الخَلْقُ فى كَلام العَرَبِ على وَجْهَيْنِ : الإِنشاءُ على مِثالٍ أَبْدَعَه والآخَرُ : التَّقْدِيرُ . وكُل شَيْءٍ خَلَقه اللَّهُ فهو مُبْتَدِئُه عَلَى غيرِ مِثالٍ سُبِقَ إِليه : " أَلا لَه الخَلْقُ والأَمْرُ " و " فتَبارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ " قالَ ابْنُ الأَنْبارِيّ : مَعْناه أَحْسَنُ المُقَدِّرِينَ وقولُه تَعالى : " وتَخْلُقُونَ إِفْكاً " أي : تُقَدِّرُونَ كَذِباً وقولُه تعالى : " أَنِّى أَخْلُقُ لَكُمْ من الطِّينِ " خَلْقُه : تَّقْدِيرُه ولم يُرِدْ أَنَّه يُحْدِثُ مَعْدُوماً
والخالِقُ فيْ صِفاتِه تَعالَى وعَزَّ : المُبْدِعُ للشَّيْءَ المُخْتَرِع على غَيرِ مِثالٍ سَبَقَ وقالَ الأزْهَرِي : هو الّذِي أوْجَدَ الأشْياءَ جَمِيعَها بعدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وأصْلُ الخَلْقِ : التَّقْدِير فهُوَ باعْتِبار ما مِنْهُ وجودُها مُقَدِّرٌ وبالاعْتِبارِ للإِيجادِ على وَفْقِ التقْدِيرِ خالِقٌ
ويسَمونَ صانعَ الأدِيم وِنَحْوِه الخالِقَ لأنّه يُقَدِّرُ أَولاً ثُم يَفْرِى
ومن المَجازِ : خَلَقَ الإِفْكَ خَلْقاً : إِذا افْتَراهُ كاخْتَلَقَه وتَخَلَّقَه ومنه قوله تَعالَى : " وتَخْلُقُونَ إفكاً " وقُرِىء : " إِنْ هَذا إِلاّ خَلْقُ الأَوَّلِينَ " . أي : كَذِبُهُمْ واخْتِلاقُهُم وقَوْلُه تعالى : " إِنْ هذا إلا اخْتِلاقٌ " أي : تَخَرصٌ وكَذِبٌ
وخَلَقَ الشَّيْءَ خَلْقاً : مَلَّسَه ولَيَّنَه
ومن المَجازِ : خَلَقَ الكَلامَ وغَيْرَه : إِذا صَنَعَه اخْتِلاقاً
وتَقُولُ العَرَبُ : حَدَّثَنا فُلانٌ بأحادِيثِ الخَلْقِ وهي الخُرافاتُ من الأحادِيثِ المُفْتَعَلَة
وخَلَقَ النِّطْعَ والأدِيمَ خَلْقاً وخَلْقَةً بفَتْحِهما : إِذا قَدَّرَه وحَزَرَه أو قَدَّرَه لما يُرِيدُ قَبْلَ أن يَقْطَعَه وقاسَهُ لِيَقْطَعَ مِنْهُ مَزادَةً أَو قِرْبَةً أو خُفُّا فإِذا قَطَعَه قِيلَ : فَراهُ
قالَ زُهَيْرٌ يمدَحُ هَرِمَ بنَ سِنان :
ولأنْتَ تَفْرِى ما خَلَقْتَ وبَع ... ضُ القَوْم يَخْلُقُ ثم لا يَفْرِى أي : أنْتَ إذا قَدرتَ أَمرًا قَطَعْتَه وأَمْضَيْتَه وغَيْرُك يُقَدِّر مالا يَقْطَعُه لأَنَّه ليس بماضِي العَزْم وأَنْتَ مَضّاءٌ على ما عَزَمْتَ عليه
وقالَ اللَّيْثُ : وهُنَّ الخالِقاتُ ومنه قَوْلُ الكُمَيْتِ :
أَرادُوا أَنْ تُزايِلَ خالِقات ... أَدِيمَهُمُ يَقِسْنَ ويَفْتَرِينَا يَصِفُ ابْنَيْ نِزارِ بنِ مَعَد وهُما رَبِيعَةُ ومُضَرُ أَرادَ أَنَّ نَسَبَهم وأَدِيمَهُم واحِدٌ فإذا أرادَ خالِقاتُ الأدِيم التَّفْرِيقَ بينَ نَسَبِهم تَبَيَّنَ لهم أَنّه أَدِيمٌ واحِدٌ لا يَجُوزُ خَلْقُه للقَطْع وضَرَب النِّساءَ الخالِقاتِ مَثَلاً للنَّسّابِينَ الَّذِينَ أَرادُوا التَّفْرِيقَ بينَ ابْنَيْ نِزارٍ وفي حَدِيثِ أُخْتِ أُمَيَّةَ بنِ أبِي الصَّلْتِ : " قالَتْ : فدَخَلَ علي وأَنا أَخْلُقُ أَدِيماً " أَي : أُقَدِّرُه لأقطعَه وقالَ الحَجّاجُ : " ما خَلَقْتُ إِلاَّ فَرَيْتُ وما وَعَدْت إِلاَّ وَفَيْتُ "
وخَلَقَ العُودَ : سَوّاه كخَلَّقَه تَخْليقاً ومنه قِدْحٌ مُخَلَّق أَي مُسْتَو أملَسُ مُلَيَّن وقيل : كُلًّ ما لُيِّنَ ومُلِّسَ فقد خُلِّقَ وأَنْشَد الجَوْهرِي للشاعر يَصِفُ القِدْحَ :
فخَلَّقْتُه حَتَّى إِذا تَمَّ واسْتَوَى ... كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كمَتْنِ إِمامِ
قَرَنْتُ بحِقْوَيْهِ ثَلاثاً فلَمْ يَزُغْ ... عَن القَصْدِ حَتّى بُصِّرَتْ بدِمام وخَلِقَ الشّيْءُ كفَرِحَ وكَرُمَ : امْلأسُّ ولانَ واسْتَوى وقد خَلَّقَهُ هو يُقال : حَجَرٌ أَخْلَقُ أي : لَين أمْلَسُ مُصْمَتٌ لا يُؤَثِّرُ فيه شَيءٌ . وصَخْرَةٌ خَلْقاءُ : مُصْمَتَةٌ مَلْساءُ وكذلِكَ هَضْبَةٌ خَلْقاءُ أي : لا نَباتَ بها وقِيلَ : صَخْرَةٌ خَلْقاءُ بَيِّنَةُ الخَلَقِ : ليسَ فِيها وَصْمٌ ولا كَسْرٌ وفي الحَدِيث : " لَيْسَ الفَقِيرُ فَقِيرَ المالِ إنَّما الفَقِيرُ الأَخْلَقُ الكَسْب " يَعْنِي الأَمْلَسَ من الحَسَناتِ أرادَ أنَّ الفَقْرَ الأكْبَرَ هو فَقْرُ الآخِرِة
ويُقال : رَجُلٌ أَخْلَقُ من المالِ أَي : عارٍ منه وقالَ الأعْشَى :
" قَدْ يَتْرُكُ الدَّهْرُ في خَلْقاءَ راسِيَةٍوَهْياً ويُنْزِلُ مِنْها الأَعْصَمَ الصَّدَعَا وخَلُقَ الرجلُ كَكَرُمَ : صارَ خَلِيقاً أَي : جَدِيراً يُقال : فُلانٌ خَلِيقٌ بكَذا أَي : جَدِيرٌ به وقد خَلُقَ لذلِكَ كأَنَّه مِمَّنْ يُقَدَّرُ فيه ذاك وتُرَى فيه مَخايِله
وقالَ اللِّحْيانِيُّ : إِنَّه لخَلِيق أَن يَفْعَلَ ذلِك وبأنْ يَفْعَلَ ذلك ولأنْ يَفعَلَ ذلكَ ومِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذلِك قالَ : والعَرَبُ تَقُولُ : يا خَلِيقُ ذلِكَ فتَرفَعُ ويا خَلِيقَ بذلِكَ فتَنْصِب قالَ ابن سِيدَه : ولا أَعْرِفُ وَجْهَ ذلِك
ويُقالُ : إنَّه لخَلِيق أيْ : لحَرِيٌّ يُقالُ ذلك للشَّيْءَ الَّذِي قَد قَرُبَ أَن يَقَع وصَح عندَ من سَمِعَ بوُقُوعِه كَوْنه وتَحْقِيقُه واشْتِقاق خَلِيقٍ من الخَلاقَةِ وهو التَّمرِينُ من ذلِكَ أَن يَقُولَ للذِي قد أَلِفَ شَيئاً : صارَ ذلِكَ له خُلُقاً أَي : مَرَنَ عليه ومن ذلِكَ الخُلُق الحَسَنُ
والخَلاقَةُ والخُلُوقَةُ : المَلاسَة
وخَلُقَت المَرْأَةُ خَلاقَةً : حَسُنَ خُلُقُها
ويُقالُ : هذِه قَصِيدَةٌ مَخْلُوقَةٌ أي : مَنْحُولَةٌ إِلى غيَرِ قائِلِها نَقَلَه الجوهريُّ وهو مَجازٌ
وخوالِقُها فى قَوْلِ لَبيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه :
والأَرْض تَحْتَهُمُ مِهادًا راسِياً ... ثَبَتَتْ خَوالِقُها بصُمِّ الجَنْدَلِ أي : جِبالُها المُلْسُوالخَلِيقَةُ : الطَّبِيعَةُ يُخْلَقُ بها الإنْسانُ وقالَ اللِّحْيانِي : هذه خَلِيقَتُه الَّتِي خُلِقَ عَلَيْها وخُلِقَها والَّتِي خُلِقَ : أَرادَ الّتِي خُلِقَ صاحِبُها وقال أَبو زَيْد : إِنَّه لكَرِيمُ الطَّبِيعَةِ والخَلِيقَةِ والسَّلِيقَةِ بمعنىً واحِدٍ والجَمْعُ خلاَئِقُ قال لَبِيدٌ :
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المَلِيلكُ فإنَّما ... قَسَمَ الخَلائِقَ بَيْنَنا عَلاّمُها نَقَله الجَوهَرِي . والخَلِيقَةُ : النّاسُ كالخَلْقِ يُقال : هم خَلِيقَةُ اللهِ وخَلْقُ اللهِ وهُوَ في الأَصْلِ مَصْدرٌ كما في الصِّحاح
وقولُهُم في الخَوارِج : " هم شَرُّ الخَلْقِ والخَلِيقَةِ " قالَ النضْرُ : الخَلِيقَةُ : البَهائِمُ
وقالَ أبو عَمْرٍو : الخَلِيقَةُ : البِئْرُ ساعَةَ تُحْفَرُ وقالَ غيرُه : هي الحَفِيرَةُ المَخْلُوقَةُ في الأرْضِ وقِيلَ : هي البئْرُ الَّتِي لا ماءَ فِيها وقِيلَ : هي النقْرَةُ فِي الجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فيها الماء وقالَ ابنُ الأعْرابِيِّ : الخُلُقُ : الآبارُ الحَدِيثاتُ الحَفْرِ
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : الخَلائِق : قِلاتٌ بذِرْوَةِ الصَّمّانِ تُمْسِكُ ماءَ السَّماءَ في صفاةٍ مَلْساءَ خَلَقَها اللَّهُ تَعالَى فِيها وقد رَأيْته
وخَلِيقَةٌ كسَفِينَة : ع بالحِجازِ على اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً من المَدِينَةِ على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسُّلام بينَها وبينَ دِيارِ بَنِى سُلَيْم . وخَلِيقَةُ أيْضاً : ماءٌ إلى الجادة بينَ مَكةَ واليَمامَةِ لبَنِي العَجْلانِ
وخَلِيقَةُ : اسمُ امْرأَةِ الحَجّاج ابنِ مِقْلاصٍ مُحَدِّثَة عن أُمِّها رَوَى عنها زَوْجُها ذَكَرها الأَمِيرُ . وخَلَقَ الثَّوْبُ كنَصَرَ وكَرُمَ وسَمِعَ خُلُوقاً وخُلُوقَةً وخَلَقاً مُحَرَّكَةً وخَلاقَةً أي : بَلِىَ قالَ ابنُ بَرِّىِّ : شاهِدُ خَلُقَ قولُ الأعْشَى :
أَلا يا قَتْلُ قد خَلُق الجَدِيدُ ... وحُبُّكِ ما يَمُح ولا يَبيدُ ويُقالَ : هُو مَخْلَقَةٌ بذلِك كمَرْحَلَةٍ وكذا الأَمْرُ مَخْلَقَةٌ لكَ وإَنَّه مَخْلَقَة من ذلِك مثل مَجْدَرَة ومَحْراةٌ ومَقْمَنَةٌ وكذلكَ الاثْنانِ والجميعُ والمُؤَنَّثُ قاله اللِّحْيانِيّ
وسَحابَةٌ خَلِقَةٌ وخَلِيقَة كَفرِحَة وسَفِينَةٍ أي : فيها أَثَرُ المَطَرِ كما في الصِّحاح وأَنْشَدَ قَولَ أبِي دُوادٍ الآتِي فيما بعدُ
والخَلَقُ مُحَرَّكَةً : البالِي يُقال : ثَوْبٌ خَلَق ومِلْحَفَةٌ خَلَقٌ ودارٌ خلَق للمُذَكَّرِ والمُؤَنَثِ قالَ الجَوْهرِي : لأَنّه في الأَصْلِ مَصدَر الأخْلَقِ وهو الأَمْلَسُ وفي اللِّسان : قالَ اللِّحْيانِي : قال الكِسائي : لم نَسْمَعْهُم قالُوا : خَلَقَةٌ في شَيءٍ من الكَلام وجِسْمٌ خَلَقٌّ ورِمَّة خَلَق قال لَبِيد :
والنِّيبُ إنْ تَعْرُ مِنِّي رِمةً خَلَقاً ... بَعْدَ المَماتِ فإنِّي كُنْتُ أَتَّئرُ هكذا أَنْشَدَه الصَّاغانِيُّ قلتُ : وقد أَنْشَدَتْهُ السَّيِّدَةُ عائِشَةُ - رضِيَ اللَّه عَنْها - أَيضاً وفيه :
ارْقَعْ جَدِيدَكَ إِنّي راقِعٌ خَلَقِي ... ولا جَدِيدَ لِمَنْ لا يَرْقَعُ الخَلَقَا كذا قَرَأتُه في كتاب " لبس المُرَقعَةِ " لأبي المَنْصُورِ السَّرنَجيِّ النَّصِيبِيِّ شيخ أَبِى طاهِرٍ السِّلَفِيِّ ج : خُلْقانٌ بالغًّّ وأَخْلاق وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّىّ في التثْنِيَة لشاعِرٍ :
كأَنَّهُما والآلُ يَجْرِي عَلَيْهِما ... من البُعْدِ عَيْنا بُرْقُع خَلَقانِوقالَ الفَرّاءُ : وإِنّما قِيلَ له بغيرِ هاء لأنَّه كانَ يسْتَعْمَلُ فى الأصلِ مُضافاً فيُقال : أعْطِنِي خَلَقَ جُبَّتِكَ وخَلَق عِمامَتِك ثُمَّ اسْتُعْملَ في الإفْرادِ كَذلِكَ بغيرِ هاءً قال الزَّجّاجِي في شرح رسالَةِ أَدَب الكاتِبِ : ليسَ ما قالَهُ الفَرّاءُ بشَيْءٍ لأنّه يُقالُ له : فلمَ وَجَبَ سقُوُطُ الهاءَ في الإِضافَةِ حَتّىَ حُملَ الإِفْرادُ عليها ؟ ألا تَرَى أَنَّ إِضافَةَ المُؤَنَّثِ إلى المُؤَنَّثِ لا تُوجِبُ إسْقاطَ العلامَةِ منه كقولهِ مِخَدَّةُ هِنْد ومِسْوَرَةُ زَيْنَبَ وما أَشبهَ ذلك وحَكَى الكِسائي : أَصْبَحَتْ ثِيابُهُم خُلْقاناً وخَلَقُهُم جُدُدًا فوضَعَ الواحِدَ في مَوْضِع الجَمْع الذي هو خُلْقان
ويُقالُ : مِلْحَفَةٌ خُلَيْق كزُبَيْر صَغَّرُوه بلا هاءً لأنَّهُ صِفَة وإِنَّ الهاءَ لا تَلْحَقُ تَصْغِيرَ الصِّفاتِ وهذا كنُصَيْفٍ في تَصْغِيرِ امْرَأَة نَصَف
وقد يُقال : ثَوْبٌ أَخْلاقٌ يَصِفُونَ به الواحِدَ : إِذا كانَت الخُلُوقَةُ فيه كُلِّه كما قالُوا : بُرْمَةٌ أعْشارٌ وأرْضٌ سَباسِبُ كما في الصِّحاح وكذا ثَوْبٌ أكياشٌ وحَبْلٌ أَرْمامٌ وهذا النحْوُ كَثِيرٌ وكذلِك مُلاءَةٌ أَخْلاقٌ عن ابنِ الأعْرابِيَ وفي التَّهْذيبِ : يُقال : ثَوْب أَخْلاقٌ يُجْمَع بما حَوْلَه وقالَ الرّاجِزُ :
" جاءَ الشِّتاءُ وقَمِيصِي أَخْلاقْ
" شَراذِمٌ يَضْحَكُ منه التَّوّاقْ وقالَ الفَرّاءُ : إِنّما قِيلَ : ثَوْبٌ أَخْلاقٌ لأن الخُلُوقَةَ تَتَفَشَّى فِيه فتَكْثُرُ فيَصِيرُ كُل قِطْعَة منها خَلَقاً . والخَلُوقُ والخِلاقُ كصَبُورٍ وكِتابٍ : ضَرْبٌ من الطِّيبِ يُتَّخَذُ من الزَّعْفَرانِ وغيرِه وتَغْلِبُ عليه الحُمْرَةُ والصُّفْوَةُ وإِنَّما نُهِى عَنْه لأنَّهُ من طِيبِ النِّساءَ وهُنَّ أَكْثَرُ اسْتِعْمالاً له منهم وشاهِدُ الخَلُوقِ ما أنْشَدَ أبو بَكْرٍ :
" قَدْ عَلِمَتْ إِنْ لَمْ أَجِدْ مُعِينَا
" لتَخْلِطَنَّ بالخَلُوقِ طِينَا يَعْنِى امْرَأَتَه يقولُ : إِنْ لَمْ أَجِدْ مَنْ يُعِيننِي عَلَى سَقْيِ الإبِلِ قامَتْ فاسْتَقَتْ مَعِي فوَقَع الطينُ على خَلُوقِ يَدَيْها فاكْتَفَى بالمُسَببِ عن السَّبَبِ وأنْشَدَ اللِّحْيانِيُّ :
ومُنْسَدِلاً كقُرُونِ العَرُو ... سِ تُوسِعُه زَنْبَقاً أو خِلاقَا والخَلاقُ كسَحاب : الحَظًّ والنَّصِيبُ الوافِرُ من الخَيْرِ والصلاحُ يقال : لا خَلاقَ لَهُ أَي : لا رَغْبَةَ لَه في الخَيْرِ ولا صَلاحَ في الدِّينِ ومنه قولُه تَعالى : " أَولئكَ لا خَلاَقَ لَهُمْ في الآخِرَةِ " وكَذا قولُه تَعالى : " فاسْتَمْتَعُوا بخَلاقِهِمْ " أَي : انْتَفَعُوا بهِ وفي حَدِيثِ أَبَي : " إِنَّما تَأكُل مِنْهُ بخَلاقِكَ " أي : بحَظِّكَ ونَصِيبِكَ من الدِّينِ قالَ له ذلك في حَقِّ إِطْعام من أَقْرأَهُ القُرْآنَ
والخُلُقُ بالضَّمِّ وبضَمَّتيْنِ : السَّجيَّةُ وهُو ما خُلِقَ عليهِ من الطًّبْع ومنه حَدِيثُ عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عنها - : " كانَ خُلُقُه القُرآنَ " : أي كانَ مُتَمَسِّكاً بهِ وبِآدابِهِ وأَوامِرِه ونَواهِيه وما يَشْتَمِلُ عليه من المَكارِم والمَحاسِنِ والألطافِوقالَ ابنُ الأعْرابِيِّ : الخُلُقُ : المُرُوءةُ والخُلُقُ : الدِّينُ وفِي التنزيل : " وإنَّكَ لعَلَى خُلُقٍ عَظِيم " والجَمْعُ أَخْلاقٌ لا يُكَسرُ على غَيْرِ ذلِك وفي الحَدِيثِ : " لَيْسَ شَيءٌ في المِيزانِ أَثْقلُ من حُسْنِ الخُلُقِ " وحَقِيقَتُه أَنَّه لصُورَةِ الأنْسانِ الباطِنَةِ وهي نَفْسُه وأوْصافُها ومعانِيها المُخْتَصَّه بها بمَنْزِلَةِ الخَلْقِ لصُورَتهِ الظاهِرَةِ وأَوْصافِها ومَعانِيها ولهما أوصافٌ حَسَنَةٌ وقَبِيحَةٌ والثوابُ والعقابُ يَتَعَلَّقانِ بأوْصافِ الصُّورَةِ الباطِنَةِ . أَكْثَرَ مِمّا يَتَعَلَّقانِ بأوْصافِ الصُّورَةِ الظّاهِرَةِ ولهذا تَكَررتِ الأَحادِيثُ في مَدْح حُسْنِ الخلُقِ في غَيْرِ مَوْضع كقَولِه : " أَكْمَلُ المُؤْمنِينَ إِيماناً أَحْسَنُهم خُلُقاً " وقوله : " إنَّ العَبْدَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه دَرَجَةَ الصَّائم القائِم " وقوله : " بُعثْتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ " وكذلِكَ جاءَت في ذَمِّ سُوءَ الخُلُقِ أَيْضاً أحادِيثُ كَثِيرَة
والأَخلَقُ : الأمْلَسُ المُصْمَتُ من كُلَ شَيءَ قالَ رُؤْبَةُ :
" وَبَطَّنَتهُ بَعْدَ ما تَشَبْرَقَا
" من مَزْقِ مَصْقُولِ الحَواشيِ أَخْلَقا وقالَ ذُو الرُّمة :
أَخَا تَنائِفَ أَغْفَى عندَ ساهِمَةٍ ... بأَخْلَقِ الدَّفِّ مِنْ تَصْدِيرِها جُلَبُ وفي حَدِيثِ عُمَرَ - رِضيَ اللّهُ عنه - : " لَيْسَ الفَقِيرُ الَّذِي لا مَالَ لَه إِنَّما الفَقِيرُ الأخْلَقُ الكَسْبِ " أَرادَ أَنَّ الفَقْرَ الاكبَرَ إِنُّما هو فَقْرُ الآخِرَةِ لمَنْ لم يُقَدِّمْ من مالِه شَيْئاً يُثابُ عليه هُنالِكَ . وفي حَدِيث آخر : " أَمّا مُعاوِيَةُ فرَجُلٌ أخْلَقُ من المالِ "
والخِلْقَة بالكسرِ : الفِطرَة التي فُطِرَ عليها الإنْسانُ كالخَلْقِ "
والخُلْقُ بالضمِّ : المَلاسَةُ والنعُومَةُ كالخلُوقَةِ والخَلاقَةِ بفَتْحِهما على مُقْتَضَى إطلاقِهم والصَّحِيحُ أَن الخُلُوقَةَ بمَعْنَى المَلاسَةِ بالضَّم مَصْدَرُ خَلُقَ ككَرُمَ
وقالَ أَبو سَعِيدٍ : الخَلَقَةُ بالتَّحْرِيكِ : السَّحابَةُ المُسْتَوِيَةُ المُخِيلَةُ للمَطَرِ وأَنْشَدَ لأَبِي دُواد الإِيادِيِّ :
ما رَعَدَتْ رَعْدَةٌ ولا بَرَقَتْ ... لكِنّها أُنْشِئَتْ لنا خَلَقَهْ
فالماءُ يَجْرِى ولا نِظامَ لَهُ ... لو يَجِدُ الماءُ مَخْرَجاً خَرَقَهْ وأَنْشَدَه الجَوْهَرِي على " خَلِقَهْ " كفَرحَة . والخَلْقاءُ من الفَراسِنِ : التِي لا شَقَّ فِيها عن ابْنِ عَبّاد
وفي حَدِيثِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ كُتِبَ له في امْرأةٍ خَلْقاءَ تَزَوَّجَها رَجُلٌ فكَتَب إِليه : " إِنْ كانُوا عَلِمُوا بذلك لكَ يَعْنِي أَولِياءَها فأَغْرِمْهُمْ صَداقَها لزَوْجِها " . الخلقاءُ هي : الرَّتْقاءُ لأنَّها مُصْمَتَةٌ كالصَّفاةِ الخَلْقاءَ قال ابنُ سيدَه : هو مَثَلٌ بالهَضْبَة الخَلْقاءَ لأَنَّها مُصْمَتَةٌ مِثْلُها
كالخُلَّقِ كرُكَّع وهذه عن ابنِ عَبَّاد
والخَلْقاءُ : الصَّخْرَةُ ليسَ فِيها وَصْمٌ ولا كَسْرٌ قالَ ابنُ أَحْمَرَ الباهِلِي :
في رَأسِ خَلْقاءَ مِنْ عنَقاءَ مُشْرِفَةٍ ... لا يُبْتغَي دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ وهي بَيِّنَةُ الخلَقِ مُحَركَةً
وقالَ بنُ دُرَيْدٍ : الخَلْقاءُ من البَعِيرِ وغَيْرِه : جَنْبُه ويُقالُ : ضَرَبْت على خَلْقاءَ جَنْبِه أَيضاً أَي : صَفْحَةِ جنَبه
والخَلْقاءُ من الغارِ الأعلَى : باطِنُه وما امْلاَّس منه قالَه اللَّيْثُ
والخَلْقاءُ من الجَبْهَة : مُسْتَواها وما امْلاَّس منها
كالخُلَيْقاءَ بالتَّصغير فِيهما أَي : في الغارِ والجَبْهَة وقِيلَ : هُما ما ظَهَر من الغارِ وقد غَلَب عليه لَفْظُ التصْغيرِ
ويُقال : سُحبُوا على خَلْقاواتِّ جِباهِهِم وهو مَجازٌوالخلَيْقاءُ من الفَرَسِ : حَيْثُ لَقِيتْ جَبْهَتُه قَصَةَ أَنْفِه من مُسْتَدَقِّها وهي كالعِرْنِينِ مِنّا قالَ أَبو عُبَيْدَةَ : في وَجْهِ الفَرَسِ خُلَيقاوانِ وهُما حَيْثُ لَقِيَتْ جَبْهَتُه قَصَبَةَ أَنْفِه قالَ : والخليقانِ عَنْ يَمِينِ الخلَيقْاءَ وشِمالِها يَنْحَدِرُ إِلى العَيْنِ قالَ : والخُلَيْقاءُ بينَ العَيْنَيْنِ وبَعْضُهم يَقول : الخَلْقاءُ . وأَخْلَقَه : كَساهُ ثَوْباً خَلَقاً كما في الصِّحاح وقِيلَ : أَخْلَقَه خَلَقاً : أعْطاهُ إيّاها
ومُضْغَةٌ مُخَلقَةٌ كمُعَظَّمَةٍ : تامَّةُ الخَلْقِ وغَيْرُ مُخَلَّقَةٍ : هو السّقْطُ قالَه الفَرّاءُ وسُئلَ أحْمَدُ بنُ يَحيَى عن قَوْلِه تَعالَى : " مُخَلقَةٍ وغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " . فقَال : النّاسُ خُلِقُوا على ضَرْبَيْنِ : منهم تامُّ الخَلْقِ ومِنْهُم خَدِيجٌ : ناقِصٌ غَيْر تامٍّ يَدُلُّكَ على ذلِكَ قولُه تَعالَى : " ونُقِرُّ فِي الأرحام ما نَشاءُ " وقالَ ابن الأعْرابِي : مُخَلَّقةٌ : قد بَدا خَلْقُها وغَيْرُ مُخَلَّقَةٍ : لم تُصَوَّرْ
والمُخَلَّقُ كمُعَظَّمٍ : القِدْحُ إذا لُيِّنَ نَقَله الجَوْهَرِي وأنْشَد للشاعِر ِيَصِفُه :
فخَلَّقْتُهُ حَتَّى إِذا تَمَّ واسْتَوَى ... كمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمام وقد تَقَدم ذلِكَ
وخَلَّقَهُ بخَلُوقٍ تَخْلِيقاً أَي : طَيّبَه به فتَخَلَّقَ به : إِذا تَطَيِّب به وخَلَّقَت المَرْأَةُ جسْمَها : إذا طَلَتْه بالخَلُوق وأَنْشَدَ اللِّحْيانِيُّ :
" يا لَيْتَ شِعْرِي عنْكِ يا غَلابِ
" تَحْمِلُ مَعَها أَحْسَنَ الأرْكابِ
" أَصْفَرَ قَدْ خُلِّقَ بالمَلابِ والمُخْتَلَقُ للمَفْعُولِ : الرَّجُل التّامُّ الخَلْقِ المُعْتَدِلُه وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ - للبُرْج بنِ مُسْهِرٍ - :
فلَمَّا أَنْ تَنَشَّى قامَ خِرْقٌ ... من الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هَضِيمُ وفي الأساسِ : رَجُلٌ مخْتَلَقٌ : حَسَنُ الخِلْقَةِ وامْرَأَةٌ مُخْتَلَقَة : ذاتُ خَلْقٍ وجِسْم وهو مَجازٌ
وقالَ ابنُ فارِسٍ : يُقال : المخْتَلَقُ من كُلِّ شَيءٍ : ما اعْتَدَلَ منه قال رُؤبَة :
" في غِيلِ قَصْباءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ ومن المَجازِ : تَخَلَّقَ بغَيْرِ خُلُقِه : إِذا تَكَلَّفَه ومِنْهُ الحَدِيثُ : " مَنْ تَخَلَّقَ للناسِ بما يَعْلَمُ اللهُ أَنَّه لَيْسَ من نَفْسِه شانَهُ اللَّهُ تَعالَى " قالَ المُبَرِّدُ : أَي : أظْهَرَ في خُلُقِه خِلفَ نِيَّتِه وقالَ غَيْرُه : أَي : تَكَلَّفَ أَنْ يُظْهِرَ من خُلُقِه خِلافَ ما يَنْطَوِي عليه مثل تَصَنعَ وتَجَمَّلَ : إِذا أظْهَر الصَّنِيعَ والجَمِيلَ . وتَخَلَّقَ بكَذا : استعْمَلَه من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقاً فى فِطْرَتِه
وقولُه : تَخَلَّقَ مثل تَجَمَّلَ إِنَّما تأوِيلُه الإظْهارُ قال سالِمُ بنُ وابِصَةَ :
عليكَ بالقَصْدِ فيما أَنْتَ فاعِلُهُ ... إنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَه الخُلُقُ أراد بغَيرِ شيمَتِه فحَذَفَ وأَوْصَلَ
واخْلَوْلَقَ السَّحابُ : اسْتَوى وارْتَتَقَت جوانِبُه وقِيل : امْلاسَّ ولان
وقالَ الجَوْهَرِي : يُقال : صارَ خَلِيقاً أَي : جَدِيرًا للمَطَرِ كأَنّه مُلِّسَ تَمْلِيساً وفي حَدِيثِ صِفَةِ السَّحابِ : " واخْلَوْلَقَ بعدَ تَفَرق " أَي : اجْتَمَع وتَهَيَّأ للمَطَرِ وهذا البناءُ للمُبالَغَةِ وهو افْعَوْعَلَ كاغْدَوْدَنَ واعْشَوْشَبَ
واخْلَوْلَقَ الرَّسمُ : اسْتَوَى بالأَرْضِ نَقَله الجَوْهَرِيُّ ومنه قَولُ المُرَقِّشِ :
ماذَا وُقُوفِي عَلىَ رَبْع عَفا ... مُخْلَوْلِقٍ دارسِ مُسْستَعْجِمَ وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ للشّاعِر :
هاجَ الهَوَى رَسْمٌ بذَاتِ الغَضَا ... مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ واخْلَوْلَقَ مَتنُ الفَرَسِ : إِذَا امَّلَسَ
ويُقال : خالَقَهُم مُخالَقَة : إِذا عاشَرَهُم على أَخْلاقِهِم ومنه الحَدِيثُ : " اتَّقِ اللَّه حَيْثُ كُنْتَ وأَتبع السَّيَّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها وخالِقِ النَاسَ بخلقٍ حسَن " . ويقال : خالِصِ المُؤْمِنَ وخالِقِ الكافِرَ وقالَ الشاعِر :خالِقِ النّاسَ بخُلْقٍ حَسَنٍ ... لا تَكُنْ كَلْباً على النّاسِ يَهِرّْ ومما يستدرك عليه : من صِفاتِ الله تعالَى - جلَّ وعَزّ - : الخَلاّقُ ففي كِتابِه العَزِيز : " بَلَى وهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ " ومَعْناه ومَعْنَى الخالِقِ سواءٌ
وخَلَقَ اللهُ الشَّيْء خَلْقاً : أَحْدَثَه بعدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ
والخَلْقُ : يَكُونُ المَصْدَرَ ويَكُون المَخْلُوقَ
وفي الأساسِ : ومن المَجازِ : خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ : أَوْجَدَهُ على تَقْدِيرٍ أَوْجَبَتْهُ الحِكْمَةُ
وقولُه عَز وجَلَّ : " فليُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ " قيل : مَعْناهُ دِينُ اللَّهِ قالَه الحَسَنُ ومُجاهِد لأنَّ الله فطَرَ الخَلْقَ على الإِسلام وخلَقَهم من ظَهْرِ آدَمَ عليه السلام كالذَّرِّ وأشْهَدَهم أنَّه رَبهُم وآمَنُوا فمَنْ كَفَرَ فقَدْ غَيَّرَ خَلْقَ اللَّهِ وقِيلَ : المُرادُ به هُنا الخِصَاءُ قال ابن عَرَفَة : ذَهَبَ قومٌ إلى أَنَّ قَوْلَهُما حُجةٌ لمن قال : الإِيمانُ مَخلُوقٌ ولا حُجَّةَ له لأنَّ قَوْلَهما : دينُ اللهِ أرادَا حُكْمَ اللهِ وكَذَا قولُ تَعالَى : " لا تَبْدِيلَ لخَلْقِ اللهِ " قالَ قَتادَةُ : أي لدِينِ الله
وحَكَى اللِّحْيانِيُّ عن بَعْضِهم : لا والَّذِي خَلَقَ الخُلُوقَ ما فَعَلْتُ ذلِك يريدُ جَمِيعَ الخَلْق
ورَجُلٌ خَلِيقٌ كأميرٍ بَيِّن الخَلْقِ أَي : تامُّ الخَلْقِ مُعْتَدِلٌ وهي خَلِيقَةٌ وقِيلَ : خَلِيقٌ : تَمَّ خَلْقُه وقيلَ : حَسُنَ خَلْقُه وقالَ اللَّيْثُ : امْرأةٌ خَلِيقَةٌ : ذاتُ جِسْم وخَلْقٍ ولا يُنْعَتُ به الرَّجُل
وفي حَديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وقَتْلِه أبا جَهْلٍ : " وهو كالجملِ المُخَلَّقِ " . أي : التامِّ الخَلْقِ
والخَلِيقُ كالخَلِيقَةِ عن اللِّحْيانِيِّ قالَ : وقالَ القَنانِيُّ في الكِسائيِّ :
ومالي صَدِيقٌ ناصِحٌ أغْتَدِي لَهُ ... ببَغْدادَ إِلاّ أنْتَ برٌّ مُوافِقُ
يَزِينُ الكسائِيَّ الأَغرَّ خَلِيقَةٌ ... إِذا فَضحَتْ بعضَ الرِّجالِ الخَلائِقُ وقد يَجُوز أنْ يَكُونَ الخَلِيقُ جَمْعَ خَلِيقَة كشَعِيرٍ وشَعِيرَة قالَ : وهُو السّابقُ إليَّ
والخَلِيقَةُ : الأرْضُ المَحفورَةُ
والخُلُقُ : العادَةُ ومنه قَوْلُه تعالى : " إِنْ هذا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ "
وِخَلَقَ الثَّوْبُ : بَلِىَ وأنْشَد ابنُ بَريٍّ للشّاعِرِ :
مَضَوْا وكأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ أهْلُهُم ... وكُل جَديد صائِرٌ لخُلُوقِ وقد أَخْلَقَ الثَّوْبُ إِخْلاقاً واخْلَوْلَقَ : إذا بلىَ وأخْلَقْتُه أنَا : أَبْلَيتُه يتَعَدى ولا يَتَعدًّى
ويُقال : أَخْلَقَ فَهو مُخْلِق : صارَ ذا إِخْلاقٍ وأَنْشَد ابنُ بَرِّيٍّ لابن هَرْمَةَ :
عَجِبَتْ أُثَيْلَةُ أَنْ رَأتْنِي مُخْلِقاً ... ثَكِلَتْكٍ أُمكِ أَيُّ ذاكِ يَرُوعُ
قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى ورِداؤُه ... خَلَقٌ وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ وأنْشدَ ليَ ابنُ بَرَيّ شاهِدًا على أَخْلَقَ الثَّوبُ لأبِي الأَسْوَدِ الدؤلِيِّ :
نَظَرْتُ إِلى عُنْوانِه فنَبَذْتُه ... كنَبذِكَ نَعْلاً أَخْلَقَتْ من نِعالِكَا وفي حَدِيثِ أُمِّ خالِد : " قالَ لها : أَبْلِى وأَخْلِقِى " يُرْوَى بالقافِ وبالفاءَ من إخْلاقِ الثوْبِ وتَقْطِيعِه والفاءُ بمعنَى العِوَضِ والبَدَلِ وهو الأشْبَهُ وقد تَقَدَّم
وحَكَى بن الأعرابِيِّ : باعَه بَيْعَ الخَلَقِ ولم يُفَسِّرْهُ وأَنْشَدَ :
أبْلغْ فَزارَةَ أَنِّي قد شَرَيْتُ لَها ... مَجْدَ الحَياةِ بسَيْفِي بَيْعَ ذِي الخَلَقِ والخَلْقُ بالفَتحِ : كُلّ شَيْءٍ مُمَلَّس
والخَلائِق : حَمائِرُ الماءَ وهي : صخُورٌ أَرْبعَ عِظامٌ مُلْسٌ تَكُونُ على رَأسِ الرَّكِيَّةِ يَقُوم عليها النّازِعُ والماتِحُ قالَ الرّاعِي :
فغادَرْنَ مَركُوًّا أكَسَّ عَشِيَّةً ... لَدَى نَزَح رَيّانَ باد خَلائِقُهْ وقالَ ابنُ عَبّاد : حَوْضٌ بادِي الخَلائِقِ أَي : النَّصائِب
وسَحابَةٌ خَلْقاءُ مثلُ خَلَقَةٍ عن ابْنِ الأعْرابِيِّوالخَلْقاءُ : السماءُ لمَلاسَتِها واسْتِوائِها
حكِىَ عن الكِسائِيِّ : إِنَّ أَخْلَقَ بكَ أنْ تَفعَلَ كَذا قال : أَرادُوا إِن أَخْلَقَ الأَشْياءَ بكَ أن تَفْعَلَ ذلك . وهو خَلِيقٌ له أَي شَبِيه وما أخْلَقَه أَي : ما أَشْبَهَهُ
ويُقال : أخْلِقْ بهِ أي : أَجْدِرْ بهِ وأَحْرِ بهِ واشتِقاقُه من الخَلاقَةِ وهو التَّمْرِينُ
والخِلاقَى : من مِياه الجَبَلَيْنِ قال زَيْدُ الخَيْلِ الطّائِي - رَضِيَ اللهُ عنه - :
نَزَلْنا بَيْن فَتْكٍ والخِلاقَّى ... بحَيِّ ذِي مُداراةٍ شَدِيدِ وقول ذِي الرمةِ :
ومُخْتَلَقٌ للمُلْكِ أَبْيَضُ فَدْغَمٌ ... أَشَم أَبَجُّ العَيْنِ كالقَمَرِ البَدْرِ عَنَى بهِ أنَّه خُلِقَ خِلْقَةً تَصْلُحُ للمُلْكِ وكذا قَوْلُ ابْنِ أَحْمَرَ :
مُسْتَبْشِرُ الوَجْهِ للأصْحابِ مُخْتَلَقٌ ... لا هَيِّبان ولا فِي أمْرِه زَلَلُ والمُخْتَلَقُ : المُمَلَّسُ قال رُؤْبَةُ :
" فارْتازَ عَيرَىْ سَنْدَرِىٍّ مُخْتَلَقْ واخْلَوْلَقَتِ السَّماءُ أَنْ تُمْطِرَ أي قارَبَتْ وشابَهَتْ
والخَلاقُ كسَحابٍ : الدِّينُ أَو الحَظُّ مِنْهُ
وأخْلَقَ الدَّهْرُ الشَّيْءَ : أبْلاهُ
وأَخْلَقَ شَبابُه : وَلَّى
ويُقالُ للسّائِلِ : أخْلَقْتَ وَجْهَك وهو مَجازٌ
والخُلْقانِيُّ بالضمِّ : نِسْبَةُ من يَبِيعُ الخَلَقَ من الثِّيابِ وغيرِها وقد انْتَسَبَ هكذا بعض المُحَدِّثِينَ منهم : الربِيعُ ابنُ سُلَيْم الأزْدِي وأَبو زِيادٍ إِسْماعِيل ابن زَكَرِيّا وأَبُو سَعِيد الحَسَنُ بنُ خلَفٍ الأسْتَراباذِيِّ وأَبَو عَبْدِ اللّهِ مُوسىَ بنُ داوُدَ الضَّبِّيُّ الخُلْقانِيُّونَ
وخَلُوق كصَبُورٍ أَو خَلُوقَة . بَطْنٌ من العَرَبِ منهم أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ الخَلُوقِي وله ابْنانِ : عبدُ الرَّحْمنِ وعَبْدُ الواحِدِ حَدَّثُوا
وأبُو مَرْوانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ هُذَيل ابن إِسْماعِيلَ التمِيمي الخَلَقي مُحَرَّكَةً الفَقِيهُ المُحَدِّثُ الزاهِدُ كانَ يَلْبَس خَلَقَ الثِّيابِ ذَكَرَه القاضِي عِياضٌ فِي المُدارَك توفِّيَ سنة 359
وخُلَّيْقَى كسُمَّيْهَى : هَضْبَةٌ ببلادِ بَنِي عُقَيْلٍ