" السَّحّ . الصَّبّ " المُتَتَابِع ؛ قاله ابن دُرَيْد . وفي المصباح : الصّبّ الكثِيرُ . ومثله في جامع القَزَّاز . وفي العَيْن : هو شِدّةُ الانْصِباب . ونقَله ابنُ التّيّانيّ في شرح الفَصِيح قال بعضُهُم : السَّحُّ : هو " السَّيَلانُ من فَوْقُ " والفِعْل كَنَصَر سَوَاءٌ كان مُتعدِّياً أَو لازِماً كما هو ظاهرُ الصّحاح وصرّح به الفَيُّوميّ وبعضُهُم قال : يَجْرِي على القياس فالمتعدِّي مَضمومٌ واللاَّزمُ مَكسورٌ . وسَحَّه غيرُه " كالسُّحُوحِ " - بالضّمّ لأَنه مَصدرٌ . وسَحَّت السماءُ مَطَرَها . وسَحَّ الدَّمْعُ والمَطَرُ والمَاءُ يَسُحّ سَحّاً وسُحُوحاً : أَي سال من فَوْقُ واستدَّ انْصِبابه . وساحَ يَسِيح سَيْحاً : إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرْض - " والتَّسَحْسُحَ والتَّسَحُّحِ " . يقال : تَسَحْسَحَ الماءُ والشّيءُ : سالَ . قال شيخنا : ظاهرُ كلامِه كالجوهَرِيّ أَن السَّحَّ والسُّحُوحُ مَصْدرانِ للمُتَعَدِّي واللاَّزمِ والصَّواب أَنه إِذا كان مُتعدِّياً فمصدرُه السَّحُّ كالنَّصْرِ من نَصَر وإِذا كان من اللاّزِم فمصدَرُه السُّحُوحُ بالضّمّ كالخُرُوجِ من خَرَجَ ونَحْوه . قال الأَزهَرِيّ : سمعت البَحْرَانيِّين يقولون لجِنْسٍ من " القَسْب " : السُّحُّ . وبالنِّبَاحِ عَيْنٌ يقال لها : عُرَيْفِجَانُ تَسْقِي نَخِيلاً كثيراً ويقال لتَمْرِهَا : سُحُّ عُرَيْفِجانَ . قال : وهو من أَجْوَدِ قَسْبٍ رأَيتُ بتلك البِلادِ . " أَو " السَّحُّ : " تَمْرٌ يابسٌ " لم يُنْصَحْ بماءٍ " مُتفرِّقٌ " مَنثورٌ على وَجْهِ الأَرْضِ لم يُجْمَع في وِعَاءٍ ولم يُكْنَزْ ؛ وهو مَجَاز " كالسُّحِّ بالضّمّ " قال ابن دُريد : لُغَة يَمَانِيَة . السَّحُّ : " الضَّرْبُ " والطَّعْن " والجَلْد " . يقال : سَحَّه مائةَ سَوْط يَسُحّه سَحّاً أَي جَلَدَه . من المَجَاز : السَّحُّ والسُّحُوحُ : " أَن يَسْمَن غَايَةَ السِّمَنِ " أَو يَسْمَنَ ولم يَنْتَهِ الغَايَةَ . وقد سَحَّتِ الشَّاةُ والبَقَرَةُ تَسِحّ بالكسر سَحّاً وسُحُوحاً وسُحوحَةً : إِذا سَمِنَتْ ؛ حكاها أَبو حَنِيفَةَ عن أَبي زَيْدٍ وزاد ابنُ التّيّانيّ : سُحُوحةً . وقال اللِّحْيَانيّ : سَحَّت تَسُحّ بضمّ السِّين ونَقَله الزَّمخشريّ . وقال أَبو مَعَدٍّ الكِلابيُّ : مَهْزول ثم مُنْقٍ إِذا سَمِنَ قليلاً ثم شَنُونٌ ثم سَمينٌ ثم سَاحٌّ ثم مُتَرَطِّمٌ : وهو الذي انتهى سِمَناً . " وشاةٌ ساحَّة وسَاحٌّ " بغيرِ هَاءٍ الأَخيرةُ على النَّسب . قال الأَزهَريّ : قال الخليل : هذا مما يُحتَجُّ به أَنه من قول العرب فلا نَبْتَدِع فيه شيئاً . " وغَنَمٌ سِحَاحٌ " بالكسر " وسُحَاحٌ " بالضَّمّ أَي سِمانٌ الأَخيرة " نادِرَةٌ " من الجَمْعِ العَزِيزِ كظُؤَارٍ ورُخَالٍ حكاه أَبو مِسْحَلٍ في نوادره وابنُ التّيّانيّ في شرح الفصيح وكرَاع في المُجَرَّد . وكذا رُوِيَ بيتُ ابنِ هَرْمةَ :
وبَصَّرْتَني بعدَ خَبْطِ الغَشُو ... مِ هذِي العِجَافَ وهذِي السُّحَاحَاوفي شرح شيخِنَا : وزاد أَبو مِسْحَل في نوادرِه أَنه يقال : شِيَاهٌ سُحَّاحٌ بالضّمّ مع تشديد الحاءِ على القياس في جمعِ فاعلٍ أُنْثَى على فُعّال بتشديد العين وهذا غريب لم يَتعرَّض له أَكثرُ أَهلِ اللغة . قلْت : وهذا الّذي ذكره قد حكاه ثَعلبٌ ونقله عنه ابنُ منظورٍ وفي الصّحاح : غَنَم سُحَّاحٌ هكذا بالتَّشديد بخطّ الجوهريّ ؛ كذا ضبطه ياقوت . وفي الهامش لابن القَطّاع : سِحَاح بالكسر . وفي حديث الزبير : " والدُّنْيا أَهْوَنُ عَليَّ من مِنْحَة سَاحّة " أَي شاة مُمتلئة سِمَناً . ويروَى : " سَحْسَاحة " وهو بمعناه . ولَحْم سَاحٌّ : قال الأَصمعيّ : كأَنّه من سِمَنه يَصُبّ الوَدَكَ . وفي حديث ابن عبّاس : " مررتُ على جَزورٍ ساحٍّ " أَي سَمِينةٍ . وفي حديث ابنِ مسعودٍ : " يَلْقَى شَيْطانُ الكافِرِ شيطانَ المؤمنِ شاحِباً أَغْبَر مَهْزُولاً وهذا ساحٌّ " أَي سَمِينٌ يَعنِي شَيْطَانَ الكافِر . من المجاز : " فَرَسٌ مِسَحٌّ " بالكسر أَي " جوادٌ " سَرِيعٌ كأَنه يَصُبُّ الجَرْيَ صَبّاً شُبِّه بالمَطَرِ في سُرْعةِ انصبابه كذا في جامع القزّاز . " والسَّحْسَح : عَرْصَةُ الدَّارِ " وعَرْصَة المَحَلّة " كالسَّحْسَحة " . قال الأَحمر : اذهَبْ فلا أَرَيَنَّك بسَحْسَحى وسَحَايَ " وحَرَاي وحَرَاتي " وعَقْوَتي وعَقَاتي . وقال ابن الأَعرابيّ : يقال : نزلَ فُلانٌ بسَحْسَحهن أَي بناحيَته وساحَته . السَّحْسَحُ " : الشّديدُ من المطَر " يَسُحّ جِدّاً يَقْشِرُ وَجْهَ الأَرضِ " كالسَّحْسَاحِ " بالفتح أَيضاً . " وعينٌ سَحْاحَةٌ " وفي نسخة : سَحْسَاحة وهو الصّواب : " صَبّابَةٌ للدَّمْعِ " أَي كثيرةُ الصَّبِّ له . في التّهذيب : عن الفرَّاءِ قال : هو السَّحَاحُ " كسَحاب : الهَوَاءُ " وكذلك الإِيَّارُ واللُّوحُ والحَالِق . ومما يستدرك عليه : انْسَحّ إبْطُ البَعِيرِ عَرَقاً فهو مُنْسَحٌّ أَي انْصَبَّ . ومن المَجاز : في الحديث : " يَمينُ اللهِ سَحّاءُ لا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ والنَّهَارَ " أَي دائمةُ الصّبِّ والهَطْل بالعَطَاءِ . يقال : سَحَّ يَسُحُّ سَحّاً فهو ساحٌّ والمؤنَّثة سَحَّاءُ وهي فَعْلاءُ لا أَفْعَلَ بها كهَطْلاءَ . وفي رِوَاية : " يَمينُ اللهِ مَلأَى سَحّاً " بالتنوين على المصدر . واليمينُ هنا كِنايَةٌ عن مَحَلِّ عَطائه . ووصَفَها بالامْتلاءِ لكَثْرَةِ مَنَافِعها فجَعَلَهَا كالعَيْن الثَّرَّة لا يَغِيضها الاسْتِقَاءُ ولا يَنْقُصُهَا الامْتِيَاحُ . وخَصَّ اليمينَ لأَنّها في الأَكْثرِ مَظِنَّةٌ للعَطاءِ على طَرِيق المَجَاز والاتِّساعِ . واللَّيْل والنَّهار مَنصوبانِ على الظَّرْف . وفي حديث أَبي بَكْرٍ أَنه قال لأُسامة حين أَنْفَذَ جَيْشَه إِلى الشَّام : " أَغِرْ عليهم غارَةً سَحّاءَ " أَي تَسُحّ عليهم البَلاءَ دَفعةً من غَيْر تَلَبُّثٍ . قال دُرَيدُ بنُ الصِّمَّةِ
ورُبَّتَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فيها ... كسَحِّ الخَزْرَجيِّ جَرِيمَ تَمْر معناه أَي صَبَبْتُ على أَعدائي كصَبِّ الخَزْرَجِيّ جَرِيمَ التَّمْرِ وهو النَّوَى . وحَلِفٌ سَحٌّ أَي مُنْصَبٌّ مُتتابعٌ وطَعْنَة مُسَحْسِحَةٌ : سائلةٌ وأَنشد
" مُسَحْسِحَةٌ تَعْلُو ظهورَ الأَناملِ وأَرْضٌ سَحْسَحٌ : واسِعَةٌ . قال ابن دريد : ولا أَدرِي ما صحَّتُهَا . ومن المَجاز : استنشدتُه قصيدَةً فسَحَّها عليَّ سَحّاً