لَعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بخُلَّةِ آثِمٍ ... ولا نَأْنَإٍ عندَ الحِفاظِ ولا حَصِرْ ن ب أ
النَّبَأُ محرَّكَةً الخَبَرُ وهما مترادفانِ وفرَّق بينهما بعضٌ وقال الراغبُ : النَّبَأُ : خَبَرٌ ذو فائدةٍ عظيمةٍ يحصلُ به عِلْمٌ أَو غَلَبَة ظَنٍّ ولا يُقال للخبر في الأَصلِ نَبَأٌ حتَّى يتضمَّنَ هذه الأَشياءَ الثلاثة ويكون صادِقاً وحقُّه أَن يتعَرَّى عن الكذب كالمُتواتِر وخَبَرِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ولتَضَمُّنِه معنى الخَبَرِ يقال : أَنْبَأْتُه بكذا ولتضمُّنه معنى العِلْمِ يقال : أَنْبَأْته كذا . قال : وقوله تعالى : " إنْ جاءَكم فاسِقٌ بِنَبَإٍ " الآية فيه تَنْبيه على أنَّ الخبرَ إذا كانَ شَيئاً عَظيماً فحقُّه أن يُتَوَقَّفَ فيه وإن عُلِمَ وغَلَبَ صِحَّته على الظنِّ حتَّى يُعادَ النَّظَرُ فيه ويتبيَّن فضلَ تَبَيُّنٍ يقال نَبَّأْته وأَنْبَأْته ج أَنباءٌ كخَبَرٍ وأَخبارٍ وقد أَنْباهُ إيَّاه إذا تضمَّن معنى العِلْم وأَنبَأَ به إذا تضمَّن معنى الخبر أَي أَخبَره كَنَبَّأَهُ مشدَّداً وحكى سيبويه : أنا أَنْبُؤُك على الاتباع . ونقل شيخُنا عن السَّمين في إعرابه قال : أَنْبَأَ ونَبَّأَ وأَخبَرَ متى ضُمِّنتْ معنى العِلم عُدِّيَت لثلاثةٍ وهي نهاية التَّعَدِّي وأَعلمته بكذا مُضَمَّنٌ معنى الإحاطة قيل : نَبَّأْتُه أَبلغ من أَنْبَأْتُه قال تعالى : " مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قال نَبَّأَني العَليمُ الخَبيرُ " لم يقل أَنْبَأَني بل عَدَل إلى نَبَّأَ الَّذي هو أَبلغُ تنْبيهاً على تحقيقِه وكونِه من قِبَلِ الله تعالى . قاله الراغب . واسْتَنْبَأَ النَّبأَ : بحث عنه ونابَأَه ونابَأْتُه أَنبؤة وأَنْبَأْته أَي أَنْبَأَ كلٌّ منهما صاحِبَه قال ذو الرّمَّة يهجو قوماً :
زُرْقُ العُيونِ إذا جاوَرْتَهُمْ سَرَقوا ... ما يَسْرِقُ العبدُ أَو نَابَأْتَهُمْ كَذَبوا
والنَّبيءُ بالهمز مكِّيَّة فَعيلٌ بمعنى مُفْعِل كذا قاله ابنُ بَرِّيّ هو المُخْبِرُ عن الله تعالى فإنَّ الله تعالى أَخبره بتوحيده وأَطلَعَه على غَيْبه وأَعلمه أنَّه نبيُّه . وقال الشيخ السنوسي في شرحِ كُبراه : النَّبيءُ بالهمز من النَّبَإِ أَي الخبر لأَنَّه أَنْبَأَ عن الله أَي أَخبر قال : ويجوز فيه تحقيق الهمز وتَخْفيفه يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ . قال سيبويه : ليس أحدٌ من العرب إِلاَّ ويقول تنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ بالهمز غير أَنهم تَرَكوا في الهمز النَّبِيَّ كما تَرَكوه في الذُّرِّيَّة واليَرية والخابِيَة إِلاَّ أَهل مكَّة فإنَّهم يهمزون هذه الأحرف ولا يَهْمزون في غيرها ويُخالفون العربَ في ذلك قال : والهمز في النَّبيّ لغةٌ رَديئة أَي لقلَّة استعمالها لا لكَوْنِ القياس يَمنع ذلك وتَرْكُ الهمزِ هو المُخْتارُ عند العرب سوى أَهلِ مكَّة ومن ذلك حديث البَراء : قلتُ : ورسولِك الَّذي أَرسَلْتَ فردَّ عليَّ وقال : ونَبِيِّكَ الَّذي أَرسَلْتَ قال ابن الأَثير وإنَّما ردَّ عليه ليختلِفَ اللفظانِ ويَجْمَع له الثَّناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ويكون تَعْديداً للنِّعمة في الحالَتينِ وتعظيماً للمِنَّة على الوجهين . والرسولُ أخصُّ من النَّبِيِّ لأنَّ كلَّ رسولٍ نَبِيٌّ وليس كلُّ نَبِيٍّ رسولاً ج أَنبياءُ قال الجوهريّ : لأنَّ الهمز لما أُبدِل وأُلزِم الإبدال جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرفُ العلَّة كعيدٍ وأَعياد كما يأتي في المعتلّ ونُبَآءُ ككُرَماءَ وأَنشد الجوهري للعبَّاس بن مِرْداسٍ السُّلَمِيُّ رضي الله عنه :
يا خاتَم النُّبَآءِ إنَّكَ مُرْسَلٌ ... بالخَيْرِ كلُّ هُدَى السَّبيلِ هُدَاكا
إنَّ الإلهَ بَنى عَلَيْكَ محَبَّةً ... في خَلْقِه ومُحَمَّداً سَمَّاكَا وأَنْباءٌ كشهيدٍ وأَشْهادٍ قال شيخنا وخُرِّجتْ عليه آياتٌ مَبْحوثٌ فيها والنَّبيئونَ جمع سَلامةٍ قال الزَّجاج القراءةُ المُجْمَع عليها في النَّبيِّينَ والأَنْبِياءِ طرحُ الهَمْزِ وقد همز جماعةٌ من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا واشتقاقُه من نَبأَ وأَنبأَ أَي أَخبر قال : والأَجودُ تَرْكُ الهمز انتهى . والاسمُ النُّبُوءةُ بالهمز وقد يُسَهَّل وقد يُبْدَل واواً ويُدغم فيها قال الراغب : النُّبُوَّةُ : سِفارةٌ بين الله عزَّ وجلَّ وبين ذَوي العُقول الزَّكيَّةَ لإزاحةِ علَلِها . وتَنَبَّأَ بالهمز على الاتفاق ويقال تَنَبَّى إذا ادَّعاها أَي النُّبُوَّةَ كما تَنَبَّى مُسيلِمةُ الكذَّاب وغيرُه من الدجَّالين قال الراغب : وكان من حَقّ لفظه في وضْع اللغةِ أن يَصِحَّ استعمالُه في النَّبيءِ إذا هو مُطاوع نَبَّأَ كقوله زَيَّنَه فتَزَيَّنَ وحَلاَّه فتَحَلَّى وجَمَّله فتَجَمَّل لكن لمَّا تُعُورفَ فيمن يدَّعي النبُوَّة كَذِباً جُنِّبَ استعماله في المُحِقِّ ولم يُستعمل إِلاَّ في المُتَقَوِّلِ في دَعْواهُ . ومنه المُتَنَبِّئُ أبو الطَّيِّبِ الشاعر أحمدُ بن الحُسين بن عبد الصمد الجُعْفِيّ الكِنْدِيّ وقيل مولاهم أَصلُه من الكوفة خَرَج إلى بَني كَلْب ابن وَبرَة من قُضاعة بأَرض السَّماوَة وتبعه خَلْقٌ كثيرٌ ووضع لهم أَكاذيبَ وادَّعى أوَّلاً أنَّه حَسَنِيُّ النسب ثمَّ ادَّعى النُّبُوَّة فشُهِدَ بالضم عليه بالشأْم يعني دِمَشْقَ وحُبِس دَهراً بحِمْصَ حينَ أَسرَه الأمير لُؤلُؤٌ نائب الإخشيد بها وفرَّق أصحابَه وادَّعى عليه بما زعمه فأَنكر ثمَّ اسْتُتيبَ وكذَّب نَفسه وأُطْلِقَ من الحَبْس وطَلَب الشِّعْرَ فقاله وأَجاد وفاقَ أَهلَ عصرِهِ واتَّصل بسَيْفِ الدَّولَةِ بن حَمْدانَ فمدَحه وسار إلى عَضُد الدَّولة بفارِس فمدحه ثمَّ عاد إلى بغدادَ فقُتِلَ في الطَّريق بقُرْبِ النّعمانيَّة سنة 354 في قصَّةٍ طويلةٍ مَذكورة في محلّها وقيل : إنَّما لُقِّبَ به لقوَّة فَصاحته وشدَّةِ بلاغته وكَمالِ مَعرفته ولذا قيل :
لم يرَ النَّاسُ ثانِيَ المُتَنَبِّي ... أَيُّ ثانٍ يُرَى لبِكْر الزَّمانِ
هو في شِعرِهِ نَبِيٌّ ولكنْ ... ظَهَرَتْ مُعْجِزاتُه في المَعانيوكانوا يسمُّونه حَكيمَ الشعراءِ والذي قرأْتُ في شرحِ الواحدي نقلاً عن ابن جنِّي إنَّما لُقِّب بقوله :
أَنا في أُمَّةٍ تَدَارَكَها اللهُ ... غَريبٌ كصالِحٍ في ثَمودِ ونَبَأَ كمَنع ونُبوءاً : ارتفع قال الفرَّاء : النَّبيُّ هو من أَنبَأَ عن الله فتُرِك همزُه قال : وإن أُخِذَت من النُّبُوَّة والنَّباوَة وهي الارتفاع عن الأرض أَي أنَّه أشرف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز . ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبوءاً : هجَم وطَلَعَ وكذلك نَبَهَ ونَبَعَ كلاهما على البدل ونَبَأْتُ على القوم نَبْأً إذا اطَّلعت عليهم ويقال : نَبَأَ من أَرضٍ إلى أَرضٍ أُخرى أَي خرج منها إليها . والنَّابِئُ : الثورُ الَّذي يَنْبَأُ من أَرضٍ إلى أَرض أَي يخرُج قال عَدِيٌّ بنُ زيد يصِفُ فَرَساً :
وله النَّعْجَةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرّ ... كْبِ عِدْلاً بالنَّابِئُ المِخْراقِ أَراد بالنَّابئِ ثَوْراً خَرَج من بلدٍ إلى بلد يقال نبأ وطرأ وشط إذا خرج من بلد إلى بلد وسَيْلٌ نابِئٌ : جاءَ من بلدٍ آخرَ ورجلٌ نابِئٌ أَي طارِئٌ من حيث لا يُدْرى كذا في الأَساس قال الأَخطل :
أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عنِّي القَذَى ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يسقُطُ في الخَمْرِ
وليسَ قَذاها بالَّذي قدْ يَريبُها ... ولا بذُبابٍ نَزْغُهُ أَيْسَرُ الأَمْرِ
ولكنْ قَذاها كلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ ... أَتَتْنا به الأَقْدارُ من حيثُ لا نَدْريمن هنا ما جاءَ في حديثٍ أخرجه الحاكمُ في المُسْتَدرك عن أبي الأَسود عن أَبي ذَرٍّ وقال إنَّه صحيح على شَرْط الشيخين قولُ الأعرابيّ له صلى الله عليه وسلم يا نَبيءَ اللهِ بالهمز أَي الخارج من مكَّة إلى المدينة فحينئذ أَنكره أَي الهمز عليه على الأعرابيّ لأنَّه ليس من لغة قُرَيْش وقيل : إنَّ في رُواته حسين الجُعْفيّ وليس من شرطهما ولذا ضعَّفه جماعةٌ من القُرَّاءِ والمُحَدِّثين وله طَريقٌ آخرُ مُنقطِع رواه أبو عُبَيد : حدَّثنا محمدُ بن سَعْدٍ عن حَمْزَة الزَّيَّات عن حِمْران بن أَعيَنَ أَنَّ رجلاً فذكره وبه استدلَّ الزركشيُّ أنَّ المختارَ في النَّبيِّ تَرْكُ الهمزِ مُطلقاً والذي صرَّح به الجوهريُّ والصاغاني بأنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أنكره لأنَّه أَرادَ يا مَنْ خرجَ من مكة إلى المدينة لا لكونه لم يكن من لُغته كما توهَّموا ويؤيِّده قوله تعالى : " لا تَقولوا راعِنا " فإنَّهم إنَّما نُهوا عن ذلك لأنَّ اليَهودَ كانوا يقصدون استعمالَه من الرُّعونة لا من الرِّعاية قاله شيخُنا وقال سيبويه : الهمزُ في النبيِّ لغةٌ رديئة يعني لقِلَّة استعمالها لا لأنَّ القِياس يمنع من ذلك أَلا تَرى إلى قول سيِّدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قيلَ له يا نَبيءَ الله فقال له " إنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لا نَنْبِرُ " ويُروى : لا تَنْبِزْ باسمي كذا في النسخ الموجودة من النَّبَزِ وهو اللَّقب أَي لا تجعل لاسمي لَقَباً تَقْصِدُ به غيرَ الظاهر . والصواب : لا تَنْبِرْ بالراء أي لا تَهْمِزْ كما سيأتي فإنَّما أَنا نبيُّ الله أَي بغير همزٍ وفي رواية فقال : " لستُ بنَبيءِ الله ولكنْ نبيُّ الله وذلك أنَّه عليه الصلاة و السلام أَنكر الهمز في اسمه فردَّه على قائله لأنَّه لم يدرِ بما سمَّاه فأَشفقَ أن يُمْسِكَ على ذلك وفيه شيء يتعلَّق بالشرْع فيكون بالإمساك عنه مُبيحَ محظورٍ أو حاظِرَ مُباحٍ . كذا في اللسان قال أبو عليّ الفارسيّ : وينبغي أن تكون رواية إنكاره غيرَ صحيحةٍ عنه عليه السلام لأنَّ بعض شُعرائه وهو العبَّاسُ بنُ مِرْداس السُّلَمِيُّ قال : يا خاتَمَ النُّبَآءِ ولم يَرِدْ عنه إنكارُه لذلك فتأَمَّل . والنَّبيءُ على فَعيل : الطريقُ الواضِحُ يُهمز ولا يُهمز وقد ذكره المصنف أيضاً في المعتلِّ كما سيأتي قال شيخنا : قيل : ومنه أُخذ الرَّسول لأنَّه الطريقُ المُوَضِّحُ المُوَصِّلُ إلى الله تعالى كما قالوا في : " اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيم " هو محمد صلى الله عليه وسلم كما في الشِّفا وشُروحه . قلت : وهو مفهومُ كلامِ الكِسائيّ فإنَّه قال : النَّبِيءُ : الطريقُ والأَنْبِياءُ : طُرُق الهُدى . والنبيءُ : المكان المرتفعُ الناشِزُ المُحْدَوْدِبُ يُهمز ولا يُهمز كالنَّابِئ وذكره ابنُ الأَثير في المعتلِّ وفي لسان العرب : نَبَأَ نَبْأً ونُبوءاً إذا ارتفع ومنه ما ورد في بعض الأَخبار وهي من الأَحاديث التي لا طُرُقَ لها " لا تُصَلُّوا على النَّبيءِ " بالهمز أَي المكان المرتفع المُحْدَوْدِب وممَّا يُحاجى به : صلُّوا على النَّبيءِ ولا تصلُّوا على النَّبئ وغلط المُلاَّ عليّ في ناموسه إِذْ وهَّمَ المَجْدَ في ذِكره في المهموز اغتراراً بابن الأَثير وظنًّا أنَّه من النَّبْوة معنى الارتفاع وقد نبَّه على ذلك شيخنا في شرحه . والنَّبْأَةُ : النَّشْزُ في الأَرض والصوتُ الخَفِيُّ أَو الخفيف قال ذو الرُّمَّة :
وقدْ تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بنَبْأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِهِ كَذِبُ الرِّكْزُ : الصَّوْتُ والمُقْفِرُ : أَخو القفرَةِ يريد الصائدَ . والنَّدُسُ : الفَطِنُ وفي التهذيب : النَّبْأَةُ : الصوت ليس بالشديد قال الشاعر :
آنَسَتْ نَبأَةً وأَفْزَعَها القَنَّ ... اصُ قَصْراً وقد دَنا الإمْساءُأرادَ صاحبَ نَبْأَةٍ أو النَّبْأَة صوتُ الكلابِ قال الحريري في مقاماته : فسمعنا نَبْأَة مُسْتَنْبِح ثم تلتها صَكَّةُ مُسْتَفْتِح وقيل : هي الجَرَسُ أَيًّا كان وقد نَبَأَ الكلب كمَنَعَ نَبْأً . ونُبَيْئَةُ بالضم كجُهَيْنَةَ ابنُ الأَسودِ العُذرِيِّ وضبطه الحافظ هكذا وقال : هو زَوْج بُثَيْنَة العُذْرِيَّة صاحبة جميلِ بن مُعَمَّرٍ وابنه سعيدُ بنُ نُبَيْئَةَ جاءَت عنه حكاياتٌ وتصغير النَّبيءِ نُبَيِّئٌ مثال نُبَيِّع ويقولون في التصغير كانت نُبَيِّئَةُ مُسَيْلِمَةَ مثال نُبَيِّعة نُبَيِّئَةَ سَوْءٍ تصغير النُّبوءة وكان نُبَيِّئَ سَوْءٍ بالفتح وهو تصغير نَبيءٍ بالهمز قال ابن بَرِّيّ : الَّذي ذكره سيبويه : كانَ مُسيلمَة نُبُوَّتُهُ نُبَيِّئَةَ سَوْءٍ فذكر الأوَّل غير مُصغَّرٍ ولا مهموز ليُبيِّن أَنَّهم قد همزوه في التصغير وإن لم يكن مهموزاً في التكبير قال ابن بَرِّيّ : ذكر الجوهرِيُّ في تصغير النَّبيءِ نُبَيِّئٌ بالهمز على القطع بذلك قال : وليس الأَمر كما ذَكر لأنَّ سيبويه قال : هذا فيمن يجمَعُهُ أَي نَبيئاً على نُبَآءَ ككُرَماء أَي فيصغّره بالهمز وأمَّا من يجمعه على أَنبِياءَ فيصغِّره على نُبَيًّ بغير همزٍ يريد : من لَزِم الهمزَ في الجمع لزِمه في التصغير ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير كذا في لسان العرب وأَخطأَ الجوهرِيّ في الإطلاق حسبَمَا ذكرنا وهو إيرادُ ابن بَرِّيّ ولكن ما أَحلى تَعبيره بقوله : وليس الأَمرُ كذلك فانظر أَينَ هذا من قوله أَخطأَ على أنَّه لا خطأَ فإنَّه إنَّما تعرَّض لتصغير المهموز فقط وهو كما قال وهناك جوابٌ آخرُ قرَّره شيخنا . ويقال : رَمى فلانٌ فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ أو أنَّه لم يُنْفِذْ نقله الصاغاني وسيأتي في المعتل أيضاً . ونابَأَهُمْ مُنابَأَةً : تَرَكَ جِوارَهم وتَباعَدَ عنهم قال ذو الرُّمَّة يهجو قوماً :
" زُرْقُ العُيونِ إذا جاوَرْتَهُمْ سَرَقُواما يَسْرِقُ العَبْدُ أو نَابَأْتَهُمْ كَذَبُوا ويُروى ناوَأْتَهم كما سيأتي . ومما يستدرك عليه : نَبَأَتْ به الأَرضُ : جاءَت به وقال حَنَشُ بنُ مالك :
فنَفْسَكَ أَحْرِزْ فإنَّ الحُتُو ... فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ وَادِ ونُباءٌ كغُراب : موضعٌ بالطائف . ويقال : هل عندكم من نابئَةِ خَمَر . والنُّبَاءةَ كثُمَامَة : موضع بالطائف وقعَ في الحديث هكذا بالشكّ : خَطَبْنا بالنُّبَاءة أَو بالنُّبَاوَة . وأَبو نُبَيْئَة الهُذَلِيُّ شاعرٌ