زَهَدَ فيه وعَنْهُ كمَنَعَ وهو أَعلَى خَلافاً لما قالَه شيخُنا وسَمِعَ : يَزْهَدُ فيهما . وزاد ثعلب : زَهُدَ مثل كَرُمَ ولا يُعبَأُ بما قَاله شيخُنا : أَنكَرها الجماهيرُ وتكلَّف حتَّى جعلَه من نَقْل الفِعْل إلى فَعُلَ لإِرادة المَدْح وكمال التوصيف زُهْداً بالضّمّ هو المشهور وزَهَداً الفتح عن سيبويه وزَهَادَةً كسَحَابة فو زاهدٌ من قَوم زُهَّاد أَو هي أَي الزَّهادةُ : في الدُّنيا . ولا يقال الزُّهْد إِلاَّ في الدين خاصةً وهذا التفصيل نقله أَئمَّةُ اللُّغة عن الخليل ضدُّ رَغِبَ . وفي المصباح : زَهَدَ فيه وعنه بمعنَى تَرَكَه وأَعرَض عنه . وقال الله تعالى : " وكانُوا فيه منَ الزَّاهدينَ " . قال ثعلبٌ : اشتَرَوْه على زُهْد فيه
وفي حديث الزُّهْريّ وسُئلَ عن الزُّهْد في الدُّنْيَا فقال : هو أَلاَّ يَغْلبَ الحَلاَلُ شُكْرَه ولا الحَرَامُ صَبْرَه أَرد أَن يَعْجزَ ويَقْصُرَ شُكْرَه على ما رزقه الله من الحلال ولا صَبْرَه عن تَرْك الحَرَام . ونقل شيخُنا عن بعض الأَئمّة : أَصْوَب ما قيل فيه أَنه : أَخْذُ أَقَلِّ الكِفَايَة ممّا تُيُقِّنَ حِلُّه وتَرْكُ الزائد على ذلك لله تعالى
ومن المجاز : زَهَدَ النَّخْلَ كمَنَعَه يَزْهَدُه زَهْداً : حَزَرَهُ وخَرَصَهُ كأَزْهَدُه إِزهاداً . وهذه عن الصاغانيّ وزهَّده تَزْهيداً . ومن المجاز : مالَكَ تَمْنَعُ الزَّهَد محرّكةُ : الزَّكاةَ حكاه أَبو سعيد عن مُبتَكرٍ البَدويّ قال أَبو سَعيد : وأَصلُه من القِلَّة لأَنّ زكاةَ المال أَقلُّ شْيءٍ فيه وفي الأَساس : لأَن رُبع العُشْر قليلٌ . والزَّهِيدُ كأَمير : الحقيرُ والقَلِيلُ وعطاءٌ زَهِيدٌ : قليلٌ ورَجل زَهِيدٌ : قليلُ الخَيْر وهو مَجاز . والزَّهِيد : الضَّيِّقُ الخُلُقِ من الرِّجالِ والأُنثَى زَهِيدةٌ قاله اللِّحْيَانيُّ كالزَّاهِدِ وفلان زاهدٌ زَهِيدٌ بَيِّنُ الزَّهادة والزُّهْد . أَنشد أبو الطيبة :
" وتَسْأَلِي القَرْضَ لَئيماً زاهدَا والزَّهيد : القليلُ الأَكلِ
وفي التهذيب : رجَلٌ زَهِيدٌ وامرأةٌ زَهيدةٌ وهما القليلاَ الطُّعْمِ وفيه في موضع آخَرَ : وامرأَةٌ زَهيدَةٌ : قليلةُ الأَكْل ورَغيبة : كَثيرةُ الأَكل ورَجلٌ زَهيدُ الأَكل . ويُفهم من عبارة الأَساس أَن مصدرهُ : الزَّهادةُ والزُّهْدُ . والزَّهيد : الوَادِي الضَّيِّقُ القَليلُ الأَخْذِ للماءِ وزَهيدُ الأَرض : ضَيِّقُها لا يَخْرُج منها كثيرُ ماءٍ وجَمعه : زُهْدَانٌ . وقال ابن شُمَيْل : الزَّهِيد من الأَوْديَة : القليلُ الأَخْذِ للماءِ النَّزِلُ الذي يُسِيله الماءُ الهَيّن لو بالَتْ فيه عَنَاقٌ سالَ لأَنه قاعٌ صُلْبٌ وهو الحَشَادُ والنَّزِلُ . وازْدَهَدَه أَي العَطَاءَ : استَقَلَّه أي عَدَّهُ قليلاً قال ابن السِّكّيت : فلان يَزْدَهِدُ عَطَاءَ مَنْ أَعطاه أَي يَعُدُّه زَهيداً قليلاً . والتَّزهيدُ فيه وعنه ضِدُّ التَّرغيب وزَهَّدَه في الأمر : رَغَّبَه . ومن المجاز : التّزهيد : التَّبْخِيلُ والناس يُزَهِّدُونَهُ ويُبَخِّلُونَه قال عَديُّ بن زَيْد :
ولَلْبَخلةُ الأُولَى لمَنْ كانَ يَاخلاً ... أَعفُّ ومَنْ يَبْخَلْ يُلَمْ أَو يُزَهَّدِ أَي يُبَخَّل ويُنْسَب إلى أَنه زَهيدٌ لَئيمٌ . وتَزَاهَدُوهُ في حديث خالد : كتب إلى عمر رضي الله عنه أَنَّ الناس قد انْدَفَعُوا في الخَمْر وتَزَاهَدُوا الحَدَّ أَي احْتَقَرُوهُ ورأَوه زَهيداً . وزاهدُ بنُ عبد الله بن الخَصيب وأَبو الزّاهد المَوْصليُّ : مُحَدِّثانِ
ومما يستدرك عليه : المُزْهِدُ كمُحْسِن : القليلُ المالِ . وهو مُؤْمنٌ مُزْهِدٌ لأَن ما عنده من قلَّته يُزْهَدُ فيه قال الأَعشى يمدح قوماً بحُسْن مُجاورتهم جارةً لهم :
فَلَنْ يَطْلُبوا سِرَّها للْغِنَى ... ولنْ يَتْركوها لإِزهادهَا يقول : لا يَتركونُها لإِزْهادِهَا أَي قِلَّةِ مالهَا . وأَزْهَدَ الرَّجُلُ إِزهَأداً إذا كان مُزْهِداً لا يُرْغَبُ في ماله لقِلَّته . ورَجلٌ زَهيد وزاهدٌ : لَئيمٌ مَزْهودٌ فيما عنده . وأَنشد اللِّحْيَانيُّ :
" يا دَبْلُ ما بِتُّ بلَيْلِي هاجدَا
" ولا عَدَوْتُ الرَّكْعَتَيْن ساجدَا
" مَخَأفَةً أَن تُنْفذِى المَزَاوِدَا
" وتَغْبقي بَعْدِ غَبُوقاً بارداً
" وتشَسْأَلي القَرْضَ لَئيماً زاهداً ويقال : خُذْ زَهدَ ما يَكْفيك أَي قَدْرَ ما يَكْفيك وهو مَجازٌ
وقال الأَزْهَريُّ : رجل زَهيدُ العَيْنِ إذا كَأن يُقْنِعه القَليلُ ورَغِيبُ العَيْنِ إذا كَأن لا يُقْنِعُه إلا الكَثيرُ وهو مَجازٌ : وله عَينٌ زَهيدَةٌ وعينٌ رَغيبةٌ . وزَهَادُ التِّلاعِ بالفتح : صِغَارها يقال : أَصابَنَا مَطرٌ أَسَالَ زَهَادَ الغُرْضَانِ أَي الشِّعَاب الصِّغار من الوادِي . واشتَهَر بالزّاهد المُحَدِّثُ الرحَّالُ أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ داوود بن سُليمانَ النيسابوري توفي سنة 342 ومن المتأَخِّرين أبو العباس أحمدُ بن سليمانَ القادِرِيّ بمصر صاحب الكَرامات