الحَكّ : إِمرارُ جِرمٍ عَلَى جِرمٍ صَكًّا حَكَّ الشيء بيَدِه وغيرِها يَحُكّهُ حَكاً قال الأَصْمَعِي : دَخَلَ أَعْرَابِيٌ البَصْرَةَ فآذاه البَراغِيثُ فأَنْشَأَ يَقُول :
" لَيلَةُ حَك لَيسَ فيها شَكُّ
" أَحُكُّ حتّى ساعِدِي مُنْفَكّ
" أَسْهَرَنِي الأسيوِدُ الأَسَكُّ ومنه قولُهم :
" ما حَكَّ جِلْدَكَ غَيرُ ظُفْرِكْ
" فتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيعَ أَمْرِكْ كما أَنْشَدَنا غيرُ واحِد . والحِكُّ بالكسرِ : الشَّكّ في الدِّينِ وغَيرِه كالحِكَّةِ عن أبي عَمرو وهو مَجازٌ سُمِّيَ به لأَنّه يَحُكُّ في الصَّدْرِ . وحَكَكْتُ رَأْسِي وِإذا جَعَلْتَ الفِعْلَ للرَّأْسِ قُلْتَ : احْتَكَّ رَأْسِي احتِكاكاً . وحَكَّني وأَحَكَّني واسْتَحَكَّني أي : دَعانِي إِلى حَكِّهِ وكذلك سائِرُ الأَعْضاءِ كما في المُحْكَم وفي الأَساسِ : وبي بثرَةٌ تُحِكُّني أي تَدْعُوني إِلى حَكِّها . وقال ابنُ بَرّيّ : وقول النّاسِ : حَكَّني رَأْسِي غَلَط لأَنّ الرَّأسَ لا يَقَع منه الحَكُّ . قلتُ : وِإذا قلْنا : أي دَعاني إِلى حَكِّه فلا إِشْكالَ . والاسمُ الحِكَّةُ بالكَسرِ والحُكاكُ كغُرابٍ . ويُقال : تَحاكَّا : إِذا اصْطَكَّ جِرماهُما فحَكَّ كُلٌّ مِنْهُما الآخَرَ . ومن المَجازِ : ما حَكَ في صَدْري منه شَيءٌ : أي ما تَخالَجَ . وما حَكَّ في صَدْرِي كَذا أي : لم يَنْشَرِحْ له صَدْرِي ومنه الحَدِيثُ : والإِثْمُ مما حَكَّ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أَن يَطَّلِعَ عليه الناسُ وفي الحديث وقد سُئلَ عن الإِثْمِ فقال : ما حَكَّ في صَدْرِكَ فدَعْه . واحْتَكَّ بهِ : إِذا حَكَّ نَفْسَه عَلَيه كاحْتِكاكِ الأَجْرَبِ بالخشَبَةِ . ومن المجاز : المُحاكَّةُ : المُباراةُ وقد حاكَّهُ مُحاكَّةً وحِكاكاً . والحِكَّةُ بالكَسرِ : الجَرَبُ قالَ شَيخُنا : وهذا صَرِيحٌ في أَنَّ الحِكَّةَ والجَرَبَ ُترادِفانِ وِإليهِ مَيلُ كَثِيرٍ وقال ابنُ حَجَرٍ المَكِّيُ في التُّحْفَةِ : الاتِّحادُ يَحْمِلُ على أَصْلِ المادَّةِ دونَ صُورَتِها وكَيفِيَّتِها وأَطالَ في الفَرقِ بينَهُما وقالَ الخَطِيبُ الشِّربيني في مُغْنِيه : الحِكَّةُ : الجَرَبُ اليابِسُ وفي المِصْباح : داءٌ يكونُ بالجَسَدِ وفي كِتابِ الطبِّ : هي خِلْطٌ رَقِيقٌ بُورَقِيٌ يَحْدُثُ تحتَ الجِلْدِ ولا يَحْدُثُ منه مِدَّةٌ بل شيءٌ كالنُّخالَة
والحُكاكُ كغرابٍ : البُورَقُ . نقَلَه الصّاغانيُ . والحُكاكَةُ بهاءٍ : ما حُكَّ بينَ حَجَرَيْنِ ثُمّ اكْتُحِلَ به من رَمَدٍ قالَه اللِّحْيانيُّ وقال غيرُه : هو ما تَحاكَّ بينَ حَجَرَيْنِ إِذا حُكَّ أَحَدُهما بالآخَرِ لدَواءٍ ونَحْوِه وقال ابنْ دُرَيْدٍ : الحُكاكُ : ما حُكَّ من شَيءٍ على شَيءٍ فخَرَجَتْ منه حُكاكَةٌ . وفي الصحاح : هو ما يَسقُطُ من الشّيء عندَ الحَكِّ . والحَكّاكاتُ بالفتحِ والتَّشْدِيدِ : الوَساوِسُ وهو مَجازٌ ومنه الحَدِيث : إِيّاكمُ والحَكّاكاتِ فإِنّها المآثِمُ وهي التي تَحكُّ في القَلْب فتَشْتَبِهُ على الإنْسانِ قال ابنُ الأَثِيرِ : هو جمع حكّاكَةٍ وهي المُؤَثِّرةُ في القُلُوبِ . وقال ابنُ الأعرابي : الحُكُكُ بضَمَّتَيْنِ : أَصْحابُ الشَّر وهو مَجازٌ . قال : والحُكُكُ أَيضاً : المُلِحُّونَ في طَلَبِ الحَوائِجِ وهو أَيضاً مجاز
والحَكَكُ بالتَّحْرِيكِ : حَجَرٌ أَبيضُ كالرُّخامِ أَرْخَى من الرُّخامِ وأَصْلَبُ من الجَصِّ واحِدتُه حَكَكَةٌ قال الجوهري : وإِنّما ظَهَرَ فيه التّضْعِيف للفَرقِ بين فَعْلٍ وفَعَلٍ . وقال ابنُ شُمَيل : الحَكَكَة : أَرْضٌ ذاتُ حِجارَةٍ مثل الرُّخامِ رِخْوَة
وقال أَبُو الدُّقَيش : الحُكَكاتُ - بضم ففتح - هي أَرْضٌ ذات حِجارَة بِيضٍ كأنها الأَقِطُ تَتَكَسَّرُ تَكسُّراً وإِنّما تكونُ في بَطْنِ الأَرْضِ . وقال ابنُ عبّاد : الحَكَكُ : مِشْيَةٌ بِتَحَرُّكٍ كمِشْيَة القَصِيرَةِ التي تُحَركُ مَنْكِبَيها ومثلُه في اللِّسانِ
قال الجوهري : والجِذْلُ المُحَكَّكُ كمُعَظَّمٍ : الذي يُنْصَبُ في العَطَنِ لتَحْتكَّ به الإِبِلُ الجَربَى ومنه قَوْلُ الحُبابِ بنِ المُنْذِرِ - رضي اللَّهُ تعالَى عنهُ - يَوْمَ سَقِيفَةِ بني ساعِدَةَ : أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ مِنّا أَمِيرٌ ومنكم أَمِيرٌ أي : يُستَشْفى برَأيي وتَدْبِيرِي كما تُستَشْفى الإِبِلُ الجَربَى بالاحْتِكاكِ بذلك العودِ وقال الأزهري : وفيه مَعْنًى آخر وهو أَحَسبّ إِلي وهو أَنّه أَرادَ أَنه مُنَجَّذٌ قد جَرَّبَ الأمورَ وعَرَفَها وجُرِّبَ فوُجِدَ صُلْبَ المَكْسَرِ غيرَ رِخْوٍ ثَبتاً لا يَفِرُّ عن قِرنِه وقيلَ : مَعْناه : أَنا دُونَ الأَنْصارِ جِذْلُ حِكاكٍ لمَنْ عاداهُم وناوأهُم فَبِي تقْرَنُ الصَّعْبَةُ والتَّصْغِيرُ فيه للتَّعْظِيم ويَقُول الرجلُ لِصاحِبِه : اجْذُلْ للقَوْمِ : أي انْتَصِبْ لهم وكُنْ مُخاصِماً مُقاتِلاً والعربُ تَقولُ : فلان جِذْلُ حِكاكٍ خَشَعت عنه الأُبَنُ يعنون أَنّه مُنَقِّح لا يُرمَى بشيءٍ إِلاّ زَلَّ عنه ونَبَا . ويُقال : ما أَنْتَ من أَحْكاكِه أي من رِجالِه عن ابنِ عبّاد . والحَكِيكُ كأَمِيرٍ : الكَعْبُ المَحْكُوكُ . وهو أَيضاً الحافِرُ المَنْحُوت نقله الجوهري كالأَحَكِّ يُقال : حافِرٌ أَحَكُ وحَكِيكٌ . وقِيل : كُلُّ نَحِيتٍ خَفي حَكِيكٌ . والاسمُ الحَكَكُ محركَةً وقد حَكِكَت الدّابَّةُ كفَرِحَ بإِظْهارِ التَضعِيفِ عن كُراع : وقَعَ في حافِرِها الحَكَكُ وهو أَحدُ الحُرُوفِ الشاذَّة كلَحِحَتْ عينُه وأَخواتِها . والحَكِيك : الفرَسُ المُنْحَتُّ الحافِرِ من أَكْلِ الأَرْضِ حتى رَقَّ عن ابنِ دُرَيْدٍ . والحاكَّةُ : السِّنّ يقال : ما بَقِيَتْ في فِيهِ حاكَّةٌ : أي سِنٌّ نقله الجوهري سُمِّيَتْ لأَنَّها تَحُكّ صاحِبَها أَو تَحُكُّ ما تَأْكُلُه صفةٌ غالِبَةٌ وتقدّم في : ت ك ك عن أبي عَمْرِو بنِ العَلاءِ : تَقُولُ العربُ : ما في فِيهِ حاكَّةٌ ولا تاكَّةٌ فالحاكَّةُ : الضِّرسُ والتاكَّةُ : النابُ . والأَحَكُ من الرَجال : من لا حاكَّةَ أي لا سِنَّ في فَمِه كأَنَّه عَلَى السَّلْبِ . ومن المَجاز : التَّحَكُّك التَّحَرشُ والتَّعَرُّضُ يُقالُ : إِنَّه يَتَحَكَّكُ بِكَ أي : يَتَعَرَّض لشَركَ ويتَحَرَّشُ . ومن المَجازِ أَيضاً : إٍنه حِكّ شَر وحِكاكُه بكَسرِهِما أي : يُحاكُّه كَثِيراً وكذلك : حِكُّ مالٍ وضِغْنٍ . والمُحاكَّةُ كالمُباراةِ وقد تَقَدَّمَ . ومن المَجازِ : حَكَّ في صَدْرِي وأَحَكَّ واحْتَكَّ بمعنى عَمِلَ وهو ما يقَعُ في خَلَدِكَ من وَساوِسِ الشّيطانِ والأوّلُ أَجودُ وحكاه ابنُ دُرَيْدٍ جَحْداً فقال : ما حَكَّ هذا الأَمْرُ في صَدْرِي ولا يُقالُ : ما أَحاكَ وقال ابنُ سِيدَه : وهي عامِّيةٌ
ومما يستدرك عليه : يُقال : هذا أَمرٌ تحاكَّتْ فيه الرُّكَبُ واحْتَكَّتْ أي : تماسَّتْ واصْطَكَّتْ يرادُ به التَّساوِي في المَنْزِلَة أَو التَّجاثي على الرُّكَبِ للتَّفاخُرِ وهو مَجازٌ . وفي الحَدِيثِ إِذا حَكَكْتُ قُرحَةً دَمّيتُها أي : إِذا أَصَبت غايَةً تَقَصَّيتُها وبَلغْتُها وهو مَجازٌ . ويُقال : جاءَ فلانٌ بالحُكَيكاتِ وبالأَحاجِي وبالأَلْغازِ بمعنًى واحد واحِدَتُها حُكَيكَةٌ . قال الزَّمَخْشَرِيُّ : ويَقُولون : ما أَمْلَحَ هذه الحُكَيكَةَ : وهي الأُحْجِيَّةُ ويَقُولونَ في المُحاجاةِ : تَحَكَّيتُكَ وهو نحو تَقَضّى البازِيّ أَو من الحِكايَةِ . وقال أَبو عَمْرو : الحُكاكُ بالضمّ : أَصلُ الصِّلِّيانِ البالِي وأَنشَدَ :
" مِسحَلُ إِنْ أُنْكِحْتَ خَوْداً وَرْهاه" ذاتَ حُكاكٍ وُلِدَتْ بالدَّهْداهْ
" تُعارِضُ الريحَ ورُعْيانَ الشّاهْ كما في العُبابِ وفي حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ : أَنّه مرَّ بغِلْمانٍ يَلْعَبُونَ بالحِكَّةِ فأَمَر بها فدُفِنَتْ هي لُعْبَةٌ لهم يَأْخُذُونَ عَظْماً فيَحُكُّونَه حتّى يَبيَضَّ ثم يَرمُونَه بَعِيداً فمَنْ أَخَذَه فهو الغالِبُ . والحُكَكات بضم ففَتْحٍ : موضِعٌ بعَينِه مَعْرُوفٌ بالبادِيَةِ قال أَبُو النَّجْم :
" عَرَفْتُ رَسْماً لسُعادَ ماثِلاَ
" بحيث نامِي الحُكَكاتِ عاقِلاَ وأَبُو بَكْر الحَكّاكُ : أَحدُ صُوفِيَّةِ اليَمَنِ وشُعَرائِهِم على قَدَمِ ابنِ الفارِضِ قديم الوَفاةِ