الفَلحُ محرّكَةً والفَلاحُ : الفَوْزُ بما يُغْتبَط به وفيه صَلاحُ الحال . والنَّجاةُ والبَقاءُ في النّعيم والخَيرِ . وفي حديث أَبى الدّحداح بشَّرك اللّهُ بخَير وفَلَحٍ أَي بَقَاءِ وفَوْزٍ وهو مقصورٌ من الفَلاح وقولهم : لا أَفْعَلُ ذلك فَلاحَ الدّهْرِ أَي بقاءَه . وقال الشاعر :
" ولكنْ ليَس في الدُّنْيَا فَلاَحُ أَي بقاءٌ وفي التهذيب عن ابن السِّكّيت : الفَلَحُ والفَلاحُ : البقاءُ قال الأَعشي :
ولئن كنّا كقَوْمٍ هَلَكوا ... ما لِحَيٍّ يا لَقَومٍ مِنْ فَلَحْ وقال عَديّ :
ثمَّ بعدَ الفَلاَحِ والرُّشْدِ والإِ ... مَّةِ وَارَتْهُم هُنَاكَ القُبورُ وقال الأَضبطُ بن قُرَيعٍ السَّعْديّ :
لكلِّ هَمٍّ من الهُمُومِ سَعَهْ ... والمُسْيُ والصُّبْحُ لا فَلاَحَ معَه
يقول : ليس مع كرِّ اللّيلِ والنّهَارِ بقاءٌ . وفي حديث الأَذان : حَيَّ على الفَلاَح يعني هَلُمَّ على بَقاءِ الخَير . وقيل : أَسْرِعْ إِلى الفَوزِ بالبقاءِ الدّائمِ . وقال ابنُ الأَثير : وهو مِن أَفلَحَ كَالنَّجاح من أَنجَحَ أَي هَلُمُّوا إِلى سَببِ البقاءِ في الجَنّة والفَوْزِ بها وهو الصّلاة في الجَمَاعَة . قلت : فليس في كلام العرب كلِّه أَجمعُ من لفظَةِ الفلاحِ لخيرَيِ الدُّنيا والآخرة كما قاله أَئمّةُ اللِّسَان . و في الحديث صَلَّينا معَ رَسُول اللّه صلَّى اللّه عليه وسلّم حتَّى خَشِينَا أَن يَفُوتَنا الفَلاحُ أَي السَّحورُ كالفَلَح ؛ لبقاءِ غَنَائِه . وعبارة الأَساس والصّحاح : لأَنّ به بقاءَ الصَّوم وأَصلُ الفَلاحِ البَقَاءُ . والفَلْح : الشَّقُّ والقَطْع . قال شيخنا : الفَلْحُ وما يُشاركه كَالفَلْق والفلْد والفَلْذِ ونحو ذلك يَدُلُّ على الشَّقّ والفَتْح كما في الكشّاف وصَرحَ به الرّاغبُ وغيره . وهو بناءً على ما عليه قُدماءُ أَهلِ اللُّغَة من أَنّ المشاركة في أَكثرِ الحروف اشتقاقٌ يدور عليه معنَى المادّةِ فيتّحد أَصلُ مَعناهَا ويتغايَرُ في بَعْض الوُجوه كما هو صَنيعُ صَاحبِ التهذيب والعَيْن وغيرهما . انتهَى المقصود منه . وفَلَحَ رَأْسَه فَلْحاً : شَقَّه . والفَلْح : المَكْر كالتفليح ويأْتى قريباً . و الفَلْح : النَّجْشُ في البَيْع وقد فَلَحَ به وذلك أَن يَطْئنّ إِليك فيقول لك بِعْ ليِ عَبْداً أَو مَتاعاً أَو اشْتره لي فتأْتي التجارَ فتَشتريه بالغَلاءِ وتَبيع بالوَكْس وتُصيب من التاجر . وهو الفَلاَّح . وفي التهذيب : والفَلْح النَّجْشُ وهو زيادة المكْتَرِى ليَزيدَ غيرُه فيَغُرَّ به كالفَلاَحة بالفتح . وفِعلُ الكلِّ فَلَحَ كمَنَع يفلَح فَلْحاً . والفَلَحُ محرّكةَ : شَقٌّ في الشِّفةِ . وقد فَلحها يَفلَحها فَلْحاً شَقَّهَا واسم ذلك الشَّقِّ الفَلَحةُ مثل القَطَعة . وقيل : الفَلَحُ : شَقٌّ في وَسطها دون العَلَم . وقيل هو تَشقُّقٌ في الشَّفةِ واسترخاءٌ وضِخَم كما يُصِيب شِفَاهَ الزِّنْج رَجُلٌ أَفْلحُ وامرأَةٌ فلْحاءُ . وفي التهذيب : الفَلَح : شَقٌّ في الشَّفة السُّفْلَى فإِذا كَان في العُلْيَا فهو عَلَمٌ . والفَلاَّح : المَلاّح وهو الذي يَخدُمُ السُّفنَ . وَفَلحَ الأَرْضَ للزِّراعة يَفْلَحها فَلْحاً إِذا شَقَّها للحَرْث . و الفَلاّح : الأَكَّار لأَنّه يَفلَحُ الأَرْضَ أَي يَشقُّها وحرْفتُه الفِلاَحة . وفي الأَساس : وأَحْسَبُك من فَلاَّحَة اليمن وهم الأَكَرَة لأَنّهم يَفلحون الأَرضَ أَي يَشقّونها . و الفَلاّح : المُكَارِى تشبيهاً بالأَكّار ومنه قولُ عَمْرِو بِن أَحمرَ الباهلّي :
لهَا رِطْلٌ تكيِلُ الزَّيتَ فيه ... وفَلاَّحٌ يَسوقُ لها حِمَارَا كذا في التهذيب . وقال اللّه تعالى " قدْ أَفلَحَ المؤمنون " أَي أُصِيرُوا إِلى الفَلاَح . قال الأَزهرِيّ : وإِنَّمَا قيل لأَهل الجَنّةِ مُفْلِحُونَ لفَوْزِهم ببَقاءِ الأَبدِ . وقال أَبو إِسحاق في قوله عزّ وجلّ " أُولئك هم المفلحون " يُقَال لكلّ مَن أَصابَ خَيْراً مُفلِحٌ . وقول عَبِيد :
أَفْلِحْ بما شِئْتَ فقد يُبلَغ با ... لنَّوْكِ وقد يُخَدَّعُ الأَريُب معناه فُزْ وَاظْفَرْ . وفي التَّهْذِيبُ : يقول عِشْ بما شِئْتَ من عَقْلٍ وحُمْق فَقد يُرْزَق الأَحمقُ ويُحرَمُ العاقلُ . وقال اللّيْث في قوله تعالى : " وقد أَفْلَحَ اليَوْمَ مَنِ اسْتَعلَى أَي ظَفِرَ بِالْمُلْكِ مَن غَلَبَ . وأَفلَحَ بالشَّيْءِ : عاشَ به . قال شيخنا : المعروف أَنّه رباعيّ لازم وقرأَ طَلْحة بن مُصَرّف ؛ وعَمْرو بن عُبيد " قد أُفلِحَ المؤمنون " بالبناءِ للمفعول حكاه الشيخ أَبو حَيّان في البحر ونقله في العناية وبَسَطه . والتَّفليح : الاستهزاءُ والمَكْرُ وقد فَلّحَ بهم تَفليحاً : مَكَرَ وقال غيرَ الحَقِّ . وقال أَعرابيّ : قد فلَّحوا به أَي مَكُروا . وقال ابن سِيده : الفَلَحةُ محرّكةً : القَرَاحُ من الأَرضِ الذي اشتُقَّ للزَّرْع عن أَبي حنيفة وأَنشد لحسّان :
دَعُوا فَلَحَات الشّام قد حَالَ دُونَهَا ... طِعَانٌ كَأَفَواهِ المَخَاضِ الأَوراكِيَعْنِي المَزارِعَ . ومن رواه : فَلَجات الشأْم بالجيم فمعناه ما اشتُقّ من الأَرض للدِّبار كلّ ذلك قَولُ أَبي حنيفة كذا في اللسان . والفَلِيحة : سَنفَةُ المَرْخِ إِذا انشقَّت ويروَى بالجيم وقد تقدّم . ومن أَلفاظ الجاهلّية في الطّلاق قَال شيخنا : أَي الدّالّة عليه بالكنايَة . لأَنّه لاَ يَلزم معَه إِلاّ بمقارنَة النِّيَّة كما عرف في الفروع - : استَفْلِحِي بأَمْرِكِ أَي فُوزي به . وفي حديث ابن مسعود أَنّه قال : إِذا قال الرجلُ لامرأتهِ استفلِحِي بأَمرِك فَقَبِلَتْه فواحدةٌ بائنة . قال أَبو عُبَيْدة : معناه اظفَرِي بأَمرِك واسْتَبِدِّي بأَمرك . قال شيخنا : وهو مَرْوِيٌ بالجيم أَيضاً . وقد تقدّمت الإِشارة في مَحلّه وبالوَجْهَيْن ضَبَطَه البَيْضَاويّ تَبَعاَ للزَّمَخْشَرِيّ عند قوله تعالى " أُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون " . والفَلاَحَة بالفتح وضبطَه صاحب اللسان بالكسر : الحِرَاثة وهي حِرْفَة الأَكَّار . ويقال : فُلانٌ في رِجْلِه فُلُوحٌ بالضّمّ أَي شُقُوقٌ من البَرد . ويُروَى بالجيم أَيضاً . والفَلْحُ : الشَّقّ والقَطْع . قال الشاعر :
قد عَلِمَتْ خَيْلُكَ أَنَّى الصَّحْصَحُ ... إِنَّ الحَدِيدَ بالحَدِيدَ يُفْلَحُ أَي يُشَقُّ ويُقْطَع . وأَورَد الأَزهريُّ هذا البيتَ شاهداً مع فَلَحْت الحَديدَ إِذا قَطَعْته . ومُفْلِح : كمحْسِن وكَسَحَاب وزُبَيرٍ وأَحْمَدَ أَسماءٌ . ومما يُستدرك عليه : قَومٌ أَفلاحٌ : فائزُون قال ابن سيده : لا أَعرفُ له واحداً . وأَنشد :
بَادوا فلم تَكُ أُولاهُمْ كآخِرِهِمْ ... وهَلْ يُثَمَّرُ أَفلاحٌ بأَفْلاحِ أَي قَلَّمَا يُعْقِبُ السَّلفُ الصالحُ إِلا الخَلَفَ الصّالِحَ . وفي الحديث " كلُّ قَومٍ على مَفْلَحةٍ من أَنفُسِهِم " وهي مَفعَلَة من الفَلَاح وهو مثْل قوله تعالى : " كلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " . والفَلَحَة محرّكةً : مَوضِعُ الفَلَح وهو الشَّقُّ في الشَّفَة السُّفلَى . وفي حديث كعْبٍ : " المرأَةُ إِذا غابَ عنها زَوْجُهَا تَفَلَّحَتْ وتنكَّبَتِ الزِّينة " أَي تَشقَّقتْ وتَقَشَّفَت . قال ابن الأَثير : قال الخَطّابيّ : أُراه تَقَلَّحَت بالقاف من القَلَح وهو الصُّفرة التّي تَعلو الأَسنان . وكان عنترةُ العَبْسيّ يُلَقَب الفَلحاءَ لفَلَحَة كانت به وإِنما ذَهبوا إلى تأْنِيث الشَّفة قال شُرَيحُ بنُ بُجَيرِ بنِ أَسْعَدَ التَّغلبيّ :
ولوْ أَنّ قَوْمِي قَوْمُ سَوْءِ أَذلةٌ ... لأَخْرَجَني عَوْفُ بنُ عَوْفٍ وعِصْيَدُ
وعَنْتَرَةُ الفلْحَاءُ جاءَ مُلأَمّاً ... كأَنّهُ فِنْدٌ مِنْ عَمَايةَ أَسودُ أَنَّثَ الصِّفَة لتأْنِيثِ الاسم . قال الشَّيخ ابن بَرّيّ : كان شُرَيْح قال هذه القَصِيدةَ بسَبب حرْبٍ كانت بينه وبين بني مُرّةَ بنِ فَزارة وَعَبْس . والفِنْدُ القِطْعة العظيمةُ الشَّخْصِ من الجَبل . وعَمَايةُ : جَبلٌ عظيمٌ . والمُلأَمُ : الذي قد لبِسَ لأْمَته وهي الدِّرْعُ . قال : وذكَرَ النحويّون أَن تأْنيث الفَلحاءِ إِتباعٌ لتأْنيث لفْظ عنترَةَ . قال ابن منظور : ورأَيْتُ في بعض حواشي نُسخ الأُصول الّتي نَقلْت منها ما صُورته : في الجمهرة لابن دريدٍ . عِصْيدٌ لقبُ حِصْنِ بن حُذَيفةَ أَو عُيينةَ بنِ حِصْن ورجلٌ مُتفلِّحُ الشَّفَةِ واليَدينِ والقَدَمَينِ : أَصابَه فيها تَشقُّقٌ من البَردِ . والفَيْلحَانيُّ : تِينٌ أَسودُ يَلِي الطُّبَّارَ في الكِبَر وهو يَتقلَّع إِذا بَلغَ شديدُ السّوادِ حكاه أَبو حنيفة . قال : وهو جَيِّدُ الزبيبِ يعنى بالزَّبيب يابسَه