بَاءَ إليه : رَجَعَ ومنه قوله تعالى : " وبَاءُوا بغَضَبٍ من اللهِ " قال الأَخفش : أَي رَجعوا أَي صار عليهم أو انقَطَع وفي بعض النسخ بالواو بدل أَو بُؤْتُ إليه وأَبَأْتُهُ وهذه عن ثعلبٍ وبُؤْتُهُ عن الكِسائيّ وهي قليلةٌ . والبَاءَةُ بالمدِّ والبَاءُ بحذف الهاء والباهَة بإبدال الهمزة هاءً والباهُ بالألف والهاء فهذه أَربعُ لغاتٍ بمعنى النِّكاح لغةٌ في البَاءَةِ وإنَّما سُمِّيَ به لأنَّ الرجلَ يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يستمكِنُ منها كما يتبوَّأُ من دارِهِ كذا في العُباب وجامع القزَّاز والصِّحاح وجعل ابنُ قتيبةَ اللغة الأَخيرَةَ تَصحيفاً وفي الحديث : " من اسْتَطاعَ منكُمُ البَاءةَ فليَتَزَوَّج فإنَّه أغَضُّ للبَصَرِ وأَحصَنُ للفَرْجِ ومن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإنَّه لهُ وِجاءٌ " . وقال يصف الحِمار والأُتُنَ :
" يُعَرِّسُ أَبْكاراً بِها وعُنَّسَا
" أَكْرَمُ عِرْسٍ باءةً إذْ أَعْرَسَا وقال ابن الأَنباريّ : يقال : فلانٌ حَريصٌ على البَاءِ والبَاءةِ والبَاهِ بالهاء والقَصْرِ أَي النِّكاح والبَاءةُ الواحدةُ والبَاءُ الجَمْعُ ويُجمع الباءُ على البَاءات . قال الشاعر :
" يا أَيُّها الرَّاكِبُ ذو الثَّباتِ
" إنْ كنتَ تَبْغي صَاحِبَ البَاءاتِ
" فاعْمِدْ إلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ وبَوَّأَ الرجلُ تَبْويئاً إذا نَكَحَ وهو مجاز . وبَاءَ الشيءُ : وافَقَ وبَاءَ بدَمِهِ وبحَقِّه إذا أَقرَّ وذا يكونُ أَبداً بما عليه لا لهُ . قال لبيد :
أَنْكَرْتُ باطِلَها وبُؤْتُ بحَقِّها ... عِندي ولم يفْخَرْ عليَّ كِرامُها
وقال الأَصمَعِيّ : بَاءَ بإثْمه فهو يَبوءُ بَوْءاً إذا أقرَّ به وقال غيره : بَاءَ بذَنْبِهِ بَوْءاً بفتحٍ فسكونٍ كذا في أَكثر الأصول وفي بعضها : بَوْأَةً بزيادة الهاء وبَوَاءً كسَحابٍ : احتَمَله وصارَ المُذنِب مَأْوى الذنبِ وبه فسَّرَ أَبو إسحاق الزَّجاجُ " فبَاءُوا بغَضَبٍ على غَضَبٍ " أَي احتملوا أَو اعتَرَفَ به وفي بعض النسخ بالواو وفي الحديث : " أَبُوءُ بنِعْمَتِكَ عليَّ وأَبوءُ بذَنْبي " أَي ألتزِمْ وأَرجِعُ وأُقِرُّ وأَصل البَواءِ اللُّزومُ كما في النهاية ثمَّ استمِل في كلِّ مقامٍ بما يُناسِبه صرَّح به الزمخشريُّ والرَّاغب وفي حديثٍ آخرَ " فقد بَاءَ به أحدهما " أَي التزمَهُ ورجع به . وبَاءَ دمُهُ بدَمِهِ بَوْءاً وبَواءاً عَدَلَه وفلانٌ بفلانٍ بَواءً إذا قُتِل به وصارَ دمُهُ بدمه فقاوَمَهُ أَي عادلَهُ كذا عن أَبِي زيدٍ . ويقال : " بَاءتْ عَرارِ بكَحْل " وهُما بقَرَتانِ قُتِلتْ إحداهُما بالأخرى . ويقال : بُؤْ به أَي كنْ ممَّن يُقتل به وأنشد الأحمرُ لرجل قتلَ قاتِل أَخيه فقال :
فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لستَ مثلَهُ ... وإنْ كنتَ قُنْعاناً لمن يَطْلُبُ الدَما قال أَبو عُبَيدٍ : معناه وإنْ كنتَ في حَسَبك مَقْنَعاً لكلِّ من طلبكَ بثأرِه فلستَ مثل أَخي . كأبَاءهُ وباوَأَهُ بالهمز فيهما ويقال : أبَأْتُ القاتِلَ بالقتيل واسْتَبأْته أيضاً إذا قتلته به وفي اللسان : وإذا أَقَصَّ السُّلطانُ رجلاً برجلٍ قيل : أبَاءَ فلاناً بفلانٍ . قال الطُفَيْلُ الغَنَوِيُّ :
أَبَاءَ بقَتْلانا من القَوْمِ ضِعْفَهُمْ ... وما لا يُعَدُّ من أسيرٍ مُكَلَّبِ ومثلهُ قول أَبِي عُبَيدٍ . وقال التغلبيُّ :
أَلا يَنْتَهي عنَّا المُلوكُ وتَتَّقي ... محارِمنَا لا يُبْأَؤُ الدَّمُ بالدَّمِ وقال عبد الله بن الزبير :
" قَضى اللهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَناولمْ نَكُ نَرضى أَنْ نُباوِئَكُمْ قَبْلُوتَباوَءا القتيلان تَعادَلا وفي الحديث : أَنَّه كانَ بين حَيَّيْنِ من العرب قِتالٌ وكانَ لأَحدِ الحَيَّيْنِ طَوْلٌ على الآخر فقالوا : لا نَرضى إِلاَّ أنْ نَقْتُلَ بالعبدِ مِنَّا الحُرَّ منكم وبالمرأةِ الرَّجُلَ فأَمرهم النبيُّ أن يتباوَءُوا ووزنه يتَقَاوَلوا على يتَفَاعَلوا وهذا هو الصحيح وأَهل الحديث يقولون : يَتَباءَوْا على مثال يَتَرَاءَوْا كذا نَقل عنهُمْ أَبو عُبَيد . وبَوَّأَهُ منزِلاً نزلَ به إلى سَنَدِ جَبَلٍ هكذا متعدّياً إلى اثنين في نسختنا وفي بعضها بإسقاط الضمير فيكون متعدِّياً إلى واحدٍ وعليه كتب شيخُنا ومثَّلَ للمتعدِّي إلى اثنين قولهم : تبَوَّأْتُ لزيدٍ بيتاً وقال أَبو زيد : هو متعدٍّ بنفسه لهما واللام زائدة وفَعَّل وتَفعَّل قد يكونان لمعنًى واحد وبَوَّأَ فيه وبَوَّأَهُ له بمعنى هيَّأَهُ له أَنْزَلَه ومكَّن له فيه كأَباءهُ إيَّاه قال أَبو زيد : أَبَأْتُ القومَ منزلاً وبَوَّأْتُهُمْ منزلاً إذا نَزلْتُ بهم إلى سَنَدِ جبلٍ أَو قِبَلِ نَهْرٍ والاسمَ البِيئةُ بالكسر . وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوَهُ : قابَلُه به نحو هَيَّأَه كما ورد ذلك في الحديث . وبَوَّأَ المكانَ : حلَّه وأَقام به كأَباءَ به وتبَوَّأَ عن الأَخفش قال الله عزَّ وجلّ : " أَنْ تَبَوَّءا لقوْمِكُما بمِصْرَ بُيوتاً " أَي اتَّخِذا وقال أَبو زيد : التَّبَوُّؤُ : أن يُعلمَ الرجلُ الرجلَ على المكان إذا أَعجبه ليَنْزله وقيل : تبَوَّأَهُ إذا أصلَحه وهيَّأَه ويقال تَبَوَّأَ فلانٌ منزلاً إذا نظر إلى أحسن ما يُرى وأَشدِّه استِواءً وأَمكَنِهِ لمَباءَتِهِ فاتَّخذه . وتَبَوَّأَ : نزَلَ وأَقامَ وقال الفراء في قوله تعالى : " لنُبَوِّئَنَّهُمْ من الجَنَّةِ غُرَفاً " يقال : بَوَّأْتُه منزِلاً وأَثْوَيْتُه منزِلاً سواءٌ أَي أنزلته وفي الحديث " من كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النَّارِ " أَي لينْزِلْ منزِلَه من النار . ومن المجاز فلانٌ طَيِّب المَبَاءة أَي المنزِل وقيل : منزِل القوم في كلِّ موضعٍ وقيل : حيث يَتَبَوَّءُونَ من قِبَلِ وادٍ وسَنَدِ جبلٍ ويقال : هو رَحيب المَباءةِ أَي سَخِيٌّ واسعُ المعروفِ . وقرأْت في مُشكِل القُرآن لابن قُتَيْبَة وأَنشد :
وبَوَّأْتَ بَيْتَكَ في مَعْلَمٍ ... رَحيبِ المَبَاءةِ والمَسْرَحِ
كَفَيْتَ العُفاةَ طِلابَ القِرَى ... ونَبْحَ الكِلابِ لمُسْتَنْبِحِ كالبِيئَةِ بالكسر والبَاءةِ قال طرفة :
طَيِّبُوا البَاءةِ سَهْلٌ ولَهُمْ ... سُبُلٌ إنْ شِئْتَ وَعْثٍ وَعِرْ والمَباءة : بيتُ النَّحلِ في الجَبَلِ . وفي التهذيب : هو المُراحُ الذي يَبيتُ فيه . والمبَاءة مُتَبَوَّأُ الولدِ من الرَّحِمِ قال الأَعلم :
ولَعَمْرُ مَحْبِلِكِ الهَجينِ على ... رَحْبِ المَبَاءةِ مُنْتِنِ الجِرْمِ ويُسَمَّى كِناسُ الثَّوْرِ الوحشيّ مَبَاءةً وكذلك المَعْطِنُ وفي اللسان : المَبَاءةُ مَعْطِنُ القومِ للإبلِ حيث تُناخ في المَوارد . ويستعمل للغنم أيضاً كما في الحديث وهو المُتَبَوَّأُ أيضاً وأَبَاءَ بالإبِلِ هكذا في النُّسخ والذي في اللسان والعُباب : وأَبَاءَ الإبلَ رَدَّها إليه أَي إلى المَبَاءةِ . وأَبَأْتُ الإبلَ مبَاءةً أَنخْتُ بعضَها إلى بعضٍ . قال الشاعر :
حَليفانِ بينَهُما مِيرَةٌ ... يَبيئَانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ وأَبَاءَ منه : فرَّ كأنَّ الهمزة فيه لسَلْبِ معنى الرُّجوع والانقطاع . وأَبَاءَ الأَديمَ : جعله في الدِّباغِ وهو مذكورٌ في هامش بعض نُسَخ الصّحاح والذي في العُباب وأَبْأَتِ المرأَةُ أَديمَها : جعلته في الدِّباغ والبَواءُ بالمدّ : السَّواءُ والكُفْءُ يقال : القومُ بَواءٌ في هذا الأَمرِ أَي أَكْفاءٌ نُظراءُ ويقال : دَمُ فلانٍ بَواءٌ لدَمِ فلانٍ إذا كانَ كُفُؤاً له قالت ليلى الأَخيلِيَّة في مقتل تَوْبَةَ بنِ الحُمَيِّر :
فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءُ فإنَّكُمْ ... فَتًى ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِوفي الحديث : " الجِراحاتُ بَواءٌ " يعني أنَّها متساوِيةٌ في القِصاص وأنَّه لا يُقْتَص للمجروح إِلاَّ من جارِحِهِ الجاني ولا يُؤخذُ إِلاَّ مثْلُ جِراحَته سَواء وفي حديث جعفرٍ الصادِقِ قيل له : ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظَةٌ على بَني آدَمَ فقال : تُريد البَوَاءَ . أَي تُؤْذي كما تُؤْذى . وبَواءٌ أيضاً وادٍ بتِهامَةَ كذا في العُباب والتكملة . ويقال : كلَّمناهُمْ فأَجابُوا عن بَواءٍ واحدٍ أَي بجوابٍ واحدٍ أَي لم يختلِف جوابُهم فعَنْ هنا بمعنى الباءِ وفي العُباب : أَي أَجابوا جَواباً واحداً والبيئَةُ بالكسر : الحالَةُ يقال : إنَّه لحَسَنُ البِيئةِ . وقالوا : في أَرضِ فَلاة فَلاةٌ تَبيءُ في فلاةٍ أَي لسعتها : تذهب . ويقال : حاجَةٌ مُبيئَةٌ بالضمّ أَي شديدةٌ لازمة . وممَّا يستدرك عليه : استَباءَ المنزِلَ : اتَّخذه مَباءةً . وأَبَأْتُ على فلانٍ مالَهُ إذا أَرحتُ عليه إبلَه وغنَمَه . وأَبَاءَ الله عليهم نَعَماً لا يَسعُها المُراحُ . وقال ابن السِّكّيت في قول زهيرِ بن أَبِي سُلْمى :
فلمْ أرَ مَعْشَراً أَسَروا هَدِيًّا ... ولمْ أَرَ جارَ بيتٍ يُسْتَباءُ الهَدِيُّ : ذو الحَرْمَةِ ويُستباءُ أَي يتَبَوَّأُ أَي تُتَّخَذُ امرأَتُه أَهْلاً . وقال أَبو عمرٍو الشيبانيّ : يُسْتَباءُ من البَواءِ وهو القَوَدُ وذلك أنَّه أَتاهُمْ يُريد أنْ يَستجيرَ بهم فأَخذوه فقتلوه برجُلٍ منهم . وللبئر مَباءَتان : إحداهما مَرْجِع الماءِ إلى جَمِّها والأُخرى موضعُ وُقوفِ سائِق السَّانِيَةِ . الفرَّاء : بَاءَ بوزن باعَ إذا تكبَّر كأنَّه مقلوب بأَي كما قالوا راءَ ورَأَى وسيُذكر في المعتلِّ