القَوْبُ : حفر الأَرضِ شِبْهَ التَّقْوِيرِ كالتَّقْوِيبِ . قُبْتُ الأَرْضَ أَقُوبُها إِذا حَفَرْتَ فيها حُفْرَةً مُقَوَّرَةً فانْقابتْ هي . ابن سيدَهْ : قَابَ الأَرْضَ قَوْباً وقَوَّبَهَا تَقْوِيباً : حَفَرَ فِيهَا شِبْهِ التَّقْوِيرِ . وقدِ انْقَابَتْ وتَقَوَّبَتْ . القَوْب : فَلْقُ الطيْرِ بَيْضَه قابَ فانْقَابَتْ . والقُوبُ : بالضَّمِّ : الفَرْخُ ومنه القُوبِىُّ كما سيأْتي كالقائِبةِ والقَابَةِ ج أَقْوَابُ . من المَجَاز في المَثَلِ : بَرِئَتْ أي : تَخَلَّصَتْ قائِبَةُ من قُوبٍ أَو : قابَةُ من قُوَبٍ كصُرَدٍ كما قَيَّدَهُ الصّاغانيُّ أَي : بَيْضَةُ من فَرْخٍ قاله ابْنُ دُرَيْدٍ . وهكذا في الَّصِحاح ومَجْمَع الأَمثال وبه عَبَّر الحَرِيرِيُّ في مقاماته . قال أَبُو الهَيْثَمِ : القابَةُ الفَرْخُ والقُوبُ البَيْضَةُ وحُذفتِ الياءُ من القابَةِ كما حُذِفَتْ مِن الجَابة فَعْلَة بمعنى المفعول كالغَرْفَة من الماءِ والقَبْضَةِ من الشَّيْءِ وأَشباهِهما . يُضْرَبُ مَثَلاً لمن انْفَصَلَ من صاحِبِه . قالَ أَعرابيُّ من بني أَسَدٍ لتاجِر اسْتَخْفَره : إِذا بَلَغْتُ بِكَ مكانَ كذا وكذا فَبرِئَتْ قَائِبَةُ من قُوبٍ أَي أَنا بَرِيءُ منِ خُفارَتك . ويقالُ : انْقَضَتْ قَائِبَةُ من قُوبِهَا وانْقضَى قوبِىُّ من قَاوِبَةٍ معناه : أَن الفرْخ إِذا فارَق بيضَته لم يَعدْ إِليها . وقال :
فقائِبَةُ ما نَحنُ يَوْماً وأَنْتمُ ... بَنِي مَالِكٍ إِنْ لم تَفِيؤوا وقوبُها يُعاتِبُهُمْ على تَحوُّلهِم بنَسبِهم إِلى اليَمَن يقولُ : إِن لم تَرجِعُوا إِلى نَسَبكم لم تَعودوا إِليه أَبَداً فكانت ثَلْبَةَ ما بيننا وبينكم وسُمِّيت البَيْضَةُ قُوباً لانْقِيابِ الفَرْخِ عنها . ووَقعَ في شِعْرِ الكُمَيْتِ :
لَهُنَّ وللمَشِيبِ ومَنْ عَلاَهُ ... مِن الأَمْثَالِ قَائِبة وقُوبُ مَثَّلَ هَرَبَ النِّسَاءِ من الشُّيُوخ بهَربِ القُوب وهو الفرْخُ من القائِبَة وهي الْبَيضة فيقول : لا تَرْجِعُ الحسناءُ إِلى الشَّيْخ كما لا يَرْجِعُ الفرْخُ إِلى البَيضة . وفي حديث عُمَرَ رضيَ الله عنه " أَنَّه نَهَى عن التَّمَتُّعِ بالعُمْرَةِ إِلى الحَجّ وقال : إِنّكُم إِنِ اعْتَمَرْتُم في أَشهُرِ الحَجّ رأَيْتُمُوهَا مُجْزِئَةً من حجِّكُمْ فَفَرغَ حَجُّكُمْ وكَانَتْ قائِبَةً من قُوبٍ " ضرب هذا مثلاً لِخَلاءِ مكَّةَ من المعتمِرينَ سائرَ السَّنَةِ . والمعنى : أَنَّ الفرخَ إِذا فارَقَ بَيْضَتَهُ لم يَعُدْ إِليها وكذلك إِذا اعتمَرُوا في أَشْهُرِ الحجِّ لم يَعودُوا إِلى مَكَّةَ . قال الأَزْهَرِيُّ : وقيل للْبَيضةِ قائبةُ وهي مَقُوبَةُ أَراد أَنَّهَا ذاتُ فَرْخٍ ويقال إِنّها قَاوِبَة إِذا خَرَجَ منها الفَرْخُ والفَرْخُ الخارِج يُقَال له القُوبُ والقُوبِىُّ . هذه نصوصُ أَئمّةِ اللّغةِ في كُتبهم . ونقل شيخُنا عن أَبي علّي القالي ما نصُّه : ويقولون : لا والّذي أَخرَجَ قائبةً من قُوبٍ يَعْنُونَ فَرْخاً من بَيضةٍ قال : فهذا مُخَالفُ لِمَا ذكرناه وقد اعترضَه أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ وقال : إِنَّه قلب . والمُتَقَوِّب : المُتَقَشِّرُ . الأَسْوَدُ المُتَقَوِّب : هو الَّذِي سَلَخَ جِلْدَهُ من الحَيَّاتِ . المُتَقَوِّبُ : مَن تَقَشَّرَ عن جِلْدِهِ الجَرَبُ وقال اللَّيْث : الجَرَبُ يُقَوِّبُ جِلْدَ البعير فترى فيه قُوباً قد انجردتْ من الوَبَر وانْحَلَقَ شَعرُهُ عنه وهي القُوبَةُ بالضَّمّ مع تسكين الواو والقُوَبَة بتحريك الواو وكلاهما عن الفراءِ والقُوبَاءُ والقُوَباءُ بالمَدِّ فيهما وقال ابْنُ الأَعْرَابيِّ : القُوباءُ واحدةُ القُوبَةِ والقُوَبَةِ . قال ابن سِيدَهْ : ولا أَدري كيف هذا لأَنّ فُعْلَةً وفُعَلَة لا يكونانِ جمعاً لفُعْلاءَ ولاهما من أَبنية الجَمْع . قال : والقُوَبُ جمعُ قُوبَةٍ وقُوَبَةٍ . قال : وهذا بَيِّنُ لأَنّ فُعَلاً جمعُ لِفُعْلَة وفُعَلَةٍ . وقُوَّبَهُ أَي : الشَّيْءَ تَقْوِيباً : قَلَعَهُ من أَصلِه فَتَقَوَّبَ : انقلعَ من أَصله وتَقَشَّر . منه القُوبَاءُ والقُوَبَاءُ وهو الَّذِي يَظْهَرُ في الجَسَدِ ويَخْرُجُ عليهِ . وقالَ الجَوْهَرِيُّ : داءُ معروفُ يَتَقَشَّرُ ويَتَسِع يُعالَجُ بالرِّيقِ وهي مونَّئَةُ لا تَنصرف وجمعُها قُوَبُ : وقال :
يا عَجَباً لِهذِه الفَلِيقَهْ ... هَلْ تَغْلِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ الفَلِيقَة : الدّاهيةُ . والمعنى أَنَّه تَعَجَّبَ من هذا الحُزاز الخبيث كيف يُزِيلُهُ الرِّيق ويقال إِنّه مختصُّ برِيقِ الصائمِ أَو الجائع . وقد تُسَكَّنُ الواوُ منها استثقالاً للحركة على الواوُ فإِنْ سَكَّنْتَهَا ذَكَّرْتَ وصَرَفْت والياءُ فيه للإِلْحاق بقِرْطَاسٍ والهمزةُ منقلِبةٌ منها . وقال الفَرَّاءُ : القُوباءُ تُؤنَّثُ وتُذَكّرُ وتُحَرَّك وتُسَكَّنُ فيقال : هذه قُوَباءُ فلا تُصْرَفُ في معرفةٍ ولا نكرةٍ ويُلْحَقُ بباب فُقَهاءَ وهو نادر : وتقولُ في التَّخْفِيف : هذهِ قُوباءُ فلا تُصْرَفُ في المعرفة وتُصْرَفُ في النَّكِرَة ؛ وتقول : هذِه قُوباءُ تَنصرف في المعرفةِ والنَّكْرَةِ وتُلْحَقُ ببابِ طُومارٍ . قال ابْنُ السِّكِّيتِ : ولَيْسَ في الكَلامِ فُعْلاءُ مضمومةَ الفاءِ ساكِنَةَ العَيْنِ ممدودةً غيَرَها والخُشَّاءِوهو العَظْمُ النّاتِىء وراء َ الأُذُنِ قَال : والأَصلُ فيهما تحريكُ العينِ خُشَشَاءُ وقُوَباءُ . قال الجوهريُّ . والمُزَّاءُ عندي مثلُهُما فمن قال : قُوَبَاءُ بالتَّحْرِيك قال في تصغيره : قُوَيْبَاءُ ؛ ومن سَكَّن قال : قُوَيْبِىّ : قال شيخُنا بعدَ هذا الكلام : قلتُ تصرَّفَ في المُزَّاءِ في بابه تَصَرُّفاً آخَرَ فقال : والمُزّاءُ بالضَّمّ ضَرْبُ من الأَشْرِبَةَ وهو فُعلاءَ بفتح العين فأَدْغَمَ لأَنّ فُعلاءَ ليس من أَبْنيتِهم ويقال : هو فُعَّالٌ من المهموز وليس بالوَجْه ؛ لأَنّ الاشتقاقَ ليس يدُلُّ على الهْمز كما دَلّ على القُرّاءِ والسُّلاَّءِ ؛ قال الأَخْطَلُ يَعِيبُ قَوماً :
بِئسَ الصُّحَاةُ وبِئسَ الشَّرْبُ شَرْبُهُمُ ... إِذا جَرَى فِيهِمُ المُزّاءُ والسَّكَرُ هو اسْمٌ للخمْر . ولو كان نعتاً لها كان مَزّاءَ بالفَتح . وأَمّا الخُشّاءُ بالخاءِ والشّين المعجمتَينِ فأَبقاها على ما ذَكَرَ وأَلحقها بقُوَبَاءَ كما يأْتي في الشِّينِ المُعْجَمَةِ . انتهى . والقُوبِيُّ بالضَّمِّ : المُولَعُ أَي : الَحِريصُ بِأَكْلِ الأَقْوَابِ وهي الفِرَاخُ . وأَمُّ قُوبٍ بالضّمّ : من أَسماءِ الدّاهِيَةِ . عن ابْنِ هانِئٍ : القُوَبُ أَي : كَصُرَدٍ : قُشُورُ البَيْضِ ؛ قال الكُمَيْتُ يَصِفُ بيضَ النَّعَام :
على تَوَائِمَ أَصْغَي من أَجِنَّتِها ... إِلى وَساوِسَ عَنْهَا قابَتِ القُوَبُ قابَتْ : أَي تفَلّقتْ . رَجَلُ مَلِئٌ قُوَبَةً كَهُمَزَةٍ : المُقِيمُ الثّابِتُ الدّارِ يقال ذلك للّذي لاَ يَبْرَحُ من المَنْزِلِ . والقَابُ : ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ المَقْبِضُ كَمَجْلِسٍ والسِّيَةُ بالكسر : ما عُطِفَ من جانِبَيِ القَوْس ولِكُلِّ قَوْسٍ قابَانِ وهما ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ . وقال بعضُهم في قولِهِ عَزَّ وجَلَّ " فكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ " : أَرادَ قَابَيْ قَوْسٍ فَقَلَبَهُ وإِليه أَشارَ الجَوْهَرِيُّ . القَابُ : المِقْدارُ كالقِيبِ بالكَسر . تقول : بَيْنَهُمَا قابُ قَوْسٍ وقِيبُ قَوْسٍ وقادُ قوْسٍ وقِيدُ قَوْسٍ أَيْ قَدْرُ قَوْسٍ . وقيلَ : قابَ قَوْسَيْنِ : طُولَ قَوسينِ . وقال الفَرّاءُ : قابَ قَوْسَينِ . أَي : قَدْرَ قَوْسَينِ عَرَبِيّتَيْنِ . وفي الحديث : " لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم خَيْرُ من الدُّنْيا وما فيها " . قال ابْنُ الأثَيرِ : القابُ والقِيبُ بمعنى القَدْرِ وعَيْنُها واوٌ من قولهم : قَوَّبُوا في الأَرْضِ أَيْ : أَثَّرُوا فيها كما سيأْتي . وفي العِنَاية للخَفاجَيّ : قَابُ القَوْسِ وقِيبُه : ما بَيْنَ الوَتَرِ ومَقْبِضِهِ . وَبَسَطَهُ المفسِّرُونَ في " النَّجْمِ " . وقَابَ الرَّجُلُ يَقُوبُ قَوْباً : إِذا هَرَبَ وقابَ أَيضاً إِذا قَرُبَ نقلَهما الصّاغانيّ فَهُما ضِدُّ . واقْتابَهُ : اخْتَارَهُ . يقال قَوَّبْتُ الأَرْضَ أَي : أَثَّرْتُ فِيها بالوطْءِ وَجَعَلْتُ في مَساقيها عَلاَماتٍ وقد تقدّمتِ الإِشارةُ : إِليه من كلامِ ابْنِ الأَثيرِ ؛ وأَنشدَ :
به عَرَصَاتُ الحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ ... وجَرَّدَ أَثْبَاجَ الجَرَاثِيمِ حاطِبُهْ قَوبن متْنه : أَي أَثَّرْنَ فيه بمَوْطِئهِم ومَحَلهم . قال العَجّاجُ :
" من عَرَصَاتِ الحَيِّ أَمْسَتْ قُوَّبَا أَي : أَمْسَتْ مُقَوَّبَةً وَتَقَوَّبَتِ البَيْضَةُ أَي : انْقابَت وهُما بمعنًى وذلك إِذا تَفَلَّقتْ عن فَرْخِها . وممّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ : ويُقَال : انْقابَ المَكَانُ وتقَوَّبَ إذا جُرِّدَ فيه مواضِعُ من الشَّجَرِ والكَلإِ . وقَوِبَ من الغُبَارِ أَي اغْبَرَّ وهذا عن ثعلب . والمُقَوَّبَةُ من الأَرَضِينَ : الّتي يُصيبُهَا المَطَرُ فيَبْقَي في أَماكنَ منها شَجَرٌ كان بها قَديماً . حكاه أَبو حنيفةَ . وفي الأَساس : وقَوَّبتِ النّازِلُونَ الأَرْضَ : أَثَّرَتْ . وفي رأْسه وجِلْدِه قُوَبٌ أَي : حُفَرٌ . من المَجَاز انْقابت بَيْضةُ بَني فلانٍ عن أَمْرِهم : بَيَّنُوهُ : كأَفرَخَتْ بَيضتُهم . انتهى