قالَ اللَّيثُ بن مُظَفَّر : البَأْبَأَةُ : قولُ الإنسان لصاحبه : بأَبي أنتَ ومعناه : أَفْديكَ بأَبي فيُشْتَقُّ من ذلك فعل فيقال : بَأْبَأَهُ بَأْبَأَةً وبَأْبَأَ به إذا قالَ له : بأَبي أنتَ قالَ ابنُ جِنِّي : إذا قلتَ : بأَبي أنتَ فالباءُ في أوَّلِ الاسمِ حَرْفُ جرٍّ بمنزلة اللام في قولك : للهِ أَنتَ فإذا اشتققْتَ منه فِعْلاً اشتقاقاً صَوْتيًّا استحالَ ذلك التقديرُ فقلت : بَأْبَأْتُ بِئْباءً وقد أَكثرْتُ من البَأْبَأَةِ . فالباءُ الآن في لفظِ الأَصلِ وإن كانَ قد عُلِمَ أنَّها فيما اشتُقَّتْ منه زائدةٌ للجَرِّ وعلى هذا منها : البِأَبُ فصارَ فِعْلاً من بابِ سَلِسَ وقَلِقَ وقال : يا بأَبي أنتَ ويا فَوْقَ البِأَبْ فالبِأَبُ الآنَ بزنة الضِّلَع والعِنَبِ . انتهى . وقال الراجز :
" وصاحِبٍ ذي غَمْرَةٍ داجَيْتُهُ
" بَأْبَأْتُهُ وإنْ أَبى فَدَّيْتُهُ
" حتَّى أَتى الحَيَّ ومَا آذَيْتُهُ
قالَ : ومن العَرَبِ من يقول : وا بِأَبَا أَنتَ جعلوها كلمةً مبنيَّةً على هذا التأسيس . قالَ أَبو منصورٍ : هذا كقوله : يا وَيْلَتا معناه : يا وَيْلَتي فقُلِبت الياءُ أَلفاً وكذلك يا أَبَتا معناه يا أَبَتي ومن قالَ : يا بِيَبَا حوَّلَ الهمزةَ ياءً والأَصل يا بِأَبَا معناه يا بِأَبي . وبَأْبَأْتُهُ أيضاً وبَأْبَأْتُ به : قلت له : بَابَا . وقالوا : بَأْبَأَ الصبيَّ أَبوه إذا قالَ له : بَابَا . وبَأْبَأَه الصَّبِيُّ إذا قالَ له : بَابَا . وقال الفَرَّاء : بَأْبأْتُ الصبيَّ بِئْباءً إذا قلْت له : بأَبي . وقال ابن جِنِّي : سأَلتُ أَبا عليٍّ فقلتُ له : بَأْبأْتُ الصبيَّ بَأْبَأَةً إذا قلت له : بَابَا فما مِثال البَأْبَأَةِ عندكَ الآن ؟ أَتَزِنُها على لَفْظِها في الأَصل فتقول : مِثالُها البَقْبَقَة فقال : بل أَزِنُها على ما صارتْ إليه وأَترك ما كانت قبلُ عليه فأَقول : الفَعْلَلَة . قالَ : وهو كما ذَكَر وعليه انعقادُ هذا الباب . والبُؤْبُؤُ كهُدْهُدِ وفي نسخة كالهُدهد قالوا : لا نَظير له في كلام العرب إِلاَّ جُؤْجُؤ ودُؤْدُؤ ولُؤلُؤ لا خامس لها وزاد المصنِّف : ضُؤْضُؤ وحكى ابن دِحْيَة في التنوير سُؤْسُؤ : الأَصلُ كما في الصحاح وقيل : الأَصلُ الكَريمُ أَو الخَسيسُ وقال شَمِر : بُؤْبُؤُ الرجلِ : أَصلُه . وأَنشد ابنُ خالَوَيه لجرير :
" في بُؤْبُؤِ المَجْدِ وبُحبوحِ الكَرَمْ وأمَّا أَبو عليٍّ القالي فأَنشده :
" في ضِئْضِئِ المجد وبُؤْبُوءِ الكَرَمْ وعلى هذه الرواية يَصحُّ ما ذكره من أنَّه على مثال سُرْسُور بمعناه قال : وكأَنهما لُغتان . والبُؤْبُؤُ : السَّيِّدُ الظَّريفُ الخفيفُ . والأُنْثى بهاءٍ نقله ابنُ خالَوَيه . وأَنشد قول الراجز في صِفة امرأةٍ :
" قدْ فاقَتِ البُؤْبُؤَ والبُؤَيْبِيَهْ والجِلْدُ منها غِرْقِئُ القُوَيْقِيَهْ والبُؤْبُؤُ : رأسُ المُكْحُلَةِ وسيأتي في يُؤْيُؤ أنه مصحَّف منه . والبُؤْبُؤُ : بَدَنُ الجَرادَةِ بلا رأْسٍ ولا قوائمَ . وإِنسانُ العَيْنِ وفي التهذيب : عَيْنُ العَيْنِ . وهو أَعَزُّ عليَّ من بُؤْبُؤِ عيني . والبُؤْبُؤُ : وَسَطُ الشيء كالبُحْبوحِ . وكَسُرْسورٍ ودَحْداح الأَخير من المُحكم : العالِمُ المُعَلِّمُ . وتَبَأْبَأَ تَبَأْبُؤاً : عَدا نقله أَبو عُبيد عن الأُمويِّ . وممَّا يستدرك عليه : بَأْبَأَ الرجلُ : أَسرَع نقله الصَّغانيُّ عن الأَحمر . والبَأْبَاءُ : زَجْرُ السِّنَّوْرِ . قاله الصَّغانيُّ
الأَباءةُ كَعَباءةٍ : القَصَبَةُ أو هو أَجَمَةُ الحَلْفاءِ والقَصَبِ خاصَّةً كذا قاله ابنُ بَرِّيٍّ أَباءٌ بالفتْحِ والمَدِّ . وقرأتُ في مُشْكِلِ القرآنِ لابن قُتَيْبَةَ في باب الاستعارةِ قولَ الهُذَلِيِّ وهو أَبو المُثَلَّمِ :
وأَكْحُلْكَ بالصَّابِ أَوْ بالجَلا ... فَفَتِّحْ لكُحْلِكَ أَوْ أَغْمِضِ
وأَسْعُطْكَ في الأَنْفِ ماءَ الأَبا ... ءِ ممَّا يُثَمَّلُ بالمِخْوَضِ قالَ : الأَباءُ : القَصَبُ وماؤُه شَرّ المياه ويقال : الأَباءُ هنا : الماءُ الَّذي يَبولُ فيه الأَرْوَى فيشرَبُ منه العَنْزُ فيمرَضُ وسيأتي في المعتل إن شاء الله تعالى هذا موضِعُ ذِكْرِهِ أي في الهمزة كما حكاه الإِمامُ أَبو الفَتْحِ ابنُ جِنِّي وارتضاه في كتابه سرِّ الصِّناعة نقلاً عن إمام اللغة سيبَوَيْهِ . وقال ابنُ بِرِّيٍّ : وربَّما ذُكِرَ هذا الحَرْفُ في المُعْتَلِّ وليس بمذهب سيبويه لا في باب المُعْتَلّ يائِيًّا أَو واوِيًّا على اختلافٍ فيه كما توهَّمه الجَوهرِيُّ الإِمامُ أَبو نصرٍ وغيرُه يعني صاحبَ العَيْنِ . وقرأتُ في كتابِ المُعْجَمِ لعُبَيْدِ الله ياقوتٍ ما نَصُّهُ : فأَمَّا أَباءةٌ فذَهَبَ أَبو بكر مُحمَّدُ بنُ السَّرِيِّ فيما حدَّثني به أَبو عليٍّ عنه إلى أنَّها من ذَواتِ الياءِ من أَبَيْتُ فأَصلُها عندَه أَبَايَةٌ ثمَّ عُمِلَ فيها ما عُمِلَ في عَبايَةٍ وصَلايَةٍ وعَظايَةٍ حتَّى صِرْنَ عَباءةً وصَلاءةً وعَضاءةً في قَوْلِ من هَمَز ومن لم يَهْمِزْ أَخرجهُنَّ على أُصولِهِنَّ وهو القياسُ القويُّ وإنَّما حَمَلَ أَبا بكرٍ على هذا الاعتقاد في أَباءةٍ أَنَّها من أَبَيْتُ وذلك أنَّ الأَباءةَ هي الأَجَمَةُ وهي القَصَبَةُ والجمْعُ بينها وبين أَبَيْتُ أَنَّ الأَجَمَةَ مُمتنِعةٌ بما يَنْبُتُ فيها من القَصَبِ وغيرِهِ من السُّلوكِ والتَّطَرُّقِ وخالَفَتْ بذلك حُكْمَ البَرَاحِ والبَرَازِ وهو النَّقِيُّ من الأَرضِ فكأَنَّها أَبَتْ وامتنَعَتْ على سالِكِها فمن هُنا حَمَلَها أَبو بكرٍ على أَبَيْتُ وسيأْتي المَزيدُ لذلك في أَشَى . وأَبَأْتُهُ بسَهْمٍ : رَمَيْتُهُ به فالهمزةُ فيه أصلِيَّةٌ بخلافِ أَثأْتُهُ كما سيأْتي