الكَأَسُ : الإِناءُ يُشْرَبُ فيه أَو ما دامَ الشَّرَابُ فيه فإِذا لم يَكُنْ فيه فهو قَدَحٌ وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ : لا تُسَمَّى الكَأْسُ كَأْساً إِلاّ وفيهَا الشَّرَابُ وقيل : هو اسمٌ لهُمَا على الإنْفرَاد والإجْمَاع وقد وَرَد ذِكْرُها في الحَديث . وهي مُؤنَّثَةٌ قال اللهُ تعالى : " بكَأْسٍ منْ مَعينٍ بيْضَاءَ " مَهْمُوزَةٌ قال ابنُ السِّكِّيت : هي الكَأْسُ والرَّأْسُ والفَأسُ مهموزاتٌ وقالَ غيرُه : وقد يُتْرَك الهَمْزُ تَخْفيفاً . وقالَ أَبو حَاتمٍ وابنُ عَبّادٍ : الكَأْسُ : الشَّرَابُ بعَيْنه وهو قَوْلُ الأَصْمَعيِّ ولذلك كانَ الأَصْمَعيُّ يُنْكِرُ رِوَايَةَ مَن رَوَى بيتَ أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْت :
مَنْ لمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هرَماً ... للْمَوْتِ كأْسٌ والمَرْءُ ذائقُهَا وكان يَرْويه الْمَوْتُ كأْسٌ ويَقْطَع أَلفَ الوَصْل لأَنَّهَا في أَول النِّصْف الثاني من البَيْت وذلك جائزٌ . وكان أَبُو عليّ الفارسيُّ يقول : هذا الّذي أَنْكَرَه الأَصْمَعيُّ غيرُ مُنْكَرٍ وإسْتشُهَد على إِضافَة الكَأْس إِلى الموْت ببَيْتِ مُهَلْهلٍ وهو :
ما أَرَجِّى بالعَيْش بَعْد نَدَامَي ... قَدْ أُرَاهُمْ سُقُوا بكَأْسِ حَلاَقِ
وحَلاَقِ : اسمٌ للمَنِيَّة وقد أَضافَ الكَأْسَ إِليها ومثْل هذا البَيْتِ الذي إسْتَشْهَد به أَبو عليّ قولُ الجَعْديّ يَصف صائداً أَرْسَلَ كلاَبَه على بَقَرَةِ وَحْشٍ :
فَلَمْ تَدَعْ وَاحداً منْهُنَّ ذا رَمَقٍ ... حَتَّى سَقَتْهُ بكأْسِ المَوْتِ فانْجَدَلاَ وفي المُحْكَم : الكَأْسُ : الخَمْرُ نَفْسُهَا اسمٌ لهَا ومنه قولُه تعالَى : " يُطَافُ عَلَيْهمْ بكَأْسٍ مِنْ مَعينٍ " وأَنْشَدَ أَبو حَنيفَةَ رَحمَه الله تَعَالى للأَعْشَى
وكَأْسٍ كعَيْنِ الدِّيك بَاكَرْتُ نَحْوَها ... بفِتْيَانِ صِدْقٍ والنَّوَاقِيسُ تُضْرَبُ وأَنْشَدَ أَيْضاً لعَلْقَمة :
كأْسٌ عَزيزٌ من الأَعْنَاب عَتّقَهَا ... لبَعْضِ أَرْبَابهَا حَانِيَّةٌ حُومُ قال : كذا أَنْشَدَه أَبُو حَنيفَةَ على الصِّفَة يعني أَنَّهَا خَمْرٌ تَعِزُّ فيُنْفَسُ بها إِلاّ علَى المُلُوكِ والأَرْبَابِ والمُتَعَارَفُ : كأْسُ عَزيزِ بالإِضافَة وكذلك أَنْشَدَه سيبَوَيه أَي كَأْسُ مالكٍ عَزِيز أَو مُسْتَحِقٍّ عَزيزٍ . ج أَكْؤُسٌ وكُؤُوسٌ وكاسَاتٌ ا لأَخيرُ من غير هَمْزٍ وكِئَاسٌ مهموزٌ قال الأَخْطَل :
خَضِلِ الكِئَاسِ إِذَا تَثَنَّىلم تَكُنْ ... خُلْفاً مَوَاعِدُه كبَرْقِ الخُلَّبِ وحَكَى أَبو حَنيفَةَ رحمه الله : كِيَاسٌ بغير هَمْزٍ فإِنْ صَحَّ ذلكَ فهُوَ على البَدَل قَلَب الهَمْزةَ في كأَسٍ أَلفاص في نيَّة الواو فقال : كاسٌ كنَارٍ ثمَ جَمَعَ كاساً على كِيَاسٍ والأَصْلُ : كِوَاسٌ فقُلبت الواوُ ياءً للْكَسْرة الّتي قَبْلَهَا . وكَأْسُ بِنْتُ الكَلْحَبَةِ واسمْهُ هُبَيْرَةُ بنُ عبدِ مَنَافٍ العُرَنيِّ منْ بَني عُرَينْ بن ثَعْلَبَةَ بن يَرْبُوع وفيهَا يَقُولُ :
وقُلْتُ لكَأْسٍ أَلْجِمِيهَا فإِنَّما ... نَزَلْنَا الكَثَيبَ منْ زَرُودَ لنفْزَعَا وممّا يُسْتَدْرَك عليه : سَقَاه الكَأْسَ الأَمَرَّ : هو المَوْتُ . ويُسْتَعَارُ الكَأْسُ في جَميع ضُرُوبِ المَكَارِهِ كقولهم : سَقَاه كأْساً من الذُّلِّ وكَأْساً من الحُبِّ والفُرْقَةِ والمَوْتِ . وقالَ ابنُ بُزُرْج : كاصَ فُلانٌ من الطَّعَام والشَّرَاب إِذا أَكْثَرَ منه وتَقُولُ : وَجَدْتُ فُلاناً كُؤُصاً بضمَّتينَ أَي صَبُوراً باقِياً على شُرْبَه وأَكْلِه قالَ الأَزْهَرِيُّ : وأَحْسَب الكَأْسَ مأْخُوذاً منه لأَنَّ الصادَ والسَّين يتَعاقَبانِ في حُرُوفٍ كَثِيرةٍ لقُرْبِ مَخْرَجَيْهِما