فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ(قرآن).
زَالَهُ عن مَكانِهِ يَزِيلُهُ زَيْلاً لُغَةٌ في أَزَالَهُ كما قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ قالَ ابنُ بَرِّيٍّ : صَوابُهُ زِلْتُهُ زَيْلاً : أي أَزَلْتُهُ وزِلْتُه زَيْلاً : أي مِزْتُه . وفي المُحْكَم : زَالَ الشَّيَْ زَيْلاً وأَزَالَهُ إِزَالَةً وإِزَالاً وهذه عن اللِّحْيانِيِّ : أي فَرَّقَهُ وتَزَيَّلُوا تَزَيُّلاً وتَزْييلاً وهذه حِجَازِيَّةٌ رَوَاها اللِّحْيانِي قالَ : ورَبِيعَةُ تَقُولُك تَزَايَلُوا تَزَايُلاً : أي تَفَرَّقُوا وأَنْشَدَ لِلْمُتَلَمّسِ :
أَحارِثُ إِنَّا لو تُسَاطُ دِمَاؤُنَا ... تَزَيَّلْنَ حَتَّى ما يَمَسَّ دَمٌ دَمَا ويُرْوَى : تَزَايَلْنَ وقولُهُ تَعالى : " لَوْ تزَيَّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذِين كَفَرُوا " يقُولُ : لو تَمَيَّزُا . وزِلْتُه أَزِيلُهُ زَيْلاً فلم يَنْزَلْ : أي مِزْتُهُ فلم يَنْمَزْ يُقالُ : زِلْ ضَأْنَكَ مِنْ مِعْزَاكَ أي مِزْهُ وأَبِنْ ذَا مِن ذا . وزَيَّلَهُ تَزْيِيلاً فتَزَيَّلَ : فَرَّقَهُ فتَفَرَّقَ ومنه قولُه تَعالى : فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُم " وهو عَلى التَّكْثِيرِ فيمَن قال : زِلْتُ مُتَعَدٍّ نحو مِزْتُهُ ومَيَّزْتُهُ قالَهُ الرَّاغِبُ وقالَ الأَزْهَرِيُّ : أمَّا زَالَ يَزِيلُ فإِنَّ الفَرَّاءَ قالَ في قَوْلِهِ تَعالى : " فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ " . لَيْسَتْ مِنْ زُلْتُ وإِنَّما هي مِنْ زِلْتُ الشَّيْءَ فَأنَا أَزِيلُهُ إِذا فَرَّقْتَ ذَا مِن ذا وقال : " فَزَيَّلْنَا " لِكَثْرَةِ الفِعْلِ ولو قَلَّ لقُلْت : زِلْ ذَا مِن ذا كَما تَقُولُ : مِزْ ذَا مِنْ ذَا قال : وقَرَأَ بَعْضُهُم : " فَزَايَلْنَا بَيْنَهُم " وهو مِثْلُ قَوْلِكَ : لا تُصَعِّرْ ولا تُصاعِرْ . وقال القُتَيْبِيُّ في تفْسِيرِ قولِهِ تَعالى : " فَزَيَّلْنَا " أي فَرَّقْنا وهو مِن زَالَ يَزُولُ وأَزَلْتُهُ أَنا . قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهذا غَلَطٌ مِن القُتَيْبِيِّ ولم يُمَيِّزْ بَيْنَ زَالَ يَزُولُ وزَالَ يَزِيلُ كَما فَعَلَ الفَرَّاءُ وكانَ القُتَيْبِيُّ ذا بَيَانٍ عَذْبٍ وقد نَحِسَ حَظُّهُ مِنَ النَّحْوِ ومَعْرِفَةِ مَقايِيسِهِ . وزَايَلَهُ مُزَايَلَةً وزِيَالاً : فَارَقَهُ وانْزَالَ عنه والحَبِيبُ المُزَايلُ : المُبايِنُ ويُقالُ : خَالِطُوا النَّاسَ وزَايِلُوهُم أي فارِقُوهُم في الأَفْعالِ . والزِّيالُ : افِراقُ والتَّزَايُلُ : التَّبَايُنُ قالَ أبو ذُؤَيْبٍ :
إلى ظُعُنٍ كالدَّوْمِ فيها تَزَايُلٌ ... وهِزَّةُ أَحْمَالٍ لَهُنَّ وَشِيجُ ومِنَ المَجازِ : التَّزَايُلُ الاحْتِشامُ وهو مُتَزَايِلٌ عنه أي : مُحْتَشِمٌ لأَنَّهُ إِذا احْتَشَمَهُ بايَنَهُ بِشَخْصِهِ وانْقَبَضَ عنه ويُقالُ : أَنا أَتَزايَلُ عَنْكَ فلا أَتَجَاسَرُ عَلَيْكَ كَما في الأَساس . والزَّيْلُ مُحَرَّكَةً : تَباعُدُ ما بَيْنَ الفَخِذَيْنِ كالْفَحْجِ وهو أَزْيَلُ الفَخِذَيْنِ مُنْفَرِجُهُما وفي حديثِ المَهْدِي : أَجْلَى الْجَبِينِ أَقْنَى الأَنْفِ أَزْيَلُ الْفَخِذَينِ أَفْلَجُ الثَّنَايَا بِفَخِذِهِ الأَيْمَنِ شَامَةٌ . والْمِزْيَلُ والمِزْيَالُ كمِنْبَرٍ ومِحْرَابٍ : الرَّجُلُ الكَيِّسُ اللَّطِيفُ وفي حديثِ مُعَاوِيَةَ : أنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا عندَه وكانَ أَحَدُهُما مِخْلَطاً مِزْيَلاً . قالَ ابنُ الأَثِيرِ : المِزْيَلُ هو الجَدِلُ في الخُصُومَاتِ الذي يَزُولُ مِنْ حُجَّةٍ إلى حُجَّةٍ . قلتُ : فَإِذَنْ يُذْكَرُ في زَول وهكذا نَقَلَهُ صاحِبُ اللِّسانِ ولكنَّ الزَّمَخْشَرِيِّ ذَكَرَهُ في ز ي ل كالمُصَنِّفِوما زِلْتُ أَفْعَلُهُ كَما تَقُولُ : ما بَرِحْتُ ومُضَارِعُهُ : أَزالُ وأَزِيلُ قالَ الأَزْهَرِيُّ : وقَلَّما يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلاَّ بِحَرْفِ النَّفْيِ قالَ ابنُ كَيْسَانَ : ليسَ يُرادُ بِما زَالَ ولا يَزالُ الْفِعْلُ مِن زَالَ يَزُولُ إِذا انْصَرَفَ مِنْ حالٍ إلى حالٍ وزَالَ عَن مَكانِهِ ولكنَّهُ يُرادُ بِهِما مُلازَمَةُ الشَّيْءِ والحالُ الدَّائِمَةُ . انتهى فهي والتَّامَّةُ مُخْتَلِفَانِ في الْمَادَّةِ تِلْكَ مُركَّبَةٌ من ز و ل وهذه من ز ي ل أو النَّاقِصَةُ مُغَيّرَةٌ مِن التَّامَّةِ بَنَوْهَا على فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ بَعْدَ أَنْ كانَتْ مَفْتُوحَةً أو هيَ مِنْ زَالَهُ يَزِيلُهُ إذا مازَهُ وقال الرَّاغِبُ : قَوْلُهم : ما زَالَ ولا يَزَالُ أُجْرِيَا مُجْرَى كان وفي رَفْعِ الاِسْمِ ونَصْبِ الخَبَرِ وأَصْلُهُ مِن الياءِ لِقَوْلِهِم : زِيلَتْ : أي ما بَرِحَتْ ولا يَصِحُّ أَن يُقال : ما زالَ زَيْدٌ إِلاَّ مُنْطَلِقاً كَما يُقالُ : ما كَانَ زَيْدٌ إِلاَّ مُنْطَلِقاً وذلكَ أَنَّ زَالَ يَقْتَضِي مَعْنَى النَّفْيِ إِذْ هُنَ ضِدُّ الثَّباتِ وما ولا يَقْتَضِيَانِ النَّفْيَِ والنّفْيانِ إذا اجْتَمَعَا اقْتَضَيَا الإِثْبَاتَ فصارَ قَوْلُهم : ما زال يَجْرِي مَجْرَى كانَ في كَوْنِهِ إِثْباتاً وكَما لا يُقالُ : كَانَ زَيْدٌ إِلاَّ مُنْطَلِقاً لا يُقالُ : ما زَالَ زَيْدٌ إِلاَّ مُنْطَلِقاً . وما زِلْتُ بِزَيْدٍ وما زِلْتُ وَزَيْداً حَتَّى فَعَل ذلك زِيَالاً أي بِزَيْدٍ حَكاهُ سِيبَوَيه . وحَكَى بعضُهم : زِلْتُ أَفْعَلُ بِمَعْنَى : ما زِلْتُ أَفْعَلُ وهو قَلِيلٌ . ويُقالُ : ما زِيْلَ فُلانٌ يَفْعَلُ كذا لُغَةٌ في : ما زَالَ حَكاهُ أبو الخَطَّابِ الأَخْفَشِ وهذا كَما يُقالُ : في كادَ : كَيْدَ ومنهُ قَوْلُ الهُذَلِيُّ :
وكِيدَ ضِبَعُ القُفِّ يَأْكُلْنَ جُثَّتِي ... وكِيدَ خِرَاشٌ يَوْمَ ذلكَ يَيْتَمُ وقولُه : عَنْهُ أي عن الأَخْفَشِ ولم يَتَقَدَّمْ له ذِكْرٌ فهوَ مُسْتَدْرَكٌ زَائِدٌ فَتَنَبَّهْ لذلك . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : المُتَزَايِلَةُ مِنَ النَّساءِ : التي تَسْتُرُ وَجْهَهَا عَنْكَ . وزِيلَ زَوِيلُهُ أي ذهَبَتْ حَرَكَتُهُ وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : أي اسْتُفِزَّ مِن الْفَرَقِ وهو مِن إِسْنادِ الفِعْلِ إِلَى مَصْدَرِهِ ومِنهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ السَّابِقُ : زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها . أي زِيلَ قَلْبُها مِنَ الْفَزَعِ قالَ ابنُ بَرِّيٍّ : ويَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ زِيلَ في البَيْتِ مَبْنِيّاً للمَفْعُولِ مِن زَالَهُ اللهُ والزَّوِيلُ بِمَعْنَى الزَّوَالِ وأَنْ يَكُونَ زِيلَ لُغَةٌ في زَالَ ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ ذلكَ أنَّهُ يُرْوَى : زِيلَ مِنَّا زَوَالُها وزَالَ مِنَّا زَوِيلُها قالَ : فهذا يَدُلُّ عَلى أَنَّ زِيلَ بِمَعْنى زَالَ المَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ دُونَ المَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ
فصل السين المهملة مع اللام