" القُوتُ " بالضَّم : ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من الرِّزْق . وفي المحكم : القُوتُ " والقِيتُ والقِيتَةُ بكَسْرِهِما والقَائِتُ والقُواتُ " بالضّمّ وهذا عن اللِّحْيَانِيّ قال ابنُ سِيدَه : ولم يُفَسِّرْه وعندي أَنهُ من القُوتِ وهو : " المُسْكَةُ من الرِّزْقِ " . وفي الصّحاح : هو ما يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الإِنْسانِ من الطَّعَامِ . وجمعُ القُوتِ أَقْوَاتٌ ويقال : ما عِنْده قوتُ ليلةٍ وقِيتُ لَيْلَةٍ وقِيتَةُ لَيْلَةٍ - لمَّا كُسِرَتِ القَاف صارت الواو ياءً - وهي البُلْغَة وفي الحديث : " اللّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً " أَي بقدر ما يُمْسِك الرَّمَقَ من المَطْعَمِ وفي حديث الدُّعَاءِ : " وجَعَلَ لِكُلٍّ منهم قِيتَةً مَقْسُومَةً من رِزْقهِ " وهي فِعْلَة من القَوْتِ كِميتَةٍ من المَوْتِ . " وَقَاتَهُم " يَقُوتُ " قَوْتاً " بالفتح وقال ابنُ سيده : قَاتَه ذلك قَوْتاً " وقُوتاً " بالضّمّ الأَخيرةُ عن سيبويه " وقِيَاتَةً بالكَسْرِ " ككِتَابَةٍ : عَالَهم وأَنا أَقُوتُه أَي أَعُولُه برزْقٍ قَليل وقُتُّهُم " فاقْتَاتُوا " كما تَقُول : رَزَقْتُه فارْتَزَقَ وفي الحَديث : " كَفَى بالمَرْءِ إِثْماً أَن يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ " أَرادَ من تَلزمهُ نَفَقَتُه من أَهْله وعِيَاله وَعَبيده ويُرْوى " مَنْ يَقِيتُه " على اللُّغَة الأُخرى وفي حديث آخر : " قُوتُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فيه " سُئِل الأَوْزَاعيّ عنه فقال : هو صِغَرُ الأَوْعيَة وقال غيره : هو مثلُ قوله : " كيلوا طَعَامَكُمْ " . وتَقَوَّتَ بالشَّيْءِ واقْتَاتَ به واقْتَاتَهُ جَعَلَهُ قُوتَه
وحكى ابنُ الأَعْرَابيّ أَنَّ الاقْتياتَ هو القُوتُ جعله اسماً له قال ابنُ سيدَه : ولا أَدري كيف ذلك قال : وقَوْل طُفَيْل : " يَقْتَاتُ فَضْلَ سَنَامهَا الرَّحْلُ " قال : عندي أَنَّ يَقْتَات هنا بمعنى يَأْكُل فيَجْعَلُه قُوتاً لنَفْسه وأَما ابنُ الأَعْرَابيّ فقال : معناه يَذْهَبُ به شيئاً بعد شَيْءٍ قال : ولم أَسمَعْ هذا الذي حكاه ابنُ الأَعْرَابيّ إِلاّ في هذا البيت وَحْدَه فلا أَدري أَتَأَوُّلٌ " منه " أَم سَمَاعٌ سَمِعَه قال ابنُ الأَعْرَابيّ : وحَلَفَ العُقَيْليُّ يوماً " فَقَالَ " : لا وقائِتِ نَفَسي القَصيرِ ما فَعَلْتُ قال : هو من قوله :
" يَقْتَاتُ فَضْلَ سَنَامها الرَّحْلُ قال : والاقْتِياتُ والقُوْتُ واحدٌ قال أَبو منصور : لا وقَائتِ نَفَسي أَراد بنَفَسي رُوحَه والمعنى : أَنه يَقْبِض رُوحَه نَفَساً بعد نَفَسٍ حتى يَتَوَفَّاه كُلَّه وقوله :
" يَقْتَاتُ فَضْلَ سَنَامها الرَّحْلُ أَي يَأْخُذُ الرَّحْلُ - وأَنَا راكبُهُ - شَحْمَ سَنَام الناقَةِ قليلاً قليلاً حتى لا يَبْقَى منه شَيءٌ لأَنَّهُ يُنْضِيها . " والقَائِتُ : الأَسَدُ " وذا من التكملة القَائِتُ " من العَيْش : الكِفَايَةُ " يقال : " هو " في قائتٍ من العَيْش أَي " في " كفاية " والمُقيتُ : الحافظُ للشَّيْء والشَّاهدُ له " وأَنشد ثعلبٌ للسَّمَوْأَلِ بنِ عادياءَ :
رُبَّ شَتْمٍ سَمِعْتُه وتَصَامَمْ ... تُ وَعِى تَرَكْتُه فَكُفِيتُ
ليْتَ شِعْري وأَشْعُرَنَّ إِذَا مَا ... قَرَّبُوها مَنْشُورَةً ودُعِيتُ
أَلِىَ الفَضْلُ أَمْ عَلَىَّ إِذا حُو ... سِبْتُ إِنِّى عَلَى الحِسَاب مُقِيتُأَي أَعْرِفُ ما عَلِمْتُ من السوءِ لأَن الإِنْسَانَ عَلَى نَفْسه بَصيرَةٌ . وحكى ابنُ بَرِّىّ عن أَبي سَعيدِ السِّيرافيّ قال : الصحيحُ رواية من روى : " ... رَبِّى عَلَى الحسَاب مُقِيتُ " قالَ : لأَنَّ الخاضعَ لرَبِّه لا يَصفُ نَفْسَه بهذه الصِّفَةِ قال ابنُ بَرِّىّ : الذي حَمَلَ السِّيرَافيَّ على تَصحيح هذه الرِّوَايَة أَنَّه بَنَى على أَن مُقيتاً بمعنى مُقْتَدِر ولو ذَهبَ مَذْهَبَ مَنْ يقول : إِنّه الحافِظُ للشَّيْءِ والشَّاهدُ لَهُ - كما ذَكَر الجوهَريُّ - لم يُنْكِرِ الرِّوَايَةَ الأُولَى . المُقِيتُ في أَسماءِ اللهِ الحُسْنَى : الحَفِيظُ . وقال الفَرّاءُ : المُقِيتُ " المُقْتَدِرُ " والمُقَدِّرُ " كالذِي يُعْطِي كُلَّ أَحَدٍ " وكلَّ شَيْءٍ - وفي بعضِهَا كُلَّ رَجُلِ وهو نَصُّ عبارةِ الفرّاءِ - " قُوتَهُ " . وقيل : المُقِيتُ : هو الذي يُعْطِى أَقواتَ الخَلائقِ من أَقَاتَه يُقِيتُه إِذا أَعْطَاهُ قُوتَه وأَقَاتَه أَيضاً إِذا حَفِظَهُ وفي التَّنْزِيلِ العزِيزِ " وكَانَ اللهُ على كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً " وقال الزَّجَّاجُ : المُقِيتُ القَدِيرُ وقيل : الحَفِيظُ " قال " وهو بالحَفِيظِ أَشْبَهُ لأَنه مشْتَقٌّ من القَوْتِ يُقَال : قُتُّ الرجُلَ أَقُوتُه قَوْتاً إِذا حَفِظْتَ نَفْسَه بما يَقُوتُهُ والقُوتُ : اسمُ الشَّيْءِ الذي يَحْفَظُ نَفْسَه ولا فَضْلَ فيهِ على قَدْرِ الحِفْظِ فمعنى المُقِيتِ : الحَفيظُ الذِي يُعْطِى الشيءَ قَدْرَ الحَاجَةِ من الحِفْظِ ومثله قول الزَّجَّاج وقيلَ في تَفسيرِ بيتِ السَّموأَلِ :
" إِنّي على الحِسَابِ مُقِيتُ أَي مَوْقُوفٌ على الحِسَابِ وقال آخَرُ :
ثم بَعْدَ المَمَات يَنْشُرُنِي مَنْ ... هُو عَلَى النَّشْرِ يَا بُنَيَّ مُقِيتُ أَي مُقْتَدِرٌ . وقال أَبو عُبَيْدَة : المُقِيتُ - عند العرب - : الموْقُوفُ على الشّيْءِ وفي الصّحَاح : وأَقَاتَ على الشَّيْءِ : اقْتَدَرَ عَلَيْه قالَ أَبو قَيْسِ بنُ رِفَاعَةَ اليَهُودِيّ وقِيلَ : ثَعْلَبَةُ بن مُحَيْصَةَ الأَنْصَارِيّ وهو جاهلّي وقد رُوِىَ أَنه للزُّبَيْرِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ عمِّ سيّدِنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأَنشده الفَرّاءُ :
وذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ ... وكنتُ على إِسَاءَتِه مُقِيتَا أَي مقتدراً . وقرأْت في هامشِ نُسْخَةِ الصّحاح بخَطِّ ياقُوت ما نَصُّه : ذكر أَبو مُحَمّدٍ الأَسْوَدُ الغُنْدِجانيّ أَن هذا البيت في قَصِيدةٍ مرفوعةٍ ورواه . " على مَسَاءَتِهِ أُقِيتُ " . وأَورد القصيدةَ وآخرها :
وإِنّ قُرُومَ خَطْمَةَ أَنْزَلَتْنِي ... بحيثُ تُرَى من الحَضَضِ الخُرُوتُ قلت : وفي التكملة بعدهما :
يَبِيتُ الليلَ مُرتَفِقاً ثَقِيلاً ... على فَرْشِ القَنَاةِ وما أَبِيتُ
تَعِنُّ إِلىَّ منهُ مُؤْذِيَاتٌ ... كما تَبْرِى الجَذَامِيرَ البُرُوتُ وَنَفَخَ في النَّارِ نَفْخاً قُوتاً واقْتَاتَ لها كلاهما : رَفَقَ بها . " واقْتَتْ لنَارِكَ قِيتَةً " بالكَسْر أَي " أَطْعِمْها الحَطَبَ " قال ذُو الرُّمَّة :
فَقُلْتُ له ارفَعْهَا إِلَيْكَ وأَحْيِها ... بِرُوحكَ واقْتَتْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرَا وفي اللسان : إِذا نَفَخَ نافِخٌ في النارِ قِيلَ له : انْفُخْ نَفْخاً قُوتاً واقْتَتْ لها نَفْخَكَ قِيتَةً يأْمُرُه بالرِّفْقِ والنَّفْخِ القَلِيلِ ومثلُه في التكملة . " واسْتَقَاتَه : سأَلَهُ القُوتَ " . وفلان يَتَقَوَّتُ بكَذا . " وأَقَاتَه " أَي الشَّيءَ " وأَقَاتَ عليهِ : أَطَاقَهُ " فهو مُقِيتٌ أَنشد ابنُ الأَعْرَابيّ :
ربما أَسْتَفِيدُ ثم أُفِيدُ ال ... مَالَ إِنِّي امْرُؤُ مُقِيتٌ مُفِيدُ ومما يستدرك عليه في المَجَاز : فلانٌ يَقْتَاتُ الكلامَ اقْتِياتاً إِذا أَقَلَّهُ والحربُ تُقْتَاتُ الإِبِلَ أَي تُعْطَي في الدِّياتِ كذا في الأَساس . وفي أَمْثَالهم : " جَدُّ امْرِىءِ في قائِتِهِ " أَي يَتَبَيَّنُ جَدُّهُ . فيما يَقُوتُهُ كذا في شرحِ شيخنا وفي التكملة : القِيَاتَةُ : من الأَعلام والأَصلُ قِوَاتَةٌ
فصل الكاف مع المثناة الفوقية
" مَقَتَه مَقْتاً " مَقُتَ إِلى النّاسِ ككَرُمَ " مَقَانَةً " هكذا في المِصْباحِ والأَفْعالِ والأَسَاس وصريحُ كلامِ المُصَنِّفِ أَنّ مَقَاتَةً مصدَرُ مَقَتَ كنَصَر وليس كذلك . وفي المحكم : المَقْتُ : أَشَدُّ الإِبْغاضِ مَقَتَ مَقَاتَةً ومَقَتَهُ مَقْتاً " أَبْغَضَه كمَقَّتَه " تَمْقِيتاً " فهو مَقِيتٌ " فَعِيلٌ بمعنى فاعِل ككَرِيمٍ " ومَمْقُوتٌ " قال :
ومَنْ يُكثِرِ التَّسْآلَ ياحُرُّ لَمْ يَزَلْ ... يُمَقَّتُ في عَيْنِ الصَّدِيقِ ويُصْفَحُ
وفي الأَساس : مَقَتَهُ مَقْتاً وهو بُغْضٌ عن أَمْرٍ قَبِيحٍ . وفي المُفْرداتِ للراغب : هو أَشَدُّ البُغْضِ . قلت : والذي في الأَساسِ مأْخُوذٌ عن عبارة اللَّيْث فإِنه قال : المَقْتُ : بُغْضٌ عن أَمرٍ قبيح رَكِبَه فهو مَقِيتٌ وقد مَقُتَ إِلى النّاسِ مَقَاتَةً . عن الزّجّاج - في قوله تعالى : " ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النّساءِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ إِنّهُ كانَ فَاحِشَةً ومَقْتاً وسَاءَ سَبِيلاً " - قال : المَقْتُ : أَشَدُّ البُغْضِ المَعْنى : أَنَّهمُ عَلِمُوا أَنّ ذلك في الجَاهِلِيَّة كان يُقَال له : المَقْتُ " وكان المولودُ عليه يقال له المَقْتِىُّ " فأُعْلِمُوا أَنَّ هذَا الذي حُرِّمَ عليهِم من نِكاح امْرَأَةِ الأَبِ لم يَزَلْ مُنْكَراً في قُلوبِهم مَمْقُوتاً عِندَهُم . وفي الحديث : " لم يُصِبْنَا عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الجَاهِلِيَّةِ في نِكاحِها ومَقْتِها " . " ونِكاحُ المَقْتِ : أَن يَتَزَوَّجَ " الرَّجُلُ " امْرأَةَ أَبيهِ بَعْدَهُ " أَي إِذا طَلَّقَها أَو ماتَ عَنْها وكان يُفْعَلُ في الجَاهِلِيَّة وحَرَّمَه الإِسْلامُ . " والمَقْتِىُّ : ذلك المُتَزَوِّجُ " قاله ابن سيده " أَو وَلَدُه " حكاهُ الزَّجَاج . " وما أَمْقَتَهُ عِنْدِي " وأَمْقَتَنِي له قال سيبويهِ : هو على معنيين : إِذا قُلْتَ : ما أَمْقَتَهُ عِنْدِي فإِنّما " تُخْبِرُ أَنَّهُ مَمْقُوتٌ و " إِذا قُلْتَ : " ما أَمْقَتَنِي لَهُ " فإِنّما " تخبر أَنَّكَ مَاقِتٌ " . وقال قتادة - في قول الله تعالى : " لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ " - قال : يقول : لَمَقْتُ اللهِ إِيّاكُمْ حينَ دُعِيتُم إِلى الإِيمانِ فَلَمْ تُؤْمِنُوا أَكْبَرُ من مَقْتِكُمْ أَنفُسَكم حينَ رأَيتُم العَذابَ . وفي الأَساس : تَمَقَّتَ إِليه نَقِيضُ تَحَبَّبَ ومَاقَتَهُ وتَماقَتُوا
واستدرك شيخنا : مقتى وهي قَرْيَةٌ قريبَةٌ من أَيْلَة لها ذكر في غزوة تبُوك . ومَقَتَ إِذا خَدَمَ ومنه المَقْتَوِىّ ذكره المُصَنّف في قَتَا وأَهمَلَه هُنا