الصُّدْأَةُ بالضم من شِياتِ المَعز والخيل وهي شُقْرَةٌ تَضْرِب إلى السُّواد الغالب وقد صَدِئَ الفَرَسُ والجَدْي يصْدَأُ ويصْدُؤُ كفَرِح وكَرُمَ الأوّل هو المشهور والمعروف والقياس لا يقتضي غيرَه لأن أفعال الألوان لا تكاد تخرج عن فَعِلَ كفرح وعليه اقتصر الجوهريّ وابن سيده وابن القوطيّة وابن القطَّاع مع كثرة جمعه للغرائب وابن طَريف وأما الثاني فليس بمعروف سماعاً ولا يقتضيه قِياسٌ قاله شيخنا . قلت : والذي في لسان العرب أن الفِعل منه على وجْهَين صَدِئَ يَصْدَأُ وأَصْدَأَ يُصْدِئُ أَي كفرِح وأفْعَلَ ولم يتعرض له أحدٌ بل غَفل عنه شيخُنا مع سعة اطِّلاعه وهو أَي الفرسُ أو الجَدْيُ أصْدَأُ كأحمرَ وهي أي الأنثى صَدْآءُ كحَمراءَ وصَدِئَة كذا في المحكم ولسان العرب والصَّدَأُ مهموز مقصورٌ : الطَّبَعُ والدَّنَس يرْكَبانِ الحَديدَ وقد صَدِئَ الحَديدُ ونحوه يَصْدَأُ صَدَأً وهو أَصْدَأُ : علاهُ أَي ركبه الطَّبَعُ بالتحريك وهو الوَسَخُ كالدَّنَس وصَدَأُ الحَديد : وسَخُه وفي الحديث إنّ هذه القُلوبَ تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحَديدُ وهو أن يَركبها الرَّيْنُ بِمُباشرة المَعاصي والآثام فَيَذهب بِجَلائِه كما يَعلو الصَّدَأُ وَجْهَ المِرآة والسَّيْفِ ونَحوهِما . وصدِئَ الرجلُ كفرِحَ إِذا انْتَصَبَ فنَظَر . ويقال صَدَأَ المِرآةَ كَمَنَعَ وصَدَّأَها تَصْدِئَةً إِذا جَلاها أَي أزال عنها الصَّدَأَ لِيَكْتَحِلَ به . ويقال : كَتيبةٌ صَدْأَى وجَأْواءُ إِذا عَليها وفي بعض النسخ : عِلْيَتُها مثل صَدَأ الحديد وفي بعض النسخ : عَلاها ورجُلٌ صَدَأٌ مُحرّكةً إِذا كانَ لَطيف الجِسْمِ . وأما ما ذُكر عن عمر رضي الله عنه أنه سأل الأُسْقُفَّ عن الخُلفاء فحدَّثه حتَّى انتهى إلى نَعْتِ الرَّابع منهم فقال : صَدَأٌ من حَديدٍ ويروي صَدَعٌ من حَديدٍ أرادَ دَوامَ لُبْس الحَديد لاتّصال الحُروبِ في أيَّام عليٍّ رضي الله عنه وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارجِ والبُغاة ومُلابَسة الأمور المُشكِلة والخُطوب المُعْضلة ولذلك قال عمر رضي الله عنه : واذَفْراه تَضَجُّراً من ذلك واستفحاشاً . ورواه أَبو عبيدٍ غير مهموز كأنَّ الصَّدأَ لغةٌ في الصَّدَع وهو اللطيفُ الجسمِ أراد أن عليًّا خفيفُ الجسمِ يَخِفُّ إلى الحُروب ولا يَكْسَلِ لِشدَّة بأسِه وشَجاعته . قال : والصَّدَأُ أشبهُ بالمعنى لأن الصدَأَ له ذَفَرٌ ولذلك قال عمر : واذَفْراه وهو حِدَّةُ رائحةِ الشيءِ خَبيثاً كانَ أو طَيِّباً . قال الأزهريّ : والذي ذهب إليه شَمِرٌ معناه حَسَنٌ : أراد أنه - يعني عليًّا - خَفيفٌ يَخِفُّ إلى الحرب فلا يكسل وهو حَديدٌ لِشِدَّةِ بأسِه وشَجاعته قال الله عزّ وجَلَّ " وأنْزَلْنا الحَديدَ فيه بأسٌ شَديدٌ " والصَّدْآءُ كَسلْسالٍ ويقال الصَّدَّاءُ بالتشديد كَكَتَّانٍ : رَكيَّةٌ قاله المُفضَّل أو عينٌ ما عندهم أعْذَبُ منها أَي من مائها ومنه المَثَل الذي رواه المُنْذريُّ عن أَبِي الهيثم ماءٌ ولا كَصَدَّاءَ بالتشديد والمَدّ وذكر أن المثل لِقَذورَ بنتِ قيسِ بن خالدٍ الشيبانيِّ وكانت زَوجةَ لقيطِ بن زُرارة فتزوّجها بعدَهُ رجلٌ من قومها فقال لها يوماً : أنا أجملُ أم لقيطٌ ؟ فقالت : ماءٌ ولا كَصَدَّاء أَي أنت جميل ولست مثله قال المفضَّل : وفيها يقول ضرار بن عمرٍو السعديُّ :
وإني وتَهْيامي بِزَيْنَبَ كالَّذي ... يُحاولُ من أحواضِ صَدَّاءَ مَشْرَباقلت : وروى المُبرّد في الكامل هذه الحكاية بأبسطَ من هذا . وأورد شيخنا على المُؤَلِّف في هذه المادة أموراً . منها إدخال أل على صَدَّاءَ وهو عَلَمٌ . والثاني وزنه بسَلسال فإن وزنه عند أهل الصرف فنعال كما قاله ابن القطَّاع وغيرُه وصَدَّاء وزنُها فَعْلاء كحَمْراء على رأي من يَجعلُها من المهموز انتهى . قلت : أما الأوّل فظاهرٌ وقد تعقّب على الجوهريّ بمثله في س ل ع . ونصَّ المبرّد على مَنْعِه . وأما الثاني ففي لسان العرب : قال الأزهريُّ : ولا أدري صَدَّاء فَعَّالاً أو فَعْلاء فإن كانَ فَعَّالاً فهو من صَدَأَ يَصدأُ أو صَدِئَ يَصْدَأُ وقال شَمِر : صدأَ الهام يصدأُ إِذا صاح وإن كانَ صَدَّاء فَعْلاء فهو من المُضاعف كقولهم صَمَّاء من الصَّمم . قلت : وسيأتي في ص د د ما يتعلق بهذا إن شَاءَ الله تعالى . قال شيخنا : وحكى بعضُهم الضمَّ فيه أيضاً وفي شرح الخمر طاشِيّة بعد ذِكر القولين : ويُقْصَرُ اسمُ عَيْنٍ وقيل : بِئر ورواية المُبرّد كَحمْراء والأكثر على التشديد . قلت : والذي في سياق عبارة الكامل التخفيف عن الأَصمَعِيّ وأبي عبيدة وكذلك سَمِعا عن العرب وأنّ من ثَقَّل فقد أخطأَ ثمَّ قال : وفي شرح أمالي القالي : سُمِّيت به لأنها تَصُدُّ من شَربَ منها عن غيرها وفي شرح نوادِر القالي : ومنهم من يَضُمُّ الصادَ وأنشد ابن الأعرابيّ :
كصاحِب صَدَّاءَ الذي ليس رائِياً ... كَصَدَّاءَ ماءً ذاقَهُ الدَّهْرَ شاربُ ثمَّ قال : وقال ابن يزيد : إنه لا يصل إليها إِلاَّ بالمُزاحمة لفَرْطِ حُسْنِها كالذي يردُ هذا الماءَ فإنه يُزاحم عليه لِفَرْطِ عُذوبَته انتهى . ويقال هو صاغرٌ صَدِئٌ إِذا لَزِمه العارُ واللَّومُ ويقال : يدي من الحديد صَدِئَة أَي سَهِكَة وصُداء كغُرابٍ : حيٌّ باليمن هو صُداءُ بن حرب بن عُلَة بن جَلْد ابن مالك بن جَسْر من مَذْحِج منهم زيادُ بن الحارث ويقال : حارثة قال البخاري والأوَّل أصحُّ له وِفادة وصُحبة وحَديثٌ طويل أخرجه أحمد وهو من أذَّنَ فهو يُقيمُ الصُّدائيُّ هكذا في النسخ وفي لسان العرب والنّسبة إليه صُداوِيُّ بمنزلة الرُّهاويّ قال : وهذه المدَّة وإن كانت في الأصل ياءاً أو واواً فإنما تُجعل في النِّسبة واواً كراهيةَ التقاء الياءات ألا ترى أنك تقول رَحًى ورَحيانِ فقد علمت أن ألف رَحًى ياءٌ وقالوا في النسبة إليها رَحَويٌّ لتلك العِلّة . وفي نوادر أَبِي مِسْحَل يقال : تَصدَّأَ له وتَصَدَّع له وتَصَدَّى له مُعتلاًّ بمعنى تَعَرَّض له وأصله الإعلال وإنما هَمزوه فَصاحةً كرَثَأَتِ المرأةُ زَوْجَها وغير ذلك على قول الفراّء . وجَدْيٌ أَصْدَأُ وفرسٌ أصْدَأُ بَيِّنُ الصَّدَإِ إِذا كانَ أسودَ وهو مُشْرَبٌ بِحُمرة وقد صَدِئَ وعَناقٌ صَدْآءُ ويقال : كُمَيْتٌ أَصْدَأُ إِذا عَلَتْه كُدْرَةٌ . وعن الأَصمَعِيّ في باب ألوان الإبل : إِذا خالطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَإِ الحَديد فهي الحُوَّةُ وعن شَمِرٍ : الصَّدْآءُ على فَعْلاءَ : الأرضُ التي ترى حَجَرَها أصْدَأَ أحْمَرَ تَضْرِب إلى السَّواد لا تكون إِلاَّ غَليظَةً ولا تكون مُستويةً بالأرض وما تحت حِجارةِ الصَّدْآءِ أرضٌ غليظةٌ وربّما طيناً وحجارةً كذا في لسان العرب