السَّدْفَةُ : بالفَتْحِ ويُضَمُّ الظُّلْمَةُ تَمِيمَّيةٌ وفي الصَّحاحِ : قال الأَصْمَعِيُّ : هي لُغَةُ نَجْدٍ : السَّدْفَةُ أيضاً بلُغَتَيْه : الضَّوْءُ قَيْسِيَّةٌ وفي الصِّحاحِ : وفي لُغَةِ غيرِهِم : الضَّوْءُ والذي نَقَلَهُ المُصَنِّفُ هو قَوْلُ أبي زَيْدٍ في نَوَادِرِه ضِدٌّ صَرَّح به الجَوْهَريُّ وغَيْرُه وفِي شَرْح شَيْخِنَا قلتُ : لا تَضَادَّ مع اخْتِلافِ اللُّغَتَيْن كما قَالَهُ جَمَاعَةٌ وأُجِيبَ بأنَّ التَّضَادَّ باعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِنَا إذْ لا حَجْرَ علينا على أنَّ العَرَبِيَّ قد يَتَكَلَّمُ بلُغَةِ غيرِه إِذا لَم تَكُنْ خَطَأً فتَأَمَّلْ أو سُمِّيَا بِاسْمٍ لأَنَّ كُلاًّ يَأْتِي علَى الآْخَرِ كَالسَّدَفِ مُحَرَّكَةً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وهو أيضاً مِن الأَضْدادِ والجَمْعُ : أسْدَافٌ قال أبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ :
يَرْتَدْنَ سَاهِرَةً كَأَنَّ جَمِيمهَا ... وعَمِيمَهَا أسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ أو السَّدْفَةُ : اخْتِلاَطُ الضُّوءِ والظُّلْمَةِ مَعاً كَوَقْتِ ما بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى أَوَّلِ الإْسْفَارِ حَكاهُ أبو عُبَيْدٍ عن بعضِ اللُّغَوِيِّين ونَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وقالَ عُمَارَة : السَّدْفَةُ : ظُلْمَةٌ فيها ضَوْءٌ من أَوَّلِ اللَّيْلِ وآخِرِه ما بَيْنَ الظًّلْمَةِ إِلَى الشَّفَقِ وما بيْنَ الفَجْرِ إِلى الصَّلاةِ قال الأزْهَرِيُّ : والصحيحُ ما قَالَهُ عُمَارة . السَّدْفَةُ والسُّدْفَةُ : الطَّائِفَةُ مِنّ اللَّيْلِ وقال اللِّحْيَانِيُّ : أتَيْتُه بَسُدْفةٍ أي : في بَقِيَّةٍ من اللَّيْلِ
السَّدْفَةُ بِالضَّمِّ : ألْبَابُ ومنه قَوْلُ امْرأَةٍ مِن قَيْسٍ تَهْجُو زَوْجَها
" لاَ يَرْتَدِي مَرَادِىَ الْحرِيرِ
" ولاَ يُرَى بِسُدْفَةِ الأَمِيرِ أو سُدَّتُهُ : قيل : هي سُتْرَةٌ أو شَبِيهَةٌ بالسُّتْرَةِ تَكُونُ بِالْبَابِ أي : عليه تَقِيهِ مِن الْمَطَرِ ولو قال : تَقِيهِ المَطَرَ لَكَانَ أخْصَرَ . والسَّدَفُ مُحَرَّكَةً : الصُّبْحُ وبه فَسَّرَ أبو عمروٍ قَوْلَ ابنِ مُقْبِلٍ :
ولَيْلَةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَهَا ... بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرفَ السَّدَفَا قال : أَي أَسِيرُ حتى الصُّبْحَ وقال الفَرَّاءُ السَّدَفُ : إقْبَالُهُ أي : الصُّبْح وأنْشَدَ لسَعْدٍ القَرْقَرةِ :
نَحْنُ بِغَرْسِ الْوَدِيِّ أعْلَمُنَا ... مِنَّا بِرَكْضِ الْجِيَادِ في السَّدَفِ
قال المُفَضَّلُ : سَعْدٌ القَرْقَرَةُ : رَجُلٌ مِنْ أهْلِ هَجَرَ وكان النُّعْمَانُ يَضْحَكُ منه فدَعَا النُّعْمَانُ بفَرَسِهِ اليَحْمُومِ وقال له : ارْكَبْهُ واطْلُبِ الوَحْشَ فقال سعدٌ : إذَنْ واللهِ أُصْرَعُ فَأبَى النُّعْمَانُ إِلاَّ أنْ يَرْكَبه فلمَّا رَكِبَه سَعْدٌ نَظَرَ بَعْضِ وَلَدِهِ وقال : وَابِأَبِى وُجُوهُ اليَتَامَى ثم قال البيتَ والوَدِىُّ : صِغَارُ النَّخْلِ ومنا : أي فِينَا . وفي حديثِ أبي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عنه - : ( فَصَلِّ الْفَجْرَ إِلَى السَّدَفِ أي إِلَى بَيَاضِ النَّهَارِ . السَّدَفُ أيضاً : سَوَادُ اللَّيْلِ كَالسُّدْفَةِ بالضَّمِّ وهذا تقدَّم وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لحُمَيْدٍ الأرْقَطِ :
" وسَدَفُ الْخَيْطِ الْبهِيمِ سَاتِرُهْ . وقيل : هو بَعْدَ الجُنْحِ قال :
ولَقَدْ رَأَيْتُكَ بِالْقَوَادِمِ مَرَّةً ... وعَلَىَّ مِنْ سَدَفِ العَشِىِّ لِيَاحُ قال ابنُ عَبَّادٍ : النَّعْجَةُ مِن الضَّأْنِ تُسَمَّى السَّدَفَ وهي التي لها سَوادٌ كسَوَادِ اللَّيْلِ وتُدْعَى لِلْحَلْبِ بسَدَف : سَدَفْ
وكَزُبَيْرٍ سُدَيْفُ بنُ إسْمَاعِيلَ ابْنِ مَيْمُونٍ شَاعِرٌ
والسُّدُوفُ بالضَّمِّ : الشُّخُوصُ تَرَاهَا مِن بَعِيد وقال الصَّاغَانِيُّ : الصَّوَابُ بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ كما سيأْتِي قلت : والصَّحِيحُ أنَّهُمَا لُغَتَانِ
والأسْدَفُ : الأَسْوَدُ المُظْلِمُ وأنْشَدَ يَعْقُوبُ
فَلَمَّا عَوَى الذِّئْبُ مُسْتَعْقِراً ... أنِسْنَا بِه والدُّجَى أسْدَفُ السِّدَافَةُ كَكِتَابَةٍ : الْحِجَابُ ومنه قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهما لمَّا أرادَت الخُرُوجَ إِلى البَصْرَةِ : تَرَكْتِ عُهَّيْدَي النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم وبعَيْنِ اللهِ مَهْوَاكِ وعلَى رَسُولِهِ تَرِدِينَ قد وَجَّهَتِ سِدَافَتَهُ : أرادَتْ بِالسِّدَافَةِ الحِجابَ والسِّتْرَ وتَوْجِيهُها : كَشْفُهَا أي : هَتَكْتِ السِّتْرَ أيْ أخَذْتِ وَجْهَهَا ويُقَال : وَجَّهَ فُلانٌ سِدَافَتَه : إذَا تَرَكَها وخَرَجَ منها وقيلَ للسِّتْرِ : سِدَافَةٌ لأَنَّه يُسْدَفُ أي : يُرْخَى عليه وقيل : أرادتْ : أزَلْتِهَا عَن مَكَانِهَا الذي أُمِرْتِ أنْ تَلْزَمِيهِ وجَعَلْتِهَا أمَامَكِ ويُرْوَى : سِجَافَتَهُ بالجِيم وقد مَرَّتْ الإشَارَةُ إِليه
السَّدِيفُ كَأَمِيرٍ : شَحْمُ السَّنَامِ وفي الصِّحاحِ : السَّنَامُ وزَادَ غيرُه : المُقَطَّعُ وأنْشَدَ الجَوْهَريُّ للشَّاعِر - وهو المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ - :
" إذَا مَا الْخصِيفُ العَوْبَثَانيُّ سَاءَنَاتَرَكْنَاهُ واخْتَرْنَا السَّدِيِفَ الْمُسَرْهَدَا وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ لِطَرَفَةَ :
" فَظَلَّ الإْمَاءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَاويُسْعَى عَلَيْنَا بِالسَّديفِ الْمُسَرْهَدِ قال أبو عمرٍو : أَسْدَفَ وأَغْدَفَ وأَزْدَفَ : نَامَ وقال أَبو عُبَيْدةَ : أَسْدَفَ اللَّيْلُ وأَزْدَفَ وأَشْدَفَ : إذا أَرْخَى سُتُورَهُ وأَظْلَمَ قال العَجَّاجُ :
" وأقْطَعُ اللَّيْل إذا مَا أَسْدَفَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وقال ابنُ بَرِّيّ : ومِثْلُه للخَطَفَى جَدِّ جَرِيرٍ :
" يَرْفَعْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا
" أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وهَاماً رُجَّفَا أَسْدَفَ الْفَجْرُ : أَضَاءَ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ونَصُّه : أسْدَفَ الصُّبح وقال أبو عُبَيْدَةَ : الإسْدَافُ مِن الأضْدَادِ أسْدَفَ : تَنَحَّى قال أبو عمروٍ إذا كان الرَّجُلُ قائماً بالبَاب قُلْتَ له : أسْدِفْ أي : تَنَحَّ عن البابِ حتى يُضِيءَ البَيْتُ
وأسْدَفَ السِّتْرَ : رَفَعَهُ قلتُ : وهو من الأضْدادِ أيضاً لأنَّه تقدَّم : أسْدَفَ السِّتْرَ : أرْخَاهُ
أسْدَفَ الرَّجُلُ : أظْلَمَتْ عَيْنَاهُ مِن جُوعٍ أو كِبَرٍ وهو مَجَازٌ . في لُغَة هَوَازِنَ : أسْدَفَ : أسْرَجَ مِن السِّرَاج نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : أَسْدَفَ القَوْمُ : دَخَلُوا في السُّدْفَةِ والسَّدَفُ مُحَرَّكةً : اللَّيْلُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وأَنْشَدَ :نَزُورُ الْعَدُوَّ علَى نَأْيِهِ ... بِأَرْعَنَ كَالسَّدَفِ الْمُظْلِمِ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّىّ للهُذَلِيِّ : ومَاءٍ وَرَدْتُ عَلَى خِيفَةٍ وقد جَنَّهُ السَّدَفُ الْمُظْلِمُ وقَوْلُ مُلَيْحٍ :
وذُو هَيْدَبٍ يَمْرِى الْغَمَامَ بِمُسْدِفٍ ... مِنَ الْبَرْقِ فيه حَنْتَمٌ مُتَبَعِّجُ مُسْدِفٌ هنا : يكونُ المُضِىءَ والمُظْلِمَ وهو من الَأضْدَادِ
وفي حديثِ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ : كان بِلاَلٌ يَأْتِينَا بالسَّحُورِ ونَحْنُ مُسْدِفُونَ فيَكْشِفُ القُبَّةَ فيُسْدِفُ لنا طَعَامَنَا أَي يُضِيءُ ومَعْنَى مُسْدِفِين : دَاخِلِين في السُّدْفَةِ والمُرَادُ المُبَالَغَةُ في تَأْخِيرِ السَّحُورِ . وجَمْعُ السُّدْفَةِ : سُدَفٌ ومنه قَوْلُ علىٍّ رَضِىَ اللهُ عنه : وكُشِفَتْ عنهم سُدَفُ اللَّيْلِ أَي : ظُلَمُها . وأَسْدَفَتِ المرأَةُ القِنَاعَ : أَرْسلتْهُ كما في الصَّحاحِ
وسَدَفْتُ الحِجَابَ : أَرْخَيْتُهُ وحِجَابٌ مَسْدُوفٌ قال الأَعْشَى :
" بِحِجَابٍ مِنْ بَيْنِنَا مَسْدُوفِ ويُقَال : وَجَّهَ فُلانٌ سِدَافَتَهُ : إِذا تَرَكَهَا وخَرَجَ منها وجَمْعُ السَّدِيفِ : سَدائِفُ وسِدَافٌ
وسَدَّفَهُ تَسْدِيفاً : قَطَّعَهُ قال الفَرَزْدَقُ :
وكُلَّ قِرَى الأَضْيافِ نَقْرِى مِنَ الْقَنَا ... ومُعْتَبَطٍ فيه السَّنَامُ الْمُسَدَّفُ وقد سَمَّوْا : سَدِيفاً كَأَمِيرٍ ومُسْدِفاً كمُحْسِنٍ
ويُقَال : رأيتُ سَدَفَهُ : شَخْصَهُ مِن بُعْدٍ كرَأَيْتُ سَوَادَهُ وهو مَجَازٌ