تِسْعَةُ رِجَالٍ في العَدَد المُذَكَّر وتِسْعُ نِسْوَةٍ في العَدَدِ المُؤَنَّثِ مَعْرُوفٌ . وقَوْلُهُ تَعَالَى : " ولَقَدْ آتَيْنَا مُوَسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيَّناتٍ " هي : أَخْذُ آلِ فِرْعَوْنَ بالسِّنِينَ وإِخْرَاجُ مُوسَى عَلَيْه السّلامُ يَدَهُ بَيْضَاءَ والعَصَا والطُّوفانُ والجَرَادُ والقُمَّلُ والضَّفَادِعُ والدَّمُ وانْفِلاقُ البَحْرِ . وقَدْ جَمَعَ ذلِكَ المُصَنِّفُ في بَيْتٍ واحدٍ فقال :
عَصاً سَنَةٌ بَحْرٌ جَرَادٌ وقُمَّلٌ ... دَمٌ ويَدٌ بَعْدَ الضَّفادِعِ طُوفانُ وقَدْ ضَمَّنْتُه بِبَيْتٍ آخَرَ فقُلْتُ :
" آياتُ مُوسَى الكَلِيمِ التِّسْعُ يَجْمَعُهَابَيْتٌ فَرِيدٌ لَهُ في السَّبْك عُنْوَانُ عَصاً سَنة ...إِلى آخِرِه . أَمَّا العَصَا فَفِي قَوْلِه تَعَالَى : " فَألْقَى عَصَاهُ فإِذا هِيَ ثُعْبَانٌ مِبِين " وأَمَّا السَّنَةُ ففي قَوْلِه تَعالَى : " ولَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بالسِّنِينَ " وهو الجَدْبُ حَتَّى ذَهَبَتَ ثِمَارُهُمْ وذَهَبَ من أَهْلِ البَوَادِي مَوَاشِيهِم وكَذا بَقِيَّةُ الآيَاتِ وكُلُّهَا مَذْكُورَةٌ في القُرْآنِ قال شَيْخُنَا : وقَدْ نَظَمَها البَدْرَ بنُ جَمَاعَةَ أَيْضاً فِي قَوْلِه :
" آيَاتُ مُوسَى الكَلِيمِ التّسعُ يَجْمَعُهَابَيْتٌ عَلَى إِثْرِ هذَا البَيْتِ مَسْطُورُ
عَصاً يدٌ وَجرادٌ قُمَّلٌ ودَمٌ ... ضَفَادِعٌ حَجَرٌ والبَحْرُ والطُّورُ وقَالَ : وبَيْنَهُ مع بَيْتِ المُصَنِّف اتّفَاقٌ واخْتِلافٌ وجَعَلَهَا الزَّمَخْشَرِيّ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً : فزاد الطَّمْسَةَ والنُّقْصَانَ في مَزَارِعِهِم وعِبَارَتُه : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : كانَتِ الآيَاتُ إِحْدَى عَشرَةَ : ثِنْتَانِ منها اليَدُ والعَصَا والتَّسْعُ : الفَلقُ والطُّوفانُ والجَرَادُ والقُمَّلُ والضّفادِعُ والدَّمُ والطَّمْسُ والجَدْبُ في بَوادِيهِمْ والنَّقْصُ من مَزَارِعِهِم . انْتَهَى ولَمْ يَذْكُرِ الجَوَابَ . وقَوْلُه في النَّظْمِ : حَجَرٌ يُرِيدُ به انْفِجَارَهُ وقد ذَكَرَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ أَيْضاً
قال شَيْخُنَا : ثُمَّ إِنَّ المُصَنِّف أَطْلَق في التِّسْعِ اعْتِمَاداً على الشُّهْرَة بالكَسْرِ فَلِمْ يَحْتَج إِلَى ضَبْطِهَا وفي سُورَةِ ص " تَسْعٌ وتسْعُون " بفَتْح التَّاءِ وكَأَنِّهُم لَمَّا جاوَرَ التِّسْعُ الثَّمانَ والعَشْرَ قَصَدُوا مُنَاسَبتَه لِمَا فَوْقَه ولِمَا تَحْتَهُ فتَأَمَّلْ . والتِّسْع أَيْضاً أَي بالكَسْرِ : ظِمْءٌ من أَظْمَاءِ الإِبِلِ وهو أَنْ تَرِدَ إِلَى تِسْعَةِ أَيّامٍ والإِبِلُ تَوَاسِعُ . والتُّسْعُ بالضَّمِّ : جُزْءٌ من تِسْعَةٍ كالتَّسِيعِ كأَمِيرٍ يَطَّرِدُ في جَمِيعِ هذِه الكُسُورِ عنْدَ بَعْضِهِم . قَالَ شَمِرٌ : ولَمْ أَسْمَعْ : التَّسِيع إِلاَّ لأَبِي زَيْدٍ . قُلْتُ : إِلاَّ الثَّلِيث . فإِنَّهُ لَمْ يُسْمَع كما نَقَلَهُ الشَّرَفُ الدِّمْيَاطِيّ في المُعْجَمِ عن ابنِ الأَنْبَارِيّ قَالَ : فَمَنْ تَكَلَّم به أَخْطأَ وقد تَقَدَّمَت الإِشَارَةُ إِلَيْه في ث ل ث
والتُّسَعُ كصُرَدٍ : اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ والثامِنَةُ والتّاسِعَةُ من الشَّهْرِ وهي بَعْدَ النُّفَلَ لأَنَّ آخِرَ لَيْلَةِ منها هي التاسعة وقيل : هي اللَّيّالِي الثَّلاثُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ والأَوَّلُ أَقْيَسُ
وقال الأَزْهَرِيّ : العَرَبُ تَقُول في لَيالِي الشَّهْرِ : ثَلاثٌ غُرَرٌ وبَعْدَهَا ثَلاثٌ نُفَلٌ وبَعْدَهَا ثَلاثٌ تَسَعٌ سُمِّينَ تُسَعاً لأَنَّ آخِرَتَهُنَّ اللَّيْلَةُ التاسِعَةُ كما قِيلَ لِثَلاثٍ بَعْدَهَا : ثَلاثٌ عُشَرٌ لأَنَّ بَادِئَتَها اللَّيْلَةُ العاشِرَةُ . والتّاسُوعاءُ : اليَوْمُ التاسِعُ من المُحَرَّمِ وفي الصّحاح : قَبْلَ يَوْمِ عَاشُوراءَ مُوَلَّدٌ ونَصُّ الصّحاح : وأَظُنُّه مُوَلَّداً . وقالَ غَيْرُه : هو يَوْمُ عاشُورَاءَ . وقال الأَزْهَرِيُّ في قَوْله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فِيما رَواهُ عَنْهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ يَعْنِي يَوْمَ عاشُوراءَ كأَنَّهُ تَأَوَّلَ فيه عِشْرَ الوِرْدِ أَنَّهَا تِسْعَةُ أَيّامٍ والعَرَبُ تَقُولُ : وَرَدْتُ الماءُ عِشْراً يَعْنُونَ يَوْمَ التَّاسِعِ ومِنْ ها هُنا قالُوا : عِشْرِين ولم يَقُولُوا عِشْرِيْنِ لأَنَّهم جَعَلُوا ثَمانِيةَ عَشَرَ يَوْماً عِشْرَين واليَوْمَ التَّاسِعَ عَشَرَ والمُكَمِّلَ عِشْرِينَ طائفةً من الوِرْدِ الثّالِثِ فَجَمَعُوهُ بِذلِكَوقال ابنُ بَرِّيّ : لا أَحْسَبُهَم سَمَّوْا عَاشُوراءَ تاسُوعاءَ إِلاَّ عَلَى الأَظْماءِ نَحْوَ العِشْر لأَنَّ الإِبِلَ تَشْرَبُ في اليَوْمِ التّاسِعِ كَذلِكَ الخِمْسُ تَشْرَبُ في اليَوْمِ الرّابِعِ . وقالَ ابنُ الأَثِيرِ : إِنَّمَا قالَ ذلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ كَرَاهَةً لِمُوَافَقَةِ اليَهُودِ فإِنَّهُمْ كانُوا يَصُومُونَ عاشُوراءَ وهو العَاشِرُ فأَرَادَ أَنْ يُخَالِفَهُمْ ويَصُومَ التّاسِعَ قال : وظاهِرُ الحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلافِ ما ذَكَرَهُ الأَزْهَرِيّ
قُلتُ : وقد صَحَّحَ الصّاغَانِيُّ هذا القَوْلَ . والمُرَادُ بظَاهِرِ الحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ ابنِ عَبّاسٍ المَذْكُورَ أَنَّه قالَ حِينَ صامَ رِسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ يَوْمَ عاشُورَاءَ وأَمَرَ بصِيَامِهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُه اليَهُودُ والنَّصَارَى فَقَالَ : فإِذا كانَ العام القابِلُ صُمْنا اليَوْمَ التاسِعَ وفِي رِوَايةٍ : إِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ تاسُوعاءَ أَي فكَيْفَ يَعِدُ بصَوْمِ يَوْمٍ قد كَانَ يَصُومُه . فَتَأَمَّلْ
وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ وغَيْرِه : إِنَّه مُولَّدٌ فيه نَظَرٌ فإِنّ المُوَلَّدَ هو اللَّفْظُ الَّذِي يَنْطِقُ به غَيْرُ العَرَبِ من المُحْدَثِينَ وهذِه لَفْظَةٌ وَرَدَتْ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ وقالَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ الَّذِي هو أَفْصَحُ الخَلْقِ وأَعْرَفُهُمْ بِأَنْوَاعِ الكَلامِ بوَحْيٍ مِن اللهِ الحَقِّ فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ فِيها التَّوْلِيدُ أَوْ يَلْحَقُهَا التَّفْنِيدُ ؟ كما حَقّقَه شَيْخُنَا وأَشَرْنَا إِلَيْه في مُقَدّمة الكِتَابِ . وتَسَعَهُمْ كمَنَع وضَرَبَ الأخِيرَةُ عن يُونُسَ وعلَى الأُولَى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ : أَخَذَ تُسْعَ أَمْوَالِهِمْ أَوْ كانَ تاسِعَهُمْ . ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ المَعْنَيَيْنِ أَوْ تَقُولُ : كانَ القَوْمُ ثَمَانِيَةً فتَسَعَهُمْ أَيْ صَيَّرَهُمْ تِسْعَةً بنَفْسهِ أَوْ كَانَ تَاسِعَهُمْ فَهُوَ تاسِعُ تِسْعِةٍ وتَاسِعُ ثَمَانِيَةٍ ولا يَجَوزُ أَنْ يُقَالَ : هو تاسِعٌ تِسْعَةً ولا رَابِعٌ أَرْبَعَةً إِنَّمَا يُقَال : رَابِعُ أَرْبَعَةٍ على الإِضَافَةِ ولكِنَّكَ تَقُولُ : رَابِعٌ ثَلاثةً هذا قَوْلُ الفَرّاءِ وغَيْرِهِ من الحُذَّاقِ
وأَتْسَعُوا : كانُوا ثَمَانِيَةً فصارُوا تِسْعَةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وأَيْضاً : وَرَدَتْ إِبِلْهُمْ تِسْعاً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً أَيْ وَرَدَتْ لتِسْعَةِ أَيّامٍ وثَمَانِي لَيَالٍ فهم مُتْسِعُونَ
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : قَوْلُهم : تِسْعَ عَشَرَةَ مَفْتُوحَانِ عَلَى كُلِّ حال لأَنَّهُمَا اسْمَانِ جُعِلاَ اسْماً وَاحِداً فأُعْطِيَا إِعْرَاباً وَاحِداً غَيْرَ أَنَّكَ تَقُولُ : تِسْعَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً : قال اللهُ تَعَالَى : " عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ " أَي تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً وأَكْثَرُ القُرَّاءِ عَلَى هذِه القِراءَةِ وقَدْ قُرِئَ : تِسْعَةَ عْشَرَ بسُكُونِ العَيْنِ وإِنّما أَسْكَنَهَا مَنْ أَسْكَنَهَا لِكثْرَةِ الحَرَكاتِ . وقَوْلُهم : تِسْعَةُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةَ فَلا تُصْرَفُ إِلاَّ إِذا أَرَدْتَ قَدْرَ العَدَدِ لا نَفْسَ المَعْدُودِ فإِنَّما ذلِكَ لأَنَّها تُصَيِّرُ هذا اللَّفْظَ عَلَماً لهذا المَعْنَى
وحَبْلٌ مَتْسُوعٌ : عَلَى تِسْعِ قُوىً . ونَقَلَ الأَزْهَرِيُّ عن اللَّيْثِ : رَجُلٌ مُتَّسِعٌ وهو المُنْكَمِشُ الماضِي في أَمْرِهِ . قال الأَزْهَرِيّ : ولا أَعْرفُ ما قَالَ إِلاَّ أَنْ يَكُون مُفْتَعِلاً من السَّعَةِ وإِذا كانَ كَذلِكَ فَلَيْسَ مِنْ هذا البابِ قالَ الصّاغَانِيّ : لَمْ يَقُل اللَّيْثُ شَيْئاً في هذا التَّرْكِيبِ وإِنَّمَا ذَكَرَهُ في تَرْكِيبِ س ت ع : رَجُلٌ مِسْتَعٌ : لُغَةٌ في مِسْدَع فانْقَلَبَ علَى الأَزْهَرِيّقُلْتُ : وهذا الَّذِي رَدَّ به علَى الأَزهَرِيّ فإِنَّهُ ذَكَرَهُ في كتابِهِ فِيما بَعْدُ فإِنَّهُ قالَ : وفي نُسْخَةٍ من كتَابِ اللَّيْثُ : مِسْتَعٌ ويُقَالُ : مِسْدَعٌ لُغَةٌ وهُوَ المُنْكَمِشُ الماضِي في أَمْرِهِ . ورَجُلٌ مِسْتَعٌ : سَرِيعٌ . فتَأَمَّلْ ذلِكَ
وَسِعَهُ الشَّيءُ بالكَسْرِ يَسَعُه كيَضَعُه سَعَةً كدَعَةٍ وزِنَةٍ وعلى الأوَّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وقَرَأَ زَيْدُ بنُ عليّ : ولمْ يُؤْتَ سِعَةً بالكَسْرِ
ويُقَالُ : إنَّهُ يَسَعُنِي ما يَسَعُكَ ولا يَسَعُنِي شَيءٌ ويَضِيقُ عَنْكَ ولا يَسَعُكَ أنْ تَفْعَلَ كذا كما في الأساسِ زادَ الجَوْهَرِيُّ أي : وأنْ يَضِيقَ عَنْكَ بلْ مَتى وَسِعَنِي شَيءٌ وَسِعَكَ
ويُقَالُ : ما أسَعُ ذلكَ أي : ما أُطِيقُه . وهَلْ تَسَعُ هذا ؟ أي : هَلْ تُطِيقُه وهُوَ مجازٌ قالَ الجَوْهَرِيُّ : إنَّمَا سَقَطَتِ الواوُ منْهُ في المُسْتَقْبَلِ لما ذكَرْنَاهُ في بابِ الهَمْزَةِ في وَطِيءَ يَطَأُ
وفي النَّوادِرِ : اللهمَّ سَعْ عَلَيْنَا أي : وسِّعْ
ويُقَالُ : لِيَسَعْكَ بَيْتُكَ : أمْرٌ بالقرارِ فيهِ وقدْ وَسِعَهُ بَيْتُه
ويُقَالُ : هذا الإناءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كَيْلاً أي : يَتَّسِعُ لعِشْرِينَ وهذا يَسَعُه عِشْرُونَ كَيْلاً أي يَتَّسِعُ فيهِ عِشْرُونَ على مِثَالِ قَوْلكَ : أنا أسَعُ هذا الأمْرَ وهذا الأمْرُ يَسَعُنِي قالَ أبو زُبَيْدٍ الطائِيُّ :
حَمّالُ أثْقَالِ أهْلِ الوُدِّ آوِنَةً ... أُعْطِيِهُم الجَهْدَ مِنِّي بَلْهَ ما أسَعُ والأصْلُ في هذا أنْ تَدْخُلَ في وعي واللامُ لأنَّ قَوْلَكَ : هذا الوِعَاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كَيْلاً مَعْنَاه : يَسَعُ لعِشْرِينَ كَيْلاً أي : يَتَّسِعُ لذلكَ ومِثْلُه : هذا الخُفُّ يَسَعُ رِجْلِي أي : يَتَّسِعُ لها وتَقُول : هذا الوِعاءُ يَسَعُهُ عِشْرُونَ كَيْلاً مَعْناه : يَسَعُ فيهِ عِشْرُونَ كَيْلاً أي يَتَّسِعُ فيهِ عِشْرُونَ كَيْلاً والأصْلُ في هذه المسألَةِ أنْ يَكُونَ بصِفَةٍ غَيْرَ أنَّهُمْ يَنْتَزِعُونَ الصِّفاتِ منْ أشْيَاءَ كَثِيرَةٍ حتى يَتَّصِلَ الفِعْلُ إلى ما يَلِيه ويُفْضِي إليْه كأنَّهُ مَفْعُولٌ بهِ كقَوْلِكَ : كِلْتُكَ ووَزَنْتُكَ واسْتَجَبْتُكَ ومَكّنْتُكَ أي : كِلْتُ لك ووزَنْتُ لك واسْتَجَبْتُ لكَ ومَكَّنْتُ لكَ
ويُقَالُ : وَسِعَتْ رَحْمَةُ اللهِ كُلَّ شَيءٍ ولكُلِّ شَيءٍ وعلى كُلِّ شَيءٍ وقوْلُه تعالى : وَسِعَ كُرْسِيُّه السَّمواتِ والأرْضِ أي : اتَّسَعَ وفي الحديثِ : إنَّكُمْ لنْ تَسَعُوا النّاسَ بأمْوَالِكُمْ فلْيَسَعْهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ وَجْهٍ وحُسْنُ خُلُقٍ وهُوَ مجازٌ
والواسِعُ : ضِدُّ الضَّيِّقِ كالوَسيعِ وقدْ وَسِعَهُ ولمْ يَضِقْ عنه
والواسعُ : في الأسْمَاءِ الحُسْنَى اخْتُلِفَ فيهِ فقيلَ : هُوَ الكَثِيرُ العَطَاءِ الّذِي يَسَعُ لما يُسْألُ قالَ ابنُ الأنْبَارِيِّ : وهذا قَوْلُ أبي عُبَيْدَةَ أو هُوَ المُحِيطُ بكُلِّ شَيءٍ من قَوْلِه : وَسعَ كُلَّ شَيءٍ عِلْماً أو هُوَ الّذِي وَسِعَ رِزْقُه جَمِيعَ خَلْقه و وَسِعَتْ رَحْمَتُه كُلَّ شَيءٍ ولكُلِّ شَيءٍ وعلى كُلِّ شَيءٍ
وواسِعُ بنُ حَبّانَ الأنْصَارِيُّ بفَتْحِ الحاءِ في صُحْبَتِهِ خِلافٌ قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ وأخُوه : يَحْيَى بنُ حَبّانَ رَوَى عن ابنِ عُمَرَ وابْنِ عَبّاسٍ وعنْهُ ابنْهُ مُحَمَّدٌ ومُحَمَّدٌ هذا منْ شُيُوخِ مالِكٍ وحَبّان بنُ واسِعِ بنِ حَبّانَ عنْ أبيهِ وعنْ عَمِّهِ وعَنْهُ ابنُ لَهِيعَةَ وقد تقَدَّمَ ذِكْرُه في حبب
والوَُسِعُ مُثَلَّثَةً : الجِدَةُ والغِنَى والرَّفاهِيَةُ على المَثَلِ والطَّاقَةُ كالسَّعَةِ بالفَتْحِ وقيلَ : هُوَ قَدْرُ جِدَةِ الرَّجُلِ وقُدْرَةُ ذاتِ اليَدِ والهاءُ في السَّعَةِ عِوَضٌ عن الواوِ كما مَرَّ في عِدَةٍ وسَيَأْتِي في زِنَةٍ كذلكَ
وقالَ اللَّيْثُ : الوَسَاعُ كسَحَابٍ : النَّدْبُ لِسَعَةِ خُلُقِه وقدْ مَرَّ لهُ أنَّ النَّدْبَ يُطْلَقُ على الخَفِيفِ في الحاجَةِ والسَّرِيعِ الظَّرِيفِ النَّجِيبِ ومنْهُ قَوْلُهُم : أراكَ نَدْباً في الحَوَائِجِ
والوَسَاعُ منَ الخَيْلِ : الجَوَادُ أو الواسِعُ الخَطْوِ والذَّرْعِ يُقَالُ : فَرَسٌ وَسَاعٌ قالَ المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ :
فتَسَلَّ حاجَتَها إذا هِيَ أعْرَضَتْ ... بخَمِيصَةٍ سُرُحِ اليَدَيْنِ وَساعِ كالوَسِيعُ وقدْ وَسُعَ ككَرُمَ وساعَةً وسَعَةً : اتَّسَعَ في السَّيْرِ
ووَسيعٌ : ماءٌ وفي الصِّحاحِ : ووَسِيعٌ ودُحْرُضٌ : ماءَانِ بَيْنَ بَنِي سَعْدٍ وبَنِي قُشَيْرٍ وهُمَا الدُّحْرُضانِ اللَّذانِ في شِعْرِ عَنْتَرَةَ :
شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ ... زَوْراءَ تَنْفِرُ عنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ وقالَ الأزْهَرِيُّ : وَسيعٌ : ماءٌ لبَني سَعْدٍ وأنْشَدَ الصّاغَانِيُّ قَوْلَ الشّاعِرِ :
مُقِيمٌ على بَنْبانَ يَمْنَعُ ماءَهُ ... وماءُ وَسِيعٍ ماءُ عَطْشَانَ مُرْمِلِ ويَسَعُ كيَضَعُ : اسم نَبِيٍّ منَ الأنْبِيَاءِ منْ ولَدِ هارُونَ عليهِ السّلامُ وهُوَ اسمٌ أعْجَمِيُّ أُدْخِلَ عليهِ ال ولا يَدْخُلُ على نَظَائِرِه كيَزيدَ ويَعْمَرَ كما في الصِّحاحِ وقُرِئَ واللَّيْسَعَ بلامَيْنِ وهي قِرَاءَةُ حَمْزَةَ والكِسَائِيِّ وخَلَفٍ والباقُونَ بلامٍ واحِدَةٍ
وأوْسَعَ الرَّجُلُ : صارَ ذا سَعَةٍ وغِنىً وهو مجازٌ : ومنْهُ قَولهُ تعالى : على المُوسِعِ قَدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ
ويُقَالُ : أوْسَعَ اللهُ تعالى عليهِ أي : أغْنَاهُ كما في الصِّحاحِ كوَسَّعَ عليهِ تَوْسِيعاً وهُوَ مجازٌ وقَوْلُه تعالى : والسَّماءَ بنَيْنَاهَا بأيْدٍ وإنَّا لمُوسِعُونَ أي : أغْنِيَاءَ قادِرُونَ من أوْسَعَ : صارَ ذا سَعَةٍ كما في الصِّحاحِ
وتَوَسَّعُوا في المَجْلِسِ أي : تَفَسَّحُوا كما في العُبابِ والصِّحاحِ
ووسَّعَهُ تَوْسِيعاً : ضِدُّ ضَيَّقَه كما في الصِّحاحِ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ : صارَ واسِعاً كما في الصِّحاحِ
وممّا يستدْرَكُ عليهِ : التَّوْسِعَةُ : السَّعَةُ وبه سَمَّى ابنُ السِّكِّيتِ كِتابَهُ وقد مَرَّ ذِكْرُه
ووَسِعَه يَسِعُه كوَرِثَ يَرِثَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ . ووَسُعَ الشّيءُ ككَرُمَ فهُوَ وَسِيعُ ووَسِعَ كفَرِحَ
واتَّسَعَ كوَسِعَ وسَمِعَ الكِسَائِيُّ : الطريق ياتَسِعُ أرادُوا : يَوْتَسِعُ فأبْدَلُوا الواوَ ألِفاً طَلَباً للخِفَّةِ كما قالُوا : ياجَلُ ونَحْوُه ويَتَّسِعُ أكْثَرُ وأقْيَسُ
واسْتَوْسَعَ الشَّيءَ : وجَدَهُ واسِعاً وطَلَبه واسِعاً
وأوْسَعَه صَيَّرَهُ واسِعاً وقيلَ في قَوْلِه تعالى : وإنّا لمُوسِعُونَ أي جَعَلْنا بَيْنَها وبَيْنَ الأرْضِ سَعَةً جَعَلَ أوْسَعَ بمَعْنَى وَسَّعَ
ووَسَعَ عليهِ يَسَعُ سَعَةً ووَسَّعَ كِلاهُمَا : رَفَّهَهُ وأغْنَاهُ
ورَجُلٌ مُوَسَّعٌ عليهِ الدُّنْيَا : مُتَّسعٌ له فيها
وأوْسَعَهُ الشَّيءُ : جَعَلَهُ يَسَعَهُ قالَ : امْرُؤُ القيسِ :
فتُوسِعُ أهْلَهَا أقِطاً وسَمْناً ... وحَسْبُكَ منْ غِنىً شِبَعٌ ورِيُّ وفي الدُّعاءِ : اللَّهُمَّ أوْسِعْنا رَحْمَتَكَ أي : اجْعَلْها تَسَعُنا
وقال ثَعْلَبٌ : قيلَ لامْرَأَةٍ : أيُّ النِّسَاءِ أبْغَضُ إليْكِ ؟ فقالَتْ : الّتِي تأْكُلُ لمّاً وتُوسِعُ الحَيَّ ذَمّاً
وناقَةٌ وَساعٌ : واسِعَةٌ الخَلْقِ أنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ :
عَيْشُها العِلْهِزُ المُطَحَّنُ بالق ... تِّ وإيضاعُهَا القَعُودَ الوَساعَا وفي حديثِ جابِرٍ : رضي الله عنهُ : فانْطَلَقَ أوْسَعَ جَمَلٍ رَكِبْتُه قَطُّ أي : أعْجَلَ جَمَلٍ سَيْراً يُقَالُ : جَمَلٌ وَسَاعٌ أي : واسِعُ الخَطْوِ سَرِيعُ السَّيْرِ
ونَاقَةٌ مِيساعٌ : واسِعَةُ الخَطْوِ
وسَيْرٌ وَسِيعٌ ووَساعٌ : مُتَّسِعٌ
واتَّسَعَ النَّهارُ وغَيْرُه : امْتَدَّ وطالَ
ومالِي عنْ ذاكَ مُتَّسَعٌ أي مَصْرِفٌ
وسَعْ : زَجْرٌ للإبِلِ كأنَّهُم قالوا : سَعْ يا جَمَلُ في مَعْنَى اتَّسِعْ في خَطْوِكَ ومَشْيِكَ
وقالَ الزّجّاجُ : وَسَعَ اللهُ على الرَّجُلِ بالتَّخْفيفِ أي : أوْسَعَ عليْهِ
ووَساعٌ كسَحَابٍ : وادٍ منْ أوْدِيَةِ اليَمَنِ