الظِّلُّ . بالْكَسْرِ : نَقِيضُ الضِّحِّ أوْ هو الْفَيْءُ وقالَ رُؤْبَةُ : كُلُّ مَوْضِعٍ تَكونُ فيهِ الشَّمْسُ فَتَزُولُ عنهُ فهو طِلٌّ وَفَيْءٌ أو هُوَ أي الظِّلُّ بالْغَدَاةِ والْفَيْءُ بالْعَشِيِّ فالظِّلُّ ما كانَ قَبْلَ الشِّمْسِ والْفَيْءُ ما فَاءَ بَعْدُ وقالَوا : ظِلُّ الجَنَّةِ ولا يُقالُ : فَيْئُها لأَنَّ الشَّمْسَ لا تُعاقِبُ ظِلَّها فيكونُ هناكَ فَيْءٌ إِنَّما هي أَبَداً ظِلٌّ ولذلكَ قالَ عَزَّ وجَلَّ : " أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا " أرادَ : وظِلُّها دائِمٌ أيضاً وقالَ أبو حَيَّانَ في ظلل : هذه المادَّةُ بالظَّاءِ إِنْ أَفْهَمَتْ سَتْراً أو إِقَامَةً أو مَصِيراً فتناوَلَ ذلكَ كَلِمات كثيرة منها الظِّلُّ وهو ما اسْتَتَرتْ عنهُ الشَّمْسُ ج : ظَلاَلٌ بالكسْرِ وظُلُولٌ وأَظْلاَلٌ وقد جَعَلَ بعضُهُم لِلْجَنَّةِ فَيْئاً غيرَ أَنَّهُ قَيَّدَهُ بالظِّلِّ فقالَ يَصِفُ حالَ أهلِ الجَنَّةِ وهو النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنهُ :
فَسَلامُ الإِلَهِ يَغْدُو عَليْهم ... وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذاتِ الظِّلالِ وقالَ كُثّيِّر :
لَقَدْ سِرْتُ شَرْقِيَّ البِلادِ وغَرْبَها ... وقد ضَرِبَتْنِي شَمْسُها وظُلُولُها
وقالَ أبو الهَيْثَم : الظِّلُّ كُلُّ ما لَمْ تَطَّلِعْ عليهِ الشَّمْسُ والفَيْءُ لا يُدْعَى فَيْئاً إِلاَّ بَعْدَ الزَّوالِ إِذا فاءَتِ الشِّمْسُ أي رَجَعتْ إلى الجانِبِ الغَرْبِيِّ فَما فَاءَتْ منهُ الشّمْسُ وَبَقِيَ ظِلاًّ فهو فَيْءٌ والفَيْءُ شَرْقِيٌّ والظِّلُّ غَرْبِيٌّ وإِنَّما يُدْعَى الظِّلُّ ظِلاًّ مِنْ أَوَّلِ النَّهارِ إِلى الزَّوالِ ثُمَّ يُدْعَى فَيْئاً بعدَ الزَّوالِ إِلى اللِّيْلِ وأَنْشَدَ :
" فلا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُهُولا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ والظِّلُّ : الْجَنَّةُ قيلَ : ومِنْهُ قولُهُ تَعالى : " وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والْبَصِيرُ ولا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ " حَكَاهُ ثَعْلَب قالَ : والحَرُورُ : النَّارُ قالَ : وأَنا أَقُولُ : الظِّلُّ : الظِّلُّ بِعَيْنِهِ والحَرُورُ : الحَرُّ بِعَيْنِهِ . وقالَ الرَّاغِبُ : وقد يُقالُ ظِلٌّ لِكُلِّ شَيْءٍ ساتِرٍ مَحْمُوداً كان أو مَذْمُوماً فمِنَ المَحْمودِ قولُهُ عَزَّ وجَلَّ : " ولاَ الظِّلُّ ولاَ الحَرُورُ " ومن المَذْمُوم قولُهُ تَعالى : " وظَلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ " . والظِّلُّ أيضاً : الْخَيالُ مِنَ الْجِنِّ وغَيْرِهِ يُرَى وفي التَّهْذِيبِ : شِبْهُ الخَيالِ مِنَ الجِنِّ . والظِّلُّ أيضاً : فَرَسُ مَسْلَمَةَ بْنِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ . ويُعَبَّرُ بالظِّلِّ عن الْعِزِّ والْمَنَعَةِ والرَّفاهِيَةِ ومنهُ قولُه تَعالى : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ في ظِلاَلٍ وعُيُونٍ " أي في عِزَّةٍ ومَناعَةٍ وكذا قُولُه تَعالَى : " أُكُلُهَا دَائِمٌ وظِلُّهَا " وقولُه تَعالَى : " هُمْ وأَزْواجُهُمْ في ظِلاَلٍ " وأظَلَّنِي فُلانٌ : أي حَرَسَنِي وجَعَلَنِي في ظِلِّه أي عِزِّهِ ومَناعَتِهِ قالَهُ الرَّاغِبُ . والظِّلُّ : الزِّئْبِرُ عن ابنِ عَبَّادٍ . والظِّلُّ : اللَّيْلُ نَفْسُه وهو قَوْلُ المُنَجِّمِين زَعَمُوا ذلكَ قالُوا : وإِنَّما اسْوَدَّ جِدّاً لأَنَّهُ ظِلُّ كُرَةِ الأَرْضِ وبِقَدْرِ ما زادَ بَدَنُها في العِظَمِ ازْدَادَ سَوادُ ظِلِّها وقالَ أبو حَيَّانَ : وظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ ذَراهُ وسِتْرُهُ ولذلكَ سُمِّيَ اللَّيْلُ ظِلاًّ . أو ظِلُّ اللَّيْلِ : جُنْحُهُ وفي الصِّحاحِ والفَرْقِ لابنِ السِّيد : سَوادُهُ يُقالُ : أَتانا في ظِلِّ اللَّيْلِ قال ذُو الرُّمَّةِ
" قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُهُفي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ الْبُوم قالَ الجَوْهَرِيُّ : هو اسْتِعَارَةٌ لأَنَّ الظِّلَّ في الحقيقةِ إِنَّما هو ضَوْءُ شُعاعِ الشَّمْسِ دونَ الشُّعاعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضَوْءٌ فهو ظُلْمَةٌ وليسَ بِظِلٍّ . والظِّلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ : شَخْصُهُ لِمَكانِ سَوادِهِ ومنهُ قَوْلُهم : لا يُفَارِقُ ظِلِّي ظِلَّكَ كَما يَقولونَ : لا يُفَارِقُ سَوادِي سَوادَكَ . وقالَ الرَّاغِبُ : قال بعضُ أهلِ اللُّغَةِ : يُقالُ لِلشَّخْصِ ظِلٌّ . قال : ويدُلُّ على ذلكَ قَوْلُ الشاعِرِ :
" لَمَّا نَزَلْنا رَفَعْنَا ظِلَّ أَخْبِئَةٍ وقال : ليسَ يَنْصِبُونَ الظِّلَّ الذي هو الفَيْءُ إِنَّما يَنْصِبُونَ الأَخْبِئَةَ وقالَ آخَرُ :
" تَتَبَّعُ أَفْياءَ الظِّلالِ عَشِيَّةً أي أَفْياءَ الشُّخُوصِ . وليسَ في هذا دَلالَةٌ فَإِنَّ قولَه : رَفَعْنا ظِلَّ أَخْبِئَةٍ معناه : رَفَعْنا الأَخْبِئَةَ فَرَفعْنا بهِ ظِلَّها فكأَنَّهُ رَفَعَ الظِّلَّ وقولُه : أَفْياءَ الظِّلالِ فالظِّلالُ عامٌّ والفَيْءُ خَاصٌّ ففيه إِضافَةُ الشَّيْءِ إلى جِنْسِهِ فتَأَمَّلْ أو ظِلُّ الشَّيْءِ : كِنُّهُ والظِّلُّ مِنَ الشَّبَابِ : أَوَّلُهُ هكذا في النُّسَخ والصَّوابُ على ما في نَوادِرِ أبي زَيْدٍ : يُقالُ : كانَ ذلكَ في ظِلِّ الشِّتَاءِ أي في أَوَّل ما جاءَ مِنَ الشِّتاءِ . والظِّلُّ مِنَ الْقَيْظِ : شِدَّتُهُ قالَ أبو زَيْدٍ : يُقالُ : فَعَلَ ذلكَ في ظِلِّ القَيْظِ أي في شِدَّةِ الحَرِّ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ :
" غَلَّسْتُهُ قبلَ القَطا وفُرَّطِهْ
" في ظِلِّ أَجَّاجِ المَقِيظِ مُغْبِطِهْوالظِّلُّ مِنَ السَّحَابِ : ما وَارَى الشَّمْسَ مِنْهُ أو ظِلُّهُ سَوادُهُ والشَّمْسُ مُسْتَظِلَّةٌ أي هي في السَّحابِ وكُلُّ شَيْءٍ أَظَلَّكَ فَهُوَ ظُلَّهٌ . والظِّلُّ مِنَ النَّهَارِ : لَوْنُهُ إِذا غَلَبَتْهُ الشَّمْسُ . ويُقالُ : هوَ يَعِيشُ في ظِلِّهِ : أي في كَنَفِهِ وناحِيَتِهِ أي في عِزِّهِ ومَنَعَتِهِ وهو مَجازٌ . ومِنْ أَمْثالِهِم : اتْرُكْهُ ويُرْوَى : لأَتْرُكَنَّهُ تَرْكَ الظَّبْيِ ظِلَّهُ أي مَوْضِعَ ظِلِّه كَما في العُبَابِ يُضْرَبُ لِلرِّجُلِ النَّفُورِ لأنَّ الظَّبْيَ إِذا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ لا يَعُودُ إِلَيْهِ أَبَداً والأصْلُ في ذلكَ أنَّ الظَّبْيَ يَكْنِسُ في الحَرِّ ويَأْتِيهِ السَّامِي فَيُثِيرُهُ ولا يَعُودُ إِلى كِنَاسِهِ فيُقالُ : تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه ثُمَّ صارَ مَثَلاً لِكُلِّ نافِرٍ مِنْ شَيْءٍ لا يَعُودُ إِليْهِ وقالَ المَيْدَانِيُّ : الظِّلُّ في المَثَلِ الكِنَاسُ الذي يُسْتَظَلُّ به في شِدَّةِ الحَرِّ يُضْرَبُ في هَجْرِ الرَّجُلِ صاحِبَهُ وتَرْكَ بسُكونِ الرَّاءِ لا بِفَتْحِهِ كَما وَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ قلتُ : هو في العُبابِ والتَّهْذِيبِ كما أَوْرَدَهُ الجَوْهَرِيُّ بِنَصِّه وكَفى له شاهِداً إِيرادُ هؤلاءِ هكذا مع أنهم قد يَرْتَكِبُونَ في الأَمْثالِ ما لا يُرْتَكَبُ في غيرِها فلا وَهَمَ حِينَئِذٍ وأَحْسَنُ مِنْ وَلَعِهِ بهذا التَّوْهِيم لو ذكرَ بَقِيَّةَ الأَمْثالِ الوَارِدَةِ فيهِ مِمَّا ذكَرَهُ الأَزْهَرِيُّ وغيرُه منها : أَتَيْتُهُ حينَ شَدَّ الظَّبْيُ ظِلَّهُ وذلكَ إذا كَنَسَ نِصْفَ النَّهارِ فلا يَبْرَحُ مَكْنِسَهُ ومنها : أَتَيْتُهُ حينَ يَنْشُدُ الظَّبْيُ ظِلَّهُ أي حينَ يَشْتَدُّ الحَرُّ فيطْلُبُ كِنَاساً يكْتَنُّ فيهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ . ومَكَانٌ ظَلِيلٌ : ذُو ظِلٍّ وفي العُبابِ : وَارِفٌ أو دَائِمُهُ قد دامَتْ ظِلالَتُه وقَوْلُهم : ظِلٌّ ظَلِيلٌ يكونُ مِنْهُ وفي بعضِ النُّسَخِ : جنة وهو تَحْرِيفٌ صَوابُهُ : منه كَما ذَكَرْنَا أو مُبالَغَةٌ كقولِهِم : شِعْرٌ شَاعِرٌ ومنهُ قولُهُ تَعالَى : " ونُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً " وقال الرَّاغِبُ : هو كِنايَةٌ عن غَضارَةِ العَيْشِ وقَوْلُ أُحَيْحَةَ ابنِ الجُلاَحِ يَصِفُ النَّخْلَ :
هِيَ الظِّلُّ في الحَرِّ حَقُّ الظَّلِي ... لِ والمَنْظَرُ الأَحْسَنُ الأَجْمَلُ قال ابنُ سِيدَه : المَعْنَى عِنْدِي : هي الشَّيْءُ الظَّلِيلُ فوَضَعَ ا لمَصْدَرَ مَوْضِعَ الاسْمِ . وأَظَلَّ يَوْمُنا : صَارَ ذَا ظِلٍّ وفي العُبابِ والصحِّاحِ : كانَ ذَا ظِلٍّ . واسْتَظَلَ بِالظِّلِّ : اكْتَنَّ به وقيلَ : مالَ إِلَيْهِ وقَعَدَ فيهِ وبالشَّجَرَةِ : اسْتَذْرَى بها واسْتَظَلَّ مِنَ الشَّيْءِ وبِهِ : أي تَظَلَّلَ . واسْتَظَلَّ الْكَرَمُ : الْتَفَّتْ نَوامِيهِ واسْتَظَلَّتِ الْعُيُونُ وفي المُحِيطِ : عَيْنُ النَّاقَةِ غارَتْ قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
علَى مُسْتَظِلاَّتِ العُيُونِ سَوَاهِمٍ ... شُوَيْكِيَةٍ يَكْسُو بُرَاهَا لُغامُهَا يقول : غارتْ عُيُونُها فهي تحتَ العَجاجِ مُسْتَظِلَّةٌ وشُوَيْكِيَةٌ حينَ طلَع نَابُها . واسْتَظَلَّ الدَّمُ : كان في الْجَوْفِ وهو المُسْتَظِلُّ ومنه قولُه :
" مِنْ عَلَقِ الجَوْفِ الذي كانَ اسْتَظَلّْ وأَظَلّنِي الشَّيْءُ : غَشِيَنِي والاسْمُ منه : الظِّلُّ بالكسرِ وبهِ فَسَّرَ ثَعْلَب قولَهُ تَعالَى : " إلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ " أو أَظَلَّنِي فُلاَنٌ : إذا دَنَا مِنِّي حَتَّى أَلْقَى عَلَيَّ ظِلَّهُ مِنْ قُرْبِهِ ثُمَّ قِيلَ : أَظُلَّكَ أَمْرٌ . ومنهُ الحَديثُ : أَيُّها النَّاسُ قد أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ أي أَقْبَلَ عليكم ودَنَا منكم كأَنَّهُ أَلْقَى عليْكُم ظِلَّهُ . وظَلَّ نَهَارَهُ يَفْعَلُ كَذَا وكذا ولا يُقالُ ذلكَ إِلاَّ بالنَّهارِ كما لا يَقُولونَ : باتَ يَبِيتُ إِلاَّ باللَّيْلِ قالَهُ اللَّيْثُ وغيرُه وهو المَفْهُومُ مِنْ كَلامِ سِيبَوَيْهِ وقالَ غيرُهم : يُقالُ أَيضاً : ظَلَّ لَيْلَهُ يَفْعَلُ كذا لأَنَّهُ قد سُمِعَ في بعضِ الشِّعْرِ وهو قَوْلُ الأَعْشَى :" يَظَلُّ رَجِيماً لِرَيْبِ الْمَنُونِ وقد رُدَّ عليهِ ذلكَ وأجابُوا عنه بأَنَّ ظَلَّ بِمَعْنَى صَارَ ويُسْتَعْمَلُ في غيرِ النَّهارِ كَما ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ في البُلْغَةِ يَظَلُّ بالْفَتْحِ أي فهو من حَدِّ مَنَعَ وهي لُغَةٌ نَقَلَها الصَّاغانِيُّ ولا وَهَمَ فيه كما زَعَمَهُ شيخُنا ظَلاًّ وظُلُولاً بالضَّمِّ . وظَلِلْتُ أَعْمَلُ كذا بالكَسْرِ أي مِنْ حَدِّ تَعِبَ أَظَلُّ ظُلُولاً وعلى هذه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وصاحبُ المِصْباحِ قالَ اللَّيْثُ : ومن العَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ لامَ ظَلِلْتُ ونَحُوِها فيقولونَ : ظَلْتُ كَلَسْتُ ومنهُ قوله تعالى : " فَظَلْتُمْ تَفَكُّهُونَ " وهو مِنْ شَواذِّ التَّخْفِيفِ وكذا قولُهُ تَعالى : " ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً " والأَصْلُ فيهِ : ظَلِلْت حُذِفَتِ الَّلامُ لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ والكَسْرِ وبَقِيَت الظَّاءُ على فَتْحِها وقال الصَّاغانِيُّ : أَسْقَطُوا الأُولى اسْتِثْقَالاً لاِجْتِماعِ الَّلامَيْنِ وتَرَكُوا الظَّاءَ على فَتْحِها واكْتَفَوا بِتَعارُفِ مَوْضِعِهِ وقِيامِ الثَّانِيَةِ مَقامَهَا . ويَقُولونَ : ظِلْتُ كَمِلْتُ وبِهِ قَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ والأَعْمَشُ وقَتادَةُ وأبو البَرَهْسَمِ وأبو حَيْوَةَ وابنُ أبي عَبْلَةَ وهي لُغَةُ الحِجازِ على تَحْويِلِ كَسْرِ الَّلامِ عَلى الظَّاءِ ويَجُوزُ في غيرِ المَكْسُورِ نحو : هَمْتُ بذلكَ . أي هَمَمْتُ وأَحَسْتُ بذلكَ أي أَحْسَسْتُ وهذا قَوْلُ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ وقالَ ابنُ سِيدَه : قالَ سِيبَوِيْه : أمَّا ظِلْتُ فأصْلُهُ ظَلِلْتُ إِلاَّ أَنَّهُمْ حَذَفُوا فَأَلْقَوْا الحَرَكَةَ عَلى الْفَاءِ كَما قَالوا : خِفْتُ وهذا النَّحْوُ شَاذٌّ وأَمَّا ما أَنْشَدَ أبو زَيْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ :
" أَلَمْ تَعْلَمِي ما ظِلْتُ بالقَوْمِ وَاقِفاًعَلى طَلَلٍ أَضْحَتْ مَعَارِفُهُ قَفْرَاقال ابنُ جِنِّيٍّ : قال : كَسَرُوا الظَّاءَ في إِنْشادِهِم وليسَ مِن لُغَتِهم . وقالَ الرَّاغِبُ : يُعَبَّرُ بِظَلَّ عَمَّا يُفْعَلُ بالنَّهارِ ويَجْرِي مَجْرَى صِرْت قال تعالى : " ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً " انتهى قالَ الشِّهابُ : فهو فِعْلٌ ناقِصٌ لثُبوتِ الخَبَرِ في جَمِيعِ النَّهارِ كَما قالَ الرَّضِيُّ لأَنَّهُ لِوَقْتٍ فيه ظِلُّ الشَّمْسِ مِنَ الصَّباحِ لِلْمَساءِ أو مِنْ الطُّلُوعِ للغُروبِ فإذا كانتْ بمعنَى صارَ عَمَّتِ النهارَ وغيرَه وكذا إذا كانت تَامَّةً بمعنَى الدَّوامِ كذا في شَرْحِ الشِّفَاءِ وقال الرَّضِّيُّ : قالوا لم تُسْتَعْمَلْ ظَلَّ إِلاَّ ناقِصَةً وقال ابنُ مالِكٍ : تكونُ تَامَّةً بمعنَى طالَ ودامَ وقد جاءَتْ ناقِصَةً بمعنى صارَ مُجَرِّدَةً عن الزَّمانِ المَدْلُولِ عليه بتَرْكِيبِهِ قالَ تَعالَى : " ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً " . والظَّلَّةُ : الإقامَةُ . وأيضاً : الصِّحَّةُ هكذا في النُّسَخِ ولم أَجِدْهُ في الأُصُولِ التي بأَيْدِينا وأنا أَخْشَى أن يكونَ تَحْرِيفاً فَإِنَّ الأَزْهَرِيُّ وغيرَهُ ذكَروا مِنْ مَعانِي الظُّلَّةِ بالضَّمِّ : الصَّيْحَةَ فتَأَمَّلْ . والظُّلَّةُ بالضَّمِّ : الْغَاشِيَةُ . وأيضاً : البُرْطُلَّةُ وفي التَّهْذِيبِ : والمِظَلَّةُ الْبُرْطُلَّةُ قال : والظُّلَّةُ والمِظَلَّةُ سَواءٌ وهو ما يُسْتَظَلُّ بهِ مِنَ الشَّمْسِ . قلتُ : وقد تقدَّمَ للمُصَنِّفِ أنَّ البُرْطُلَّةَ المِظَلَّةُ الضَّيِّقَةُ وتقدَّمَ أنها كَلِمَةٌ نَبَطِيَّةٌ . والظُّلَّةُ : أَوَّلُ سَحَابَةٍ تُظِلُّ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أبي زَيْدٍ قالَ الرَّاغِبُ : وأكثرُ ما يُقالُ فيما يُسْتَوْخَمُ ويُكْرَهُ ومنهُ قولُهُ تَعالى : " وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأَنَّهُ ظُلَّةٌ " ونَصُّ الصِّحاحِ : يُظِلُّ وفي بعضِ الأُصُولِ : أُولَى سَحابَةٍ ومنهُ الحَديثُ : الْبَقَرَةُ وآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُما ظُلَّتَانِ أو غَمامَتانِ وأيضاً : ما أَظَلَّكَ مِنْ شَجَرٍ وقيلَ : كُلُّ ما أَطْبَقَ عليْكَ وقيل : كُلُّ ماسَتَرَكَ مِنْ فَوْقٍ وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ : " فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ " قالَ الجَوْهَرِيُّ : قالُوا : غَيْمٌ تَحْتَهُ سَمُومٌ وفي التِّهْذِيبِ : أو سَحَابَةٌ أَظَلَّتْهُمْ فاجْتَمَعُوا تَحْتَها مُسْتَجِيرِينَ بِها مِمَّا نالَهُمْ مِنَ الْحَرِّ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ وهَلَكُوا تَحْتَها . ويُقالُ : دَامَتْ ظِلاَلَةُ الظِّلِّ بالْكَسْرِ وظُلَّتُهُ بالضَّمِّ أي ما يُسْتَظَلُّ بِهِ مِنْ شَجَرٍ أو حَجَرٍ أو غير ذلكَ . والظَّلَّةُ أَيْضاً : شَيْءٌ كالصُّفَّةِ يُسْتَتَرُ بِهِ مِنَ الْحَرِّ والْبَرْدِ نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ ج : ظُلَلٌ كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ وظِلاَلٌ كعُلْبَةٍ وعِلابٍ ومِن الأَوَّلِ قولُهُ تعَالَى : " إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ " أي يَأْتِيَهُم عَذابُهُ وقُرِئَ أيضاً : " في ظِلاَلٍ " وقَرَأَ حَمْزَةُ والكِسَائِيُّ وخَلَفٌ : " في ظُلَلٍ عَلى الأَرائِكِ مُتَّكِئُونَ " وقولُهُ تَعالى : " لَهُمْ مِن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ " قالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : هي ظُلَلٌ لِمَنْ تَحْتَهُم وهي أَرْضٌ لهم وذلكَ أنَّ جَهَنَّمَ أَدْراكٌ وأَطْباقٌ فبِساطُ هذه ظُلَّةٌ لِمَن تَحْتَها ثُمَّ هَلُمَّ جَرَّا حتى يَنْتَهُوا إلى القَعْرِ . وفي الحديثِ : أَنَّهُ ذكَر فِتَناً كأَنَّها الظُّلّلُ أرادَ كأَنَّها الجِبالُ والسُّحُبُ قالَ الكُمَيْتُ :
فكيفَ تقولُ العَنْكَبُوتُ وبَيْضُها ... إذا ما عَلَتْ مَوْجاً مِنَ البَحْرِ كالظُّلَلْوالظِّلَّةُ بالْكَسْرِ : الظِّلاَلُ وكأَنَّهُ جَمْعُ ظَلِيلٍ كطِلَّةٍ وطَلِيلٍ . والْمَظَلَّةُ بالكَسْرِ والْفَتْحِ أي بِكَسْرِ المِيم وفَتْحِهَا الأَخِيرَةُ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلى الكَسْرِ وهو قَوْلُ أبي زَيْدٍ قالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : وإِنَّما جازَ فيها فَتْحُ المِيمِ لأَنَّها تُنْقَلُ بِمَنْزِلَةِ البَيْتِ وهو الْكَبِيرُ مِنَ الأَخْبِيَةِ قِيلَ : لا تكونُ إِلاَّ من الثِّيابِ وهي كبيرةٌ ذاتُ رُوَاقٍ ورُبَّما كانَتْ شُقَّةً وشُقَّتَيْنِ وثَلاثاً ورُبَّما كانَ لَها كِفَاءٌ وهو مُؤَخَّرُها . وقالَ ثَعْلَبٌ : المِظَلَّةُ مِنَ الشَّعَرِ خاصَّةً . وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : الخَيْمَةُ تَكونُ مِنْ أَعْوَادٍ تُسْقَفُ بالثُّمَامِ ولا تَكونُ مِنْ ثِيابٍ وأَمَّا المِظَلَّةُ فَمِنْ ثِيَابٍ . وقال أبو زَيْدٍ : مِنْ بُيُوتِ الأَعْرَابِ المِظَلَّةُ وهيَ أَعْظَمُ ما يَكُونُ مِنْ بُيُوتِ الشَّعَرِ ثُمَّ الوَسُوطُ بَعْدَ المِظَلَّةِ ثُمَّ الخِبَاءُ وهو أَصْغَرُ بُيُوتِ الشَّعَرِ . وقالَ أبو مالِكٍ : المِظَلَّةُ والخِباءُ يَكونُ صَغِيراً وكَبِيراً . ومن أَمْثالِهِم : عِلَّةٌ ماعِلَّة أوْتَادٌ وأَخِلَّة وعَمَدُ المِظَلَّة أَبْرِزُوا لصِهْرِكُم ظُلَّة . قالَتْهُ جارِيَةٌ زُوِّجَتْ رَجُلاً فَأَبْطَأَ بِها أَهْلُها على زَوْجِها وجَعَلُوا يَعْتَلُّونَ بِجَمْع أَدَواتِ البَيْتِ فقالتْ ذلكَ اسْتِحْثَاثاً لهم والجَمْعُ المَظَالُّ وأَمَّا قولُ أُمَيَّةَ بنِ أبي عائِذٍ الهُذَلِيِّ :
ولَيْلٍ كَأَنَّ أَفَانِينَهُ ... صَرَاصِرُ جُلِّلْنَ دُهْمَ الْمَظالِي إِنَّما أَرادَ المَظَالَّ فخَفَّفَ الَّلامَ فَإِمَّا حَذَفَها وإِمَّا أَبْدَلَها ياءً لاِجْتِمَاعِ المِثْلَيْنِ وعلى هذا تُكْتَبُ بالْيَاءِ . والأَظَلُّ : بطْنُ الإِصْبَعِ مِمَّا يَلِي صَدْرَ القَدَم مِنْ أَصْلِ الإِبْهامِ إِلى أَصْلِ الْخِنْصَرِ نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه وقالَ : يقولون : أَظَلُّ الإِنْسانِ بُطُونُ أصابِعِهِ . هكذا عَبَّرُوا عنهُ بِبُطُونٍ والصَّوابُ عندي أنَّ الأَظَلَّ بَطْنُ الإِصْبَعِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَ القَدَمِ . والأَظَلُّ مِنَ الإِبِلِ : بَاطِنُ المَنْسِمِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ قال أَبو حَيَّانَ : بَاطِنُ خُفِّ البَعِيرِ سُمِّيَ بهِ لاِسْتِتَارِهِ ويُسْتَعَارُ لغيرِهِ ومنهُ الْمَثَلُ : إِنْ يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفِّي . يُقالُ للشَّاكِي لِمَنْ هو أَسْوَأُ حَالاً منه وقال ذُو الرُّمَّةِ :
" دَامِي الأَظَلِّ بَعِيدُ الشَّأْوِ مَهْيُومُ وأَنْشَدَ الصَّاغانِيُّ لِلَبْيدٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنهُ :
وتَصُكُّ الْمَرْوَ لَمَّا هَجَّرَتْ ... بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأَظَلّْ ج : ظُلٌّ بِالضَّمِّ وهو شَاذٌّ لأَنَّهُم عامَلُوهُ مُعامَلَةَ الوَصْفِ قالَ الجَوْهَرِيُّ : وأَظْهَرَ الْعَجَّاجُ التَّضْعيفَ في قَوْلِهِ :
" تَشْكُو الْوَجَىَ مِنْ أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
" مِنْ طُولِ إِمْلاَلٍ وظَهْرٍ أَمْلَلِ ضَرُورَةً واحْتاجَ إلى فَكِّ الإِدْغامِ كقَوْلِ قَعْنَبِ بنِ أُمِّ صاحِبٍ :
مَهْلاً أَعاذِلَ قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقِي ... أَنِّى أَجُودُ لأقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوا والظَّلِيَةُ كسَفِينَةٍ : مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ في أَسْفَلِ مَسِيلِ الْوَادِي وفي التَّهْذِيبِ : مُسْتَنْقَعُ مَاءٍ قَليلٍ في مَسِيلٍ ونَحْوِه وقال أبو عَمْروٍ : هي الرَّوْضَةُ الْكَثِيرَةُ الْحَرَجَاتِ وج : ظَلاَئِلُ وهي شِبْهُ حُفْرَةٍ في بَطنِ مَسِيلِ مَاءٍ فَيَنْقَطِعُ السَّيْلُ ويَبْقَى ذلكَ الماءُ فيها قالَ رُؤْبَةُ :
" بِخَصِرَاتٍ تَنْقَعُ الغَائِلاَ
" غَادَرَهُنَّ السَّيْلُ في ظَلاَئِلاَقوله : بخَصِرَاتٍ يَعْني أَسْناناً بَوَارِدَ تَنْقَعُ الغَلِيلَ . ومُلاَعِبُ ظِلِّهِ : طَائِرٌ معَروفٌ سُمِّيَ بذلكَ وهُمَا مُلاَعِبَا ظِلِّهِما ومُلاَعِباتُ ظِلِّهِنَّ هذا في لُغَةِ فَإِذا نَكَّرْتَهُ أَخْرَجْتَ الظِّلَّ عَلى الْعِدَّةِ فقُلْتَ : هُنَّ مُلاَعِباتٌ أَظْلاَلَهُنَّ كذا في المُحْكَمِ والعُبابِ . والظَّلاَلَةُ كَسَحَابَةٍ : الشَّخْصُ وكذلكَ الطَّلاَلَةُ بالطَّاءِ . والظِّلاَلَةُ بالْكَسْرِ : السَّحَابَةُ تَرَاهَا وَحْدَها وتَرَى ظِلَّهَا على الأَرْضِ قالَ أَسْمَاءُ بنُ خارِجَةَ :
لِي كُلَّ يَوْمٍ صِيقَةٌ ... فَوْقِي تَأَجَّلُ كالظِّلاَلَهْ وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : الظَّلاَلُ كَسَحَابٍ : ما أَظَلَّكَ مِنْ سَحَابٍ ونَحْوِهِ . وظَلِيلاَءُ بالْمَدِّ : ع وذكَرَهُ المُصَنِّفُ أيضاً ضَلِيلاء بالضَّادِ والصَّوابُ أَنَّهُ بالظَّاءِ . وأبو ظِلاَلٍ ككِتَابٍ : هِلالُ بْنُ أَبي هِلاَلٍ وعليهِ اقْتَصَرَ ابنُ حِبَّانَ ويُقالُ : ابنُ أبي مالِكٍ القَسْمَلِيُّ الأَعْمَى : تابِعِيٌّ رَوَى عن أَنَسٍ وعنهُ مَرْوَانُ بنُ مُعاوِيَةَ ويَزِيدُ بنُ هارَونَ قالَ الذَّهَبِيُّ في الكاشِفِ : ضَعَّفُوهُ وشَذَّ ابنُ حِبَّانَ فقَوَّاهُ . وقالَ في الدِّيوانِ : هِلاَلُ بنُ مَيْمُونٍ ويُقالُ : ابنُ سُوَيْدٍ أبو ظِلاَلٍ القَسْمَلِيُّ قالَ ابنُ عَدَيٍّ : عامَّةُ ما يَرْوِيهِ لا يُتابَعُ عليْهِ . قلتُ : ويُقالُ له أيضاً : هِلاَلُ بنُ أبي سُوَيْدٍ وهوَ مِنْ رِجالِ التِّرْمِذِيِّ ورَوَى عنهُ أيضاً يحيى بنُ المُتَوَكِّلِ كَما قالَهُ ابنُ حِبَّانَ وعبدُ العزيز بنُ مُسْلِمٍ كَما قالَهُ المِزِّيُّ في الكُنَى . وقالَ الفَرَّاءُ : الظِّلاَلُ : ظِلاَلُ الْجَنَّةِ وفي بعضِ النُّسَخِ : الظِّلاَلُ : الجَنَّةُ . وهو غَلَطٌ ومنهُ قَوْلُ العَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنهُ يَمْدَحُهُ صَلَّى اللهُ تَعالَى عليهِ وسلَّم :
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلاَلِ وفي ... مَسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ أي كُنْتَ طَيِّباً في صُلْبِ آدَمَ حيثُ كانَ في الجَنَّةِ ومِنْ قَبْلِها أي مِنْ قَبْلِ نُزُولِكَ إِلى الأَرْضِ فَكَنَى عنها ولم يَتَقَدَّمْ ذِكْرُها لِبَيانِ المَعْنَى . والظِّلاَلُ مِنَ الْبَحْرِ : أَمْوَاجُهُ لأَنَّها تُرْفَعُ فتُظِلُّ السَّفِينَةَ ومَنْ فيها . والظَّلَلُ مُحَرَّكَةً : الْمَاءُ الذي يكونُ تَحْتَ الشَّجَرِ لاَ تُصِيبُهُ الشَّمْسُ كَما في العُبابِ وقد تقدَّم لهُ أيضاً مِثْلُ ذلكَ في ض ل ل . وظَلَّلَ بالسَّوْطِ : أَشَارَ بهِ تَخْوِيفاً عن ابنِ عَبَّادٍ . والظُّلْظُلُ بِالضَّمِّ : السُّفُنُ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ هكذا عَبَّرَ بالسُّفُنِ وهو جَمْعٌ . وظَلاَّلٌ كشَدَّادٍ : ع ويُخَفَّفُ كَما في العُبابِ . ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليه . ظَلَّ يَفْعَلُ كذا أي دَامَ . نَقَلَهُ ابنُ مالِكٍ وهيَ لُغَةُ أَهْلِ الشَّامِ . ويُوْمٌ مُظِلٌّ : ذو سَحابٍ وقيلَ : دائِمُ الظِّلِّ . ويُقالُ : وَجْهُهُ كَظِلِّ الحَجَرِ : أي أَسْوَدُ قالَ الرَّاجِزُ :
" كَأَنَّما وَجْهُكَ ظِلٌّ مِنْ حَجَرْقالَ بعضُهُم : أَرادَ الوَقَاحَةَ وقيلَ : أَرادَ أَنَّهُ كانَ أَسْوَدَ الوَجْهِ . والعَرَبُ تَقُولُ : ليسَ شَيْءٌ أَظَلَّ مِنْ حَجَرٍ ولا أَدْفَأَ مِنْ شَجَرٍ ولا أَشَدَّ سَواداً مِنْ ظِلٍّ وكُلَّما كانَ أَرْفَعَ سَمْكاً كانَ مَسْقَطُ الشَّمْسِ أَبْعَدَ وكُلَّما كانَ أَكْثَرَ عَرْضاً وأَشَدَّ اكْتِنازاً كانَ أَشَدَّ لِسِوَادِ ظِلِّهِ . وأَظَلَّتْنِي الشَّجَرَةُ وغيرُها ومنهُ الحديثُ : ما أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ولاَ أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ . واسْتَظَلَّ بها : اسْتَذْرَى . ويُقالُ : للمَيِّتِ : قد ضَحَى ظِلُّهُ . وعَرْشٌ مُظَلَّلٌ مِنَ الظِّلِّ . وفي الْمَثَلِ : لَكِنْ عَلى الأَثَلاتِ لَحْمٌ لا يُظَلَّلُ . قالَهُ بَيْهَسٌ في إِخْوَتِهِ المَقْتُولِينَ لَمَّا قالُوا : ظَلِّلُوا لَحْمَ جَزُورِكُم . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ . وقولُهُ تَعالَى : " وظَلَّلْنَا عَلَيْكُم الْغَمَامَ " . قيل : سَخَّرَ اللهُ لهم السَّحابَ يُظِلُّهُم حَتى خَرَجُوا إلى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ والاسْمُ الظَّلاَلَةُ بالفَتْحِ . وقولُهم : مَرَّ بِنا كَأَنَّهُ ظِلُّ ذِئْبٍ : أي سَرِيعاً كسُرْعَةِ الذِّئْبِ . والظُّلَلُ : بُيُوتُ السَّجْنِ . وبهِ فُسِّرَ قولُ الرَّاجِزِ :
" وَيْحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ
" هَلْ لَكَ في اللَّواقِحِ الْحَرائِزِ
" وفي اتِّبَاعِ الظُّلَلِ الأَوَارِزِ وفي الحديثِ : الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ . كِنَايّةً عن الدُّنُوِّ مِنَ الضِّرابِ في الْجِهَادِ حتى يَعْلُوَهُ السَّيْفُ ويَصِيرَ ظِلُّهُ عَلَيْهِ . وفي آخَرَ : السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ في الأَرْضِ لأَنَّهُ يَدْفَعُ الأَذَى عن النَّاسِ كَما يَدْفَعُ الظِّلُّ أَذَى حَرِّ الشَّمْسِ . وقيلَ : مَعْناهُ سِتْرُ اللَّهِ . وقيلَ : خاصَّةُ اللَّهِ . وقَوْلُ عَنْتَرَةَ :
ولقد أَبِيتُ عَلى الطَّوَى وأَظَلُّهُ ... حَتَّى أنالَ بهِ كَرِيمَ المَأْكَلِ أَرادَ : وأَظَلُّ عليه . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ . ويُقالُ : انْتَعَلَتِ الْمَطَايَا ظَلالَها إِذا انْتَصَف النَّهارُ في القَيْظِ فلَمْ يَكُنْ لها ظِلُّ قالَ الرَّاجِزُ :
" قد وَرَدَتْ تَمِشِي عَلى ظِلاَلِهَا
" وذَابَتِ الشَّمْسُ عَلى قِلاَلِهَا وقال آخَرُ في مِثْلِهِ :
" وانْتَعَلَ الظِّلَّ فَكانَ جَوْرَبَاً والمُظِلُّ : ماءٌ في دِيَارِ بَني أبي بَكْرِ ابنِ كِلاَبٍ . قالَهُ نَصْرٌ . والمُسْتَظِلُّ : لَحْمٌ رَقِيقٌ لازِقٌ بِبَاطِنِ المَنْسِمِ مِنَ البَعِيرِ . نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ عن أَعْرَابِيٍّ مِنْ طَيِّءٍ قالَ : وليسَ في البَعِيرِ مُضْفَةٌ أَرَقُّ ولا أَنْعَمُ مِنْها غيرَ أَنَّهُ لا دَسَمَ فيه . وقالَ أبو عُبَيْدٍ في بابِ سُوءِ المُشارَكَةِ في اهْتِمامِ الرَّجُلِ بِشَأْنِ أَخِيهِ : قالَ أبو عُبَيْدَةَ : إِذا أرادَ المَشْكُوُّ إِلَيْهِ أَنَّهُ في نَحْوٍ مِمَّا فيه صَاحِبُهُ الشَّاكِي قالَ له : إِنْ يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفِّي . يَقولُ : إِنَّهُ في مِثْلِ حالِكَ . والمِظَلَّةُ : ما تَسْتَظِلُّ بهِ المُلُوكُ عِنْدَ رُكُوبِهِم وهي بالْفَارِسِيَّة جتر . والظّلِّيلَةُ مُشَدَّدَةَ الَّلام : شَيْءٌ يَتَّخِذُهُ الإِنْسَانُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَوْبٍ يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ عامِّيَّةٌ . وأَيْكَةٌ ظَلِيلَةٌ : مُلْتَفَّةٌ . وهذا مُناخِي ومَحَلِّي وبَيْتِي ومِظَلَّي . ورَأَيْتُ ظِلاَلَةً مِنَ الطَّيْرِ بالكسْرِ : أي غَيايَةً . وانْتَقَلْتُ عن ظِلِّي : أي هَجَّرْتُ عن حَالَتِي . وهو مَجازٌ كذا : هو يَتْبَعُ ظِلَّ نَفْسِهِ . وأَنْشَدَنا بَعْضُ الشُّيوخِ :
مَثَلُ الرِّزْقِ الذي تَتْبَعُهُ ... مَثَلُ الظِّلِّ الذي يَمْشِي مَعَكْ
أنتَ لا تُدْرِكُهُ مُتَّبِعاً ... فَإِذا وَلَّيْتَ عنهُ تَبِعَكْوهوَ يُبارِى ظِلَّ رَأْسِهِ إِذا اخْتالَ وهو مَجازٌ كَما في الأًساسِ . وأَظَلَّهُ : أَدْخَلَهُ في ظِلِّهِ أي كَنَفِهِ . وقولُه تَعالى : " لاَ ظَلِيلٍ " أي لا يُفِيدُ فائِدَةَ الظِّلِّ في كَوْنِهِ وَاقِياً عن الحَرِّ . ويُرْوَى أَنَّ النَّبيَّ صَلَى الله عليه وسلم كان إِذا مَشَى لَمْ يَكُنْ له ظِلٌّ ولهذا تَأْويِلٌ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ هذا الكِتابِ . وظَلَّ اليَوْمُ وأَظَلَّ : صارَ ذَا ظِلٍّ . وأيضاً : دامَ ظِلُّهُ . وظَلَّ الشَّيْءُ : طالَ . والظُّلْظُلُ كقُنْفُذٍ : ما يُسْتَرُ بِهِ مِنَ الشَّمْسِ . قالَهُ اللَّيْثُ . واسْتَظَلَّتِ الشَّمْسُ : اسْتَتَرَتْ بالسَّحابِ . ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليه