الفَوْدُ : مُعْظَمُ شَعرِ الرأْسِ مما يَلِي الأُذُنَ قاله ابن فارِس وغيره . والفَوْدُ : ناحِيَةُ الرأْسِ وهما فَوْدَانِ وعليه مَشَى صاحِبُ الكفاية ونقَله في البارعِ عن الأَصمعيِّ وقال : إِن كلَّ شِقٍّ فَوْدٌ والجمع : أَفوادٌ وكذلك الحَيْدُ قال الأَغلب :
" فَانْطَحْ بِفَوْدَيْ رَأْسِه الأَركانَا ويقال : بَدَ الشَّيبُ بِفَوْدَيْهِ . وفي الحديث . كانَ أَكثَرُ شَيْبِهِ في فَوْدَىْ رَأْسِهِ أَي ناحِيَتَيْه . وقال ابنُ السِّكِّيت : إذا كان للرَّجُلِ ضَفِيرَتَانِ يقال : للرّجُلِ فَوْدانِ . والفَوْدُ : الناحِيَةُ من كل شيءِ . والفَوْدُ : العِدْلُ وقَعَدَ بين الفَوْدَيْنِ أَي بينَ العِدْلَيْنِ ؟ . وقال مُعاويةُ لِلَبِيدٍ . كم عَطاؤُكَ ؟ قال : أَلْفانِ وخَمْسُمِائَةٍ . قال : ما بالُ العِلاَوَةِ بينَ الفَوْدَيْنِ . وهو مجاز . والفَوْدُ الجُوَالِقُ وهما فَوْدَانِ . والفَوْدُ : الفَوْجُ والجمع : أَفوادٌ كأَفْواجٍ . والفَوْد : الخَلْطُ يقال : فُدْتُ الزَّعْفَرانَ إذا خَلَطْته مقلوبٌ عن دُفْتُ حكاه يعقوب وفادَه يَفُوده مثل : دَافَه يَدُوفُه وأَنشد الأَزهريُّ لِكُثَيِّر يصِفُ الجَوَارِيَ :
يبُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ في كُلِّ مَهْجَعٍ ... ويُشرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ مَفُودُ
أَي مَدُوفٌ . والفَوْد : المَوْتُ فادَ يَفُود فَوْداً : ماتَ ومنه قولُ لَبِيدِ بن رَبِيعةَ يذْكُر الحارِثَ بن أَبي شَمِر الغَسَّانّي وكان كلُّ مَلِكٍ منهم كُلَّمَا مَضَت عليه سَنةٌ زادَ في تاجِهِ خَرَزةً فأَراد أَنه عُمِّر حتَّى صارَ في تاجِه خَرَزَاتٌ كثيرةٌ :
رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً ... وعِشْرِينَ حَتَّ فادَ والشَّيْبُ شامِلُ وفي حديث سَطِيح :
" أَمْ فادَ فَازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ كالفَيْدِ بالياءِ وسيأْتي . والفَوْزِ بالزَّاي كذا في بعْضِ الرِّوَايَات يَفُود ويَفِيد بالوَاو والياءِ لُغَتان صَحيحتان . والفَوْد : ذَهَابُ المالِِ أَو ثَباتُه كالفَيْد فِيهِمَا وسيأْتي قريباً والاسم الفائِدُ فهي واوِيَّة ويائِيَّة لأَنَّ المصنِّف ذَكَرَهَا في المادَّتين . وأَفَادَهُ واسْتفادَهُ وتَفَيَّدَه : اقْتنَاه وأَفدْتُه أَنا : أَعطيتُه إِيَّاهُ وسيأْتي بعضُ ذلك في فَيَد لأَن الكلمةَ يائِيَّة وواوِيَّة . أَفَدْت فُلاناً : أَهلكتُه وَأَمَتُّهُ هو من قَوْلك : فادَ الرَّجُلُ يَفِيدُ إذا مات قال عَمْرو ابن شَأْسٍ في الإِفادةِ بمعنَى الإِهلاك :
وفِتْيَانِ صِدْقٍ قد أَفَدْتُ جَزُورَهُمْ ... بِذي أَوَدٍ جَيْشِ المَنَاقِدِ مُسْبِلِ أَفدْتها : نَحَرتُها وأَهْلكتُها . والفَوَادُ كسَحَابٍ : لُغَةٌ في الفُؤَادِ بالضم والهمْز وقد تقدّم أَنه قِرَاءَةٌ لبعضٍ وحَمَلُوها على الإِبدال وذَكره المصنِّفُ أَيضاً في كتاب البصائر له
وتَفَوَّدَ الوَعِلُ فوقَ الجَبَلِ إذا أَشْرَفَ . ويقال : رَجُلٌ مِتْلاَفٌ مِفْوادٌ بالواو ومِفْيادٌ بالياء أَي مُتْلِفٌ مُفِيدٌ وأَنشد أَبو زيدٍ للقَتَّال :
" ناقَتُهُ تَرْمُلُ في النِّقالِ
" مُهْلِكُ مالٍ ومُفِيدُ مالِ ويقال : هُما يَتفاوَدانِ العِلْمَ هكذا قَولُ عامةِ الناسِ والصّوابُ : أَنَّهما يَتفايَدانِ بالمال بينَهما أَي يُفِيد كُلُّ واحدٍ منهما صاحبَهُ . هكذا قالهُ ابن شُمَيْلٍ وهو نصٌّ عبارتِه . وتَوقَّف شيخُنا في وَجْهِ الصّوابِ ظانَّا أَنه من اختيارات المصنِّف وأَنها وَردَتْ واويَّةً ويائِيَّةً من غير إِنكارٍ ولو نَظَرَ إلى بَقِيَّةِ قولِ ابنِ شُمَيْلٍ وهو : بالمالِ بينَهما لزال الإِشكالُ . فتأَمَّل
ومما يستدرك عليه : من المجاز : ارْفَعْ فَوْدَ الخِبَاءِ أَي جانِبَه وناحِيَتَه . وأَلْقَت العُقَابُ فَوْدَيْهَا على الهَيْثَم أَي جَناحَيْهَا وقال خُفَاف :
" مَتَى تُلْقِ فَوْدَيْهَا على ظَهْر ناهِضٍ ونَزَلوا بين فَوْدَي الوَادِي . واستلمْتُ فَوْدَ البَيْتِ : رُكْنه . وجعلتُ الكِتَابَ فَوْدَيْنِ : طَوَيْتُ أَعلاه على أَسْفَلِه حتى صار نِصْفَيْنِ . كل ذلك في الأساس
وَفَدَ إِليه وعَلَيْه يَفِدُ وَفْداً بفتح فسكون ووُفُوداً بالضَّمّ ووِفَادَةً بالكسر وإِفَادَةً على البَدَلِ : قَدِمَ فهو وافِدٌ قال سِيبويهِ : وسمعناهم يُنْشِدُونَ بيت ابنِ مُقْبِلٍ
" إِلاَّ الإِفَادَةَ فَاسْتَوْلَتْ رَكائِبُنَاعِنْدَ الجَبَابِيرِ باِلْبَاَسَاءِ والنِّعَمِ كذا نَصّ المُحْكَم وقال الأَصْمَعِيُّ : وَفَدَ فُلاَنٌ يَفِدُ وِفَادَةً إِذا خَرَج إِلى مَلِكٍ أَو أَميرٍ . في الصّحاح والأَساس : وَفَدَ فُلانٌ علَى الأَمِيرِ أَي وَرَدَ رَسُولاً فهو وَافِدٌ وهكذا أَورَدَه المُصَنِّف في البصائر وأَوْفَدَه علَيْه وهي بَقِيَّةُ عِبَارَةِ المُحْكَم ومثلُه في الأَساس أَوْفَدَه إِلَيْه . من عبارة الجوهَرِيِّ ونَصُّها : وأَوْفَدْتُه أَنا إِلى الأَمِيرِ : أَرْسَلْتُه واقْتَصَرَ على هذِه المُصَنِّفُ في البَصَائِر وأَوْرَدَه ابنُ سِيدَه أَيضاً بَعْدَ سِياقِ الكلامِ فَهُمْ وُفُودٌ بالضمِّ جَمْعُ وَافِدٍ فَهُمْ وُفُودٌ بالضمِّ جَمْعُ وَافِدٍ ووَفْدٌ هو اسمٌ للجَمْعِ وقيل جمْع وافِدٍ كصَحْبٍ وصَاحِبٍ وأَوْفَادٌ قال شيخُنَا : تَسَامَحُوا فيه لأَنه مُعْتَلُّ الأَوَّلِ ووُفَّدٌ كرُكَّع وزاد الزَّمخشريُّ فقال : ووُفَّادٌ . من المَجاز الوَافِدُ هو : السابقُ من الإِبلِ وعليه اقتصرَ في اللسانِ وزاد غيرُه : والقَطَا وفي الأَساس : الطَّيْرِ قال : وهو الذي يتقَدَّم سائِرَها في السَّيْرِ والوُرُودِ . من المَجازِ : الوافِد : هو المُرْتَفِع الناشِزُ مِن الخدِّ عندَ المَضْغِ . وفي البصائر : والوافِدَانِ في قَوْلِ الأَعْشَى :
رَأَتْ رَجُلاً غَائِبَ الوَافِدَيْنِ ... مُخْتَلِفَ الخَلْقِ أَعْشَى ضَرِيرَا هُمَا النَّاشِزَانِ مِن الخَدَّيْنِ عند المَضْغِ من ذلك قولهم : مَنْ شَابَ غَاب وافِدَاهُ . ووافِدٌ : حَيٌّ من العَرَب . والإِيفادُ : الإِشرَافُ على الشيْءِ وأَنشد في البصائر لِحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ الهلاليِّ رضي الله عنها :
تَرَى العِلاَفِيَّ عَلَيْهَا مُوفِدَا ... كَأَنَّ بُرْجاً فَوْقَهَا مُشَيَّدَا أَي مُشْرفاً ويقال للفرسِ : ما أَحْسَنَ ما أَوْفَدَ حَارِكُه أَي أَشْرَفَ وهو مَجاز كالتَّوفُّدِ . الإِيفادُ أَيضاً : الإِرْسالُ وقد أَوْفَده عليه وإِليه كما تَقدَّم كالتَّوْفِيدِ يقال : وَفَّدَه الأَمِيرُ إِلى الأَمِيرِ الذي فَوْقَه إِذا أَرْسَلَه . الإِيفاد : رَفْعُ الرِّيمِ رَأْسَه ونَصْبُه أُذُنَيْهِ قال تَمِيمُ بن مُقْبِل :
تَرَاءَتْ لَنَا يَوْمَ السِّيَارِ بِفَاحِمٍ ... وسُنَّةِ رِيمٍ خَافَ سَمْعاً فَأَوْفَدَا
الإِيفاد : الإِسراعُ وهو في شعر ابنِ أَحْمَر من المجاز : الإِيفاد : الارْتِفَاعُ يقال : أَوْفَدَ الشيءُ إِذا ارتَفَعَ كما في الأَساس وفي اللسانِ أَوْفَدَ الشيءَ : رَفَعَه وأَوْفَدَ هو : ارتفع . والوَفْدُ : ذِرْوَةُ الحَبْلِ بالحاءِ المهملة وسُكون الموحَّدة من الرَّمْلِ المُشْرِفِ هكذا في نُسْختنا ومثله في اللسان وفي بعض النُّسخ : ذِرْوَة الجَبَلِ ومن الرَّمْل : المُشْرِف . من المجاز المُسْتَوْفِدُ : المُسْتَوْفِزُ يقال : فُلانٌ مُسْتَوْفِدٌ في قِعْدَتِه أَي مُنْتَصِبٌ غيرُ مُطْمَئِنٍّ كمُسْتَوْفِزٍ وفي الأَسَاس : اسْتَوْفَد في قِعْدَتِه : ارْتَفَع وانْتَصَبَ ورأَيْتُه مُسْتَوِفداً . وبَنُو وَفْدضانَ بالفَتْح : حَيٌّ من العرب أَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ :
إِنَّ بَنِي وَفْدَانَ قَوْمٌ سُكُّ ... مِثْلُ النَّعَامِ والنَّعَامُ صُكُّ والأَوْفَاد : قومٌ . يقال هُمٍْ على أَوْفَادٍ أَي على سَفَرٍ قد أَشْخَصَنَا أَي أَقْلَقَنا كأَوْفَازٍ . ومما يستدرك عليه : هو كثير الوِفَادِ على المُلُوك . وما أَوْفَدَكَ عَلَيْنَا واسْتَوْفَدَني وتَوَافَدْنَا عليه . ومن المَجاز : الحَاجُّ وَفْدُ اللهِ . وَبَيْنَا أَنا في ضِيقٍ إِذْ أَوْفَد اللهُ عَلَيَّ بِرَجُلٍ فأَخْرَجَنِي منه . بمعنَى جاءَني به . وَرَكَبٌ مُوفِد : مُرْتَفِع وكذا سَنَامٌ مُوفِدٌ . وتَوَفَّدت الإِبلُ والطَّيْرُ : تَسابَقَت كذا في اللسانِ وعِبَارة الأَساس : تَوَفَّدَت الأَوْعَالُ فوقَ الجَبَلِ : أَشْرَفَت . وفي التكملة : تَشَوَّفَتْ . وكلّ ذلك مَجَازٌ . والأَوْفَاد : قَوْمٌ مِن العَربِ أَنْشَد ابنُ الأَعْرَابيّ :
فَلَوْ كُنْتُمُ مِنَّا أَخَذْتُمْ بِأَخْذِنَا ... ولكِنَّمَا الأَوْفَادُ أَسْفَلَ سَافِلِ وَوَافِدُ بنُ سَلاَمَةَ رَوَى حَدِيثَه ضَمْرَةُ بن رَبِيعَةَ . ووافِدُ بنُ مُوسَى الذَّارِع يقال فيه بالقاف أَيضاً . وأَبُو وَافِدٍ روى عنه عبدُ الجبَّار بن نافِعٍ الضَّبِّيَ ومحمّد بن يوسف بن وافِد وأَبو بكر يحيى بن عبد الرحمن ابن وافِدٍ اللَّخْمِيّ قَاضِي قُرْطَبَةَ وأَبو المُرْجَّا سالِمُ بن ثِمَالِ بن عَفَّانَ بن وافِدٍ كذا في التبصير للحافظ . تكميل : قد تَكَرَّر لَفْظُ الوَفْدِ في الحديثِ وهم القَوْمُ يَجْتَمِعُون فَيَرِدُونَ البلادَ واحِدُهُم وافِدٌ وكذلك يَقْصِدُونَ الأُمراءَ لِزيارَةٍ واسْتِرْفادٍ وانْتِجاعٍ وغير ذلك وفي الحديث وَفْدُ اللهِ ثَلاَثَةٌ وفي حديث الشهيد فإِذا قُتلَ فهو وافِدٌ لِسَبْعِينَ يَشْهَدُ لهم وقوله أَجِيزُوا الوَفْدَ بنْحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهم . وقال النَّوَوِيُّ : الوَفْدُ : جَماعَةٌ مُخْتَارَةٌ للتقَدُّم في لِقَاءِ العُظماءِ . وقال الزَّجَّاج في تَفْسِير قولِه تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً " قيل الوَفْدُ : الرُّكْبَانُ المُكَرَّمُونَ . وفي تفسير ابنِ كَثِير ومنه أَخَذَ أَحَدُ الجَلالَيْنِ أَنَّ الوَفْدَ القاَدِمُونَ رُكْبَاناً . وفي العِنَايَةِ للخَفَاجِيّ أَنّ أَصْلَ الوُفودِ القُدُومُ على العظمَاءِ للعَطَايَا والاسْتِرْفَادِ . وفي شرْحِه للشفاءِ أُثْنَاءَ إِعجازِ القرآنِ : أَصْلُ مَعْنَى الوَفْدِ الإِشْرَافُ . هذه أَقوالهم وظاهرُ كلامِ المصنف كغيرِه من الأَئمَّةِ أَن الوَفْدَ والوُفُودَ هم القَوْمُ القادِمُون مُطلَقاً مُشاةً أَو رُكْبَاناً مُخْتَارين للقاءِ العُظَماءِ أَوْلاَ كما هو ظاهِرٌ ويمكن أَن يقال إن كلامَ النَّوَوِيِّ وغيرِه استعمالٌ عُرْفِيٌّ وكلامَ المُصَنِّف وغيرِه استعمالٌ لُغَوِيّ والله أعلم