... لَوَجَدْتَني سَمْحاً بذاكَ مُبينا
وأما كُفْرُ النِّفاق فإن يُقرّ بلسانه ويكفر بقلبِه ولا يعتقد بقلبه قال الأَزهريّ : وأَصلُ الكُفرِ تَغطية الشَّيءِ تغطيةً تستهلكُه . قال شيخُنا : ثمّ شاعَ الكُفْرُ في سَتْرِ النِّعْمَة خاصَّة وفي مقابلة الإيمان لأنَّ الكُفرَ فيه سَتْرُ الحقِّ وسَتْرُ نِعَمِ فَيَّاضِ النِّعَم . قلت : وفي المُحْكَم : الكُفرُ : كُفْرُ النِّعمَة وهو نقيض الشُّكْر والكُفْر : جُحود النِّعْمَة وهو ضدّ الشُّكر وقوله تعالى " إنَّا بِكُلٍّ كافِرون " أي جاحدون . وفي البصائر للمصنِّف : وأَعظَمُ الكُفْرِ جُحودُ الوَحدانِيَّة أو النبوَّة أَو الشَّريعة . والكافرُ مُتَعارَفٌ مطلَقاً فيمن يجحَدُ الجميعَ . والكفران في جُحود النعمة أَكثرُ استعمالاً والكُفرُ في الدِّينِ والكُفورُ فيهما ويقال فيهما : كَفَرَ قال تعالى في الكفرات : " لِيَبْلُوَني أَأَشكُرُ أَمْ أَكْفُر " وقَوْلُهُ تَعالى " وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وأَنتَ من الكافرين " أي تَحَرَّيْتَ كُفرانَ نِعمتي . ولما كان الكُفران جُحودَ النِّعْمَة صار يُستعمَلُ في الجُحود . " ولا تَكونُوا أَوَّلَ كافِرٍ به " أي جاحِد وساتِر . وقد يقال : كَفَرَ لمن أَخَلَّ بالشَّريعة وتركَ ما لزِمَه من شُكْر اللهِ تعالى عليه قال تعالى : " مَنْ كَفَرَ فعَليْه كُفرُه " ويدلُّ على ذلكَ مُقابلتُه بقوله : " ومَنْ عمِلَ صالحاً فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدون " . وكافَرَه حَقَّه إذا جَحَدَه . والمُكَفَّرُ كمعَظَّم : المَجحودُ النِّعمَةِ مع إحسانِه
رجلٌ كافِرٌ : جاحدٌ لأَنْعُمِ اللهِ تعالى . قال الأَزْهَرِيّ : ونِعَمُهُ آياتُه الدَّالَّةُ على توحيده . والنِّعَمُ التي ستَرَها الكافرُ هي الآياتُ التي أَبانتْ لِذوي التمييز أَنَّ خالِقَها واحدٌ لا شريكٌ له وكذلك إرسالُهُ الرُّسُلَ بالآيات المُعجزَة والكتبِ المُنَزَّلة والبَراهينِ الواضحةِ نِعمَةٌ منه ظاهرة فمَن لم يصدِّق به وردَّها فقد كَفَرَ نِعمةَ الله أي سَتَرَها وحجبها عن نفسه وقيل سُمِّيَ الكافرُ كافراً لأَنَّه مُغَطَّىً على قلبه . قال ابن دريد : كأنَّه فاعلٌ في معنى مَفعول . جمع كفّارٌ بالضَّمِّ وكَفَرَةٌ محرَّكة وكِفارٌ كَكِتابٌ مثل جائع وجِياع ونائم ونيامٍ . قال القطاميّ :
وَشُقَّ البَحرُ عن أَصحابِ موسى ... وغُرِّقَت الفَرَاعنة الكِفارُوفي البصائر : والكُفَّار في جمع الكافر المضادّ للمؤمن أَكثرُ استعمالاً كقوله " أَشِدَّاءُ على الكُفَّار " . والكَفَرَة في جمع كافر النِّعمة أَكثرُ استعمالاً كقوله : " أُولئِكَ هُمُ الكَفَرَة الفَجَرَة " والفجرة قد يقال للفُسَّاقِ من المسلمين . وهي كافِرَةٌ من نِسوَة كَوافِر وفي حديث القنوت : " واجْعَلْ قلوبَهُم كقُلوبِ نساءٍ كَوافِرَ " يعني في التّعادي والاختلاف والنِّساءُ أَضعفُ قلوباً من الرِّجال لا سيَّما إذا كُنَّ كَوافِرَ . ورجُلٌ كَفَّارٌ كَشَدَّادٍ وكَفورٌ كصَبور : كافِرٌ . وقيل : الكَفور : المُبالِغُ في كُفران النِّعمة قال تعالى : " إنَّ الإنسانَ لَكَفور " والكَفَّارُ أَبلغُ من الكَفور كقوله تعالى " كُلَّ كَفَّارٍ عَنيدٍ " . وقد أُجرِيَ الكَفَّار مُجرى الكَفور في قوله : " إنَّ الإنسانَ لَظَلومٌ كَفَّارٌ " كذا في البصائر . جمع كُفُرٌ بضَمَّتين والأنثى كَفورٌ أَيضاً وجمعه أيضاً كُفُرٌ ولا يجمَع جَمعَ السَّلامة لأنَّ الهاءَ لا تدخلُ في مُؤَنَّثه إلاّ أَنَّهم قد قالوا عَدُوَّةَ اللهِ وهو مَذكورٌ في مَوضعه . وقوله تعالى : " فَأَبى الظَّالِمونَ إلاّ كُفُوراً " قال الأَخفشُ : هو جَمْعُ الكُفْرِ مثل : بُرْد وبُرود . وكَفَرَ عليه يَكْفرُ من حَدَّ ضَرَبَ : غَطَّاهُ وبه فُسِّرَ الحديث : " إنَّ الأَوسَ والخَزرَجَ ذَكَروا ما كان منهم في الجاهليَّة فثار بعضهم إلى بعضٍ بالسّيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى " وَكَيْفَ تَكْفُرونَ وأَنتمْ تُتلَى علَيكُم آياتُ اللهِ وفِيكُم رَسولُه " ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلفةِ والمَوَدَّة . وقال الليثُ : يُقال : إنَّه سُمِّيَ الكافِرُ كافِراً لأَنَّ الكُفْرَ غَطَّى قلبَهُ كُلَّه . قال الأَزْهَرِيّ : ومعنى قول الليث هذا يحتاج إلى بيان يَدلُّ عليه وإيضاحُه : أَنَّ الكُفْرَ في اللغة التغطيةَ والكافر ذو كُفْر أي ذو تغطية لقلبه بكفره كما يقال للابِسِ السِّلاحِ كافِرٌ وهو الذي غطَّاهُ السلاح ومثله رجلٌ كاسٍ أي ذو كُسوَةٍ وماءٌ دافقٌ أي ذو دَفْقٍ . قال : وفيه قَولٌ آخرُ أَحسنُ ممّا ذهب إليه وذلكَ أَنَّ الكافِرَ لمَّا دعاهُ اللهُ إلى توحيدِه فقد دعاهُ إلى نعمةٍ وأَحبَّها له إذا أَجابَه إلى ما دعاهُ إليه فلمّا أَبى ما دعاه إليه من توحيدِه كانَ كافراً نعمةَ اللهِ أي مُغطِّياً لها بإبائِه حاجباً لها عنه
كَفَرَ الشَّيءَ يَكْفِرُهُ كَفراً : سَتَرَهُ ككَفَّرَهُ تكفيراً . والكَافِرُ : الليل . وفي الصحاح : اللَّيلُ المُظلِمُ لأَنَّه يستُر بظلمته كلَّ شيءٍ . وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه غَطَّاه وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحِبِي : غَطَّاهُ بسوادِهِ ولقد استُظْرِفَ البَهاءُ زُهَير حيث قال :
لِي فيكَ أَجرُ مُجاهِدٍ ... إنْ صَحَّ أَنَّ اللَّيْلَ كافِرْ الكافِر : البَحْر لِسَترِه ما فيه وقد فُسِّر بهما قولُ ثَعلَبَة بن صُعَيرٍ المازنيّ يصفَ الظَّليمَ والنَّعامةَ ورَواحَهُما إلى بَيضهما عند غروب الشمس :
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثيداً بَعدَما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمينَها في كافِر وذُكاءُ : اسمٌ للشمس وأَلْقَتْ يمينَها في كافر أي بدأَتْ في المَغيب . قال الجَوْهَرِيّ : ويحتمل أن يكون أراد الليل . قلتُ وقال بعضهم : عَنَى به البحْرَ وهكذا أَنشدَه الجَوهريّ . وقال الصَّاغانِيّ : والرِّوايةُ فَتَذَكَّرَت على التأنيث والضَّمير للنَّعامة وبعده :
طَرِفَتْ مَراوِدُها وغَرَّد سَقْبُها ... بِالآءِ والحَدَجِ الرِّواءِ الحادِرِ طَرِفَتْ أي تباعدت . قلتُ : وذكر ابنُ السِّكّيتَ أَنَّ لَبيداً سَرَق هذا المَعنى فقال :
حتَّى إذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ ... وأَجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها قال : ومن ذلك سُمِّيَ الكافِرُ كافراً لأنَّه سَتَرَ نِعَمَ الله
الكافِرُ : الوادي العظيمُ . قيل الكافر : النَّهر الكبير وبه فسَّر الجَوْهَرِيّ قول المُتَلَمِّس يذكر طَرْحَ صَحيفتِه :
فَأَلْقَيْتُها بالثِّنْيِ من جَنْبِ كافرٍ ... كَذلِكَ أَقنو كُلَّ قط مُضَلَّلِ الكافِر : السَّحاب المُظلِمُ لأَنَّه يستُرُ ما تحتَهالكافِر : الزَّارع لسَترِه البَذر بالتُّرابِ . والكُفَّارُ : الزَّرّاع وتقول العرب للزَّارع كافِرٌ لأنَّه يكْفُرُ البَذرَ المَبذور بتُرابِ الأَرضِ المُثارَة إذا أَمَرَّ عليها مالَقَهُ ومنه قولُه تعالى : " كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّار نباتُه " أي أَعجبَ الزُّرَّاعَ نَباتُه مع عِلمِهم به فهو غايةُ ما يُستحسن والغيث : المطر هنا وقد قيل : الكُفَّارُ في هذه الآية الكُفَّار بالله تعالى وهم أَشدُّ إعجاباً بزينةِ الدُّنيا وحَرْثِها من المؤمنين . الكافر من الأرض : ما بعُدَ عن الناس لا يكادُ يَنزِلُه أو يمرُّ به أحدٌ وأَنشد الليثُ في وصف العُقابِ والأَرنَبِ :
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَزٍّ عِكْرِشَةٍ ... في كافرٍ ما به أَمْتٌ ولا عِوجُ كالكَفْرِ بالفتح كما هو مقتَضَى إطلاقه وضبطه الصّاغانيُّ بالضّمّ هكذا رأيتُهُ مُجَوَّداً الكافِرُ : الأَرضُ المُستويةُ قاله الصَّاغانِيّ قال ابنُ شُميل : الكافِر : الغائطُ الوطِئُ وأَنشدَ البيتَ السابقَ وفيه :
" فأَبْصَرَتْ لَمْحَةً من رَأْسِ عِكْرِشَةٍ الكافِر : النَّبْتُ نقله الصَّاغانِيّ . كافِرٌ : ع ببِلاد هُذَيل . الكافِرُ : الظُّلمَةُ لأنَّها تستُرُ ما تحتها وقولُ لبيد :
فاجْرَمَّزَتْ ثمَّ سارت وهْي لاَهِيَةٌ ... في كافرٍ ما بِهِ أَمْتٌ ولا شَرَفُ يجوز أَن يكونَ ظلمة الليل وأَن يكونَ الوادِيَ كالكَفْرَة بالفتح هكذا في سائر النسخ والذي في اللسان : كالكَفْرِ . الكافِرُ : الدَّاخِلُ في السِّلاح من كَفَرَ فوقَ دِرْعِهِ إذا لبسَ فوقَها ثَوباً كالمُكَفِّرِ كمُحَدِّث وقد كَفَّرَ دِرْعَهُ بثَوبٍ تَكفيراً : لبسَ فوقَها ثوباً فغَشَّاها به ومنه الحديث : " أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم قال في حَجَّة الوداع : لا تَرجِعُوا وفي رواية أَلا لا تَرْجِعُنَّ بَعدي كُفَّاراً يَضرِبُ بعضُكُم رِقابَ بعض " قال أبو منصور : في قوله كُفَّاراً قَولانِ : أَحدُهما : لابِسين السِّلاحَ مُتَهَيِّئينَ للقتال كأنَّه أراد بذلك النَّهيَ عن الحرب أو معناه لا تُكَفِّروا الناسَ فتكفُروا كما يفعلُ الخوارجُ إذا استعرضوا الناسَ فكَفَّروهم . وهو كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : " مَنْ قالَ لأخيه يا كافِرُ فقد باءَ به أَحدُهما " . لأَنَّه إمّا أَنْ يَصْدُقَ عليه أو يكذِب فإن صدقَ فهو كافِرٌ وإنْ كذبَ عاد الكُفْرُ إليه بتكفيرِه أَخاهُ المسلم . والمُكَفَّرُ كمُعَظَّم : المُوثَقُ في الحديد كأَنَّهُ غُطِّيَ به وسُتِرَ . والكَفْرُ بالفتح : تعظيمُ الفارسيّ هكذا في اللسان والأساس وغيرهما من الأُمَّهات وشَذَّ الصَّاغانِيّ فقال في التكملةِ : الفارس مَلِكهُ بغير ياءٍ ولعلَّه تصحيفٌ من النُسَّاخِ وهو إيماءٌ بالرَّأْسِ قريبٌ من السُّجود
الكَفْرُ : ظُلْمَةُ اللَّيلِ وسوادُه وقد يُكْسَرُ قال حُمَيد :
فوَرَدت قَبْلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ ... وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في الكَفْرِ أي فيما يواريه من سواد الليل . قال الصَّاغانِيّ : هكذا أَنشَدَه الجَوْهَرِيّ وليس الرَّجَزُ لحُمَيد وإنَّما هو لبشيرِ بنِ النِّكْث والرِّواية :
" وَرَدْتُهُ قَبْلَ أُفولِ النَّسْرِوالكَفْرُ : القَبْرُ ومنه قيل : اللّهمَّ اغفِرْ لأَهلِ الكُفورِ . رُويَ عن معاوية أَنَّه قال : أَهلُ الكُفورِ أَهلُ القُبور . قال الأَزْهَرِيّ : الكُفور جمع كَفْرٍ بمعنى القرية سُريانِيَّة وأَكثرُ مَنْ يتكلَّم بهذه أهلُ الشام ومنه قيل : كَفْرُ تُوثَى وكَفرُ عاقِب وإنَّما هي قرىً نُسِبَتْ إلى رجال . وفي حديث أبي هريرة : أَنَّه قال : " لَتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ منها كَفراً كَفراً إلى سُنْبُكٍ من الأَرض . قيل وما ذلك السُّنْبُكُ ؟ قال : حِسْمَى جُذَامَ " أي من قرى الشام . قال أبو عبيد : كَفْراً كَفْراً أي قرية قرية . وقال الأزهريّ في قول معاوية يَعنِي بالكُفورِ القرى النَّائية عن الأمصار ومجتَمَع أَهلِ العلم فالجهلُ عليهِم أَغلَب وهم إلى البِدَعِ والأَهواءِ المُضِلَّةِ أَسرعُ . يقول إنَّهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأمصارَ والجُمَعَ والجَماعات وما أَشبهها وفي حديثٍ آخر : " لا تسْكُنِ الكُفورَ فإنَّ ساكِنَ الكُفورِ كساكِنِ القُبور " . قال الحَربيّ : الكُفورُ : ما بعد من الأَرضِ عن الناس فلا يمرُّ به أحدٌ وأَهلُ الكُفورِ عندَ أَهلِ المُدُنِ كالأَمواتِ عندَ الأَحياءِ فكَأَنَّهم في القبور . قلتُ : وكذلكَ الكُفورُ بمصر هي القُرى النَّائِيَةُ في أَصلِ العُرفِ القديم . وأما الآن فيطلقون الكَفْر على كلِّ قرية صغيرة بجنب قريةٍ كبيرة فيقولون : القَريةُ الفُلانيَّة وكَفرُها . وقد تكون القرية الواحدة لها كُفورٌ عِدَّة فمن المشاهير : الكُفور الشَّاسعة وهي كُورَةٌ مُستَقِلَّة مُشتملَةٌ على عِدَّة قُرىً وكَفْر دِمْنا وكَفْر سعدون وكفْر نطْروِيسَ وكَفْر باوِيط وكَفر حِجازي وغير ذلك ليس هذا محلّ ذكرها . وأَكْفَرَ الرَّجلُ : لَزِمَها أي القرية كاكْتَفَرَ وهذه عن ابن الأعرابيَ . الكفْرُ : الخَشَبَةُ الغليظَةُ القصيرةُ عن ابن الأعرابيّ . هو العصا القصيرةُ وهي التي تُقطَع من سَعَفِ النَّخْلِ . الكُفْرُ بالضَّمِّ : القِير . قال ابن شُميل : القيرُ ثلاثةُ أَضْرُبٍ : الكُفْرُ والقير والزِّفْتُ . فالكُفرُ يُذابُ ثمَّ يُطلى به السُّفن والزِّفتُ يطلى به الزِّقاق . الكَفِرُ : كَكَتِف : العظيم من الجبال والجمع كَفِراتٌ قال عبد الله بن نمير الثقفيُّ :
لَهُ أَرَجٌ منْ مُجْمِرِ الهندِ ساطِعٌ ... تطلَّعُ رَيّاهُ من الكَفِراتِ أو الكَفِرُ : الثَّنِيَّةُ منها أي من الجبال . والكَفَرُ بالتحريك : العُقابُ ضبط بالضَّمِّ في سائر النُّسخ وهو غَلَطٌ والصَّواب بكسر العَين جَمْعُ عقَبة قال أبو عمرو : الكَفَرُ : الثَّنايا : العِقابُ الواحدة كَفَرَةٌ قال أُمَيَّةُ :
وليسَ يبقى لوجهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ ... إلاّ السّماءُ وإلاّ الأَرَضُ والكَفَرُ الكفَرُ : وِعاءُ طَلْعِ النَّخْلِ وقِشْرُهُ الأَعلى كالكافورِ والكافِرِ وهذه نقلها أبو حنيفة . والكُفُرَّى وتُثَلَّثُ الكافُ والفاءُ معاً . وفي حديث " هو الطِّبِّيعُ في كُفُرَّاه " الطِّبِّيعُ : لبُّ الطَّلع وكُفُرَّاهُ بالضّمّ : وعاؤه . وقال أبو حنيفة : قال ابن الأعرابيّ : سمعتُ أُمَّ رباح تقول : هذه كُفُرَّى وهذا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاهُ وكُفُرَّاهُ وقد قالوا فيه كافِرٌ . وجمع الكافُورِ كَوَافيرُ وجمع الكافِرِ كَوافِرُ قال لبيد :
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيدانٌ يَنوءُ ... من الكَوافِرِ مَكمومٌ ومُهتَصَرُوالكافورُ : نبتٌ طَيِّبٌ نَوْرُهُ أَبيضُ كنَوْرِ الأُقْحُوان قاله الليث ولم يقل طيِّب وإنَّما أَخذه من قول ابن سِيدَه . الكافورُ أَيضاً : الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ أو وِعاؤُه وقيل : وِعاءُ كلِّ شيءٍ من النَّباتِ كافورُه وهذا بعينِه قد تقدَّم في قول المصنِّف فهو تكرار . وفي التَّهذيب : كافورُ الطَّلْعَة : وِعاؤُها الذي ينشَقُّ عنها سُمِّيَ به لأَنَّه قد كَفَرَها أي غطَّاها . والكافُور : طِيبٌ وفي الصحاح : من الطِّيب وفي المُحكَم : أَخلاطٌ من الطِّيب تُرَكَّب من كافورِ الطَّلْع . وقال ابن دريد : لا أَحسبُ الكافورَ عربيّاً لأَنَّهم ربَّما قالوا القَفور والقافُور وقيل الكافُور : يكون من شجرٍ بجبال بحر الهند والصين يُظِلُّ خَلْقاً كَثيراً لِعِظَمه وكَثرَةِ أَغصانِه المتفَرِّعة تَأْلفُهُ النُّمورَةُ جَمع نَمِر وخَشَبُهُ أَبيضُ هَشٌّ ويوجدُ في أَجوافِه الكافور وهو أَنواعٌ ولونُها أَحمرُ وإنَّما يبيَضُّ بالتَّصعيد وله خواصّ كثيرةٌ ليس هذا محلَّ ذكرها . الكافورُ زَمَعُ الكَرْمِ وهو الوَرَقُ المُغَطَّى لما في جوفِه من العنقود شبَّهَه بكافورِ الطَّلع لأَنَّه ينفرجُ عمّا فيه أيضاً ج كَوافيرُ وكَوافِرُ . قال العجّاج :
" كالكَرْمِ إذْ نادى من الكافُورِ وهو مَجاز والمشهور في جمع الكافُور كَوافيرُ وأَمّا كَوافِرُ فإنَّه جمع كافِر . قولُه تعالى : " إنَّ الأَبرارَ يشرَبونَ من كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُورا " قال الفرَّاء : عَيْنٌ في الجنَّة تُسمَّى الكافور طيّبة الريح قال ابن دُرَيْد : وكان يَنْبَغي أن لا يَنْصَرف لأنَّه اسمُ مؤنَّث مَعْرِفة على أكثر من ثلاثة أحرف لكن إنَّما صَرَفَه لتعديل رؤوس الآي . وقال ثَعْلَب : إنّما أجراه لأنّه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً لعَيْن لم يَصْرِفه . قال ابن سِيدَه : قولُه جَعَلَه تشبيهاً أراد كان مِزاجُها مثلَ كافور . وقال الزَّجَّاج : يجوز في اللغة أن يكونَ طَعْمُ الطِّيب فيها والكافور وجائزٌ أن يُمزَج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرورةٌ لأن أهلَ الجنَّة لا يمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا وَصَبٌ . والتَّكْفير في المَعاصي كالإحْباط في الثَّواب . وفي اليمين : فِعلُ ما يَجِبُ بالحِنْث فيها والاسم الكَفَّارة . وفي البَصائر : التَّكْفير : سَتْرُ الذَّنْب وتغطِيَتُه وقوله تعالى : " لَكَفَّرْنا عَنْهُم سَيِّآتِهم " أي سَتَرْناها حتى تَصير كأنْ لم تكنْ أو يكون المَعنى : نُذهِبُها ونُزيلُها من باب التَّمْريض لإزالةِ المَرَض والتَّقْذِيَة لإذْهاب القَذى . وإلى هذا يُشير قولُه تعالى : " إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّآت " . التَّكْفير : أن يَخْضَعَ الإنسانُ لغَيْره وينحَني ويُطَأْطِئ رَأْسَه قريباً من الرُّكوع كما يفعل من يريد تَعْظِيم صاحِبه ومنه حديث أبي مَعْشَر : " أنَّه كان يَكْرَه التَّكْفير في الصلاة " . وهو الانْحناء الكثيرُ في حالةِ القيام قبل الرُّكوع . وتَكفيرُ أهلِ الكتاب أن يُطَأْطِئ رَأْسَه لصاحبِه كالتَّسْليم عندنا . وقد كَفَّر له . وقيل : هو أن يَضَعَ يَدَه أو يَدَيْه على صَدْرِه قال جَريرٌ يخاطب الأخطل ويذكر ما فعلَتْ قَيْسٌ بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم :
وإذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قَيْس بَعْدَها ... فضعوا السِّلاحَ وكَفِّروا تَكْفِيرا يقول : ضعوا سلاحكم فلسْتم قادرين على حَرْبِ قَيْسٍ لعجزِكم عن قتالهم فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّر العبدُ لمَولاه وكما يَكفِّر العِلْجُ للدِّهْقان يضع يَدَه على صَدْرِه ويتَطامَن له واخْضَعوا وانْقادوا . وفي الحديث عن أبي سعيد الخدريّ رَفَعَه قال : " إذا أصبحَ ابنُ آدمَ فإنَّ الأعْضاءَ كلَّها تُكَفِّرُ للِّسان تقول اتَّقِ الله فينا فإن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنا وإنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا " أي تذِلُّ وتُقِرُّ بالطاعة له وتخضَعُ لأمْرِه . وفي حديث عَمْرُو بن أميَّة والنَّجاشيّ : " رأى الحَبَشَة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظَهْرَه ودخل " . التَّكْفير : تَتْوِيج الملِك بتاج إذا رُئِي كُفِّرَ له والتَّكْفير أيضاً : اسمٌ للتاج وبه فَسَّر ابن سيده قولَ الشاعر يصفُ الثَّوْر :
" مَلِكٌ يُلاثُ برَأْسِه تَكْفِيرُقال : سمَّاه بالمَصْدَر أو يكون اسماً غيرَ مَصْدَر كالتَّنْبيت للنَّبْت والتَّمْتين للمَتْن . قال ابن دُرَيْد : رجلٌ كُفارِيٌّ : الكُفاريُّ بالضمِّ وفي بعض النسخ كغُرابِيّ : العظيمُ الأُذُنَيْن مثل شُفاريّ والكَفَّارة مُشدَّدة : ما كُفِّر به من صَدَقَة وصَوْم ونَحْوِهما كأنّه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة . وفي التهذيب : سُمِّيت الكَفّارات كفَّارات لأنها تُكَفِّرُ الذُّنوب أي تَسْتُرها مثل كَفَّارةِ الأَيْمان وكفَّارة الظِّهار والقَتْل الخَطَإِ وقد بيَّنه اللهُ تعالى في كتابه وأمر بها عباده وقد تكرَّر ذِكرُ الكَفَّارة في الحديث اسماً وفِعلاً مُفرداً وجمعاً وهي عبارةٌ عن الفَعْلَة والخَصْلَة التي من شَأْنِها أن تُكَفِّر الخَطيئة أي تَمْحُوها وهي فَعَّالَة للمُبالَغة كقَتَّالة وضَرَّابة من الصفات الغالبة في باب الاسمية . وكَفَرِيَّةُ كَطَبَريَّة : ة بالشام ذكره الصَّاغانِيّ . ورجلٌ كِفِرِّينٌ كعِفِرِّين : داهٍ وقال الليث : أي عِفْريت خَبيثٌ كعِفرِّين وَزْنَاً ومعنىً . رجلٌ كَفَرْنى أي خامِلٌ أَحْمَق نَقَلَه صاحبٌ اللسان . والكَوافِر : الدِّنان نَقَلَه الصَّاغانِيّ . في نوادر الأَعْراب : الكافِرَتان والكافِلَتان : الأَلْيَتان أو هما الكاذَتان وهذه عن الصَّاغانِيّ . وأَكْفَره : دعاهُ كافراً يُقال : لا تُكْفِر أحداً من أَهْلِ قِبْلَتِك أي لا تَنْسُبهم إلى الكُفر أي لا تَدْعُهم كُفَّاراً ولا تَجْعَلهم كُفَّاراً بزَعْمِك وقولك . وكَفَّرَ عن يَمينه تَكْفِيراً : أَعْطَى الكَفَّارة وقد تقدّم الكلامُ عليه قريباً وهذا مع ما قَبْلَه كالتَّكْرار . ومما يُستدرَك عليه : الكُفْرُ : البَراءة كقوله تعالى حكايةً عن الشَّيْطان في خَطيئتِه إذا دخل النار : " إنِّي كفرْتُ بما أَشْرَكْتموني من قبل " أي تبَرَّأْت . والكافِر : المُقيم المُخْتَبِئ وبه فُسِّر حديث سعد : " تَمَتَّعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم ومُعاوية كافِرٌ بالعُرُش " والعُرُش : بيوت مَكَّة . وكَفَّرَه تَكْفِيراً : نَسَبَه إلى الكُفْر . وَكَفَر الجهلُ على عِلْم فلانٍ : غَطَّاه . والكافِرُ من الخَيْل : الأَدْهَم على التشبيه . وفي حديث عبد الملك : كَتَبَ إلى الحَجَّاج : من أقرَّ بالكُفْر فخَلِّ سبيلَه . أي بكُفْر من خالَف بَني مَرْوَان وَخَرَج عَلَيْهم . وقولُهم : أَكْفَرُ من حِمار تقدّم في حمر وهو مَثَلٌ . وكافِرٌ : نهرٌ بالجزيرة . وبه فُسِّر قولُ المُتَلَمِّس . وقال ابنُ برِّيّ : الكافِر : المَطَر وأنشد :
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أنْ ليس بَيْنَها ... وَبَيْنَ قُرى نَجْرَانَ والشّامِ كافِرُ أي مطرٌ والمُكَفَّر كمُعَظَّم : المِحْسانُ الذي لا تُشْكَر نِعْمَتُه . والكَفْرُ بالفتح : التُّراب عن الّلحيانيّ لأنّه يَسْتُر ما تَحْتَه . ورمادٌ مَكْفُورٌ : مُلْبَسٌ تُراباً أي سَفَتْ عليه الرياح التُّراب حتى وارَتْه وغَطَّتْه قال :
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ ... قد دَرَسَتْ غَيْرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
" مُكْتَئبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْوَكَفَرَ الرجُلُ مَتاعَه : أوعاهُ في وعاءٍ . والكافِرُ : الذي كَفَرَ دِرْعَه بثَوْب أي غطَّاه . والمُتَكَفِّر : الداخِلُ في سِلاحه . وتَكَفَّرَ البعيرُ بحِبالِه إذا وَقَعَتْ في قوائمه . وفي الحديث : " المؤمنُ مُكَفَّر " أي مُرَزَّأٌ في نَفْسِه ومالِه لتُكَفَّرَ خَطاياه . والكافور : اسم كِنانة النبي صلّى الله عليه وسلَّم تَشبيهاً بغِلاف الطَّلْع وأكمام الفَواكه لأنَّها تَسْتُرها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانة . وكَفْر لآب : بَلَدٌ بالشامِ قَريبٌ من الساحلِ عند قَيْسَارِيَّة بناه هِشام بن عبد الملك . وكَفْرُ لَحْم : ناحيةٌ شامِيَّة . وقولُ العرب : كَفْرٌ على كَفْرٍ أي بَعْضٌ على بَعْض . وأَكْفَر الرجلُ مُطِيعَه : أَحْوَجه أنْ يَعْصِيَه . وفي التهذيب : إذا أَلْجَأتَ مُطيعك إلى أن يَعْصِيَك فقد أَكْفَرْته . وفيه أيضاً : وكَلِمَةٌ يَلْهَجون بها لمن يُؤمَر بأمْرٍ فيَعمل على غَيْرِ ما أُمِر به فيقولون له : مَكْفُور بك يا فلان عَنَّيْتَ وآذَيْت . وقال الزمخشريّ : أي عملُكَ مَكْفُورٌ لا تُحمَد عليه لإفْسادِك له . ويقال : تَكَفَّرْ بثوبِك أي اشْتَمِل به . وطائرٌ مُكَفَّر كمُعَظَّم : مُغَطَّى بالرِّيش . وحفْصُ بن عمر الكَفْرُ بالفتح مشهورٌ ضَعيف والكُفْرُ لقبُه ويُقال بالباء وقد تقدّم . والصوابُ أنَّ باءَه بين الباء والفاء ومنهم من جعله نِسْبَته والصواب أنَّه لقب . والكَفير كأمير : مَوْضِعٌ في شِعْرِ أبي عُبادة . وكافور الإخْشيديّ اللابِيّ : أميرُ مِصْر مَعْرُوفٌ وهو الذي هجاه المتنبِّي . والشيخُ الزَّاهِد أبو الحسن عليّ الكُفورِيّ دّفين المَحلّة أحد مشايخنا في الطريقة الأحمديَّة منسوب إلى الكُفور بالضمّ وهي ثلاثُ قُرى قريبة من البَعْض أخذ عنه القُطْبُ محمد بن شُعَيْب الحجازيّ . وشيخُ مشايخنا العلاَّمة يونُس بن أحمد الكَفْراوِيّ الأزهرِيّ نزيل دمشق الشام إلى إحدى كُفور مصر أخذ عن الشَّبْراملْسيّ والبابِلِيّ والمزاحيّ والقَلْيوبيّ والشوبَرِيّ والأُجْهوريّ واللَّقانيّ وغيرهم وحدَّث عنه الإمامُ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد المَكِّي وشيخنا المُعَمِّر المُسنِد أحمد بن علي بن عمر الحَنَفِيّ الدِّمشقيّ وغيرهم
" الفُرَاتُ كَغُرَابٍ " يُكْتَبُ بالتَّاءِ والهَاءِ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ مَشْهُورَتَانِ كالتَّابُوتِ والتَّابُوهِ نقله شيخُنَا عن التَّوْشِيح ولا يُجْمَع إِلاّ نَادِراً " : الماءُ العَذْبُ جِدّاً " وعبارةُ الكَشّاف : الشّدِيدُ العُذُوبَةِ والبَيْضَاوِيِّ : القَامعُ للْعَطْشِ لِفَرْطِ عُذُوبَتِهِ وقال الزَّمَخْشَريُّ : لأَنَّهُ لا يَرْفُتُ العَطَشَ أَي يُسَكِّنُهُ ويَكْسِرُ سَوْرَتَه كأَنّه مَقْلُوبٌ نقله شيخُنا وقد تقدم ر - ف - ت في مَحَلّه فرَاجِعْهُ . وعبارة اللسان هُو أَشَدُّ الماءِ عُذُوبَةً وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ " هذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " . الفُرَاتُ : اسمُ " نَهْرٍ بالكُوفَةِ " مَعْرُوفٌ بين الشّام والجَزِيرَةِ وَرُبَّمَا قِيلَ بين الشَّامِ والعِرَاقِ . وفي المصْباح : الفُرَاتُ : نَهْرٌ عَظيمٌ مشهور يَخْرُجُ من آخِر حُدُودِ الرُّومِ وَيَمُرُّ بأَطْرَافِ الشّامِ ثُمَّ بالكُوفَةِ ثُمَّ بِالحِلَّةِ ثُمَّ يَلْتَقِى مع دَجْلَة في البَطائِحِ ويصيران نَهْراً واحِداً ثم يَصُبّ عِنْدَ عَبَّادَانَ في بَحْرِ فَارِسَ وقولُ أَبِي ذُؤّيْبٍ . فجَاءَ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ لَطَمِيَّةٍ يَدُومُ الفُراتُ فَوْقَها ويَمُوجُ ليس هنالك فُرَاتٌ ؛ لأَنَّ الدُّرَّ لا يكونُ في المَاءِ العَذْبِ إِنّمَا يَكُونُ فِي " البَحْر " وقولُه : " ما شِئتَ " في مَوْضِعِ الحَالِ أَي جَاءَ بها كامِلَةَ الحُسْنِ أَو بالِغَةَ الحُسْنِ وقد يَكُون في موضِعِ جُرٍّ على البَدَلِ من الهاءِ . الفُرَاتُ " من الأَعْلامِ " . وَبَكْرُ بنُ أَبِي الفُرَاتِ : مَوْلَى أَشْجَعَ يَرْوي عن أَبي هُرَيْرَةَ . وَبنُو الفُراتِ مَشْهُورُون بالفضلِ وبَيْتُهُمْ بيتُ الحَدِيثِ والوِزَارَة منهم : أَبو أَحْمَدَ العبَّاسُ بنُ الفضلِ ابنِ جَعْفَرِ بنِ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بن مُوسَى بن الحَسَنِ بنِ الفرَاتِ ذكره الرَّازيّ في مَشْيَخَتِه . قد " فَرُتَ " المَاءُ " كَكَرُمَ فُرُوتَةً " إِذا " عَذُبَ " فهو فُرَاتٌ . عن ابن الأَعْرَابِيّ " فَرِتَ الرَّجُلُ " كَفَرِحَ " إِذا " ضَعُفَ عَقْلُهُ بَعْدَ مُسْكَةٍ . حكى ابنُ جِنِّى : فَرَتَ الرَّجُلُ " كَنَصَرَ " يَفْرُتُ فَرْتاً : " فَجَرَ ومِنْهُ فَرْتَنَى " بفتح فسكون مَقْصُوراً : " وهي المَرْأَةُ الفَاجِرَةُ " ذَهَبَ فِيه إِلى أَنّ نُونَهُ زَائِدَةٌ وأَما سيبويهِ فجعَلَهُ رُبَاعِيّاً قال شَيْخُنَا : وظاهِرُه مُطْلَقاً والمَعْرُوف أَن فَرْتَنَي من الأَعْلامِ كما في قَصَائِدِ العَربِ . وفَرْتَنَي : إِحْدَى قَيْنَتَىِ ابْنِ خَطَلٍ المأْمورِ بقَتْلِه وهو مُتَعَلِّقٌ بأَسْتَارِ الكَعْبَةِ كما في قِصَّةِ الفَتْحِ وقد أَمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقَتْلِهِما أَيضاً يومَ الفَتْحِ كما في الصّحِيحِ لكن قال السُّهَيْليّ : إِن فَرْتَنَى أَسْلَمَتْ وإِنّ الأُخْرَى أُمِّنَتْ ثم أَسْلَمَتْ وإِنّ الأُخْرَى أُمِّنَتْ ثم أَسْلَمَتْ ونقله ابنُ سعد . " والفرْتُ بالكَسْرِ " لغة في " الفِتْر " عن ابنِ جِنِّى مقلوبٌ منه . يقال : " مِيَاهٌ فِرْتَانٌ " بالضّم والكسرُ الكسرُ حَكَاه الفَيُّومِيّ . مياءٌ فُرَاتٌ ومياهٌ " فُرَاتٌ " بالضَّمّ والكسر كما ضبط في نسختنا وقد تقدم أَنه لا يُجمع إِلاّ نادراً أَي " عَذْبَةٌ جدّاً
فَرتَكَه فَرتَكَةً أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ وفي النَّوادِر : أي قَطَعَه مِثْلَ الذَّرِّ وكذلك بَرتَكَه وكَرنَفَه . وفَرتَكَ عَمَلَه : أَفْسَدَه يكونُ ذلك في النَّسجِ وغيرِه . وفَرتَكَ فَرتَكَةً : مَشَى مِشْيَةً مُتَقارِبَةً نَقَله الصّاغانيُ . وفَرتَكُ أَو رَأْسُ الفَرتَكِ : قُرنَةُ جَبَلٍ عالِيَة بساحِلِ بَحْرِ الهِنْدِ مما يَلِي اليَمَنَ على يَمِينِ الجائي من الهِنْدِ إِلى اليَمَنِ نقله الصّاغانيُ
الفَرُّ بالفتْح والفِرَارُ بالكَسْرِ : الرَّوَغانُ والهَرَب من شَيْءٍ خافَه كالمَفَرِّ بالفَتْح والمَفِرِّ بكَسْر الفاءِ مع فَتْح المِيم والثاني يُسْتَعْمَل لَمْوضِعِه أَي الفِرارِ أَيضاً وقد فَرَّ يَفِرُّ فِرَاراً : هَربَ فهو فَرُورٌ كصَبُور وفَرُوَرٌة بزيادة الهاءِ وفُرَرَةٌ كهُمَزَة وهذه عن الصاغانيّ وفَرّارٌ كشدّادِ وفَرّ كصَحْب وَصْفٌ بالمَصْدَر فالواحِدُ والجَمعُ فيه سَواءٌ . وفي حَدِيثِ الهِجْرة : قال سُرَاقَةُ بنُ مالِكٍ حينَ نَظَرَ إِلى النبيّ صلَّى الله عليه وسَلَّم وإِلى أَبِي بَكْر مُهَاجرَيْنِ إِلى المدينة فَمَرَّا به فقال : هذانِ فَرُّ قُرَيْش أَفَلا أَرُدُّ على قُرَيْش فَرَّهَا ؟ يريد الفارَّيْن من قُرَيْش يُقَال منه : رَجُلٌ فَرٌّ ورَجُلان فَرٌّ لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع . وقال الجوهريّ : رَجُلٌ فَرٌّ وكذلك الاثْنَان والجَمِيعُ والمُؤنَّث وقد يَكُون الفَرُّ جَمْعَ فارٍّ كشارِبٍ وشَرْب وصاحِب وصَحْبِ . وقد أَفْرَرْتُه إِفْراراً إِذا عَمِلْتَ به عَمَلاً يَفِرُّ منه ويَهْرُبُ . وفي حديث عاتكَةَ :
أَفَرَّ صِيَاحُ القَوْمٍ عَزْمَ قُلُوبِهِم ... فَهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ أَي حَمَلَهَا على الفرَارِ وجَعلَها خالِيَةً بَعِيدَةً غائِبَةَ العُقُولِ . ومنه الحديث : أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لِعَدِيِّ بن حاتِم : ما يُفِرُّكَ عن الإِسْلامِ إِلاَّ أَنْ يُقَال : لا إِله إِلاَّ الله أَي ما يَحْمِلُك على الفِرَار إِلاّ التَّوْحِيدُ . وكَثِيرٌ من المُحَدَّثين يقولونَه بفَتْحِ الياءِ وضَمّ الفاءِ . قال الأَزهريّ : والصحيح الأَوّل . وفَرَّ الدابَّةَ يَفِرُّهَا هكذا هو مَضْبُوطٌ بالكَسْر على مُقْتَضَى اصْطِلاحهِ وضَبَطَه الأَزهريّ بالضّمّ فَرّاً بالفَتْح وفَرَاراً مُثَلَّثَة الفاءِ : كَشَف عن أَسْنَانِها ليَنْظُرَ ما سِنُّهَا ومنه حَديثُ ابن عُمَرَ : أَرادَ أَنْ يَشْتَريَ بَدَنَةً فقال : فُرَّهَا . ومنِ المَجَازِ : فَرَّ الأَمْرَ وفَرَّ عن الأَمْرِ : بَحَثَ عنه . وفي خُطْبَة الحَجَّاج : لقد فُرِرْتُ عن ذَكَاءٍ وتَجْرِبَةٍ . وفي حَديث عُمَرَ : قال لابْنِ عَبّاس رَضِيَ الله عنهم : كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ أَشْيَاءُ كَرِهْتُ أَنْ أَفُرَّك عَنْهَا أَي أَكْشِفُك . ويقال : فُرَّ فُلاناً عَمَّا في نَفْسِهِ أَي اسْتَنْطِقْه لِيَدُلَّ بنُطْقِهِ عَمَّا في نَفْسِه وهو مَفْرُورٌ ومُفَرَّر . ومن المَجَاز : إِنَّ الجَوَادَ عَيْنُه فرَارُه مُثَلَّثةً : وهو مَثَلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَدُلُّ ظاهِرُة على باطِنِه يقول : تَعرِفُ الجَوْدَةَ في عَينه كما تَعْرِفُ سِنَّ الدّابَّةِ إِذا فَرَرْتَهَا . ويُقَالُ أَيضاً : الخَبِيثُ عَيْنُه فرارَهُ أَي تَعْرِفُ الخُبْثَ في عَيْنِه إِذا أَبْصَرْتَه ومَنْظَرُهُ يُغْنِي عن أَنْ تَفِرَّ أَسْنَانَه وتَخْبُرَه وعِبارَة الصحاح : إِنّ الجَوَادَ عَيْنُه فُرَارُه وقد يُفْتَح : أَي يُغْنِيكَ شَخْصُه ومَنْظَرُه عن أَنْ تَخْتَبِرَه وأَنْ تَفُرَّ أَسنانَه . وفي الأَساس : فَرُّ الجَوَادَ عَيْنُه أَي علاماتُ الجُودِ فيه ظاهِرَةٌ فلا يَحْتَاجُ إِلى أَنْ تَفِرَّه . وامْرَأَةٌ فَرّاءُ أَي غَرّاءُ حَسَنَةُ الثَّغْرِ . وأَفَرَّت الخَيْلُ والإِبلُ للإِثْناءِ بالأَلف : سَقَطَتْ رَوَاضِعُهَا وطَلَعَ غَيْرُهَا . وافْتَرَّ الإِنْسَانُ : ضَحِكَ ضَحِكاً حَسَناً ويُقَال : افْتَرَّ فُلانٌ ضاحِكاً أَي أَبْدَى أَسْنَانَه . وافْتَرَّ عن ثَغْرِه إِذا كَشَرَ ضاحكاً . ومنه الحَدِيثُ في صِفة النّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم : ويَفْتَرُّ عن مِثْل حَبِّ الغَمَام أَي يَكْشِرُ إِذا تَبَسَّم في غير قَهْقَهَة . وافْتَرَّ البَرْقُ : تَلأْلأَ من ذلك . وافْتَرَّ الشَّيْءَ اسْتَنْشَقَه قال رُؤْبة : كأَنَّمَا افْتَرَّ نَشُوقاً مُنْشَقَاً . والفَرِيرُ كأَمير وغُرَابٍ وصَبُور وزُنْبُور وهُدْهُد وعُلاَبِط : وَلَدُ النَّعْجَة والمَاعِزَةِ والبَقَرَةِ قال ابنُ الأَعرابيّ : الفَرِيرُ : وَلَدُ البَقَرِ وأَنشد :
" يَمْشِي بَنُو عَلْكَمٍ هَزْلَى وإِخْوَتُهُمْعَلَيْكُمُ مِثْلُ فَحْلِ الضَّأْنِ فُرْفُورُقال الأَزهريّ : أَراد : فُرَار فقال : فُرْفُور . وقال بعضُهُم : الفَرِيرُ من أَوْلادِ المَعْز : ما صَغُر جِسْمُه . وعَمَّ ابنُ الأَعْرَابيّ بالفرَيِر وَلَدَ الوَحْشِيَّة من الظِّبَاءِ والبَقَرِ وغَيْرِهِمَا أَوْ هِي الخِرْفَانُ والحُمْلانُ وهذا أَيضاً قولُه . وقيل : الفَرِيرُ والفُرَارُ والفُرَارَةُ والفُرُرُ والفُرْفُور والفَرُور والفُرَافِر : الحَمَلُ إِذا فُطِمَ واسْتَجْفَر وأَخْصَبَ وسَمِنَ . وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ في الفُرَارِ الذي هو واحدٌ قولَ الفَرَزْدق :
لَعَمْرِي لَقَدْ هانتْ عَلَيْكَ ظَعينةٌ ... فدَيْتَ برِجْلَيْهَا الفُرَارَ المُرَبَّقَا ج فُرارٌ كغُرَاب أَيضاً أَي يكونُ للجَمَاعَة والواحِد نادِرٌ قال أَبو عُبَيْدَةَ : ولَمْ يَأْت على فُعَال شئٌ من الجَمْع إِلاّ أَحْرُفٌ هذا أَحدُها . والفَرِيرُ كأَمِير : الفَمُ ذكرَه الصاغانيّ والزمخشريّ ومُقْتَضَى كَلامِ الأَخِيرِ أَنَّه فَمُ الدّابَّة . ومن المَجَازِ : فَرَسٌ ذابِلُ الفَرِيرِ : وهو مَوْضِعٌ المَجَسَّةِ من مَعْرَفَةِ الفَرَسِ وقيل : هو أَصْلُ مَعْرَفتِهِ وهذا نَقَله الصاغانيّ . والفَرَِيرُ : والدُ قَيْسٍ من بَنِي سَلِمَةَ بن سَعْدِ بنِ عليِّ بنِ أَسَدِ بن سارِدَةَ بنِ تَزِيدَ بن جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ جاهليٌّ وإِلَيْه نُسِب عبدُ اللهِ بنُ عمْرو بنِ حَرَامٍ الأنَصاريُّ وَالدُ جابِرٍ فإِنَّ أُمَّه بِنْتُ قَيْس هذا فيقال له : الفَرِيرِيّ لذلك . وفُرَيْرٌ كزُبَيْر هكذا في النُّسَخ وهو مُخَالِفٌ لما في التكملة والتَّبْصِير وغَيْرِهما من كُتبُ الأَنسابِ فإِنَّهُم ضَبَطُوا فيها فَرِيراً كأَمِير مثل الأَوّل وقالُوا : هو فَرِيرُ بن عُنَيْنِ بنِ سَلامَانَ بنِ ثُعَلَ بن عَمْرِو بن الغَوْثِ الطّائيّ . قال الصاغانيّ تَبَعاً لابن السَّمْعَانيّ وغَيْرِه : إِنَّهُ بَطْنٌ من بُحْتُر وغَلَّطَه الحافِظُ ابنُ حَجَر فقال : ليس هو بَطْناً من بُخْتُر بل فَرِيرٌ هذا هو عَمُّ بُحْتُر وذلِك بَيِّنٌ في الجَمْهَرَة . قلتُ : وذلك أَنَّ بُحْتُراً ومَعْناً ابنا عَتُودِ بنِ عُنَيْنِ بن سَلامانَ وبُحْتُرٌ بَطْنٌ . ثم قال الحافِظُ : وذكر ابنُ الكَلْبِيّ في أَسْبَاب الأَلقَاب أَنَّه لُقِّب بذلك لحُسْن عَيْنَيْه وكان اسمُه عِنَان . قُلتُ : ولو قال الصاغانيّ : بَطْنٌ من العَرَب لسَلمَ من هذا الوَهَمِ . ومن رُؤَساءِ هذه القَبِيلَة عُثْمَانُ بن سُلَيْمَان الفَرِيرِي ذَكَرَه الحافِظ . والفرْفر كهُدْهُدٍ وزِبْرِجٍ وعُصْفُورٍ : طائرٌ هكذا قاله الجوهريّ . وقال غَيْرُه : هو العُصْفُور الصَّغِيرُ . قال الشاعر :
حِجَازِيَّة لم تَدءرِ ما طَعْمُ فُرْفُرٍ ... ولَمْ تَأْتِ يَوْماً أَهْلَها بِتُبَشِّرِ هكذا أَنشده ابنُ السِّكِّيت . والتُّبَشِّر : الصَّعْوَةُ وقد تَقَدَّم . قلتُ : وقد رَأَيْتُ الفُرْفُورَ بمِصْرَ وهو أَصءغَر من الإِوَزّ . وفُرَّةُ الحَرِّ بالضّمّ وأُفُرَّتُه بضَمَّتَيْن وقد تُفْتَحُ الهَمْزَةُ : أَي شِدَّتُه وقِيل : أَوَّلُه يقال أَتانَا فُلانٌ في أُفُرَّةِ الحَرِّ أَي شدَّته وقِيلَ : أَوَّله . وحَكَى الكسائيّ أَنَّ مِنْهُم مَنْ يجعل الأَلِفَ عَيْناً فيقولُ : في عُفُرَّةِ الحَرِّ وعَفُرِّة الحَرِّ . قال أَبو مَنْصُور : أُفُرِّة عندي من باب أَفَر يَأْفِرِ والأَلِف أَصْلِيّة على فُعُلَّة مثال الخُضُلَّة . وقال اللَّيْث : ما زالَ فلانٌ في أُفُرَّةِ شَرٍّ مِن فُلان أَي شِدَّته وهي أَي الأُفُرَّة : الاخْتلاطُ والشِّدَّةُ أَيضاً يُقَال : وَقَعَ القَوْمُ في فُرَّةٍ وأُفُرَّةِ أَي اخْتِلاط وشِدَّة . ويُقَال : هو فُرُّ القَوْمِ وفُرَّتُهم بضَمِّهما أَي من خِيارِهم ووَجْهُهم الَّذِي يَفْتَرُّون عَنْه قاله أَبو رِبْعِيٍّ والكِلابيُّ . قال الكُمَيْتُ :
ويَفْتَرُّ مِنْكَ عن الواضِحَاتِ ... إِذا غَيْرُكَ القَلِحَ الأَثْعَلُويقال : هذا فُرَّةُ مالِي أَي خِيرَتُه . والفَرْفَرَةُ : الصِّيَاحُ . يُقَال : فَرْفَرَه إِذا صاحَ به . قال أَوْسُ ابنث مَغْراءَ السَّعْديّ : إِذا مَا فَرْفَرُوه رَغَا وبَالاَ . وفَرْفرَ في كَلامِه : خَلَّطَ وأَكْثَرَ . وفَرْفَرَ الشَّيْءَ : كسَرَهُ وقَطَعَهُ وشَقَّهُ وحَرَّكهُ كهَرْهَرَهُ . وفَرْفَرَه : نَفَضَه يقال : فَرْفَرَنِي فَرْفَاراً أَي نَفَضَني وحَرَّكَنِي وفَرْفَرَ الرَّجُلَ فَرْفَرَةً : نالَ من عِرْضِه وتَكَلَّم فيه . وقيل : فَرْفَرَهُ : مَزَّقَه ومنه حديث عَوْنِ بنِ عبد اللهِ ما رأَيتُ أَحَداً يُفَرْفِرُ الدُّنْيَا فَرْفَرَةَ هذا الأَعْرَجِ يَعْنِي أَبا حازِم أَي يَذُمُّهَا ويُمَزِّقُها بالذَّمِّ والوَقِيعَة فيها . ويُقَال : الذِّئبُ يُفَرْفِرُ الشاةَ أَي يُمَزِّقها . وفَرْفَرَ البَعِيرُ : نَفَضَ جَسَدَه . وفَرْفَرَ : أَسْرَعَ وقارَبَ الخَطْوَ قال امرُؤ القَيْس :
إِذا زُعْتَهُ مِنْ جانِبَيْه كِلَيْهما ... مَشَى الهَيْذَبَى في دَفِّه ثُمَّ فَرْفَرَاوفَرْفَرَ فَرْفَرَةً إِذا طاشَ عَقْلُه وخَفَّ . وفَرْفرَ الفَرَسُ : ضَرَبَ بفَأْسِ لِجامِه أَسْنَانَه وحَرَّكَ رَأْسَه وبه فَسَّر بعضُهم بَيْتَ امرئ القَيْس المتقدِّم ذِكْرُه . والفَرْفارُ : العَجُولُ الطّيّاشُ الخفِيفُ والأُنْثَى بهاءٍ . والفَرْفَارُ : المِكْثَارُ أَي الكَثِيرُ الكَلامِ كالثَّرْثَارِ وهي بِهَاءٍ . والفَرْفارُ : الَّذِي يَكْسِرُ كُلَّ شَيْءٍ يُفَرْفِرُه أَي يَكسِرُه كالفُرَافِر كالعُلابِط . والفَرْفَارُ : شَجَرٌ صُلْبُ صَبُورٌ على النّارِ تُنْحَتُ منه القِصَاعُ والعِسَاسُ قال أَبو حنيفةَ : هو يَسْمُو سُمُوَّ الدُّلْب ووَرَقُه مثْلُ وَرَقِ اللَّوز وله نَوْرٌ مِثْلُ الوَرْد الأَحْمَر وإِذا تقادَمَ شَجَرُه اسْوَدَّ خَشَبُه فصار كالآبِنُوس . والفَرْفَارُ أَيضاً : مَرْكَبٌ من مَراكِبِ النِّسَاءِ شِبْهُ الحَوِيَّةِ وفَرْفَرَ الرَّجُلُ : عَمِلَهُ . وفَرْفَرَ أَيضاً إِذا أَوْقَدَ بشَجرِ الفَرْفارِ وفَرْفَر إِذا خَرَقَ الزِّقَاقَ وغَيْرَها وشَقَّقَها . والفِرْفِيرُ كجِرْجِير : نَوْعٌ من الأَلْوَان . والفُرْفُور بالضَّمّ : سَوِيقٌ يُتَّخَذُ من ثَمَرِ اليَنْبُوت وقَيَّدَ بعضُهم فقال : من يَنْبُوتِ عُمَانَ . وقد تَقَدَّم ذِكْرُ اليَنْبُوت . والفُرْفُورُ : الغُلامُ الشابُّ على التَّشْبِيه بالحَمَل إذا أَخْصَبَ وسَمِنَ كالفُرَافِرِ بِالضّمّ فِيهما أَي في السَّويق والغُلام . والفَرْفُورُ : الحَمَلُ السَّمينُ المُسْتَجْفِرُ والفُرْفُورُ : العُصْفُورُ الصَّغِيرُ كالفُرْفُر كهُدْهُد وهو الذي قال فيه الجوهريّ : طائرٌ وسَبَق للمصنّف ذلك وهُما وَاحدٌ وأَنشد فيه ابنُ السّكّيت وقد تَقَدَّم فَلْيُتَنَبَّهْ لذلك . والفُرَافِرُ كعُلابط . فَرَسُ عامِرِ بن قَيْسِ بن جُنْدَب الأَشْجَعيّ سُمِّيَت بفَرْفَرَة الِّلْجَام . والفُرَافِرُ : سَيْفُ عامِرِ بنِ يَزيدَ الكِنَانيّ نقلهما الصاغانيّ ولكنّه لم يُحَلِّ السَّيْفَ . والفُرَافِرُ : الرَّجُلُ الأَخْرَقُ من فَرْفَرَ إِذا طاشَ . وفَرَسٌ فُرَافِرٌ : يُفَرْفِرُ اللِّجَامَ في فِيهِ أَي يُحَرِّكه زاد الزمخشريّ : لِيَخْلَعَه عن رَأْسِه . والفُرافِرُ : الأَسَدُ الّذِي يُفَرْفِرُ قِرْنَه أَي يُزَعْزِعُه . وقِيلَ : لأَنَّهُ يُفَرْفِرُه أَي يُمَزِّقه ؛ الأَخيرُ عن الزمخشريّ كالفُرَافِرَة . والفُرْفُرِ . بضَمِّهما والفَرْفارِ بالفَتْح ويُكْسَرُ . والفُرَافِرُ : الجَمَلُ إِذا أَكَلَ واجْتَرّ هكذا في سائر النُّسخ وهو تَصْحِيفٌ من المصنّف والصَّوابُ : الحَمَلُ إِذا فُطِم واسْتْجَفَر بالحاءِ المُهْمَلَة واسْتَجْفَر بالجِيم والفاءِ كالفُرْفُور بالضَّم والفُرُرِ بضَمَّتَيْن والفَرُورِ كقَعُودٍ فَتَأَمّل فإِنّ في عبارَة المُصنّف تَصْحيفاً في مَوْضِعَين وتقْصِيراً عن ذكر النَّظَائرِ . وفِرِّينُ كغِسْلِين : ع نَقَلَه الصاغَانيّ . وأَفْرَّه يُفِرُّه إِفْرَاراً وكذا أَفَرَّ بهِ : فَعَل به ما يَفِرُّ منه ويَهْرُب وقد تَقَدَّم ما فيه عند قَوْله أَفْرَرْتُه وأَنّه يُقَال أَيضاً أَفَرَّه إذِا حَمَلَه على الفِرَار وأَفَرَّ رَأْسَه بالسَّيْف مثل أَفْرَاهُ أَي شَقَّقَه وفَلَقه ؛ عن اليَزِيديّ . والأَيّام المُفِرّات : التي تُظْهِر الأَخْبَارَ نقله الصاغانيّ . وتَفارُّوا : تَهَارَبُوا . وفَرَسٌ مِفَرٌّ بالكَسْرِ : يَصْلُح للفِرَارِ عليه أَو جَيِّد الفِرارِ وبه فُسِّر بَيْتُ امرئ القَيْس :
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِل مُدْبِرٍ مَعاً ... كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ من عَلشوقولُه تعالى : أَيْنَ المَفَرُّ . يحتملُ الفِرَارَ نَفْسَه ووَقْتَه وقُرِئ أَيْنَ المِفَرُّ بالكسر أَي مَوْضِع الفِرارِ عن الزِّجَّاج . وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمَل هذا الوَزْن في الآلاتِ وصِفاتِ الخَيْل وقد عُبِّر عن المَوْضع بلَفْظِ الآلَةِ وهي قِراءَةُ الحَسَن . وقَرَأَ ابنُ عَبّاسٍ بفَتْح المِيمِ وكَسْرِ الفاءِ اسمٌ لِلمَوْضِع والجُمْهُور بفَتْحِهمَا وذَكَرَ الثَّلاثَةَ المُصَنّفُ في البَصَائر . وعَمْرُو بن فُرْفُرٍ الجُذَامِيّ - بالضمّ - : سَيِّدُ بَنِي وائل بن قاسط بن هِنْب ابنِ أَفْصَى بن دُعْمِىّ بن جَدِيلَةَ بنِ أَسَدِ بن رَبِيعَةِ الفَرَسِ . وضَبَطَهُ الحافِظ بالفتح وقال : هو أَحَدُ الأَشْرَافِ شَهِدَ فتْحَ مصر . وكَتِيبَةٌ فُرَّى كعُزّى : مُنهَزِمَةٌ وكذلك الفُلَّى . وفُرَّ الأَمْرُ جَذَعاً بالضَّمّ : اسْتَقْبَلَه . ويُقَال ذلك أَيضاً إِذا رَجَعَ عَوْداً لِبَدْئِهِ قاله ابنُ دُرَيد وأَنشد :
وما ارْتَقَيْتُ على أَكْتَادِ مَهْلَكَةٍ ... إِلاَّ مُنِيتُ بأَمْرٍ فُرَّ لي جَذَعَا وفي المَثَل : نَزْوُ الفُرَارِ اسْتَجْهَلَ الفُرَارَا . كِلاهُمَا كغُرَاب . قال المُؤرِّج : هو وَلدُ البَقَرَةِ الوَحْشِيَّةِ يُقَالُ له : فُرَارٌ وفَرِيرٌ مثْل طُوَال وطَوِيلٍ وذلك أَنَّه إِذا شَبَّ وقَوِىَ أَخَذ في النَّزَوَانِ فمَتَى ما رآه غَيْرُه نَزَا لنَزْوِه . يُضْرَبُ مَثَلاً لِمَنْ تُتَّقَى صُحْبَتُه أَي إِنّك إِذَا صَحِبْتَه فَعَلْتَ فِعْلَه . وتَفَرَّرَ بي : ضَحِكَ قاله الصاغانيّ . وأَفْرَرْتُ رَأْسَه بالسَّيْفِ مِثْل أَفْرَيْتُه وشَقَقْتُه وهذا بعَيْنِه قد تقدّم فهو تَكْرَار مَحْضٌ كما لا يَخْفَى . وممّا يُسْتَدْرَك عليه : الفَرُوَرُ من النّساءِ كصَبُور : النَّوَارُ . وفُرَّةُ المالِ بالضَّمّ : خِيَارُه . والفُرَار كغُرَاب : البَهْمُ الكِبَارُ واحدُهَا فُرْفُور . وفَرْفَرَ الرَّجُلُ إِذا اسْتَعْجَل بالحَمَاقَة . وعن ابن الأَعرابيّ : فَرَّ يَفِرُّ إِذا عَقَلَ بعد اسْتِرْخاءٍ . وإِنّهَا لَحَسَنَةُ الفِرَّةِ بالكَسْر : الابْتِسَام . وفارَرْتُه مُفَارَّةً : فتَّشْتُ عن حالِهِ وفَتَّشَ عن حالِي وهو مَجَازٌ . واسْتُعِير الافْتِرَارُ للزَّمَن فقَالُوا : إِن الصَّرْفضةَ نابُ الدَّهْرِ الذي يَفْتَرُّ عنه وذلك أَنَّ الصَّرْفَة إِذا طَلَعَتْ خَرَجَ الزَّهْرُ واعْتَمَّ النَّبْتُ ؛ كما في اللِّسَان . والفُرَيِّرَة مصغَّرَةً مُشَدَّدَةً : ما يَلْعَبُ به الصِّبْيَانُ . وقوْلُ العَامَّة : الفُرْفُورِيّ لهذا الخَزَفِ الذي يُؤْتَى به من الصِّين غَلَطٌ وإِنّمَا هو الفُغْفُورِيّ نسبهً إِلى فُغْفُور مَلِكِ الصِّين يُرِيدُونَ جَوْدَتَه . وفارَّهْ بتَشْدِيد الراءِ وضَمِّها ثُمّ هاءُ ساكِنَة : جَدُّ يُوسُفَ بنِ مُحَمّدٍ الأَنْصَارِيّ الأَنْدَلُسِيّ ويُقال : فِيرُّهْ وكأَنْ الفاءَ مُمالَةٌ فتُكْتَب بالأَلِف واليَاءِ سَمِعَ وحَدَّث مات سنة 548