قَرَضَهُ يَقْرِضُهُ قَرْضاً : قَطَعَهُ هذا هو الأَصلُ فيه ثمَّ اسْتُعملَ في قَطْعِ الفَأْرِ والسَّلَفِ والسَّيرِ والشِّعْرِ والمُجازاة ويُقَالُ : قَرَضَهُ قَرْضاً جازاهُ كقَارَضَهُ مُقارَضَةً . ومن الأَخيرِ قَوْلُ أَبي الدَّرْداءِ : إنْ قارَضْتَ النَّاسَ قارَضُوكَ وإنْ تركتَهُمْ لمْ يَتْرُكوكَ وإنْ هَرَبْتَ منهمْ أَدْرَكوكَ . وقد سبقَ ذِكرُ الحديثِ في ع ر ض يقول : إنْ فعلتَ بهم سوءاً فَعَلوا بكَ مِثْلَهُ وإنْ تركتَهُمْ لم تسلَمْ منهمْ ولم يَدَعوكَ وإنْ سبَبْتَهُمْ سَبُّوكَ ونِلتَ مِنْهُم ونالوا مِنْك . ذَهَبَ به إِلَى القولِ فيهِمْ والطَّعْن عَلَيْهِم وهذا من القَطْع . وقَرَضَ الشِّعْرَ قَرْضاً : قالَهُ خاصَّةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وهو قَوْلُ أَبي عُبيدٍ . قالَ شَيْخُنَا : ومن قالَ : إنَّ قَرْضَ الشِّعْر من قَرَضَ الشَّيْءَ إِذا قَطَعَهُ كالسَّيِّدِ قُدِّسَ سرُّه في حواشيهِ عَلَى شرح المِفْتاح فَقَدْ أَبعدَ كما أَوْضحتُه في حاشية المُخْتَصَرِ . انْتَهَى . قُلْتُ : لم يُبعد السَّيِّدُ فيما قالَهُ فإِنَّ القَرْضَ أَصلُه في القَطْعِ ثمَّ تُفرَّعُ عَلَيْهِ المعاني كلُّها بحسَبِ المراتبِ ويشهدُ لذلك قَوْل الصَّاغَانِيُّ في العُبَاب . والتَّركيبُ يدلُّ عَلَى القَطْعِ وكذلك قَوْل أَبي عُبيدٍ : القَرْضُ في أَشْياءَ فذكرَ فيها قَرْضَ الفأْرِ وسَيْر البلادِ وقَرْضَ الشِّعْر والسَّلف والمُجازاةِ فإذا شُبِّه الشِّعْرُ بالثَّوبِ وجُعلَ الشَّاعرُ كَأَنَّهُ يَقْرِضُهُ أَي يَقْطَعُهُ ويُفصِّلُه ويُجزِّئهُ فأَيّ بُعْدٍ فيه ؟ فَتَأَمَّلْ . قالَ شَيْخُنَا ثمَّ ظاهِرُ المُصَنِّفِ كالصّحاح وغيرِهِ أنَّ قَرْضَ الشِّعْر هو قَوْلُهُ . والذي ذَكَرَه أَئمَّةُ الأَدب كحَازِمٍ وغيرِهِ أَنَّ قَرْضَ الشِّعْر هو نَقْدُه ومعرفَةُ جَيِّدِه مِنْ رَديئه قَوْلاً ونَظَراً . قُلْتُ : هذا الَّذي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عن أئمَّةِ الأَدبِ إنَّما هو في التَّقْريضُ دونَ القَرْضِ كما سَيَأْتِي فتأَمَّلْ
ومن المَجازِ : جاءَنا وقد قَرَضَ رِباطَه ذَكَرَ الجَوْهَرِيّ هذا اللَّفظَ عَقِيبَ قولهِ : قَرَضْتُ الشَّيْءَ أَقْرِضُه بالكَسْرِ قَرْضاً : قَطَعْتُه ثمَّ قالَ : يُقَالُ : جاءَ فلانٌ وقد قَرَضَ رِباطَهُ . والفأْرَةُ تَقْرِضُ الثَّوبَ هذا سِياقُ كلامِه فهذا يدلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرادَ بقولِهِ قَرَضَ رِباطَهُ تَبْيينَ القَرْضِ بمَعْنَى القَطْعِ وتأكيدَه وليسَ كَذلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ كما قالهُ ابنُ الأَعْرَابيّ أَي ماتَ . والرِّباطُ : رِباطُ القلبِ ومن قُطعَ رِباطُ قلبِهِ فَقَدْ هَلَك . أَو مَعْنَاهُ : إِذا جاءَ مَجْهوداً وَقَدْ أَشرفَ عَلَى الموتِ . وهو قَوْل أَبي زيدٍ كما نَقَلَهُ الأّزْهَرِيّ . وقال غيرُهُ : أَي جاءَ في شدَّةِ العَطَشِ والجوعِ . وقَرَضَ في سيرِهِ يُقْرِضُ قَرْضاً : عدلَ يُمنةً ويُسرةً وقالَ الجَوْهَرِيّ : ويقولُ الرَّجُلُ لصاحِبه : هلْ مَرَرْتَ بمكانِ كذا وكَذا فيقولُ المسؤول : قَرَضْتُهُ ذاتَ اليمينِ ليلاً . يُقَالُ : قَرَضَ المكانَ يَقْرِضُهُ قَرْضاً : عَدَلَ عنه وتَنَكَّبَهُ وأَنْشَدَ لذي الرُّمَّة :
إِلَى ظُعُنٍ يقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالاً وعَنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوَارِسُ
ومُشرفٌ والفَوارسُ موضِعان . يَقُولُ : نظرتُ إِلَى ظُعُنٍ يَجُزْنَ بَيْنَ هذينِ المَوْضِعَيْنِ . انْتَهَى . وقال الفَرَّاءُ : العربُ تقول : قَرضْتُهُ ذاتَ اليمينِ وقَرَضْتُهُ ذاتَ الشِّمالِ وقُبُلاً ودُبُراً أَي كنتُ بِحِذائِه من كلِّ ناحيةٍ . وقَرَضَ الرَّجُلُ : ماتَ هَكَذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ كقَرِضَ بالكَسْرِ وهذه عن ابنُ الأَعْرَابيّ . وَقَدْ جمعَ بَيْنَهما الصَّاغَانِيُّ في العُبَاب ونبَّه عَلَيْهِ في التَّكْمِلَة أَيْضاً . ومن أَمثالِهمْ : " حال الجَريضُ دُونَ القَرِيضِ " قاله عَبِيد بنُ الأَبرص حينَ أَرادَ المُنذِرُ قتلَهُ فقالَ : أَنْشِدْني مِنْ قولكَ فقالَ ذلك وَقَدْ تَقَدَّم في ج ر ض قيلَ : الجَريضُ : الغُصَّةُ . والقَريضُ : مَا يردُّهُ البَعيرُ من جِرَّتهِ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وقالَ اللَّيْثُ : القَريضُ : الجِرَّةُ لأنَّهُ إِذا غُصَّ لم يقْدِرْ عَلَى قَرْضِ جِرَّتِهِ . وقال ابنُ سِيدَه : قَرَضَ البعيرُ جِرَّتهُ يَقْرِضُها قَرْضاً وهي قَريضٌ : مَضَغَها أَو ردَّها . وقال كُراع : إنَّما هي الفَريضُ بالفاءِ وَقَدْ تَقَدَّم في موضِعِهِ . وقيل الجرِيضُ في المثَلِ : الغَصَصُ والقَريضُ الشِّعْرُ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً أَي حالَ مَا هالهُ دُون شِعْره ولذا صارَ يَقُولُ :
" أَقْفَرَ من أَهْلِهِ عَبِيدُ
" فاليَوْمَ لا يَبْدِي ولا يَعيدُ والشِّعْرُ قَريضٌ فَعيلٌ بمَعْنَى مفْعولٍ كالقَصيدِ ونَظَائِرِه . قالَ ابنُ بَرِّيّ : وَقَدْ فرَّقَ الأَغْلبُ العِجْلِيُّ بَيْنَ الرَّجَزِ والقَريضِ بقَوْله :
" أَرجزاً تُريدُ أَمْ قَرِيضا
" كِلَيْهِما أُجِيدُ مُسْتَرِيضَا والقُراضَةُ : بالضَّمِّ : مَا سقطَ بالقَرْضِ أَي بقَرْضِ الفأْر من خُبزٍ أَو ثوبٍ أَو غيرِهِما وكذلك قُراضاتُ الثَّوبِ التي يَقْطَعُها الخيَّاطُ ويَنْفيها الجَلَمُ وكَذلِكَ قُراضَةُ الذَّهبِ والفِضَّةِ . والمِقْراضُ : واحدُ المقاريضِ هَكَذا حكاه سيبويه بالإِفْراد . وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لعَدِيٍّ بنِ زَيْدٍ :
كلُّ صعْلٍ كأَنَّما شَقَّ فيهِ ... سَعَفَ الشرْيِ شَفْرَتَا مِقْراضِ وقالَ ابنُ مَيَّادَةَ :
" قَدْ جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرَةًإِذا اسْتَوَى مُغْفِلاتُ البِيدِ والحدَب وقال أَبو الشِّيص :
وجنَاحِ مقْصُوصٍ تَحيَّفَ ريشَهُ ... رَيْبُ الزَّمانِ تَحَيُّفَ المِقْراضِ فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدوه . وقال ابنُ بَرِّيّ : ومثلُهُ المِفْراصُ بالفاءِ والصَّاد وَقَدْ تَقَدَّم في موضعه . وهما مِقْراضانِ تثنيَةُ مِقْراض . وقال غيرُ سِيبَوَيْه من أَئمَّةِ اللُّغةِ : المِقْراضانِ : الجَلَمانِ لا يُفردُ لهما واحدٌ . والقَرْضُ بالفَتْحِ كما هو المشهور ويُكسرُ وهذه حكاها الكِسائِيُّ كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وقال ثعلبٌ : القَرْضُ المصدر والقَرْضُ الاسمُ . قالَ ابنُ سِيدَه : لا يُعْجِبُني . وفي اللّسَان : هو مَا يَتَجازَى به النَّاسُ بَيْنَهم ويَتَقاضَوْنَهُ وجمْعُهُ قُرُوضٌ . قالَ الجَوْهَرِيّ : هو مَا سلَّفْتَ مِنْ إِساءةٍ أَوْ إِحسان وهو مَجازٌ عَلَى التَّشبيهِ وأَنْشَدَ للشَّاعرِ وهو أُميَّةُ ابنُ أَبي الصَّلْتِ :
" كُلُّ امرئٍ سوفَ يُجْزَى قَرْضَهُ حَسَناًأَوْ سَيِّئاً أَوْ مَدِيناً مِثْلَ مَا دَانَا وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ لِلَبيدٍ رَضِيَ الله عَنْه :
وإذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ ... إنَّما يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْوفي اللّسَان : مَعْنَاهُ إِذا أُسدِيَ إليكَ معروفٌ فكافِئْ عَلَيْهِ . وفي الصّحاح : القَرْضُ : مَا تُعْطيهِ من المالِ لتُقْضَاهُ . وقال أَبو إسحاقَ النَّحَوِيُّ في قَوْله تَعَالَى " مَنْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً " قالَ : معنى القَرْضِ : البلاءُ الحَسَنُ . تقولُ العربُ : لكَ عندِي قَرْضٌ حسنٌ وقَرْضٌ سيِّئٌ . وأَصلُ القَرْضِ : مَا يُعطيهِ الرَّجُلُ أَو يفعلَهُ ليُجازَى عَلَيْهِ . والله عَزَّ وَجَلّ لا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ ولكنَّه يبلو عبادَهُ فالقَرْضُ كما وَصَفْنا . قالَ : وهو في الآية اسمٌ لكُلِّ مَا يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الجَزاءُ ولو كانَ مصدراً لكانَ إِقْراضاً . وأَمَّا قَرَضْتُهُ قَرْضاً فمعناهُ جازَيْتُهُ وأَصلُ القَرْضِ في اللُّغة القَطْعُ . وقال الأَخْفَشُ في قَوْله تَعَالَى " يُقْرِضُ " أَي يفعلُ فعلاً حَسَناً في اتِّباعِ أَمرِ اللهِ وطاعَتِه . والعربُ تقولُ لكلِّ من فعلَ إِلَيْه خيراً : قَدْ أَحْسَنْتَ قَرْضِي وَقَدْ أَقْرَضْتَني قَرْضاً حسناً . في الحَدِيث : " أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِك ليَوْمِ فَقْرِكَ " يَقُولُ : إِذا اقْتَرَضَ عِرِضَكَ رَجُلٌ فلا تُجازِهِ ولكن اسْتَبْقِ أَجرَهُ موْفوراً لكَ قَرْضاً في ذِمَّتهِ مِنْهُ يومَ حاجَتِكَ إِلَيْه . وقَوْلُه تَعَالَى : " وإذا غَرَبتْ تُقْرِضُهُم ذاتَ الشِّمالِ " في الصّحاح : قالَ أَبو عُبَيْدَة كذا في أَكثرِ النُّسخِ وفي بعضِها : أَبو عُبَيْدٍ : أَي تُخَلِّفُهُمْ شِمالاً وتجاوِزُهُمْ وتقطَعُهُمْ وتترُكهم عَلَى شِمالِها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وَقَدْ تَقَدَّم مَا يتعلَّقُ به قَريباً عند قوله : قَرَضَ المكانَ : عَدَلَ عنه وتَنَكَّبَه ولوْ ذَكَرَ الآيَةَ هُناك كانَ أَحسنَ وأَشْمَلَ . وقَرضَ الرَّجُلُ كسَمِعَ : زالَ من شيءٍ إِلَى شيءٍ عن ابنُ الأَعْرَابيّ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ وصاحبُ اللّسَان وَقَدْ تَقَدَّم عنهُ أَيْضاً قَرِضَ بالكَسْرِ إِذا ماتَ فالمُصَنِّفُ فرَّقَ قوْلَيْهِ في محَلَّيْنِ . والمَقارِضُ : الزَّرْعُ القليلُ عن ابنِ عبَّادٍ قالَ : وهي أَيْضاً المواضِعُ الَّتي يَحْتاجُ المُسْتَقِي إِلَى أَنْ يَقْرِضَ أَي يَميحَ الماءَ منها . قالَ : وشِبْهُ مَشَاعِلَ يُنْبَذُ فيها ونحوها مِنْ أَوعيَةِ الخمرِ قالَ : والجِرارُ الكِبارُ : مَقَارِضُ أَيْضاً . وأَقْرَضَهُ المالَ وغيرَهُ : أَعطاهُ إيَّاهُ قَرْضاً قالَ الله تعالى : " وأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً " ويُقَالُ : أَقْرَضْتُ فلاناً وهو مَا تُعطيهِ ليَقْضِيَكَهُ ولم يقلْ في الآيَةِ إقْراضاً إلاَّ أَنَّهُ أَرادَ الاسمَ وَقَدْ تَقَدَّم البحثُ فيه قريباً . وقال الشَّاعر :
فَيَا لَيْتَني أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبَابَتِي ... وأَقْرَضَني عن الشَّوْقِ مُقْرِضُ وأَقْرَضَهُ : قَطَعَ له قِطعةً يُجازِي عليها نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ وَقَدْ يكونُ مُطاوِعَ اسْتَقْرضَهُ . والتَّقْريضُ مثلُ التَّقْريظ : المَدْحُ أَو الذَّمُّ فهو ضِدٌّ . ويُقَالُ التَّقْريضُ في الخيرِ والشَّرِّ والتَّقْريظُ في المَدْحِ والخَيرِ خاصَّةً كما سَيَأْتِي . وانْقَرَضوا : دَرَجوا كلُّهم وكَذلِكَ قَرضُوا وعِبَارَةُ الصّحاح : وانْقَرَضَ القومُ : دَرَجوا ولم يبقَ مِنْهُم أَحَدٌ فاخْتَصَرَها بقولهِ : كلُّهُم وهو حَسَنٌواقْتَرَضَ مِنْهُ أَي أَخَذَ القَرْضَ . واقْتَرَضَ عِرْضهُ : اغْتابَهُ لأنَّ المُغْتاب كَأَنَّهُ يقطَعُ من عِرْضِ أَخيهِ . ومِنْهُ الحديث : " عِبادَ الله رفَعَ اللهُ عنَّا الحَرَجَ إلاَّ منِ اقْتَرَضَ امْرأً مُسلِماً " وفي رواية : " منِ اقْتَرَضَ عِرْضَ مُسْلِمٍ " . أَراد قطَعَه بالغِيبة والطَّعن عَلَيْهِ والنَّيْلِ مِنْهُ وهو افْتِعالٌ من القَرْضِ . والقِراضُ والمُقارَضَةُ عند أَهلِ الحِجازِ : المُضارَبَةُ ومِنْهُ حديث الأّزْهَرِيّ : " لا تَصْلُحُ مُقارَضَةُ مَنْ طُعْمتُهُ الحَرامُ " كَأَنَّهُ عقدٌ عَلَى الضَّربِ في الأَرضِ والسَّعْيِ فيها وقطْعِها بالسَّيرِ . من القرض في السير وقال الزَّمَخْشَرِيّ : أَصلُها من القَرْضِ في الأَرضِ وهو قطْعُها بالسًّيْرِ فيها . قالَ : وكَذلِكَ هي المُضارَبَةُ أَيْضاً من الضَّرْبِ في الأَرضِ . وفي حديثِ أَبي مُوسى : " اجْعَلْهُ قِراضاً " وصُورتُهُ أَي القِراض أَنَ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مالاً ليَتَّجِرَ فيه والرِّبْحُ بَيْنَهما عَلَى مَا يَشْتَرِطانِ والوَضيعَةُ عَلَى المالِ وَقَدْ قارَضَه مُقارَضَةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ هكَذَا . وقال أَيْضاً : هُما يَتَقارَضَانِ الخيرَ والشَّرَّ وأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِر :
إِنَّ الغَنِىَّ أَخُو الغَنِيِّ وإِنَّما ... يَتَقَارَضَانِ ولا أَخَا للمُقْتِرِ وقال غيرُه : هُما يَتَقَارَضانِ الثَّناءَ بَيْنَهُمْ أَي يَتَجَازَيانِ . وقال ابنُ خالَويْه : يُقَالُ : يَتَقَارَظَانِ الخيرَ والشَّرَّ . بالظَّاء أَيْضاً وقال أَبو زيدٍ : هُما يَتَقارَظانِ المَدْحَ إِذا مَدَحَ كلُّ واحدٍ منهُما صاحبهُ ومثلهُ يتقارضان بالضَّاد وسَيَأْتِي . قالَ الجَوْهَرِيّ : والقِرْنانِ يَتَقارَضَانِ النَّظَر أَي ينظُرُ كلٌّ منهُما إِلَى صاحبهِ شَزْراً . قُلْتُ : ومِنْهُ قَوْل الشَّاعر :
يَتَقارَضونَ إِذا الْتَقَوْا في مَوْطِنٍ ... نَظَراً يُزيلُ مواطِئَ الأَقْدامِ أَرادَ ينظُرُ بعضُهُمْ إِلَى بعضٍ بالعَداوَةِ والبَغْضاءِ . وكانتِ الصَّحابَةُ وهو مأْخوذٌ مِنْ حديثِ الحَسَنِ البَصْرِيّ قيلَ لهُ : أَكانَ أَصحابُ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عليه وسَلّم يَمْزَحون ؟ قالَ : نعم ويَتَقارَضون وهو منَ القَرِيضِ للشِّعرِ أَي يقولون القَرِيضَ ويُنْشِدونَه . وأَمَّا قَوْلُ الكُميت :
يُتَقَارَضُ الحَسَنُ الجمِي ... لُ من التَّآلُفِ والتَّزاوُرْفمَعْناهُ أنَّهُمْ كانوا مُتَآلِفينَ يَتَزاوَرون ويَتَعاطَوْنَ الجميلَ كما في العُبَاب . وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : التَّقْريضُ : القَطْعُ قَرَضَهُ وقَرَّضَهُ بمعنًى كما في المُحكم . وابنُ مِقْرِضٍ : دُويْبَّةٌ يُقَالُ لها بالفارِسِيَّة دَلَّهْ وهو قَتَّالُ الحَمَام كما في الصحاح وضبطه هَكَذا كمِنْبَر وفي التَّهْذيبِ : قالَ اللَّيْثُ : ابنُ مِقْرِضٍ . ذو القَوائمِ الأرْبَعِ الطَّويلُ الظَّهْرِ قَتَّالُ الحَمَامِ . ونقل في العُبَاب أَيْضاً مثله . وزادَ في الأَساس : أَخَّاذٌ بحُلُوقِها وهو نوعٌ من الفيرانِ . وفي المُحكم تَخْرِقُها وتَقْطَعُها . والعَجَبُ من المُصَنِّفِ كَيْفَ أَغفلَ عن ذِكرِهِ . وقارَضَهُ مِثْلُ أَقْرَضَهُ كما في اللّسَان . واسْتَقْرَضْتُ مِنْ فلانٍ : طلبتُ مِنْهُ القَرْضَ فأَقْرَضَني نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . والقُراضَةُ تكونُ في العملِ السيِّئِ والقولِ السَّيِّئِ يَقْصِدُ الإِنسانُ بهِ صاحِبُهُ . واسْتَقْرَضَهُ الشَّيْءَ : اسْتَقْضاهُ فأَقْرَضَهُ : قَضَاهُ . والمَقْروضُ : قَرِيضُ البَعير . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . والقَرْضُ : المَضْغُ . والتَّقْريضُ : صِناعَةُ القَرِيضِ وهو معرفَةُ جَيِّدِهِ مِنْ رَديئِهِ بالرَّوِيَّةِ والفِكْرِ قولاً ونَظَراً . وقَرَضْتُ قَرْضاً مِثْلُ حَذَوْتُ حَذْواً . ويُقَالُ : أَخَذَ الأَمر بقراضَتِه أَي بطَرَاءَتِهِ كما في اللّسَان . ويُقَالُ : مَا عَلَيْهِ قِراضٌ ولا خِضَاضٌ أَي مَا يقْرِضُ عنه العُيونَ فيَسْتُرُه نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابنِ عبَّادٍ . وذكَرَ اللَّيْثُ هنا التَّقْريضَ بمَعْنَى التَّحْزِيزِ . قالَ الأّزْهَرِيّ : وهو تَصْحِيفٌ والصَّوابُ بالفاءِ وهكذا روى بَيْت الشَّمّاخ وَقَدْ تَقَدَّم في ف ر ض . وقُراضَةُ المالِ : رَديئُه وخَسيسُه . والقَرَّاضَةُ بالتَّشديد المُغْتابُ للنَّاسِ وأَيضاً دُوَيْبَّةٌ تَقْرِضُ الصُّوفَ . ومن المَجازِ قولهم : لِسانُ فلانٍ مِقْراضُ الأَعْراضِ . والمَقْروضَةُ : قريةٌ باليمنِ ناحِيةَ السّحول ومنها أَبو عَبْدِ اللهِ محمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يحيَى الهَمْدانيُّ الفَقيهُ