أَهْلُ الرَّجُلِ : عَشِيرَتُه وذَوُو قُرباه ومنه قولُه تعالَى : " فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا " . وفي بعض الأخْبار : إن لِلّه تعالَى مَلَكاً في السَّماء السابعةِ تَسبِيحُه : سُبحانَ مَن يَسُوقُ الأهلَ إلى الأَهْلِ . وفي المَثَل : الأهْلُ إلى الأهْل أسْرَع مِن السَّيلِ إلى السَّهْل وقال الشاعر :
لا يَمْنَعَنَّكَ خَفْضَ العَيشِ في دَعَةٍ ... نُزُوعُ نَفْسٍ إلى أَهْلٍ وأَوْطانِ
تَلْقَى بِكُلِّ بِلادٍ إن حَلَلْتَ بِهَا ... أَهْلاً بِأَهْلٍ وجِيراناً بِجِيرانِ ج : أَهْلُونَ قال الشَّنْفَرَي :
ولِي دُونَكُم أَهْلُونَ سِيدٌ عَمَلَّسٌ ... وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرفاءُ جَيأَلُ وقال النابِغةُ الجعْدِيُّ رضي اللّه عنه :
ثلاثةَ أَهْلِينَ أفنَيتُهُم ... وكان الإلهُ هو المُستَآسَا وأَهالٍ زادُوا فيه الياءَ على غيرِ قِياسٍ كما جَمَعُوا أَلِيلاً على لَيالٍ . قد جاء في الشِّعْر : آهالٌ مِثْل فَرخٍ وأَفْراخ وزَنْدٍ وأَزْناد وأنشَد الأَخْفَش :
" وبَلْدةٍ ما الإنْسُ مِن آهالِها
" تَرَى بها العَوْهَقَ مِن وِئالها وأَهْلات بتسكينِ الهاء عَلى القِياس ويُحَرَّكُ قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيّ :
فَهُم أَهَلاتٌ حَوْلَ قَيسِ بنِ عاصِمٍ ... إذا أَدْلَجُوا باللَّيلِ يَدْعُونَ كَوْثَرَا قال أبو عمرو : كَوْثَرُ : شِعارٌ لهم . وسُئِل الخَلِيلُ : لِمَ سَكَّنوا الهاءَ في أَهْلُون ولم يُحَرِّكوها كما حَرَّكُوا أَرَضِينَ ؟ فقال : لأنّ الأهْلَ مُذَكَّرٌ قِيل : فَلِمَ قالوا : أَهَلات ؟ قال : شَبَّهُوها بأَرَضاتٍ وأنشد بيت المُخَبَّل . قال : ومِن العَرب من يقول : أَهْلاتٌ علَى القِياس
وأَهَلَ الرجُلُ يَأْهُلُ ويأهِلُ مِن حَدَّىْ نَصَر وضَرَب أُهُولاً بالضَّمّ هذا عن يُونُس زاد غيرُه : وتَأَهَّلَ واتَّهَلَ على افْتَعَلَ : اتَّخَذ أَهْلاً وقال يُونُس : أي تَزَوَج . وأَهْلُ الأَمْرِ : وُلاتُهُ وقد تَقَدّم في أُولِى الأَمْر . الأَهْلُ لِلبَيتِ : سُكَّانُه ومِن ذلك : أَهْلُ القُرَى : سُكَّانُها . الأَهْلُ لِلْمَذْهَبِ : مَن يَدِينُ بِه ويَعْتقِدُه . من المَجاز : الأَهْلُ لِلرَّجُلِ : زَوْجَتُه ويدخلُ فيه الأولادُ وبه فُسِّر قولُه تعالَى : " وَسَارَ بِأَهْلِهِ " أي زوجتِه وأولادِه كأهْلَتِهِ بالتاء . الأَهْلُ للنَّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : أزواجُه وبَناتُه وصِهْرُه علي رضي اللّه عنه أو نِساؤُه . وقِيل : أَهْلُه : الرجالُ الذين هم آلُه ويدخلُ فيه الأحفادُ والذّرِّيّاتُ ومنه قولُه تعالَى : " وَأْمُر أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِر عَلَيهَا " وقولُه تعالَى : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ " وقولُه تعالَى : " رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عليكُم أَهْلَ الْبَيتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " . الأَهْلُ لِكُلِّ نَبِيٍّ : أُمَّتُهُ وأهْل مِلَّته . ومنه قولُه تَعالَى : " وَكَانَ يَأمُز أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ " . وقال الرَّاغِبُ وتَبِعه المُناويُّ : أَهْلُ الرَّجُلِ : مَن يَجمعُه وإيّاهم نَسَبٌ أو دِينٌ أو ما يَجْرِي مَجراهُما ؛ مِن صِناعةٍ وبَيتٍ وبَلَدٍ فأَهْلُ الرجُلِ في الأصل : مَن يَجمعُه وإيَّاهُم مَسْكَنٌ واحِدٌ ثمّ تُجُوِّزَ به فقيلِ : أهلُ بَيْتِه : مَن يَجْمعُه وإيّاهُم نَسَبٌ أو ما ذُكِر وتُعُورِفَ في أُسرةِ النبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم مُطْلَقاً . ومَكانٌ آهِلٌ كصاحِبٍ : له أَهْلٌ كذا نَصُّ ابنِ السِّكِّيت هو على النَّسَب ونَصُّ يُونُس : بِه أَهْلُه . قال ابنُ السِّكِّيت : مَكانٌ مَأْهُولٌ : فيه أَهْلُه وأنشَد :
وقِدْماً كان مَأْهُولاً ... فأمْسَى مَرْتَعَ العُفْرِ والجَمْعُ : المَآهِلُ قال رُؤْبَةُ :
" عَرفْتُ بالنَّصرِيَّة المَنازِلا
" قَفْراً وكانتْ مِنهُمُ مَآهِلا وقد أُهِلَ المَكانُ كَعُنيَ : صار مَأْهُولاً قال العَجَّاجُ :
" قَفْرَيْنِ هذا ثُمَّ ذا لم يُؤْهَلِوكُلُّ ما أَلِفَ مِن الدَّوابِّ المَنازِلَ فَأَهْلِيٌِّ وما لم يَأْلَفْ : فوَحْشِيٌّ وقد ذُكِر ومنه الحديثُ : " نَهى عن أكل لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيِّةِ " . كذلك أَهلٌ ككَتِفٍ . قولُهم في الدُّعاءِ : مَرحَباً وأهْلاً : أي أَتَيتَ سَعَةً لا ضِيقاً وأَتيتَ أَهْلاً لا غُرَباءَ ولا أَجانِبَ فاسْتَأْنِسْ ولا تَشتَوْحشْ . وأَهَّلَ به تَأْهِيَلاً : قال له ذلك وكذلك : رَحَّبَ به . وقال الكِسائِيُّ والفَرَّاءُ : أَنِسَ به ووَدِقَ به : اسْتَأْنَسَ به . قال ابنُ بَرِّيّ : المُضارِع منه : آهَلُ به بفتح الهاء . أَهِلَ الرجُلُ كفَرِحَ : أَنِسَ . وهو أَهْلٌ لِكذا : أي مُستَوْجِبٌ له ومُسْتَحِقٌّ . ومنه قولُه تعالى : " هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ " لِلواحِدِ والجَمِيع وأهَّلَهُ لذلك تَأْهِيلاً وآهَلَهُ بالمَدّ : رآه لَه أهْلاً ومُستَحِقّاً أو جَعله أهْلاً لذلك . واسْتَأْهَلَه : اسْتَوْجَبَه لُغَةٌ وإنكارُ الجَوْهَرِيّ لَها باطِلٌ . قال شيخُنا : قول المُصَنِّف : باطِلٌ هو الباطِلُ . وليس الجَوْهَرِيّ أوَّلَ مَن أنكره بل أنكره الجَماهِيرُ قبلَه وقالوا : إنه غيرُ فَصِيحٍ وضَعَّفه في الفَصِيح وأَقرَّه شُرَّاحُه وقالوا : هو وارِدٌ ولكنه دُونَ غيرِه في الفَصاحة وصَرَّح الحَرِيرِيُّ بأنه من الأوهام ولا سِيَّما والجَوهرِيّ التَزَم أن لا يذكُرَ إلاَّ ما صَحَّ عندَه فكيف يُثْبِثُ عليه ما لم يَصِحَّ عندَه فمِثْلُ هذا الكلامِ مِن خُرافاتِ المُصنِّف وعَدمِ قِيامِه بالإنصاف . انتهى . قلت : وهذا نكيرٌ بالِغٌ من شيخِنا على المصنِّف بما لا يستأهله فقد صرَّح الأزهريُّ والزَّمَخْشرِيّ وغيرُهما من أئمّة التحقيق بجَوْدَةِ هذه اللُّغة وتَبِعهم الصاغانِيُّ . قال في التهذيب : خَطَّأَ بعضُهم قولَ مَن يقول : فلانٌ يَسْتأْهِلُ أن يُكْرَمَ أو يُهانَ بمعنى يَسْتَحِقّ قال : ولا يكون الاستِئهالُ إلاَّ مِن الإهالَةِ قال : وأمّا أنا فلا أُنْكِره ولا أخَطِّئُ مَن قاله ؛ لأني سمعتُ أعرابِيّاً فصيحاً مِن بني أسَدٍ يقول لرَجُلٍ شَكَر عنده يَداً أولِيَها : تَسْتَأْهِلُ يا أبا حازِمٍ ما أُوليتَ وحضر ذلك جماعةٌ مِن الأعراب فما أنكرُوا قولَه قال : ويُحَقِّق ذلك قولُه تعالَى : " هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ " انتهى . قلتُ : وسمعتُ أيضاً هكذا مِن فُصحاء أعراب الصَّفْراء يقول واحِدٌ للآخَر : أنت تَسْتَأْهِلُ يا فُلانُ الخَيرَ وكذا سمعتُ أيضاً مِن فُصحاء أعراب اليَمن . قال ابن بَرِّيّ : ذكر أبو القاسم الزَّجَّاجِيّ في أَمالِيه لأبي الهَيثم خالِدٍ الكاتبِ يُخاطب إبراهيمَ بن المَهْدِيّ لمَّا بُويعَ له بالخِلافةِ : ٍ
كُن أنتَ للرَّحْمَةِ مُستَأْهِلاً ... إن لم أُكْن مِنْكَ بمُسْتَأْهِلِ
أليسَ مِن آفَةِ هذا الهَوَى ... بُكاءُ مَقْتُولٍ على قاتِلِ قال الزَّجّاجِيّ : مُسْتأهِل : ليس مِن فَصيحِ الكَلام وقولُ خالدٍ ليس بحُجّة لأنهُ مولَّد . اسْتَأهَلَ فُلانٌ : أخَذ الإِهالَةَ أو أكلها قال عمرو بن أَسْوَى مِن عَبْدِ القَيسْ :
لا بَلْ كُلِي يا مَيَّ واسْتَأْهِلِي ... إنّ الذي أنْفَقْتِ مِن مالِيَهْ ويُقال : اسْتَأْهِلِي إهالتي وأحْسِنِي إيالتي . والإهَالَةُ : اسمٌ للشَّحْمِ والوَدَكِ أو ما أُذِيبَ مِنه أو من الزَّيْتِ وكُلِّ ما ائتُدِمَ بِه مِن الأدْهان كزبْدٍ وشَحْمٍ ودُهْنِ سِمْسِم . في المَثَلِ : سَرعانَ ذا إهالَةً ويروَى : وشَكْانَ ذُكِر في حَرفِ العَين في س - ر - ع وأشرنا إليه في - ش - ك أيضاً . وآلُ اللّهِ ورَسُولِه : أوْلِياؤُه وأنصارُه ومنه قولُ عبدِ المُطَّلِبِ جَدِّ النبي صلّى اللّه تعالَى عليه وسلَّم في قِصَّة الفيل :
وانْصُر على آلِ الصَّلِي ... بِ وعابِدِيه اليَوْمَ آلَكْ وأصْله : أَهْلٌ قِيل : مَقْلُوبٌ مِنه وتَقدَّم قريباً في أول . وكانوا يُسمُّون القُرَاءَ أهْلَ اللّهِ . الإهالَةُ ككِتابَة : ع . قال ابنُ عَبّادٍ : يقولون : إنَّهُم لأَهْلُ أَهِلَةٍ كفَرِحةٍ : أي مالٍ والأَهْلُ : الحُلُولُ . أُهَيلٌ كزُبَيرٍ : ع نَقَله الصاغانيُّ
وممّا يُستَدْرَكُ عليه :يقولُون : هو أَهْلَةٌ لِكُلِّ خَيرٍ بالهاء عن ابنِ عَبّاد . والأهْلَةُ أيضاً : لُغَةٌ في أهْلِ الدارِ والرجُلِ قال أبو الطَّمَحانِ القَينيُّ :
وأَهْلَةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيتُ وُدَّهُم ... وأبْلَيتُهم في الجَهْدِ بَذْلِي ونائِلِي أي : رُبَّ مَن هُوَ أَهْلٌ للوُدِّ قد تَعرَّضْتُ له وبَذلْتُ له في ذلِكَ طاقَتِي مِن نائلٍ نقله الصاغاني . وقال يُونُسُ : هم أَهْلُ أَهْلَةٍ وأَهِلَةٍ : أي هُم أهْلُ الخاصَّة . وقال أَبُو زيد : يُقال : آهَلَكَ اللَّهُ في الجَنّة : أي أدْخَلَكَها وزَوَّجَكَ فيها . وقال غيرُه : أي جَعَل لكَ فيها أهْلاً يَجْمَعُكَ وإيّاهُم . وفي الأساس : ثَرِيدَةٌ مَأْهُولَةٌ : أي كثيرةُ الإِهالَةِ . وفي المُفْردَات : أهْلُ الكِتاب : قُرَّاءُ التَّوراةِ والإنجِيلِ . والأَهْلُ : أصحابُ الأملاكِ والأَموالِ وبه فُسِّر قولُه تعالَى : " إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُم أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا " . والأَهْلِيَّةُ : عِبَارَةٌ عن الصَّلَاحِيَة لِوجُوبِ الحُقوقِ الشَّرعِيَّةِ له أو عليه . وأهْلُ الأهْواءِ : هُم أهْلُ القِبلَةِ الذين مُعْتَقَدُهم غيرُ مُعْتَقَدِ أهلِ السنَّة . وأمْسَتْ نِيرانُهُم آهِلَةً : أي كثيرةَ الأهل . وسُوَيْدٌ الإِهْلِيُّ بكسرِ الهاء الأشْعَرِيّ صَحابِيُّ ذَكره ابنُ السَّكَن