أَبَسَه يَأْبِسًه أَبْسَاً : وَبَّخَه ورَوَّعَه وغاظَه قاله الخليل . أَبَسَ به يَأْبِسُ أَبْسَاً : ذلَّلَه وقَهَرَه عن ابْن الأَعْرابِيّ . وكَسَّرَه وزَجَرَه قال العَجَّاج :
" لُيوثُ هَيْجَا لم تُرْمَ بأَبْسِ أي بزَجْرٍ وإذلال . أَبَسَ فلاناً : حَبَسَه وقَهَرَه . وبَكَعَه بما يَسوؤُه وقابلَه بالمَكروه . قيل : صَغَّره وحَقَّره نقله الأَصْمَعِيّ كأَبَّسَه تَأْبِيساً . وبكلِّ ذلك فُسِّر حديثُ جُبَيْرٍ ابن مُطعِمٍ : جاءَ رجلٌ إلى قُرَيْشٍ من فَتْحِ خَيْبَرَ فقال : إنّ أهلَ خَيْبَرَ أسَروا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلَّم ويريدون أن يُرسِلوا به إلى قومِه ؛ ليَقتلوه فَجَعَل المُشرِكون يُؤَبِّسون به العَبَّاس . وكذلك قولُ العبّاسِ بن مِرْداسٍ يُخاطبُ خُفَافَ بنَ نُدْبَةَ :
إنْ تَكُ جُلْمودَ صَخْرٍ لا أُؤَبِّسُه ... أُوقِدْ عليه فأُحْميه فيَنْصَدِعُ
السَّلْمُ يَأْخُذُ منها ما رَضيتَ به ... والحربَ يكفيكَ من أَنْفَاسِها جُرَعُ قال ابنُ بَرِّيٍّ : التَّأْبيس : التّذْليل ويُروى : إنْ تَكُ جُلمودَ بِصْرٍ وقال : البِصْر : حجارةٌ بِيضٌ . وقال صاحبُ اللِّسان : ورأيتُ في نسخةٍ من أمالي ابن بَرِّيٍّ بخطِّ الشيخ رَضيِّ الدين الشاطبيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى قال : أَنْشَده المُفَجِّعُ في التَّرْجُمان :
" إنْ تَكُ جُلمودَ صَخْدٍ... وقال بعد إنشادِه : صَخْدٌ : وادٍ . وقال الصَّاغانِيّ : الصوابُ فيه لا أُؤَيِّسُه - بالتحتيَّة - بالمعنى الذي ذَكَرَه كما سيأتي . والأَبْس : الجَدْب نقله الصَّاغانِيّ في كتابَيْه . الأَبْس : المكانُ الغليظُ الخَشِن مثلُ الشَّأْز ومنه : مُناخٌ أَبْسٌ إذا كان غيرَ مُطمَئِنٍّ قال مَنْظُورُ بنُ مَرْثَدٍ الأسَديُّ يصفُ نُوقاً قد أَسْقَطتْ أولادَها لشِدَّةِ السَّيْرِ والإعْياء :
يَتْرُكْنَ في كلِّ مُناخٍ أَبْسِ ... كلَّ جَنينٍ مُشْعَرٍ في الغِرْسِ ويُكسَرُ عن ابْن الأَعْرابِيّ . قال ابْن الأَعْرابِيّ : الأَبْس : ذَكَرُ السَّلاحِف قال : وهو الغَيْلَم . قال أيضاً : الإِبْسُ بالكَسْر : الأصلُ السُّوء . قال ابن السِّكِّيت : امرأةٌ أُبَاسٌ كغُرابٍ إذا كانت سَيِّئَةَ الخلُقِ وأنشد لخِذامٍ الأسَديِّ :
رَقْرَاقة مثل الفَنيق عَبْهَرَهْ ... ليستْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَهْ وتأَبَّسَ الشيءُ إذا تغَيَّرَ قاله الجَوْهَرِيّ وأنشد قولَ المُتَلَمِّس :
" تُطيفُ به الأيّامُ ما يَتَأَبَّسُ وهكذا أنشده ابنُ فارِسٍ . قلتُ : وأوَّلُه :
" أَلَمْ تَرَ أنَّ الجَوْنَ أصبح راسياً
أو هو تَصحيفٌ من ابنِ فارسٍ والجَوْهَرِيّ والصوابُ تأَيَّسَ بالمُثَنّاة التحتيّة بالمعنى الذي ذكره في هذا التركيب كما نقله الصَّاغانِيّ في كتابَيْه في هذه المادة وقال أيضاً في مادة أيس : والصوابُ إيرادُهما ؛ أعني بَيْتَيِ المُتَلَمِّس وابنِ مِرْداسٍ ها هنا لغةً واستِشهاداً وإنّما اقتدى بمَن قبلَه ونقلَ من كتُبهم من غيرِ نظَرٍ في دواوينِ الشُّعراءِ وتَتَبُّع الخُطوطِ المُتقَنَة ؛ فقولُ شيخنا : تبعَ فيه ابنَ بَرِّيٍّ وتَعَقَّبوه وصوَّبوا ما نقله ابنُ فارس مَحَلُّ تأَمُّلٍ وَنَظَرٍ بوُجوهٍ . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : التَّأْبيس : التَّعْيير . وقيل : الإرْغام . وقيل : الإغْضاب . وقيل : حَمْلُ الرجلِ على إغْلاظِ القَول له . وبكلِّ ذلك فُسِّر حديثُ جُبَيْر السابق . وحكى ابْن الأَعْرابِيّ : إباءٌ أَبْسٌ مُخْزٍ كاسرٌ . قال المُفَضَّل : إنّ السؤالَ المُلِحَّ يَكْفيكَه الإباءُ الأَبْسُ . وقال ثعلبٌ : إنّما هو الإباءُ الأَبْأَس أي الأَشَدّ . وأَبْسُسُ بفتحٍ فسكونٍ وضمِّ السينِ الأُولى : اسمُ مدينةٍ قربَ أَبْلُسْتَيْنَ من نواحي الرُّوم وهي خَرابٌ وفيها آثارٌ غَريبةٌ مع خَرابِها يقال : فيها أصحابُ الكهفِ والرَّقيم قاله ياقوت