الضَّوْءُ هو النُّورُ ويُضَمُّ وهما مترادفان عند أئمة اللغة وقيل : الضوء : أقوى من النور قاله الزمخشري ولذا شَبَّه الله هُداه بالنور دون الضَّوْءِ وإلا لما ضَلَّ أحدٌ وتبعه الطّيبي واستدلَّ بقوله تعالى " جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقَمَرَ نوراً " وأنكره صاحبُ الفَلَك الدائر وسوَّى بينهما ابن السكيت وحقَّق في الكشف أن الضوءَ فَرْعُ النور وهو الشُّعاع المُنتشر وجزم القاضي زكريّا بترادُفِهما لغةً بحسب الوَضْعِ وأن الضوءَ أبلَغُ بحسب الاستعمال وقيل : الضوءُ لِما بالذات كالشمس والنار والنور لما بالعَرَض والاكتساب من الغَيْر هذا حاصلُ ما قاله شيخنا رحمه الله تعالى وجمعه أضْواء كالضِّواءِ والضِّياء بكسرهما لكن في نسخة لسان العرب ضبط الأول بالفتح والثاني بالكسر وفي التهذيب عن الليث : الضَّوْءُ والضِّياءُ ما أضاءَ لك . ونقل شيخنا عن المحكم أَنَّ الضِّياءَ يكون جمعاً أيضاً . قلت : هو قول الزجاج في تفسيره عند قوله تعالى " كُلَّما أَضاءَ لهُمْ مَشَوْا فيه " وقد ضاءَ الشَّيْءُ يَضُوءُ ضَوْأً بالفتح وضُوءاً بالضَّمِّ وضَاءَت النارُ وأَضَاءَ يُضِيءُ وهذه اللغة المختارة وفي شعر العباس :
وأَنتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَ ... رْضُ وضَاءَتْ بنُورِكَ الأُفُقُ يقال : ضَاءَت وأَضَاءَت بمعنًى أَي استنارَتْ وصارَتْ مُضيئَةً وأَضأْتُه أَنا لازم ومتعدٍّ قال النابغة الجعدي رضي الله عنه :
أَضَاءَتْ لنا النَّارُ وجْهاً أَغَرَّ ... مُلْتَبِساً بالفُؤادِ الْتِبَاسَا
قال أَبو عُبَيد : أَضَاءَت النارُ وأَضَاءَها غيرُها وأَضَاءَها له وأَضَاءَ به البيتُ وقوله تعالى " يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولوْ لمْ تَمْسَسْهُ نارٌ " قال ابنُ عَرَفة : هذا مَثَلٌ ضربَه الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم يقول : يكاد منظَرُه يدلُّ على نُبُوَّته وإن لم يَتْلُ قُرْآناً وضَوَّأْتُه وضَوَّأْتُه به وضَوَّأْتُ عنه واسْتَضَأْتُ به وفي الأَساس : ضاعَ لأعرابيٌّ شاةٌ فقال اللهمَّ ضَوِّئْ عنه . وقال الليث : ضَوَّأَ عن الأَمرِ تَضْوِئَةً : حادَ قال أَبو منصور : لم أَسمعه لغيره . وعن أَبِي زيد : تَضَوَّأَ إِذا قامَ في ظُلمةٍ ليَرَى وفي غير القاموس : حيث يَرَى بضَوْءِ النارِ أَهْلَها ولا يَرَوْنَه قيل : علِقَ رجلٌ من العرب امرأَةً فإذا كانَ اللَّيْل اجتنح إلى حيث يَرى ضَوْءَ نارِها فَتَضَوَّءها فقيل لها : إنَّ فلاناً يَتَضَوَّؤُكِ لكيما تَحْذَره فلا تُريه إِلاَّ حَسَناً فلمَّا سمعت ذلك حَسَرَت عن يَديها إلى مَنْكِبَيْها ثمَّ ضَرَبتْ بكفِّها الأُخرى إِبْطَها وقالت : يا مُتَضَوِّئَاهُ هذا في اسْتِك إلى الإِبْطاهْ . فلمَّا رأَى ذلك رَفضها يقال عند تَعيير من لا يُبالي ما ظَهر منه من قَبيح . وأَضَاءَ ببَوْلِه : حَذَف به حكاهُ كُراع وفي الأَساس : أَذْرَعَ به وهو مجاز . وضَوْءُ بن سَلَمَة اليشكُرِيّ ذكره سَيْفٌ في الفُتوح له إدراكٌ وضَوءُ بن اللَّجْلاجِ الشيبانيُّ شاعران ومن شعر اليشكَريّ :
إنَّ دِيني دِينُ النَّبِيِّ وفي القَوْ ... مِ رِجالٌ على الهُدَى أَمْثَالِي
أَهْلَكَ القَوْمَ مُحْكَهُ بنُ طُفَيْلٍ ... ورِجالٌ لَيْسوا لنَا برِجال كذا في الإصابة وأَبو عبد الله ضِياء بن أَحمد بن محمد بن يعقوب الخيَّاط هَرَوِيُّ الأَصلِ سكن بغداد وحدَّث بها مات سنة 457 كذا في تاريخ الخطيب البغدادي . وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " لا تَسْتَضِيئُوا بنارِ أَهْلِ الشِّرْكِ ولا تَنْقُشُوا في خَواتِمِكُمْ عَرَبِيًّا " مَنْعٌ من استشارَتِهِمْ في الأُمورِ وعدم الأَخذ من آرائهم جعل الضَّوْءَ مثلاً للرَّأْيِ عند الحَيْرةِ ونقل شيخنا عن الفائق : ضَرَب الاستضاءة مثلاً لاستشارتهم في الأُمور واستطلاع آرائهم . لأنَّ من التبسَ عليه أَمرُه كانَ في ظُلْمة . قلت : ومثله في العُباب وجاءَ في حديث عليٍّ رضي الله عنه " لم يَسْتَضيئُوا بنُورِ العِلْمِ ولم يَرْجِعوا إلى رُكْنٍ وثيق . والإمام المُسْتَضِيءُ بنورِ الله وفي العُباب : بأَمر الله أَبو محمد الحَسَنُ بنُ يوسفَ بن محمد بن أَحمد بن إسحاق بن جعفر بن أَحمد ابن طلحة بن محمد بن هارون الرشيد العبَّاسي الثالث والثلاثون من الخُلفاء خلافته تسع سنين مات سنة 575 ومن ولده الأَمير أَبو منصور هاشم