" وَرَصَت " - هذا الحَرْفُ أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ هُنَا وأَوْرَدَه في الضَّادِ تبعَاً لِلَّيْثِ وقد غَلَّطَهُ الأَزْهَرِيُّ في كِتَابِه . وقال : الصَّوابُ وَرَصَتِ - " الدَّجَاجَةُ " وَرْصاً " كوَعدَ وأَوْرَصَتْ ووَرَّصَتْ " تَوْرِيصاً : " وَضَعَت " ونَصُّ التَّهْذِيب : إِذا كَانَتْ مُرْخِمَةً على " البَيْضِ " ثمَّ قَامَتْ فوَضَعَتْ بمَرَّةٍ . واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ في الضَّادِ على الأَخِيرِ وقال : ثمّ قامَت فذَرَقَتْ بمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ذَرْقاً كَثِيراً . " وامرَأَةٌ مِيرَاصٌ " إِذَا كَانَتْ " تُحْدِثُ إِذا وُطِئَتْ " عادَةً . قال الأَزْهَرِيُّ : أَخبَرَنِي المُنْدِرِيُّ عن ثَعْلَبٍ عَنْ سَلَمَةَ عن الفَرَّاءِ : " وَرَّص الشَّيْخُ تَوْرِيصاً " إِذا " اسْتَرْخَى حِتَارُ خَوْرَانِهِ وأَبْدَى " قال : وحَكَى عن ابنِ الأَعْرَابِيّ قال : أَوْرَصَ ووَرَّصَ إِذا رَمَى بغائِطِه . قُلتُ : وذَكَرَ ابنُ بَرّيّ في ترْجَمَة " عَربن " : وَرَّصَ إِذا رَمَى بالعَرَبُونِ مُحَرَّكَةً وهو العَذِرَةُ ولم يَقْدِرْ على حَبْسِهِ . " ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ وَهَماً فاضِحاً فجَعَلَ الكُلَّ " مِمَّا ذُكِرَ من اللُّغَانِ " بالضَّادِ " المُعْجَمَة . قُلتُ : الجَوْهَرِيُّ تَبِعَ اللَّيْثَ فإِنّه أَوْرَدَهُ في كِتَابِ العَيْن هكذا بالضّادِ ووَهَّمَه الأَزْهَرِيّ بما تَقَدَّمَ من سَمَاعَهِ عن شيُوخِهِ واستَرابَ في مَجِيءِ هذِهِ الأَحْرُفِ بالضَّادِ ولَعَلَّ الجَوْهَرِيّ صَحَّ عِنْدَهُ من طُرُقٍ أُخْرَى بالضّادِ والَّليْثُ ثِقَةٌ فلا يُنْسَبُ إِليه الوَهَمُ الفاضِحُ مع أَنَّ المُصَنِّفَ تَبِعَهُ في الضّادِ مُقَلِّداً له من غيْرِ تَنبِيهٍ عليه وسُكُوتُه دَلِيلٌ على التَّسْلِيمِ فتَأَمَّلْ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : الوَرْصُ : الدَّبُوقاءُ وجَمعُه أَوْرَاصٌ . نَقَلَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عن ابْنِ خَالَوَيْه
رَصَّهُ يَرُصُّهُ رَصاً : أَلْزَقَ بَعْضَه ببَعْضٍ وضَمَّ فهو مَرْصُوصٌ ورَصِيصٌ ومِنْهُ قَوْلُه تعالَى كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ كرَصَّصَهُ تَرْصِيصاً وكَذلِكَ رَصْرَصَهُ وكُلُّ ما أُحْكِمَ وجُمِعَ وضُمَّ بَعْضُه إِلَى بَعْضٍ فَقَدْ رُصَّ وبُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ومُرَصَّصٌ كمَرْصُوصٍ وقالَ أَبُو عُبَيْدَة : مَرْصُوصٌ لا يُغَادِرُ مِنْهُ شَيءٌ شَيْئاً وقالَ الفَرّاءُ : مَرْصُوصٌ : يُرِيدُ بالرَّصاصِ . ورَصَّت الدَّجَاجَةُ بَيْضَتَهَا وكَذَا النَّعامَةُ : سَوَّتْها بمنْقَارِهَا ورِجْلَيْهَا ؛ لِتَقْعُد عَلَيْهَا . والرَّصَاصُ كسَحَابٍ : م ولا يُكْسَرُ ونَسَبَه الجَوْهَرِيُّ لِلعامَّةِ والرَّصَصُ مقصورٌ مِنْهُ قال ابنُ دُرَيْدٍ : وهو عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ من رَصَّ بِنَاءَهُ لَتَدَاخُلِ أَجْزَائِهِ وشَاهِدُ الرَّصَاصِ بالفَتْحِ قَوْلُ الرّاجِزِ :
" أَنَا ابنُ عَمْروٍ ذِي السَّنا الوَبّاصِ
" وابن أَبِيهِ مُسْعِطِ الرَّصَاصِ قال : وأَوَّلُ من أَسْعَطَ بالرَّصَاصِ من مُلُوكِ العَرَبِ ثَعْلَبَةُ بنُ امْرِئِ القَيْسِ بن مازِن بن الأَزْدِ . ثم إِنّ الكَسْرَ الَّذِي نَفَاهُ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ونَسَبه الجَوْهَرِيُّ لِلعَامّةِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بهِ أَبُو حاتِمٍ ونَقَلَه أَبُو حَيّانَ في تَذْكِرَتِهِ مُقْتَصِراً عَلَيْه ونَقَلَه الزَّرْكَشِيُّ أَثْنَاءَ سُورةِ الصَّفِّ مِنَ التَّنْقِيحِ وكَذَا نَقَلَه أَيْضاً بَعْضُ شُرّاحِ الفَصِيحِ قالَ شَيْخُنَا : وكُنَّا نَسْمَعُ من أَفْوَاهِ الشَّيْخِ : أَنّ الرّصاصَ مُثَلَّثٌ ولم نَرَهُ مَنْصُوصاً . وهُوَ ضَرْبَانِ : أَسْوَدُ وهو الأُسْرُبُّ والإِبَارُ وأَبْيَضُ وهو القَلْعِيُّ والقَصْدِيرُ وله خَوَاصُّ مِنْهَا : إِنْ طُرِحَ يَسِيرٌ مِنْهُ في قِدْرٍ لَمْ يَنْضَجْ لَحْمُهَا أَبَداً . والمَعْرُوفُ بالتَّجْرِبةِ فيهِ هو الضَّرْبُ الأَولُ وكَذَا إِنْ طُوِّقَتْ شَجَرَةٌ بِطَوْقٍ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ ثَمَرُهَا وكَثُرَ ذِكْره أَهْلُ النّبَاتِ وقَدْ جُرِّبَ ذلِكَ في شَجَرِ الرُّمّانِ وقالَ أَبُو حُسَيْنٍ المَدَائِنِيُّ : كانَ يُقَالُ : الشُّرْبُ في آنِيَةِ الرَّصاصِ أَمَانٌ من القُوْلَنْجِ . وشَيْءٌ مُرَصَّصٌ : مَطْلِيٌّ بهِ وكذلِكَ مَرْصُوصٌ كما تَقَدَّمَ عن الفَرّاءِ . والمَرْصُوصَةُ : البِئْرُ الَّتِي طُوِيَتْ بِهِ عن ابْنِ عَبّاد . والرَّصِيصُ : البَيْضُ بَعْضُه فَوْقَ بَعْضٍ . قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ يَصِفُ ناقَتَهُ :
عَلَى نِفْتِق هَيْقٍ لَهُ ولِعِرْسِهِ ... بمُنْعَرَجِ الوَعْسَاءِ بَيْضٌ رَصِيصُ وقَالَ أَبُو عَمْروٍ : الرَّصِيصُ : نِقَابُ المَرْأَةِ إِذَا أَدْنَتْهُ من عَيْنَيْها وقال أَبو زَيْدٍ : النِّقَابُ : على مارِنِ الأَنْفِ والتَّرْصِيصُ : هو أَنْ تَنْتَقِبَ المَرْأَةُ فلا يُرَى إِلاَّ عَيْنَاهَا وتَمِيمٌ تقُول : هو التَّوْصِيصُ بالواو وقد رَصَّصَتْ عَنِ الفَرّاءِ ووَصَّصَتْ . والأَرَصُّ : المُتَقَارِبُ الأَسْنَانِ وهِيَ رَصّاءُ . وفَخِذٌ رَصّاءُ : ضِدُّ بَدَّاءَ وهِيَ الَّتِي الْتَصَقَتْ بأُخْتِهَا كما فِي العُبَابِ . والأُرْصُوصَةُ بالضَّمِّ : قَلَنْسُوَةٌ كالبِطِّيخَةِ كما فِي العُبَابِ . والرَّصّاصَةُ مُشَدَّدَةً : البَخِيلُ وهُوَ مَجَازٌ شُبِّه بالحَجَرِ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ . وقال اللَّيْثُ : الرَّصَّاصَةُ : حِجَارَةٌ لاَزِقَةٌ بحَوَالَيِ العَيْنِ الجَارِيَةِ كالرَّصْرَاصَةِ قال النّابِغَةُ الجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرَساً :
حِجَارَةُ قَلْتٍ برَصْراصَةٍ ... كُسِينَ غِشَاءً من الطُّحْلُبِوقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : هِيَ أَي الرَّصْرَصَةُ : الأَرْضُ الصُّلْبَةُ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : رَصْرَصَ البِنَاءَ : إِذا أَحْكَمَه وشَدَّدَهُ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : رَصْرَصَ في المَكَانِ : ثَبَتَ . وتَرَاصُّوا في الصَّفِّ أَيْ صَفِّ القِتَالِ والصَّلاةِ إِذا تَلاصَقُوا وانْضَمُّوا وقال الكِسَائِيُّ : التَّرَاصُّ : أَنْ يَلْصَقَ بَعْضُهُم ببَعْضٍ حَتَّى لا يَكُونَ بَيْنَهُم خَلَلٌ ولا فُرَجٌ وأَصْلُه تَرَاصَصُوا من رَصَّ البِنَاءَ يَرُصُّه رَصّاً فأَدْغِمَ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : الرَّصُوصُ من النِّسَاءِ : الرَّتْقَاءُ . والرَّصَصُ في الأَسْنَانِ كاللَّصَصِ . وقال الفَرّاءُ : رَصَّصَ إِذا أَلَحَّ في السُّؤَالِ وهُوَ مَجَازٌ . وارْتَصَّتِ الجَنَادِلُ كتَرَصَّصَتْ . ورُصَّتْ عَلَى القَبْرِ الرَّصَائِصُ أَيْ رُكِمَتْ عَلَيْه الحِجَارَةُ . وفي أَسْنانِهِ رَصِيصٌ . والرَّصَّاصُ : مَنْ يَعْمَلُه . ومُنْيَةُ الرَّصَاصِ : قَرْيَةٌ بمِصْرَ مِنْهَا شَيْخُنا الخَطِيبُ المُفَوَّهُ صالِحُ بنُ محمودٍ الرَّصَاصِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى