" غَاضَ الماءُ يَغِيضُ غَيْضاً ومَغَاضاً " : ومَغِيضاً : " قَلَّ ونَقَصَ " أَو غارَ فذَهَبَ . وفي الصّحاح : قَلَّ فنَصَبَ . وفي حَديث سَطِيحٍ : " وغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ " أَي غَارَ مَاؤُهَا فذَهَبَ . وفي حَديث خُزَيْمَةَ وذَكَرَ السَّنَةَ " وغَاضَتْ لها الدِّرَّةُ " أَي نَقَصَ اللَّبَنُ " كانْغَاضَ " لُغَةٌ حِجَازيَّةٌ قال رُؤْبَة :
" يَمُدُّه فَيْضٌ من الأَفْيَاضِ
" لَيْسَ إِذَا خُضْخِضَ بالمُنْغَاضِ غَاضَ " ثَمَنُ السِّلْعَةِ " أَي " نَقَصُ " نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . غَاضَ " المَاءَ وثَمَنَ السِّلْعَةِ " يَغِيضُها غَيْضاً أَي " نَقَصَهُمَا " إِشارة إِلى أَنَّه يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى . وقال الكِسَائيّ . غاضَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ وغِضْتُه أَنا في باب فَعَلَ وفَعْلْتُهُ أَنا . وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ للرَّاجِزِ وهُو من بَني عُكْلٍ :
" لا تَأْوِيَا للحَوْض أَنْ يَغِيضَا
" أَنْ تَغْرِضَا خَيْرٌ منَ أَنْ تَغِيضَا يَقُول : أَنْ تَمْلآهُ خَيْرٌ من أَنْ تَنْقُصَاهُ . وقال الأَسْوَدُ ينُ يَعْفُر :
إِمَّا تَرَيْنِي قَدْ فَنِيتُ وغَاضَنِي ... ما نِيلَ مِنْ بَصَرِي ومن أَجْلادِي مَعْنَاهُ نَقَصَنِي بَعْدَ تَمَامِي . وَقَوْلُه أَنْشَدَهُ ابْنُ الأَعْرَابيّ :
ولَوْ قَدْ عَضَّ مَعْطِسَهُ جَرِيرِي ... لَقَدْ لانَتْ عَرِيكَتُهُ وغَاضَا
فَسَّرَه فقال : أَثَّرَ في أَنْفهِ حَتَّى يَذِلَّ . وقيلَ : غَاضَ الماءَ : نَقَصَهُ وفَجَّرَهُ إِلى مَغِيضٍ " كأَغاضَ " . وفي الصّحاح : غَيَّضَ الماءَ : فَعَلَ به ذلِكَ وغَاضَهُ اللهُ . يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى وأَغَاضَهُ اللهُ أَيْضاً . قُلتُ : ومِن المُتَعَدِّي أَيْضاً حَديثُ عَائشَة تَصِفُ أَبَاهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : " وغَاضَ نَبْعَ الرِّدَّةَ " أَي أَذْهَبَ مَا نَبَعَ منهَا وظَهَرَ . ومن الَّلازم الحَديثُ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الوَلَدُ غَيْظاً والمَطَرُ قَيْظاً ويَفِيضَ اللِّئامُ فَيْضاً ويَغِيضَ الكِرَامُ غَيْضاً ويَجْتَرئَ الصَّغيرُ على الكَبِير واللَّئيمُ على الكَرِيم " أَي يَفْنُونَ ويَقِلُّون وهو مَجَاز . ومن الَّلازم أَيْضاً قَوْلُه تَعَالَى : " ومَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وما تَزْدادُ " قال الأَخْفَشُ : " أَي " و " ما تَنْقُصُ " نقله الجَوْهَرِيّ . وقال الزَّجّاجُ : أَي ما نَقَصَ " من سَبْعَةِ الأَشْهُرِ " كَذَا في سَائر النُّسَخ المَوْجُودَة والصَّوابُ من تسْعَةِ الأَشْهُرِ الَّتي هي وَقْتُ الوَضْعِ كما في العُبَاب واللّسَان وهو نَصُّ الزَّجَّاج قال : ومَا تَزْدَادُ يَعِني على التِّسْعَةِ . وقال بَعْضُهُم : مَا نَقَصَ عن أَنْ يَتِمَّ حَتَّى يَمُوتَ وما زادَ حَتَّى يَتِمَّ الحَمْلُ . وعلى هذَا ما في النّسخ مِنْ تَقْديم السِّين على الباءِ يَكُون صَحِيحاً كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلى هذَا القَوْلِ . يَشْهَدُ له قَوْلُ قَتَادَةَ : " الغَيْضُ : السِّقْطُ الَّذي لَم يَتِمَّ خَلْقُه " أَي هو النَّقِصُ عن سَبْعَةِ الأَشْهُرِ فتَأَمَّلْ . الغِيضُ " بالكَسْرِ : الطَّلْعُ " . نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ الأَعْرَابيّ وكَذلكَ الغَضِيضُ والإِغْرِيضُ وقدْ تَقَدَّما . " أَو " الغِيضُ هو " العَجَمُ الخَارِجُ من لِيفِهِ " . هَكَذا في سَائرِ النُّسَخ . والذي نَقَلَه الصَّاغَانِيّ عن أَبِي عَمْرٍو : الغِيضُ : العَجَمُ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ منْ لِيفِهِ " وذلكَ يُؤْكلُ كُلُّه " . فانْظُرْه وتَأَمَّلْ . " والغَيْضَةُ بالفَتْح : الأَجَمَةُ و " هي " مُجْتَمَعُ الشَّجَرِ في مَغِيضِ مَاءٍ " يَجْتَمِعُ فيه الماءُ فيَنْبُتُ فيه الشَّجَرُ " ج : غِيَاضٌ وأَغْيَاضٌ " كما في الصّحاح . الأَخيرُ على طَرْحِ الزَّائِدٍ ولا يَكُونُ جَمْعَ جَمْعٍ لأَنَّ جَمْعَ الجَمْعِ مُطَّرَحٌ ما وُجِدَتْ عَنْه مَنْدُوحَةٌ . قال رُؤْبَةُ :
" في غَيْضَةٍ شَجْرَاءَ لَمْ تَمَعَّرِ
" مِنْ خَشَبٍ عاسٍ وغَابٍ مُثْمِرِ والمُرَادُ بالشَّجَر أَي شَجَرٍ كان " أَو خَاصٌّ بالغَرَب لا كُلُّ شَجَرٍ " كما نَقَلَهُ أَبو حَنِيفَةَ عن الأَعْرَابِ الأُوَلِ قال : والَّذي جَاءَتْ به أَشْعَارُ العَرَب خِلاَف هذا وأَنْشَد رَجَزَ رُؤْبَةَ هذَا وَقال : فجَعَلَهَا من المُثْمِرِ وغَيْرِ المُثْمِرِ وجَعَلَهَا غَابَةً وأَيُّ غَرَبٍ بنَجْدٍ يَلِي غَرَبَ الأَرْيَافِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فَهيَ غِيَاضٌ كما في العُباب . الغَيْضَةُ : " نَاحِيَةٌ قُرْبَ المَوْصِلِ " شَرْقِيَّها عَلَيْهَا عِدَّةُ قُرىً . من المَجَازِ : " أَعْطاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ " أَيْ " قَلِيلاً منْ كَثيرٍ " . وقال أَبو سَعِيدٍ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ قد فَاضَ مَالُه ومَيْسَرَتُه فهو إِنَّمَا يُعْطِي من قُلّهِ . ومنه حَديثُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العاصِ الثَّقَفِيّ " لَدِرْهَمٌ يُنْفِقُه أَحَدُكُم من جَهْدهِ خَيْرٌ من عَشَرَةِ آلافِ درْهَم يُنْفِقُهَا أَحَدُنا غَيْضاً من فَيْضٍ " أَي قَليلُ أَحَدِكم مع فَقْرِه خَيْرٌ منْ كَثيرِنَا مع غِنَانَا . " وغَيَّضَ دَمْعَهُ تَغييضاً : نَقَصَهُ " وحَبَسَه . والتَّغْيِيضُ : أَن يَأْخُذَ العَبْرَةَ من عَيْنِهِ ويَقْذِفَ بهَا . حَكَاهُ ثُعْلَبٌ وأَنْشدَ :
غَيَّضْنَ منْ عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لِي ... ماذَا لَقِيتَ من الهَوَى ولَقِينَامَعْنَاه أَنَّهُنَّ سَيَّلْنَ دُمُوعَهُنَّ حَتَّى نَزَفْنَهَا . قال ابنُ سِيدَه : " منْ " هُنَا لِلتَّبْعيضِ وتَكُونُ زَائدَةً على قَوْل أَبِي الحَسَنِ لأَنَّهُ يَرَى زيَادَةَ " مِنْ " في الوَاجِبِ وحَكَة : قَدْ كانَ مِنْ مَطَرٍ أَي قَدْ كَانَ مَكَرٌ . قُلْت : وقد سَبَقَ للْمُصَنِّف في " غ ب ض " ما يُقَرِّب ذلكَ وقد تَبِعَ اللِّيْثَ وصَحَّحَهُ الأَزْهَرِيّ وإِخَالُه مُصَحَّفاً من هذا . فتَأَمَّلْ . غَيَّضَ " الأَسَدُ : أَلِفَ الغَيْضَةَ " . نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ وصَاحبُ اللّسَان
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه : المَغِيضُ يَكُونُ مَصْدَراً ويَكُونُ المَوْضِعَ الَّذِي يَغِيضُ فِيه الماءُ : وغَيَّضَهُ تَغْييضاً كغَاضَهُ وأَغَاضَهُ . ويَكُونُ المَغِيضُ أَيضاً اسْمَ مَفْعُولٍ كالمَبِيعِ . يُقَالُ : غِيضَ ماءُ البَحْرِ فهو مَغِيضٌ مَفْعُولٌ به . والغَائِضُ في قَوْل الشَّاعِر :
إِلَى الله أَشْكُو مِنْ خَلِيلٍ أَوَدُّهُ ... ثَلاَثَ خِلاَلٍ كُلُّهَا ليَ غَائِضُ قال بَعْضُهُمْ : أَرَادَ : غائظ " بالظاءِ " فأَبْدَلَ الظَّاءَ ضاداً . هذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي . وقال ابنُ سِيدَه : ويَجُوزُ عنْدِي أَنْ يَكُونَ غائِض غَيْرَ بَدَلٍ ولكنَّهُ من غاضَهُ أَيْ نَقَصَهُ ويَكُون مَعْنَاهُ حينَئِذٍ أَنَّهُ يَنْقُصُني ويَتَهَضَّمُنِي . وغَاضَ الكِرَامُ : إِذَا قَلُّوا وقد تَقَدَّمَ . والغَيْضُ : ما كَثُرَ من الأَغْلاثِ أَي الطَّرْفَاءِ والأَثْلِ والحَاجِ والعِكْرِشِ واليَنْبُوتِ . والغَيْضُ : مَوْضِعٌ بَيْنَ الكُوفَةِ والشَّامِ
فصل الفاءِ مع الضاد