الغَيْبُ : الشَّكُّ قال شيخُنا : أَنكَره بعْضٌ وحَمَلَه بَعْضٌ على المجَاز وصَحَّحه جماعَة ج غِيَابٌ وغُيُوبٌ قال :
" أَنت نَبِيٌّ تَعْلَمُ الغِيَابا
" لا قائلاً إِفكاً وَلاَ مُرْتَابَا الغَيْبُ : كُلُّ مَا غَابَ عَنْكَ كأَنه مَصْدَر بمَعْنَى الفَاعِل ومثْلُه في الكَشَّاف . قال أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ في قَوْلِه تَعَالَى : يُؤْمِنُون بالغَيْبِ أَي بما غَابَ عنْهم مما أَخْبَرَهُم به النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم من أَمْرِ البَعْث والجنَّة والنَّارِ . وكُلُّ مَا غَاب عَنْهُم مِمَّا أَنْبَأَهُم به فهو غَيْبٌ . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : يُؤْمِنُون بِاللهِ . قال : والغَيْبُ أَيْضاً : مَا غَابَ عن العُيُونِ وإِنْ كَانَ مُحَصَّلاً في القُلُوب . ويقال : سَمِعتُ صَوتاً مِنْ ورَاء الغَيْبِ أَي مِنْ مَوْضِعٍ لا أَراه . وقد تَكرَّر في الحَدِيثِ ذكْرُ الغَيْب ؛ وهو كلُّ ما غَاب عَنِ العُيُون سَوَاءٌ كان مُحصَّلاً في القلوب أَو غَيْرَ مُحصَّل . والغَيْبُ من الأَرْضِ : ما غَيَّبكَ وجَمْعُه غُيُوبٌ . أَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
إِذَا كَرِهُوا الجمِيعَ وحَلَّ مِنْهُم ... أَراهِطُ بالغُيوبِ وبالتِّلاَعِ الغَيْبُ : مَا اطْمأَنَّ من الأَرْضِ وجَمْعُه غُيُوبٌ . قال لَبِيدٌ يَصِف بَقرةً أَكَلَ السَّبع وَلَدَها فأَقبَلَت تَطُوفُ خَلْفَه :
وتَسَمَّعتْ رِزَّ الأَنِيسِ فرَاعهَا ... عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُهَا تَسَمَّعَت رِزَّ الأَنِيسِ أَي صَوْتَ الصَّيّادِين فَرَاعَهَا أَي أَفزَعَهَا . وقوله ولأَنِيسُ سَقَامُهَا أَي أَنَّ الصَّيَّادِين يَصِيدُونَها فهم سَقَامُهَا . وقال شَمِر : كُلُّ مَكَان لا يُدْرَى مَا فيه فهو غَيْبٌ وكذلك المَوْضِعُ الَّذِي لا يُدْرَى ما وَرَاءَه وجَمْعُه غُيُوب . قال أَبو ذُؤَيْب :
يَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْه ومَطْرِفُهُ ... مُغْضٍ كما كَسَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ كذا في لسان العرب . الغَيْبُ : الشَّحْمُ أَي شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاةِ وشَاةٌ ذَاتُ غَيْب أَي شَحْمٍ لتَغَيُّبِه عن العيْن . وقولُ ابْنِ الرَّقاع يَصِفُ فَرَساً
وتَرَى لِغَرِّ نَساهُ غَيْباً غَامضاً ... قَلِقَ الخَصِيلَة من فُوَيْقِ المَفْصِل
قوله غَيْباً يَعْنِي انْفَلَقَت فَخِذَاه بلَحْمَتَين عند سمَنه فجَرَى النَّسَا بَيْنَهُمَا واسْتَبَانَ . والخَصِيلَةُ : كُلُّ لَحْمَة فيها عَصَبَة . والغَرُّ : تَكَسُّر الجلْدِ وتَغَضُّنُه . والغَيْبَةُ بالفَتْح والغَيْب كالغِيَاب بالكَسْرِ والغَيْبُوبَةِ على فَعْلُولة ويقال فَيْعُولَة على اخْتلاف فيه . والغُيُوبِ والغُيُوبَةِ بضَمِّهِمَا والمَغَابِ والمَغِيبِ كُلُّ ذلك مَصْدَر غاب عَنِّي الأَمرُ إِذَا بَطَنَ . الغَيْبُ : مثلُ التَّغَيُّب . يقال : تَغَيَّبَ عَنِّي الأَمْرُ : بَطَنَ وغَيَّبَهُ هُو وغَيَّبهُ عنْه . وفي الحَدِيثِ لَمَّا هجَا حَسَّانُ قُريْشاً قالوا : إِنَّ هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عَنهُ ابنُ أَبي قُحَافَةَ . أَرادُوا أَنَّ أَبا بَكْر كان عَالِماً بالأَنْسَابِ والأَخْبَارِ فهو الذي عَلَّم حَسَّان . ويدُلُّ عليه قولُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لِحَسَّان : سَلْ أَبا بَكْر عن معَايِبِ القَوْم . وكان نَسَّابَةً عَلاَّمَة . وغَابَتِ الشَّمسُ وغيرُهَا من النُّجُوم مغِيباً وغِياباً وغُيُوباً وغَيْبُوبَةً وغُيُوبَةً عن الهَجَرِيّ : غَرَبَت . وغاب الرَّجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ : سَافَر أَو بَانَ . وأَمَّا ما أَنشَدهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّة ... ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ إِنَّما وَضَع فيه الشاعِرُ المُتَغَيَّبَ موضع المُتَغَيِّب . قال ابنُ سِيدَه وهكذا وجدتُه بخَطِّ الحَامِض والصحِيح المُتَغَيِّب بالكَسْرِ . وغابَ الشَّيْءُ يَغِيبُ غِيَابَةً بالكَسْرِ وَغُيُوبةً بالضَّمِّ وبالفَتْح هما عن الفَرَّاء وغَيَاباً بالفَتْح وغِيَاباً وغِيبةً بِكَسْرِهِمَا وقوم غُيَّبٌ كرُكَّع وغُيَّابٌ مثل كُفَّار وغَيَبٌ محركة كخَادِم وَخَدَمٍ أَي غَائِبُون الأَخِيرةُ اسمٌ للجمْع وصَحَّت اليَاءُ فيها تَنْبِيهاً على أَصْل غاب وإِنما تَثْبُتُ فيه الياءُ مع التَّحْرِيك ؛ لأَنَّه شُبِّه بِصَيَدٍ وإِنْ كان جَمْعاً وصيَدٌ مَصْدَرُ قَوْلك : بعِيرٌ أَصْيدُ ؛ لأَنَّه يجوز أَن تَنْوِيَ به المَصْدَر . وفي حديثِ أَبِي سَعِيد إِنَّ سَيِّد الحَيِّ سَلِيمٌ وإِنّ نَفَرَنَا غَيَبٌ أَي رِجَالنَا غَائِبُون . قال الهَوَازِنِيّ : الغَابَةُ : الوَطْأَةُ مِنَ الأَرْض الَّتي دُونَهَا شُرْفَة وهي الوَهْدَةُ رواه شَمِر عن الهوازِنِيّ . قال أَبو جَابِر الأَسَديّ : الغَابَة : الجمْعُ مِنَ النَّاسِ وَ من المَجَاز : أَتوْنَا في غَابَة . قلت : يُحْتَمَل أَنْ يكون بمَعْنَى جَمْع من النَّاسِ أَوِ الغَابَة : الرُّمْحُ الطَّوِيلُ الذي له أَطْرَافٌ تُرَى كأَطْرَافِ الأَجَمَةِ أَو المُضْطَرِبُ منه فِي الرِّيح وقِيلَ : هِيَ الرِّماح إِذَا اجتَمعتْ . قال ابنُ سِيدَه : أُرَاه على التَّشْبِيه بالغَابَة الَّتِي هِيَ الأَجَمَةُ ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكَاثِف ؛ لأَنَّها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا والجَمْعُ من كُلِّ ذَلِكَ غَابَاتٌ وَغَابٌ . وقيل : الغَابَة : الأَجَمَة الَّتِي طالَت ولهَا أَطْرَافٌ مُرْتفِعَةٌ باسقةٌ . يقال : ليْثُ غابةٍ . والغابُ : الآجام وهو من الياءِ . وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ كرَّم اللهُ وَجْهَه :
" كَليْثِ غابَاتٍ شدِيدٍ قَسْوَرَهْأَضَافَه إِلَى الغَابَاتِ لِشدَّته وقُوَّته . غَابَةُ : اسْمُ ع بالحجازِ . وقال أَبو حَنِيفَة : الغَابَة : أَجَمةُ القَصب . قال : وقد جُعِلَت جماعَة الشَّجَر لأَنَّه مأْخُوذٌ من الغَيَابَةِ . وفي الحَدِيث أَنّ مِنْبر سَيِّدِنا رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم كان من أَثْلِ الغَابَةِ وفي رواية : من طَرْفاءِ الغَابَة . قال ابنُ الأَثير : الأَثْلُ : شجَرٌ شَبِيهٌ بالطَّرْفَاءِ إِلاَّ أَنَّه أَعْظَمُ منه . والغَابَةُ : غَيْظَةٌ ذَاتُ شَجَر كثير وَهي على تِسْعَة أَمِيال من المَدِينَة . وقَال في مَوْضع آخَر : هي موْضِع قَرِيبٌ من المدينة من عوَالِيهَا وبِهَا أَمْوالٌ لأَهْلها قال : وهو المَذْكُور في حَديثِ السِّباق . وفي حديثِ تَرِكَة ابْنِ الزُّبَيْر وغَيْر ذلك . وغَيَابَةُ كُلِّ شَيْءٍ : ما سَتَرَك ؛ وهو قَعْرُه مِنْهُ كالجُبِّ والوَادِي وغَيْرهما . تَقولُ : وقَعْنَا فِي غَيْبَة من الأَرْض أَي في هَبْطة عن اللِّحيانيّ . ووقعوا في غَيابَةٍ من الأَرْض أَي في مُنْهَبَط منها . ومنه قول الله عز وجل : وأَلقُوهُ في غَيابَات الجُبّ وفي حرف أُبَيٍّ : في غَيْبةِ الجُبِّ . بَدا غَيَبَاتُ الشَّجَر بفَتح الغَيْن وتَخْفِيفِ اليَاء وآخِره تَاءٌ مُثَنَّاة فَوْقِيه هكَذَا في نُسْخَتِنا وهو خَطَأٌ وصَوَابُه غَيْبَانُ بالنُونِ في آخِرِه وتُشَدَّدً الياءُ التَّحْتِيَّة وفي نُسْخَة زِيَادَة قوله : وتُكْسَرُ أَي الغَيْن عُرُوقُه التي تَغَيَّبَت منه وذلك إِذا أَصَابه البُعاقُ مِن المَطَرِ فاشْتَدَّ السَّيْلُ فحَفَر أُصولَ الشَجَر حتى ظَهَرت عُروقُه وما تَغَيَّبَ مِنْهُ . وقال أَبُو حَنِيفَة : العَرب تُسَمِّي مالم تُصِبْه الشَّمْسُ من النَّبَاتِ كُلِّه الغَيْبَانَ بتَخْفِيف اليَاءِ والغَيَابَةُ كالغَيْبَان وعن أَبي زِيَادِ الكِلاَبِيّ : الغَيَّبَانُ بالتَّشْدِيد والتَّخْفِيفِ مِنَ النَّبَاتِ : ما غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فلم تُصِبْه وكذلك غَيَّبَانُ العُرُوق . كذَا في لسان العرب . روى بعْضُهُم أَنّه سَمِع : غَابَه يَغِيبُه إِذَا عابَه وذَكَره بِمَا فِيهِ مِنَ السُّوء . وفي عبارة غَيْره وذَكَر منه ما يَسُوءُه كاغْتَابَه . والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبَة والغِيبَةُ من الاغْتِيَاب . يقال : اغتاب الرجُل صاحِبَه اغْتِيَاباً إِذَا وَقَعَ فيه : وهو أَن يَتَكَلَّم خَلْف إِنْسَان مَسْتُورٍ بِسُوءٍ أَوْ يَغُمُّه وإِن كَان فِيهِ فإِن كان صِدْقاً فهو غِيبَةٌ وإِنْ كَانَ كَذِباً فهو البَهْتُ والبُهْتَانُ كذلك جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والاسم الغِيبَة ؛ ولا يكونُ ذلِكَ إِلاّ مِنْ وَرَائِه وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز : ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعضاً أَي لا يَتَناولْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْب بما يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيه وإِذَا تَنَاوَلَه بِمَا ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتَانٌ وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ : غَابَ إِذَا اغْتَابَ وغَابَ إِذَا ذَكَر إِنْسَاناً بخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ والغِيبَةُ فِعْلة مِنْه أَي من الاغْتِيَاب كمَا أَسْلفْنا بَيَانَه تكُونُ حَسَنَةً أَو قَبيحَةً وأَطْلَقَه عن الضَّبْطِ لشُهْرَتِه . وامرَأَةٌ مُغِيبٌ ومُغِيبَةٌ : غَابَ عنها بَعْلُها أَو وَاحِدٌ من أَهْلِها . الأُولَى عن اللِّحْيَانِيّ . ويقال : هي مُغِيبة بالهاء ومُشْهِدٌ بلا هاءٍ نَقَلَه ابنُ دُرَيْد . أَغابَتِ المَرْأَة فهي مُغِيبٌ كمُحْسِن أَي بالإِعْلاَل وَهذِه عن ابْنِ دُرَيْد غَابُوا عَنْهَا . وفي الحَدِيثِ أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْشِط الشَّعْثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ هي التي غَابَ عَنها زَوْجُهَا . وفي حَدِيث ابْنِ عَبَّاس أَنَّ امرأَة مُغِيباً أَتت رَجُلاً تَشْتَرِي منه شَيْئاً فتعرَّض لَهَا فقالَت له : ويْحَك إِنِّي مُغِيبٌ . فتَرَكها قَوْلُهُم : وهم يَشْهَدُون أَحْيَاناً وَيَتَغَايَبُون أَحْيَاناً أَي يَغِيبُون أَحْيَاناً ولا يقال : يَتَغَيَّبُون . ويقال : تَغَيَّب عَنِّي فُلاَنٌ ولاَ يَجُوزُ أَي عِنْد الجُمْهُور عَدَا الكُوفِيِّين تَغَيَّبنَي إِلاَّ في ضَرُورَة شِعْر قال امرؤُ القَيْس :
قَظلَّ لَنَا يومٌ لَذِيذٌ بنَعْمَةٍ ... فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِوقال الفَرَّاء : المُتَغَيِّبُ مَرْفوعٌ والشِّعْرُ مُكْفَأٌ ولا يجُوز أَن يَرِدَ على المَقِيل كما لاَ يَجُوزُ : مررتُ برَجُل أَبوه قائِمٍ . وَغَائِبُكَ : مَا غَابَ عنْكَ اسمٌ كالْكَاهِل والجَامِلِ أَي لَيْسَ بمُشْتَقٍّ من الغَيْبُوبَة . وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
" ويُخْبِرُنِي عنْ غَائِبِ المَرْسِ هَدْيُهكَفَى الهَدْيُ عمَّا غَيَّب المرءُ مُخْبِرَا قال : شَيْخُنَا : ولكنْ قولُه في تَفْسِيره : ما غاب عَنْك أي الَّذِي غَابَ صَرِيح في أَنَّه صِيعَةُ اسْمِ فَاعِل من غَابَ وإِن كَانَ يُمْكن دَعْوَى أَنَّه الأَصْل وتُنوسِيَت الوصْفِيَّةُ وصارَ اسْماً للغَائِب مُطْلَقاً كالصَّاحِب فَتَأَمَّل انتهى . ومِمَّا بقِي على المؤلف : قولُهم : غَيَّبَه غَيَابُهُ أَي دُفِن في قَبْرِه ومِنْه قَوْلُ الشَّاعِر :
" إِذَا أَنَا غَيَّبَتْنِي غَيابتي أَرَادَ بِهَا القبرَ لأَنَّه يُغَيِّبه عن أَعْيُن النَّاظِرِين ومِثْله في مَجْمع الأَمْثَال للميْدَانِي . وقيل الغَيابة في الأَصل قَعْرُ البِئرُ ثم نَقِلَت لِكُلِّ غَامِضٍ خَفِيّ والمُغَايبَة خلاَفُ المُخَاطَبَة . وفِي الأَساسِ تَقُولُ : أَنَا مَعَكُم لا أُغايِبُكم وتَكلَّمَ به عن ظَهْرِ غَيْبٍ وشَرِبَتِ الدَّابَّةُ حَتَّى وَارَت غُيوبَ كُلاَها وهي هُزُومها جَمْع غَيْب وهي الخَمْصة التي في موضع الكُلْيَة انتهى . وفي لسان العرب : في حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ لا دَاءَ ولا خُبْثَةَ ولا تَغْيِيب التَّغْيِيبُ : أَن لا يبيعه ضَالَّة ولا لُقَطَة
فصل الفاء
الغِبُّ بالكَسْرِ : عَاقِبَةُ الشَّيءِ أَي آخِرُه . وغَبَّ الأَمْرُ : صَارَ إِلَى آخِرِه وكذلك غَبَّت الأُمُورُ إِذَا صارت إِلى أَواخِرِهَا وأَنْشَدَ : غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى كالمَغَبَّة بالفَتْح : ويُقَال : إِنّ لهذا الأَمرِ مَغبَّةً طَيِّبَةً أَي عَاقِبَةً . الغِبُّ : وِرْدُ يَومٍ وظِمْءُ بالكسر آخَر وقيل : هُو لِيَوْم ولَيْلَتَيْن وقيل : هو أَنْ تَرْعَى يوماً وتَردَ من الغَدِ . ومن كلامهم : لأَضْرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وَظَاهِرَة الفَرَس ؛ فغِبُّ الحِمَار أَنْ يَرْعَى يَوْماً ويَشْرَب يوماً وظَاهِرَةُ الفَرِس أَن يَشْرب كُلّ يوم نِصْفَ النّهَار . الغِبُّ في الزِّيَارَة : أَنْ تَكُونَ في كُلّ أُسْبُوع مَرَّة . قاله الحَسَن . قال أَبو عَمْرو : يقال : غَبَّ الرَّجلُ إِذا جَاءَ زائراً بَعْدَ أَيّامٍ . ومنه زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً . قال ابنُ الأَثير : نُقِل الغِبُّ في أَوراد الإِبِل الزِّيارَة قال : وإِن جاءَ بَعْدَ أَيَّام يقال : غَبَّ الرجلُ إِذَا جَاءَ زَائِراً بَعْدَ أَيَّام . الغِبُّ من الحُمَّى : ما تَأْخُذُ يوماً وتَدَعُ يَوْماً هكَذَا في النُّسَخ وفي أُخْرَى وتدَعُ آخَرَ وهو مُشْتَقّ من غِبِّ الوِرْدِ لأَنَّهَا تأْخذ يَوْماً وتُرَفِّه يَوْماً وهي حُمَّى غِبٌّ على الصَّفَة للحُمَّى وقد أَغبَّتْهُ الحُمَّى وأَغَبَّتْ عَلَيْهِ وغَبَّتْ غِبّاً ورجل مُغِبٌّ رُوِي عن أَبي زَيْد على لَفْظِ الفَاعِل . الغَبُّ بالفَتْح : مَصْدَر غبَّت المَاشِيَةُ تَغِبُّ بالكَسْر إِذا شَرِبَت غِبّاً كالغُبُوبِ بالضَّم وقد أَغَبَّهَا صَاحِبُها وإِبِل بَنِي فُلانٍ غابَّةٌ وغَوابٌّ وذَلِكَ إِذَا شَرِبَت يَوْماً وغَبَّت يَوْماً قالَه الأَصْمَعِيُّ
قال ابنُ دُرَيْدٍ : الغُبُّ بالضَّم : الضَّارِبُ مِنَ البَحْرِ حَتَّى يُمْعِنَ في الأَرْض ونَصُّ ابْنِ دُرَيْد في البَرِّ قال : وهو مِنَ الأَسْمَاءِ التي لا تَصْرِيف لهَا وجًمْعُه غُبَّانٌ كما يَأْتِي الغُبُّ : الغَامِضُ مِنَ الأَرْض . قال :
" كأَنَّها في الغُبِّ ذي الغِيطانِ
" ذِئَابُ دَجْنٍ دَائِمُ التَّهْتَانِ ج : أَغْبَابٌ وغُبُوبٌ بالضَّم وغُبَّانٌ ومن كلامهم : أَصَابَنَا مطرٌ سَالَ منه الهُجَّان والغُبَّان . والهُجَّانُ مَذْكُورٌ في مَحلِّه . وأَغَبَّ الزَّائِرُ القَوْمَ بالنَّصب مَفْعُولُ أَغبَّ أَي جَاءَهم يَوْماً وَتَرَك يَوْماً كَغَبَّ عَنْهُم ثُلاَثِيّاً وهما من الغَبّ بمَعْنَى الإِتْيَانِ في اليَوْمَيْن ويَكُون أَكْثَرَ وأَغَبَّت الإِبلُ إِذَا لم تَأْتِ كُلَّ يَوْم بلَبَن . وفي الحَدِيث أَغِبُّوا في عِيَادَةِ المَرِيض وأَرْبِعُوا . يقول : عُدْ يَوْماً ودَعْ يَوْماً أَو دَعْ يَوْمَيْن وعُد اليَومَ الثَّالِث أَي لا تَعودُوه في كُلِّ يَوْم لِمَا يَجِدُه من ثِقَل العُوَّاد . وقال الكِسَائِيُّ : أَغْبَبْتُ القَوْمَ وغَبَبْتُ عَنْهُم من الغِبّ : جِئتُهم يوْماً وتَرَكْتُهُم يَوْماً فإِذا أَردْتَ الدَّفْعَ قلت : غَبَّبْتُ عنه بالتَّشْدِيد كما يأْتي . في التَّهْذِيب : أَغَبَّ اللَّحْمُ إِذا أَنْتَنَ كغَبَّ ثُلاَثِيّاً . وفي حَدِيثِ الغِيبَة : فقَاءَتْ لَحْماً غَابّاً أَي مُنْتِناً . وفي لِسَانِ العَرَبِ : يُقَال : غَبّ الطَّعَامُ والتَّمْرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً فهو غَابٌّ : بات لَيْلَةً فَسَد أَو لم يَفْسُد وخَصَّ بَعْضُهم اللَّحْمَ . وقيل : غَبَّ الطَّعَامُ : تَغَيَّرتْ رَائِحَتُه ثم قال : ويُسَمَّى اللحْمُ البَائِتُ غَابّاً وغَبِيباً . وقال جَرِيرٌ يَهْجُو الأَخْطَل :
والتَّغلَبِيَّةُ حِينَ غَبَّ غَبِيبُهَا ... تَهْوِي مشافِرُها بِشَرِّ مَشَافِرِ أَراد بقوله : غَبَّ غَبِيبُهَا : ما أَنْتَنَ من لُحُومِ مَيْتَتِها وخَنَازيرِها . ثم قَال : وغَبَّ فلانٌ عنْدَنَا غَبّاً وأَغَبَّ : بَاتَ . منه سُمِّيَ اللحمُ البَائِت غَابّاً . ومنه قَوْلُهم : رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبّ ولا يَكُونُ يَغِبّ معْنَاه دَعْه يَمْكُثْ يوماً أَو يَومَيْن . واالتَّغْبِيبُ في الحَاجَة تَرْكُ . وفي بَعْضِ الأُمَّهَات : عَدَمُ المُبَالَغَة فيهَا . و : أَخْذُ الذِّئْبِ بحَلْقِ الشَّاةِ . يقال : غَبَّبَ الذّئْبُ إِذَا شَدَّ على الغَنَم فَفَرَسَ وغَبَّب الفرَسُ : دَقَّ العُنُقَ . والتَّعْبِيبُ أَيضاً : أَن يَدَعها وبِهَا شَيءٌ مِن حيَاة كذا في لسان العرب . والتَّغْبِيب عَن القَوْمِ : الدَّفِعُ عَنْهُم قاله الكِسَائِيُّ وثَعْلَب وقد أَشرنا لَهُ آنِفاً . والمُغِبُّ على صِيغَة اسْمِ الفَاعِل من أَسْمَاء الأَسَد نقله الصَّاغَانِيّ . والغَبْغَبُ كجَعْفَر : صَنَمٌ كان يُذْبَح علَيْهِ في الجَاهِليَّة وقيل : هو حَجَرٌ يُنْصَب بين يَدَيِ الصَّنَمِ كان لِمنَافٍ مُسْتَقْبلَ رُكْنِ الحَجَر الأَسْود وكَانَا اثْنَيْن . قال ابْنُ دُرَيْد وقال قَوْمٌ : هو العَبْعَبُ بالمُهْمَلَة وقد تَقَدَّم ذِكْرُه . وفي التَّهْذِيب : قال أَبُو طَالبٍ في قوْلِهِم : ربَّ رَمْيَةٍ من غيْر رَامٍ أَوَّلُ منْ قاله الحَكمُ بْنُ عبد يَغُوثَ وكان أَرْمَى أَهْل زمَانِه فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَبِ مَهاةً فحَمَل قوسَه وكِنانَتَه فلم يَصْنَع شَيْئاً فقال : لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي فقاله له أَخُوهُ : اذْبَحْ مَكَانَهَا عَشْراً من الإِبِل ولا تَقْتُلْ نَفْسَكَ . فقال : لا أَظْلِم عَاتِرَةً وأَتْرُكُ النَّافِرَةَ ثم خَرج ابنُه مَعَه فَرَمَى بَقَرَةً فَأَصَابَهَا فقال أَبُوهُ رُبَّ رَمِيَةٍ منْ غَيْر رَام غَبْغَبَ إِذَا خَانَ في شِرَائه وبَيْعِه قاله أَبُو عَمْرو . وعن الأَصْمَعِيّ : الغَبْغَبُ : هو اللَّحْمُ المُتَدلِّي تَحْتَ الحَنَك كالغَبَب مُحَرَّكة . وقال الليثُ : الغَبَبُ للبَقَر والشَّاءِ : ما تَدَلَّى عند النَّصِيل تَحْتَ حَنَكها . والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثَّوْر . والغَبَبُ والغَبْغَبُ : ما تَغَضَّنَ من جِلْدِ مَنْبِت العُثْنُونِ الأَسْفَل . وخَصَّ بعضُهُم بِهِ الدِّيَكَة والشَّاءَ والبَقَر . واسْتعارَهُ العَجَّاج في الفَحْل فقال يَعْنِي شِقْشِقَةَ البَعِيرِ :
" بِذَاتِ أَثْنَاءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبَا واستعارَه آخر للحِرْبَاء فقال :
إِذَا جَعَلَ الحِرْبَاءُ يَبْيَضُّ رأْسُه ... وتَخْضَرُّ من شَمْسِ النَّهارِ غَبَاغِبُهْ وعن الفَرَّاء : يُقال : غَبَبٌ وغَبْغَبٌ وعن الكِسَائِيّ : عجُوز غَبْغَبُها شِبْر وهو الغَبَبُ . والنَّصِيلُ : مفْصِل ما بَيْن العُنُقِ والرَّأْسِ من تَحْتِ اللَّحْيَيْنِ . قِيل : الغَبْغَبُ : المَنْحَر وهو جُبَيْلٌ بمِنىً فخَصَّص . قال الشَّاعِر :
" والرَّاقِصَاتِ إِلى مِنىً فالغَبْغَبِ وقيلَ : هو المَوْضِع الّذي كَانَ فِيهِ اللاَّتُ بالطَّائِف أَو كَانُوا ينْحَرُون لِلاّتِ فِيهِ بها وقيل : كُلُّ مَنْخَر بمنىً غَبْغَبٌ . وأَبُو غَبَابٍ بالفَتْح كَسحابٍ : كُنْيَة جِرانِ بالكَسْر العَوْدِ بالفَتْح هو لَقَبُ شَاعِرٍ إِسْلاَمِيّ . غُبَابٌ كَغُرابٍ : لَقَبُ ثَعْلَبة بنِ الحارِث بْنِ تَيْم اللهِ بْنِ ثَعْلَبَة بْن عُكَابَة سُمِّيَ بِذَلِك لأَنَّه قال في حَرْب كَلْب :
أَغْدُو إِلَى الحَرْب بقَلْبِ امْرِئِ ... يَضْرِبُ ضَرْباً غَيْرَ تَغْبِيبِغُبَيْب كَزُبَيْر : ع بالمدينَة المُنَوَّرة على ساكِنها أَفضلُ الضَّلاَة والسَّلام . ونَاحِيَةٌ مُتّسعَةٌ باليمَامة نقله الصاغَانيّ . والغُبَّةُ بالضم : البُلْغَةُ منَ العيْش كالغُفَّة نَقَله الصَّاغَانِيّ . وبِلاَ لاَم فَرْخُ عُقَابٍ كان لِبَنِي يَشْكُرَ وله حَديث . الغَبِيبَةُ كالحبِيبَة عن ابْن الأَعْرَابِيّ : هو من أَلْبانِ الإِبل مثل المُرَوَّبِ ويقال للرَّائِبِ من اللَّبَن : غَبِيبَة . وقال الجَوْهَرِيّ : هُو مِنْ أَلْبانِ الإِبِل لَبَنُ الغُدْوَةِ أَي يُحْلَبُ غُدْوَةً ثم يُحْلَبُ عَلَيْه مِنَ اللَّيْلِ ثم يُمْخَضُ من الغَدِ . وغَبَّ فلانُ عِنْدَنَا : بَاتَ كأَغَبَّ قيل . ومنه سُمِّي اللَّحمُ البائِتُ الغَابَّ . ومنْهُ على ما قَاله المَيْدَانيّ والزَّمَخْشَرِيّ قَوْلُهُم : رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبَّ بالنَّصْب أَي دعْهَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْه أَيَّامٌ فتَنْظُرَ كيف خَاتِمَتُه أَيُحْمَدُ أَم يُذَمّ وقِيل غيرُ ذَلِك . انظُرْه في مَجْمَع الأَمْثَال . والمُغَبَّبَةُ كمُعَظَّمَة : الشَّاةُ تُحْلَبُ يوماً وتُتْرَكُ يَوْماً عن ابن الأَعْرَابِيّ . يقال : مِيَاهٌ أَغْبَابٌ إِذا كانَت بَعِيدَة قال ابْنُ هَرْمَةَ :
يَقُولُ لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رَبِّكُمُ ... إِنَّ المِيَاهَ بجَهْدِ الرِّكْبِ أَغْبَابُ هؤلاءِ قَوْمٌ سَفْر ومعَهُم من الماء ما يَعْجِز عن رِيِّهم فلم يَتَرَاضَوا إِلاَّ بِتَرْك السَّرَف في المَاء . في حدِيثِ الزَّهْرِيّ لا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي تَغِبَّة . التَّغِبَّةُ : شَهَادَةُ الزُّورِ قال ابْنُ الأَثِير : هكذا جَاءَ في رِوَايَة وهي تَفْعِلَة مِن غَبَّبَ الذِّئْبُ في الغَنَم إِذَا عَاثَ فِيهَا أَو من غَبَّب مُبَالَغَة في غَبَّ الشيْءُ إِذَا فَسَدَ . ما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يَتَأَخَّر عَنْهُم يوماً بل يَأْتِيهِم كُلَّ يَوْم قال :
" على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَوَاضلُه وفلانٌ لا يُغِبُّنَا عَطَاؤُه أَي لا يَأْتِينَا يَوماً دَونَ يوْم بل يأْتِينَا كُلَّ يَوْم . ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ به على المُؤَلِّف : قال ثَعْلَب : غَبَّ الشيءُ في نَفْسه يَغِبّ غَبّاً وأَغَبَّنِي : وقَع بِي . وفي حدِيثِ هِشَام كَتَبَ إِلَيْه يُغَبِّبُ عن هَلاَكِ المُسْلِمِين أَي لم يُخْبِره بكَثْرة مَنْ هَلَكَ منهم, وفيه اسْتعارَةٌ كأَنَّه قَصَّر في الإِعْلام بكُنْهِ الأَمْرِ . والغَبِيبُ كَأَمِير : المَسيلُ الصَّغير الضَّيِّق مِن مَتْنِ الجَبل ومَتْن الأَرْضِ وقِيلَ : في مُسْتَوَاها . وغَبَّ بمَعْنَى بعُدَ قَال :
" غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرَى ومنه قولُهُم : غَبَّ الأَذَانُ وغَبَّ السَّلام . وفي الأَسَاس : نجْمٌ غابٌّ أِي ثَابِت وأَغبَّت الحَلُوبَةُ : دَرَّت غِبّاً . وتَقُولُ : الحُبُّ يَزيدُ مع الإِغْبَابِ ويَنْقُصُ مع الإِكْبَابِ . ومَاءٌ غِبٌّ : بَعِيدٌ