الأَرْطَى : شَجَرٌ ينبتُ بالرَّمْلِ قالَ أَبو حَنِيفَةَ : هو شَبيهٌ بالغَضَى ينبتُ عِصِيًّا من أَصلٍ واحدٍ يطولُ قَدْرَ قامَةٍ ووَرَقُه هَدَبٌ ونَوْرهُ منَوْرِ الخِلافِ غير أَنَّهُ أَصغَرُ مِنْهُ . واللَّوْنُ واحِدٌ ورائِحَتُه طَيِّبَةٌ ومَنْبِتُه الرَّمْلُ ولذلك أَكثرَ الشُّعَراءُ من ذِكرِ تَعَوُّذِ بَقَرِ الوَحْشِ بالأَرْطَى ونحوِها من شَجَرِ الرَّمْلِ واحْتِفارِ أُصولِها للكُنُوسِ فيها والتَّبَرُّدِ من الحَرِّ والانْكِراسِ فيها من البَرْدِ والمَطَرِ دونَ شَجَر الجَلَدِ . والرَّمْلُ احْتِفارُه سَهْلٌ . وثَمَرُه كالعُنَّابِ مُرَّةً تأْكُلُها الإِبِلُ غَضَّةٌ وعُرُوقُهُ حُمْرٌ شَديدةُ الحُمْرَةِ قالَ : وأَخْبَرَني رَجُلٌ من بَني أَسَدٍ أَنَّ هَدَبَ الأَرْطَى حُمْرٌ كَأَنَّهُ الرُّمَّانُ الأَحمرُ . قالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ حُمْرَةَ ثَمَرِها :
" يَحُتُّ رَوْقَاها عَلَى تَحْوِيرِها
" من ذابِلِ الأَرْطَى ومن غَضِيرِها
" في مُونِعٍ كالبُسْرِ من تَثْميرِها الواحدَةُ أَرْطَاةٌ قالَ الرَّاجِزُ :
" لمَّا رأَى أَنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ
" مالَ إِلَى أَرْطَاةِ قِحْفٍ فاضْطَجَعْ ولذا قالوا : إِنَّ أَلِفُه للإِلْحاقِ لا للتأْنيثِ ووَزْنُه فَعْلَى فيُنَوَّنُ حِينئِذٍ نَكِرَةً لا معرِفَةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وأَنْشَدَ لأَعْرابِيٍّ . وَقَدْ مَرِضَ بالشَّامِ
أَلا أَيُّها المُكَّاءُ هاهُنا ... أَلاَءٌ ولا أَرْطًى فأَيْنَ تَبِيضُ
" فأَصْعِدْ إِلَى أَرْضِ المَكَاكِيِّ واجْتَنِبْقُرَى الشَّامِ لا تُصْبِحْ وأَنْتَ مَريضُ أَو أَلِفُه أَصليَّةٌ فيُنَوَّنُ دائماً وعِبَارَة الصّحاح : فإِنْ جَعَلْتَ أَلِفُه أَصْلِيًّا نوَّنْتَه . في المعرِفَةِ والنَّكِرَةِ جَميعاً . قالَ ابنُ بَرِّيّ : إِذا جعلْتَ أَلِفَ أَرْطَى أَصليًّا أَعني لامَ الكَلِمَةِ كانَ وزنُها أَفْعَل وأَفْعَلُ إِذا كان اسماً لم يَنْصَرِف في المعرِفَةِ وانْصَرَفَ في النَّكِرَةِ أَو وزنُهُ أَفْعَلُ لأَنَّه يُقَالُ : أَدِيمٌ مَرْطِيٌّ وهذا موضِعُهُ المُعْتَلّ كما في الصّحاح . قالَ أَبو حَنِيفَةَ : وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ أَرْطَاةَ وكُنِيَ أَبا أَرْطَاةَ ويُثَنَّى أَرْطَيَانِ والجمع : أَرْطَيَاتٌ قالَ أَبو حَنِيفَةَ : ويُجْمَعُ أَيْضاً عَلَى أَرَاطَى كعَذَارَى وأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّة :
ومثلُ الحَمَامِ الوُرْقِ مِمَّا تَوَقَّرَتْ ... به مِنْ أَرْطَى حَبْلٍ حُزْوَى أَرِينُها قالَ الصَّاغَانِيُّ : ولم أَجِدُه في شِعرِه قالَ : ويُجْمَعُ أَيْضاً عَلَى أَرَاطٍ وأَنْشَدَ للعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْراً :
" أَلْجَأَهُ لَفْحُ الصَّبَا وأَدْمَسَا
" والطَّلُّ في خِيسِ أَرَاطٍ أَخْيَسَا
والمأْرُوطُ : الأَديمُ المَدْبوغُ به نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وهو قَوْلُ أَبي زَيْدٍ . وهذا يُؤيِّدُ أَنَّ أَلِفَ أَرْطَى للإِلْحاقِ وليست للتَّأْنيثِ ومن قالَ : أَديمٌ مَرْطِيٌّ جعَلَ وزنُهُ أَفْعل وسَيَأْتِي في المُعْتَلِّ إن شاء الله تعالى . وقال المُبَرِّدُ : أَرْطَى عَلَى بِناءِ فَعْلَى مِثْلُ عَلْقَى إلاَّ أَنَّ الأَلِفَ الَّتِي في آخِرِهِما ليست للتَّأْنيثِ ؛ لأَنَّ الواحِدَةَ أَرْطَاةٌ وعَلْقاةٌ قالَ : والأَلِفُ الأُولى أَصْلِيَّة . وَقَدْ اخْتُلِفَ فيها : فقيلَ : هي أَصليَّةٌ لقوْلِهِم : أَديمٌ مَأْروطٌ وقيلَ : هي زائِدَةٌ ؛ لقولِهِم : أَديمٌ مَرْطِيٌّ . والمَأْروطُ من الإِبِلِ : الَّذي يشتَكِي مِنْهُ أَي من أَكْلِه كما في اللّسَان والَّذي يأْكُلُهُ ويُلازِمُهُ مَأْروطٌ أَيْضاً كالأَرْطَوِيِّ والأَرْطَاوِيِّ والَّذي حكاهُ أَبو زَيْدٍ : بَعيرٌ مَأْروطٌ وأَرْطَوِيٌّ . والأَرْطَاوِيُّ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابنِ عبَّادٍ وهو في اللّسَان أَيْضاً . وأَرْطَاةُ : ماءٌ لبَني الضَّبابِ يَصدُرُ في دارةَ الخَنْزَرَيْنِ قالَ أَبو زَيْدٍ : تخرُج من الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ فتَسيرُ ثلاثَ ليالٍ مُسْتَقْبِلاً مَهَبَّ الجَنوبِ من خارِجِ الحِمَى ثمَّ تَرِدُ مِياهَ الضَّبَابِ فمنْ مِياهِهِمُ الأَرْطَاةُ . والأُراطَةُ كثُمامَةَ : ماءٌ لبَني عُمَيْلَةَ شرقِيِّ سَمِيراءَ وقال نصْرٌ : هو من مِياهِ غَنِيٍّ بَيْنَها وبينَ أُضاخ لَيْلَةٌ . وأَرْطَةُ اللَّيْثِ : حصنٌ بالأَنْدَلُسِ من أَعمالِ رَيَّة . والأَرِطُ ككَتِفٍ : لونٌ كلَوْنِ الأَرْطَى نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ . وآرَطَتِ الأَرْضُ عَلَى أَفْعَلَت بأَلِفَيْنِ : أَخْرَجَتْهُ أَي الأَرْطَى كأَرْطَتْ إِرْطاءً وهذه نَقَلَهَا الجَوْهَرِيّ أَو هذه لحنٌ للجَوْهَرِيِّ قالَ شَيْخُنَا : قُلْتُ : لا لَحْنَ بَلْ كَذلِكَ ذَكَرَها أَربابُ الأَفْعالِ وابنُ سِيدَه وغيرُهُم . انْتَهَى . قُلْتُ : وَقَدْ ذَكَرَها كَذلِكَ أَبو حَنِيفَةَ في كِتابِ النَّباتِ وابنُ فارسٍ في المُجْمَل ونَصُّهُما : يُقَالُ : أَرْطَتِ الأَرْضُ أَي أَنْبَتَت الأَرْطَى فهي مُرْطِيَةٌ قالَ الصَّاغَانِيُّ : قَدْ جَعَلا همزَةَ الأَرْطَى زائدةً وعلى هذا مَوْضِعُ ذِكرِ الأَرْطَى عندَهُما بابُ الحُروفِ اللَّيِّنة ثمَّ مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفِ من تَلْحينِ الجَوْهَرِيّ فَقَدْ سَبَقَهُ أَبو الهَيْثَمِ حيث قالَ : وأَرْطَتْ لَحْنٌ ؛ لأنَّ أَلِفَ أَرْطَى أَصليَّةٌ ثمَّ إِنَّهُ وُجِدَ في بعضِ نُسَخِ الصحاحِ أَرْطَتْ هَكَذا بالمَدِّ ومِثلُه في نُسخَةِ الصّحاح بخطِّ ياقوت مَضْبوطاً بالقلَم ولكنَّه تَصْليحٌ ويشهدُ لذلك أَنَّهُ كتبَ في الهامِشِ تِجاهَه : بخَطِّه : وأَرْطَت أَي بخَطِّ الجَوْهَرِيّ كما نَقَلَهُ المُصَنِّف . ووُجِدَ بخَطِّ بعضِ الأُدَباءِ أَرَّطَتْ مُشدَّدةَ الرَّاءِ أَي في نُسخِ الصّحاح وهي لَحْنٌ أَيْضاً . قالَ شَيْخُنَا : هي عَلَى تقديرِ ثُبوتِها يُمكِنُ تصحيحُها بنوعٍ من العِنايَةِ . قُلْتُ : اللُّغَةُ لا يدخلُ فيها القِياسُ والَّذي ذَكَرَهُ أَبو الهَيْثَم : آرَطَتْ وغيرُه : أَرْطَت ولم يُنْقَلْ عن أَحدٍ من الأَئمَّةِ أَرَّطَتْ مشدَّدةً فهو تَصْحيحٌ عَقْلِيٌّ لا ينبَغِي أَنْ يُوثَقَ به ويُعتمَدَ عَلَيْهِ . فتأَمَّلْ . والأَرِيطُ كأَميرٍ : الرَّجُلُ العاقِرُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وأَنْشَدَ للرَّاجِزِ :
" ماذا تُرَجِّينَ من الأَرِيطِ
" لَيْسَ بذي حَزْمٍ ولا سَفِيطِ قُلْتُ : الرَّجزُ لحُمَيْدٍ الأَرْقَطِ . وفي العُبَاب : وبينَهُما مشطورٌ ساقط :
" حَزَنْبَلٍ يَأْتِيكِ بالبَطِيطِ قالَ ابنُ فارسٍ : الأَصلُ فيه الهاءُ من قولِهِم : نَعْجَةٌ هَرِطَةٌ وهي المَهْزولَةُ الَّتي لا يُنْتَفَعُ بلَحْمِها غُثُوثَةً . وأُراطَى بالضَّمِّ : بَلَدٌ قالَ ياقُوت : ويُقَالُ : أُراطٌ أَيْضاً وهو : ماءٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيالٍ من الهاشِمِيَّةِ شرْقِيِّ الخُزَيْمِيَّةِ من طَريقِ الحاجِّ ويُنْشِدُ بيتُ عَمْرو بنِ كُلْثُوم عَلَى الرِّوايَتَيْنِ :
ونَحْنُ الحابِسونَ بِذي أُرَاطَى ... تَسَفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدَّرِينَاويومُ أُرَاطَى : من أَيَّامِ العَرَبِ . قالَ ظالِمُ بنُ البَراءِ الفُقَيْمِيُّ :
فأَشْبَعْنا ضِباعَ ذَوِي أُرَاطَى ... من القَتْلَى وأُلْجِئَتِ الغُنُومُ وفي العُبَاب : قالَ رُؤْبَةُ :
" شُبَّتْ لِعَيْنَيْ غَزِلٍ مَيَّاطِ
" سَعْدِيَّةٌ حَلَّت بذِي أُرَاطِ قالَ الأَصْمَعِيّ : أَرادَ أُرَاطَى وهو بلدٌ ورواه بعضُهم بفَتْح الهمزَة أَرَاطِ . وأُرَيْطُ كزُبَيْرٍ وذو أُرَاطٍ كغُرابٍ : مَوْضِعان أَمَّا أُرَيْط فَقَدْ جاءَ في شِعر الأَخْطَلِ :
وتَجَاوَزَتْ خَشَبَ الأُرَيْطِ ودُونَه ... عَرَبٌ تَرُدُّ ذَوِي الهُمُومِ ورُومُ وأَهْمَلَهُ ياقوت في مُعجمِه وأَمَّا ذو أُرَاطٍ فمِنْ مِياهِ بَني نُمَيْرٍ عن أَبي زِيادٍ وأَنْشَدَ بعضهم :
" أَنَّى لكَ اليَوْمَ بذِي أُرَاطِ
" وهُنَّ أَمثالُ السِّرَى الأَمْراطِ وفي العُبَاب : الرَّجز لجِسَّاس بن قُطَيْبٍ يَصِفُ إِبلاً وروايته :
" فلو تَراهُنَّ بذِي أُرَاطِ قالَ : والسِّرَى : جمعُ سِرْوَةٍ وهي سَهْمٌ . قُلْتُ : وهكذا أنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ . وفي كِتابِ نَصْرٍ : ذو أُرَاطٍ : وادٍ في دِيارِ بني جعفَرِ بنِ كِلابٍ في حِمَى ضَرِيَّة ويُفتح . وذُو أُرَاطٍ أَيْضاً : وادٍ لبَني أَسَدٍ عندَ عُكاظَ وأَيْضاً : وادٍ يُنْبِتُ الثُّمَامَ والعَلَجَانَ بالوَضَح وَضَحِ الشَّطُون بينَ قُطَيَّاتٍ وبين الحَفِيرَةِ حَفِيرَةِ خالِد . وأيْضاً : وادٍ في بِلادِ بَني أَسَدٍ . وأُرَاطٍ : مَوْضِعٌ باليَمَامَةِ كذا في مُعْجَمِ ياقُوت
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : أَديمٌ مُؤَرْطَى : مَدْبوغٌ بالأَرْطَى . ويُجمعُ أَرْطَى أَيْضاً عَلَى أَراط عَلَى فَعَالٍ قالَ الشاعر يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ :
فضَافَ أَراطِيَ فاجْتافَهَا ... لهُ مِنْ ذَوَائِبِهَا كالحَظِرْ وذُو الأَرْطَى : مَوْضِعٌ قالَ طَرَفَةُ :
ظَلِلْتُ بذي الأَرْطَى فُوَيْقَ مُثَقَّبٍ ... بِبِيئَةِ سُوءٍ هَالِكاً أَو كَهَالِكِ وأَبو أَرْطَاةَ : حجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ بنِ ثَوْرِ بنِ هُبَيَرَةَ بن شَراحيلَ اليَمَنيُّ الكوفِيُّ القاضي مشهورٌ . وعَطِيَّةُ بنُ الملِيح الأرطوى شاعر ذكره أَبو عليٍّ الهَجَرِيُّ منسوبٌ إِلَى جَدٍّ لهُ يُقَالُ له : أَرْطَاةُ قالَ ابنُ الكَلْبِيِّ : اسمُهُ حَبْتَر