نَبَعَ الماءُ يَنْبُعُ مُثَلَّثَةً قالَ شَيْخُنَا : التَّثْلِيثُ راجِعٌ إلى عَيْنِ المُضَارِعِ كما هُوَ مَعْلومٌ منْ اصْطِلاحِه في ضَبْطِ آتِي الأفْعالِ ولا يَرْجِعُ لأنَّه أبْقَاه فعُلِمَ أنَّهُ بالفَتْحِ فَقَط وأنَّ التَّثْلِيثَ راجِعٌ لما يَلِيهِ وهُوَ المُضَارِعُ لا غَيْرُ وأمّا ضَبْطُ ابنِ التِّلِمْسَانِيِّ نَبَعَ الماضِي بالتَّثْليثِ فإنَّهُ لا يُعْتَدُّ بهِ ولا يُعْرَفُ في دَوَاوِينِ اللُّغَةِ وإنْ تَبِعَهُ بَعْضُ من اقْتِفَاهُ في حَوَاشِي الشِّفاءِ فلا يُقَالُ فيهِ غَيْرُ نَبَعَ بالفَتْحِ
قلتُ : وهذا الّذِي ذكرَه في تَثْليثِ عَيْنِ المُضَارِعِ هُوَ الصَّرِيحُ منْ عِبَارَةِ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وأمّا ما رَدَّهُ على ابنِ التِّلِمْسَانِيِّ منْ تَثْلِيثِ ماضِيهِ فهُوَ صَحِيحٌ نَقَلَه صاحِبُ اللِّسَانِ ونَصُّه : نَبَع الماءُ ونَبِعَ ونَبُعَ عنِ اللِّحْيَانِيِّ أي : نَبُعَ بالضَّمِّ عنِ اللِّحْيَانِيِّ فقَوْلُ شَيْخِنا : لا يُعْرَفُ في شيءٍ منْ دَوَاوِينِ اللُّغَةِ مَحَلُ نَظَرٍ نَبْعاً ونُبُوعاً الأخِيرُ بالضَّمِّ وكذلكَ نَبَعَاناً مُحَرَّكَةً نَقَله شَيْخُنا : تَفَجَّرَ وقيلَ : خَرَجَ منَ العَيْنِ ولذلك سُمِّيَتْ العَيْنُ يَنْبُوعاً
واليَنْبُوعُ : العَيْنُ يَفْعثولٌ منْ نَبَعَ الماءُ : إذا جَرَى منَ العَيْنِ قالَ اللهُ تَعالى : حتى تَفْجُرَ لنا منَ الأرْضِ يَنْبُوعاً
أو هُوَ الجَدْوَلُ الكَثِيرُ الماءِ قالَهُ ابنُ دُرَيدٍ والجَمْعُ اليَنَابِيعُ ومنْهُ قوْلُه تعالى : فسَلَكَه يَنَابِيعَ في الأرْضِ
ويَنْبُعُ كيَنْصُرُ : حِصْنٌ لَهُ عُيُونٌ فَوّارَةٌ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : مائِةٌ وسَبْعُونَ عَيْناً ونَخِيلٌ وزُرُوعٌ لِبَنِي الحَسَنِ بن عليِّ بن أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهم بطَرِيقِ حاجِّ مِصْرَ عنْ يَمينِ الجَائي من المَدِينَةِ إلى وادِي الصَّفْراءِ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : وهُوَ مَنْقُولٌ منْ يَنْبُع لكَثْرَةِ يَنَابِيعِها قالَ شيْخُنَا : ولا يُعْرَفُ فيهِ إلا هذه اللُّغَة وقَوْلُ البُوصِيريِّ في الهَمْزِيَّةِ :
" ... . . فرَقَّ اليَنْبُوعُ والحَوْراءُ فلا يُعْرَفُ بل وَهَمٌ ظاهِرٌ انْتَهَى
قلت : لا وَهَمَ في قَوْلِ البُوصِيرِيّ رحمه اللهُ وصانَه عما شأنَه ففي الأساسِ : وكأنَّ عَيْنَهُ يَنْبُوعٌ أي : وبَقِيَّةُ العُيُونِ مُتَفجِّرَةٌ منْهُ وحَيْثُ إنّه اسمُ عَيْنٍ فلا بِدْعَ أنْ يَكُونَ سُمِّيَ باسْمِ أكْبَرِ العُيُونِ أو أنَّه سُمِّيَ بالمَصْدَرِ فإنَّ الرّاغِبَ صَرَّحَ في مُفْرداتِه : نَبَع الماءُ يَنْبُع نَبْعاً ونُبُوعاً ويَنْبُوعاً فتأمَّلْ
قلتُ : وهو الآنَ صُقْعٌ كَبيرٌ بَيْنَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفيْنِ وأمّا العُيُونُ فإنَّه لمْ يَبْقَ منْهَا إلا الآثارُ قالَ كُثَيِّرٌ يَصِفُ الظُّعُنَ :
قَوَارِضَ حِضْنِي بَطْنِ يَنْبُعَ غُدْوةً ... قَوَاصِدَ شَرْقِيَّ العَناقَيْنِ عِيرُهَا وقالَ أيْضاً :
ومَرَّ فأرْوَى يَنْبعُاً فجَنُوبَه ... وقَدْ جِيدَ منْهُ جَيْدَةٌ فعَباثِرُ وقَدْ نُسِبَ إليْهِ حَرْمَلَةُ بنُ عَمروٍ الأسْلمِيُّ الصَّحابِيُّ كانَ يَنْزِلُ يَنْبَعَ وشَهِدَ حِجَّةَ الوَداعِ
ونُبَايِعُ بضمِّ النُّونِ أو نُبايِعاتٌ الأخِيرُ على الجَمْعِ كأنَّهُم سَمَّوْا كُلَّ بُقْعَةٍ نُبَايع كما يُقالُ لوادِي الصَّفْرَاءِ صَفْرَاوَاتٌ : وادٍ في بلادِ هُذَيْلٍ قالَ أبو ذُؤَيْبٍ :
فكأنَّهَا بالجِزْعِ جِزْعِ نُبَايِعٍ ... وأُولاتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ وشَكَّ فيهِ الأزْهَرِيُّ فقالَ : نُبَايِعُ : اسْمُ مكانٍ أو جَبَل أو وادٍقُلتُ : هكذا رَواهُ أبو سَعِيدٍ نُبايِع بتَقْدِيمِ النُّونِ ومِثْلُه لابنِ القَطّاعِ وقالَ ابنُ بَرِّيّ : حَكَى المُفَضَّلُ فيه الياءَ قَبْلَ النُّونِ وقالَ أبو بكْرٍ : هُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْه سِيَبَويْهِ وأمّا ابنُ جَنِّي فجَعَلَهُ رُباعِياً وقالَ : ما أظْرَفَ بأبي بَكْرٍ أنْ أوْرَدَهُ على أنَّه أحَدُ الفَوَائِتِ ألا يَعْلَمُ أنَّ سيبوَيْهِ قالَ : ويكُونُ على يَفَاعِلَ نَحْو : اليَحامِدِ واليَرَامِعِ فأمّا إلْحَاقُ عَلَمِ التَّأْنِيث والجَمْعِ بهِ فزائِدٌ عل المِثَالِ غَيْرُ مُحْتَسَبٍ بهِ وإنْ رَوَاهُ رَاوٍ نُبَايِعَات
فنُبَايِعُ : نُفَاعِلُ كنُضارِبُ ونُقَاتِلُ نُقِلَ وجُمِعَ وكذلكَ نُبَاوِعات
وفي العُبابِ : والدَّلِيلُ على أنَّ نُبايِعَ ونُبَايِعاتٍ واحِدٌ قوْلُ البُرَيْقِ الهُذَلِيِّ يَرْثِي أخاهُ :
لَقَدْ لاقَيْتُ يَوْمَ ذَهَبْتُ أبْغِي ... بحَزْمِ نُبَايِعٍ يَوْماً أمارا ثُمَّ قالَ بَعْدَ أرْبَعَةِ أبْيَاتٍ :
سَقَى الرَّحْمنُ حَزْمَ نُبَايِعَاتٍ ... منَ الجَوْزاءِ أنْوَاءً غِزَارا ونُبَيْعٌ كزُبَيْرٍ : ع حِجَازِيٌّ أظُنُّه قُرْبَ المَدينَةِ على ساكِنِها أفْضَلُ الصلاةِ والسلامِ ويُرْوَى قَوْلُ زُهَيْر بن أبي سُلْمَى :
غَشيتُ دِياراً بالنُّبَيْعِ فثَهْمَدِ ... دَوَارِسَ قَدْ أقْوَيْن منْ أمِّ مَعْبَدِ والرِّوَايَةُ المَشْهُورَةُ بالبَقِيعِ
والنَّبْعَةُ والنُّبَيْعَةُ كجُهَيْنَةَ : مَوضِعانِ وفي التَّكْمِلَةَ : جَبَلانِ بعَرفاتٍ
ونابِعٌ : ع بالمَدِينةِ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
ومن المَجَازِ رَشَحَتْ نَوابِعُ البَعيرِ أي : مَسَايِلُ عَرَقِه وهِيَ المَوَاضِعُ الّتِي يَسِيلُ منهَا عَرَقُه كما في الصِّحاحِ
والنَّبْعُ : شَجَرٌ زادَ الأزْهَرِيُّ منْ أشْجَارِ الجِبَالِ وقالَ أبو حَنِيفَةَ : شَجَرٌ أصْفَرُ العُودِ رَزِينُه ثَقِيلُهُ في اليَدِ وإذا تَقَادَم احْمَرَّ وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيثِ : قيلَ : كانَ يَطُولُ ويَعْلُو فدَعَا عليهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقالَ : لا أطَالَكَ اللهُ منْ عُودٍ فلَمْ يَطُلْ بَعْدُ للقسِيِّ تُتَّخَذُ منْهُ قالَ أبو حَنِيفَةَ : وكُلُّ القِسِيِّ إذا ضُمَّتْ إلى قَوْسِ النَّبْعِ كَرَمتْهَا قَوْسُ النَّبْعِ لأنَّهَا أجْمَعُ القِسِيُّ للأرْزِ واللِّينِ يَعْنِي بالأرْزِ الشِّدَّةَ قالَ : ولا يكُونُ العُودُ كَرِيماً حتى يَكُونَ كذلكَ وأنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشَّمّاخِ :
" شَرَائِجُ النبْعِ بَرَاهَا القَوّاسْ وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ :
وأصْفَرَ منْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... بهِ عَلمانِ منْ عَقْبٍ وضَرْسِ يَقُولُ : بُرِيَ منْ فَرْعِ الغُصْنِ ليسَ بفِلْقٍ وللسِّهامِ تُتَّخَذُ من أغْصَانِه وقالَ المُبرِّدُ : النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرِْيانُ : شَجَرةٌ واحِدَةٌ ولكِنَّها تَخْتَلِفُ أسْمَاؤُهَا لاخْتلافِ منابِتَها وتَكْرُمُ على ذلك فما يَنْبُتُ في قُلَّةِ الجَبَلِ فهُوَ النَّبْعُ والوَاحِدُ نَبْعَةٌ والنّابِتُ منْهُ في السَّفْحِ الشَّرْيانُ وما كانَ في الحَضِيضِ فهُو الشّوْحَطُ وقد تَقَدَّم ذلك في شحط وقال الشّاعِرُ يُفَضِّلُ قَوْسَ النَّبْعِ على قَوْسِ الشَّرِْيان والشَّوْحَطِ :
وكَيْفَ تَخافُ القَوْمَ أمُّكَ هابِلٌ ... وعِنْدَكَ قَوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ
منَ النَّبْعِ لا شَِرْيانَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ ... ولا شَوْحَطٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ غَرُورُ وقوْلُهُم : لَو اقْتَدَحَ بالنَّبْعِ لأوْرَى ناراً مَثلٌ يُضْرَب في جَوْدَةِ الرَّأْيِ والحِذْقِ بالأُمُورِ لأنَّهُ أي : النَّبْعَ لا نارَ فيهِ وقالَ الأعْشَى :
ولَوْ رُمْتَ في ظُلْمَةٍ قادِحاً ... حَصَاةً بنَبْعٍ لأوْرَيْتَ نَارَا يعْنِي أنَّه مُؤَتّىً لَهُ حتى لو قَدَحَ حَصاةً بنَبْعٍ لأوْرَى له وذلك ما لا يَتأتَّى لأحَدٍ وجَعَلَ النَّبْعَ مَثَلاً في قِلَّةِ النّارِ قالَهُ أبو حَنِيفَةَوالنَّبّاعَةُ مُشَدَّدَةً : الاسْت يُقالُ : كَذَبَتْ نَبّاعَتُكَ إذا رَدَمَ وبالغَيْنِ المُعْجَمَةِ أيْضاً كما في الصِّحاحِ
وانْباعَ العَرَقُ : إذا سالَ وكُلُّ راشِح : مُنْباعٌ
وكذا انْباعَ عَليْنَا في الكَلامِ : إذا انْبَعَثَ أو وَثَبَ بَعْدَ سُكُونٍ مَحَلُّ ذِكْرِه في بوع وقد تقدم ووَهِم منْ ذَكَرَهُ ههُنَا يَعْنِي بهِ الجَوْهَرِيُّ وقد نَبَّهَ عليهِ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ ولمّا كانَ ابنُ دُرَيد قَدْ سَبَقَ الجَوْهَرِيُّ في ذِكْرِهِ في هذا التَّرْكيبِ لمْ يَحُضّ الجَوْهَرِيُّ بالتَّوَهُّمِ بَلْ عَمَّه
وأمَّا قَوْلُ عَنْتَرَةَ :
" يَنْباعُ منْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ فألِفُه للإشْبَاعِ ضَرُورَةً ورُوِيَ بِحَذْفِها أيْضاً
وتَنَبَّعَ الماءُ : جاءَ قَلِيلاً قَلِيلاً ومِنْهُ قَوْلُ أبي ذُؤَيْبٍ :
ذَكَرَ الوُرُودَ بِهَا وشَاقَى أمْرَه ... شُؤْماً وأقْبَلَ حَيْنُه يَتَنَبَّعُ وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : النَّبّاعَةُ مُشَدَّدَةً : الرَّمّاعَةُ منْ رَأْسِ الصَّبيِّ قَبْلَ أن تَشْتَدَّ فإذا اشْتَدَّتْ فهِيَ اليافُوخُ
ويُنَابعُ بضمِّ الياءِ : لُغَةٌ في نُبايِع بالنُّونِ عن المُفَضّلِ ويُقَالُ فيه أيْضاً : يُنَابِعا بالضَّمِّ مَقْصُوراً فإذا فُتِحَ أوَّلُه مُدَّ قالَهُ كُرَاع وحكَى غيرُه فيهِ المَدَّ والضَّمَّ ويُرْوَى نَبَايعات بفَتْحِ النُّونِ ويُنَابِعات بضَمِّ الياءِز والنَّبِيعُ كأمِيرٍ : العَرَقُ نَقَلَه ابنُ بَرِّيِّ وأنْشَدَ للمَرّارِ :
" تَرَى بِلِحَي جَمَاجِمِها نَبِيعاً ومَنْبَعُ الماءِ : مَوْضِعُ تَفَجُّرِه والجَمْعُ المَنَابِعُ
والنّابِعَةُ : عَيْنٌ بالقُرْبِ من السُّوْيسِ أحَد ثُغُوِ مِصْرَ حُلْوٌ لَيْسَ لَهُمْ غَيْرُه
واليَنْبُوعُ : المَنْبَعُ وجاءَ بمَعْنَى النّابِعِ أيْضاً
ومن المَجَازِ : فُلانٌ صُلْبُ النَّبْعِ و ما رَأيْتُ أصْلَبَ نَبْعَةً منهُ وهُوَ منْ نَبْعَةٍ كَرِيمَةٍ
وقَرَعُوا النَّبْعَ بالنَّبْعِ : تَلاقَوْا
ونَبَعَ منْ فُلانٍ أمْرٌ : ظَهَرَ
ونَبَعَ العَرَقُ : رَشَحَ
وفَجَّرَ اللهُ يَنَابِيعَ الحِكْمَةِ على لِسانِه
ونَبْعَهُ بالفتْحِ : بَلَدٌ بعُمانَ
مَنَعَهُ كذا يَمْنَعُه بفَتْحِ نُونِهِما وإنَّمَا ذَكَرَ آتِيَهُ لأنَّهُ لو أطْلَقَه لظُنَّ أنَّه مِنْ حَدِّ نَصَرَ كما هيَ قاعِدَتُه وإنَّمَا قَيّدَ بفَتْحِ النُّونِ لئلا يُظَنَّ أنّه منْ حَدِّ ضَرَبَ كما هيَ قاعِدَتُه إذا ذَكَرَ الآتِيَ فتأمَّلْ . مَنْعاً : ضِدُّ أعْطَاهُ
قِيلَ : المَنْعُ : أنْ تَحُولَ بينَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشَّيءِ الّذِي يُرِيدُه ويُقَالُ : هُوَ تَحْجِيرُ الشَّيءِ ويُقَالُ أيضاً : مَنَعَه منْ كذا وعنْ كذا ويُقَالُ مَنَعَه منْ حَقِّهِ ومَنَعَ حَقَّهُ منْهُ لأنَّهُ يَكُونُ بمَعْنَى الحَيْلُولَةِ بينَهُمَا والحِمَايَةِ ولا قَلْبَ فيهِ كما تُوُهِّم قالَهُ الخَفَاجِيُّ في العِنَايَةِ ونَقَلَه شيْخُنَا كمَنَّعَهُ تَمْنِيعاً فامْتَنَعَ مِنْه وتَمَنَّعَ فهُوَ مانِعٌ ومَنّاعٌ كشَدَّادٍ ومَنُوعٌ كصَبُورٍ
وقد يُرادُ بذلكَ البُخْلُ ومِنْهُ قوله تعالى : ويمْنَعُونَ الماعُونَ منّاعٍ للخَيرِ وإذا مسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً
وأمّا المانِعُ في أسْمائِهِ جلَّ ذِكْرُه فهُوَ : الّذِي يَمْنَعُ منِ اسْتَحقَّ المَنْعَ وقِيلَ : يَمْنَعُ أهْلَ دِينهِ أي : يحُوطُهُم ويَنْصُرُهُمْ جَمْعُ الأوَّلِ مَنَعَةٌ مُحَرَّكَةً ككافِرٍ وكَفَرَةٍ
ويُقَالُ : هُوَ في عِزٍّ ومَنَعَةٍ مُحَرَّكَةً ويُسَكَّنُ عن ابنِ السِّكِّيتِ وعلى التَحْرِيكِ فيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ جَمْعَ مانِعٍ كما حَكَاهُ الجَوْهَرِيُّ وعَزَاهُ ابنُ بَرِّيّ للنَّجِيرَمِيِّ أي : هُوَ في عِزوٍّ مَعَهُ منْ يَمْنَعُهُ منْ عَشيرَتهِ كما في الصِّحاحِ فمِنْ بَيَانِيَّةٌ أي : مَعَهُ ناسٌ مُتَّصِفُونَ بأنَّهُمْ يَمْنَعُونَه منَ الضَّيْمِ والتَّعَدِّي عليهِ لا مُتَعَلِّقٌ بمَنَعَ كماتُوُهِّمَ وهكذا رُوِيَ الحَدِيثُ بالوَجْهَيْنِ : سَيَعُوذُ بهذا الدِّينِ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ
وأمّا على تَقْدِيرِ السُّكُونِ فالمُرَادُ بهِ أي : قُوَّةٌ تَمْنَعُ منْ يُرِيدُه بسُوءٍ
قلتُ : ويُحْتَمَلُ على تَقْدِيرِ التَّحْرِيكِ أنْ يَكُونَ مصْدَراً كالأنَفَةِ والعَظَمَةِ والعَبَدَةِ كما صَرَّحَ بهِ الزَّمَخْشَرِيُّ : فيَكُونُ مَعْناهُ ومَعْنَى المَنْعَةِ بالسُّكُونِ سَواءً
وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ : المَنْعُ بالفَتْحِ : السَّرَطانُ ج : مُنُوعٌ كبَدْرٍ وبُدُورٍ
والمَنْعِيُّ : أكّالُ السَّرَطَانَاتِ ولو قالَ : أكّالُهَا كانَ أخْصَرَ
والمَنْعَى كسَكْرَى : الامْتِنَاعُ
ومَناعِ كقَطامِ أي : امْنَعْ مَعْدُولٌ عَنْهُ وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ لِرَجُلٍ منْ بَكْرِ بنِ وائِلٍ وقالَ أبو عُبَيْدَةَ في كِتابِ أيّامِ العَرَبِ : إنَّه لرَجُلٍ منْ بَنِي تَمِيمٍ :
" مَناعِهَا منْ إبِلٍ مَناعِها
" أما تَرَى المَوْتَ لَدَى أرْبَاعِهَا كما في العُبابِ وزَعَمَ الكِسائِيُّ أنَّ بَنِي أسَدٍ يَفْتَحُونَ مَناعَها ودَراكَها وما كانَ منْ هذا الجِنْسِ والكَسْرُ أعْرَفُ كما في اللِّسانِ
ومناعِ أيْضاً : هَضْبَةٌ في جَبَلَيْ طَيِّيءِ قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : قالَ النَّبيُ : صلى الله عليه وسلم لزَيد الخَيْلِ إذْ جاءَهُ يُسْلِم : أنا خَيْرٌ لَكُمْ منْ مَناعِ ومنَ الحَجَرِ الأسْوَدِ الّذِي تَعْبُدُونَهُ منْ دُونِ اللهِ يَعْنِي صَنَماً منْ حَجَرٍ أسْودَ ويُقَالُ : المَنَاعانِ وهُمَا جَبَلانِ
والمَنَاعَةُ : د لهُذَيْلٍ أو جَبَلٌ لَهُم قالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةً الهُذَلِيُّ :
أرَى الدَّهْرَ لا يَبْقَى على حَدَثانِهِ ... أبُودٌ بأطْرَافِ المَنَاعَةِ جَلْعَدُ الجَلْعَدُ : الغَلِيظُ
ومن المَجَازِ : المُمْتَنِعُ : الأسَدُ القَوِيُّ في جِسْمِهِ العَزِيزُ في نَفْسهِ الّذِي لا يَصِلُ إليهِ شَيءٌ ممّا يَكْرَهُه لعِزَّتِه وقُوَّتِه وشجاعَتِه
ومانَعَهُ الشَّيءَ مُمَانَعَةً : رادَعَهُ على الكَفِّ
وتَمَنَّعَ عَنْهُ انْكَفَّ وهو أيْضاً مُطاوِعُ مَنَعَهُ مَنْعاً وقَدْ تكُونُ المُمَانَعَةُ بمَعْنَى المُحَاماةِ فيَكُونُ مجازاً
وقالَ الكِلابِيُّ : المُتَمَنِّعَانِ وفي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ : المُتَمَنِّعان : البَكْرَةُ والعَنَاقُ يَتَمَنَّعانِ وفي الصِّحاحِ : تَمْتَنِعانِ على السَّنَةِ لفَتَائِهِمَا و في الصِّحاحِ : بفَتَائِهِمَا ولأنَّهُما تَشْبَعانَ قَبْلَ الجِلَّةِ أو هُمَا المُقَاتِلَتَانِ الزَّمَانَ عنْ أنْفُسِهِمَا وفي بَعْضِ النُّسَخِ : على أنُفُسِهِمَا كُلٌّ ذلكَ قَوْلُ الكِلابِيِّ وهوَ مجازٌ
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : المانِعُ : الضَّنِينُ المُمْسِكُ
وقَوْمٌ مَنَعاتٌ : لا يُخْلَصُ إليهِمْ
والاسْمُ المَنَعَةُ مُحَرَّكَةً والمَنْعَةُ بالفَتْحِ والمِنْعَةُ بالكَسْرِ والمَصْدَرُ المَنَاعَةُ
وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ : رَجُلٌ مَنُوعٌ : يَمْنَعُ غَيْرَه ومَنِعٌ : يَمْنَعُ نَفْسَه قالَ عَمْرو بنُ مَعْدِ يَكرِبَ :
بَرانِي حُبُّ منْ لا أسْتَطِيعُ ... ومنْ هُوَ للذِي أهْوَى مَنُوعُ ومَنُعَ الشَّيءُ مَنَاعَةً : اعْتَزَّ وتَعَسَّرَ
وامْرَأةٌ مَنِعَةٌ : مُتَمَنِّعَةٌ لا تُؤاتِي على الفاحِشَةِ وقَدْ تَمَنَّعَتْ وهُوَ مَجازٌ
وحِصْنٌ مَنيعٌ ومُمَنَّعٌ : لَمْ يُرَمْ
وتَمَنَّعَ بهِ أي : احْتَمَى وهُوَ مجازٌ
وناقَةٌ مانِعٌ : مَنَعَتْ لَبَنَها على النَّسَبِ قالَ أُسامَةُ الهُذَلِيُّ :
كأنِّي أُصادِيهَا على غَيْرِ مانِعٍ ... مُقَلِّصَةِ قَدْ أهْجَرَتْهَا فحُولُهَا وقَوْسٌ مَنْعَةٌ : مُمْتَنِعَةٌ مُتَأبِّيَةٌ شَاقَّةٌ وهو مجازٌ قالَ عَمْروُ بنُ بَراء : ارْمِ سَلاماً وأبَا الغَرّافِ
" وعاصِماً عَنْ مَنْعَةٍ وقِذَافِ ورَجُلٌ مَنِيعٌ : قَوِيُّ البَدَنِ شَدِيدُه
وحَكَى اللِّحْيَانِيِّ لا مَنْعَ عَنْ ذاكَ قالَ : والتَّأْوِيلُ : حَقّاً أنَّكَ أنْتَ فَعَلْتَ ذلكَ
وهُوَ يَمْنَعُ الجارَ أي : يَحُوطُه منْ أنْ يُضامَ ويَنصُرُه
ولَهُ في قَوْمِه حِصْنٌ مَنِيعٌ ومُمَنَّعٌ وهُو مجازٌ
والمَوَانِعُ : جَمْعُ مانِعٍ
وتَمانَعَا : امْتَنَعا
وعنْ أنْفُسِهِمَا : تَحَامَيَا
والمَنَعَاتُ مُحَرَّكَةً : المَحَارِزُ والمَعَاقِلُ
والمَناعَةُ كثُمَامَةٍ قالَ ابنُ جِنِّي : يَحْتَمِلُ أمْرَيْنِ أحَدُهُمَا : أنْ يَكُونَ فَعالَةً منَ المَنَعِ والآخَرُ : أنْ يَكُونَ مَفْعَلَةَ منْ قَوْلِهِمْ : جائِعٌ نائعٌ وأصْلُهَا مَنْوَعَةٌ فجَرَى مَجْرَى مَقَامَة وأصْلُهَا مَقْوَمَةٌ