العَقيقُ كأمِير : خَرَزٌ أحْمَر تُتّخذُ منه الفُصوصُ يكون باليَمَن بالقُرْبِ من الشِّحْر . يتكوّن ليكون مَرْجاناً فيمنَعُه اليُبْس والبَرْد . قال التّيفاشِيّ : يُؤْتَى به من اليَمَن من مَعادِن له بصَنْعاءَ ثم يؤتَى به الى عَدَن ومنها يُجْلَب الى سائِرِ البلادِ . قلتُ : وقد تقدّم للمصنِّفِ في ق ر أ أن معدِن العَقيق في موضِع قُرب صَنعاءَ يُقال له : مُقرأ . وبسَواحِل بحْرِ روميّة منه جنْسٌ كدِرٌ كماءٍ يجْري من اللّحْمِ المُمَلَّح وفيه خُطوطٌ بيضٌ خفيّةٌ . قلت : وهو المَعْروف بالرُّطَبيّ قالَه التّيفاشيُّ . وأجودُ أنواعِه الأحمر فالأصْفر فالأبيضُ وغيرُها رَديء . وقيل : المُشَطَّبُ منه أجْوَد وهي أصْليّةٌ لا مُنقَلِبَة بالطّبْخ كما ظُنّ . حقّقه داودُ في التّذْكِرة . ومن خَواصّ الأحمر منه أنّ : مَنْ تخَتّم به سكَنَت روعتُه عند الخِصام وزال عنه الهمُّ والخَفَقان وانْقَطَع عنه الدّم من أي موضِع كان ولاسيّما النِّساء اللّواتي يدوم طمْثُهن وشُربُه يُذهِب الطِّحال ويفْتَحُ السُّدَد . ونُحاتَةُ جميع أصنافِه تُذهِب حفَر الأسْنان . ومحْروقُه يثبِّت متحَرِّكَها ويشُدُّ اللِّثَة . وقد وردَ في بعْض الأخبار : تختّموا بالعَقيقِ فإنّه برَكَة . وقال صاحبُ اللِّسان : ورأيتُ في حاشيةِ بعْضِ نُسَخ التّْذيب الموْثوق بها . قال أبو القاسم : سُئل إبْراهيمُ الحَرْبيُّ عن الحديث : لا تخَتّموا بالعَقيق ؟ فقال : هذا تصْحيفٌ إنما هو لا تُخَيِّموا بالعَقيق أي : لا تُقيموا به ؛ لأنه كان خَراباً الواحِدةُ بهاءٍ ج : عَقائِق . والعَقيقُ : الوادي ج : أعِقّة وعَقائِقُ . والعَقيقُ : كُلُّ مَسيلٍ شَقّه ماءُ السّيْل فأنْهَرَه ووسّعه والجَمْع كالجَمْع . والعَقيقُ : ع بالمَدينة على ساكنِها أفضَلُ الصّلاةِ والسّلام فيه عُيونٌ ونَخيلٌ وهو الذي وردَ ذِكرُه في الحديث : أنه وادٍ مُباركٌ كأنّه عُقَّ أي : شُقَّ غلَبت الصِّفةُ عليه غلَبةَ الاسْم ولزِمَتْه الألِف واللاّم ؛ لأنه جُعِلَ الشّيء بعَيْنه على ما ذهَب إليه الخَليلُ في أسْماءِ الأعْلامِ التي أصلُها الصّفة كالحارِث والعبّاس . وأيضاً : موضِع باليَمامَة وهو وادٍ واسعٌ ممّا يَلي العرَمة تتدفّق فيه شِعابُ العارِض وفيه عُيون عذْبة الماءِ . وأيضاً : موضع بتِهامَة ومنه الحديث : وقّتَ لأهْل العِراقِ بطْنَ العَقيق . قال الأزهريُّ : أرادَ العَقيقَ الذي بالقُرْبِ من ذاتِ عِرْق قبلَها بمَرْحَلة أو مرْحلَتَيْن . وهو الذي ذكَره الشافِعيُّ رحِمه الله في المَناسِك وهو قوله : ولو أهَلّوا من العَقيق كان أحبَّ إليّ . وأيضاً : موضِع بنَجْد يُقال له : عَقيقُ القَنان تجري إليه مياهُ قُلَل نجْدٍ وجِبالِه . والعَقيق : ستّة مواضِع أُخَر وهي أودِيَة شقّتْها السَّيْلُ عاديّةٌ منها العَقيقان : بلدان في بلاد بني عامِر من ناحيةِ اليمن فإذا رأيتَ هذه اللفظَة مُثنّاةً فإنّما يفعْنى بها ذانِكَ البَلَدان وإذا رأيتَها مفردةً فقد يجوزُ أن يُعْنَى بها العَقيق الذي هو وادٍ بالحجاز وأن يُعْنى بها أحد هذين البلَدين ؛ لأنّ مثْل هذا قد يُفْرد كأبانَيْن . والعَقيقُ : شعَر كُلِّ موْلود يخرجُ على رأسِه في بطْنِ أمّه من النّاس . قال أبو عُبَيد : وكذلك من البَهائِم كالعِقّة بالكسر والعَقيقَة كسَفينة . وأنشد الأزهريُّ للشَّمّاخ :
أطار عَقيقَه عنه نُسالاً ... وأُدمِج دَمْجَ ذي شَطَنٍ بَديعِ أراد شَعْره الذي يولَد عليه أنّه أنْسَله عنه . وأنشد أبو عُبَيد لابن الرِّقاع يصف العَيْر :
تحسّرَتْ عِقّةٌ عنه فأنْسَلَها ... واجْتابَ أخْرى جَديداً بعدما ابْتَقَلا يقول : لمّا تربّع وأكَلَ بُقولَ الرّبيع أنْسَلَ الشّعرَ المولودَ معه وأنْبَتَ الآخر فاجْتابَه أي : اكْتَساه . وفي الحديث : كُلّ موْلودٍ مُرْتَهَنٌ بعَقيقَتِه أي : العَقيقةُ لازِمةٌ له لابُدّ له منها . قال الليثُ : وإذا سقَطَ عنه الشّعْر مرّةً ذهبَ ذلك الاسْم منه . قال امرؤ القَيس :
يا هِنْدُ لا تنْكِحي بوهَةً ... عليهِ عَقيقَته أحْسَبا وقد مرّ تمامُ الأبيات في ر س ع يصِفُه باللّؤْم والشُحِّ أي : لم يحْلِق عَقيقَتَه في صغَرِه حتّى شاخ . وقال زُهير :أذلِك أمْ أقَبُّ البَطْنِ جأْبٌ ... عليه من عَقيقَتِه عِفاءُ وفي الحديث : إن انفَرَقَتْ عَقيقتُه فرَق أي شعره سُمّي عَقيقةً تشْبيهاً بشَعْر المولود . أو العِقّة بالكَسْر في الحُمُر والنّاس خاصّة ولم تُقَلْ في غيْرهما قال أبو عُبَيد . قال عديُّ بنُ زيْد العِباديّ يصِف حِماراً :
صَيِّتُ التّعْشير رَزّامُ الضُحى ... ناسِلٌ عِقّته مثلُ المَسَدْ ج : عِقَق كعِنب . قال رؤبةُ :
" كالهَرَويّ انْجابَ عن لَيْلِ البَرَقْ
" طيّر عنها النّسْرُ حوْلِيَّ العِقَقْ النَّسْر : السِّمَن . والعَقيقةُ أيضاً : صوفُ الجذَع كما أنّ الجَنيبة : صوف الثّنِيّ . وسُمّيَت الشّاةُ التي تُذْبَحُ عند حلْقِ شعَر الموْلودِ عَقيقة ؛ لأنّه يُحْلَقَ عنه ذلِك عندَ الذّبْح ولذا جاء في الحديث : فأهرِيقوا عنه دماً وأميطُوا عنه الأذَى يعني بالأذَى ذلِك الشَّعَر الذي يُحْلَق عنه وهذا من الأشياءِ التي ربّما سُمّيتْ باسْم غيْرِها إذا كانت معَها أو من سَبَبِها . وفي الحديث : أنه سُئلَ عن العَقيقَة فقال : لا أحِب العُقوقَ ليس فيه توْهينٌ لأمر العَقيقة ولا إسْقاطٌ لها وإنما كرِه الاسمَ وأحَبَّ أن تُسَمّى بأحْسَن منه كالنّسيكَةِ والذّبيحَة جرْياً على عادَتِه في تغْيير الاسْم القَبيح . وجعَل الزّمَخْشَريُّ الشَّعر أصْلاً والشّاة المذبوحةَ مُشتَقّة منه . والعَقيقَةُ من البَرْقِ : ما يبْقَى في السَّحابِ من شُعاعِ قاله اللّيثُ . وقال غيرُه : عَقيقةُ البَرْق : ما انْعقّ منه أي : تسرّب في السَّحاب كالعُقَقِ كصُرَد . وقيل : العَقيقة والعُقَق : البَرْق إذا رأيتَه وسط السّحاب كأنّه سيْف مسْلول قال اللّيث : وبه تُشَبَّه السّيوفُ فتُسمّى عَقائِقَ . قال عنْتَرَةُ :
وسَيْفي كالعَقيقَةِ فهو كِمْعِي ... سِلاحي لا أفَلَّ ولا فُطارا وأنشد اللّيثُ لعَمْرو بنِ كُلْثوم :
بسُمْرٍ من قَنا الخَطّيِّ لُدْنٍ ... وبيضٍ كالعَقائِقِ يجْتَليناوفي الأساس : ما أدْري شِمْتَ عَقيقَة أم شِمتُ عقيقة ؛ أي : سَللتَ سَيفاً أم نظَرتُ الى برْقٍ . وهي البَرقَة التي تستَطيل في عُرْضِ السّحابِ وقد أكثَروا استِعارَتَها للسّيف حتى جعَلوها من أسمائِه فقالوا : سَلّوا عَقائِقَ كالعَقائِق . وقال ابنُ الأعرابيّ : العَقيقَة : المَزادَة . والعَقيقَة : النّهْر . والعَقيقَة : العِصابةُ ساعة تُشَقُّ من الثّوْب . وقال أبو عُبَيْدة وابنُ الأعرابيّ أيضاً : العَقيقَة : غُرْلَة الصّبيّ إذا خُتِن . والأصل في كلِّ ذلك عَقّ يعُقّ عقّاً : إذا شقّ وقطَع فهو معْقوقٌ وعَقيقٌ . ومنه تسمِيَةُ شَعَر الموْلودِ عَقيقَة لأنه إن كان على رأسِ الإنسيّ حُلِقَ وقُطِع وإن كان على البَهيمة فإنّها تُنْسِلُه . والذّبيحَة تُسمّى عَقيقة لأنها تُذبَح فيُشَقّ حُلْقومها ومَريئُها وودَجاها قطْعاً كما سُمّيَت ذَبيحةً بالذّبْح وهو الشّقُّ . وعقّ عن المولود يعِقُّ ويَعُقّ : حلَق عَقيقَتَه أو ذبَح عنه شاةً . وفي التّهذيب والصِّحاح : يومَ أسبوعِه فقيّدَه بالسّابع . قال اللّيثُ : تُفصَل أعضاؤُها وتُطْبَخُ بماءٍ ومِلْح فيَطْعَمُها المساكين . وفي الحديث : أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم عقّ عن الحسن والحُسين رضي الله عنهما . وعقّ بالسّهْم : إذا رمَى به نحْوَ السّماءِ وذلِك السّهمُ يُسَمّى عَقيقةً وهو سهم الاعْتِذار وكانوا يفعَلونه في الجاهليّة فإن رجَع السّهم مُلطَّخاً بالدّم لم يرْضوا إلا بالقَوْد وإن رجعَ نقيّاً مسَحوا لِحاهُم وصالَحوا على الدِّيّة . وكان مسْحُ اللِّحَى علامةً للصُّلْح كما في العُباب . وفي اللّسان : أصلُه أن يُقتَل رجلٌ من القَبيلة فيُطالَب القاتِلُ بدَمِه فتجْتَمع جَماعة من الرّؤساءِ الى أولياءِ القَتيل ويعْرِضون عليهم الدِّيَة ويسألون العَفْوَ عن الدّم فإنْ كان وليُّه قوياً حَميّاً أبى أخعذَ الدِّيَة وإن كانَ ضَعيفاً شاورَ أهلَ قبيلَتِه فيقول للطّالِبين : إنّ بينَنا وبين خالِقنا علامةً للأمْر والنّهْي فيقولُ لهم الآخَرون : ما عَلامَتُكم ؟ فيقولون : نأخذُ سهْماً فنُركِّبُه على قوْس ثم نرْمي به نحو السّماء فإن رجعَ إلينا مُلَطَّخاً بالدّم فقد نُهينا عن أخذِ الدِّية ولم يرْضَوا إلا بالقَوَد وإن رجَعَ نقِياً كما صعَد فقد أُمِرْنا بأخذِ الدِّية وصالَحوا فما رجَع هذا السّهمُ قطُّ إلا نقِيّاً ولكن لهم بهذا عُذْر عند جُهّالِهم . وقال شاعِرٌ من أهل القتيل - وقيل : من هُذَيْل . وقال ابنُ بَرّي : هو للأشْعَر الجُعْفِيّ - وكان غائِباً عن هذا الصُلْح :
عَقّوا بسَهْمٍ ثمّ قالوا صالِحوا ... يا ليتَني في القَوْم إذْ مسَحوا اللِّحَى قال الأزهَريُّ : وأنشد الشافِعي للمُتَنَخِّل الهُذَلي :
عقّوا بسَهْمٍ ولم يشْعُر به أحدٌ ... ثم استفاءُوا وقالوا حبّذا الوضَحُ أخْبَرَ أنّهم آثَروا إبِلَ الدِّيَة وألبانَها على دمِ قاتِل صاحِبهم . والوَضَح هاهنا : اللّبَن . ويُروى عقّوا بسَهم بفتح القاف وهو من بابِ المُعْتَلّ . وعقَّ والِدَه يعُق عقاً وعُقوقاً بالضّمِّ ومَعَقّة : شَقّ عصا طاعَتِه وهو ضِدُّ بَرَّه وقد يُعَمّ بلَفْظ العُقوق جميعُ الرّحِم . وفي الحديث : أكبَرُ الكَبائِر الإشراكُ بالله وعُقوق الوالِدَين وقَتْلُ النّفْس واليَمين الغَموس . وأنشد لسَلَمة المخْزوميّ :
إنّ البنين شِرارُهم أمثالُه ... مَنْ عقّ والدَه وبَرَّ الأبعدا وقال زُهَير :
فأصْبحْتُما فيها على خيْرِ موْطِن ... بعيدَيْنِ فيها من عُقوق ومأثَمِ وقال آخر وهو النابغة :
أحْلامُ عادٍ وأجْسامٌ مطهَّرَةٌ ... من المَعَقّةِ والآفاتِ والأثَمِ فهو عاقٌّ وعَقٌّ . ومنه قولُ الزَّفَيان واسمُه عَطاءُ بنُ أُسَيد :
" أنا أبو المِرْقاِ عَقّاً فَظّا
" لمَن أُعادِي مِدْسَرا دَلَنْظَى هكذا أنشدَه الصاغاني وروايةُ ابن الأعرابيّ هكذا :
" أنا أبو المِقْدام عَقّاً فَظّا
" بمن أُعادي مِلْطَساً مِلَظّا
" أكُظُّه حتى يموتَ كَظّا
" ثُمَّتَ أُعْلي رأسَه المِلْوَظّا صاعِقَةً من لَهَبٍ تلظّىقيل : أراد بالعَقّ هُنا العاقّ وقيلَ : المُرُّ من الماءِ العُقاق كما سيأتي وعَقَقٌ مُحرَّكة هكذا في سائِر النُسَخ والصواب : عُقَق كعامِرٍ وعُمَر معْدولٌ من عاقّ للمُبالغة كغُدَرٍ من غادِرٍ وفُسَق من فاسِق . ومنه قول أبي سُفْيان يومَ أُحُد لحَمْزَة - رضي الله عنه - حين رآه مقْتولاً : ذُقْ عُقَقُ أي : ذُق جَزاءَ فِعلِك يا عاَقّ كما في الصِّحاح . ويُروى أيضاً : رجُلٌ عُقُق بضمّتين أي : عاقٌّ كما في اللّسان جمْع الأولى : عقَقَة مُحرَّكَة ككافر وكفَرة كما في الصّحاح زاد الصاغانيّ : وعُقَّق مثال سُكَّر . وأنشد لرؤْبَة :
" من العِدا والأقربينَ العُقَّقا وعَقاقِ كقطام : اسم من العُقوقِ كما في العُباب . ونقلَه ابن بَرّي أيضاً وأنشد لعَمْرة بنتِ دُريد ترْثيه :
لعَمْرُك ما خشيتُ على دُرَيْدٍ ... ببَطْنث سُمَيْرةٍ جيْش العَناقِ
جَزَى عنّا الإلهُ بَني سُلَيْمٍ ... وعقّتْهُم بما فَعَلوا عَقاقِ وماءٌ عُقٌ وعُقاقٌ بضمِّهما أي : مُرٌّ شَديدُ المَرارة أو مُرٌ غليظ الواحِدُ والجَمْعُ سَواءٌ مثل قُعّ وقُعاع . وفَرَسٌ عَقوق كصَبور : حائِلٌ أو حامِل وذلك إذا انفتَق بطْنُها واتّسَع للولَد ضِدٌّ . قال أبو حاتم في الأضداد : زعَم بعضُ شيوخِنا أنّ الفرَس الحامِل يُقال لها : عَقوق ويقال أيضاً للحائِل : عَقوقٌ . وفي الحديث : أتاه رجُلٌ معه فرَسٌ عَقوقٌ أي : حائِل أو هو على التّفاؤل كما ظنّه أبو حاتم قال : كأنّهم أرادوا أنّها ستحْمِل إن شاءَ الله تعالى . قال الأزهريّ : وهذا يفرْوى عن أبي زيْد ج : عُقُقٌ بضمّتين كقَلوصٍ وقُلُصٍ كما في العُباب . ونظّره الجوْهَريُّ برَسولٍ ورسُل . قال رؤبَة يصِف صائِداً :
" وسَوْسَ يدْعو مُخْلِصاً ربَّ الفَلَقْ
" سِرّاً وقد أوّن تأْوينَ العُقُقْ يُروى أوّن على وزن فعّل يُريد الواحدَ من الحَمير والأوْنُ : العِدْلُ أي : شرِبَ حتى صار كأنّه فرَسٌ حامِل ويُروى : أوّنَّ على وزن فعّلْن يُريد بذلِك الجماعةَ منهم أي شربْن حتى كأنّ كُلَّ واحدَة منهنّ عَقوقٌ أي : حامل فشبّه بطونَها بالأعْدالِ . جج أي جمْع الجَمْع : عِقاقٌ ككِتاب مثل قُلُص وقِلاص . وقد عقّت تعِقُّ من حدّ ضرَبَ ومنه الحديث : من أطْرَقَ مُسلِماً فعقّت له فرسُه كان له كأجرِ كذا عقّتْ أي : حملَت عَقاقاً كسَحاب وعَققاً مُحرَّكة وأعَقّت وسيأتي قريباً في كَلامِ المُصنِّف أو العَقاق كسَحابٍ وكِتاب : الحَمْلُ بعَيْنِه . قال أبو عمْرو : أظْهَرت الأتانُ عَقاقاً بفتح العين : إذا تبيّن حمْلُها . ويُقال للجَنين : عَقاقٌ . قال :
جَوانِحُ يمْزَعْنَ مزْعَ الظِبا ... ءِ لم يتّرِكْنَ لبَطْنٍ عَقاقا أي : جَنيناً . هكذا قال الشّافِعيّ : العَقاقُ بهذا المعْنى في آخِر كِتاب الصّرفِ . وأما الأصمعيُّ فإنّه يقول العَقاق مصْدر العَقوق . قوله : والعَقَقُ مُحرَّكة : الانْشِقاقُ هكذا في سائر النُسَخ والصّوابُ كالعَقَق محرّكةً أي : بمعنى الحَمْلِ كما في اللّسان والصِّحاح والعُباب . يُقال : أظْهَرت الأتانُ عقَقاً أي : حمْلاً . وأنشَدوا لعَديّ بنِ زَيْدٍ العِباديّ :
وترَكْتُ العَيْر يدْمَى نحْرُه ... ونَحوصاً سَمْحَجاً فيها عَقَقْ وأما العَقَق محركةً بمعْنى الانشِقاق فخطأٌ ينْبَغي التّنَبُّه لذلك والله أعلم . وفي المثل : أعزّ من الأبلَق العَقوق :
طلَب الأبْلَقَ العَقوقَ فلمّا ... لم ينَلْه أرادَ بيْضَ الأنوقِ ومن أمثالِهم أيضاً في الرّجُل يسألُ ما لا يكون وما لا يُقْدَرُ عليه : كلّفتَني الأبْلَق العَقوقَ . ومثلُه : كلّفْتَني بَيْضَ الأنوقِ . وقيل : الأبْلَقُ العَقوق : الصُّبح ؛ لأنه ينْشَقّ . وقد مرّ ما يتعلّق به في : ب ل ق وأ ن ق فراجعْه . ويُقال : أهشُّ من نَوَى العَقوق وهو نَوًى هشٌّ أيّ رِخْو لَيِّنُ المَمْضَغَةِ تأكُله العَجوز أو تَلوكُه تُعْلَفُه النّاقةُ العَقوق إلْطافاً لها فلِذلك أُضيف إليها . قال اللّيثُ : وهو من كلام أهْل البَصْرة ولا تعرِفُه الأعرابُ في بادِيَتها . وعَقّةُ : بطْنٌ من النَّمِر بنِ قاسِط بنِ هِنْب بنِ أفْصَى بن بُعْمِيّ بن جَديلَة قال الأخْطَل :ومُوَقَّع أثَرُ السِّفارِ بخَطْمِه ... من سودِ عَقّةَ أو بَني الجوّالِ الموقَّع : الذي أثّر القَتَبُ على ظهْرِه . وبنو الجوّال في بَني تغْلِب . وقال ابنُ الكَلبيّ في الجَمْهَرة : فمِنْ بَني هِلال عقّةُ بنُ البِشْرِ بنِ هِلالِ بنِ البِشْر بن قيْس بنِ زُهَيْر بنِ عقّة بن جُشَم بن هِلال بنِ رَبيعةَ بنِ زَيد مَناةَ الذي كان على بني النَّمِر يومَ عيْنِ التّمر لَقيَهُم خالِدُ بنُ الوَليد فقتَله خالدُ بنُ الوَليد رضي الله تعالى عنه وصلَبه . قلت : والذي في أنْسابِ أبي عُبَيد القاسِم بنِ سَلاّم ما نصُّه : وكانت أوسُ مَناة من النّمِر بن قاسِط أُبيدُوا يوم لَقِيَهم خالدُ بنُ الوَليد في زَمَن أبي بكْر رضي الله عنهما ورَئِيسهم يومئذ لَبيدُ بنُ عُتْبة يقال : هو رَئيسُ أوْس خاصّة ثم قال : ومن بَني تَيْم الله من النَّمِر الضّحْيان واسمُه عامرُ بن سَعْد بنِ الخَزْرج بنِ تيْم الله وأخوه عَوفُ بنُ سعْد من ولَده عَقّةُ بنُ قيْس بنِ بِشر : كان على بَني النَّمِر يوم لَقيَهم خالدُ بن الوَليد بعَيْن التّمر فقتلَه وصلَبَه . وقال ابنُ دُريد : العَقّةُ : البَرْقَةُ المُستَطيلة في السّماءِ . وفي الأساس : في عُرْضِ السّحاب . زاد غيرُه : كأنّه سيفٌ مسْلول . والعَقّة : حُفْرةٌ عَميقةٌ في الأرضِ والجمعُ عَقّات كالعِقّ بالكَسْر . هكذا في النُّسَخ والصواب بالفَتْح وهو حفْر في الأرض مُستطَيلٌ سُمِّيَ بالمَصْدر كما في اللّسان . والعُقّة بالضّمِّ : التي يلعَبُ بها الصِّبْيان كما في اللسان . وفي الصِّحاح : عِقّانُ النّخيل والكُرومِ بالكسر : ما يخرُج من أصولِهما . وفي الصِّحاح والعُباب : من أصولِها وإذا لم تُقْطَع العِقّانُ فسدَت الأصول . وقد أعقّتا إعقاقاً : أخرَجَتا عِقّانَهما . وعَواقُّ النّخْل : رَوادِفُه وهي فُسْلانٌ تنبُت معه كما في العُباب . والعَقْعَقُ كجَعْفَر : طائِرٌ معْروف في حجْم الحَمامِ أبْلَقُ بسَواد وبَياض أذْنَب وهو نوْع من الغِرْبان والعَرَبُ تتشاءَمُ به كما في المِصْباح يُعَقْعِق بصَوْتِه عقْعَقَةً : يُشْبِه صوتُه العيْنَ والقافَ إذا صات وبه سُمّي وقد عقْعَق الطائِرُ بصوْتِه : إذا جاءَ وذهَب قال رؤبة :
" ومَنْ بَغَى في الدّين أو تعمّقا
" وفرّ مخْذولاً فكان عَقْعَقا قال ابنُ بَرّيّ : ورَوى ثعْلَبٌ عن إسحاقَ المَوْصليّ أن العَقْعَق يُقال له الشّجَجَى . وفي حديث النّخَعيّ : يقتُلُ المُحرِمُ العَقْعَقَ . قال ابنُ الأثير : وإنما أجازَ قتْلَه لأنّه نوعٌ من الغِرْبان . وهذا ماءٌ أعقّه الله أي : أمرّه وكذلك : أقعّه الله . وأعقّت الأرضُ الماءَ : أمرّتْه . وقال الجعدِيُّ :
" بحرُك بحرُ الجودِ ما أعقّهُ
" ربّكَ والمَحْرومُ مَنْ لم يُسْقَهُ أي : ما أمرّه . وأعقّت الفرَسُ والأتانُ : إذا حملَت وانْفَتَق بطنُها . والإعْقاقُ في الخَيْل والحُمُر بعدَ الإقْصاص . وقيل : عقّت : إذا حمَلت وأعقّت إذا نبتَت العَقيقةُ في بطنِها على الولَد الذي حملَتْه . وهي عَقوقٌ على غيْر القِياس ولا يُقال : مُعِقٌّ وهذا نادِر أو يُقال ذلِك في لُغَيّة رَديئَة ومنه قولُ رُؤبَة :
" قد عتَق الأجْدَعُ بعد رِقِّ
" بقارحٍ أو زَوْلَة مُعِقِّ وكان أبو عَمْرو يقول : عقّت فهي عَقوق وأعَقّتْ فهيَ مُعِقّ . واللُغَة الفَصيحةُ أعقّت فهي عَقوق . وفي نَوادِر الأعراب : اعتَقّ السّيْفَ من غِمدِه واهْتَلَبه وامْتَرقَه واختلَطَه : إذا استلّه . قال الجُرْجانيّ : الأصلُ اخترَطه وكأنّ اللاّم مُبدَلة منه وفيه نظَر . واعتقّ السّحابُ : انْشَقّ واندَفَع ماؤه . قال أبو وَجْزَة :
حتّى إذا أنْجَدَتْ أرواقُه انهزَمَتْ ... واعتَقّ مُنْبعِجٌ بالوَبْلِ مبْقورُ وانعَقّ الغُبارُ : انشقّ وسَطَع عن ابنِ فارِس قال رؤبةُ :
" إذا العَجاجُ المُستَطارُ انْعَقّاوانعقّت العُقْدَة : انْشَدّت واستَحْكَمَت . وانعقّت السّحابَة : تبعّجَتْ بالماءِ وانشَقّت . وكُلُّ انشِقاقٍ فهو انعِقاقٌ . يُقال : انعَقّ الثّوبُ أي : انشَقّ عن ثَعْلب . وانعَقّ البَرْقُ : تشقّق . والتّركيبُ يدلُّ على الشَّقِّ وإليه ترجع فُروعُ البابِ بلُطْفِ نظَر . ومما يُستَدرك عليه : العَقيقُ كأمير : البَرقُ وبه فَسّر بعضُهم قولَ الفَرزْدَق :
قِفي ودِّعينا يا هُنَيْدُ فإنّني ... أرى الحَيَّ قد شامُوا العَقيقَ اليَمانِيا أي : شامُوا البَرْقَ من ناحِيَة اليَمَن . وعَقّ البرقُ : انشقّ . ويُقال : الانعِقاقُ : تشقُّقه . والتّبوّجُ : تكَشُّفه وعَقيقَتُه : شُعاعُه . وانعَقّ الوادِي : عَمُق . والعَقائِقُ : النِّهاءُ والغُدْران في الأخاديدِ المُنْعَقّة حكاه أبو حَنيفة . وأنْشَدَ لكُثيِّر بنِ عبدِ الرّحمنِ الخُزاعي يصفُ امرأةً :
إذا خرَجَت من بيْتِها راقَ عينَها ... مُعوَّذُه وأعجَبَتْها العَقائِقُ أراد معوَّذَ النّبت حوْل بيتِها . وقيلَ : العَقائِق : الرِّمال الحُمْر . وعقّت الريحُ المُزْنَ تعُقُّه عَقّاً : إذا استدرّتْه كأنّها تشُقُّه شقّاً . قال الهُذَليُّ يصِف غيْثاً :
حارَ وعقّتْ مُزْنَهُ الرّيحُ وانْ ... قارَ بهِ العَرْضُ ولم يُشْمَلِ حار : تحيّر وتردّد واستدَرّته ريحُ الجَنوب ولم تهُبّ به الشّمالُ فتَقْشَعَه . وانْقارَ به العرْضُ أي : عرْض السّحابِ وقَعَت منه قِطْعة . وسَحابة مَعْقوقَة : إذا عُقَّت فانْعَقّتْ . وسَحابة عَقّاقة : إذا دَفَعت ماءَها وقد عقَّت . قال عبدُ بَني الحَسْحاس يصِف غيْثاً :
فمرّ على الأنْهاءِ فانْثَجَّ مُزنُه ... فعَقّ طَويلاً يسكُبُ الماءَ ساجِيا ومنهُ قولُ ابنةِ المُعَقِّر البارِقيّة : أرى سَحابةً سَحماءَ عَقّاقَة كأنّها حُوَلاءُ ناقة ذات هَيْدب دانٍ وسَيْرٍ وانٍ . رواه شَمِر . وما أعقّه لوالِدِه . وأعقّ فلانٌ : إذا جاءَ بالعُقوقِ . كما يُقال : أحْوَب : إذا جاءَ بالحُوبِ . ومنه قولُ الأعشى - أنشَده ابنُ السِّكيت - :
فإنّي وما كلّفتُموني بجَهْلِكمْ ... ويعْلَمُ رَبّي مَنْ أعقَّ وأحْوَبا وفي المثَل : أعقُّ من ضَبٍّ . قال ابنُ الأعرابيّ : إنما يُريدُ به الأُنثَى . وعُقوقُها : أنّها تأكُلُ أولادَها . والعُقُق بضمّتين : البُعَداء من الأعْداءِ . وأيضاً : قاطِعو الأرْحام . ويُقال : عاقَقْتُ فُلاناً أُعاقُّه عِقاقاً : إذا خالَفْتَه . وفي الحديث : مثَلكم ومثَلُ عائِشَة مثَلُ العَيْن في الرّأسِ تؤذي صاحِبَها ولا يَسْتَطيع أن يعُقَّها إلا بالّذي هو خيْر لها . هو مُسْتَعار من عُقوق الوالِدَين . ويُقال للصّبيّ إذا نشأَ مع حيٍّ حتى شَبّ وقَوِيَ فيهم : عقّت تَميمَتُه في بني فُلان . ومنه قولُ الشّاعر :
بلادٌ بها عَقَّ الشّبابُ تَميمَتي ... وأوّلُ أرضٍ مسَّ جِلدِي تُرابُها والأصلُ في ذلك أنّ الصّبيَّ مادام طِفلاً تُعَلِّق أمُّه عليه التّمائم تُعَوِّذُه من العَيْن فإذا كبِر قُطِعَت عنه . قلت : ووقَع في خُطْبةِ المُطَوَّل للسّعد :
" بِلادٌ بها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي وما ذَكَرنا هو الأصحُّ . وكُلّ شقّ وخَرْق في الرّمل وغيْره فهو عَقٌّ . والعَقوق كصَبور : موضِع وبه فُسِّر قولُ الشّاعر أنشدَه ابنُ السِّكّيت :
ولو طلبُوني بالعَقوقِ أتيتُهم ... بألفٍ أؤدِّيه الى القومِ أقْرَعا ويُقال : المُرادُ به الأبْلق والوَجْهان ذكَرَهما الجوهَريُّ . ويُقال للمُعْتَذِر إذا أفرطَ في اعتِذاره : قد اعْتَقّ اعْتِقاقاً . ويُقال للدّلو إذا طلَعت من البِئْر مَلأى : قد عقّت عَقّاً . ومن العَرِب مَن يقول : عَقّت تعْقيبَة . وأصلُها عقّقَت فلما اجتَمَعت ثُلاثُ قافات قلَبوا إحْداها ياءً كما قالوا : تظَنّيْت من الظَّنِّ وأنشد ابنُ الأعرابي :
" عقّتْ كما عقّتْ دَلوفُ العِقْبانشبّه الدّلْوَ وهي تَشُقُّ هَواءَ البِئْر طالِعةً بسرعَةٍ بالعُقاب تدْلِف في طيَرانِها نحوَ الصَّيد . والعَقْعَقَة : حركةُ القِرْطاسِ والثّوبِ الجَديد كالقَعْقَعَة . والعَقيقِيّون : جماعةٌ من الأشرافِ . منهم أبو محمد الحسَن بنُ محمدِ بنِ يَحْيى العدَويّ صاحب كتاب النَّسَب . روى عن جدّه يَحْيى بنِ الحسَن . وأبو القاسم أحمدُ بنُ الحُسَيْن بنِ أحمدَ بنِ عليّ بنِ محمدِ بنِ جعْفرٍ العَقيقيُّ من كبار الدِّمَشْقِيّين في أثناءِ المائةِ الرابعةِ وهو صاحب الدّار التي صارت المدرسةَ الظاهريّةَ بدمشق مات سنة 378 . ومُنية عَقيق : قرية بمصر . والأعِقّة : رمل . وبه فسّر السّكريُّ قولَ أبي خِراشٍ :