البيعُ ضدّ
الشراء والبَيْع الشراء أَيضاً وهو من الأَضْداد وبِعْتُ الشيء شَرَيْتُه أَبيعُه
بَيْعاً ومَبيعاً وهو شاذ وقياسه مَباعاً والابْتِياعُ الاشْتراء وفي الحديث لا
يخْطُبِ الرجلُ على خِطْبة أَخِيه ولا يَبِعْ على بَيْعِ أَخِيه قال أَبو عبيد كان
أَب
البيعُ ضدّ
الشراء والبَيْع الشراء أَيضاً وهو من الأَضْداد وبِعْتُ الشيء شَرَيْتُه أَبيعُه
بَيْعاً ومَبيعاً وهو شاذ وقياسه مَباعاً والابْتِياعُ الاشْتراء وفي الحديث لا
يخْطُبِ الرجلُ على خِطْبة أَخِيه ولا يَبِعْ على بَيْعِ أَخِيه قال أَبو عبيد كان
أَبو عبيدة وأَبو زيد وغيرهما من أَهل العلم يقولون إِنما النهي في قوله لا يبع
على بيع أَخيه إِنما هو لا يشتر على شراء أَخيه فإِنما وقع النهي على المشتري لا
على البائع لأَن العرب تقول بعت الشيء بمعنى اشتريته قال أَبو عبيد وليس للحديث
عندي وجه غير هذا لأَن البائع لا يكاد يدخل على البائع وإِنما المعروف أَن يُعطى
الرجلُ بسلعته شيئاً فيجيء مشتر آخر فيزيد عليه وقيل في قوله ولا يبع على بيع
أَخيه هو أَن يشتري الرجل من الرجل سلعة ولما يتفرّقا عن مقامهما فنهى النبي صلى
الله عليه وسلم أَن يَعْرِضَ رجل آخرُ سِلْعةً أُخرى على المشتري تشبه السلعة التي
اشترى ويبيعها منه لأَنه لعل أَن يردَّ السلعة التي اشترى أَولاً لأَن رسول الله
صلى الله عليه وسلم جعل للمُتبايعين الخيارَ ما لم يَتفرَّقا فيكون البائعُ
الأَخير قد أَفسد على البائع الأَول بَيْعَه ثم لعل البائع يختار نقض البيع فيفسد
على البائع والمتبايع بيعه قال ولا أَنهى رجلاً قبل أَن يَتبايَع المتبايعان وإِن
كانا تساوَما ولا بَعد أَن يتفرَّقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه عن أَن يبيع أَي
المتبايعين شاء لأَن ذلك ليس ببيع على بيع أَخيه فيُنْهى عنه قال وهذا يوافق حديث
المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا فإِذا باع رجل رجلاً على بيع أَخيه في هذه الحال
فقد عصى اللهَ إِذا كان عالماً بالحديث فيه والبيعُ لازم لا يفسد قال الأَزهري
البائعُ والمشتري سواء في الإِثم إِذا باع على بيع أَخيه أَو اشترى على شراء أَخيه
لأَن كل واحد منهما يلزمه اسم البائع مشترياً كان أَو بائعاً وكلٌّ منهي عن ذلك
قال الشافعي هما متساويان قبل عقد الشراء فإِذا عقدا البيع فهما متبايعان ولا
يسمَّيان بَيِّعَيْنِ ولا متبايعين وهما في السَّوْمِ قبل العقد قال الأَزهري وقد
تأَول بعض من يحتج لأَبي حنيفة وذَوِيه وقولهِم لا خيار للمتبايعين بعد العقد
بأَنهما يسميان متبايعين وهما متساومان قبل عقدهما البيع واحتج في ذلك بقول الشماخ
في رجل باع قوساً فوافَى بها بعضَ المَواسِم فانْبَرَى لَها بَيِّع يُغْلِي لها
السَّوْمَ رائزُ قال فسماه بَيِّعاً وهو سائم قال الأَزهري وهذا وهَمٌ وتَمْوِيه
ويردّ ما تأَوَّله هذا المحتج شيئان أَحدهما أَن الشماخ قال هذا الشعر بعدما انعقد
البيع بينهما وتفرَّقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه فسماه بَيِّعاً بعد ذلك ولو لم
يكونا أَتَمّا البيع لم يسمه بَيِّعاً وأَراد بالبيّع الذي اشترى وهذا لا يكون حجة
لمن يجعل المتساومين بيعين ولما ينعقد بينهما البيع والمعنى الثاني أَنه يرد
تأْويله ما في سياق خبر ابن عمر رضي الله عنهما أَنه صلى الله عليه وسلم قال
البَيِّعانِ بالخيار ما لم يَتفرَّقا إِلاَّ أَن يُخَيِّرَ أَحدُهما صاحبَه فإِذا
قال له اختر فقد وجَب البيعُ وإِن لم يتفرَّقا أَلا تراه جعل البيع ينعقد بأَحد
شيئين أَحدهما أَن يتفرقا عن مكانهما الذي تبايعا فيه والآخر أَن يُخَيِّرَ
أَحدهما صاحبه ؟ ولا معنى للتخيير إِلا بعد انعقاد البيع قال ابن الأَثير في قوله
لا يبع أَحدكم على بيع أَخيه فيه قولان أَحدهما إِذا كان المتعاقدان في مجلس العقد
وطلب طالبٌ السلعةَ بأَكثر من الثمن ليُرغب البائع في فسخ العقد فهو محرم لأَنه
إِضرار بالغير ولكنه منعقد لأَن نفْسَ البيع غير مقصود بالنهي فإِنه لا خلل فيه
الثاني أَن يرغب المشتري في الفسخ بعَرْض سلعة أَجودَ منها بمثل ثمنها أَو مثلها
بدون ذلك الثمن فإِنه مثل الأَول في النهي وسواء كانا قد تعاقدا على المبيع أَو
تساوما وقاربا الانعقاد ولم يبق إَلاَّ العقد فعلى الأَول يكون البيع بمعنى الشراء
تقول بعت الشيء بمعنى اشتريته وهو اختيار أَبي عبيد وعلى الثاني يكون البيع على
ظاهره وقال الفرزدق إِنَّ الشَّبابَ لَرابِحٌ مَن باعَه والشيْبُ ليس لبائِعيه
تِجارُ يعني من اشتراه والشيء مَبيع ومَبْيُوع مثل مَخيط ومَخْيُوط على النقص
والإِتمام قال الخليل الذي حذف من مَبِيع واو مفعول لأَنها زائدة وهي أَولى بالحذف
وقال الأَخفش المحذوفة عين الفعل لأَنهم لما سَكَّنوا الياء أَلْقَوا حركتها على
الحرف الذي قبلها فانضمت ثم أَبدلوا من الضمة كسرة للياء التي بعدها ثم حذفت الياء
وانقلبت الواو ياء كما انقلبت واو مِيزان للكسرة قال المازني كلا القولين حسن وقول
الأَخفش أَقيس قال الأَزهري قال أَبو عبيد البيع من حروف الأَضداد في كلام العرب
يقال باع فلان إِذا اشترى وباع من غيره وأَنشد قول طرفة ويأْتِيك بالأنباء مَن لم
تَبِعْ له نَباتاً ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ أَراد من لم تشتر له زاداً
والبِياعةُ السِّلْعةُ والابْتِياعُ الاشتراء وتقول بِيعَ الشيء على ما لم يسمّ
فاعله إِن شئت كسرت الباء وإِن شئت ضممتها ومنهم من يقلب الياء واواً فيقول بُوع
الشيء وكذلك القول في كِيلَ وقِيلَ وأَشباهها وقد باعَه الشيءَ وباعَه منه بَيْعاً
فيهما قال إِذا الثُّرَيّا طَلَعَتْ عِشاء فَبِعْ لراعِي غَنَمٍ كِساء وابْتاعَ
الشيءَ اشتراه وأَباعه عَرَّضه للبيع قال الهَمْداني فَرَضِيتُ آلاء الكُمَيْتِ
فَمَنْ يُبِعْ فَرَساً فليْسَ جَوادُنا بمُباعِ أَي بمُعَرَّض للبيع وآلاؤُه
خِصالُه الجَمِيلة ويروي أَفلاء الكميت وبايَعَه مُبايعة وبِياعاً عارَضَه بالبيع
قال جُنادةُ ابن عامر فإِنْ أَكُ نائِياً عنه فإِنِّي سُرِرْتُ بأَنَّه غُبِنَ
البِياعا وقال قيس بن ذَريح كمغْبُونٍ يَعَضُّ على يَدَيْهِ تَبَيَّنَ غَبْنُه
بعدَ البِياع واسْتَبَعْتُه الشيء أَي سأَلْتُه أَن يبِيعَه مني ويقال إِنه لحسَنُ
البِيعة من البيع مثل الجِلْسة والرِّكْبة وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أَنه
كان يَغْدُو فلا يمر بسَقَّاطٍ ولا صاحِب بِيعةٍ إِلاَّ سلم عليه البِيعةُ بالكسر
من البيع الحالة كالرِّكبة والقِعْدة والبَيِّعان البائع والمشتري وجمعه باعةٌ عند
كراع ونظيره عَيِّلٌ وعالةٌ وسيّد وسادةٌ قال ابن سيده وعندي أَن ذلك كله إِنما هو
جمع فاعل فأَمّا فيْعِل فجمعه بالواو والنون وكلُّ من البائع والمشتري بائع
وبَيِّع وروى بعضهم هذا الحديث المُتبايِعانِ بالخِيار ما لم يَتفَرَّقا والبَيْعُ
اسم المَبِيع قال صَخْر الغَيّ فأَقْبَلَ منه طِوالُ الذُّرى كأَنَّ عليهِنَّ
بَيْعاً جَزِيفا يصف سحاباً والجمع بُيُوع والبِياعاتُ الأَشياء التي يُتَبايَعُ
بها في التجارة ورجل بَيُوعٌ جَيِّدُ البيع وبَيَّاع كثِيره وبَيِّعٌ كبَيُوعٍ
والجمع بَيِّعون ولا يكسَّر والأُنثى بَيِّعة والجمع بَيِّعاتٌ ولا يكسر حكاه
سيبويه قال المفضَّل الضبيُّ يقال باع فلان على بيع فلان وهو مثل قديم تضربه العرب
للرجل يُخاصم صاحبه وهو يُرِيغُ أَن يُغالبه فإِذا ظَفِر بما حاوَلَه قيل باعَ
فلان على بَيْع فلان ومثله شَقَّ فلان غُبار فلان وقال غيره يقال باع فلان على
بيعك أَي قام مَقامك في المنزلة والرِّفْعة ويقال ما باع على بيعك أَحد أَي لم
يُساوِك أَحد وتزوج يزيد بن معاوية رضي الله عنه أُم مِسْكِين بنت عمرو على أُم
هاشم
( * قوله « على أم هاشم » عبارة شارح القاموس على أم خالد بنت أبي هاشم ثم قال في
الشعر ما لك أُم خالد ) فقال لها ما لَكِ أُمَّ هاشِمٍ تُبَكِّينْ ؟ مِن قَدَرٍ
حَلَّ بكم تَضِجِّينْ ؟ باعَتْ على بَيْعِك أُمُ مِسْكِينْ مَيْمُونةً من نِسْوةٍ
ميامِينْ وفي الحديث نَهَى عن بَيْعَتَيْن في بَيْعةٍ وهو أَن يقول بِعْتُك هذا
الثوب نَقْداً بعشرة ونَسِيئة بخمسة عشر فلا يجوز لأَنه لا يَدْرِي أَيُّهما الثمن
الذي يَختارُه ليَقَع عليه العَقْد ومن صُوَره أَن تقول بِعْتُك هذا بعشرين على
أَن تَبِيعَني ثوبك بعشرة فلا يصح للشرط الذي فيه ولأَنه يَسْقُط بسُقوطه بعضُ
الثمن فيصير الباقي مجهولاً وقد نُهِي عن بيع وشرْط وبيع وسَلَف وهما هذانِ
الوجهان وأَما ما ورد في حديث المُزارعة نَهى عن بَيْع الأَرض قال ابن الأَثير أَي
كرائها وفي حديث آخر لا تَبِيعُوها أَي لا تَكْرُوها والبَيْعةُ الصَّفْقةُ على
إِيجاب البيْع وعلى المُبايعةِ والطاعةِ والبَيْعةُ المُبايعةُ والطاعةُ وقد
تبايَعُوا على الأَمر كقولك أَصفقوا عليه وبايَعه عليه مُبايَعة عاهَده وبايَعْتُه
من البيْع والبَيْعةِ جميعاً والتَّبايُع مثله وفي الحديث أَنه قال أَلا
تُبايِعُوني على الإِسلام ؟ هو عبارة عن المُعاقَدةِ والمُعاهَدةِ كأَن كلّ واحد
منهما باعَ ما عنده من صاحبه وأَعطاه خالصة نَفْسِه وطاعَتَه ودَخِيلةَ أَمره وقد
تكرّر ذكرها في الحديث والبِيعةُ بالكسر كَنِيسةُ النصارى وقيل كنيسة اليهود
والجمع بِيَعٌ وهو قوله تعالى وبِيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ قال الأَزهري فإِن قال قائل
فلم جعل الله هَدْمَها من الفَساد وجعلها كالمساجد وقد جاء الكتاب العزيز بنسخ
شَرِيعة النصارى واليهود ؟ فالجواب في ذلك أَن البِيَعَ والصَّوامعَ كانت
مُتعبَّدات لهم إِذ كانوا مستقيمين على ما أُمِرُوا به غير مبدِّلين ولا مُغيِّرين
فأَخبر الله جل ثناؤه أَن لولا دَفْعُه الناسَ عن الفساد ببعض الناس لَهُدِّمَتْ
مُتعبَّداتُ كلِّ فريق من أَهل دينه وطاعتِه في كل زمان فبدأَ بذكر البِيَعِ على
المساجد لأَن صلوات من تقدَّم من أَنبياء بني إِسرائيل وأُممهم كانت فيها قبل نزول
الفُرقان وقبْل تبديل مَن بدَّل وأُحْدِثت المساجد وسميت بهذا الاسم بعدهم فبدأَ
جل ثناؤه بذكر الأَقْدَم وأَخَّر ذكر الأَحدث لهذا المعنى ونُبايِعُ بغير همز موضع
قال أَبو ذؤيب وكأَنَّها بالجِزْع جِزعِ نُبايعٍ وأُولاتِ ذي العَرْجاء نَهْبٌ
مُجْمَعُ قال ابن جني هو فِعْلٌ منقول وزْنه نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونحوه إِلا أَنه
سمي به مجرداً من ضميره فلذلك أُعرب ولم يُحْكَ ولو كان فيه ضميره لم يقع في هذا
الموضع لأَنه كان يلزم حكايتُه إِن كان جملة كذَرَّى حبّاً وتأبَّطَ شَرًّا فكان
ذلك يكسر وزن البيت لأَنه كان يلزمه منه حذفُ ساكن الوتد فتصير متفاعلن إِلى
متفاعِلُ وهذا لا يُجِيزه أَحد فإِن قلت فهلا نوَّنته كما تُنوِّن في الشعر الفعل
نحو قوله مِنْ طَلَلٍ كالأَتْحمِيّ أَنْهَجَنْ وقوله دايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُون
تُقْضَيَنْ فكان ذلك يَفِي بوزن البيت لمجيء نون متفاعلن ؟ قيل هذا التنوين إِنما
يلحق الفعل في الشعر إِذا كان الفعل قافية فأَما إِذا لم يكن قافية فإِن أَحداً لا
يجيز تنوينه ولو كان نبايع مهموزاً لكانت نونه وهمزته أَصليتين فكان كعُذافِر وذلك
أَن النون وقعت موقع أَصل يحكم عليها بالأَصلية والهمزة حَشْو فيجب أَن تكون
أَصلاً فإِن قلت فلعلها كهمزة حُطائطٍ وجُرائض ؟ قيل ذلك شاذ فلا يَحْسُنُ الحَمْل
عليه وصَرْفُ نُبايعٍ وهو منقول مع ما فيه من التعريف والمِثال ضرورةٌ والله أَعلم
معنى
في قاموس معاجم
نَبَعَ الماءُ
ونبِعَ ونَبْعَ عن اللحياني يَنْبِعُ وينْبَعُ ويَنْبُع الأَخيرة عن اللحياني
نَبْعاً ونُبُوعاً تَفعَّر وقيل خرج من العين ولذلك سميت العين يَنْبُوعاً قال
الأَزهري هو يفعول من نَبَعَ الماء إِذا جرى من العين وجمعه يَنابِيعُ وبناحية
الحجاز عي
نَبَعَ الماءُ
ونبِعَ ونَبْعَ عن اللحياني يَنْبِعُ وينْبَعُ ويَنْبُع الأَخيرة عن اللحياني
نَبْعاً ونُبُوعاً تَفعَّر وقيل خرج من العين ولذلك سميت العين يَنْبُوعاً قال
الأَزهري هو يفعول من نَبَعَ الماء إِذا جرى من العين وجمعه يَنابِيعُ وبناحية
الحجاز عين ماء يقال لها يَنْبُعُ تَسْقِي نخيلاً لآلِ عليّ بن أَبي طالب رضي الله
عنه فأَمّا قول عنترة يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ زَيّافةٍ مِثْلِ
الفَنِيقِ المُقْرَمِ فإِنما أَراد ينْبَع فأَشْبع فتحة الباء للضرورة فنشأَت
بعدها أَلف فإِن سأَل سائل فقال إِذا كان يَنْباعُ إِنما هو إِشباع فتحة باء
يَنْبَعُ فما تقول في ينباع هذه اللفظة إِذا سميت بها رجلاً أَتصرفه معرفة أَم لا
؟ فالجواب أَن سبيله أَن لا يُصرف معرفة وذلك أَنه وإِن كان أَصله يَنْبَعُ فنقل
إِلى يَنْباعُ فإِنه بعد النقل قد أَشبه مثالاً آخر من الفعل وهو يَنْفَعِلُ مثل
يَنْقادُ ويَنْحازُ فكما أَنك لو سميت رجلاً يَنْقادُ أَو يَنْحازُ لما صرفته
فكذلك ينباع وإِن كان قد فُقِدُ لفظ يَنْبَعُ وهو يَفْعَلُ فقد صار إِلى ينباع
الذي هو بوزن ينحاز فإِن قلت إِنْ ينباع يَفْعالُ ويَنْحازُ يَنْفَعِلُ وأَصله
يَنْحَوِزُ فكيف يجوز أَن يشبه أَلف يَفْعالُ بعين يَنْفَعِلُ ؟ فالجواب أَنه
إِنما شبهناه بها تشبيهاً لفظيّاً فساغ لنا ذلك ولم نشبهه تشبيهاً معنوياً فبفسد
علينا ذلك على أَن الأصمعي قد ذهب في ينباع إِلى أَنه ينفعل قال ويقال انْباعَ
الشجاعُ يَنباعُ انبياعاً إِذا تحرك من الصف ماضياً فهذا ينفعل لا محالة لأَجل
ماضيه ومصدره لأَن انْباعَ لا يكون إِلا انْفَعَلَ والانْبِياعُ لا يكون إِلاَّ
انْفِعالاً أَنشد الأَصمعي يُطْرِقُ حِلْماً وأَناةً مَعاً ثُمَّتَ يَنْباعُ
انْبِياعَ الشُّجاع ويَنْبُوعُه مُفَجَّرُه والينْبُوعُ الجَدْوَلُ الكثير الماء
وكذلك العين ومنه قوله تعالى حتى تَفْجُرَ لنا من الأَرض يَنْبوعاً والجمع
اليَنابِيعُ وقول أَبي ذؤيب ذَكَرَ الوُرُود بها وساقى أَمرُه سَوْماً وأَقْبَل
حَيْنُه يَتَنَبَّعُ والنَّبْعُ شجر زاد الأَزهريّ من أَشجار الجبالِ تتخذ منه
القِسِيُّ وفي الحديث ذكر النَّبْعِ قيل كان شجراً يطول ويَعْلُو فدَعا النبي صلى
الله عليه وسلم فقال لا أَطالَك أَللهُ من عُودٍ فلم يَطُلْ بَعْدُ قال الشماخ
كأَنَّها وقد بَراها الإِخْماسْ ودَلَجُ الليْلِ وهادٍ قَيّاسْ شَرائِجُ النَّبْعِ
بَراها القَوّاسْ قال وربما اقْتُدِحَ به الواحدة نَبْعة قال الأَعشى ولو رُمْت في
ظُلْمةٍ قادِحاً حَصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَيْت نارا يعني أَنه مُؤَتًّى له حتى لو
قَدَحَ حصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَى له وذلك ما لا يتأَتّى لأَحد وجعل النبْعَ مثلاً في
قِلّة النار حكاه أَبو حنيفة وقال مرة النبْعُ شجر أَصفرُ العُود رَزِينُه ثقيلُه
في اليد وإِذا تقادم احْمَرَّ قال وكل القِسِيِّ إِذا ضُمَّت إِلى قوس النْبعِ
كَرَمَتْها قوْسُ النبعِ لأَنها أَجمع القِسِيِّ للأَرْزِ واللِّين يعين بالأَرْزِ
الشدّةَ قال ولا يكون العود كريماً حتى يكون كذلك ومن أَغصانه تتخذ السِّهامُ قال
دريد بن الصمّة وأَصْفَر من قِداحِ النبْعِ فرْع به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
يقول إِنه بُرِيَ من فرْعِ الغُصْنِ ليس بِفِلْقٍ المبرد النبْعُ والشَّوْحَطُ
والشَّرْيانُ شجرة واحدة ولكنها تختلف أَسماؤها لاختلاف منابِتها وتكرم على ذلك
فما كان منها في قُلّةِ الجبَلِ فهو النبْعُ وما كان في سَفْحه فهو الشَّرْيان وما
كان في الحَضِيضِ فهو الشَّوْحَطُ والنبع لا نار فيه ولذلك يضرب به المثل فيقال لو
اقْتَدَحَ فلان بالنبْعِ لأَوْرَى ناراً إِذا وصف بجَوْدةِ الرأْي والحِذْق
بالأُمور وقال الشاعر يفضل قوس النبع على قوس الشوحط والشريان وكيفَ تَخافُ القومَ
أُمُّكَ هابِلٌ وعِنْدَكَ قوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ من النبْعِ لا شَرْيانةٌ
مُسْتَحِيلةٌ ولا شَوْحَطٌ عند اللِّقاءِ غَرُورُ والنَّبَّاعةُ الرّمّاعةُ من
رأْسِ الصبيِّ قبل أَن تَشْتَدَّ فإِذا اشْتَدَّت فهي اليافُوخُ ويَنْبُع موضع بين
مكةَ والمدينةِ قال كثيِّر ومَرَّ فأَرْوَى يَنْبُعاً فجُنُوبَه وقد جِيدَ منه
جَيْدَةٌ فَعَباثِرُ ونُبايِعُ اسم مكانٍ أَو جَبل أَوْ وادٍ في بلاد هذيل ذكره
أَبو ذؤيب فقال وكأَنَّها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبايِعٍ وأُولاتِ ذِي العَرْجاءِ
نَهْبٌ مُجْمَعُ ويجمع على نُبايِعاتٍ قال ابن بري حكى المفضل فيه الياء قبل النون
وروى غيره نُبايِع كما ذهب إِليه ابن القطاع ويُنابِعا مضموم الأَوّل مقصور مكانٌ
فإِذا فتح أَوّله مُدّ هذا قول كراع وحكى غيره فيه المدّ مع الضم ونَبايِعات اسم
مكان ويُنابِعات أَيضاً بضم أَوَّله قال أَبو بكر وهو مثال لم يذكره سيبويه وأَما
ابن جني فجعله رباعيّاً وقال ما أَظرَفَ بأَبي بكر أَنْ أَوْرَدَه على أَنه أَحد
الفوائت أَلا يَعْلَمُ أَن سيبويه قال ويكون على يَفاعِلَ نحو اليَحامِدِ
واليَرامِعِ ؟ فأَما إِلْحاق عَلَمِ التأْنيث والجمع به فزائِدٌ على المثال غير
مُحْتَسَبٍ به وإِن رواه راوٍ نُبايِعات فنُبايِعُ نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونُقاتِلُ
نُقِلَ وجُمِعَ وكذلك يُنابِعاوات ونَوابِعُ البعير المواضعُ التي يَسِيلُ منها
عَرَقُه قال ابن بري والنَّبِيعُ أَيضاً العَرَقُ قال المرار تَرى بِلِحَى
جَماجِمها نَبِيعا وذكر الجوهري في هذه الترجمة عن الأَصمعي قال يقال قد انْباعَ
فلان علينا بالكلام أَي انْبَعَثَ وفي المثل مُخْرَنْبِقٌ ليَنباعَ أَي ساكِتٌ
ليَنْبَعِثَ ومُطْرِقٌ ليَنْثالَ قال الشيخ ابن بري انْباعَ حقه أَن يذكره في فصل
بوعَ لأَنه انفعل من باعَ الفرسُ يَبُوعُ إِذا انْبَسَطَ في جَرْيِه وقد ذكرناه
نحن في موضعه من ترجمة بوع والنَّبَّاعةُ الاسْتُ يقال كَذَبَتْ نَبّاعَتُك إِذا
رَدَمَ ويقال بالغين المعجمة أَيضاً