ابن سيده كِلا
كلمة مَصُوغة للدلالة على اثنين كما أَنَّ كُلاًّ مصوغة للدلالة على الجمع قال
سيبويه وليست كِلا من لفظ كلٍّ كلٌّ صحيحة وكِلا معتلة ويقال للأُنثيين كِلْتا
وبهذه التاء حُكم على أَن أَلف كِلا منقلبة عن واو لأَن بدل التاء من الواو أَكثر
من بد
ابن سيده كِلا
كلمة مَصُوغة للدلالة على اثنين كما أَنَّ كُلاًّ مصوغة للدلالة على الجمع قال
سيبويه وليست كِلا من لفظ كلٍّ كلٌّ صحيحة وكِلا معتلة ويقال للأُنثيين كِلْتا
وبهذه التاء حُكم على أَن أَلف كِلا منقلبة عن واو لأَن بدل التاء من الواو أَكثر
من بدلها من الياء قال وأَما قول سيبويه جعلوا كِلا كَمِعًى فإِنه لم يرد أَن أَلف
كِا منقلبة عن ياء كما أَنَّ أَلف مِعًى منقلبة عن ياء بدليل قولهم معيان وإِنما
أَراد سيبويه أَن أَلف كلا كأَلف معى في اللفظ لا أَن الذي انقلبت عليه أَلفاهما
واحد فافهم وما توفيقنا إِلا بالله وليس لك في إِمالتها دليل على أَنها من الياء
لأَنهم قد يُمِيلون بنات الواو أَيضاً وإِن كان أَوَّله مفتوحاً كالمَكا والعَشا
فإِذا كان ذلك مع الفتحة كما ترى فإِمالَتُها مع الكسرة في كِلا أَولى قال وأَما
تمثيل صاحب الكتاب لها بَشَرْوَى وهي من شريت فلا يدل على أَنها عنده من الياء دون
الواو ولا من الواو دون الياء لأَنه إِنما أَراد البدل حَسْبُ فمثل بما لامه من
الأَسماء من ذوات الياء مبدلة أَبداً نحو الشَّرْوَى والفَتْوَى قال ابن جني أَما
كلتا فذهب سيبويه إِلى أَنها فِعْلَى بمنزلة الذِّكْرَى والحِفْرَى قال وأَصلها
كِلْوا فأُبدلت الواو تاء كما أُبدلت في أُخت وبنت والذي يدل على أَنَّ لام كلتا
معتلة قولهم في مذكرها كِلا وكِلا فِعْلٌ ولامه معتلة بمنزلة لام حِجاً ورِضاً
وهما من الواو لقولهم حَجا يَحْجُو والرِّضْوان ولذلك مثلها سيبويه بما اعتلَّت
لامه فقال هي بمنزلة شَرْوَى وأَما أَبو عُمر الجَرْمِي فذهب إِلى أَنها فِعْتَلٌ
وأَن التاء فيها علم تأْنِيثها وخالف سيبويه ويشهد بفساد هذا القول أَن التاء لا
تكون علامة تأْنيث الواحد إِلا وقبلها فتحة نحو طَلحة وحَمْزَة وقائمة وقاعِدة أَو
أَن يكون قبلها أَلف نحو سِعْلاة وعِزْهاة واللام في كِلتا ساكنة كما ترى فهذا وجه
ووجه آخر أَن علامة التأْنيث لا تكون أَبداً وسطاً إِنما تكون آخراً لا محالة قال
وكلتا اسم مفرد يفيد معنى التثنية بإِجماع من البصريين فلا يجوز أَن يكون علامة
تأْنيثه التاء وما قبلها ساكن وأَيضاً فإِن فِعتَلاً مثال لا يوجد في الكلام
أَصلاً فيُحْمَل هذا عليه قال وإِن سميت بكِلْتا رجلاً لم تصرفه في قول سيبويه
معرفة ولا نكرة لأَن أَلفها للتأْنيث بمنزلتها في ذكْرى وتصرفه نكرة في قول أَبي
عمر لأَن أَقصى أَحواله عنده أَن يكون كقائمة وقاعدة وعَزَّة وحمزة ولا تنفصل كِلا
ولا كِلتا من الإِضافة وقال ابن الأَنباري من العرب من يميل أَلف كلتا ومنهم من لا
يميلها فمن أَبطل إمالتها قال أَلفها أَلف تثنية كأَلف غلاما وذوا وواحد كلتا كِلت
وأَلف التثنية لاتمال ومن وقف على كلتا بالإِمالة فقال كلتا اسم واحد عبر عن
التثنية وهو بمنزلة شِعْرَى وذِكْرَى وروى الأَزهري عن المنذري عن أَبي الهيثم
أَنه قال العرب إِذا أَضافت كُلاًّ إِلى اثنين لينت لامها وجعلت معها أَلف التثنية
ثم سوّت بينهما في الرفع والنصب والخفض فجعلت إِعرابها بالأَلف وأَضافتها إِلى
اثنين وأَخبرت عن واحد فقالت كِلا أَخَوَيْك كان قائماً ولم يقولوا كانا قائمين
وكِلا عَمَّيْك كان فقيهاً وكلتا المرأَتين كانت جميلة ولا يقولون كانتا جميلتين
قال الله عز وجل كِلْتا الجَنَّتَيْنِ آتَت أُكُّلَها ولم يقل آتَتا ويقال مررت
بكِلا الرجلين وجاءني كلا الرجلين فاستوى في كلا إِذا أَضفتها إِلى ظاهرين الرفع
والنصب والخفض فإِذا كنوا عن مخفوضها أَجروها بما يصيبها من الإِعراب فقالوا
أَخواك مررت بكليهما فجعلوا نصبها وخفضها بالياء وقالوا أَخواي جاءاني كلاهما
فجعلوا رفع الاثنين بالأَلف وقال الأَعش في موضع الرفع كِلا أَبَوَيْكُمْ كانَ
فَرْعاً دِعامةً يريد كلّ واحد منهما كان فرعاً وكذلك قال لبيد فَغَدَتْ كِلا
الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّه مَوْلى المَخافةِ خَلْفَها وأَمامها غَدَتْ يعني
بقرة وحشية كلا الفرجين أَراد كلا فرجيها فأَقام الأَلف واللام مُقام الكِناية ثم
قال تحسب يعني البقرة أَنه ولم يقل أَنهما مولى المخافة أَي وليُّ مَخافتها ثم
تَرْجَم عن كِلا الفَرْجين فقال خلفها وأَمامها وكذلك تقول كِلا الرجلين قائمٌ
وكِلْتا المرأَتين قائمة وأَنشد كِلا الرَّجُلَيْن أَفَّاكٌ أَثِيم وقد ذكرنا
تفسير كلٍّ في موضعه الجوهري كِلا في تأْكيد الاثنين نظير كلٍّ في المجموع وهو اسم
مفرد غير مُثَنّى فإِذا ولي اسماً ظاهراً كان في الرفع والنصب والخفض على حالة
واحدة بالأَلف تقول رأَيت كِلا الرجلين وجاءني كِلا الرجلين ومررت بكلا الرجلين
فإِذا اتصل بمضمر قلَبْت الأَلف ياء في موضع الجر والنصب فقلت رأَيت كليهما ومررت
بكليهما كما تقول عليهما وتبقى في الرفع على حالها وقال الفراء هو مثنى مأْخوذ من
كل فخففت اللام وزيدت الأَلف للتثنية وكذلك كلتا للمؤنث ولا يكونان إِلا مضافين
ولا يتكلم منهما بواحد ولو تكلم به لقيل كِلٌ وكِلْتٌ وكِلانِ وكِلْتانِ واحتج
بقول الشاعر في كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحدهْ كِلتاهما مقْرُونةٌ بزائدهْ أَراد
في إِحدى رجليها فأَفْرد قال وهذا القول ضعيف عند أَهل البصرة لأَنه لو كان مثنى
لوجب أَن تنقلب أَلفه في النصب والجر ياء مع الاسم الظاهر ولأَن معنى كِلا مخالف
لمعنى كلّ لأَن كُلاًّ للإِحاطة وكِلا يدل على شيءٍ مخصوص وأَما هذا الشاعر فإِنما
حذف الأَلف للضرورة وقدّر أَنها زائدة وما يكون ضرورة لا يجوز أَن يجعل حجة فثبت
أَنه اسم مفرد كَمِعى إِلا أَنه وضع ليدل على التثنية كما أَن قولهم نحن اسم مفرد
يدل على الاثنين فما فوقهما يدل على ذلك قول جرير كِلا يَومَيْ أُمامةَ يوْمُ
صَدٍّ وإِنْ لم نَأْتِها أِلاَّ لِماما قال أَنشدنيه أَبو علي قال فإِن قال قائل
فلم صار كِلا بالياء في النصب والجرّ مع المضمر ولزمت الأَلف مع المظهر كما لزمت
في الرفع مع المضمر ؟ قيل له من حقها أَن تكون بالأَلف على كل حال مثل عصا ومعى
إِلا أَنها لما كانت لا تنفك من الإِضافة شبهت بعلى ولدي فجعلت بالياء مع المضمر
في النصب والجر لأَن على لا تقع إِلا منصوبة أَو مجرورة ولا تستعمل مرفوعة فبقيت
كِلا في الرفع على أَصلها مع المضمر لأَنها لم تُشَبَّه بعلى في هذه الحال قال
وأَما كلتا التي للتأْنيث فإِن سيبويه يقول أَلفها للتأْنيث والتاء بدل من لام
الفعل وهي واو والأَصل كِلْوا وإِنما أُبدلت تاء لأَن في التاء علم التأْنيث
والأَلف في كلتا قد تصير ياء مع المضمر فتخرج عن علم التأْنيث فصار في إِبدال
الواو تاء تأْكيد للتأْنيث قال وقال أَبو عُمر الجَرْمي التاء ملحقة والأَلف لام
الفعل وتقديرها عنده فِعْتَلٌ ولو كان الأَمر كما زعم لقالوا في النسبة إِليها
كِلْتَويٌّ فلما قالوا كِلَويٌّ وأَسقطوا التاء دلّ أَنهم أَجْروها مُجْرى التاء
التي في أُخت التي إِذا نَسَبت إِليها قلت أَخَوِيٌّ قال ابن بري في هذا الموضع
كِلَويٌّ قياس من النحويين إِذا سميت بها رجلاً وليس ذلك مسموعاً فيحتج به على
الجرمي الأَزهري في ترجمة كلأَ عند قوله تعالى قل مَن يَكْلَؤُكُم بالليل والنهار
قال الفراء هي مهموزة ولو تَركتَ همزة مثله في غير القرآن قلت يَكْلَوْكم بواو
ساكنة ويَكْلاكم بأَلف ساكنة مثل يخشاكم ومن جعلها واواً ساكنة قال كَلات بأَلف
يترك النَّبْرة منها ومن قال يَكلاكم قال كَلَيْتُ مثل قَضَيْت وهي من لغة قريش
وكلٌّ حسن إِلا أَنهم يقولون في الوجهين مَكْلُوَّة ومَكْلُوّ أَكثر مما يقولون
مَكْلِيٌّ قال ولو قيل مَكليّ في الذين يقولون كلَيْتُ كان صواباً قال وسمعت بعض
العرب ينشد ما خاصَمَ الأَقوامَ من ذي خُصُومةٍ كَوَرْهاء مَشْنِيٍّ إِليها
حَلِيلُها فبنى على شَنَيْتُ بترك النبرة أَبو نصر كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكْلِية
وهو أَن يأْتي مكاناً فيه مُسْتَتَر جاء به غير مهموز والكُلْوةُ لغة في الكُلْية
لأَهل اليمن قال ابن السكيت ولا تقل كِلوة بكسر الكاف الكُلْيَتان من الإِنسان
وغيره من الحيوان لحمَتان مُنْتَبِرَتان حَمْراوان لازقتان بعظم الصلب عند
الخاصرتين في كُظْرَين من الشحم وهما مَنْبِتُ بيت الزرع هكذا يسميان في الطب يراد
به زرع الولد سيبويه كُلْيةٌ وكُلًى كرهوا أَن يجمعوا بالتاء فيحركوا العين بالضمة
فتجيء هذه الياء بعد ضمة فلما ثقل ذلك عليهم تركوه واجتزؤوا ببناء الأَكثر ومن خفف
قال كُلْيات وكَلاه كَلْياً أَصاب كُلْيته ابن السكيت كَلَيْتُ فلاناً فاكْتَلى
وهو مَكْلِيٌّ أَصبت كُلْيَته قال حميد الأَرقط من عَلَقِ المَكْليِّ والمَوْتونِ
وإِذا أَصبت كَبِدَه فهو مَكْبُود وكَلا الرجلُ واكْتَلى تأَلَّمَ لذلك قال العجاج
لَهُنَّ في شَباتِه صَئِيُّ إِذا اكْتَلَى واقْتَحَمَ المَكْلِيُّ ويروى كَلا يقول
إِذا طَعن الثورُ الكلبَ في كُلْيَته وسقط الكلبُ المَكْلِيُّ الذي أُصيبت
كُلْيَتُه وجاء فلان بغنمه حُمْرَ الكُلَى أَي مهازيل وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
إِذا الشَّوِيُّ كَثُرتْ ثَوائِجُهْ وكانَ مِن عندِ الكُلَى مَناتِجُهْ كثرت
ثَوائجُه من الجَدْب لا تجد شيئاً ترعاه وقوله مِن عند الكلى مَناتِجُه يعني سقطت
من الهُزال فَصاحِبها يَبْقُر بطونها من خَواصِرها في موضع كُلاها فيَستخرج
أَولادها منها وكُلْيَةُ المَزادة والرّاوية جُلَيْدة مستديرة مشدودة العُروة قد
خُرِزَتْ مع الأَديم تحت عُروة المَزادة وكُلْية الإِداوَةِ الرُّقعة التي تحت
عُرْوَتها وجمعها الكُلَى وأَنشد كأَنَّه من كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَب الجوهري
والجمع كُلْياتٌ وكُلًى قال وبنات الياء إِذا جمعت بالتاء لم يحرّك موضع العين
منها بالضم وكُلْيَةُ السحابة أَسفلُها والجمع كُلًى يقال انْبَعَجَت كُلاه قال
يُسِيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عارِضُ الذُّرى أَهِلَّة نَضَّاخِ النَّدى سابِغُ
القَطْرِ
( * قوله « عارض » كذا في الأصل والمحكم هنا وسبق الاستشهاد بالبيت في عرس بمهملات
)
وقيل إِنما سميت بكُلْية الإِداوة وقول أَبي حية حتى إِذا سَرِبَت عَلَيْهِ
وبَعَّجَتْ وَطْفاء سارِبةٌ كُلِيّ مَزادِ
( * قوله « سربت إلخ » كذا في الأصل بالسين المهملة والذي في المحكم وشرح القاموس
شربت بالمعجمة )
يحتمل أَن يكون جَمَع كُلْية على كُلِيّ كما جاء حِلْيَة وحُلِيّ في قول بعضهم
لتقارب البناءِين ويحتمل أَن يكون جمعه على اعتقاد حذف الهاء كبُرْد وبُرُود
والكُلْيَةُ من القَوس أَسفل من الكَبِد وقيل هي كَبِدُها وقيل مَعْقِد حَمالتها
وهما كُلْيَتان وقيل كُلْيَتها مِقدار ثلاثة أَشبار من مَقْبِضها والكُلْية من
القوس ما بين الأَبهر والكبد وهما كُلْيَتان وقال أَبو حنيفة كُليتا القوس مَثْبَت
مُعَلَّق حَمالتها والكليتان ما عن يمين النَّصل وشِماله والكُلَى الرّيشات
الأَربع التي في آخر الجَناح يَلِينَ جَنْبه والكُلَيَّةُ اسم موضع قال الفرزدق هل
تَعْلَمونَ غَداةَ يُطْرَدُ سَبْيُكُمْ بالسَّفْح بينَ كُلَيَّةٍ وطِحال ؟
والكُلَيَّان اسم موضع قال القتال الكلابي لِظَبْيَةَ رَبْعٌ بالكُلَيَّيْنِ
دارِسُ فَبَرْق نِعاجٍ غَيَّرَتْه الرَّوامِسُ
( * قوله « فبرق نعاج » كذا في الأصل والمحكم والذي في معجم ياقوت فبرق فعاج بفاء
العطف )
قال الأَزهري في المعتل ما صورته تفسير كَلاَّ الفراء قال قال الكسائي لا تَنْفِي
حَسْبُ وكلاَّ تنفي شيئاً وتوجب شيئاً غيره من ذلك قولك للرجل قال لك أَكلت شيئاً
فقلت لا ويقول الآخر أَكلت تمراً فتقول أَنت كَلاَّ أَردت أَي أَكلت عسلاً لا
تمراً قال وتأْتي كلاًّ بمعنى قولهم حَقّاً قال رَوى ذلك أَبو العباس أَحمد بن
يحيى وقال ابن الأَنباري في تفسير كلاًّ هي عند الفراء تكون صلة لا يوقف عليها
وتكون حرف ردّ بمنزلة نعم ولا في الاكْتفاء فإِذا جعلتها صلة لما بعدها لم تَقِف
عليها كقولك كَلاً ورَبّ الكعبة لا تَقِف على كَلاً لأَنها بمنزلة إِي واللهِ قال
اللهُ سُبحانه وتعالى كلاً والقَمَرِ الوقف على كَلاًّ قبيح لأَنها صلة لليمين قال
وقال الأَخفش معنى كَلاًّ الرَّدْع والزَّجر قال الأَزهري وهذا مذهب سيبويه
( * قوله « مذهب سيبويه » كذا في الأصل والذي في تهذيب الازهري مذهب
الخليل ...
وإِليه ذهب الزجاج في جميع القرآن وقال أَبو بكر بن الأَنباري قال المفسرون معنى
كَلاًّ حَقّاً قال وقال أَبو حاتم السجستاني جاءت كلاًّ في القرآن على وجهين فهي
في موضع بمعنى لا وهو ردّ للأَوَّل كما قال العجاج قد طَلَبَتْ شَيْبانُ أَن
تُصاكِمُوا كَلاَّ ولَمَّا تَصْطَفِقْ مآتِمُ قال وتجيء كَلاًّ بمعنى أَلا التي
للتنبيه كقوله تعالى أَلا إِنهم يَثْنُون صُدورهم ليستخفوا منه وهي زائدة لو لم
تأْتِ كان الكلام تامّاً مفهوماً قال ومنه المثل كلاًّ زَعَمْتَ العِيرُ لا
تُقاتلُ وقال الأَعشى كَلاَّ زَعَمْتُمْ بأَنَّا لا نُقاتِلُكُمْ إِنَّا
لأَمْثالِكُمْ يا قَوْمَنا قُتُلُ قال أَبو بكر وهذا غلط معنى كَلاَّ في البيت وفي
المثل لا ليس الأَمر على ما تقولون قال وسمعت أَبا العباس يقول لا يوقف على كلاَّ
في جميع القرآن لأَنها جواب والفائدةُ تقع فيما بعدها قال واحتج السبجستاني في
أَنَّ كَلاَّ بمعنى أَلا بقوله جل وعز كلا إِنَّ الإِنسان ليَطْغَى فَمعْناه أَلا
قال أَبو بكر ويجوز أَن يكون بمعنى حقاً إِن الإِنسان ليطغى ويجوز أَن يكون ردًّا
كأَنه قال لا ليس الأَمر كما تظنون أَبو داود عن النضر قال الخليل قال مقاتل بن
سليمان ما كان في القرآن كلاَّ فهو ردّ إِلا موضعين فقال الخليل أَنا أَقول كله
ردّ وروى ابن شميل عن الخليل أَنه قال كلُّ شيء في القرآن كلاَّ ردّ يردّ شيئاً
ويثبت آخر وقال أَبو زيد سمعت العرب تقول كلاَّكَ واللهِ وبَلاكَ واللهِ في معنى
كَلاَّ واللهِ وبَلَى واللهِ وفي الحديث تَقع فِتَنٌ كأَنَّها الظُّلَلُ فقال
أَعرابي كَلاَّ يا رسولَ اللهِ قال كَلاَّ رَدْع في الكلام وتنبيه وزَجْر ومعناها
انْتهِ لا تَفْعَل إِلا أَنها آكَدُ في النفي والرَّدْع من لا لزيادة الكاف وقد
ترِد بمعنى حقّاً كقوله تعالى كَلاَّ لئن لم يَنْتَهِ لنَسْفَعنْ بالناصِيةِ
والظُّلَلُ السحاب وقد تكرر في الحديث
معنى
في قاموس معاجم
الجوهري كلاَّ
كلمة زَجْر ورَدْع ومعناها انْتَهِ لا تفعل كقوله عز وجل أَيَطْمَعُ كلُّ امْرئٍ
منهم أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعيم كلاَّ أَي لا يَطمَع في ذلك وقد يكون بمعنى
حقّاً كقوله تعالى كلاَّ لَئِن لم يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بالناصيةِ قال ابن بري وقد
تأْ
الجوهري كلاَّ
كلمة زَجْر ورَدْع ومعناها انْتَهِ لا تفعل كقوله عز وجل أَيَطْمَعُ كلُّ امْرئٍ
منهم أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعيم كلاَّ أَي لا يَطمَع في ذلك وقد يكون بمعنى
حقّاً كقوله تعالى كلاَّ لَئِن لم يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بالناصيةِ قال ابن بري وقد
تأْتي كلا بمعنى لا كقول الجعدي فَقُلْنا لَهُمْ خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها
فقالوا لنا كَلاَّ فقلنا لهم بَلَى وقد تقدَّم أَكثر ذلك في المعتل
معنى
في قاموس معاجم
الكُلُّ اسم
يجمع الأَجزاء يقال كلُّهم منطلِق وكلهن منطلقة ومنطلق الذكر والأُنثى في ذلك سواء
وحكى سيبويه كُلَّتهُنَّ منطلِقةٌ وقال العالِمُ كلُّ العالِم يريد بذلك التَّناهي
وأَنه قد بلغ الغاية فيما يصفه به من الخصال وقولهم أَخذت كُلَّ المال وضربت كلَّ
الكُلُّ اسم
يجمع الأَجزاء يقال كلُّهم منطلِق وكلهن منطلقة ومنطلق الذكر والأُنثى في ذلك سواء
وحكى سيبويه كُلَّتهُنَّ منطلِقةٌ وقال العالِمُ كلُّ العالِم يريد بذلك التَّناهي
وأَنه قد بلغ الغاية فيما يصفه به من الخصال وقولهم أَخذت كُلَّ المال وضربت كلَّ
القوم فليس الكلُّ هو ما أُضيف إِليه قال أَبو بكر بن السيرافي إِنما الكلُّ عبارة
عن أَجزاء الشيء فكما جاز أَن يضاف الجزء إِلى الجملة جاز أَن تضاف الأَجزاء كلها إِليها
فأَما قوله تعالى وكُلٌّ أَتَوْه داخِرين وكلٌّ له قانِتون فمحمول على المعنى دون
اللفظ وكأَنه إِنما حمل عليه هنا لأَن كُلاًّ فيه غير مضافة فلما لم تُضَفْ إِلى
جماعة عُوِّض من ذلك ذكر الجماعة في الخبر أَلا ترى أَنه لو قال له قانِتٌ لم يكن
فيه لفظ الجمع البتَّة ؟ ولما قال سبحانه وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فَرْداً فجاء
بلفظ الجماعة مضافاً إِليها استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر ؟ الجوهري كُلٌّ لفظه
واحد ومعناه جمع قال فعلى هذا تقول كُلٌّ حضَر وكلٌّ حضروا على اللفظ مرة وعلى
المعنى أُخرى وكلٌّ وبعض معرفتان ولم يجئْ عن العرب بالأَلف واللام وهو جائز لأَن
فيهما معنى الإِضافة أَضفت أَو لم تُضِف التهذيب الليث ويقال في قولهم كِلا
الرجلين إِن اشتقاقه من كل القوم ولكنهم فرقوا بين التثنية والجمع بالتخفيف
والتثقيل قال أَبو منصور وغيره من أَهل اللغة لا تجعل كُلاًّ من باب كِلا وكِلْتا
واجعل كل واحد منهما على حدة قال وأَنا مفسر كلا وكلتا في الثلاثيّ المعتلِّ إِن
شاء الله قال وقال أَبو الهيثم فيما أَفادني عنه المنذري تقع كُلٌّ على اسم منكور
موحَّد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم ما كُلُّ بيضاء شَحْمةً ولا كلُّ سَوْداء تمرةً
وتمرةٌ جائز أَيضاً إِذا كررت ما في الإِضمار وسئل أَحمد بن يحيى عن قوله عز وجل
فسجد الملائكة كُلُّهم أَجمعون وعن توكيده بكلهم ثم بأَجمعون فقال لما كانت كلهم
تحتمل شيئين تكون مرة اسماً ومرة توكيداً جاء بالتوكيد الذي لا يكون إِلا توكيداً
حَسْب وسئل المبرد عنها فقال لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أَن يكون سجد بعضهم فجاء
بقوله كلهم لإِحاطة الأَجزاء فقيل له فأَجمعون ؟ فقال لو جاءت كلهم لاحتمل أَن
يكون سجدوا كلهم في أَوقات مختلفات فجاءت أَجمعون لتدل أَن السجود كان منهم كلِّهم
في وقت واحد فدخلت كلهم للإِحاطة ودخلت أَجمعون لسرعة الطاعة وكَلَّ يَكِلُّ
كَلاًّ وكَلالاً وكَلالة الأَخيرة عن اللحياني أَعْيا وكَلَلْت من المشي أَكِلُّ
كَلالاً وكَلالة أَي أَعْيَيْت وكذلك البعير إِذا أَعيا وأَكَلَّ الرجلُ بعيرَه
أَي أَعياه وأَكَلَّ الرجلُ أَيضاً أَي كَلَّ بعيرُه ابن سيده أَكَلَّه السيرُ
وأَكَلَّ القومُ كَلَّت إِبلُهم والكَلُّ قَفَا السيف والسِّكِّين الذي ليس بحادٍّ
وكَلَّ السيفُ والبصرُ وغيره من الشيء الحديد يَكِلُّ كَلاًّ وكِلَّة وكَلالة
وكُلولة وكُلولاً وكَلَّل فهو كَلِيل وكَلٌّ لم يقطع وأَنشد ابن بري في الكُلول
قول ساعدة لِشَانِيك الضَّراعةُ والكُلُولُ قال وشاهد الكِلَّة قول الطرماح وذُو
البَثِّ فيه كِلَّةٌ وخُشوع وفي حديث حنين فما زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِيلاً كَلَّ
السيفُ لم يقطع وطرْف كَلِيل إِذا لم يحقِّق المنظور اللحياني انْكَلَّ السيف ذهب
حدُّه وقال بعضهم كَلَّ بصرُه كُلولاً نَبَا وأَكلَّه البكاء وكذلك اللسان وقال
اللحياني كلها سواء في الفعل والمصدر وقول الأَسود بن يَعْفُر بأَظفارٍ له حُجْنٍ
طِوالٍ وأَنيابٍ له كانت كِلالا قال ابن سيده يجوز أَن يكون جمع كالٍّ كجائع
وجِياع ونائم ونِيام وأَن يكون جمع كَلِيل كشديد وشِداد وحَديد وحِداد الليث
الكَلِيل السيف الذي لا حدَّ له ولسان كَلِيل ذو كَلالة وكِلَّة وسيف كَلِيل
الحدِّ ورجل كَلِيل اللسان وكَلِيل الطرْف قال وناس يجعلون كَلاَّءَ للبَصْرة
اسماً من كَلَّ على فَعْلاء ولا يصرفونه والمعنى أَنه موضع تَكِلُّ فيه الريحُ عن
عمَلها في غير هذا الموضع قال رؤبة مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ
يكِلُّ وَفْد الريح من حيث انْخَرَقْ والكَلُّ المصيبة تحدث والأَصل من كَلَّ عنه
أَي نبا وضعُف والكَلالة الرجل الذي لا ولد له ولا والد وقال الليث الكَلُّ الرجل
الذي لا ولد له ولا والد كَلَّ الرجل يَكِلُّ كَلالة وقيل ما لم يكن من النسب
لَحًّا فهو كَلالةٌ وقالوا هو ابن عمِّ الكَلالِة وابنُ عمِّ كَلالةٍ وكَلالةٌ
وابن عمي كَلالةً وقيل الكَلالةُ من تَكَلَّل نسبُه بنسبك كابن العم ومن أَشبهه
وقيل هم الإِخْوة للأُمّ وهو المستعمل وقال اللحياني الكَلالة من العصَبة من ورِث
معه الإِخوة من الأُم والعرب تقول لم يَرِِثه كَلالةً أَي لم يرثه عن عُرُض بل عن
قرْب واستحقاق قال الفرزدق ورِثْتم قَناةَ المُلْك غيرَ كَلالةٍ عن ابْنَيْ مَنافٍ
عبدِ شمسٍ وهاشم ابن الأَعرابي الكَلالةُ بنو العم الأَباعد وحكي عن أَعرابي أَنه
قال مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالة متراخ نسبُهم ويقال هو مصدر من تكَلَّله النسبُ
أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه من جهة الولد والوالد وليس له منهما أَحد فسمي
بالمصدر وفي التنزيل العزيز وإِن كان رجل يُورَث كَلالةً
( الآية ) واختلف أَهل العربية في تفسير الكَلالة فروى المنذري بسنده عن أَبي
عبيدة أَنه قال الكَلالة كل مَنْ لم يرِثه ولد أَو أَب أَو أَخ ونحو ذلك قال
الأَخفش وقال الفراء الكَلالة من القرابة ما خلا الوالد والولد سموا كَلالة
لاستدارتهم بنسب الميت الأَقرب فالأَقرب من تكَلله النسب إِذا استدار به قال
وسمعته مرة يقول الكَلالة من سقط عنه طَرَفاه وهما أَبوه وولده فصار كَلاًّ
وكَلالة أَي عِيالاً على الأَصل يقول سقط من الطَّرَفين فصار عِيالاً عليهم قال
كتبته حفظا عنه قال الأَزهري وحديث جابر يفسر لك الكَلالة وأَنه الوارِث لأَنه
يقول مَرِضْت مرضاً أَشفيت منه على الموت فأَتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت
إِني رجل ليس يرثني إِلا كَلالةٌ أَراد أَنه لا والد له ولا ولد فذكر الله عز وجل
الكَلالة في سورة النساء في موضعين أَحدهما قوله وإِن كان رجل يُورَث كَلالةً أَو
امرأَةٌ وله أَخٌ أَو أُختٌ فلكل واحد منهما السدس فقوله يُورَث من وُرِث يُورَث
لا من أُورِث يُورَث ونصب كَلالة على الحال المعنى أَن من مات رجلاً أَو امرأَة في
حال تكَلُّلِه نسب ورثِته أَي لا والد له ولا ولد وله أَخ أَو أُخت من أُم فلكل
واحد منهما السدس فجعل الميت ههنا كَلالة وهو المورِّث وهو في حديث جابر الوارث
فكل مَن مات ولا والد له ولا ولد فهو كلالةُ ورثِته وكلُّ وارث ليس بوالد للميت
ولا ولدٍ له فهو كلالةُ مَوْرُوثِه وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل
والسُّنة ويجب على أَهل العلم معرفته لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إِليه منه
والموضع الثاني من كتاب الله تعالى في الكَلالة قوله يَسْتفتونك قل الله يفتيكم في
الكلالة إِن امْرُؤٌ هلَك ليس له ولد وله أُخت فلها نصف ما ترك
( الآية ) فجعل الكَلالة ههنا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم فجعل
للأُخت الواحدة نصفَ ما ترك الميت وللأُختين الثلثين وللإِخوة والأَخوات جميع
المال بينهم للذكر مثل حَظِّ الأُنثيين وجعل للأَخ والأُخت من الأُم في الآية
الأُولى الثلث لكل واحد منهما السدس فبيّن بسِياق الآيتين أَن الكَلالة تشتمل على
الإِخوة للأُم مرَّة ومرة على الإِخوة والأَخوات للأَب والأُم ودل قول الشاعر
أَنَّ الأَب ليس بكَلالة وأَنَّ سائر الأَولياء من العَصَبة بعد الولد كَلالة وهو
قوله فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى له ومَوْلَى الكَلالة لا يغضَب أَراد أَن أَبا
المرء أَغضب له إِذا ظُلِم وموالي الكلالة وهم الإِخوة والأَعمام وبنو الأَعمام
وسائر القرابات لا يغضَبون للمرء غَضَب الأَب ابن الجراح إِذا لم يكن ابن العم
لَحًّا وكان رجلاً من العشيرة قالوا هو ابن عَمِّي الكَلالةُ وابنُ عَمِّ كَلالةٍ
قال الأَزهري وهذا يدل على أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلالة فافهمه قال وقد
فسَّرت لك من آيَتَيِ الكَلالة وإِعرابهما ما تشتفي به ويُزيل اللبس عنك فتدبره
تجده كذلك قال قد ثَبَّجَ الليث ما فسره من الكَلالة في كتابه ولم يبين المراد منه
وقال ابن بري اعلم أَن الكَلالة في الأَصل هي مصدر كَلَّ الميت يَكِلُّ كَلاًّ
وكَلالة فهو كَلٌّ إِذا لم يخلف ولداً ولا والداً يرِثانه هذا أَصلها قال ثم قد
تقع الكَلالة على العين دون الحدَث فتكون اسماً للميت المَوْروث وإِن كانت في
الأَصل اسماً للحَدَث على حدِّ قولهم هذا خَلْقُ الله أَي مخلوق الله قال وجاز أَن
تكون اسماً للوارث على حدِّ قولهم رجل عَدْل أَي عادل وماءٌ غَوْر أَي غائر قال
والأَول هو اختيار البصريين من أَن الكَلالة اسم للموروث قال وعليه جاء التفسير في
الآية إِن الكَلالة الذي لم يخلِّف ولداً ولا والداً فإِذا جعلتها للميت كان
انتصابها في الآية على وجهين أَحدهما أَن تكون خبر كان تقديره وإِن كان الموروث
كَلالةً أَي كَلاًّ ليس له ولد ولا والد والوجه الثاني أَن يكون انتصابها على
الحال من الضمير في يُورَث أَي يورَث وهو كَلالة وتكون كان هي التامة التي ليست
مفتقرة إِلى خبر قال ولا يصح أَن تكون الناقصة كما ذكره الحوفي لأَن خبرها لا يكون
إِلا الكَلالة ولا فائدة في قوله يورَث والتقدير إِن وقَع أَو حضَر رجل يموت
كَلالة أَي يورَث وهو كَلالة أَي كَلّ وإِن جعلتها للحدَث دون العين جاز انتصابها
على ثلاثة أَوجه أَحدها أَن يكون انتصابها على المصدر على تقدير حذف مضاف تقديره
يورَث وِراثة كَلالةٍ كما قال الفرزدق ورِثْتُم قَناة المُلْك لا عن كَلالةٍ أَي
ورثتموها وِراثة قُرْب لا وِراثة بُعْد وقال عامر بن الطُّفَيْل وما سَوَّدَتْني
عامِرٌ عن كَلالةٍ أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَب ومنه قولهم هو ابن
عَمٍّ كَلالةً أَي بعيد النسب فإِذا أَرادو القُرْب قالوا هو ابن عَمٍّ دنْيَةً
والوجه الثاني أَن تكون الكَلالة مصدراً واقعاً موقع الحال على حد قولهم جاء زيد رَكْضاً
أَي راكِضاً وهو ابن عمي دِنيةً أَي دانياً وابن عمي كَلالةً أَي بعيداً في النسَب
والوجه الثالث أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف تقديره وإِن كان المَوْروث ذا
كَلالة قال فهذه خمسة أَوجه في نصب الكلالة أَحدها أَن تكون خبر كان الثاني أَن
تكون حالاً الثالث أَن تكون مصدراً على تقدير حذف مضاف الرابع أَن تكون مصدراً في
موضع الحال الخامس أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف فهذا هو الوجه الذي عليه
أَهل البصرة والعلماء باللغة أَعني أَن الكَلالة اسم للموروث دون الوارث قال وقد
أَجاز قوم من أَهل اللغة وهم أَهل الكوفة أَن تكون الكَلالة اسماً للوارِث
واحتجُّوا في ذلك بأَشياء منها قراءة الحسن وإِن كان رجل يُورِث كَلالةً بكسر
الراء فالكَلالة على ظاهر هذه القِراءة هي ورثةُ الميت وهم الإِخوة للأُم
واحتجُّوا أَيضاً بقول جابر إِنه قال يا رسول الله إِنما يرِثني كَلالة وإِذا ثبت
حجة هذا الوجه كان انتصاب كَلالة أَيضاً على مثل ما انتصبت في الوجه الخامس من
الوجه الأَول وهو أَن تكون خبر كان ويقدر حذف مضاف ليكون الثاني هو الأَول تقديره
وإِن كان رجل يورِث ذا كَلالة كما تقول ذا قَرابةٍ ليس فيهم ولد ولا والد قال
وكذلك إِذا جعلتَه حالاً من الضمير في يورث تقديره ذا كَلالةٍ قال وذهب ابن جني في
قراءة مَنْ قرأَ يُورِث كَلالة ويورِّث كَلالة أَن مفعولي يُورِث ويُوَرِّث
محذوفان أَي يُورِث وارثَه مالَه قال فعلى هذا يبقى كَلالة على حاله الأُولى التي
ذكرتها فيكون نصبه على خبر كان أَو على المصدر ويكون الكَلالة للمَوْروث لا للوارث
قال والظاهر أَن الكَلالة مصدر يقع على الوارث وعلى الموروث والمصدر قد يقع للفاعل
تارة وللمفعول أُخرى والله أَعلم قال ابن الأَثير الأَب والابن طرَفان للرجل فإِذا
مات ولم يخلِّفهما فقد مات عن ذهاب طَرَفَيْه فسمي ذهاب الطرَفين كَلالة وقيل كل
ما اخْتَفَّ بالشيء من جوانبه فهو إِكْلِيل وبه سميت لأَن الوُرَّاث يُحيطون به من
جوانبه والكَلُّ اليتيم قال أَكُولٌ لمال الكَلِّ قَبْلَ شَبابِه إِذا كان عَظْمُ
الكَلِّ غيرَ شَديد والكَلُّ الذي هو عِيال وثِقْل على صاحبه قال الله تعالى وهو كَلٌّ
على مَوْلاه أَي عِيال وأَصبح فلان مُكِلاًّ إِذا صار ذوو قَرابته كَلاًّ عليه أَي
عِيالاً وأَصبحت مُكِلاًّ أَي ذا قراباتٍ وهم عليَّ عيال والكالُّ المُعْيي وقد
كَلَّ يَكِلُّ كَلالاً وكَلالةً والكَلُّ العَيِّل والثِّقْل الذكَر والأُنثى في
ذلك سواء وربما جمع على الكُلول في الرجال والنساء كَلَّ يَكِلُّ كُلولاً ورجل
كَلٌّ ثقيل لا خير فيه ابن الأَعرابي الكَلُّ الصنم والكَلُّ الثقيلُ الروح من
الناس والكَلُّ اليتيم والكَلُّ الوَكِيل وكَلَّ الرجل إِذا تعِب وكَلَّ إِذا
توكَّل قال الأَزهري الذي أَراد ابنُ الأَعرابي بقوله الكلُّ الصنَم قوله تعالى
ضَرَب الله مثلاً عبداً مملوكاً ضربه مثلاً للصَّنَم الذي عبدُوه وهو لا يقدِر على
شيء فهو كَلٌّ على مولاه لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله من مكان إِلى مكان فقال
الله تعالى هل يستوي هذا الصَّنَم الكَلُّ ومن يأْمر بالعدل استفهام معناه التوبيخ
كأَنه قال لا تسوُّوا بين الصنم الكَلِّ وبين الخالق جل جلاله قال ابن بري وقال
نفطويه في قوله وهو كَلٌّ على مولاه هو أُسيد بن أَبي العيص وهو الأَبْكم قال وقال
ابن خالويه ورأْس الكَلّ رئيس اليهود الجوهري الكَلُّ العِيال والثِّقْل وفي حديث
خديجة كَلاَّ إِنَّك لَتَحْمِل الكَلَّ هو بالفتح الثِّقْل من كل ما يُتكلَّف
والكَلُّ العِيال ومنه الحديث مَنْ تَرك كَلاًّ فَإِلَيَّ وعليَّ وفي حديث طَهْفة
ولا يُوكَل كَلُّكم أَي لا يوكَل إِليكم عِيالكم وما لم تطيقوه ويُروى أُكْلُكم
أَي لا يُفْتات عليكم مالكم وكَلَّلَ الرجلُ ذهب وترك أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ
وكَلَّل عن الأَمر أَحْجَم وكَلَّلَ عليه بالسيف وكَلَّل السبعُ حمل ابن الأَعرابي
والكِلَّة أَيضاً حالُ الإِنسان وهي البِكْلَة يقال بات فلان بكِلَّة سواء أَي
بحال سوء قال والكِلَّة مصدر قولك سيف كَلِيل بيّن الكِلَّة ويقال ثقُل سمعه
وكَلَّ بصره وذَرَأَ سِنُّه والمُكَلِّل الجادُّ يقال حَمَل وكَلَّل أَي مضى
قُدُماً ولم يَخِم وأَنشد الأَصمعي حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عنه فقَضَبْ تَكْلِيلَةَ
اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ قال وقد يكون كَلَّل بمعنى جَبُن يقال حمل فما كَلَّل
أَي فما كذَب وما جبُن كأَنه من الأَضداد وأَنشد أَبو زيد لجَهْم بن سَبَل ولا
أُكَلِّلُ عن حَرْبٍ مُجَلَّحةٍ ولا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ وروى المنذري
عن أَبي الهيثم أَنه يقال إِن الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّل وإِن النمر يُكَلِّل ولا
يُهَلِّل قال والمُكَلِّل الذي يحمِل فلا يرجع حتى يقَع بقِرْنه والمُهَلِّل يحمل
على قِرْنه ثم يُحْجِم فيرجع وقال النابغة الجعدي بَكَرَتْ تلوم وأَمْسِ ما
كَلَّلْتها ولقد ضَلَلْت بذاك أَيَّ ضلال ما صِلة كَلَّلْتها أَدْعَصْتها يقال
كَلَّلَ فلان فلاناً أَي لم يُطِعه وكَلَلْتُه بالحجارة أَي علوته بها وقال وفرحه
بِحَصَى المَعْزاءِ مَكْلولُ
( * قوله « وفرحه إلخ » هكذا في الأصل )
والكُلَّة الصَّوْقَعة وهي صُوفة حمراء في رأْس الهَوْدَج وجاء في الحديث نَهَى عن
تَقْصِيص القُبور وتَكْلِيلها قيل التّكْلِيل رفعُها تبنى مثل الكِلَل وهي الصَّوامع
والقِباب التي تبنى على القبور وقيل هو ضَرْب الكِلَّة عليها وهي سِتْر مربَّع
يضرَب على القبور وقال أَبو
عبيد الكِلَّة من السُّتور ما خِيطَ فصار كالبيت وأَنشد
( * لبيد في معلقته )
من كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
والكِلَّة السِّتر الرقيق يُخاط كالبيت يُتَوَقّى فيه من البَقِّ وفي المحكم
الكِلَّة السِّتر الرقيق قال والكِلَّة غشاءٌ من ثوب رقيق يُتوقَّى به من البَعُوض
والإِكْلِيل شبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر والجمع أَكالِيل على القياس ويسمى التاج
إِكْلِيلاً وكَلَّله أَي أَلبسه الإِكْلِيل فأَما قوله
( * البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة ) أَنشده ابن جني قد دَنا
الفِصْحُ فالْوَلائدُ يَنْظِمْ نَ سِراعاً أَكِلَّةَ المَرْجانِ فهذا جمع إِكْلِيل
فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت فصارت إِلى كَلِيلٍ كَدَلِيلٍ فجمع على
أَكِلَّة كأَدِلَّة وفي حديث عائشة رضي الله عنها دخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه هي جمع إِكْلِيل قال وهو شبه عِصابة مزيَّنة
بالجَوْهَر فجعلتْ لوجهه الكريم صلى الله عليه وسلم أَكالِيلَ على جهة الاستعارة
قال وقيل أَرادتْ نواحي وجهه وما أَحاط به إِلى الجَبِين من التَّكَلُّل وهو
الإِحاطة ولأَنَّ الإِكْلِيل يجعل كالحَلْقة ويوضع هنالك على أَعلى الرأْس وفي
حديث الاستسقاء فنظرت إِلى المدينة وإِنها لفي مثْل الإِكْليل يريد أَن الغَيْم
تَقَشَّع عنها واستدار بآفاقها والإِكْلِيل منزِل من منازل القمر وهو أَربعة
أَنجُم مصطفَّة قال الأَزهري الإِكْلِيل رأْس بُرْج العقرب ورقيبُ الثُّرَيَّا من
الأَنْواء هو الإِكْلِيل لأَنه يطلُع بِغُيُوبها والإِكْلِيل ما أَحاط بالظُّفُر
من اللحم وتَكَلَّله الشيءُ أَحاط به وروضة مُكَلَّلة محفوفة بالنَّوْر وغمام
مُكَلَّل محفوف بقِطَع من السحاب كأَنه مُكَلَّل بهنَّ وانْكَلَّ الرجلُ ضحك
وانكلَّت المرأَة فهي تَنْكَلُّ انْكِلالاً إِذا ما تبسَّمت وأَنشد ابن بري لعمر
بن أَبي ربيعة وتَنْكَلُّ عن عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه له أُشُرٌ كالأُقْحُوان
المُنَوِّر وانْكَلَّ الرجل انْكِلالاً تبسَّم قال الأَعشى ويَنْكَلُّ عن غُرٍّ
عِذابٍ كأَنها جَنى أُقْحُوان نَبْتُه مُتَناعِم يقال كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ
كل ذلك تبدو منه الأَسنان وانْكِلال الغَيْم بالبَرْق هو قدر ما يُرِيك سواد الغيم
من بياضه وانْكَلَّ السحاب بالبرق إِذا ما تبسَّم بالبرق والإِكْلِيل السحابُ الذي
تراه كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه وسحاب مُكَلَّل أَي ملمَّع بالبرق ويقال هو الذي
حوله قِطع من السحاب واكْتَلَّ الغمامُ بالبرق أَي لمع وانكَلَّ السحاب عن البرق
واكْتَلَّ تبسم الأَخيرة عن ابن الأَعرابي وأَنشد عَرَضْنا فقُلْنا إِيهِ سِلْم
فسَلَّمتْ كما اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ وقول أَبي ذؤيب تَكَلَّل في
الغِماد فأَرْضِ ليلى ثلاثاً ما أَبين له انْفِراجَا قيل تَكَلَّل تبسم بالبرق
وقيل تنطَّق واستدار وانكلَّ البرقُ نفسه لمع لمعاً خفيفاً أَبو عبيد عن أَبي عمرو
الغمام المُكَلَّل هو السحابة يكون حولها قِطَع من السحاب فهي مكَلَّلة بهنَّ
وأَنشد غيره لامرئ القيس أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه كَلَمْع اليَدَيْن
في حَبيٍّ مُكَلَّلِ وإِكْلِيل المَلِك نبت يُتداوَى به والكَلْكَل والكَلْكال
الصدر من كل شيء وقيل هو ما بين التَّرْقُوَتَيْن وقيل هو باطن الزَّوْرِ قال
أَقول إِذْ خَرَّتْ على الكَلْكَالِ قال الجوهري وربما جاء في ضرورة الشعر مشدداً
وقال منظور بن مرثد الأَسدي كأَنَّ مَهْواها على الكَلْكَلِّ موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ
يُصَلِّي قال ابن بري وصوابه موقِعُ كفَّيْ راهب لأَن بعد قوله على الكَلْكَلِّ
ومَوْقِفاً من ثَفِناتٍ زُلِّ قال والمعروف الكَلْكَل وإِنما جاء الكَلْكَال في
الشعر ضرورة في قول الراجز قلتُ وقد خرَّت على الكَلْكَالِ يا ناقَتي ما جُلْتِ من
مَجَالِ
( * في الصفحة السابقة اقول إذ خَرَّت إلخ )
والكَلْكَل من الفرس ما بين مَحْزِمه إِلى ما مسَّ الأَرض منه إِذا رَبَضَ وقد
يستعار الكَلْكَل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة لَيْل فقلتُ له لمَّا
تَمَطَّى بِجَوْزِه وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل
( * في المعلقة بصُلبِه بدل بجوزه )
وقالت أَعرابية تَرْثي ابنها أَلْقَى عليه الدهرُ كَلْكَلَهُ مَنْ ذا يقومُ
بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ ؟ فجعلت للدهر كَلْكَلاً وقوله مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ
مع السُّرَى حتى ذَهَبْنَ كَلاكلاً وصُدوراً وضع الأَسماء موضع الظروف كقوله ذهبن
قُدُماً وأُخُراً ورجل كُلْكُلٌ ضَرْبٌ وقيل الكُلْكُل والكُلاكِل بالضم القصير
الغليظ الشديد والأُنثى كُلْكُلة وكُلاكلة والكَلاكِل الجماعات كالكَراكِر وأَنشد
قول العجاج حتى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا الفراء الكُلَّة التأْخير والكَلَّة
الشَّفْرة الكالَّة والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل ويقال ذئب مُكِلّ قد وضع كَلَّهُ
على الناس وذِئب كَلِيل لا يَعْدُو على أَحد وفي حديث عثمان أَنه دُخِل عليه فقيل
له أَبِأَمْرك هذا ؟ فقال كُلُّ ذلك أَي بعضه عن أَمري وبعضه بغير أَمري قال ابن
الأَثير موضع كل الإِحاطة بالجميع وقد تستعمل في معنى البعض قال وعليه حُمِل قولُ
عثمان ومنه قول الراجز قالتْ له وقولُها مَرْعِيُّ إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه
الطَّرِيُّ وكُلُّ ذاك يَفْعَل الوَصِيُّ أَي قد يفعَل وقد لا يفعَل وقال ابن بري
وكَلاّ حرف رَدْع وزَجْر وقد تأْتي بمعنى لا كقول الجعديّ فقلْنا لهم خَلُّوا
النِّساءَ لأَهْلِها فقالوا لنا كَلاَّ فقلْنا لهم بَلى فكَلاَّ هنا بمعنى لا
بدليل قوله فقلنا لهم بلى وبَلى لا تأْتي إِلا بعد نفي ومثله قوله أَيضاً قُرَيْش
جِهازُ الناس حَيّاً ومَيِّتاً فمن قال كَلاَّ فالمُكذِّب أَكْذَبُ وعلى هذا يحمل
قوله تعالى فيقول رَبِّي أَهانَنِي كَلاَّ وفي الحديث تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل
فقال أَعرابي كَلاَّ يا رسول الله قال ابن الأَثير كَلاَّ رَدْع في الكلام وتنبيه
ومعناها انْتَهِ لا تفعل إِلا أَنها آكد في النفي والرَّدْع من لا لزيادة الكاف
وقد ترد بمعنى حَقّاً كقوله تعالى كَلاَّ لَئِن لم تَنْته لَنَسْفَعنْ بالناصية
والظُّلَل السَّحاب