ما فَتأَ مثلثة التاء أَي عين الفعل أما الكسر والنصب فلغتان مشهورتان الأول أشهر من الثاني وأما الضمُّ فلم يَثبت عند أئمة اللغة والنحو وكأنه نقله من بعض الدواوين اللغوية وهو مستبعد قاله شيخنا . قلت : والضم نقله الصاغاني عن الفرّاء والعجب من شيخنا كيف استبعده وهو في العُباب تقول : ما فَتِئَ وما فَتَأَ يَفْتَأُ فَتْأً وفُتوءاً : ما زال وما بَرح كما أفْتَأَ لغة بني تميم رواه عنهم أَبو زيد يقال : ما أفْتَأْتُ أذكره إفْتاءً وذلك إِذا كنتَ لا تزال تَذْكره لغةٌ في ذلك . وفي نوادر الأعراب : فَتِئَ عنه أَي الأمر كسمعَ إِذا نَسِيَه وانْقَذَع عنه أَي تأثر منه وفي بعض النسخ بالفاء والمهملة والمُعجمة أَي لانَ بعد يُبْس وما فتئَ لا يستعمل إِلاَّ في النفي أو ما في معناه أو خاصٌّ بالجَحْدِ أَي لا يُتَكَلَّم به إِلاَّ مع الجَحْد فإن استعمل بغير ما ونحوها فهي مَنْوِيَّة على حسب ما يجيءُ عليه أخواتُها وربما حَذفت العربُ حرْفَ الجَحْدِ من هذه الألفاظ وهو مَنْوِيٌّ وهو كقوله تعالى " قالوا تالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يوسفَ حتَّى تَكونَ حَرَضاً أو تكونَ من الهالكين " أَي ما تَفْتا كذا في سائر النسخ والصواب : لا تَفتأُ كما قدَّره جَميعُ النحاةِ والمُفسِّرين ولا اعتبارَ بما قَدَّرَه المُصنِّف وإن تَبِع فيه كثيراً من اللغويين لأنه غَفْلَةٌ قاله شيخنا . وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة :
أنَدَّ من قارِبٍ دَرْجٍ قَوائِمُهُ ... صُمٍّ حَوافِرُه ما تَفْتَأُ الدَّلَجا أراد : ما تَفْتَأُ من الدَّلَج . وفَتَأَ كمَنَع تكون تامَّةً بمعنى سَكَن وقيل كَسَر وأَطْفَأَ وهذه عن إمام النحو أَبِي عبد الله محمد بن مالك ذكره في كتابه جمع اللغات المُشْكِلة وعزاه أَي نَسَبه للفرَّاء وهو صحيح أوْرَدَه ابن القوطيَّة وابن القطَّاع قال الفرَّاء : فَتَأْتُه عن الأمرِ : سَكَّنْتُه وفَتَأْتُ النَّارَ أطفأتُها وغلِط الإمام أثير الدين أَبو حيَّان الأندلسيُّ وغيره في تَغْليطه إياه حيث قال : إنه وَهَمٌ وتصحيف عن فَثَأَ بالثاء المثلَّثة قالوا : وهذا من جُملة تَحامُلاتِ أبي حيَّانَ المُنْبِئَة على قُصوره قاله شيخنا