السِّدْر : شَجَرُ النَّبِقِ الوَاحِدَةُ بِهَاءٍ قال أَبو حَنِيفَة : قال ابنُ زِياد : السِّدْرُ من العِضَاهِ وهو لَوْنَانِ : فمنْه عُبْرِيٌّ ومنه ضَالٌ . فأَمَّا العُبْرِيّ فمَا لا شَوْكَ فيه إِلاّ ما لا يَضِيرُ . وأَما الضّالُ فذُو شَوْكٍ . وللسِّدْرِ وَرقَةٌ عَرِيضَةٌ مُدَوَّرَةٌ وربما كانت السِّدْرةُ مِحْلالاً . قال ذُو الرُّمَّة :
قَطَعْتُ إِذَا تَجَوَّفَتِ العَوَاطِي ... ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيّاً وضَالاَ
قال : ونَبِقُ الضَّالِ صِغَارٌ . قال : وأَجْودُ نَبِقٍ يُعلَم بأَرْضِ العَرَب نَبِقُ هَجَرَ في بُقْعَة واحِدَة يُحْمَى للسُّلْطَان . وهو أَشَدُّ نَبِقٍ يُعْلَم حَلاوةً وأَطيَبُه رائِحة يَفُوحُ فَمُ آكِلِه وثِيَابُ مُلاَبِسِه كما يَفوح العِطْرُ . ج سِدْرَاتٌ بكَسْر فسُكُون وسِدِرَاتٌ بكَسْرَتَيْن وسِدَرَاتٌ بكسر ففتح وسِدَرٌ مثل عِنَبٍ وسُُرٌ بالضَّمّ الأَخِيرَة نادِرَة كذا في المحكم . وسِدْرَةُ بالكسر : تابِعِيّ وقيل : اسمُ امرأَةٍ رَوَتْ عن عائِشَةَ رضي اللّه عنها . وأَبو سِدْرَةَ : سُحَيْمٌ الجُهَيْمِيّ : شاعِرٌ وأبو سِدْرَةَ : خالِدُ بنُ عَمْرٍو . وقولُه تَعالى : " عنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى " وكذلك في حَدِيثِ الإِسراءِ " ثم رُفِعْتُ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى " قال الليثُ : زعمَ أَنَّهَا سِدْرَةٌ في السَّمَاءِ السّابِعَةِ لا يُجَاوِزُها مَلَكٌ ولا نَبِيّ . وقد أَظَلَّت الماءَ والجَنَّةَ . قال : ويُجْمَع على ما تقدَّم . وقال شيخُنَا : ووَردَ في الصَّحِيح أيَضاً أَنَّهَا في السَّمَاءِ السَّادِسَة وجمعَ بَيْنَهما عياضٌ باحْتِمَال أَنَّ أَصْلَها في السادسة وعَلَت وارتَفَعَت أُصولُها إِلى السابعة . قلْت : وقال ابنُ الأَثيِر : سِدْرَةُ المُنْتَهَى في أَقْصَى الجَنَّةِ إِليها يَنْتَهِي عِلْمُ الأَوَّلِين والآخِرِين ولا يَتَعَدَّاها . وذُو سِدْرٍ بالكَسْر وذو سُدَيْرٍ بالتَّصْغِير والسِّدْرَتَانِ مُثَنَّى سِدْرةٍ : مَوَاضِعُ . وقَرأْت في دِيوانِ الهُذَلِيّين من شِعْر أَبِي ذُؤَيِب الهُذَلِيّ قولَه :
أَصْبَحَ منْ أُمِّ عَمْرو بَطْنُ مُرٍّ فَأَجْ ... زاعُ الرَّجِيعِ فذُو سِدْرٍ فَأَمْلاَحُ وأَمَّا ذو سُدَيْرٍ فقَاعٌ بَيْنَ البَصْرةِ والكُوفَة وسيأْتِي في كلام المصنِّف قريباً . وسَدِيرٌ كأَمِير نَهرٌ بناحِيَة الحِيرَةِ من أَرضِ العِرَاق . قال عَدِيّ :
سَرَّهُ حَالُه وكَثْرةُ ما يَمْ ... لِكُ والبَحْرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ وقيل : السَّدِيرُ : النَّهْر مطلقاً . وقد غَلَب على هذا النَّهْرِ . وقيل : سَديرٌ : قَصْرٌ في الحِيرَة من مَنَازلِ آلِ المُنْذِر وأَبنِيَتِهم وهو بالفارسيّة " سِهْ دِلَّي " أَي ثلاث شُعَبٍ أَو ثلاث مُداخَلاتٍ . وفي الصّحاح : وأَصْله بالفارسيّة " سِهْ دِلَه " أَي فيه قِبَابٌ مُدَاخَلَة مِثْلُ الحارِيّ بكُمَّيْنِ . وقال الأَصمَعِيّ : السَّدِير فارِسَيَّة كأَن أَصله " سِهْ دِل " أَي قُبَّة في ثَلاَثِ قِبَابٍ مُدَاخَلَة وهي التي تُسَمِّيها اليومَ الناسُ سِدِلَّي . فأَعْربتْه العرب فقالوا : سَدِيرٌ . قلْت : وما ذَكَره من أَن السِّدِلَّي بمعنَى القِبَاب المُتداخِلة فهو كَذلِك في العُرْف الآن وهكذا يُكْتَب في الصُّكُوك المستعمَلة . وأَمَّا كَون أَنَّ السَّدِير مُعرّب عنه فمَحَلُّ تأَمُّلٍ لأَن الذي يَقتضيه السانُ أَن يكون مُعَرَّباً عن " سِْ دره " أَي ذا ثلاثةِ أَبوابِ وهذا أَقرب من " سِهْ دلَّي " كما لا يَخْفَى . وسَدِيرٌ أَيضاً : أَرضٌ باليَمَن تُجلَب منها البُرَودُ المُثمّنَة . وسَدِيرٌ أَيضاً : ع بِمِصْر في الشَّرقِيَّة قُربَ العَبَّاسِيَّة . وسَدِيرُ بنُ حَِيم الصَّيْرَفِيّ : شَيْخٌ لسُفْيَانَ الثَّوْرِيّ سَمِع أَبا جَعْفَرٍ مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَيِن قاله البُخَارِيّ في التَّاريخ . وي نوادِرِ الأَصْمَعِيّ التي رواها عنه أَبو يَعْلَى . قال أَبو عَمْرِو بنُ العَلاءِ : السَّدِيرُ : العُشْب . وذو سُدّيْر كزُبَيْر : قاعٌ بينَ البَصْرَةِ والكُوفَةِ وهو الذي تَقَدَّم ذِكْرُه في كلامه أَوَّلاً فهو تَكْرَارٌ كما لا يَخْفَى . والسُّدَيْر : ع بدِيارِ غَطَفَانَ قال الشاعِر :
" عَزَّ عَلَى لَيْلَى بِذِي سدُيَرْ ِ
" سُوءُ مَبِيتِي بَلَدَ الغُمَيْرِقيل : يريد : بذي سِدْرٍ فصَغَّرَ . والسُّدَيْر : ماءٌ بالحِجَازِ وفي بعض النُّسَخ بدله : وقَرْيَةٌ بِسِنْجَارَ . ويقال : سُدَيْرَةُ : بِهَاءٍ وصَوَّبه شيخُنَا . وفي معجم البَكْرِيّ : سُدَير ويقال سُدَيْرَةُ : مَاءَةٌ بين جُرَاد والمَرُّوتِ أقطعَهَا النَّبِّيّ صلّى اللّه عليه وسلَّم حُصَيْنَ بنَ مُشمِّتٍ الحِمَّانيّ فليُنْظَر . والسّادِرُ : المُتَحَيِّر من شِدَّة الحَرّ كالسَّدِرِ ككَتِف . وسَدِرَ بَصَرُه كفَرِحَ سَدَرَاً مُحَرَّكَةً وسَدَارَةً ككَرَامَة فهو سَدِرٌ : لم يَكَد يُبْصِر . وقيل : السَّدَرُ بالتَّحْرِيك شِبْهُ الدُّوَارِ وهو كَثِيراً ما يَعْرِض لرَاكِبِ البَحْر . وفي حديثِ عليٍّ رضي اللّه عنه " نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ سادِراً " قيل السَّادِرُ : اللاَّهِي . وقيل : الَّذِي لا يَهْتَمُّ لشيْءٍ ولا يُبَالِي ما صَنَعَ قال :
سادِراً أَحْسَبُ غَيِّي رَشَداً ... فتَناهَيْتُ وقد صَابَتْ بقُرّ ويقال : سَدِرَ البَعِيرُ كفَرِحَ يَسْدَر سَدَراً : تَحَيَّر بَصَرُه من شِدَّةِ الحَرِّ فهو سَدِرٌ . وفي الأَساس : سَدِرَ بَصرُه واسمَدَرَّ : تَحَيَّرَ فلم يُحسِن الإِدْراكَ . وفي بَصَرِه سَدَرٌ وسَمَادِيرُ . وعَينه سَدِرَةٌ . وإِنه سادِرٌ في الغَيّ : تائِهٌ وتَكلَّم سادِراً : غيرَ مُتَثَبِّت في كلامِه انتهى . وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ : سَدِرَ : قَمِرَ وسَدِرَ من شدَّة الحَرّ . وسَدِرٌ ككَتِفٍ : البَحْرُ قاله الجوهريّ . قِيل : لم يُسمع به إِلاّ في شِعْر أُمَيَّةَ بنِ أَبِي الصَّلْت :
فكأَنّ بِرْقِعَ والملائكَ حَوْلَهَا ... سَدِرٌ تَوَاكَلَه القَوَائِمُ أَجْرَدُ وقبله :
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطْبَاقُهَا ... وأَتَى بِسَابِعَةٍ فأَنَّى تُورَدُ وأَراد بالقَوَائِم هنا الرِّيَاحَ . وتَواكَلَتْه : تَرَكَتْه شَبَّهَ السماءَ بالبَحر عند سُكُونه وعدمِ تَمَوُّجِه . وقال ابنُ سِيدَه وأَنشدَ ثَعْلَب :
وكأَنَّ بِرْقِع والملائِكَ تَحْتَها ... سَدِرٌ تَوَاكَلَه قَوائِمُ أَرْبعُقال : سَدِرٌ : يَُور . وقَوائم أربعُ هم الملائكة لا يُدْرَى كيفَ خَلْقُهم . قال : شَبَّه الملائكة في خَوْفِها من اللّه تعالى بهذا الرَّجلِ السَّدِر . وقال الصَّاغانِيّ فيما رَدَّ به على الجوهريّ : إِن الصَّحِيحَ في الرّواية سِدْر بالكَسْر . وأَرادَ به الشَّجَرَ لا البَحْر وتَبعَه صاحِبُ النَّامُوس وشَذَّ شَيْخُنَا فأَنْكَرَه عليه . ويَأْتِي للمصنّف في " و ك ل " سِدْرٌ تَوَاكَلهُ القَوَائِمُ : لا قوائِمَ له : فتأَمَّلَ . والسِّدَارُ ككِتَاب : شِبْهُ الخِدْرِ يُعَرَّض في الخِبَاءِ . والسِّيدارَةُ بالكسْرِ : الوِقَايَةُ على رَأْس المرأَةِ تكون تَحْتَ المِقْنَعَةِ وهي العِصَابَةُ أَيضاً . وقيل : هي القَلَنْسُوَة بلا أَصْدَاغٍ عن الهَجَرِيّ . وسُدّر كقُبَّر : لُعْبَةٌ لِلصِّبْيَانِ وهي التي تُسَمَّى الطُّبَن ؛ وهي خَطٌّ مُستديرٌ يلعب بها الصِّبْيان . وفي حديث بعضهم " رأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَة يَلْعَب السُّدَّرَ " . قال ابن الأَثير : هو لُعْبَة يَلْعَب بها يُقَامَرُ بها وتُكْسَر سِينُهَا وتُضَمّ وهي فارسيّة معَرَّبة عن ثلاثةِ أَبواب . ومنه حديثُ يحيى بنِ أَبِي كثير : " السُّدَّرُ هي الشيطانةُ الصُّغْرَى " يعني أَنها من أَمْرِ الشَّيْطَانِ . قلْت : وسيأْتي للمُصَنِّف في " فرق " . ونقل شيخنا عن أَبي حَيَّان أَنها بالفَتْح كبَقَّم . قلْت : فهو مُثَلَّث وقد أَغفلَه المُصَنّف . والأَسْدَرانِ : المَنْكِبانِ : وقيل : عِرْقانِ في العَيْنَيْنِ أَو تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ . وفي المثل : " جاءَ يَضْرِب أَسْدَرَيْه " يُضرَب للفارِغ الذي لا شُغْلَ له . وفي حديث الحَسَن : يَضْرِب أَسْدَرَيْه أَي عِطْفَيْه ومَنْكِبَيْه يَضْرِب بيَدَيْه عليهما وهو بمَعْنى الفارِغ . قال أَبو زَيْد . يقال للرجل إِذَا جاءَ فارِغاً : جاءَ يَنْفُض أَسْدَرَيْه . وقال بعضهم : جاءَ يَنْفُض أَصْدَرَيْه أَي عِطْفَيْه . قال : وأَسْدَرَاه : مَنْكِباه : وقال ابن السِّكِّيت : جاءَ يَنْفُض أَزْدَرَيْه بالزَّاي أَي جاءَ فارِغاً ليس بيده شَيْءٌ ولم يَقْضِ طَلِبَتَه وقد تقدّم شيْءٌ من ذلك في أَزْدَرَيه . ويقال : سَدَرَ الشَّعرَ فانْسَدَر وكذلك السِّتْرَ لُغَةٌ في سَدَلَه فانْسَدَلَ أَي أَْسَلَه وأَرْخاهُ . وانْسَدَر : أَسْرَعَ بعضَ الإِسراع . وقال أَبُو عُبَيْد : يقال : انْسَدَر فُلانٌ يَعْدُو وانْصَلَتَ يَعْدُو إِذَا انْحَدَرَ واسْتَمَرَّ في عَدْوِه ُمْسِرعاً
وممّا يُسْتدرَك عليه : سَدَرَ ثَوْبَه يَسْدِرُه سَدْراً وسُدُوراً : شَقَّه عن يَعْقُوب . وشَعرٌ مَسْدُورٌ كمَسْدُول أَي مُسْتَرْسِل . وسَدَرَ ثَوبَه سَدْراً إِذَا أَرْسَلَه طُولاً عن اللِّحْيَانيّ . وقال أَبو عَمْرو : تَسَدَّرَ بثَوْبِه إِذَا تَجَلَّلَ به . والسَّدِيرُ كأَمِير : مَنْبَعُ الماءِ عن ابنٌ سِيدَه . وسَدِيرُ النَّخْلِ : سَوَادُه ومُجْتَمَعُه . وقال أَبو عَمْرٍو : سَمِعْتُ بَعْضَ قَيْس يقول : سَدَلَ الرَّجلُ في البِلاد وسَدَرَ إِذَا ذَهَب فيها فلم يُثْنِه شَيْءٌ . وبنو سادِرَةَ : حَيٌّ من العرب . وسِدْرَةُ بالكسر : قَبِيلَةٌ . قال :
" قد لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذَا لُهَا
" وعَدَداً فَخْماً وعِزّاً بَزَرَى ورَجلٌ سَنْدَرَى : شَدِيدٌ مقلوبٌ عن سَرَنْدَى . وأَبو موسى السِّدْرَانِيّ بالكَسْر : صُوفِيٌّ مَشْهُور من المَغْرِب . والسِّدَْة بالكسر : من مَنَازِل حَاجِّ مِصْر . والسَّدَّار ككَتَّان : الذي يَبِيع وَرَقَ السِّدْرِ . وقد نُسِبَ إِليه جماعةٌ . وسِدْرةُ بن عَمرٍو في قَيْس عَيْلانَ . وفي تلامذة الأَصمَعِيّ رَجلٌ يُعرَفُ بالسِّدْرِيّ بَصْريّ وهو نِسْبَةٌ لمن يطْحَنُ وَرَقَ السِّدْرِ ويَبيعُه . وسَدُورٌ كصَبُور ويقال سَدِيوَرُ بفتح فكسر فسكون ففتح قرية بمَرْو فيها قَبْر الرَّبِيع بنِ أَنَسٍ صاحِبِ أَبي العَالِيَة الرِّيَاحِيّ . وبنُو السدرى : قَومٌ من العَلَويّين
الدَّرَكُ مُحَرَّكَةً : اللَّحاقُ وقد أَدْرَكَه : إِذا لَحِقَه وهو اسمٌ من الإدْراكِ وفي الصِّحاحِ الإِدْراكُ : اللُّحُوقُ يُقال : مَشَيت حتى أَدْرَكْتُه وعِشْتُ حتى أَدْرَكْتُ زمانَه . ورَجُلٌ دَرّاكٌ : كثيرُ الإدْراكِ قال الجوهري : وقَلّما يَجِئُ فَعّالٌ من أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِلا أَنَّهم قد قالُوا : حَسّاسٌ دَرّاكٌ لُغَةٌ أَو ازْدِواجٌ وقال غيرُه : ولم يَجِئْ فَعّالٌ من أَفْعَلَ إِلا دَرّاكٌ من أَدْرَكَ وجَبّارٌ من أَجْبَرَه على الحُكْمِ : أَكْرَهَه وسَأّرٌ من قوله : أَسْأَرَ في الكَأْسِ : إِذا أَبْقَى فيها سُؤْرا من الشَّرابِ وهي البَقِيَّةُ . وحَكَى اللِّحْياني : رجُلٌ مُدْرِكَةٌ بالهاءِ : سَريعُ الإِدْراكِ . وقال غيرُه : رجلٌ مُدْرِكٌ أَيضاً أي : كَثِيرُ الإِدْراكِ قال ابنُ بَرّيّ : وشاهِدُ درّاكٍ قولُ قَيس بنِ رِفاعَةَ :
وصاحِبُ الوِتْرِ ليسَ الدَّهْر مُدْرِكَه ... عِنْدِي وِإنّي لدَرّاكٌ بأَوْتارِ وتَدَارَكُوا : تَلاحَقُوا أَي : لَحِقَ آخِرُهُم أَوَّلَهم
والدِّراكُ ككِتابٍ : لَحاقُ الفَرَسِ الوَحْشَ وغيرها
وفَرَسٌ دَرَكُ الطَّرِيدَةِ يُدرِكُها كما قالوا : فَرسٌ قَيدُ الأَوابِدِ : أي أَنّه يُقَيدُها
والدِّراكُ : إِتْباعُ الشيءِ بَعْضِه على بَعْضٍ في الأَشْياءِ كُلِّها وهو المُدارَكَةُ وقد تَدارَكَ يُقال : دارَكَ الرَّجُلُ صَوْتَه أي : تابَعَه . والمُتَدارِكُ من القَوافي والحُرُوفِ المُتَحَرِّكَة : ما اتَّفَقَ مُتَحَركانِ بعدَهُما ساكِنٌ مثل فَعُو وأَشْباهِ ذلك قاله اللَّيثُ وفي المُحْكَم : المُتَدارِكُ من الشِّعْرِ : كُلُّ قافِيَة تَوالَى فِيها حَرفان مُتَحَركَانِ بَين ساكِنَيْنِ كمُتَفاعِلُنْ ومُستَفْعِلُنْ ومفاعِلُن وفَعَلْ إِذا اعْتَمَدَ على حَرفٍ ساكِنٍ نحو فَعُولنْ فَعَلْ فاللاَّمُ من فَعَلْ ساكِنَةٌ . وفُلْ إِذا اعْتَمَدَ على حَرفٍ مُتَحَرك نحو فَعُولُ فُلْ اللاَّم من فُلْ ساكنةٌ والواو من فَعُولُ ساكِنَة سُمِّي بذلك لتَوالِي حَرَكتَيْنِ فيها وذلك أَنّ الحَرَكاتِ كما قَدَّمْنا من آلاتِ الوَصْل وأَماراتِه فكَأَنَّ بَعْضَ الحَرَكاتِ أَدْرَكَ بَعْضاً ولم يَعُقْه عنه اعْتِراضُ ساكِنٍ بينَ المتَحَركَين هذا نَصُّ ابنِ سيدَه في المُحْكَمِ قال الصاغانِي : ومِثالُه قولُ امْرِئِ القَيسِ :
" قِفا نَبكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِبِسِقْطِ اللِّوَى بينَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ والتَّدْرِيكُ من المَطَرِ : أَنْ يُدارِكَ القَطْرُ كأَنّه يُدْرِكُ بعضُه بَعْضاً عن ابنِ الأَعْرابِي وأَنشدَ أَعرابيٌ يخاطِبُ ابْنَه :
" وا بِأبي أَرْواحُ نَشْرٍ فِيكَا
" كأَنَّه وَهْنٌ لمَنْ يَدْرِيكَا
" إِذَا الكَرَى سِناتُه يُغْشِيكَا
" رِيحَ خُزَامَى وُلّيَ الرَّكِيكَا
" أَقْلَعَ لمّا بَلغَ التَّدْرِيكَا واسْتَدْرَكَ الشيء بِالشَّيءِ : إِذا حاوَلَ إِدْراكَه به واسْتعْمَل هذا الأَخْفَشُ في أَجْزَاءِ العَرُوضِ ؛ لأنّه لم يَنْقُص من الجُزْءِ شيءٌ فيستدركه . وأَدْرَكَ الشَيءُ إِدْراكاً : بَلَغَ وَقْتَه وانْتَهى ومنه أَدْرَكَ التَّمْرُ والقِدْرُ إِذا بَلَغَتْ إِناهَا
وأَدْرَكَ الشيء أَيضاً : إِذا فَنىَ حكاهُ شَمِرٌ عن اللّيثِ قال : ولم أَسْمَعْه لغيرِه وبه أَوّل قوله تعالى : " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُم " أي فَنيَ علمُهُم في الآخرة قالَ الأزهري : وهذا غيرُ صَحِيح في لُغَةِ العَرَبِ وما علمتُ أَحَداً قال : أدْرَكَ الشيء : إِذا فَنيَ فلا يُعَرَّجُ على هذا القَوْلِ ولكن يُقال : أَدْرَكَت الثِّمارُ : إِذا بَلَغَت إِناها وانْتَهي نُضْجُها . قلتُ : وهذا الذي أَنْكَرَه الأزهري على اللَّيثِ فقد أَثْبتَه غيرُ واحدٍ من الأَئِمّة وكلامُ العربِ لا يَأْباه ؛ فإِن انْتِهاءَ كُلِّ شيءٍ بحَسَبِه فإذا قالوا أَدْرَكَ الدقيقُ فبأي شيءٍ يُفَسَّرُ ؟ أًيُقال إِنّه مثلُ إِدراكِ الثِّمارِ والقِدْرِ . وإِنما يُقال انْتَهي إِلى آخِرِه ففَنيَ قال ابنُ جِنّي في الشّواذِّ : أَدْرَكْتُ الرجلَ وأدّرَكتْهُ وأدَّرَكَ الشيء : إِذا تَتابَعَ ففَني وبه فُسِّر قولُه تعالَى : " إِنّا لَمُدْرَكُونَ " وأَيضاً فإِنّ الثِّمارَ إِذا أَدْرَكَتْ فقد عُرضت للفَناءِ وكذلك القِدْرُ وكُلُّ شيءٍ انْتَهى إِلى حَدِّه فالفناءُ من لَوازِمِ مَعْنَى الإدْراكِ ويُؤَيِّدُ ذلك تَفْسِيرُ الحَسَنِ للآَية على ما يَأْتِي فتأَمَّلْ . وقولُه تعالى : " حَتَّى إِذا ادّارَكُوا فيها جميعاً " أَصْلُه تَدَارَكُوا فأُدْغِمَت التاءُ في الدّالِ واجْتُلِبَتْ الأَلِفُ ليَسلَمَ السكونُ . وقولُه تعالى : " قُل لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّماواتِ والأَرْضِ الغَيبَ إِلاّ اللّهُ وما يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبعَثُون بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُم في الآخِرَة " قال الحَسَنُ فيما رُوِىَ عنه : أي جَهِلُوا عِلْمَها ولا عِلْمَ عِنْدَهُم من أَمْرِها كذا في النّسَخِ وفي بعضِ الأصولِ في أَمْرِها قال ابنُ جِنِّي في المُحْتَسب : معناه أَسْرَعَ وخَفَّ فلم يَثْبُتْ ولم تَطْمَئنّ لليَقِينِ به قَدَمٌ . قلتُ : فهذا التفسيرُ تَأْيِيدٌ لِمَا نَقَلَه شَمِرٌ عن اللّيثِ قال الأزهري . قرَأَ شُعْبَةُ ونافعٌ " بل ادّارَكَ " وقرأَ أَبو عَمْرو " بَلْ أَدْرَكَ " وهي قِراءَةُ مجاهِدٍ وأبي جَعْفَرٍ المَدَني ورُوِى عن ابنِ عَبّاسٍ أَنّه قَرَأَ " بَلَى آأَدْرَكَ عِلْمُهُم " ؟ يَستَفْهِمُ ولا يُشَدِّدُ فأَمّا من قَرَأَ " بَلِ ادّارَكَ " فإِنّ الفَرّاءَ قال : مَعْناه لغة في تَدارَكَ أي تَتَابَعَ عِلْمُهُمِ في الآخِرَةِ يُريدُ بعِلْمِ الآخِرَةِ تَكُونُ أو لا تَكُون ولذلك قال : " بَلْ هُم في شَك مِنْها بَلْ هُم مِنْها عَمون " قال : وهي في قراءةِ أُبَي أَمْ تَدَارَكَ والعَرَبُ تجْعَلُ بَلْ مكانَ أَمْ وأَمْ مكانَ بَلْ إِذا كانَ في أَوَّل الكَلِمةِ اسْتِفْهامٌ مثل قَوْلِ الشّاعِرِ :
فواللّه ما أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَت ... أَم البُومُ أَمْ كل إِليَ حَبِيبُ مَعْنَى أَمْ بَلْ وقال أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيّ : ومَنْ قرأَ : " بَلْ أَدْرَكَ " و " بَلِ ادّارَكَ " فمعناهُما واحِدٌ يَقُول : هم عُلماءُ في الآخِرَةِ كقوله تَعالَى : " أسْمِعْ بِهِم وأَبْصِر يَوْمَ يأتونَنَا " ونحو ذلك قال السدِّيُّ - في تَفْسِيرِه - قال : اجْتَمَع عِلْمُهُم في الآخِرَةِ ومعناها عندَه أي عَلِمُوا في الآخِرَةِ أَنّ الذي كانوا يُوعَدُونَ به حَقٌّ وأَنْشَدَ للأَخْطَلِ :
وأَدْرَكَ عِلْمِي في سَواءَةَ أَنَّها ... تُقِيمُ على الأَوْتارِ والمَشْرَبِ الكَدْرِأي : أَحاطَ عِلْمِي بها أَنَّها كذلك قالَ : والقَوْلُ في تفسيرِ أَدْرَك وادّارَكَ ما قالَ السُّدّيّ وذَهَبَ إِليه أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ وأَبُو سَعِيدٍ والذي قاله الفَرّاءُ في مَعْنَى تَدارَكَ أي : تتابَعَ عِلْمُهم في الآخرة أَنَّها تكونُ أَو لا تَكونُ ليسَ بالبَينِّ إِنَّما المَعْنَى أَنه تَتابَعَ علمُهم في الآخِرَةِ وتواطَأَ حينَ حَقَّت القِيامَةُ وخَسِرُوا وبانَ لهم صِدْقُ ما وُعِدُوا حِينَ لا يَنْفَعُهم ذلك العِلْمُ ثُم قالَ جلَّ وعَز : " بَلْ هم اليومَ في شك من عِلْم الآخِرةِ بَلْ هم مِنْها عَمُونَ " أي : جاهِلُونَ والشّكّ في أَمرِ الآخِرَةِ كُفْرٌ . وقال شَمِرٌ : هذه الكلمةُ فيها أَشْياءُ ؛ وذلك أَنّا وَجَدْنَا الفعلَ اللاَّزِمَ والمُتَعَدِّيَ فيها - في أَفْعَلَ وتَفاعلَ وافْتَعَل - واحِداً وذلك أَنّكَ تقولُ : أَدْرَكَ الشيء وأَدْرَكْتُه وتَدَارَكَ القومُ وادّارَكُوا وأَدْرَكُوا : إِذا أَدْرَكَ بعضُهم بَعضَاً ويُقالُ : تَدارَكْتُه وادّارَكْتُه وأَدْرَكْتُه وأَنْشَدَ لزُهَير :
تَدارَكْتُما عَبساً وذُبْيانَ بَعْدَما ... تَفانَوْا ودَقُّوا بَينَهُم عِطْرَ مَنْشِمِ وقال ذُو الرُمَة :
خُزَامَى اللِّوَى هَبَّت له الرِّيحُ بَعْدَما ... عَلا نَوْرَها مَجّ الثرى المُتَدارِكِ فهذا لازِمٌ وقال الطِّرِمّاحُ :
" فلَمّا ادَّرَكْناهُنّ أَبْدَيْنَ للهَوَى وهذا مُتَعدِّ وقال اللّهُ تعالى في اللاَّزِمِ : " بَلِ ادّرَاكَ عِلْمُهُم " قال شَمِرٌ : وسَمِعْتُ عبدَ الصَّمَدِ يُحَدِّث عن الثَّوْرِيِّ في قولِه تَعالَى هذا قالَ مُجاهِدٌ : أَم تَواطَأ عِلْمُهُم في الآخِرَةِ قال الأزهري : وهذا يُوافِقُ قولَ السُّدِّيِّ ؛ لأَنّ معنَى تَواطَأَ تحَقَّقَ واتَّفَقَ حينَ لا يَنْفَعُهم لا على أَنه تَواطَأَ بالحَدْسِ كما ظَنَّه الفَرّاءُ قالَ : وأَمّا ما رُوِىَ عن ابنِ عَبّاسٍ أَنّه قال بَلْ آدْرَكَ عِلْمهُم في الآخِرَةِ فإِنّه - إِنْ صَحَّ - اسْتِفْهامٌ فيه رَدٌّ وتَهَكّمٌ ومَعْناه لم يُدْرِكْ علمُهم في الآخِرَةِ ونحو ذلك رَوَى شُعْبَةُ عن أبي حَمْزَةَ عن ابنِ عَبّاس في تَفْسِيره ومثلُه قولُه تَعالَى : " أَمْ له البَناتُ ولَكمُ البَنُونَ " معنى أم : أَلِفُ الاسْتِفْهامِ وكأنه قال : ألَه البَناتُ ولكُم البَنُونَ اللّفْظُ لفظُ الاسْتِفْهامِ ومعناه الرّدُّ والتّكْذِيبُ لهم . والدَّرَكُ يُحَرَّكُ ويُسَكَّنُ هكذا هو في الصِّحاحِ والعبابِ ولا قَلَقَ في العِبَارَةِ كما قاله شيخُنا والضبطُ عندَه وِإن كان راجِعاً لأَوّلِ الكلمةِ فإِنّه لما عَدَا التّسكِين فإِنّه في الأَوّلِ لا يُتَصَوَّرُ بل هو على كلِّ حالٍ راجعٌ للوَسَطِ ومثلُ هذا لا يُحتاجُ التّنْبِيهُ عليه . بقِيَ أَنّه لو قال : والدَّرْكُ ويُحَرَّكُ على مُقْتَضَى اصْطِلاحِه فإِنّه أَرْجَحِيةُ التّحْرِيكِ كما نَصّوا عليه فتأَمّلْ : التَّبِعَةُ يُقالُ : ما لَحِقَكَ مِن دَرَك فعَلَيَ خَلاصُه يُروَى بالوَجْهَيْنِ وفي الأَساس : ما أَدْرَكَه من دَرَكٍ فعَلَيَ خَلاصُه وهو اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ أي ما يلْحَقُه منها وشاهِدُ التّحْرِيكِ قولُ رُؤْبَةَ :
" ما بَعْدَنا مِنْ طَلَبٍ ولا دَرَكْ ومنه ضمانُ الدَّرَكِ في عُهْدَةِ البَيعِوالدَّرَكُ : أَقْصَى قَعْرِ الشّيءِ يُروَى بالوَجْهَيْنِ كما في المُحْكَمِ زاد في التّهْذِيبِ : كالبَحْر ونحوِه وقال شَمِرٌ : الدَّرَكُ : أَسفلُ كلًّ شيءٍ ذي عُمقِ كالرَّكِيّةِ ونحوِها وقال أَبو عَدْنَانَ : دَرَكُ الرَكِيَّةِ : قَعْرها الذي أدْرِكَ فيهِ الماءُ وبهذا تعلَمُ أَنّ قولَ شيخِنا : - وتفسيرُه بقوله أَقْصَى قَعْرِ الشّيءِ غيرُ معرُوفٍ وعبارتُه غيرُ دالَّة على معنًى صحيحٍ - غيرُ وَجيه فتأَمّلْ وقال المُصَنِّف في البَصائِرِ : الدَّرَكُ اسمٌ في مقابَلَةِ الدَّرَجِ بمعنَى : أَنَّ الدَّرَجَ مراتِبُ اعتباراً بالصّعُودِ والدَّرَك مَراتِبُ اعتباراً بالهُبوطِ ولهذا عَبَّرُوا عن مَنازِلِ الجَنَّةِ بالدَّرَجاتِ وعن منازِلِ جَهَنَّمَ بالدَّرَكاتِ أَدْراكٌ هو جمعٌ للمُحَرَّكِ والساكِنِ وهو في الأَوّل كثيرٌ مَقِيسٌ وفي الثاني نادِرٌ ويُجْمَعُ أَيضاً على الدَّرَكاتِ وهي منازِلُ النّارِ نعوذُ باللّهِ تعالى مِنْها . وقال ابنُ الأعرابي : الدَّرَكُ : الطَّبَقُ من أَطْباقِ جَهَنَّمَ وروى عن ابنِ مَسعُود رضي اللّهُ تعالَى عنه أَنّه قال : الدَّرْكُ الأَسْفَلُ : تَوابِيتُ من حَدِيد تُصَفَّدُ عليهم في أَسْفَلِ النارِ وقال أَبو عُبَيدَةَ : جَهَنَّمُ دَركاتٌ أي : مَنازِلُ وطَبَقاتٌ وقولُه تعالَى : " إِنَّ المُنافِقِينَ في الدَّركِ الأَسْفَلٍ من النّارِ " قرأَ الكُوفِيّونَ غير الأعْمَشِ والبرجُمِي بسكون الراءِ والباقُّونَ بفَتْحِها . والدَّرَكُ بالتحْريكِ : حَبلٌ يوَثًقُ في طَرَفِ الحًبلِ الكَبِيرِ ليَكُونً هو الذي يَلِي الماءَ ولا يَعْفَنُ الرشاءُ عندَ الاستِقاءِ كما في المحْكم وقالَ الأزهري : هو الحبلُ الذي يُشَدُّ به العَراقِي ثُمَّ يُشَدُّ الرشاءُ فيه وهو مَثْنى وقال الجوهري : قِطْعَة حَبل يُشَدُّ في طَرًفِ الرشاءِ إِلى عَرقّوَةِ الدَّلْوِ ليكونَ هو الذي يَلي الماءَ فلا يعفَنُ الرشاءُ ومثلُه في العبابِ . والدّركَةُ بالكسرِ : حَلْقَةُ الوَتَرِ التي تَقَعُ في الفُرضَة . وهي أَيضاً سير يوصَلُ بوَتَرِ القَوسِ العَرَبيَّةِ . وقال اللّحْياني : الدركَةُ : قِطْعةٌ تُوصَلُ في الحِزامِ إٍذا قَصرَ وكذلك في الحَبلِ إِذا قصرَ
ويُقال : لا بارَكَ اللّهُ تَعالَى فيهِ ولا دارًكَ ولا تارَكَ إِتْباع كُلّه بمَعْنًى . ويَومُ الدَّرَكِ مُحرَكَة : من أَيّامِهم قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَحْسَبُه كانَ بَيْنَ الأَوْسِ والخَزْرَج . والمُدارِكَةُ : هي المَرأَةُ التي لا تَشْبَعُ من الجِماعِ فكأَنَّ شهوَتَها تتبَعُ بعضُها بعضاً . والمُدْرِكَةُ كمحْسِنَةٍ : ماءةٌ لبني يَربُوعٍ كذا في العُبابِ وقال نصر في كتابِه : هي لبني زِنْباع من بني كِلابٍ . وقال ابنُ عَبّاس : وتُسًمّى الحَجْمَةُ بينَ الكَتِفًيْن : المدْرِكَةَ . ومدرِكَة بنُ إِلْياسَ بنِ مضَرَ اسمُه عَمْرو لقّبَه بها أبُوه لماَّ أَدْرَكَ الإِبِلَ وقد ذُكِرَ في خ ن د ف . ودَرّاك كشَدّاد : اسم رَجلٍ . ومُدْرِك كمِحسن : فرَس لِكلْثُومِ بنِ الحارٍثِ وهو مدْرِكُ بنُ الجازِي . ومُدْرِكُ بنُ زِيادٍ الفَزارِيُّ قبره بقَريَة زاوية من الغُوطَة له حَدِيثٌ من طَرِيقِ بِنْتِه . ومُدْرِك بنُ الحارِثِ الأَزْدِيُّ الغامِدِيُّ له رُؤْيَةٌ رَوَى عنه الوَلِيدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ الجُرَشِي . ومُدْرِكٌ الغِفارِيُّ أَبو الطّفَيل حدِيثُه عند أَوْلادِه وهو غيرُ أبي الطّفَيل اللَّيثيِّ من الصَّحابَة : صحابِيُّونَ رضي اللّهُ تعالَى عنهمومُدْرِكُ بنُ عَوْفٍ البَجَلِيُ ومُدْرِكُ بنُ عَمّارٍ : مُخْتَلَفٌ في صُحْبتِهما فابنُ عَوْفٍ رَوَى عن عُمر وعنه قَيسُ بنُ أبي حازِم وهذا لم يَخْتَلِفوا فيه وإِنّما اخْتَلَفُوا في ابنِ عَمّار ؛ قالوا : الأَظْهَرُ أَنه مُدْرِكُ بنُ عُمارَةَ بنِ عُقْبَة بنِ أبي مُعيطٍ وأَنّه تابِعِيٌ ثُمّ رأَيتُ ابنَ حِبّان ذَكَرَهُما في ثِقاتِ التّابِعِينَ وقالَ في ابنِ عُمارَةَ : عِدادُه في أَهْلِ الكُوفَةِ ورَوَى عن ابنِ أبي أَوْفى وعنه يُونُسُ بنُ أبي إِسْحاقَ . ومُدْرِكُ بنُ سَعْد : مُحَدِّثٌ . وفاتَه من التابِعِينَ : مُدْرِكُ بنُ عبدِ اللّهِ ومُدْرِكٌ أَبو زِيادٍ مَوْلَى عَلِي ومُدْرِكُ بنُ شَوْذَبٍ الطّاهِرِيُّ ومُدْرِكُ بنُ مُنِيب ذَكَرَهُم ابنُ حِبّان في الثِّقاتِ . وفي الضُّعَفاءِ : مُدْرِكٌ الطّفاوِيّ عن حُمَيدٍ الطَّوِيلِ ومُدْرِكٌ القُهُنْدُزيُّ عن أبي حَنِيفَةَ ومُدْرِكُ بنُ عبد اللّهِ أبُو خالِدٍ ومُدْرِكٌ الطّائِيُّ ومُدْرِكٌ أَبو الحَجّاجِ ذكَرَهُم الحافِظُ الذهبي . وخالِدُ بنُ دُرَيْكٍ كزُبَيرٍ : تَابِعِيٌ شاميٌّ
ودِراكٌ ككِتاب : اسمُ كلْب قالَ الكُميتُ يَصِفُ الثّوْرَ والكِلابَ :
فاخْتَلَّ حِضْنَى دِراكٍ وانْثَنَى حَرِجاً ... لزارِعٍ طَعْنَةٌ في شِدْقِها نَجَلُ أي في جانِبِ الطّعْنَةِ سَعَةٌ وزارِعٌ أَيضاً : اسمُ كَلْبٍ وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه . وقالوا : دَراكِ كقَطامِ أي : أَدْرِكْ مِثْل تَراكِ بمَعْنَى اتْرُكْ وهو اسمٌ لِفِعْلِ الأمْرِ وكُسِرَت الكافُ لاجْتِماعِ السّاكِنَيْنِ ؛ لأَنَّ حَقَّها السكونُ للأَمْرِ قالَ ابنُ بَريّ : جاءَ دَرَاكِ ودَرّاكِ وفَعَالِ وفَعّالِ إِنَّما هو من فِعْلٍ ثُلاثِي ولم يُستَعْمَل منه فعلٌ ثلاثيٌ وِإن كانَ قد استُعْمِلَ منه الدَّرْكُ قالَ جَحْدَرُ بنُ مالِكٍ الحَنْظَلِيُ يُخاطِب الأَسَدَ :
" لَيثٌ ولَيثٌ في مَجالٍ ضَنْكِ
" كِلاهُما ذو أَنَفٍ ومَحْكِ
" وبَطْشَةٍ وصَوْلَةٍ وفَتْكِ
" إِنْ يَكْشِفِ اللّهُ قِناعَ الَّشكِّ
" بظَفَر من حاجَتِي ودَرْكِ
" فذا أحَقّ مَنْزِلٍ برَك قال أَبو سَعِيدٍ : وزادَني هفّانُ في هذا الشِّعْرِ :
" الذِّئْبُ يَعْوِي والغُرابُ يَبكِي والدّرِيكَةُ كسَفِينَةٍ : الطَّرِيدَةُ ومنه فَرَسٌ دَرَكُ الطَّرِيدَةِ وقد تَقَدَّمَ . ودَرَكاتُ النّاي محَرَّكَةً : مَنازِلُ أَهْلِها جمعُ دَرَكٍ مُحَرَّكَةً وقد تَقَدَّم تفصيرُ ذلِكَ قريباً
ومما يستدرك عليه : تَدارَكَ الثَّرَيانِ : أي أَدْرَكَ ثَرَى المَطَرِ ثَرَى الأَرْضِ . وقالَ اللَّيثُ : الدَّرَكُ : إِدْراكُ الحاجَةِ ومَطْلِبه يُقال : بَكر ففيه دَرَكٌ ويُسَكَّنُ وشاهِده قولُ جَحْدَر السابقُ . وأَدْرَكْتُه ببَصَرِي : رأَيْتُه . وأَدْرَكَ الغُلامُ : بَلَغ أَقْصَى غايَة الصِّبَا
واسْتَدْرَكَ ما فاتَ وتَدارَكَه بمَعْنًى . واستَدْرَكَ عليه قّولَه : أَصْلَحَ خَطَأَه ومنه المستَدْرَك للحاكِم على البُخارىّ
وقال اللِّحْيانِيُّ : المُتَدارِكَةُ غيرُ المُتَواتِرَةِ ؛ المُتواتِر : الشيءُ الذي يَكُونُ هُنَيَّةً ثمّ يَجِيءُ الآخِر فإِذا تَتابَعَتْ فليست مُتَواتِرَة هي مُتَدارِكَةٌ مُتَواتِرَةٌ . وطَعَنَه طَعْناً دِراكاً وشَرِبَ شُرباً دِراكاً وضربٌ دِراكٌ : مُتَتابع . وأَدْرَكَ ماءُ الرَّكِيَّةِ إِدْراكاً عن أبي عَدْنانَ أي : وَصَلَ إِلى دَرَكِها أي : قَعْرِهاقالَ الأزهري : وسَمِعْت بعضَ العَرَبِ يقُّولُ للحبل الذي يُعَلَّق في حَلْقَةِ التّصْدِيرِ فيُشَدُّ به القَتَبُ : الدَّرَكَ والتّبلِغَةَ . وقّالَ أَبو عَمْرو : التَّدْرِيكُ : أَنْ تُعَلِّقَ الحَبلَ في عُنُقِ الآخَرِ إِذا قَرَنْتَه إِليه . وادَّرَكَه بمعنَى أَدْرَكَه ومنه قولُه تَعالَى : " إِنّا لمُدّرَكُونَ " بالتّشْدِيدِ وهي قراءةُ الأَعْرجِ وعُبَيدِ بنِ عُمَيرٍ نقَلَه ابنُ جِني . وأَدْرَكَ : بَلَغَ عِلمُه أَقْصَى الشيء ومنه المُدْرِكاتُ الخَمْسُ والمَدارِكُ الخَمْسُ : يعني الحَواسَّ الخَمْسَ . وقوله تَعالَى : " لا تَخافُ دَرَكاً ولا تَخْشَى " أي : لا تَخافُ أَنْ يُدْرِكَكَ فِرعَونُ ولا تَخْشاهُ ومَنْ قَرَأَ " لا تَخَف " فمعناه : لا تَخَفْ أَنْ يُدْرِكَكَ ولا تَخشى الغَرَقَ . وقولُه تَعالَى : " لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ " منهم مَنْ حَمَل ذلك على البَصَرِ الذي هو الجارِحَةُ ومنهم من حَمَلَه على البَصِيرَةِ أي لا تُحِيطُ بَحقِيقَةِ الذّاتِ المُقدَّسَة . والتَّدارُكُ في الإِغاثَةِ والنِّعْمَةِ أَكْثَر ومنه قول الشّاعِرِ :
تَدارَكَني مِنْ عَثْرَةِ الدَّهْرِ قاسِمٌ ... بما شاءَ من معروفه المُتدارك وتَدارَكَت الأَخْبارُ : تلاحَقَتْ وتَقاطَرَتْ
والحُسَيْنُ بنُ طاهِرِ بن دُرْكٍ بالضمِّ : المُؤَدِّب الدُّرْكِيُ روى عن الصَّفّار وابنِ السَّمّاك سمِعَ منه ابنُ بَرهان سنة 380
ودارَكُ كهاجَرَ : من قُرَى أَصْبَهانَ منها الحَسَنُ بنُ محمَّدٍ الدارَكي روى عنه عُثْمانُ بنُ أَحمدَ بنِ شِبل الدِّينَوَريّ
ويَعْمُرُ بنُ بِشْرٍ الدّارَكاني منسوبٌ إِلى دارَكان قرية من قرى مَروَ صاحبُ ابنِ المُبارَكِ . ودَوْرَكُ كنَوْفَلٍ : مَدِينَةٌ من أَعمال مَلَطْيَةَ وقد تُكْسَرُ الراءُ هكذا ضَبَطَهما المُحِبُّ ابنُ الشِّحْنَةِ . ويقال : له مُدْرِكٌ ودِراكَةٌ أي : حاسَّةٌ زائِدَةٌ