لَغَبَ لغْباً بفتح فسكون ولَغُوباً كصَبُورٍ ولُغُوباً بالضَّمّ هكذا في نسختنا . وأَعتمد المُصَنِّف على ضَبْط القلم ولو ذَكَرَها بعدَ أَوزَانِ الفِعْل لكانتِ الإِحالَة على قواعِدِ الصّرف في مصادِر الفعل وردّ كُلّ ضَبْطٍ إِلى ما يقتضيه قياسُه كما فعله الجَوْهَرِيُّ حيثُ قالَ : لَغَبَ يَلْغُبُ بالضَّمّ لُغُوباً . ولَغِبَ بالكسر يَلْغَب لُغُوباً والَّذي حقَّقه شيخُنَا تَبَعأً لأئمَّة الصَّرف أَنَّ لَغْباً يجوزُ فيه تسكين الغين الْمُعْجَمَة وفتحُها . وظاهرُه أَنّه يُقَالُ بسكونها خاصَّةً وصرّحوا بأَن اللَّغْبَ بتسكين الغَيْن مصدرُ لَغَبَ كنَصَرَ كالَّلُغُوب بالضَّمّ والفتح والمفتوح مصدرُ لَغِب كفَرِح على القياس واللُّغُوبُ الأَوّلُ بالضمّ على قياس فَعَلَ المفتوح اللاّزم كالجُلُوس والثّاني بالفَتح شاذٌ مُلْحَقٌ بالمصادر الّتي على فَعُول كالوَضُوءِ والقَبُول . وهذا تحقيقٌ حسن . كمنَعَ وسَمِعَ حكاهما الفَيّوميُّ وابْنُ القَطَّاع يُرْوَي لَغُبَ مثل كَرُمَ . وهذِهِ الأَخيرَةُ عَنِ الإِمامِ اللُّغَويّ أَبي جعفرٍ أَحمدَ ابْنِ يُوسُفَ الفِهْرَيّ اللَّبْلِيِّ نسبة إِلى لَبْلَة : قريةٍ من قُرى الأَنْدَلُس وهو أَحَدُ شُيُوخِ ابْن حَيّان . ومن أَشهر مؤلّفاته في اللُّغَة : شرحُ الفصيح ثُمَّ إِنّ لغةَ الكسرِ ضعيفةٌ صرَّحَ به في الصَّحِاح ولم يذكُرْ لغةَ الضَّمّ . فقولُ شيخِنَا : وهذا عجيبُ من المُصنِّف كيف أَغرَبَ بنقله عن اللَّبْلِي وهو في الصِّحِاح وغيرِه ؟ فيهِ نظرٌ : أَعْيا أَشَدَّ الإِعياءِ كذا في المُحْكَم . وفي الصَّحِاح : اللُّغُوبُ : التَّعَبُ والإِعْياءُ ومثلُه في النِّهاية والغَرِيبَيْنِ . قال جماعةٌ : اللُّغُوبُ هو النَّصَبُ أَو الفُتُورُ اللاّحِقُ بسَببه أَو النَّصَبُ جُسْمانِيٌّ واللُّغُوب نَفْسَانِيٌّ . وهي فروقٌ لبعض فُقَهاءِ اللُّغَة . والأَكثرُ على ما ذكره المصنِّفُ والجوْهَرِيُّ وابْنُ الأَثِيرِ والهَرَوِيُّ وغيرُهم . قاله شيخُنَا . وأَلْغَبَه وَتَلَغَّبَهُ مُشَدَّداً : فَعَل به ذلك وأَتْعَبَهُ . قال كُثَيَّرُ عَزَّةَ :
تَلَغَّبَها دُونَ ابْنِ لَيْلَى وشَفَّها ... سُهَادُ السُّرَى والسَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ وقال الفَرَزْدقُ :
" بَلْ سوْفَ يَكْفِيكَ بازِيٌّ تَلَغَّبَهاإذا الْتَقَتْ بالسعُّوُدِ الشَّمْسُ والقَمَرُ المرادُ بالبازِيّ : هُنَا : عَمْرُو بْنُ هُبَيْرَةَ . وتَغَلَّبَهَا : تَوَلاّهَا فقامَ بها ولمْ يَعْجِزْ عنها . واللَّغْبُ بفتح فسكون : ما بَيْنَ الثَّنايَا من اللَّحْمِ نقله الصّاغانيُّ . اللَّغْبُ : الرِّيُش الفاسِدُ مثلُ البُطْنَانِ منه كاللَّغِبِ ككَتِفٍ لُغةٌ فيه . من المجاز : اللَّغْبُ : الكلامُ الفاسِدُ الّذِي لا صائِبٌ ولا قاصدٌ : ويقال : كُفَّ عنَّا لَغْبَكَ أَي : سَيِّءَ كَلامِك وفاسِدَهُ وقبيحَهُ . اللَّغْب كالوغْب : الضَّعِيفُ الأَحْمَقُ بَيِّنُ اللَّغَابةِ كَاللَّغُوبِ بالفِتْح . وفي الصَّحِاح عن الأَصْمعِيّ عن أَبي عمْرِو بْنِ العلاءِ : قال سَمِعْتُ : أَعْرابِيّاً من أَهلِ اليمنِ . يقول : فُلانٌ لَغُوبٌ جاءَتْهُ كِتابِي فاحْتَقَرهَا فقلتُ : أَتقول : جاءَتْه كِتابي ؟ فقال : أَليسَ بصَحيفة ؟ فقلْتُ : ما اللَّغُوبُ فقال : الأَحمقُ . قلت : وقد سبَقَتِ الإِشارة إِليه في ك ت اللَّغْبُ : السَّهْمُ الفاسِدُ الّذِي لَمْ يُحْسَنْ بَرْيُهُ وعَمَلُه . وقيلَ : هو الَّذِي رِيشُهُ بُطْنانٌ كاللُّغَابِ بالضَّمِّ يقالُ : سَهْمٌ لَغْبٌ ولُغَاب فاسِدٌ لم يُحْسَنْ عَمَلُه . وقيلَ : إِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرانٌ فهو لُغَابٌ ولَغْبٌ . وقِيل اللُّغَابُ من الرِّيش : البَطْنُ واحدتُهُ لُغابَةٌ وهو خِلاَفُ اللُّؤَامِ . وقِيل : هو رِيُش السَّهْمِ إِذا لم يَعْتَدِل فإِذا أَعتدلَ فهو لؤُاَمٌ . قال بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ :
" فإِنَّ الوَائِليَّ أَصابَ قَوْمِيبِسْمٍ رِيشَ لمْ يُكْسَ اللُّغَابا ويُرْوي : لَمْ يكنْ نِكْساً لُغابَاً . فإِمّا أَن يكونَ اللَّغَابُ من صفاتِ السَّهْم أَي : لم يكن فاسِداً وإِما أَنْ يكونَ أَراد : لم يكن نِكْساً رِيشٍ لُغاب وقال تَأَبَّطَ شَرّاً :
وما ولَدتْ أُمِّي منَ القَوْمِ عاجِزاً ... ولا كانَ رِيشي مِنْ ذُننابي ولا لَغْبِ قال الأَصمَعِيُّ : من الرِّيشِ اللُّؤَامُ واللُّغَابُ فاللُّؤَام ما كان بطْنُ القُذَةِ يَلِي ظَهْر الأُخرَى وهو أَجْودُ ما يكون فإِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرَانُ هو لُغَابُ ولَغْبٌ . وفي الحديثِ : " أَهدي يَكْسُومُ أَخُو الأَشْرَمِ إِلى النَّبِيّ صلَّى الله عليه وسلَّم سِلاحاً فيه سَهْمٌ لَغْبٌ " وذلك إِذا لم يَلْتَئمِ ريشُهُ ويَصْطَحِبْ لِرَداءَتِهِ فإِذا الْتأَمَ فهو لُؤَام . وقيل : اللَّغْبُ : الرَّدِيءُ من السِّهام الّذي لا يَذْهَبُ بَعِيداً . ولَغَبَ عَلَيْهِم كمَنَعَ يَلْغَبُ لَغْباً : أَفْسَدَ عليهِم نقله الجَوْهَرِيُّ عن الأَموِي . لَغَبَ القَوْمَ يَلْغَبُهُمْ : حَدَّثَهُمْ حَدِيثاً خَلْفاً بفتح فسكون نقله الصَّاغانيّ عن أَبي زيد وأَنشد :
" أَبْذُلُ نُصْحِي وأَكُفُّ لَغْبِي وقال الزِّبْرِقانُ :
أَلَمْ أَكُ باذِلاً وُدِّي ونَصْري ... وأَصْرِفُ عَنْكُمُ ذَرَبِي ولَغْبِي لَغَبَ الْكَلْبُ في إِناءٍ : وَلَغَ . واللُّغَابَةُ واللُّغُوبَةُ بضنِّهِما : الحُمْقُ والضَّعْفُ . رجُلٌ لَغُوبٌ بَيِّنُ اللَّغَابةِ وقد تقدَّم . وأَلْغَبَ السَّهْمَ : جَعَلَ رِيشَهُ لُغَاباً ؛ أَنْشَدَ ثعلب :
لَيْتَ الغُرَابَ رَمَى حَماطَةَ قَلْبِهِ ... عَمْرٌو بأَسْهُمِه الَّتِي لم تُلْغَبِ أَلْغَبَ الرَّجُلَ : أَنْصَبَهُ وأَتْعَبَه . ورِيشَ بِلَغْبٍ : لَقَبٌ كتَأَبَّطَ شَرّاً وهو أَخُوهُ . قد حَرَّكَ غَيْنَهُ الكُمَيْتُ الشّاعرُ في قوله :
" لا نَقَلٌ رِيشُها وَلا لَغَبُ مثل : نَهْرٍ ونَهَر لأَجْلِ حَرْفِ الحَلْق كذا في الصَّحِاح . وفي هامشه : بخطِّ الأَزْهَرِيِّ في كتابِه :
" لا نَقَلٌ رِيشُها وَلا نَقَبُ ووجدتُ في هامشٍ آخَرَ : " هذا النِّصْفُ الَّذِي عَزاهُ إِلى الكُمَيْت ليس هو في قصيدته الّتي على هذا الوزن أَصلاً وهي قصيدةٌ تٌنِيفُ على مائَةِ بَيْتٍ بلِ الوَزْنُ الوَزْنُ . ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ في قَوْلِه بعدَ أَنْ أَنشدَ قولَ تأَبَّطَ شَرًّا ما نَصُّه : وكان له أَخٌ يقالُ له رِيشُ لَغْبٍ . وقد سَبَقَهُ في هذا الاعتِراضِ على الجَوْهَرِيِّ الإِمامُ الصَّاغانيُّ فقال بعدَ أَن نَقَلَ كَلامَهُ : والصَّوَابُ : رِيشَ بِلَغْبٍ ؛ وقال : البيتُ لم أَجِدْهُ في دِيوانه يعني بيتَ تَأَبَّطَ شَرّاً السّابِقَ وإِنّمَا هو لأَبي الأَسْوِد الدُّؤَلِّي يخاطِبُ الحارِثَ بْنَ خالِدٍ وبعدَهُ قولُهُ :
ولا كُنْتُ فَقْعاً نابِتاً بقَرَارَة ... ولكِنَّنِي آوِى إِلى عَطَنٍ رَحْبٍوالقِطعةُ خَمسةُ أَبياتٍ . ويُرْوَى لطَريفِ بْنِ تَمِيمٍ العَنْبَرِيِّ قرأْتُهُ في ديِوَانَيْ شِعْرِهما . قال شيخُنا : هذا كلامُه في العُبَاب ونقلَهُ الشَّيْخُ عليّ المَقْدسِيّ وسلَّمَه . قلتُ : وهو بعينِه كلامُهُ في التَّكْلمة أَيضاً . قال شيخُنا : وفيه نظرٌ فإِنّ البيتَ الَّذِي أَنشده في العُبَاب ظانَّاً أَنَّه الشّاهدُ الَّذِي قصَدَهُ المُصَنِّف ليس هو المراد بل ذاك لِتأَبَّطَ شَرَّاً أَنشده الجَوْهَرِيُّ شاهداً على اللَّغْبِ بالفتح بمعنى الرِّيش الفاسد . ثُمَّ أَورد العبَارةَ بعدَ ذلك . فالمصنِّفُ صَّرح بأَن الغلطَ في تركِ الباءِ في أَول بِلَغْبِ لا في التّحْرِيك ولا في نِسبة الشّاهِد للكُمَيْت وكلامُ الصَّاغانيِّ فيه ما أَورد المصنِّفُ وهو الَّذِي فيه الخِلافٌ . وأَمّا بيتُ تَأَبَّطَ شرّاً فلا دخْلَ له في البحْث كما لا يخْفَى . انتهى . قلتُ : لا خَفاءَ في أَنَّ كلامَ الصَّاغانيّ إِنما هو في قولِ تَأَبَّطَ السّابقِ ذِكْرُهُ وليس فيه ما يدُلُّ على أَنَّه الشاهدُ الَّذِي أَوردَه المصنِّفُ وهو ظاهرٌ فإِنّ قولَ الكُمَيْتِ من بَحْرٍ وقَوْلَ تَأَبَّطَ شَرّاً من بحرٍ آخَرَ . وأَخَذَ بِلَغَبِ رَقَبتِهِ محَرَّكَةً : أَي أَدْرَكَهُ نقله الصَّاغانيّ . والتَّلَغُّبُ : طُولُ الطَّرَدِ مُحَرّكة وفي نُسْخَة : الطِّرَادِ وفي نسخة من الصَّحِاح : بفتح فسكون قال :
تَلَغَّبَنِي دَهْرٌ فلمَّا غَلَبْتُه ... غزَاني بأَوْلادي فأَدْرَكَني الدَّهْرُ ومن سَجعات الأَساس : تَلَعَّبَتْ بهم القِفَارُ وتَلَغَّبَتْهُم الأَسْفَارُ . ومما يُستدرَكُ على المؤلِّف : المَلاَغِبُ جمْعُ المَلْغَبَة من الإِعْيَاءِ وفي التَّنْزِيلِ العزيزِ : " وما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ " ومنه قِيل : ساغِبٌ لاغِبٌ أَي : مُعْيٍ . ومن المجازِ : رِياحٌ لَوَاغِبُ وأَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
وبلْدَةٍ مَجْهَلٍ تُمْسِي الرِّيَاحُ بها ... لواغِباً وهْيَ ناوٍ عرصها خاوِي انتهى
وفي الصَّحِاح : ورِيشٌ لَغِيبٌ قالَ الرّاجِزُ في الذِّئْب :
أَشْعَرْتُهُ مُذَلَّقاً مَذْرُوباً ... رِيشَ بِرِيشٍ لَمْ يَكُنْ لَغِيبَا واللَّغَابُ : مَوْضِعٌ معروف . وكذلك اللَّغْباءُ قال عَمْرُو بْنُ أَحمَرَ :
" حَتَّى إِذا كَرَبَتْ واللَّيْلُ يَطْلُبُهاأَيْدِي الرِّكابِ من اللَّغْبَاءِ تَنْحَدِرُ ولَغَّبَ فُلانٌ دابَّتَهُ تَلْغِيباً : إِذا تحامَلَ عليهِ حتّى أَعْيَا وتَلَغَّبَ الدَّابةَ : وجَدَهَا لاغِباً نقله الصَّاغانيُّ
الغَيْبُ : الشَّكُّ قال شيخُنا : أَنكَره بعْضٌ وحَمَلَه بَعْضٌ على المجَاز وصَحَّحه جماعَة ج غِيَابٌ وغُيُوبٌ قال :
" أَنت نَبِيٌّ تَعْلَمُ الغِيَابا
" لا قائلاً إِفكاً وَلاَ مُرْتَابَا الغَيْبُ : كُلُّ مَا غَابَ عَنْكَ كأَنه مَصْدَر بمَعْنَى الفَاعِل ومثْلُه في الكَشَّاف . قال أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ في قَوْلِه تَعَالَى : يُؤْمِنُون بالغَيْبِ أَي بما غَابَ عنْهم مما أَخْبَرَهُم به النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم من أَمْرِ البَعْث والجنَّة والنَّارِ . وكُلُّ مَا غَاب عَنْهُم مِمَّا أَنْبَأَهُم به فهو غَيْبٌ . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : يُؤْمِنُون بِاللهِ . قال : والغَيْبُ أَيْضاً : مَا غَابَ عن العُيُونِ وإِنْ كَانَ مُحَصَّلاً في القُلُوب . ويقال : سَمِعتُ صَوتاً مِنْ ورَاء الغَيْبِ أَي مِنْ مَوْضِعٍ لا أَراه . وقد تَكرَّر في الحَدِيثِ ذكْرُ الغَيْب ؛ وهو كلُّ ما غَاب عَنِ العُيُون سَوَاءٌ كان مُحصَّلاً في القلوب أَو غَيْرَ مُحصَّل . والغَيْبُ من الأَرْضِ : ما غَيَّبكَ وجَمْعُه غُيُوبٌ . أَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
إِذَا كَرِهُوا الجمِيعَ وحَلَّ مِنْهُم ... أَراهِطُ بالغُيوبِ وبالتِّلاَعِ الغَيْبُ : مَا اطْمأَنَّ من الأَرْضِ وجَمْعُه غُيُوبٌ . قال لَبِيدٌ يَصِف بَقرةً أَكَلَ السَّبع وَلَدَها فأَقبَلَت تَطُوفُ خَلْفَه :
وتَسَمَّعتْ رِزَّ الأَنِيسِ فرَاعهَا ... عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُهَا تَسَمَّعَت رِزَّ الأَنِيسِ أَي صَوْتَ الصَّيّادِين فَرَاعَهَا أَي أَفزَعَهَا . وقوله ولأَنِيسُ سَقَامُهَا أَي أَنَّ الصَّيَّادِين يَصِيدُونَها فهم سَقَامُهَا . وقال شَمِر : كُلُّ مَكَان لا يُدْرَى مَا فيه فهو غَيْبٌ وكذلك المَوْضِعُ الَّذِي لا يُدْرَى ما وَرَاءَه وجَمْعُه غُيُوب . قال أَبو ذُؤَيْب :
يَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْه ومَطْرِفُهُ ... مُغْضٍ كما كَسَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ كذا في لسان العرب . الغَيْبُ : الشَّحْمُ أَي شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاةِ وشَاةٌ ذَاتُ غَيْب أَي شَحْمٍ لتَغَيُّبِه عن العيْن . وقولُ ابْنِ الرَّقاع يَصِفُ فَرَساً
وتَرَى لِغَرِّ نَساهُ غَيْباً غَامضاً ... قَلِقَ الخَصِيلَة من فُوَيْقِ المَفْصِل
قوله غَيْباً يَعْنِي انْفَلَقَت فَخِذَاه بلَحْمَتَين عند سمَنه فجَرَى النَّسَا بَيْنَهُمَا واسْتَبَانَ . والخَصِيلَةُ : كُلُّ لَحْمَة فيها عَصَبَة . والغَرُّ : تَكَسُّر الجلْدِ وتَغَضُّنُه . والغَيْبَةُ بالفَتْح والغَيْب كالغِيَاب بالكَسْرِ والغَيْبُوبَةِ على فَعْلُولة ويقال فَيْعُولَة على اخْتلاف فيه . والغُيُوبِ والغُيُوبَةِ بضَمِّهِمَا والمَغَابِ والمَغِيبِ كُلُّ ذلك مَصْدَر غاب عَنِّي الأَمرُ إِذَا بَطَنَ . الغَيْبُ : مثلُ التَّغَيُّب . يقال : تَغَيَّبَ عَنِّي الأَمْرُ : بَطَنَ وغَيَّبَهُ هُو وغَيَّبهُ عنْه . وفي الحَدِيثِ لَمَّا هجَا حَسَّانُ قُريْشاً قالوا : إِنَّ هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عَنهُ ابنُ أَبي قُحَافَةَ . أَرادُوا أَنَّ أَبا بَكْر كان عَالِماً بالأَنْسَابِ والأَخْبَارِ فهو الذي عَلَّم حَسَّان . ويدُلُّ عليه قولُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لِحَسَّان : سَلْ أَبا بَكْر عن معَايِبِ القَوْم . وكان نَسَّابَةً عَلاَّمَة . وغَابَتِ الشَّمسُ وغيرُهَا من النُّجُوم مغِيباً وغِياباً وغُيُوباً وغَيْبُوبَةً وغُيُوبَةً عن الهَجَرِيّ : غَرَبَت . وغاب الرَّجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ : سَافَر أَو بَانَ . وأَمَّا ما أَنشَدهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّة ... ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ إِنَّما وَضَع فيه الشاعِرُ المُتَغَيَّبَ موضع المُتَغَيِّب . قال ابنُ سِيدَه وهكذا وجدتُه بخَطِّ الحَامِض والصحِيح المُتَغَيِّب بالكَسْرِ . وغابَ الشَّيْءُ يَغِيبُ غِيَابَةً بالكَسْرِ وَغُيُوبةً بالضَّمِّ وبالفَتْح هما عن الفَرَّاء وغَيَاباً بالفَتْح وغِيَاباً وغِيبةً بِكَسْرِهِمَا وقوم غُيَّبٌ كرُكَّع وغُيَّابٌ مثل كُفَّار وغَيَبٌ محركة كخَادِم وَخَدَمٍ أَي غَائِبُون الأَخِيرةُ اسمٌ للجمْع وصَحَّت اليَاءُ فيها تَنْبِيهاً على أَصْل غاب وإِنما تَثْبُتُ فيه الياءُ مع التَّحْرِيك ؛ لأَنَّه شُبِّه بِصَيَدٍ وإِنْ كان جَمْعاً وصيَدٌ مَصْدَرُ قَوْلك : بعِيرٌ أَصْيدُ ؛ لأَنَّه يجوز أَن تَنْوِيَ به المَصْدَر . وفي حديثِ أَبِي سَعِيد إِنَّ سَيِّد الحَيِّ سَلِيمٌ وإِنّ نَفَرَنَا غَيَبٌ أَي رِجَالنَا غَائِبُون . قال الهَوَازِنِيّ : الغَابَةُ : الوَطْأَةُ مِنَ الأَرْض الَّتي دُونَهَا شُرْفَة وهي الوَهْدَةُ رواه شَمِر عن الهوازِنِيّ . قال أَبو جَابِر الأَسَديّ : الغَابَة : الجمْعُ مِنَ النَّاسِ وَ من المَجَاز : أَتوْنَا في غَابَة . قلت : يُحْتَمَل أَنْ يكون بمَعْنَى جَمْع من النَّاسِ أَوِ الغَابَة : الرُّمْحُ الطَّوِيلُ الذي له أَطْرَافٌ تُرَى كأَطْرَافِ الأَجَمَةِ أَو المُضْطَرِبُ منه فِي الرِّيح وقِيلَ : هِيَ الرِّماح إِذَا اجتَمعتْ . قال ابنُ سِيدَه : أُرَاه على التَّشْبِيه بالغَابَة الَّتِي هِيَ الأَجَمَةُ ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكَاثِف ؛ لأَنَّها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا والجَمْعُ من كُلِّ ذَلِكَ غَابَاتٌ وَغَابٌ . وقيل : الغَابَة : الأَجَمَة الَّتِي طالَت ولهَا أَطْرَافٌ مُرْتفِعَةٌ باسقةٌ . يقال : ليْثُ غابةٍ . والغابُ : الآجام وهو من الياءِ . وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ كرَّم اللهُ وَجْهَه :
" كَليْثِ غابَاتٍ شدِيدٍ قَسْوَرَهْأَضَافَه إِلَى الغَابَاتِ لِشدَّته وقُوَّته . غَابَةُ : اسْمُ ع بالحجازِ . وقال أَبو حَنِيفَة : الغَابَة : أَجَمةُ القَصب . قال : وقد جُعِلَت جماعَة الشَّجَر لأَنَّه مأْخُوذٌ من الغَيَابَةِ . وفي الحَدِيث أَنّ مِنْبر سَيِّدِنا رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم كان من أَثْلِ الغَابَةِ وفي رواية : من طَرْفاءِ الغَابَة . قال ابنُ الأَثير : الأَثْلُ : شجَرٌ شَبِيهٌ بالطَّرْفَاءِ إِلاَّ أَنَّه أَعْظَمُ منه . والغَابَةُ : غَيْظَةٌ ذَاتُ شَجَر كثير وَهي على تِسْعَة أَمِيال من المَدِينَة . وقَال في مَوْضع آخَر : هي موْضِع قَرِيبٌ من المدينة من عوَالِيهَا وبِهَا أَمْوالٌ لأَهْلها قال : وهو المَذْكُور في حَديثِ السِّباق . وفي حديثِ تَرِكَة ابْنِ الزُّبَيْر وغَيْر ذلك . وغَيَابَةُ كُلِّ شَيْءٍ : ما سَتَرَك ؛ وهو قَعْرُه مِنْهُ كالجُبِّ والوَادِي وغَيْرهما . تَقولُ : وقَعْنَا فِي غَيْبَة من الأَرْض أَي في هَبْطة عن اللِّحيانيّ . ووقعوا في غَيابَةٍ من الأَرْض أَي في مُنْهَبَط منها . ومنه قول الله عز وجل : وأَلقُوهُ في غَيابَات الجُبّ وفي حرف أُبَيٍّ : في غَيْبةِ الجُبِّ . بَدا غَيَبَاتُ الشَّجَر بفَتح الغَيْن وتَخْفِيفِ اليَاء وآخِره تَاءٌ مُثَنَّاة فَوْقِيه هكَذَا في نُسْخَتِنا وهو خَطَأٌ وصَوَابُه غَيْبَانُ بالنُونِ في آخِرِه وتُشَدَّدً الياءُ التَّحْتِيَّة وفي نُسْخَة زِيَادَة قوله : وتُكْسَرُ أَي الغَيْن عُرُوقُه التي تَغَيَّبَت منه وذلك إِذا أَصَابه البُعاقُ مِن المَطَرِ فاشْتَدَّ السَّيْلُ فحَفَر أُصولَ الشَجَر حتى ظَهَرت عُروقُه وما تَغَيَّبَ مِنْهُ . وقال أَبُو حَنِيفَة : العَرب تُسَمِّي مالم تُصِبْه الشَّمْسُ من النَّبَاتِ كُلِّه الغَيْبَانَ بتَخْفِيف اليَاءِ والغَيَابَةُ كالغَيْبَان وعن أَبي زِيَادِ الكِلاَبِيّ : الغَيَّبَانُ بالتَّشْدِيد والتَّخْفِيفِ مِنَ النَّبَاتِ : ما غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فلم تُصِبْه وكذلك غَيَّبَانُ العُرُوق . كذَا في لسان العرب . روى بعْضُهُم أَنّه سَمِع : غَابَه يَغِيبُه إِذَا عابَه وذَكَره بِمَا فِيهِ مِنَ السُّوء . وفي عبارة غَيْره وذَكَر منه ما يَسُوءُه كاغْتَابَه . والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبَة والغِيبَةُ من الاغْتِيَاب . يقال : اغتاب الرجُل صاحِبَه اغْتِيَاباً إِذَا وَقَعَ فيه : وهو أَن يَتَكَلَّم خَلْف إِنْسَان مَسْتُورٍ بِسُوءٍ أَوْ يَغُمُّه وإِن كَان فِيهِ فإِن كان صِدْقاً فهو غِيبَةٌ وإِنْ كَانَ كَذِباً فهو البَهْتُ والبُهْتَانُ كذلك جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والاسم الغِيبَة ؛ ولا يكونُ ذلِكَ إِلاّ مِنْ وَرَائِه وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز : ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعضاً أَي لا يَتَناولْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْب بما يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيه وإِذَا تَنَاوَلَه بِمَا ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتَانٌ وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ : غَابَ إِذَا اغْتَابَ وغَابَ إِذَا ذَكَر إِنْسَاناً بخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ والغِيبَةُ فِعْلة مِنْه أَي من الاغْتِيَاب كمَا أَسْلفْنا بَيَانَه تكُونُ حَسَنَةً أَو قَبيحَةً وأَطْلَقَه عن الضَّبْطِ لشُهْرَتِه . وامرَأَةٌ مُغِيبٌ ومُغِيبَةٌ : غَابَ عنها بَعْلُها أَو وَاحِدٌ من أَهْلِها . الأُولَى عن اللِّحْيَانِيّ . ويقال : هي مُغِيبة بالهاء ومُشْهِدٌ بلا هاءٍ نَقَلَه ابنُ دُرَيْد . أَغابَتِ المَرْأَة فهي مُغِيبٌ كمُحْسِن أَي بالإِعْلاَل وَهذِه عن ابْنِ دُرَيْد غَابُوا عَنْهَا . وفي الحَدِيثِ أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْشِط الشَّعْثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ هي التي غَابَ عَنها زَوْجُهَا . وفي حَدِيث ابْنِ عَبَّاس أَنَّ امرأَة مُغِيباً أَتت رَجُلاً تَشْتَرِي منه شَيْئاً فتعرَّض لَهَا فقالَت له : ويْحَك إِنِّي مُغِيبٌ . فتَرَكها قَوْلُهُم : وهم يَشْهَدُون أَحْيَاناً وَيَتَغَايَبُون أَحْيَاناً أَي يَغِيبُون أَحْيَاناً ولا يقال : يَتَغَيَّبُون . ويقال : تَغَيَّب عَنِّي فُلاَنٌ ولاَ يَجُوزُ أَي عِنْد الجُمْهُور عَدَا الكُوفِيِّين تَغَيَّبنَي إِلاَّ في ضَرُورَة شِعْر قال امرؤُ القَيْس :
قَظلَّ لَنَا يومٌ لَذِيذٌ بنَعْمَةٍ ... فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِوقال الفَرَّاء : المُتَغَيِّبُ مَرْفوعٌ والشِّعْرُ مُكْفَأٌ ولا يجُوز أَن يَرِدَ على المَقِيل كما لاَ يَجُوزُ : مررتُ برَجُل أَبوه قائِمٍ . وَغَائِبُكَ : مَا غَابَ عنْكَ اسمٌ كالْكَاهِل والجَامِلِ أَي لَيْسَ بمُشْتَقٍّ من الغَيْبُوبَة . وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
" ويُخْبِرُنِي عنْ غَائِبِ المَرْسِ هَدْيُهكَفَى الهَدْيُ عمَّا غَيَّب المرءُ مُخْبِرَا قال : شَيْخُنَا : ولكنْ قولُه في تَفْسِيره : ما غاب عَنْك أي الَّذِي غَابَ صَرِيح في أَنَّه صِيعَةُ اسْمِ فَاعِل من غَابَ وإِن كَانَ يُمْكن دَعْوَى أَنَّه الأَصْل وتُنوسِيَت الوصْفِيَّةُ وصارَ اسْماً للغَائِب مُطْلَقاً كالصَّاحِب فَتَأَمَّل انتهى . ومِمَّا بقِي على المؤلف : قولُهم : غَيَّبَه غَيَابُهُ أَي دُفِن في قَبْرِه ومِنْه قَوْلُ الشَّاعِر :
" إِذَا أَنَا غَيَّبَتْنِي غَيابتي أَرَادَ بِهَا القبرَ لأَنَّه يُغَيِّبه عن أَعْيُن النَّاظِرِين ومِثْله في مَجْمع الأَمْثَال للميْدَانِي . وقيل الغَيابة في الأَصل قَعْرُ البِئرُ ثم نَقِلَت لِكُلِّ غَامِضٍ خَفِيّ والمُغَايبَة خلاَفُ المُخَاطَبَة . وفِي الأَساسِ تَقُولُ : أَنَا مَعَكُم لا أُغايِبُكم وتَكلَّمَ به عن ظَهْرِ غَيْبٍ وشَرِبَتِ الدَّابَّةُ حَتَّى وَارَت غُيوبَ كُلاَها وهي هُزُومها جَمْع غَيْب وهي الخَمْصة التي في موضع الكُلْيَة انتهى . وفي لسان العرب : في حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ لا دَاءَ ولا خُبْثَةَ ولا تَغْيِيب التَّغْيِيبُ : أَن لا يبيعه ضَالَّة ولا لُقَطَة
فصل الفاء