الكَرْتَعُ كجَعْفَرٍ بالمُثنّاةِ الفَوْقِيَّةِ أهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : هُوَ القَصِيرُ
وقالَ الفَرّاءُ : كَرْتَعَ الرَّجُلُ : وقَعَ فيما لا يَعْنِيه وأنْشَدَ :
" يَهِيمُ بِها الكَرْتَعُ وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : كَرْتَعَهُ : إذا صَرَعَه وليسَ بتَصْحِيفِ كَرْبَعَهُ
رَتَعَ كَمَنَع رَتْعَاً ورُتوعاً ورِتاعاً بالكَسْر وهذه عن ابْن الأَعْرابِيّ : أَكَلَ وشَرِبَ وذهبَ وجاءَ ما شاء وأصلُ الرَّتْع للبَهائم ويُستعارُ للإنسانِ إذا أُريدَ به الأكْلُ الكثير كما حقَّقَه الأَصْبَهانيُّ في المُفردَات والزَّمَخْشَرِيّ في الأساس ونقله المُصَنِّف في البصائر وإليه أشارَ الجَوْهَرِيّ حيثُ قال في أوّل المادةِ : رَتَعَتِ الماشيَةُ تَرْتَعُ رُتوعاً أي أَكَلَتْ ما شاءَت زاد غَيْرُه : وجاءتْ وذَهَبَتْ في المَرعى نهاراً ولا يكون الرَّتْعُ إلاّ في خِصْبٍ وسَعَةٍ . أو هو الأكلُ والشربُ رَغَدَاً في الرِّيفِ وهذا قولُ الليث وهو مَجاز أيضاً . أو الرَّتْع والرُّتوع والرِّتاع : الأكلُ بشَرَهٍ وهذا قولُ ابْن الأَعْرابِيّ وهو مَجاز وفي الحديث : " إذا مَرَرْتُم برِياضِ الجَنَّةِ فارْتَعوا " أرادَ برِياضِ الجنّةِ ذِكرَ الله وشبَّهَ الخَوضَ فيه بالرَّتْعِ في الخِصب . وجمَلٌ راتِعٌ من إبلٍ رِتاعٍ كنائمٍ ونِيامٍ نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وأنشدَ الصَّاغانِيّ للقُطاميّ يمدحُ زُفَرَ بنَ الحارثِ الكِلابيّ :
ومن يكن اسْتَلامَ إلى ثَوِيٍّ ... فقد أَحْسَنْتَ يا زُفَرُ المَتاعا
أَكُفْراً بعد رَدِّ المَوتِ عنِّي ... وبعدَ عَطائِكَ المائةِ الرِّتاعا وقال المَرّار الفَقْعَسيُّ :
رَدَيْنَ بعالِجٍ فَخَرَجْنَ منهُ ... يَرُعْنَ الناسَ والنَّعَمَ الرِّتاعا إبلٌ رُتَّعٌ كرُكَّع وفي الكلمات القُدْسِيّة : لولا الشيوخُ الرُّكَّع والصِّبْيان الرُّضَّع والبهائمُ الرُّتَّع لصُبَّ عليكم البلاءُ صَبَّاً " . إبلٌ رُتُعٌ بضمَّتَيْن قال الأعشى يَذْكُر مَهاةً مَسْبُوعةً :
فظَلَّ يَأْكُلُ منها وَهْيَ راتِعَةٌ ... جَدَّ النهارِ تُراعي ثِيرَةً رُتُعا إبلٌ رُتوعٌ قال عَمْرُو بن مَعْدِ يَكْرِبَ رضي الله عنه : فأرْسَلْنا رَبيئَتَنا فَأَوْفى فقال ألا ولي خَمْسٌ رُتوعُ ؟ وقال ابنُ هَرْمَةَ :
وفي الشَّوطَيْن ثُبْتُ بعَقْبِ شَأْوٍ ... يَفُضُّ خواتُهُ الإبلَ الرُّتوعا
وقد أَرْتَعَ فلانٌ إبلَه أي أسامَها فَرَتَعتْ . منَ المَجاز : قَوْله تَعالى - مُخبِراً عن إخوةِ يوسف - " أَرْسِلْه مَعَنَا غداً يَرْتَعْ ويَلْعَبْ " أي يلهو ويَنْعَم وقيل : معناه يَسْعَى ويَنْبَسِط وقُرِئَ نُرْتِعْ بضمِّ النونِ وكسرِ التاءِ ويَلْعَبْ بالياء أي نُرْتِعْ نحن دَوابَّنا ومواشينا ويَلْعَب هو وهي قراءةُ مُجاهِدٍ وقَتادةَ وابنِ قُطَيْب وقُرِئَ بالعكس أي يُرْتِعْ بضمِّ الياءِ وكسرِ التاء ونَلْعَبْ بالنون أي : يُرْتِعْ هو دوابَّنا ونَلعَبْ نحن جميعاً وهي قراءةُ ابنُ مُحَيْصِنٍ وروايةٌ عن مُجاهِدٍ أيضاً . والرَّتْعَة بالفَتْح : الاسمُ من رَتَعَ رَتْعَاً ورُتوعاً ورِتاعاً وهو الاتِّساعُ في الخِصبِ ومنه المثَل : القَيْدُ والرَّتْعَة . كذلك بالفَتْح قالها الفَرّاء ويُحرّك عن غَيْرِه كما في العُباب ونَسَبَ صاحبُ اللِّسان التحريك إلى الفَرّاء فإنّه قال : قال أبو طالب : سَماعي من أبي عن الفَرّاء : والرَّتَعةُ مُثَقَّلٌ قال : وهما لغتان فلعلَّ الفَرّاءَ عنه رِوايَتان . قال المُفَضَّل : أوّلُ من قاله عَمْرُو بنُ الصَّعِقِ بن خُوَيْلدِ بنِ نُفَيْل بنِ عَمْرِو بنِ كِلابٍ وكانت شاكِرُ بنُ رَبيعَةَ بنِ مالكِ بنِ معاويةَ بن صَعْبِ بن دَوْمَان - قبيلةٌ من هَمْدَان - أسَروه فَأَحْسَنوا إليه ورَوَّحوا عنه وقد كان يومَ فارقَ قَوْمَه نَحيفاً فَهَرَبَ من شاكِرِ فبينما هو بَقِيٍّ من الأرضِ إذ اصْطادَ أرنباً فاشْتواها فلما بَدَأَ يَأْكُلُ منها أَقْبَلَ ذِئبٌ فَأَقْعى غَيْرَ بَعيدٍ فَنَبَذَ إليه من شوائِه فوَلَّى به فقال عمروٌ عند ذلك :
لقد أَوْعَدْتَني شاكِرٌ فخَشيتُها ... ومِن شَعْبِ ذي هَمْدَانَ في الصَّدْرِ هاجِسُ
قبائلُ شَتَّى ألَّفَ اللهُ بَيْنَها ... لها جَحَفٌ فوقَ المَناكبِ نائِسُ
ونارٍ بمَوْماةٍ قليلٍ أَنيسُها ... أتاني عليها أَطْلَسُ اللَّونِ بائسُ
نَبَذْتُ أليه حُزَّةً من شِوائِنا ... فآبَ وما يُخْشى على مَن يُجالِسُ
فوَلَّى بها جَذْلانَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ ... كما آضَ بالنَّهْبِ المُغيرُ المُخالِسُ فلمّا وَصَلَ إلى قَوْمِه قالوا : أيْ عَمْرُو خَرَجْتَ من عندِنا نَحيفاً وأنتَ اليومَ بادِنٌ أي سَمينٌ فقال : القَيْدُ والرَّتْعَة فَأَرْسلَها مَثَلاً أي : الخِصبُ . ومنه حديث الحَجّاج قال للغَضبانِ الشَّيْبانيِّ حين أَخْرَجَه من سِجنِه : سَمِنْتَ يا غَضْبَان فقال : الخَفضُ والدَّعَة والقَيدُ والرَّتعَة وقِلَّةُ التَّعْتَعَة :
" ومَن يكُن ضيفَ الأميرِ يَسْمَن قال ابنُ الأَنْباريّ : فلانٌ مُرْتِعٌ أي إنّه مُخصِبٌ لا يَعْدَمُ شيئاً يُريدُه وهو مَجاز . المَرْتَع كَمَقْعَدٍ : مَوْضِعُ الرَّتْع نقله الجَوْهَرِيّ قال الفرزْدَقُ لمّا وَلِيَ عمرُ بنُ هُبَيْرةَ الفَزارِيُّ العِراقَ :
وَمَضَتْ بمَسْلَمَةَ البِغالُ مُوَدّعاً ... فارْعَيْ فَزارَةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ قال الصَّاغانِيّ : وأنشد سيبويه :
" راحَتْ بمَسْلَمَةَ البِغالُ عَشِيَّةً والرواية ما ذكرتُ . وقال ابنُ هَرْمَةَ :
على كلِّ أَعْيَسَ يَرْعَى الحِمَى ... أطاعَ له الوِرْدُ والمَرْتَعُيقال : رَأَيْتُ أَرْتَاعاً من الناس أي كَثْرَةً نقله الصَّاغانِيّ . مُرْتِع كمُحسِنٍ هكذا ضَبَطَه الحافظُ في التبصير أو مِثلُ مُحدِّثٍ كما ضَبَطَه الصَّاغانِيّ في العُباب لقَبُ عَمْرِو بن مُعاويةَ بنِ ثَوْرٍ وهو كِندَةُ بن عُفَيْرِ بنِ عَدِيِّ بن الحارثِ بن مُرَّةَ بنِ يَشْجُبَ بنِ عَريبِ بن زَيْدِ بنِ كَهْلانَ بنِ سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَان جدٌّ لامرئِ القَيسِ بنِ حُجْر بنِ الحارثِ الملك ابنِ عَمْرِو المَقْصور الذي اقتصرَ على ملك أبيه ابنِ حُجْرٍ آكِلِ المُرَارِ ابنِ عَمْرِو بنِ مُعاويةَ بنِ الحارثِ بنِ معاويةَ بن ثَوْرِ بنِ مُرْتِعٍ ولُقِّبَ به لأنّه كان يقال له : أَرْتِعْنا في أَرْضِك فيقول : قد أَرْتَعتُ مكانَ كذا . في الصحاح : أَرْتَعَ الغَيثُ : أَنْبَتَ ما تَرْتَعُ فيه الإبلُ ومنه حديثُ الاسْتِسْقاء : " اللهُمَّ اسْقِنا وأَغِثْنا اللهُمَّ اسقِنا غَيْثَاً مُغيثاً وَحَيَاً رَبيعاً وَجَدَاً طَبَقَاً غَدَقَاً مُغدِقاً مُونِقاً عاماً هنيئاً مريئاً مَريعاً مُرْبِعاً مُرْتِعاً وابِلاً سابِلاً مُسبِلاً مُجَلِّلاً دِيَماً دارَّاً نافعاً غير ضارٍّ عاجِلاً غير رائِثٍ " قولُه : مُرْتِعاً : أي : يُنبِتُ من الكلإِ ما تَرْتَعُ فيه المَواشي وتَرْعَاه . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : الرَّتَع محرّكةً : التَّنَعُّم ومنه حديثُ أمِّ زَرْعٍ : في شِبَع ورِيِّ وَرَتَع . وقومٌ مُرْتِعونَ راتِعون إذا كانوا مَخاصيب . ويقال : قومٌ رَتِعون على النَّسَبِ كطَعِم وكذلك كلأٌ رَتِعٌ ومنه قولُ أبي فَقْعَسَ الأَعْرابيِّ في صفةِ كلإٍ : خَضِعٌ مَضِعٌ ضافٍ رَتِعٌ . وفي حديثِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنه : إنِّي واللهِ أُرْتِعُ فأُشْبِع . يريدُ حُسنَ رِعايَتِه للرَّعِيّة وأنّه يدَعُهم حتى يَشْبَعوا في المَرْتَع . وهو مَجاز . وإبلٌ رَواتِعٌ . والمُرْتِع : الذي يُخَلِّي رِكابَه تَرْتَعُ . وقد أَرْتَعَ المالُ وأَرْتَعَ القومُ : وقَعوا في خِصبٍ وَرَعَوا . وأَرْتَعَتِ الأرضُ : كَثُرَ كلَؤُها . واستعْمَلَ أبو حنيفةَ المَراتِعَ في النَّعَم . والرَّتَّاع : الذي يَتَتَبَّعُ بإبلِه المَراتِعَ المُخصِبَة . وقال شَمِرٌ : أَتَيْتُ على أرضٍ مُرْتِعَةٍ وهي التي قد طَمِعَ مالُها في الشِّبَعِ . والذي في الحديث : " وأنّه من يَرْتَعُ حَوْلَ الحِمى يوشِكُ أنْ يُخالِطَه " أي يَطوفُ به ويدورُ حَوْلَه . ويقال : رَتَعَ فلانٌ في مالِ فلانٍ إذا تقَلَّبَ فيه أَكْلاً وشُرْباً وهو مَجاز . ورَتَعَ فلانٌ في لَحْمِي : اغْتابَني . وهو مَجاز ومنه قولُ سُوَيْدِ بنِ أبي كاهِلٍ اليَشْكُريّ :