الأيْدَعُ : الزَّعْفَرانُ قالَ رُؤْبَةُ :
" كما اتَّقى مُحْرِمُ حَجٍّ أيْدَعَا قالَ الجَوْهَرِيُّ : وهذا يَنْصَرِفُ فإنْ سَمَّيْتَ بهِ رَجُلاً لَمْ تَصْرِفْه في المَعْرِفَةِ : للتَّعْرِيفِ ووزْنِ الفِعْلِ وصَرَفْتَه في النَّكِرَةِ مِثْل أفْكَل
وقالَ الليثُ : الأيْدَعُ : صِبْغٌ أحْمَرُ وهُوَ خَشَبُ البَقَّمِ قالَ أبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الثَّوْرَ :
فنحَا لَهَا بمُذَلَّقَيْنِ كأنَّمَا ... بِهِمَا منَ النَّضْحِ المُجَدَّحِ أيْدَعُ ويُقَالُ : الأيْدَعُ : دَمُ الأخَوَيْنِ وهذا قَوْلُ الأصْمَعِيِّ وقالَ شَمِرٌ : الأيْدَعُ : البَقَّمُ وأنْشَدَ لابْنِ قَيْسِ الرُّقَيّاتِ :
فواللهِ لا يَأْتِي بخَيْرٍ صَدِيقَها ... بَنُو جُنْدَعٍ ما اهْتَزَّ في البَحْرِ أيْدَعُ قالَ : لأنَّ البَقَّمَ يُحْمَلُ في السُّفُنِ منْ بِلادِ الهِنْدِ
قلتُ : وأنْشَدَ الأزْهَرِيُّ لكُثَيِّرٍ :
كأنَّ حُمَولَ القَوْمِ حِينَ تَحَمَّلُوا ... صَرِيمَةُ نَخْلٍ أو صَرِيمَةُ أيْدَعِ قالَ : هذا يَدُلُّ على أنَّ الأيْدَعَ هُوَ البَقَّمُ لأنَّهُ يُحْمَلُ في السُّفُنِ منْ بلادِ الهِنْدِ
وقالَ أبو حَنيفَةَ : أخْبَرَنِي أعْرَابِيٌ أنَّ الأيْدَعَ : صَمْغٌ أحْمَرُ يُجْلَبُ من سُقُطْرَى جَزِيرَةِ الصَّبرِ تُدَاوَى بهِ الجِرَاحاتُ
وقالَ السُّكَّرِيّ في شَرْحِ قَوْلِ أبي ذُؤَيْبٍ بَعْدَ ما ذَكَرَ دَمَ الأخَوَيْنِ والزَّعْفَرَانِ : والأيْدَعُ أيْضاً : شَجَرٌ تُصْبَغُ بهِ الثِّيَابُ أو هُوَ ضَرْبٌ منَ الحِنّاءِ قالَهُ ابنُ عَبّادٍ وقالَ السُّكَّرِيُّ : قالَ خالِدُ بنُ كُلْثُوم : الأيْدَعُ : شَجَرٌ لَهُ حَبٌّ أحْمَرُ يَصْبُغُ بهِ أهْلُ البَدْوِ ثَيَابَهُم
قالَ ابنُ الأعْرَابِيّ الأيْدَعُ : طائِرٌ وأنْشَدَ :
" ما سْتَنَّ في سَنَنِ الجَنُوبِ الأيْدَعُ . أي : على سَنَنِ الجَنُوبِ
ويَدِيعُ كيَبِيعُ ولَوْ قالَ : كأمِيرٍ كانَ أحْسَنَ : ع بَيْنَ فَدَكَ وخَيْبَرَ بِهَا مِيَاهٌ وعُيُونٌ لبَنِي فَزَارَةَ وغَيْرِهِمْ وقدْ جاءَ ذِكْرُه في الحديثِ وقالَ المَرّارُ بنُ سَعِيدٍ :
كأنَّ العِيرَ ناهِلَةً قَرَوْرَى ... يُعَالِي الآلُ مَلْهَمَ أو يَدِيعَا شَبَّهَ حُمُولَهُمْ وقَدْ صَدَرَتْ عن قَرَوْرَى بنَخْلِ مَلْهَمَ أو يَدِيعَ
قلتُ : وقد سَبَقَ للمُصَنِّفِ في بدع أنَّهُ يُقَالُ لهُ : بَدِيعٌ كما في العُبابِ
ويَدَعَةُ مُحَرَّكَةً : بَرِّيَّةٌ بيْنَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ
ويدَعَانُ مُحَرَّكَةً وضُبِط في نُسَخِ العُبابِ والتّكْمِلَةِ بكَسْرِ الدّالِ : اسْمُ وادٍ بهِ مَسْجِدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُعَسْكَرُ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ
ومَيْدُوع : اسمٌ للفَرَسِ قالَ الجَوْهَرِيُّ : هو فَرَسُ عَبْدِ الحارِثِ بنِ ضرارِ بنِ عَمْروِ بنِ مالِكٍ الضَّبِّيِّ وأنْشَدَ لهُ شِعْراً قَدَّمْنَا ذكْرَه في بدع لأنَّ الصَّوابَ أنَّهُ بالبَاءِ المُوَحَّدَةِ ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ في ذِكْرِه هُنا نَبَّه عليهِ الصّاغَانِيُّ قال : وهكذا رُوِيَ في شِعْرِهِ أيْضاً
قلتُ : فإذا كانَت الرِّوَايَةُ هكذا بالباءِ المُوَحَدَّةِ فلا مُعَوَّلَ على ما تَكَلَّفَ شَيْخُنَا لانْتِصَارِ الجَوْهَرِيُّ بأنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ بهِ كأنَّهُ لحُسْنِه مَطْلِيٌّ بالأيْدَعِ وهو الزَّعْفَرَانُ فإنَّ السَّمَاعَ والرِّوايَةَ يُقَدَّمانِ على القِيَاسِ فتأمَّلْ
وأيْدَعَ الحَجَّ على نَفْسِه : أوْجَبَهُ وذلكَ إذا تَطَيَّبَ لإحْرامِه نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ قالَ جَريرٌ :
ورَبِّ الرّاقِصَاتِ إلى الثَّنَايا ... بشُعْثٍ أيْدَعُوا حَجّاً تَمَامَا ومَعْنَى أيْدَعُوا : أوْجَبُوا على أنْفُسِهِمْ يُقَالُ : أيْدَعَ الرَّجُلُ : إذا أوْجَبَ على نَفْسِه حَجّاً
ويَدَّعُه الصَّبّاغُ تَيْدِيعاً : صَبَغَهُ بالأيْدَعِ أي الزَّعْفرانِ فهُوَ ثَوْبٌ مُيَدَّعٌ
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ : الأيْدَعُ : نَبَاتٌ قالَهُ أبو عَمْروٍ وأنْشَدَ :
" إذا رُحْنَ يَهْزُزْنَ الذُّيُولَ عَشِيَّةًكهَزِّ الجَنُوبِ الهَيْفِ دَوْماً وأيْدَعَا وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ : أوزَمْتُ يَمِيناً وأيْدَعْتُهَا أي : أوْجَبْتُها
ومَيْدَعانُ بنُ مالِكِ بنِ نَصْرِ بن الأزْدِ : أبو قَبِيلَةٍ
الوَدْعَةُ بالفَتْحِ ويُحَرَّكُ ج : وَدَعَاتٌ مُحَرَّكَةً : مَناقِيفٌ صِغارٌ وهِيَ : خَرَزٌ بَيضٌ تَخْرُجُ منَ البَحْرِ تَتفَاوَتُ في الصِّغَرِ والكِبَرِ كما في الصِّحاحِ زادَ في اللِّسانِ : جُوفُ البُطونِ بَيْضاءُ تُزَيَّنُ بها العَثَاكِيلُ شَقُّهَا كشَقِّ النَّواةِ وقِيلَ : في جَوفْهِا دُودَةٌ كَلحْمَةٍ كما نَقَله الصّاغَانِيُّ عن اللَّيْثِ وفي اللِّسانِ : دُوَيْبَّةٌ كالحَلَمَةِ تُعَلَّقُ لِدَفْع العَيْنِ ونَصُّ إبْراهِيمَ الحَرْبِيِّ : تُعَلَّقُ منَ العَيْنِ ومنْهُ الحَدِيثُ : منْ تَعَلَّقَ ودَعَةً فلا وَدَعَ اللهُ لَهُ
وقالَ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ : إنَّ هذهِ الخَرَزاتِ يَقْذِفُها البَحْرُ وإنَّهَا حَيَوانٌ منْ جَوْفِ البَحْرِ فإذا قَذَفَها ماتَتْ ولَهَا بَرِيقٌ وحُسْنُ لَوْنٍ وتَصْلُبُ صَلابَةَ الحَجَرِ فَتُثْقَبُ وتُتَّخَذُ منْهَا القَلائِدُ واسْمُها مُشْتَقٌّ منْ وَدَعْتُه بمَعْنَى تَرَكْتُه لأنَّ البَحْرَ يَنْضُبُ عَنْهَا ويَدَعُها فَهِيَ وَدَعٌ مِثْلُ قَبْضٍ وقَبَضٍ فإذا قُلْتَ بالسُّكُونِ فهِيَ منْ بابِ ما سُمِّيَ بالمَصْدَرِ انتهى
وأنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ وهُوَ عَلْقَمَةُ ابنُ عُلَّفَةَ المُرِّيُّ وفي العُبَابِ واللِّسَانِ عَقِيلُ بنُ عُلَّفَةَ :
ولا أُلْقِي لِذِي الوَدَعاتِ سَوْطِي ... لأخْدَعَهُ وغِرَّتَه أُرِيدُ قالَ ابنُ بَرِّي : صَوابُ إنْشادِه :
" أُلاعِبُهُ وزَلَّتَه أُرِيدُ ومِثْلُه في العُبابِ ويُرْوَى أيْضاً : ورَبَّتَهُ ورِيبَتَه وغِرَّتَهُ
وشاهِدُ الوَدْعِ بالسُّكُونِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ :
كأنَّ أُدْمَانَها والشَّمْسُ جانِحَةٌ ... وَدْعٌ بأرْجائِهَا فَضٌّ ومَنْظُومُ وشاهِدُ المُحَرَّكِ ما أنْشَدَهُ السُّهَيْليُّ في الرَّوْضِ :
إنَّ الرُّوَاةَ بلا فَهْمٍ لما حَفِظُوا ... مِثْلُ الجِمَالِ عَلَيْهَا يُحْمَلُ الوَدَعُ
" لا الوَدْعُ يَنْفَعُهُ حَمْلُ الجِمَالِ لَهُولا الجِمَالُ بحَمْلِ الوَدْعِ تَنْتَفِعُ وفي البَيْتِ الأخِيرِ شاهِدُ السُّكونِ أيْضاً
وشاهِدُ الوَدَعَةِ ما أنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ :
" والحِلْمُ حِلْمُ صَبِيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ قلتُ : وهكذا أنْشَدَهُ السُّهَيلِيُّ في الرَّوْضِ والبَيْتُ لأبِي دُوادٍ الرُّؤَاسِيِّ والرِّوايَةُ :
السِّنُّ منْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خَلَقٍ ... والعَقْلُ عَقْلُ صَبِيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ وذاتُ الوَدَعِ مُحَرَّكَةً هكذا في النُّسَخِ والصَّوابُ بالسُّكُونِ : الأوْثَانُ ويُقَالُ : هُوَ وَثَنٌ بعَيْنِه وقِيلَ : سَفِينَةُ نُوحٍ عليهِ السّلامُ وبكُلٍّ مِنْهُمَا فُسِّرَ قَوْلُ عَدِيِّ ابنِ زَيْدٍ العِبَادِيِّ :
كَلاّ يَميناً بذاتِ الوَدْعِ لَوْ حَدَثَتْ ... فِيكُمْ وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارا الأخِيرُ قَوْلُ ابنِ الكَلْبِيِّ قالَ : يَحْلِفُ بها وكانَتِ العَرَبُ تُقْسِمُ بها وتَقُولُ : بذَاتِ الوَدْعِ وقالَ أبو نَصْرٍ : هِيَ الكَعْبَةُ شَرَّفَهَا اللهُ تعالى لأنَّهُ كان يُعَلَّقُ الوَدَعُ في سُتُورِهَا فهذه ثلاثةُ أقوالٍ
وذُو الوَدَعاتِ مُحَرَّكَةً : لَقَبُ هَبْنَّقَةَ واسْمُه يَزِيدُ بنُ ثَرْوانَ أحَدُ بنَي قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَةَ لُقِّبَ بهِ لأنَّه جَعَلَ في عُنُقِه قِلادَةً منْ وَدَعٍ وعِظامٍ وخَزَفٍ مع طُولِ لِحْيَتِه فسُئلَ عن ذلكَ فقالَ : لِئَلا أضِلَّ أعْرِفُ بها نَفْسِي فسَرَقَها أخُوهُ في لَيْلَةٍ وتَقَلَّدَها فأصْبَحَ هَبَنَّقَةُ ورَآهَا في عُنُقِهِ فقالَ : أخي أنتَ أنا فمنْ أنا فضُرِبَ بحُمْقِه المَثَلُ فقالُوا : أحْمَقُ منْ هَبَنَّقَةَ قالَ الفَرَزْدَقُ يهْجُو جريراً :
" فَلْوْ كانَ ذا الوَدْعِ بنَ ثَرْوَانَ لالْتَوتْبهِ كَفُّهُ أعْنِي يَزِيدَ الهَبَنَّقَا
ووَدَعَه كوَضَعَهُ وَدْعاً ووَدَّعَهُ تَوْدِيعاً بمَعْنىً واحدٍ الأوَّلُ رَواهُ شَمِرٌ عنْ مُحارِبٍ
والاسْمُ الوَدَاعُ بالفَتْحِ ويُرْوَى بالكَسْرِ أيْضاً وبهِمَا ضَبَطَه شُرّاحُ البُخَارِيِّ في حَجَّةِ الوَادعِ وهُوَ الواقِعُ في كُتُبِ الغَرِيبِ قالَهُ شَيْخُنا وهُوَ أي الوَداعُ : تَخْلِيفُ المُسَافِرِ النّاسَ خافِضينَ وادِعينَ وهُمْ يُودِّعُونَه إذا سافَرَ تَفاؤُلاً بالدَّعَةِ الّتِي يَصِيرُ إليْهَا إذا قَفَلَ أي : يَتْرُكُونَه وسَفَرَه كما في العُبابِ قالَ الأعْشَى :
ودِّعْ هُرَيْرَةَ إنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ ... وهَلْ تُطِيقُ وَداعاً أيُّهَا الرَّجُلُ ؟ وقالَ شَمِرٌ : التَّوْدِيعُ يَكُونُ للحَيِّ وللمَيِّتِ وأنْشَدَ للبَيدٍ يَرْثِي أخاهُ :
فوَدِّعْ بالسّلامِ أبا حُرَيْزٍ ... وقَلَّ وَدَاعُ أرْبَدَ بالسَّلامِ وقالَ القَطامِيُّ :
قِفِي قَبْلَ التَّفرُّقِ يا ضُبَاعا ... ولا يَكُ مَوْقِفُ مِنْكِ الوَدَاعا أرادَ : ولا يكُنْ مِنْكِ مَوْقِفُ الوَداعِ وليَكُنْ مَوْقِفَ غِبْطَةٍ وإقامَةٍ لأنَّ مَوْقِفَ الوَداعِ يَكُونُ مُنَغِّصاً من التَّباريحِ والشَّوْقِ وقالَ الأزْهَرِيُّ : التَّوْدِيعُ وإنْ كانَ أصْلهُ تَخْلِيفَ المُسَافِرِ أهْلَه وذَوِيهِ وادِعِينَ فإنَّ العَرَبَ تَضَعُه مَوْضِعَ التَّحِيَّةِ والسَّلامِ لأنَّه إذا خَلَّف دَعَا لَهُمْ بالسَّلامَةِ والبَقَاءِ ودَعَوْا له بمِثْلِ ذلكَ ألا تَرَى أنَّ لَبِيداً قالَ في أخِيهِ وقدْ ماتَ :
" فوَدِّعْ بالسَّلام أبا حُرَيْزٍ أرادَ الدُّعاءَ بالسّلامِ بَعْدَ مَوْتِه وقدْ رثاهُ لَبِيدٌ بهذا الشِّعْرِ ووَدَّعَه تَوْدِيعَ الحَيِّ إذا سافَرَ وجائِزٌ أنْ يَكُونَ التَّوْدِيعُ : تَرْكَه إيّاهُ في الخَفْضِ والدَّعَةِ انْتَهَى . ومنْهُ قولُه تعالى : ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلَى بالتَّشْدِيدِ أي : ما تَرَكَكَ مُنْذُ اخْتَارَكَ ولا أبْغَضَكَ مُنْذُ أحَبَّكَ ومنْهُ حديثُ أبي أُمَامَةَ عنْدَ رَفْعِ المائِدَةِ غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عَنْهُ رَبَّنَا وقيلَ : مَعْنَاهُ : غيرُ مَتْرُوكِ الطَّاعَةِ
وَدُعَ الشَّيءُ ككَرُمَ ووَضَعَ وَدْعاً وَدَعَةً ووَداعَةً فهُوَ وَدِيعٌ ووادِعٌ سَكَنَ واسْتَقَرَّ وصارَ إلى الدَّعَةِ كاتَّدَعَ تُدْعَةً بالضَّمِّ وتُدَعَةً كهُمَزَةٍ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على اللُّغَةِ الأُولَى أي : وَدُعَ ككَرُمَ وزادَ : ووادِعٌ أيْضاً أي : ساكِنٌ مثل : حَمُضَ فهُوَ حامِضٌ يُقَالُ : نال فُلانٌ المَكَارِمَ وادِعاً أي : منْ غَيرِ كُلْفَة وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لسُوَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ :
أرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لمْ يَدَعْ ... منْ سُلَيْمَى ففُوادِي مُنْتَزَعْ أي لمْ يَتَّدِعْ ولم يَقَرَّ ولم يَسْكُنْ وفي اللِّسانِ : وعليْه أنْشَدَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ الفَرَزْدَقِ :
وعَضُّ زَمَانٍ يا ابْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ ... منَ المالِ إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ فمَعْنَى لَمْ يَدَعْ : لَمْ يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ والجُمْلَةُ بَعْدَ زَمان في مَوْضِعِ جَرٍّ لكَوْنِهَا صِفَةً له والعائِدُ منْهَا إليه مَحْذُوفٌ للعِلْمِ بموضِعِه والتَّقْدِيرُ فيهِ : لَمْ يَدَعْ فيهِ أو لأجْلِهِ منَ المالِ إلا مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ فيَرْتَفِعُ مُسْحَتٌ بفِعْلِه ومُجَلَّفٌ عَطْفٌ عليهِ وقيلَ : لم يَسْتَقِرَّ وأنْشَدَ سَلَمَةُ : إلا مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ أي : لم يَتْرُكْ من المالِ إلا شَيئاً مُسْتَأْصَلاً هالِكاً أو مُجَلَّفٌ كذلكَ ونَحْو ذلكَ رَواهُ الكِسَائِيُّ وفَسَّرَهُوالمَوْدُوعُ : السَّكِينَةُ يُقَالُ : عَلَيْكَ بالمَوْدُوعِ أي : السَّكِينَةِ والوَقَارِ ولا يُقَالُ منْهُ : وَدَعَهُ كما لا يُقَالُ منَ المَيْسُورِ والمَعْسُورِ : يَسَرَهُ وعَسَرَهُ كما في الصِّحاحِ وقالَ ابنُ سِيدَه : وقدْ تَجِيءُ الصِّفَةُ ولا فِعْلَ لها كما حُكِيَ من قَوْلِهِمْ : رَجُلٌ مَفْؤُودٌ للجَبَانِ ومُدَرْهَمٌ للكَثِيرِ الدَّراهِمِ ولمْ يَقُلولوا : فُئِدَ ولا دُرْهِمَ وقالُوا : أسْعَدَهُ اللهُ فهُوَ مَسْعُودٌ ولا يُقَالُ : سُعِدَ إلا في لُغَةٍ شاذَّةٍ
والوَدِيعَةُ : واحِدَةُ الوَدَائِعِ كما في الصِّحاحِ وهي ما استُودِعَ وأنْشَدَ الصّاغَانِيُّ للبيدٍ رضي الله عنه :
وما المالُ والأهْلُونَ إلا وَدِيعَةٌ ... ولا بُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدَائِعُ وأنْشَدَه الإمامُ مُحْيي الدِّينِ عَبْدُ القادِرِ الطَّبَرِيُّ إمامُ المَقامِ في طَيِّ كتابٍ إلى المُفْتِي وَجِيهِ الدِّينِ عَبْد الرَّحمن بنِ عِيسَى المُرْشِدِيِّ المَكّيّ يُعَزِّيهِ في وَلَدِه حُسَيْنٍ ما نَصّه :
" فما المالُ والأبْنَاءُ إلا وَدائِعٌ . . الخ والرِّوايَةُ الصَّحِيحَةُ ما ذَكَرْنا
والوَدِيعُ كأمِيرٍ : العَهْدُ ج : ودَائِعُ ومنْهُ كتَابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : لكُمْ يا بَنِي نَهْدٍ وَدائِعُ الشِّرْكِ ووَضَائِعُ المالِ أي العُهُودُ والمَواثِيقُ وهُوَ منْ تَوادَعَ الفَرِيقانِ : إذا تعاهدَا على تَرْكِ القِتالِ وكانَ اسْمُ ذلكَ العَهْدِ وَدِيعاً وقالَ ابنُ الأثِيرِ : ويَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدُوا بها ما كانُوا اسْتُودِعُوهُ من أمْوالِ الكُفّارِ الّذِينَ لمْ يَدْخُلوا في الإسْلامِ أرادَ إحلالَها لَهُم لأنَّهَا مالُ كافِرٍ قُدِرَ عليهِ منْ غَيْرِ عَهْدٍ ولا شَرْطٍ ويَدُلُّ عليهِ قَوْلُه في الحديثِ : مالَمْ يَكُنْ عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ
والوَدِيعُ منَ الخَيْلِ : المُسْتَرِيحُ الصائِرُ إلى الدَّعَةِ والسُّكُونِ كالمَوْدُوعِ على غَيْرِ قِيَاسٍ والمُودَعِ لم يَضْبِطْه فاحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ كمُكْرَمٍ كما هو في النُّسَخِ كُلِّها وكمُعَظَّمٍ وقد رُوِيَ بالوَجْهَيْنِ قالَ ابنُ بُزُرْجَ : فَرَسٌ وَدِيعٌ ومَوْدُوعٌ ومُودَعٌ وأنْشَدَ لذِي الإصْبَعِ العَدْوَانِيِّ :
أُقْصِرُ منْ قَيْدِه وأُودِعُهُ ... حتى إذا السِّرْبُ ريعَ أو فَزِعَا فهذا يَدُلُّ على أنَّه منْ أوْدَعَه فَهُو مُودَوعٌ
وقالَ ابنُ بَرِّيّ في أماليهِ : وتَقُولُ : خَرَجَ زَيْدٌ فَوَدَّعَ أباهُ وابْنَه وكَلْبَه وفَرَسَه وهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعٌ ووَدَّعَه أي : وَدَّعَ أباهُ عِنْدَ السَّفَرِ من التَّوْدِيعِ ووَدَّعَ ابنْه : جَعَلَ الوَدْعَ في عُنُقِهِ وكَلْبَه : قَلَّدَه الوَدْعَ وفَرَسَه : رَفَّهَهُ وهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعٌ ومَوْدُوعٌ على غَيْرِ قِياسٍ
ووَدَعَ الشَّيءَ : صانَهُ في صِوانِه فهذا يَدُلُّ على أنَّه منْ وَدَعَه فهو مُودَعٌ ومَوْدُوعٌ ويَشْهَدُ لما قالَهُ ابنُ بُزُرْجَ ما أنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ لمِتُمِمِّ بنِ نُوَيْرَةَ رضي الله عنه يَصِفُ ناقَتَه :
قاظَتْ أُثالَ إلى الملا وتَرَبَّعَتْ ... بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَعُ قالَ : تُودَعُ أي : تُوَدَّعُ وتُسَنُّ أي : تُصْقَلُ بالرِّعْيِ
والتُّدْعَةُ بالضَّمِّ وكهُمَزَةٍ وسحابَةٍ والدَّعَةُ بالفَتْحِ على الأصْلِ والهاءُ عِوَضٌ من الواوِ والتاءُ في التُّدْعَةِ على البَدَلِ : الخَفْضُ والسُّكُونُ والرّاحَةُ والسَّعَةُ في العَيْشِ وقد تَوَدَّعَ واتَّدَعَ فهُوَ مُتَّدِعٌ : صاحِبُ دَعَةٍ وسُكُونٍ ورَاحَةٍ
والمِيدَعُ والمِيدَعَةُ والمِيداعَةُ بالكَسْرِ في الكُلِّ : الثَّوبُ المُبْتَذَلُ قالَ الكِسَائِيُّ : هِيَ الثِّيَابُ الخُلْقَانُ الّتِي تُبْذَلُ مِثْلُ المَعاوزِ وقالَ أبو زَيدٍ : المِيدَعُ : كُلُّ ثَوْبٍ جَعَلْتَه مِيدَعاً لِثَوْبٍ جَديدٍ تُودِّعُه بهِ أي تَصُونُه بهِ ويُقَالُ : مِيداعَةٌ ج : مَوادعُ هُوَ جَمْعُ مِيدَعٍ وأصْلُه الواوُ لأنَّكَ وَدَّعْتَ بهِ ثَوْبَكَ أي : رَفَّهْتَه بهِ قالَ ذُو الرُّمَّةِ :" هِيَ الشَّمْسُ إشْرَاقاً إذا ما تَزَيَّنَتْوشِبْهُ النَّقَى مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ قالَ الأصْمَعِيُّ : المِيدَعُ : الثَّوْبُ الّذِي تَبْتذِلُه وتُوَدِّعُ بهِ ثِيَابَ الحُقُوقِ ليَوْمِ الحَفْلِ وإنَّما يُتَّخَذُ المِيدَعَ ليُودَعَ بهِ المَصُونُ
وتَوَدَّعَ ثِيَابَ صَوْنِه : إذا ابْتَذَلَها وفي الحديثِ : صَلَّى مَعَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أُنَيْسٍ وعَلَيْهِ ثَوْبٌ ممَزَّقٌ فلمَّا انْصَرَفَ دَعَا لَهُ بثَوْبٍ فقالَ : تَوَدَّعْهُ بخَلَقِكَ هذا أي : صُنْه بهِ يُرِيدُ : الْبَسْ هذا الّذِي دَفَعْتُ إليْكَ في أوْقاتِ الاحْتِفَالِ والتَّزَيُّنِ
وثَوْبٌ مِيدَعٌ صِفَةٌ وقدْ يُضَافُ وعلى الأوَّلِ قَوْلُ الضَّبِّيِّ :
أُقِدِّمُه قُدّامَ نَفْسِي وأتَّقِي ... بهِ المَوْتَ إنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيَدعُ ويُقَالُ : هذا مِبْذَلُ المَرْأَةِ ومِيدَعُها ومِيَدَعَتُها الّتِي تُوَدِّعُ بها ثِيَابَها ويُقَالُ للثَّوْبِ الّذِي يُبْتَذَلُ : مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوَزٌ ومِفْضَلٌ وقالَ شَمِرٌ : أنشَدَنِي أبو عَدْنانَ :
" في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أرْبَعُ
" مُبْتَذَلاتٌ ما لَهُنَّ مِيدَعُ يُقَالُ : مالَهُ ميدَعُ أي : مالَهُ منْ يَكْفِيهِ العَمَلَ فيَدَعُه أي : يَصُونُهُ عن العَمَلِ
وكَلامٌ مِيدَعٌ أي يُحْزِنُ لأنَّه يُحْتَشَمُ منْهُ ولا يُسْتَحْسَنُ قالَه اللِّحْيَانِيُّ
وحَمامٌ أوْدَعُ إذا كانَ في حَوْصَلَتِه بَيَاضٌ نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ وفي اللِّسانِ : طائِرٌ أوْدَعُ : تَحْتَ حَنَكِه بَياضٌ
وثَنِيَّةُ الوَداعِ : بالمَدِينَةِ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وقدْ جاءَ ذِكْرُهَا في حديثِ ابنِ عُمَرَ في مُسَابَقَةِ الخَيْلِ سُمِّيَتْ لأنَّ منْ سافَرَ منْهَا إلى مَكَّةَ شَرَّفها الله تعالى كانَ يُوَدَّعُ ثمَّ أي هناكَ ويُشَيَّعُ إلَيْهَا كما في العُبَابِ و الّذِي في اللِّسانِ : أنّ الوَداعَ وادٍ بمَكَّةَ وثَنِيَّةُ الوَداعِ مَنْسُوبَةٌ إليْهِ ولَمّا دخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَومَ الفَتْحِ اسْتَقْبَلَهُ إماْ مَكَّةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْنَ :
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا ... منْ ثَنِيَّاتِ الوَداعِ
وجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا ... ما دَعا للهِ داعِ ووَداعَةُ : مِخْلافٌ باليَمَنِ عن يَمِينِ صَنْعاءَ
ووَداعَةُ بنُ جُذَامٍ هكذا بالجِيمِ في النُّسَخِ وفي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ بالخَاءِ المُعْجَمَةِ أو حَرَامٍ أوْرَدَهُ المُسْتَغْفِرِيُّ وقالَ : في إسْنَادِ حديثهِ نَظَرٌ
ووَدَاعَةُ بنُ أبي زَيْدٍ الأنْصَارِيُّ شَهِدَ صِفِّينَ معَ عليٍّ وقُتِلَ أبوه يَوْمَ أحُدٍ
وودَاعَةُ بنُ أبي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ هكذا وَقَعَ في النُّسَخِ التَّصْرِيحُ باسْمِه ولَهُ وِفَادَةٌ في إسْنَادِ حَديثِه مَقَالٌ تَفَرَّدَ بهِ الكَلْبِيُّ : صحابِيُّونَ رضي الله عنهم
ووَدَاعَةُ بنُ عَمْرو بنِ عامِرِ بن ناسِج بنِ رافِعِ بنِ ذِي بارِقِ بنِ مالِكِ بنِ جُشَمَ : أبو قَبِيلَةِ منْ بَنِي جُشَمَ بنِ حاشِدِ بنِ جُشَمَ بنِ خَيْرانَ بنِ نَوْفِ بنِ هَمْدانَ منْهُم الأجْدَعُ بنُ مالكِ بنِ أُمَيَّةَ الوَدَاعِيُّ ابن مَعْمَرِ بنِ الحارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ وَدَاعَةَ أو هُوَ وادِعَةُ بتَقْدِيمِ الألِفِ كما في جَمْهَرَةِ النَّسَبِ عِنْدَ أهْلِ النَّسَبِ والمَعْرُوفُ عِنْدَنا والأجْدَعُ المَذْكُورُ أدْرَكُ الإسلامَ وبقي إلى زَمانِ عُمَرَ رضي الله عنه
ووادِعُ بنُ الأسْوَدِ الرّاسِبِيُّ كذا في التَّبْصِيرِ وهو الصَّوابُ ووقَع في العُبابِ الرِّياشِيّ : مُحَدِّثُ رَوَى عن الشَّعْبِيِّ
والقاضِي أبو مُسْلِمٍ وادِعُ بنُ عَبدِ الله المَعَرِّيُّ : ابنُ أخي أبي العَلاءِ أحْمَدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سُلَيْمانَ التَّنُوخِيِّ المَعَرّيِّ المَشْهُورِ
ووَدِيعَةُ بنُ جُذَامٍ هكذا بالجِيمِ وفي المَعاجِمِ بالخاءِ وهُوَ الّذِي أنْكَحَ ابْنَتَهُ رَجلاً لَمْ تُرِدْهُ فرَدَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلكَ النِّكاحَووَدِيعَةُ بنُ عَمرو الجُهَنِيُّ حَلِيفُ بنِي النَّجّارِ : صحابِيّانِ رضي الله عنهما الأخِيرُ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ
ودَعْهُ أي : اتْرُكْهُ وأصْلُه ودَعَ يَدَعُ كوَضَعَ يَضَعُ كما في الصِّحاحِ ومنْهُ الحديثُ : دَعْ ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ وقالَ عمرو بنُ مَعْدِ يَكَرِبَ :
إذا لمْ تَسْتَطِعْ أمْراً فدَعْهُ ... وجاوِزْهُ إلى ما تَسْتَطِعْ قالَ شَيْخُنا : اخْتَلَفَ أهْلُ النَّظَرِ هَلْ دَعْ وذَرْ مُتَرادِفَانِ أو مُتَخالِفانِ ؟ فذهَبَ قَوْمٌ إلى الأوَّلِ وهُوَ رَأْيُ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ وذهَبَ أكْثَرُونَ إلى الفَرْقِ بَيْنَهُمَا فقالَ : دَعْ ويَدَعْ يُسْتَعْمَلانِ فيما لا يُذَمُّ مُرْتَكِبُه لأنَّه منَ الدَّعَةِ وهِيَ الرَّاحَةُ ولذا قيلَ لمُفَارَقَةِ النّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً : مُوَادَعَةٌ وعَدَمَ اعْتِدادٍ لأنَّهُ منَ الوَذْرِ وهُوَ قَطْعُ اللُّحَيْمَةِ الحَقِيرَةِ كما أشارَ إليهِ الرّاغِبُ فلذا قال تعالى : أتْدُعُونَ بَعْلاً وتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ دُونَ تَدَعُونَ معَ ما فيهِ من الجِنَاسِ وقيلَ : دَعْ : أمْرٌ بالتَّرْكِ قَبْلَ العِلْمِ وذَرْ بَعْدَهُ كما نُقِلَ عن الرّازِيِّ قيلَ : وهذا لا يُساعِدُه اللُّغَةُ ولا الاشْتِقاقُ وقد أُمِيتَ ماضِيهِ لا يُقَالُ : وَدَعَهُ وإنَّمَا يُقَالُ في ماضِيهِ : تَرَكَهُ كما في الصِّحاحِ وزادَ : ولا وادِعٌ , ولكن تارِكٌ ورُبَّمَا جاءَ في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ودَعَهُ وهُوَ مَوْدُوعٌ على أصلهِ وقالَ الشّاعِرُ يُقَالُ : هُو أبو الأسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ كما قالَهُ ابنُ جِنِّي و الّذِي في العُبابِ أنَّه لأنَسِ بنِ زُنَيْمٍ اللَّيْثِيِّ ورَوى الأزْهَرِيُّ عن ابْنِ أخِي الأصْمَعِيِّ أنَّ عَمَّهُ أنْشَدَه لأنَس هذا :
لَيْتَ شِعْرِي عن خَلِيلي ما الّذِي ... غالَهُ في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ وآخرهُ :
لا يَكُنْ بَرْقُكَ بَرْقاً خُلَّباً ... إنّ خَيرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَهْ وقالَ ابنُ بَرِّيّ : وقدْ رُوِيَ البَيْتَانِ لهُمَا جَمِيعاً وقالَ خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ :
إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرْضُه منْ سَمَائِهِ ... جَرَى وهُوَ مَوْدُوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ أي مَتْرُوكٌ لا يُضْرَبُ ولا يُزْجَرُ كما في الصِّحاحِ
قلتُ : وفي كِتابِ تَقْوِيمِ المُفْسَدِ والمُزَالِ عن جِهَتِه لأبي حاتِمٍ أنّ الرِّوايَةَ في قَوْلِ أنَسِ بنِ زُنَيْمٍ السّابِقِ : غالَهُ في الوَعْدِ ومَنْ قالَ : في الوُدِّ فقد غَلِطَ وقالَ : كأنَّه كانَ وَعدَه شَيئاً . قلتُ : ويَدُلُّ لهذهِ الرِّوايَةِ البَيْتُ الّذِي بَعْدَهُ وقدْ تقَدَّمَ
وقالَ ابنُ بَرِّيّ في قَوْلِ خُفَافٍ الّذِي أنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ مَوْدُوعٌ هُنا منَ الدَّعَةِ الّتِي هِيَ السُّكُونُ لا منَ التَّرْكِ كما ذكَرَ الجَوْهَرِيُّ أي : أنَّهُ جَرَى ولمْ يَجْهَدْ
وفي اللِّسانِ : وَدَعَهُ يَدَعُهُ : تَرَكَه وهي شاذَّةٌ وكلامُ العَرَبِ دَعْنِي وذَرْنِي ويَدَعُ ويَذَرُ ولا يَقُولونَ : وَدَعَتُك ولا وَذَرْتُكَ اسْتَغْنَوا عنْهَا بتَرْكْتُكَ والمَصْدَرُ فيهما : تَرْكاً ولا يُقَالُ : وَدْعاً ولا وَذْراً وحكاهُمَا بَعْضُهُم ولا وادِعٌ وقدْ جاءَ في بَيْت أنْشَدَهُ الفارِسِيُّ في البَصْرِيّاتِ :
فأيُّهُما ما أتْبَعَنَّ فإنَّنِي ... حَزِينٌ على تَرْكِ الّذِي أنا وادِعُ قالَ ابنُ بَرِّيّ : وقدْ جاءَ وادِعٌ في شِعْرِ مَعْنِ بنِ أوْسٍ :
عليهِ شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصَا ... يُسَاجِلُهَا حَمّاتِه وتُسَاجِلُهْ وأنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لسُوَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ يَصِفُ نَفْسَه :
فسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه ... ثُمَّ لمْ يُدْرِكْ ولا عَجْزاً وَدَعْ وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لآخر :
سَلْ أمِيرِي ما الّذِي غَيَّرَه ... عنْ وِصالِي اليَوْمَ حتى وَدَعَهْ وأنْشَدَ الحافِظُ بنُ حَجَرٍ في الفَتْحِ :
ونَحْنُ وَدَعْنَا آلَ عَمْرو بنِ عامِرٍ ... فَرَائِسَ أطْرَافِ المُثَقَّفَةِ السُّمْرِوقالوُا : لمْ يُدَعْ ولمْ يُذَرْ شاذٌّ والأعْرَفُ لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ وهو القِياسُ وقُرِئَ شاذّاً ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وما قَلَى أي ما تَرَكَكَ وهي قِرَاءَةُ عُرْوَةَ ومُقَاتِلٍ وقَرَأ أبو حَيْوَةَ وأبو البَرَهْسَمِ وابنُ أبي عَبْلَةَ ويَزِيدُ النَّحْوِيُّ والباقُونَ بالتَّشْدِيدِ والمَعْنَى فيهمَا واحِدٌ وهِيَ قِرَاءَتُه صلى الله عليه وسلم فيمَا رَوَى ابنُ عَبّاسٍ رضي الله عنهما عَنْهُ وجاءَ في الحديثِ : لَيَنْتَهِينَ أقْوَامٌ عنْ وَدْعِهِم الجُمُعاتِ أو ليَخْتِمَنَّ اللهُ على قُلُوبِهِم ثمَّ ليَكُونُنَّ من الغَافِلينَ رواهُ ابنُ عباسٍ أيْضاً وقالَ اللَّيثُ : العَرَبُ لا تَقُولُ : وَدَعْتُه فأنا وادِعٌ أي : تَرَكْتُه ولكنْ يَقُولونَ في الغابِرِ : يدَعُ وفي الأمْرِ دَعْه وفي النَّهْيِ لا تَدَعْهُ وأنْشَدَ :
وكانَ ما قَدَّمُوا لأنْفُسِهمْ ... أكْثَرَ نَفْعاً منَ الّذِي وَدَعُوا يَعْنِي تَرَكُوا وقالَ ابنُ جِنِّي : إنّمَا هذا على الضَّرُورَةِ لأنَّ الشّاعِرَ إذا اضْطُرَّ جازَ لَهُ أنْ يَنْطِقَ بما يُنْتِجُهُ القيَاسُ وإنْ لَمْ يُرِدْ بهِ سَماعٌ وأنْشَدَ قَوْلَ أبي الأسْوَدِ السّابِقَ قالَ : وعليْهِ قراءَةُ ما وَدَعَكَ لأنّ التَّرْكَ ضَرْبٌ من القِلَى قال : فهذا أحْسَنُ منْ أنْ يُعَلَّ باب اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأنَّ اسْتِعْمالَ وَدَعَ مراجَعَةُ أصْلٍ وإعْلالَ اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ ونَحْوِهِما منَ المُصَحَّحِ تَرْكُ أصْلٍ وبَيْنَ مُراجَعَةِ الأُصُولِ وتَرْكِهَا ما لا خَفَاءَ بهِ قال شَيْخُنَا عِنْدَ قَوْلهِ : وقدْ أُمِيتَ ماضِيهِ قلتُ : هي عِبَارَةُ أئِمَّةِ الصَّرْفِ قاطِبَةً وأكْثَرُ أهْلِ اللُّغَةِ ويُنَافِيه ما يَأْتِي بأثَرِهِ منْ وُقُوعِه في الشِّعْرِ ووُقُوعِ القَراءَةِ فإذا ثَبَتَ وُرُودُه ولو قَلِيلاً فكَيْفَ يُدَّعَى فيهِ الإماتَة ؟ قلت : وهذا بعَيْنِه نَصُّ اللَّيثِ فإنّه قالَ : وزَعَمَتِ النَّحْوِيَّةُ أنَّ العَرَبَ أماتُوا مَصْدَرَ يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوا عنْهُ بتَرْكٍ والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أفْصَحُ العَرَبِ وقد رُوِيَتْ عَنْهُ هذهِ الكَلِمَةُ قالَ ابنُ الأثِيرِ : وإنّمَا يُحْمَلُ قَوْلُهُم على قِلَّةِ استِعْمَالِهِ فهُوَ شاذٌّ في الاسْتِعْمَالِ صَحِيحٌ في القِيَاسِ وقد جاءَ في غَيْرِ حديثٍ حتى قُرِئَ بهِ قولُه تعالى : ما وَدَّعَكَ وهذا غايَةُ ما فَتَحَ السَّمِيعُ العَلِيمُ فتَبَصَّرْ وكُنْ منَ الشّاكِرِينَ
ووَدْعانُ : ع قُرْبَ يَنْبُعَ وأنْشَدَ اللَّيْثُ :
" ببيضِ وَدْعَانَ بَسَاطٌ سِيُّ ووَدْعانُ : عَلَمٌ
ووَدَعَ الثَّوْبَ بالثَّوْبِ كوَضَعَ فأنَا أدَعُه : صانَهُ عنِ الغُبَارِ قالَهُ ابنُ بُزُرْجَ
ومَوْدُوعٌ : عَلَمٌ وأيْضاً : اسْمُ فَرَس هَرِمِ بنِ ضَمْضَمٍ المُرِّيّ وكانَ هَرِمٌ قُتِلَ في حَرْب داحس وفيهِ تَقُولُ نائِحَتُه :
يا لَهْفَ نَفْسِي لَهْفَةَ المَفْجُوعِ ... ألا أرَى هَرِماً على مَوْدُوعِ
منْ أجْلِ سَيِّدِنا ومَصْرَعِ جَنْبِه ... عَلِقَ الفُؤادُ بحَنْظَلٍ مَصْدُوع وقالَ الكِسائِيّ : يُقَالُ : أوْدَعْتُه مالاً أي : دَفَعْتُه إليْهِ ليَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَه
قالَ : وأوْدَعْتُه أيْضاً أي : قَبِلْتُ ما أوْدَعَنِيهِ أي ما جَعَلَه وَدِيعَةً عِنْدِي ضِدٌّ هكذا جاءَ به الكِسَائِيِّ في بابِ الأضدادِ وأنْكَرَ الثانيَ شَمِرٌ وقالَ أبو حاتِمٍ : لا أعْرِفُهُ قالَ الأزْهَرِيُّ : إلا أنَّه حَكَى عن بَعْضِهِم : اسْتَودَعَنِي فُلانٌ بَعِيراً فأبَيْتُ أنْ أُودِعَهُ أي : أقْبَلَهُ قالَهُ ابنُ شُمَيْلٍ في كِتَابِ المَنْطِقِ والكِسَائِيُّ لا يَحْكِي عَنِ العَرَبِ شَيئاً إلا وقَدْ ضَبَطَهُ وحَفِظَهُ وأنْشَدَ :
" يا ابْنَ أبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ
" أوْدَعْتُكَ اللهُ الّذِي هُوَ حَسِبِييَهْ وتَوْدِيعُ الثَّوْبِ : أنْ تَجْعَلَه في صِوَانٍ يَصُونُهُ لا يَصِلُ إليهِ غُبَارٌ ولا رِيحٌ نَقَلَه الأزْهَرِيُّ
ورَجُلٌ مُتَّدِعٌ بالإدْغامِ : صاحِبُ دَعَةٍ ورَاحَةٍ كما في اللِّسانِأو مُتَّدِعٌ : يَشْكُو عُضْواً وسائِرُه صَحِيحٌ كما في المُحِيطِ
وفَرَسٌ مَوْدُوعٌ وَوَدِيعٌ ومُودَع كمُكْرَمٍ : ذُو دَعَةٍ وقدْ تقدَّمَ هذا بِعَيْنِهِ وذكَرَ هُنَاكَ أنَّ مُودعاً جاءَ على الأصْلِ مُخَالِفاً للقياسِ فإنَّ ماضِيَهُ وَدَّعَهُ تَوْدِيعاً : إذا رَفَّهَه ثمَّ هذا الّذِي ذَكَرَهُ تَكْرارٌ معَ ما سَبَقَ له فتأمَّلْ
واتَّدَعَ بالإدْغامِ تُدْعَةً وتُدَعَةً وَدَعَةً تقارَّ قالَ سُوَيْدٌ اليَشْكُرِيُّ يَصِفُ ثَوْراً وَحْشِياً :
ثمَّ وَلّى وجِنَابانِ لَه ... منْ غُبَارٍ أكْدَرِيٍّ واتَّدَعْ والوَدْعُ بالفَتْحِ : القَبْرُ أو الحَظِيرَةُ حَوْلَه و الّذِي حكاهُ ابنُ الأعْرَابِيّ عن المَسْرُوحِيِّ أنّ الوَدْعَ : حائِرٌ يُحَاطُ عليهِ حائِطٌ يَدْفِنُ فيهِ القَوْمُ مَوْتاهُم وأنْشَدَ :
" لعَمْرِي لقَدْ أوْفَى ابنُ عَوْفٍ عَشِيَّةًعلى ظَهْرِ وَدْعٍ أتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُه
" وفي الوَدْعِ لوْ يَدْرِي ابْنُ عَوْفٍ عَشِيَّةًغِنَى الدَّهْرِ أو حَتْفٌ لمَنْ هُوَ طالِعُهْ ولهذينِ البَيْتَيْنِ قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ نَقَلها المَسْرُوحِيُّ تقدَّمَ ذِكْرُها في جمهر وجَمْعُ الوَدْعِ وُدُوعٌ عن المسروحِيِّ أيْضاً
والوَدْعُ : اليَرْبُوعُ ويُحَرَّكُ كِلاهُمَا في المُحِيطِ وفي اللِّسانِ كالأوْدَعِ وهذا عن الجَوْهَرِيِّ قال : هُوَ من أسْمَائِهِ
واسْتَوْدَعْتُه وَدِيعَةً : اسْتْحَفَظْتُه إيّاهَا قالَ الشّاعِرُ :
استُودِعَ العِلْمَ قِرْطَاسٌ فَضَيَّعَهُ ... فَبِئسَ مُسْتَوْدَعُ العِلْمِ القَرَاطِيسُ كما في الصِّحاحِ وفي اللِّسانِ : اسْتَوْدَعَهُ مالاً وأوْدَعَهُ إيّاهُ : دَفَعَهُ إليْه ليَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً وأنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ :
حتى إذا ضَرَبَ القُسُوسُ عَصَاهُمُ ... ودَنَا من المُتَنَسِّكِينَ رُكُوعُ
أوْدَعْتَنا أشْيَاءَ واسْتَوْدَعْتَنَا ... أشْيَاءَ لَيْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ والمُسْتَوْدَعُ على صِيغَةِ المَفْعُولِ في شِعْرِ سَيِّدِنا أبي عبدِ اللهِ العَبّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ يمْدَحُه صلى الله عليه وسلم :
منْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ هُوَ المَكَانُ الّذِي تُجْعَلُ فيهِ الوَدِيعَةُ وأرادَ بهِ المَكَان الّذِي جُعِلَ فيهِ آدَمُ وحَوّاءُ عَلَيْهِما السَّلامُ منَ الجَنَّةِ واسْتُودَعاهُ وقولُه : يُخْصَفُ الوَرَقُ عَنَى بهِ قَوْلَه تعالى : وطَفِقَا يَخْصِفانِ عليهِمَا منْ وَرَقِ الجَنَّةِ وقَوْلُ ذي الرُّمَّةِ :
كأنَّهَا أُمُّ ساجِي الطَّرْفِ أخْدَرَهَا ... مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْسَاءِ مَرْخُومُ أي تُوارِي وَلَدَ هذه الظَّبْيَةِ الخَمَرُ وقَوْلُ عَبْدَةَ بنِ الطَّبِيبِ العَبْشَمِيّ :
إنَّ الحَوَادِثَ يَخْتَرِمْنَ وإنَّمَا ... عُمْرُ الفَتَى في أهْلِه مُسْتَوْدَعُ أي وَدِيعَةُ يُسْتعادُ ويُسْتَرَدُ
أو المُسْتَوْدَعُ : الرَّحِمُ وقوْلُه تعالى : فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ المُسْتَوْدَعُ : ما في الأرْحَامِ وقرَأ ابنُ كَثِيرٍ وأبو عَمْروٍ : فمُسْتَقِرٌّ بكسرِ القافِ وقَرَأ الكُوفِيُّونَ ونافِعٌ وابنُ عامِرٍ بالفَتْحِ وكُلُّهُم قالُوا : فمُسْتَقَرٌّ في الرَّحِمِ ومُسْتَوْدَعٌ في صُلْبِ الأبِ رُوِيَ ذلكَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ ومُجَاهِدٍ والضَّحّاكِ ومنْ قَرَأَ بكَسْرِ القافِ قالَ : مُسْتَقِرٌّ في الأحْيَاءِ ومُسْتَوْدَعٌ في الثَّرَى
ووادَعَهُمْ مُوادَعَةً : صالحَهُم وسالَمَهُمْ على تَرْكِ الحَرْبِ والأذَى وأصْلُ المُوَادَعَةِ : المُتَارَكَةُ أي : يَدَعُ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمَا ما هُوَ فيهِ ومنْهُ الحديثُ : كانَ كَعْبٌ القُرَظِيُّ مُوَادِعاً لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
وتَوَادَعَا : تَصَالحَا وأعْطَى كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمْ : الآخَرَ عَهْداً ألا يَغْزُوه قالَهُ الأزْهَريُّ
وتَوَدَّعه : صانَهُ في مِيدَعٍ أي صِوانٍ عن الغُبَارِ وأنْشَدَ شَمِرٌ قولَ عُبَيْدٍ الرّاعِي :وتَلْقَى جارَنَا يُثْنِي عَلَيْنَا ... إذا ما حانَ يَوْماً أن يَبِينَا
ثَناءً تُشْرِقُ الأحْسَابُ مِنْهُ ... بهِ نَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونَا أي نَقِيهِ ونَصُونُه وقيلَ : أي نُقِرُّه على صَوْنِه وادِعاً
وتَوَدَّعَ فلانٌ فُلاناً : ابْتَذلَهُ في حاجَتِهِ وكذلكَ تَوَدَّعَ ثِيابَ صَوْنِه : إذا ابْتَذَلَها فكأنَّهُ ضِدٌّ
ويُقَالُ : تُوُدِّعَ مني مَجْهُولاً ' أي : سُلِّمَ عليَّ كذا في نَوَادِرِ الأعْرابِ
وقوْلُه صلى الله عليه وسلم : إذا رَأْيتَ أُمَّتِي تَهابُ الظّالِمَ أنْ تَقُولَ : إنَّكَ ظالمٌ فقَدْ تُوُدِّعَ منْهُم أي اسْتُرِيحَ منْهُم وخُذِلُوا وخُلِّيَ بَيْنَهُم وبَيْنَ ما يَرْتَكِبُونَ منَ المَعاصِي حتى يُكْثِرُوا منْهَا ولم يُهْدَوا لرُشْدِهِمْ حتى يَسْتَوْجِبُوا العُقُوبَةَ فيُعاقِبُهُم اللهُ تعالى وهُوَ منَ المجازِ لأنَّ المُعْتَنِيَ بإصْلاحِ شَأْنِ الرَّجُلِ إذا يَئسَ منْ صَلاحِهِ تَرَكَه واسْتَراحَ منْ مُعاناةِ النَّصَبِ مَعَه ومنْهُ الحديثُ الآخَرُ : إذا لَمْ يُنْكِرِ النّاسُ المُنْكَرَ فقدْ تُوُدِّعَ منْهُم وفي حديثِ عليٍّ رضي الله عنه : إذا مَشَتْ هذهِ الأُمَّةُ السُّمَّيْهَي فقدْ تُوُدِّعَ منْهَا أو مَعْناه : صارُوا بحَيْثُ تُحُفِّظَ منْهُم وتُوُقِّيَ وتُصُوِّنَ كما يُتَوَقَّى منْ شِرارِ النّاسِ ويُتَحَفَّظُ منْهُم مَأْخُوذٌ منْ قَوْلِهِم : تَوَدَّعْتُ الشَّيءَ : إذا صُنْتَهُ في مِيدَعٍ
وممّا يستدْرَكُ عليهِ : وَدَّعَ صَبِيَّهُ تَوْديعاً : وَضَعَ في عُنُقِهِ الوَدَعَ
والكَلْبَ : قَلَّدَه الوَدَعَ نَقَلَه ابنُ بَرِّيّ وقالَ الشّاعِرُ : يُوَدِّعُ بالأمْرَاسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ منَ المُطْعِماتِ اللَّحْمِ غَيْرِ الشّواحِنِ أي : يُقَلِّدُهَا وَدَعَ الأمْراسِ
وذو الوَدْعِ : الصَّبِيُّ لأنّه يُقَلَّدُهَا ما دامَ صَغِيراً قالَ جَمِيلٌ :
ألمْ تَعْلَمِي يا أُمَّ ذِي الوَدْعِ أنَّنِي ... أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ وأنْتِ صَلُودُ وفي الحديثِ : منْ تَعلَّقَ وَدْعَةً لا وَدَعَ اللهُ لَهُ أي : لا جَعَلَهُ في دَعَةٍ وسُكُونٍ وهُوَ لَفْظٌ مَبْنِيٌ منَ الوَدَعَة أي : لا خَفَّفَ اللهُ عنْهُ ما يَخَافُه
وهُوَ يَمْرُدُنِي الوَدْع ويَمْرُثُني أي : يَخْدَعُنِي كما يُخْدَعُ الصَّبِيُّ بالوَدْعِ فيُخَلَّى يَمْرُثُها ويُقَالُ للأحْمَقِ : هُوَ يَمْرُدُ الوَدْعَ يُشَبَّهُ بالصَّبِيِّ
وفَرَسٌ مُوَدَّعٌ كمُعَظَّمٍ : مَصُونٌ مُرَفَّهٌ
ودِرْعٌ مُوَدَّعٌ : مَصُونٌ في الصِّوانِ
والوَدِيعُ : الرَّجُلُ السّاكِنُ الهَادئُ ذُو التُّدْعَةِ
وتَوَدَّعَهُ : أقَرَّهُ على صَوْنِهِ وادِعاً وبهِ فُسِّرَ قَوْلُ الرّاعِي وقدْ تقَدَّمَ
وتَوَدَّعَ الرَّجُلُ : اتَّدَعَ فهُوَ مُتَوَدِّعٌ والدَّعَةُ منْ وَقارِ الرَّجُلِ الوَدِيعِ وإذا أمَرْتَ الرَّجُلَ بالسَّكِينَةِ والوَقَارِ قلتَ : تَوَدَّعْ واتَّدِعْ
وأوْدَعَ الثَّوْبَ : صانَهُ
والمِيدَاعَةُ : الرَّجُلُ الّذِي يُحِبُّ الدَّعَةَ قالَهُ الفَرّاءُ
وإيتَدَعَ بنَفْسِه : صارَ إلى الدَّعَةِ كاتَّدَعَ على القَلْبِ والإدْغامِ والإظْهَارِ
والمُوَادَعَةُ : الدَّعَةُ والتَّرْكُ فمِنَ الأوَّلِ : قَوْلُ الشّاعِرِ :
فهاجَ جوَىً في القَلْبِ ضُمِّنَهُ الهَوَى ... ببَيْنُونَةٍ يَنْأى بها منْ يُوَادِعُ ومنَ الثّانِي : قَوْلُ ابنِ مُفَرِّغٍ :
" دَعيني منَ اللَّوْمِ بَعْضَ الدَّعَهْ ويُقَالُ : وَدَعْتُ بالتَّخْفِيفِ فوَدَعَ بمَعْنَى وَدَّعْتُ تَوْدِيعاً وأنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ :
وسِرْتُ المَطِيَّةَ مَوْدُوعَةً ... تُضَحِّي رُوَيْداً وتَمْشِي زَرِيفَا وتَوَدَّعَ القَوْمُ وتَوادَعُوا : وَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً
وقالَ الأزْهَرِيُّ : تُوُدِّعَ منْهُم أي : سُلِّمَ عَلَيْهِمْ للتَّوْدِيعِ
ووَدَّعْتُ فُلاناً : أي : هَجَرْتُه حَكاهُ شَمِرٌ
ونَاقَةٌ مُوَدَّعَةٌ : لا تُرْكَبُ ولا تُحْلَبُ
وقَوْلُ الشّاعِرِ : أنْشَدَهُ ابنُ الأعْرَابِيّ :
" إنْ سَرَّكَ الرِّيُّ قُبَيْلَ النّاسِ" فوَدِّعِ الغَرْبَ بوَهْمٍ شاسِ أي : اجْعَلْهُ وَدِيعَةً لهذا الجَمَلِ أي : ألْزِمْهُ الغَرْبَ
وقالَ قَتَادَةُ في مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : وَدعْ أذاهُمْ أي : اصْبِرْ على أذاهُمْ وقالَ مُجَاهِدٌ : أي : أعْرِضْ عَنْهُمْ
والوَدْعُ بالفَتْحِ : غَرَضٌ يُرْمَى فيهِ
واسْمُ صَنَمٍ
والوَدِيعُ : المَقْبَرَةُ عن أبي عَمْروٍ
ومُرَجّى بن وَدَاع كسَحَابٍ : مُحَدِّثٌ
وأحْمَدُ بنُ عَليٍّ بنِ دَاوُدَ بنِ وُدَيْعَةَ كجُهَيْنَةَ : شَيْخٌ لابْنِ نُقْطَةَ
وعَلاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ المُظَفَّرِ الوَدَاعِيُّ الأدِيبُ المَشْهُورُ قالَ الحافِظُ : حَدَّثُونا عَنْهُ
ومن المَجَازِ : أوْدَعْتُه سِرّاً وأوْدَعَ الوِعَاءَ مَتاعَهُ
وأوْدَع كِتابَهُ كذا وأوْدَعَ كَلامَهُ مَعْنىً حَسَناً
وسَقَطَتِ الوَدَائِعُ يَعْنِي : الأمْطَارَ لأنَّهَا قَدْ أُودِعَتِ السَّحَابَ
ووادِعٌ : صحَابِيٌّ رَوَتْ عَنْهُ بِنْتُه أُمُّ أبان أخْرَجَهُ ابنُ قانِعٍ