شادَ الحائِطَ يَشِيدُهُ شَيْداً : طَلاَه بالشِّيدِ بالكسر وهو : ما طُلِيَ به حائِطٌ من جِصٍّ ونحوِه كما في الكفاية وغيره وقولُ الجوهريِّ : من طِينٍ وفي بعض النسخ : من جِصّ أَو بَلاطٍ بالباءِ الموحّدةِ غَلَطٌ . والصواب : مِلاَط بالميم لأَنَّ البَلاَطَ حِجارةٌ لا يُطْلَى بها وإِنما يُطْلَى بالمِلاَطِ وهو الطِّينُ . قال شيخُنا : وقد يقال : إِن الباءَ في بَلاَطٍ بدلٌ من الميم أَو قَصَدَ أَن البَلاَطَ الذي هو الحِجَأرةُ يُطْلَى به بعْد حَرْقِةِ وصَيرورته جِصَّاً والجصُّ هو المنصوص على أَنه يُشادُ بِه ويُطْلَى وباب المجاز واسع فلا غلط حينئذ . انتهى
قلت : فيكون عطفُ البَلاطِ على الجصِّ على النسخة الثانية بهذا المعنى من باب عطف الشيء على نفسه كما هو ظاهر
والمَشيد على وزن أمير : المعمول به أي بالشيد قال الله تعالى : " وقَصْرٍ مَشِيد " وقال تعالى : " في بُروجٍ مُشَيَّدَةٍ " وقال الشاعر :
شادَهُ مَرْمَراً وجَلَّلَهُ كِلْس ... اً فللطير في ذراه وكور والبناءُ المُشَيَّد كمُؤَيَّدٍ : المُطَوَّلُ قاله أَبو عُبَيْد وقول الجَوْهَرِيّ نقلاً عن الكسائي فيما رواه عنه أَبو عُبَيْدٍ . في أَن المَشِيد للوَاحِدِ والمُشّيَّد بالتشديد للجَمع غلطُ ووَهَم من الجوهري على الكسائي وإنما الذي قاله الكسائيُّ أن المُشَيَّدَةَ بالهاءِ مع التشديد جمعُ المُشَيَّد بغير هاءِ فأَمَّا مَشِيدٌ كأَمِيرٍ فهو من صفة الواحد وليس من صفَة الجمْع . هكذا نصُّ عبارةِ ابن بَرِّيّ في حواشيه قال : وقد غَلِط الكِسائِيُّ في هذا القوْلِ فقيل : المَشِيد : المعمولُ بالشِّيد وأَم المُشَيَّد فهو المُطَوَّل . قال فالمُشَيَّدةُ على هذا جمعُ مَشِيدٍ لا مُشَيَّد : قال ابن سيده : والكسائي يَجِلُّ عن هذا
قال الأزهري : وهذا الذي ذكره الرادُّ على الكسائيّ هو المعروفُ في اللغة . قال : وَيَتَّجِه عندي قول الكسائيِّ على مَذهبِ من يَرى أن قولهم : مُشَيَّدة : مُجَصَّصة بالشِّيد فيكون مُشَيَّدٌ وَمِشيدٌ بمعنىُ إلاَّ أَنَّ مَشِيداً لا تَدخلُه الهاءُ للجماعةِ فيقالَ قُصُورُ مَشِيدةٌ وإنما يقال : قُصورٌ مُشَيَّدَةٌ فيكون من باب ما يُسْتَغْنَى فيه عن اللفظة بغيرِها كاستغنائِهم بتَرَك عن وَدَعَ وكاستغنائهم عن واحِدِة المَخَاضِ بقولهم : خَلِفَة فعلى هذا يَتَّجِهُ قول الكسائي
قال الفراءُ : يشدَّد ما كان في جَمعٍ مثل قولك : مررت بثيابٍ مُصَبَّغة وكِباش مُذَبَّحةٍ فجاز التشديد لأن الفعل مُتَفَرِّقٌ في جَمْعٍ فإذا أفردت الواحدَ من ذلك فن كان الفعل يتردد في الواحدِ ويكثر جاز في التشديدُ والتخفيفُ مثل قولك : مررت برجل مشجَّجٍ وبثَوبٍ مُخَرَّقٍ وجاز التشديدُ لأن الفعل قد تردد فيه وكثُرَ ويقال مَررْت بكبش مَذْبُوحٍ ولا تقل : مُذَبَّح . فإن الذَّبْح لا يتردَّدُ كتَرَدُّد التَّخَرُّقِ . وقوله : وقَصْر مَشِيد يجوز فيه التشديدُ لأن التَّشْيِيد بِناءٌ والبناءُ يتطاولُ ويترَدَّدُ . ويقاس على هذا ما ورد . كذا في اللسان
ومن المجاز : الإِشادةُ : رَفْعُ الصَّوتِ بما يَكْرَهُ صاحبُه وهو شِبْه التَّنْديد ؛ كما قاله اللَّيثُ . ويقال : أَشادَ بذكره في الخَيْر والشّرّ والمدْح والذّمّ إِذا شَهَّره ورَفَعه . وأَفردَ به الجوهريُّ الخَيْرَ فقال : أَشادَ بِذِكْرِه أَي رَفَعَ من قَدْرِه . وفي الحديث : مَن أَشَادَ على مُسْلِمٍ عَوْرَةً يَشِينُه بها بغَيْرِ حقٍّ شانَهُ الله يوم القيامة . ويقال : أَشادَه وأَشَادَ بهِ إذا أَشاعَه ورفع ذِكره من أَشَدْتُ البُنْيَانَ فهو مُشَادٌ وشَيَّدْته إذا طَوَّلْته فاستُعِير لرفْع صَوتِكَ بما يَكْرَهُه صاحِبُك
ومن المجاز أيضاً : الإشادة : تَعْرِيفُ الضَّالَّةِ يقال : أَشادَ بالضَّالَّةِ : عَرَّفَ . وأَشَدْتُ بها عَرَّفْتُهَا وأَشَدت بالشَّيءِ : عَرَّفْتُه . وقال الأَصمعيُّ كُلُّ شيء رفَعْتَ به صَوْتَك فقد أَشَدْتَ به ضالةً كانت أو غير ذلك . والإِشادة الإِهلاكُ وهو مَجاز مستعارٌ من التَّنْدِيدِ على المُبَالغة . والشِّيادُ بالكسر الدُّعاءُ بالإِبلِ وهو رَفْعُ الصَّوْت بهِ مأْخوذٌ من كلام الأصمعي . والشِّيَادُ : دَلْكُ الطِّيبِ بالجِلْدِ كالتَّشَيُّد وفي بعض النُّسخ : كالتَّشْيِيد . وشاد الرَّجلُ يَشِيد شَيْداً إذا هلكَ نقله الصاغاني
فصل الصاد المهملة مع الدال