كَتَبهُ يَكْتُبُ كَتْباً بالفَتْح المَصْدَرُ المَقِيسُ وكِتَاباً بالكسر على خِلاف القياس . وقيل : اسْمٌ كاللِّباس عن اللِّحْيَاِنّي . وقِيل : أَصلُهُ المصدرُ ثمّ استُعمِلَ فيما سيأْتي من معانيه . قاله شيخُنا . وكذا : كِتابَةً وكِتْبَةً بالكسر فيهما : خَطَّهُ قال أَبو النَّجْمِ :
أَقْبَلْتُ مِنْ عِنِْ زِيَاد كالخَرِفْ ... تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتلِفْ
" تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لاَمَ الِفْ وفي لسان العرب قال : ورأَيتُ في بعض النُّسَخ " تِكِتِّبانِ " بكسر التّاءِ وهي لُغَةُ بَهْراءَ يَكْسِرُونَ التَّاءَ فيقولونَ : تِعْلَمُونَ . ثمّ أَتْبَع الكافَ كسرةَ التّاءِ ككَتَّبَهُ مُضَعَّفاً وعن ابن سِيدَهْ : اكْتَتَبَه كَكَتَبَه أَو كَتَّبَهُ : إِذا خَطَّهُ
واكْتَتَبَهُ : إِذا اسْتَمْلاهُ كاسْتَكْتَبَهُ واكْتَتَبَ فلانٌ كِتَاباً : أَي سأَلَ أَنْ يُكْتَبَ له . واسْتَكْتَبَهُ الشَّيِْ : أَي سَأَلَهُ أَن يَكْتُبَه له . وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز : اكْتَتَبها فهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأَصِيلاً أَي : استَكْتَبَها . والكِتَابٌ : ما يُكْتَبُ فيهِ وفي الحديثِ : مَنْ نَظَرَ إِلى كِتَابِ أَخيه بغَيْرِ إِذْنِه فكَأَنَّما يَنْظُرُ في النَّارِ . وهو محمولٌ على الكِتَابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانةٌ يَكرَهُ صاحِبُهُ أَنْ يطَّلَعَ عليه . وقيلَ : هو عامٌ في كلِّ كِتاب . ويُؤَنَّثُ على نِيّةِ الصَّحيفةِ . وحكى الأَصْمَعِيُّ عن أَبِي عَمْرِو بْن العَلاَءِ : أَنّهُ سَمِعَ بعضَ العرَبِ يقولُ وذَكَرَ إِنْسَاناً فقال فُلانٌ لَغُوبٌ جاءَتْه كِتابي فاحْتَقَرَهَا . اللَّغُوبُ : الأَحْمَقُ الكِتَابُ : الدَّوَاةُ يُكْتَبُ منها . الِكَتابُ : التَّوْرَاةُ قال الزَّجَّاجُ في قوله تعالَى : " نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ " وقولُهُ " كِتَابَ اللهِ " : جائزٌ أَنْ يكونَ التَّوْراةَ وأَن يكونَ القُرآنَ . الكِتَابُ : الصَّحِيفَةُ يُكْتَبُ فيها . الكِتابُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الفَرْضِ قال اللهُ تَعَالَى : " كُتِبَ عَلَيْكُم القِصَاصُ " وقال عَزّ وجَلَّ " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ " مَعْنَاهُ : فُرِضَ . قال : " وكَتَبْنَا عَلَيْهِم فيها " أَي : فَرَضْنا . مِنْ هذا : الكِتَابُ يأْتي بمعنى الحُكْمِ وفي الحديثِ : " لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بكِتَابِ اللهِ " أَي : بحُكْمِ اللهِ الّذي أَنزلَ في كِتابه وكَتَبَه على عِباده ولم يُرِدِ القُرْآنَ لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْرَ لهما فيه ؛ قال الجَعْدِيُّ :
" يا بِنَت عَمِّي كِتَابُ اللهِ أَخْرَجَنِيعَنْكُمْ وهَلْ أَمْنَعَنَّ اللهَ ما فَعَلا وفي حَدِيثِ بَريرَةَ : " من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كِتَابِ اللهِ " أَي : ليس في حُكْمِهِ . في الأَساس : ومِن المجاز : كُتِبَ عليه كذا : قُضِيَ . وكِتَابُ اللهِ : قدَرُهُ قال : وسَأَلَنِي بعضُ المَغَاربةِ ونحنُ بالطَّوافِ عن القَدر فقلت : هو في السَّمَاءِ مكتوبٌ وفي الأَرِضْ مكسوبٌ . من المَجَاز أَيضاً عن اللِّحْيَانّي الكُتْبَةُ بالضَّمِّ : السَّيْرُ الَّذِي يُخْرَزُ به المَزَادَةُ والقِرْبَة وجَمْعُهَا كُتَبٌ . قال ذُو الرُّمَّةِ :
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوَارِزَها ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الكُتَبُالوفْراءَ : الوافِرَةُ . والغَرْفِيَّةُ : المَدْبُوغة بالغَرْفِ شَجرةٍ . وأَثأَى : أَفسدَ . الخَوَارِز : جَمْعُ خارِزِةَ . الكَتْب : الجَمْعُ تقولُ منه : كَتْبتُ البَغْلَةَ . إِذا جَمَعْتَ بيْن شُفْرَيْها بحَلْقَة أَو سَيْرٍ . وفي الأَساس : وكَذَا : كَتَبْتُ عليها وبَغْلَةٌ مٌكتوبة ومكتوبٌ عليها . والكُتْبَةُ : ما يُكْتَبُ به أَيْ يُشَدّ حَياءُ البَغلةِ أَو النَّاقَةِ لئلا يُنْزَى عليها والجَمْعُ كالجَمْعِ . عن اللَّيْثِ : الكُتْبَةُ : الخُرْزَةُ المضمومةُ بالسّيْرِ . وقال ابْنُ سِيدَهْ : هي الَّتِي ضَمَّ السَّيْرُ كِلاَ وَجْهَيْها الكْتبَةُ بالكسر : اكْتِتَابُكَ كِتَاباً تَنْسَخُهُ . والكِتْبَةُ أَيضاً : الحالَةُ . والكِتْبَةُ أَيضاً : الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ . وكَتَبَ السِّقاءَ والمَزَادَةَ والقِرْبَةَ يَكْتُبُه كَتْباً : خَرَزَةُ بسَيْرَيْنِ فهو كَتِيبٌ . وقيلَ هو أَن يَشُدَّ فَمَهُ حتَّى لا يَقْطُرَ منه شَيءٌ كَاكْتَتَبَهُ : إِذا شَدَّه الوِكاءَ فهو مُكْتَتب . وعن ابْنِ الأَعْرَابيّ : سَمِعْتُ أَعْرَابِياً يقول : أَكْتَبْتُ فَمَ السِّقاءِ فلَمْ يَسْتَكْتِبْ . أَي : لَمْ يَسْتَوْكِ لجفائِه وغِلَظِه . وقال اللِّحْيَانِيّ : اكْتُبْ قِرْبَتَك : اخْرُزْهَا . وأَكْتِبْهَا : أَوْكِها يعني : شُدَّ رَأْسَها . كَتَبَ النَّاقَةَ يَكْتِبُهَا ويَكْتُبُها بالكَسْرِ والضَّمّ كَتْباً وكَتَبَ عليها : خَتَمَ حَيَاءَهَا وخَزَمَ عليه أَو خَزَمَ بحَلْقَةٍ منْ حَدِيدٍ ونَحْوِه كالصُّفْرِ تَضُمّ شُفْرَيْ حَيائِها لئلاَّ يُنْزَي عليها . قال :
لا تَأْمننَّ فَزارِياً خَلَوْتَ بِه ... على بَعِيرِك واكْتُبْها بِأَسْيارِ وذلكِ لأَنَّ بَنِي فَزَارَةَ يُرْمَوْنَ بِغِشْيَانِ الإِبل . كَتَبَ النَّاقَةَ يكْتُبُهَا : ظَأَرَهَا فَخَزَم منْخَرَيْهَا بِشيءٍ لئلاَّ تَشَمَّ البَوْلَ . هكذا في نُسْخَتِنَا وهو خَطَأَ وصوابُهُ " البَوَّ " أَيْ : فلا تَرْأَمُهُ
والكاتِبُ عندَهُمُ : العَالِمُ نقلَه الجَوْهَرِيُّ عن ابْن الأَعْرَابيّ قال اللهُ تَعَالَى : " أَمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ " وفي كِتابِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم إِلى أَهْل اليَمَنِ " قد بَعَثْتُ إِلَيْكُم كاتِباً من أَصحابي " أَرَاد : عالِماً سُمِّى به لأِنّ الغالِبَ على مَنْ كان يَعْرِفُ الكِتابَة أَنَّ عندَهُ العِلمَ والمعرفةَ وكان الكاتِبُ عندهم عَزيزاً وفيهم قليلاً . والإِكْتابُ : تَعْلِيمُ الكِتَابِ والكِتَابَةِ كالتَّكْتَيبِ . والمُكْتِبُ : المُعلِّمُ وقال اللِّحْيَانيّ : هو المكَتِّبُ الَّذِي يُعَلِّم الكِتَابَةَ . قال الحَسنُ : وكان الحَجَّاجُ مُكْتِباً بالطّائِفِ يعني : مُعَلِّماً ومنه قيل : عُبَيْدٌ المُكْتِبُ لأِنَّه كانَ مُعَلِّماً . ونصُّ الصَّاغانيِّ : كَتَّبْتُ الغُلامَ تَكْتِيباً : إِذا عَلَّمتَهُ الكِتَابةَ مثل اكْتَتَبْتُه : الإِكْتابُ : الإِمْلاَءُ تَقُولُ : أَكْتبنْي هذه القصيدةَ أَيْ : أَمْلِها علىَّ . الإِكْتابُ : شَدَّ رَأْسِ القِرْبَةِ يقَال : أَكْتَبَ سِقَاءَهُ إذا أَوْكأَهُ وهو مَجَاز وقد تقدَّمَ . رَجُلٌ كاتِبٌ والكُتَّابُ كُرَّمانٍ : الكاتِبُون وهم الكَتَبَةُ وحِرْفَتُهُم : الكِتَابَةُ قاله ابْنُ الأَعْرَابيّ . يقال : سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلى المَكْتَبِ كمَقعَد أَيْ : مَوْضِعِ الكِتَابِ والتَّعْلِيمِ أَيْ : تعليمِه الكِتَابة . والمُكْتِبُ : المُعَلِّمُ والكُتَّابُ : الصِّبيان قاله المُبِّردُ . وقَوْلُ اللَّيْثِ وتَبِعَهُ الجَوْهَرِيّ : إِنّ الكُتَّابَ بوزن رُمَّان والمَكْتَبَ كمَقْعَدٍ واحِدٌ وهما مَوضعُ تعليمِ الكِتابِ غَلَطٌ : وهو قولُ المُبَرِّدِ لأَنّه قال : ومَن جعَلَ الموضِعَ الكُتّابِ فقد أَخْطَأَ . وفي الأَساس : وقيل الكُتَّابُ : الصِّبْيانُ لا المَكَانُ . ونقل شيخُنا عن الشِّهابِ في شرح الشِّفاءِ : أَنَّ الكُتَّابَ للمَكْتَبِ وارِدٌ في كلامهم كما في الأَساس وغيرِهِ ولا عِبرة بمن قالَ إِنه مُوَلَّدٌ . وفي العِنَايَة : أَنَّه أَثْبَته الجوهريّ واستفاضَ استعمالُه بهذا المعنى كقوله :
وأَتَى بكُتَّابٍ لَو انْبَسَطَتْ يَدِي ... فيهِمْ رَدَدْتُهُمُ إِلى الكتابوأَوّلُهُ :
تَبًّا لِدَهْرٍ أَتَى بِعُجابِ ... ومَحَا فنُونَ العِلْمَ والآداب والأَبيات في تاريخ ابْنِ خِلِّكان . وأَصلُه جمع كاتِبٍ مثل كَتَبَة فأُطْلِقَ على مَحَلِّه مَجازاً للمجاورة وليس موضوعاً ابتداءً كما قال . وقال الأزْهَريُّ عن اللَّيْثِ : إِنّه لُغَةٌ . وفي الكَشْف : الاعتمادُ على قول الليث ونَقَلَهُ الصاغاني أيضاً وسَلَّمَه ؛ ونقلَه ابْنُ حَجَرٍ في شرح المِنْهَاجِ عن الإِمامِ الشّافِعيّ وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ وغيرُه ووفقه الجماهيرُ كصاحب التَّهْذيب والمُغْرِبِ والعُبابِ . انتهى الحاصِلُ من عبارته . ولكنّ عَزْوَهُ إِلى الأَساس ولسان العرب وغيرِهِما مَحَلُّ نَظَرٍ فإِنّهما نَقَلا عبَارَةَ المُبَرِّدِ ولم يُرَجِّحا قَولَ اللَّيْثِ حتى يُسْتَدَلٌ بمرجوحيّة قولِ المُبَرِّدِ كما لا يَخْفَى . ج كَتَاتِيبُ ومكاتيب . وهذا من تَتِمَّة عِبارة الجَوْهَرِيُّ فالأَوّل جَمْعُ كُتّابٍ والثّاني جَمْعُ مَكْتَبٍ . وقد أَخلّ المُصَنِّفُ بذكر الثّاني وذَكَرَه غيرُ واحدٍ قال شيخنا : وفي عبارة المُصَنِّفِ قَلَقٌ . قلت : وذلك لأَنّ كتاتِيبَ إِنّمَا هو جَمْعُ كُتَّابٍ على رأْي الجَوْهَرِيّ واللَّيْثِ وهو قد جعله خطأَ فما معنى ذِكْرِه فيما بَعْدُ ؟ نَعَمِ لم قَدَّمَ ذِكْرَهُ قبل قوله " خطأَ " لَسَلِمَ من ذلك فتأَمّلْ . الكُتَّابُ : سَهْمٌ صَغِيرٌ مُدَوَّرُ الرَّأَسِ يَتَعَلَّمُ بهِ الصَّبِيُّ الرَّمْيَ وبالثاءِ أَيضاً والثّاء المُثَلَّثة في هذا الحرفِ أَعلَى من التّاءِ الفَوْقِيّة كما سيأْتي . وفي عبارةِ شيخِنا هنا قلَقٌ عجيبٌ . الكُتّابُ أَيضاً : جَمْعُ كاتِبٍ مثل كَتَبة وقد تقدّمتِ الإِشارة إِليه . واكْتَتَبَ الرَّجُلُ : إِذا كَتَبَ نَفْسَهُ في دِيوانِ السُّلْطَانِ وفي الحَدِيثِ " قالَ له رَجُلٌ : إِنّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حاجَّةً وإِنِّي اكْتَتَبْتُ في غَزْوَةِ كذا وكذا " أَي : كَتَبْتُ اسْمِي في جُمْلَةِ الغُزَاةِ . وفي حديث ابْنِ عُمَرَ : " من اكْتَتَبَ زَمِناً بَعَثَهُ اللهُ زَمِناً يَوْمَ القِيَامةِ " . من المجاز : اكْتَتَبَ هو : أَسِرَ . واكْتَتَبَ بَطْنُه : حُصِرَ وأَمْسَكَ فهو مُكْتَتِبٌ ومُكْتَتَبٌ عليه ومكتوبٌ عليه نَقله الصاغانيُّ . والمُكْتَوْتِبُ : المُنْتَفِخُ المُمْتَلِئُ ممّا كان : نقله الصّاغانيّ . من المجاز : كَتَّبَ الكَتِيبَةَ جَمَعَها وهي الجَيْشُ : وَتَكَتَّبَ الجَيْشُ تَجمَّعَ . وكَتَّبَ الجَيَّشَ : جَعَلَهُ كَتائِبَ . أَو هِي الجَمَاعَةُ المُسْتَحِيزَةُ مِن الخَيْلِ أَوْ هي جَمَاعَةُ الخَيْلِ إِذَا أَغارَتْ على العَدُوِّ من المِائَةِ إِلَى الأَلْفِ . وكَتَّبَها تَكْتِيباً وكَتَبَها : هَيَأَهَا قال ساعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ :
لا يُكْتَبُونَ ولا يُكَتُّ عَدِيدهُم ... حَفَلَتْ بِساحَتِهِمْ كَتَائِبُ أَوْعَبُواأَي : لا يُهَيَّؤُونَ . وتَكَتَّبُوا : تَجَمَّعُوا ومنه : تَكَتَّبَ الرَّجُلُ : تَحَزَّمَ وجَمَعَ عليه ثِيَابَه . وهو مجاز . وبَنُو كَتْبٍ بالفَتْح : بَطْنٌ من العرب . والمُكَتَّبُ كمُعَظَّمٍ : العُنْقُودُ من العِنَبِ ونحوِه أُكِلَ بعضُ ما فِيهِ وتُرِكَ بعضُهُ . والمُكَاتَبَةُ بمعنى التَّكاتُب يُقَال : كاتَبَ صدِيقَهُ وتَكاتَبا . من المجاز المُكَاتَبة وهو أَنْ يُكَاتِبَكَ عَبْدُكَ على نَفْسِه بثَمَنِه . فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ . وهي لَفْظَةٌ إِسْلاميّة صرّح به الدَّمِيريّ . والسَّيِّدُ مُكَاتِبٌ والعَبْدُ مُكاتَبٌ إِذا عقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المالِ سُمِّيَتْ مُكَاتَبَةً لِمَا يَكْتُبُ العَبْدُ على السَّيِّد من العِتْقِ إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه ولِمَا يَكْتُبُ السَّيِّدُ على العَبْدِ من النُّجُومِ الَّتي يُؤَدِّيها في مَحلِّها وأَنَّ له تَعجيزَهُ إِذا عَجَزَ عن أَداءِ نَجْم يَحِلُّ عليه . وأَحكامُ المُكَاتَبَة مُصرَّحَةٌ في فُروع الفِقْهِ . ومِمّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ : الكُتَيْبَةُ مصغَّرةً اسمٌ لبعضِ قُرَى خَيْبَرَ . ومنه حديثُ الزُّهْرِيِّ : " الكُتَيْبةُ أَكثرُهَا عَنْوَةٌ " يعني " أَنّه فتَحَهَا قَهْراً لا عن صُلْحٍ . والمَكْتَبُ : من قُرَى ابْنِ جِبْلَةَ في اليَمَن نقلْتُهُ عن المُعْجَم
تَابَ إلَى الله تَعَالَى مِنْ كَذَا وعَنْ كذَا تَوْباً وتَوْبةً ومتَاباً وتَابَةً كغَابَةٍ قَال الشَّاعرُ :
" تُبْتُ إلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تَابَتِي
" وصُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صَامَتِي وَتَتْوِبَةً عَلَى تَفْعلَة شَاذٌّ مِنْ كِتَاب سيبويه : أَنَاب ورَجَعَ عنِ المَعْصيَة إلَى الطَّاعَةِ وهُو تَائِبٌ وتَوَّابٌ : كَثيرُ التَّوْبَةِ والرُّجُوع وقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ " غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ " يَجُوزُ أَنْ يكُونَ عَنَى به المصْدَرَ كالقَوْلِ وأَنْ يَكُونَ جَمْعَ تَوْبَة كَلَوْزٍ ولَوْزَةٍ وَهُوَ مَذْهبُ المُبَرِّدِ وقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ : أَصْلُ تَابَ : عادَ إلى اللهِ ورَجَعَ وأَنَابَ وتَابَ اللهُ عَلَيْهِ أَيْ عَاد بالمَغْفِرَةِ أَوْ وَفَقَّهُ للتَّوْبَة أَوْ رَجَعَ به مِن التَّشْديد إلى التَّخْفِيف أَوْ رجَع عليه بفَضْلِه وَقَبُولِه وكُلُّها معانِ صَحِيحَةٌ وَارِدَةٌ وهُوَ أي اللهُ تَعَالى تَوَّابٌ يَتُوبُ عَلَى عِبَادِه بفَضْله إذَا تَابَ إليه منْ ذَنْبِه
وأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوبَ التَّائِبُ الأَنْطَاكِيُّ مُقْرِىءٌ كَبِيرٌ مُتَقَدِّمٌ مِنْ طَبَقَةِ ابنِ مُجَاهِدِ سَمِعَ أَبَا أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيَّ وقَرَأَ بالرِّوَايَات وَبَرَعَ فيهَا والتَّائِبُ لَقَبُهُ
والشِّهَابُ أَحْمدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ ابنِ عِيسَى الشَّابُّ التَّائِبُ حدَّثَ ووَعَظَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الوَفَاةِ ذَكَره الخُضيريّ في طَبَقَاتِهِ
وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي التَّائِبِ : مُحَدِّثٌ مُتَأَخِّرٌ قَالَ الذَّهَبيُّ : شَيْخٌ مُعَمَّرٌ في وَقْتِنَا شَاهِدٌ يَرْوِي الكَثيرَ قَالَ الحَافظُ : وأَخُوهُ إسْمَاعيلُ وجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِه حَدَّثُوا
وتَوْبَةُ اسْم مِنْهُمْ تَوْبَةُ البَاهِلِيُّ العَنْبَرِيُّ بَصْرِيٌّ مِنَ التَّابِعِينَ وغَيْرُهُ . وتَلُّ تَوْبَةَ : قَرْيَةٌ قُرْبَ المَوْصِلِ بأَرْضِ نِينَوَى فيه مَشْهَدٌ يُزَارُ قيلَ إنَّ أَهْلَ نِينَوَى لَمَّا وَعَدَهُمْ يُونُسُ العَذَابَ خَرَجُوا إلَيْهِ فَتَابُوا فَسُمِّيَ بذلكَ نقله شيخُنَا عن المراصد
واسْتَتَابَه : عَرَضَ عَلَيْه التَّوْبَةَ مِمَّا اقْتَرَفَ أَيِ الرُّجَوعَ والنَّدَمَ عَلَى مَا فَرَطَ منه والمُرْتَدُّ يُسْتَتَابُ كَذَا في الأَسَاس وغيرِه واسْتَتَابَهُ أَيْضاً : سَأَلَه أَنْ يَتُوبَ
وذَكَرَ الجَوْهَريُّ في هذِه التَّرْجَمَة التَّابُوت : هو الصُّنْدُوقُ فَعْلُوتٌ من التَّوْبِ فإنَّهُ لاَ يَزَالُ يَرْجِعُ إليه مَا يَخْرُجُ منه قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ وابنُ جِنِّي وتَبِعَهما الزمخشريّ وقيلَ : هو الأَضْلاَعُ وما تَحْوِيه من قَلْبٍ وغيرِه ويُطْلَق عَلَى الصُّنْدُوقِ نقله في التوشيح كذا قاله شيخُنَا أَصْلُه تَأْبُوَةٌ كتَرْقُوَةٍ وهو فَعْلُوَةٌ سُكِّنت الوّاوُ فَانْقَلَبَتْ هَاءُ التَّأْنيث تَاءً وقال القَاسِمُ بنُ مَعْن : لَمْ تَخْتَلفْ لُغَةُ قُرَيْشٍ والأَنْصَارِ في شَيْءٍ منَ القُرْآنِ إلاَّ في التَّابُوتِ فلُغَةُ قُرَيْش بالتَّاءِ ولُغَة الأَنْصَارِ التَّابُوهُ بالهَاءِ قال ابنُ بَرِّيّ : التَّصْرِيفُ الذي ذكره الجوهريُّ في هذه اللَّفْظَةِ حَتَّى رَدَّهَا إلى تَابُوت تصريفٌ فاسدٌ قال : والصَّوَابُ أَن يُذكر في فصل ت ب ت لأَنَّ تاءَه أَصليّةٌ ووزْنُه فاعُولٌ مثل عَاقُول وحَاطُوم والوقفُ عليها بالتَّاءِ في أَكثرِ اللغاتِ ومَنْ وَقَفَ عليها بالهاءِ فإنه أَبْدَلَها منَ التَّاءِ كما أَبدلها في الفُرَاتِ حينَ وقفَ عليها بالهاء وليست التاء في الفُرَاتِ بتاءِ تأْنيث وإنما هي أَصليّةٌ من نَفْسِ الكَلمةِ وقال أَبو بكرِ بنُ مُجَاهِدِ : التَّابُوتُ بالتَّاء قراءَةُ الناسِ جميعاً ولغةُ الأَنصارِ : التَابُوهُ بالهاءِ هذه عبارة لسان العرب قال شيخنا : والذي ذكره الزمخشريُّ أَنَّ أَصْلَهُ تَوْبُوتٌ فَعْلُوتٌ تَحَرَّكَتِ الوَاوُ وانْفَتَحَ مَا قَبْلها فقُلِبَت أَلِفاً أَقْربُ للقَوَاعدِ وأجْرَى عَلَى الأُصُولِ وتَرَجَّحَتْ لُغةُ قُريشٍ لأَنَّ إبدالَ التَاءِ هاءً إذا لم تكن للتأْنيث - كما هو رأْيُ الزمخشريّ - شَاذٌّ في العربية بخلاف رأْي المصنِّف والجوهريِّ وأَكثر الصرفيّين
التَّبُّ : الخَسَارُ والتَّبَبُ مُحَرَّكَةً والتَّبَابُ كسَحَابٍ والتَّبِيبُ كأَمِير : الهَلاَكُ والخُسْرَانُ والتَّتْبِيبُ تَفْعِيلٌ : النَّقْصُ والخَسَارُ المُؤَدِّي للْهَلاَكِ كَذَا قَيَّدَهُ ابنُ الأَثِيرِ وفي التنزيل العزيز " ومَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ " قال أَهلُ التفسيرِ : غَيْرَ تَخْسِيرٍ ومنه قولُهُ تعالى : " ومَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاَّ فِي تَبَابٍ " أَيْ في خسْرَانٍ
وتَبًّا لَهُ عَلَى الدُّعَاءِ نُصِبَ لأَنَّه مَصْدَرٌ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِه كَمَا تَقُولُ : سَقْياً لفُلاَنٍ مَعْنَاهُ سُقِيَ فُلاَنٌ سَقْياً ولمْ يُجْعَلِ اسْماً مُسْنَداً إلى ما قَبْلَهُ وتَبًّا تَبِيباً مُبَالَغَةٌ وتَبَّ تَبَاباً وتَبَّبَهُ : قَالَ له ذلِكَ أَيْ تَبًّا كَمَا يُقَالُ جَدَّعَه وعَقَّرَه تقول : تَبًّا لِفُلاَن ونَصْبُهُ عَلَى المَصْدَرِ بإضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أَلْزمه اللهُ خُسْرَاناً وهَلاكاً وتَبَّبُوهُمْ تَتْبِيباً : أَهْلَكُوهُمْ . وتَبَّبَ فُلاَناً : أَهْلَكَهُ
وفي التنزيل العزيز " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ يقالُ تَبَّتْ يَدَاهُ أَي ضَلَّتَا وخَسِرَتَا قال الراجزُ :
" أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقَةٍ لَمْ تُسْتَقلْ تَبَّتْ يَدَا صَافِقِهَا مَاذَا فَعلْ ونَقَلَ شيخُنَا عن المصباح : تَبَّتْ يَدُهُ تَتِبُّ بالكَسْرِ : خَسرَت كِنَايَة عنِ الهَلاَكِ وهو ظاهرٌ في المَجَازِ كما صَرَّح به الزمخشريُّ وغيرُه من الأَئمَّةِ
والتَّابُّ بتَشْدِيدِ المُوَحَّدَة : الكَبِيرُ مِنَ الرِّجَالِ والأُنْثَى : تابَّةٌ عن أَبي زَيْدٍ . وفي الأَساس : ومن المَجَاز : تَبَّ الرَّجُلُ : شَاخَ وكُنْت شَابًّا فَصِرْت تَابًّا شُبِّه فَقْدُ الشَّبَابِ بالتَّبَابِ وشَابَّةٌ أَمْ تَابَّةٌ وقيلَ : التَّابُّ : الرَّجُلُ الضَّعيفُ والتَّابُّ أَيْضاً : الجمَلُ والحِمَارُ قَدْ دَبِرَ بالكَسْرِ ظَهْرُهُمَا يُقَالُ : حِمَارُ تَابٌّ وجَمَلٌ تَابٌّ ج أَتْبَابٌ هُذَلِيّة نَادِرَة
وتَبَّ الشَّيْءَ : قَطَعَهُ وتَبَّ إذَا قَطَعَ و منه التَّبُّوبُ كالتَّنُّورِ وضَبَطَه الصاغَانيُّ كصَبُورٍ : المَهْلَكَةُ يُقَال : وَقَعُوا فِي تَبُّوبٍ مُنْكَرَة أَيْ مَهْلَكَةٍ . والتَّبُّوبُ كَتَنُّورٍ : ما انْطَوَتْ علَيْهِ الأَضْلاَعُ كالصَّدْرِ والقَلْبِ نَقَلَه الصاغانيّ
قلت : والصَّحِيحُ في المَعْنَى الأَخِيرِ أَنَّه البَتُّوت : بالتَّاءَيْنِ آخِرَه وقد تَصَحَّفَ عَلَيْه وقَلَّدَهُ المُصَنِّف
واسْتَتَبَّ الأَمْرُ : تَهَيَّأَ واسْتَوَى واسْتَتَبَّ أَمْرُ فُلاَنٍ إذَا اطَّرَدَ واسْتَقَامَ وتَبَيَّنَ وأَصْلُ هذَا منَ الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ وهو الَّذِي خَدَّ فيه السَّيَّارَةُ أُخْدُوداً فَوَضَحَ واسْتَبَانَ لمَن يَسْلُكُهُ كأَنَّهُ تُبِّبَ بكَثْرَةِ الوَطْءِ وقُشِرَ وَجْهُهُ فَصَارَ مَلْحوباً بَيِّناً مِنْ جَمَاعَةِ ما حَوَالَيْهِ منَ الأَرْضِ فشُبِّه الأَمْرُ الوَاضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به وأَنْشَدَ المَازِنيُّ في المَعَانِي :
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُهُ ... يَشْكُو الكَلالَ إلَيَّ دَامِي الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومِرَاحِهِ ... شَهْراً نَوَاحِيَ مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَهُ ... ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ نَصَبَ نَواحِيَ لأَنَّه جَعَلَهُ ظَرْفاً أَرَادَ في نَوَاحِي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ شَبَّه ما في هذا الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ من الشَّرَكِ والطُّرُقَاتِ بآثَارِ السِّنِّ وهو الحَديدُ الذِي تُحْرَثُ به الأرْضُ وقال آخَرُ في مِثْلِه :
" أَنْصَبْتُهَا مِنْ ضُحَاهَا أَوْ عَشِيَّتِهَافِي مُسْتَتِبٍّ يَشُقُّ البِيدَ وَالأَكَمَاأَيْ في طَرِيقٍ ذي خُدُودٍ أَيْ شُقُوقٍ مَوْطُوءٍ بَيِّنٍ وفي حدِيثِ الدُّعَاءِ حَتَّى اسْتَتَبَّ لَهُ مَا حَاوَلَ في أَعْدَائِك أَي اسْتَقَامَ واسْتَمرَّ كُلُّ هذَا في لسان العرب . ومُقْتَضَى كَلاَمِه أَنَّه من المَجازِ وهكذا صرَّحَ به الزمخشريُّ في الأَساس والمُؤَلِّفُ أَعْرَضَ عن ذِكْرِ الاسْتِتْبَابِ وتَرَكَ ما اشْتَدَّ إليه الاحْتيَاجُ لأُولِي الأَلْبَابِ وأَشَار شيخُنَا إلى نُبْذَةٍ منه من غَيْرِ تَفْصِيلٍ ناقلاً عنِ ابنِ فَارِسٍ وابن الأَثِيرِ وفيما ذَكَرْنَا مَقْنَعٌ للحاذِق البَصِير ويُفْهَمُ من تقرِير الشَّرِيشِيِّ شارحِ المقَامَاتِ عند قول الحَرِيرِيِّ في الدِّينَارِيَّةِ : كَمْ آمِر به اسْتَتَبَّتْ إمْرَتَهُ أَيِ اسْتَتَمَّتْ المِيمُ بَدَلُ البَاءِ وأَنَّ نَفْي النَّفْيِ إثْبَاتٌ
والتِّبَّةُ بالكَسْرِ وتَشْدِيدِ المُوَحَّدَةِ : الحَالَةُ الشَّدِيدَةُ : وفي التَكْمِلَة : يقالُ : هُوَ بِتِبَّةٍ أَيْ حَال شَدِيدَةٍ
ويُقَالُ : أَتَبَّ اللهُ قُوَّتَهُ أَيْ أَضْعَفَهَا وهُوَ مَجَازٌ
وَتَبْتَبَ كَدَحْرَجَ : شَاخَ مِثْلُ تَبَّ نَقَله الصاغانيّ وهو مَجَاز
والتِبَّيّ بالفَتْح ويُكْسَرُ : تَمْرٌ بالبَحْرَيْنِ كالشِّهْرِيزِ بالبَصْرَة وهو بالكَسْرِ وقال أبو حنيفة : وهو الغالِبُ على تَمْرِهِم يَعْنِي أَهْلَ البَحْرَينِ وفي التهذِيب : رَدِيءٌ يأْكُلُهُ سُقَّاطُ النَّاسِ قَالَ الجَعْدِيُّ :