تَقَنْسَر الإِنْسَانُ : شاخَ وتَقَبَّضَ وعَسَا . وقَنْسَرَتْهُ السِّنُّ وكذا الشَّدَائدُ : شَيَّبَتْهُ ويُقَال للشيخِ إِذا وَلَّي وعَسَا : قد قَنْسَرَه الدَّهْرُ . وأَنشد ابنُ دُرَيْد :
وقَنْسَرَتْهُ أُمورٌ فاقْسَأَنَّ لَهَا ... وقد حَنَى ظَهْرَهُ دَهْرٌ وقد كَبِرَا والقَنْسَرُ والقَنْسَرِىُّ والقِنَّسْرُ كجَعْفَر وجَعْفَرِىّ وجِرْدَحْل : الكَبِيرُ المُسِنّ الذي أَتَى عليه الدَّهْرُ أَو القَدِيمُ وكلُّ قَدِيمٍ : قِنَّسْرٌ . قال العَجّاجُ :
" أَطَرَباً وأَنْتَ قِنَّسْرِىُّ
" والدَّهْرُ بالإِنْسَانِ دَوّارِىُّ
" أَفْنَى القُرُونَ وهْو قَعْسَرِىّ
وقيل : لَمْ يُسْمَعْ هذا إِلاّ في بَيْتِ العَجّاج . وقِنّسْرِينُ وقِنّسْرُونُ بالكَسْرِ فِيهما أَي والنُّونُ مُشَدَّدَةٌ تُكْسَر وتُفْتَح : كُورةٌ بالشَّأْم بالقُرْبِ من حَلَب وهي أَحَدُ أَجْنَادِ الشأْمِ . قال ابنُ الأَثيرِ : وكان الجُنْدُ يَنْزِلُها في ابتداءِ الإِسْلام ولم يَكُنْ لِحَلَب مَعَهَا ذِكْرٌ . وهو قِنَّسْرِيّ عند من يَقُولُ قِنَّسْرون لأَنَّ لفظَه لَفْظُ الجَمْعُ ووَجْه الجَمْعِ أَنّهم جَعَلُوا كلّ ناحِيَة من قِنّسْرِين كأَنّه قِنَّسْرٌ وإِنْ لم يُنْطَق به مُفْرَداً والنَّاحِيَةُ والجِهَةُ مُؤَنَّثَتَان وكأَنَّه قد كانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ في الواحِدِ هاءٌ فصارَ قِنَّسْرٌ المُقَدَّر كأَنَّه ينبغي أن يكونَ قِنَّسْرَةً فلَّما لم تَظْهَرِ الهاءُ وكان قِنَّسْرٌ في القِيَاس في نِيَّةِ المَلْفوظِ به عَوَّضُوا الجَمْعَ بالواو والنُّون وأُجْرِيَ في ذلك مُجْرَى أَرْض في قولهم أَرَضُون . والقَوْلُ في فِلَسْطِينَ والسَّيْلَحِينَ ويَبْرِينَ ونَصِيبينَ وصَرِيفِينَ وعانِدِينَ كالقَوْلِ في قِنّسْرِينَ . وقِنَّسْرِينِيّ عنْدَ من يَقُول قِنَّسْرِين . والقُنَاسِرُ كعُلابِطٍ : الشَّدِيد قال رؤبة :
قد عالَجَتْ مِنْه العِدَا قُنَاسِرَا ... أَشْوَسَ أَبّاءً وعَضْباً باتِرَا وذَكَرَهُ الجوهَريُّ في ق س ر وَهَماً وظَناً منه أَنَّ النونَ زائدةٌ . قال ابنُ بَرِّيّ : وصَوَابُه أَنْ يُذْكَر في فصل قنسر لأَنّه لا يَقُوم له دَلِيلٌ على زِيادة النُّون . وقال الصاغانيّ : واشْتِقَاقُ تَقَنْسَر يَدْفَعُ ما ظَنَّه الجوهريّ وقد ذكره ابنُ دُرَيْدٍ والأَزهريُّ في الرباعيّ على الصِّحَّة . وقد تَكَلَّفَ شَيْخُنَا لِدَفْعِ هذا الإِيراد عن الجَوْهَرِيّ بما لا يَصْلُح أَنْ يَقُومَ في الحِجَاجِ فأَعْرَضْتُ عنه غير أَنَّ إِيرَادَ المُصَنِّفِ هذه المادَّة بالأَحْمَرِ غَيْرُ جَيّدٍ فإِنَّ الجَوْهَرِيّ ذكرَهَا ولكِنْ في مَحَلٍّ آخَرَ . وهذا لا يُقَال فيه إِنّه اسْتُدْرِك بها عَلَيْه كما ظاهِر . وممّا يَنْبَغِي إيرَادُه هنا قولُهُم : حاضِرُ قِنَّسْرِينَ ويُرَادُ به مَوْضِعُ الإِقَامَةِ على الماءِ من قِنَّسْرِينَ . وأَنشد ثعلبٌ لعِكْرِشَة الضَّبِّيّ يَرْثِي بَنِيه :
سَقَى اللهُ أَجْدَاثاً ورَائِي تَرَكْتُهَا ... بحاضِرِ قِنَّسْرِينَ من سَبَلِ القَطْرِ
" لَعَمْرِي لقدْ وارَتْ وضَمَّتْ قُبُورُهُمْأَكُفّا شِدَادَ القَبْضِ بالأَسَلِ السُّمْر