العَنْكَبُوتُ : دُوَيْبّه تُنْسَج في الهَوَاءِ وعلى رَأْس البِئر نَسْجاً رَقِيقاً مُهَلْهَلاً وهي م . قال شيخنا : قد سَبَقَ أَن سِيبَوَيْه قال : إِذا كانَت النُّونُ ثانِيةً فلا تُجْعَلُ زائِدَةً إِلاَّ بثَبَتٍ وهَذَا الكَلام نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عنه في عَنْدَليب كما أَشَرْنَا إِليه ثَمَّة وذكر الجَوْهَرِيُّ العَنْكَبُوتَ في عَكَبَ فكَلاَمُه كالصَّرِيح في أَصَالَتها كما قُلْنَا في عَنْدَلِيب قبله . وكَلامُ الجَوْهَرِيّ أَو صَرِيحُه أَنَّ النّونَ زَائِدَةٌ لأَنَّه لم يَجْعَل لهَا بِنَاءً خَاصّاً بل أَدخَلَها في عَكَبَ من غَير نَظَر والله أَعلم . وصرَّح الشيخُ ابنُ هِشَام في رِسَالِةِ الدَّلِيل بأَنَّ أَصَالَةَ النُّون هو الصَّحِيح وهو مَذْهَبُ سيبَويْه لجَمْعِه على عَنَاكِب وأَطَال في بَسْطِه وعليه فوزْنه فَعْلَلُوت واللهُ أَعْلَم . وأَما القوْلُ بزيَادَتها فيكون وزنه فَنْعَلُوت انتهَى . قلت الذي روى عن سيبويه أنه ذَكَرَها في مَوْضِعَين فقال في موضع عَنَاكِبُ فَنَاعِلُ وقال في مَوْضِع آخر : فَعَالِلُ والنَّحْوِيُّون كُلُّهم يَقُولُون : عَنْكبوت فَعْلَلُوت فَعَلَى القَوْل الأَوَّل تكونُ النُّونُ زائِدة فيكون اشتِقَاقُهَا من العكَب وهو الغِلَظ حَقَّقَه الصاغَانِيّ . والعَنْكَبُوت مؤَنَّثة وقد تُذَكَّرُ وعِبارة الأَزْهَرِيّ : ورُبَّمَا ذُكِّر في الشعر قال أَبو النَّجْم :
" مِمَّا يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذْ خَلاَ قال أَبُو حَاتِم : أَظُنُّه إِذْ خَلاَ المَكَانُ والمَوْضِعُ . وأَما قَوْلُه :
" كأَنَّ نُسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ فإِنَّما ذَكَّر لأَنَّه أَرَادَ النَّسجَ ولكنَّه جَرَّه على الجَوَارِ . قال الفَرَّاءُ : العَنْكَبُوتُ أُنثَى وقد يُذَكِّرُهَا بَعْضُ العرب وأَنْشَدَ قَوْلَه :
على هَطَّالِهمْ مِنْهم بُيوتٌ ... كأَنّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَنَاهَا هَطَّال : جَبَلٌ . قال : والتَّأْنِيثُ في العَنْكَبُوتِ هو الأَكْثَر وَهِيَ العَكَنْبَاةُ في لُغَة اليَمَن أَي بتقديم الكَاف على النُّون قال :
" كأَنَّما يَسْقُطُ من لُغَامِهَا
" بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمَامِهَا يُقَالُ لها أَيْضاً : العَنْكَبَاةُ أَي بتَقْدِيمِ النُّونِ على الكاف . قال السَّخَاوِيُّ في سِفْر السَّعَادَة : العَنْكَبُوتُ والعَنْكَبَاةُ بمَعْنىً وَاحِد والعَنْكَبُوهُ بالهاء في آخره حكى سيبويه العَنْكَبَاءُ مُسْتَشْهِداً على زِيَادَة التّاء في عَنْكَبُوت فلا أَدْرِي أَهُو اسْمٌ لِلوَاحِد أَم هُوَ اسم للجَمْع . قال الصَّاغَانِيّ : وهاتان بِلُغَة أَهلِ اليَمَن . قال ابنُ الأَعْرَابِيّ : الذَّكَرُ منها عَنْكَبٌ وهي عَنْكَبَةٌ وقيل : العَنْكَبُ : جِنْسُ العَنْكَبُوت وهو يُذَكَّر ويُؤَنَّث أَعْنِي العَنْكَبُوت . قال المُبَرِّد : العَنْكَبُوت أُنثَى ويُذَكَّر والعَنْزَرُوت أُنْثَى ويذكر والبَرْنَمُوتُ أُنثى ولا يُذَكَّر وَهُوَ الجَمَلُ الذَّلُولُ . وقَولُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة :
مَقَتَّ نِسَاءً بالحِجَاز صَوَالِحاً ... وإنّا مَقَتْنا كُلَّ سَوْدَاءَ عَنْكَبِ
قال السُّكَّرِيُّ : العَنْكَبُ هنا القَصِيرَةُ . وقال ابْنُ جِنِّي : يجوزُ أَن يَكُونَ العَنْكب هُنا هو العَنْكب الذي هو العَنْكَبُوتُ وهو الذي ذَكَر سِيبَوَيْه أَنَّه لُغَةٌ في عَنْكَبُوت وذَكَر معه أَيضاً العَنْكَبَاء إِلاّ أَنَّه وُصِفَ بِهِ وإِن كان اسماً لما كَانَ فيه مَعْنَى الصِّفَة من السَّوَادِ والقِصَر كذا في لِسَانِ العَرَب . ج عَنْكَبُوتَاتٌ وعَناكِبُ وعَنَاكِيبُ عن اللِّحْيَانِيّ وتَصِغيرُهَا عُنَيْكبٌ وعُنَيْكِيبٌ . قال شيخُنَا : وعن الأَصْمَعِيّ وقُطْرُب : عَنَاكبِيت . وهذا من الشّاذّ الذي لا يُعَوَّلُ عَلَيْه ؛ لاجْتِمَاع أَرْبَعَة أَحرُفٍ بعد أَلفه وكذلك قالا في تَصْغِيرِه عُنَيكبِيت وهذا من المَرْدُودِ الذي لا يُقْبَل . والعِكَابُ ككتَاب والعُكُبُ بضَمَّتَيْنِ والأَعْكُبُ كُلُّهَا أَسْمَاءُ الجُمُوعِ وليست بجَمْع ؛ لأَنَّ العَنْكَبُوت رُبَاعِيّ ذكرِه غَيْرُ وَاحِد في ع ك ب . وفي لسان العرب : العَنْكَبُوتُ : دُودٌ يتولّد في الشُّهْد ويَفْسُد عنه العَسَلُ عن أَبي حَنِيفَة . وعن الأَزْهَرِيّ : يقال للتَّيْسِ : إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ وهو المُلْتَوِي القَرْن حَتَّى صار كَأَنَّه حَلْقَة . والمُشَعْنَبُ : المُسْتَقِيم . وعن الفَرَّاء في قَوْلِه تَعَالَى : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُون اللهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتَّخَذَت بَيْتاً قال : ضربَ الله بيتَ العَنْكَبُوت مثلاً لمَنِ اتَّخَذَ من دُونِ الله وَلِيّاً أَنَّهُ لا يَنْفَعُه ولا يَضُرُّه كما أَنَّ بَيْتَ العنكبوت لاَ يَقِيهَا حَرّاً ولا بَرْداً . ومما يستدرك عليه : عَنْكَبٌ كجَعْفَرٍ : ماء بأَجَإٍ لبني فَرِير ابن عُنَيْنِ بن سَلاَمَانَ