" كَانُوا إِذَا جَعَلُوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلاًثُمَّ اشْتَوْوا كَنْعَداً مِنْ مَالِح جَدَفُوا ك و د
الكَوْدُ : المَنْعُ ومنه حديث عمرو بن العاص ولكنْ ما قَوْلُكَ في عُقُولٍ كَادَهَا خَالِقُهَا قال ثعلب أَي مَنَعَها . يقال كاَدَ زَيْدٌ يَفْعَل كذا . حكى أَبو الخَطّاب أَن ناساً من العرب يقولون كِيدَ زَيْدٌ يَفْعَل كذا وما زِيلَ يَفْعَل كذا يريدون كَادَ وزَالَ وقد رُوِيَ بَيْتُ أَبي خِرَاش :
وكِيدَ ضِيَاعُ القُفِّ يَأْكُلْنَ جُثَّتِي ... وكِيدَ خِرَاشٌ يَوْمَ ذلِكَ يَيْتَمُ
كَوْداً بالواو وكاداً بالأَلف وكِيداً بالياءِ ومَكَاداً ومَكَادَةً هكَذَا سَرَدَ ابنُ سِيده مصادِرَه أَي هَمَ وقَارَبَ ولمَ يَفْعَل وقال الليث : الكَْدُ مصدرُ كادَ يَكُودُ كَوْداً ومَكَاداً ومَكَادَةً وكِدْت أَفْعَل كذا أَي هَمَمْتُ ولغة بني عَدِيٍّ بالضَّمّ وحكاه سيبويه عن بعضِ العربِ . وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : كادَ يَكَادُ كَاداً وكَوْداً هم وأَكثرُ العَرَب على كِدْت أَي بالكسر ومنهم من يقول كُدْتُ أَي بالضمّ وأَجمعوا على يَكَادُ في المستقبل ونقل شيخنا عن تصريف الميدانيّ أَنه قد جاءَ فيه فَعُلَ أَي بالضم يَفْعَل بالفتح على لغة من قال كُدْتَ تَكادُ بضم الكاف في الماضي قال شيخُنا : وذكر غيرُه : وقالوا : هو مما شَذَّ في باب فَعُلَ بالضمّ فإِن مضارعه لا يكون إِلاّ يَفْعُلُ بالضمّ وقد سبق أَنه شَذَّ لَبَّ وما مَعَهُ وهذا مما زادوه كما في شروح اللامِيّة . وقال الزمخشريّ : قد حَوَّلُوا عند اتصال ضميرِ الفَاعِل فَعَل من الواو إِلى فَعُل ومن الياءِ إِلى فَعِل ثم نقلت الضمّة والكسرة إِلى الفاءِ فيقال قُلْت وقُلْن وبِعْث وبِعْنَ ولم يحوِّلوا في غير الضمير إِلاَّ ما جاءَ في قول ناسٍ من العرب كِيدَ يَفْعَل ومَا زِيلَ . قلت : وأَورد هذا البحثَ أَبو جعفرٍ اللّبْلِيّ في بُغْية الآمال وأَلْمَمنا ببعضه في التعريف بضروريّ اللغة والتصريف فراجعه . وفي اللسان : كاد وُضِعتء لمُقَارَبة الشيْءِ فُعِلَ أَو لم يَفْعَل مُجَرَّدَةً تُبْنىءُ عن نَفْيِ الفِعْلِ ومَقْرُونَةً بالجَحْدِ تُنْبِىءُ عن وقُوعهِ أَي الفعل وفي الإِتقان للسيوطيّ : كادَ فِعْلٌ ناقِصٌ أَتى منه الماضي والمضارع فقط له اسمٌ مَرفوع وخبرٌ مُضَارع مُجَرَّد من أَنْ ومعناها : قارَبَ فَنَفْيُهَا نَفْيٌ للمُقَارَبَة وإِثباتها إِثباتٌ للمُقَارَبة واشتره على أَلسنة كثيرٍ أَن نَفْيَها إِثباتٌ وإِثباتَها نَفْيٌ فقولك : كاد زيدٌ يَفْعَل معناه لم يَفْعَل بدليل " وإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ " . وما كاد يفعل معناه فَعَل بدليل " وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " أَخرجَ ابنُ أَبي حاتمٍ من طريق الضَّحَّاك عن ابنِ عبَّاس قال : كُلّ شيْءٍ في القرآن كادَ وأَكَادُ ويَكادُ فإِنه لا يكون أَبداً وقيل : إِنها تُفيد الدّلالة على وُقوعِ الفِعْل بِعُسْرٍ وقيل : نَفْيُ الماضي إِثباتٌ بدليل " ومَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " ونفى المضارع نَفيٌ بدليل لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا " مع أَنه لم يَرَ شيئاً . والصحيح الأَوّل أَنها كغيرها نَفْيها نَفيٌ وإِثباتُهَا إِثباتٌ فمعنى كادَ يَفعل : قارَبَ الفِعْل ولمْ يَفْعَل . وما كادَ يَفْعَل : ما قَارَب الفِعْل فَضْلاً عنْ أَنْ يَفْعَل : ما قَارَب الفِعْلِ لازِمٌ مِن نَفْيِ المُقَارَبَة عَقْلاً . وأَما آية " فَذَبَحُوهَا وضمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " فهو إِخبار عن حالهم في أَوّلِ مِن ذَبْحِهَا وإِثبات الفِعْل إِنما فُهِم من دَلِيل آخِرَ وهو قوله تعالى : " فَذَبَحُوهَا " وأَما قوله " لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِم " من أَنّه صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّمَ لم يَرْكَنْ لاَ قَليلاً ولا كثيراً فإِنه مَفهومٌ مِن جِهَةِ أَنّ لَوْلاَ الا متناعِيَّةَ تقتضِي ذلك انتهى . وفي اللسان : وقال أَبو بكر في قولهم : قَدْ كَادَ فُلاَنٌ يَهْلِك : معناه : قد قَارَبَ الهَلاَكَ ولم يَهْلِك : فإِذا قُلتَ ما كَادَ فُلانٌ يَقُوم فمعناه : قامَ بعد إِبطاءِ وكذلك كاد يَقوم معناه قاربَ القِيَامَ ولم يَقُمْ . قال : وهذا وَجْهُ الكلام ثم قال : وقَد تَكون كاد صِلَةً للكلامِ أَجاز ذلك الأَخْفَشُ وقُطْرُبٌ وأَبو حاتمٍ واحتجّ قُطربٌ بقولِ زيدِ الخَيْلِ :
سَرِيعٍ إِلى الهَيْجَاءِ شَاكٍ سِلاحُهُ ... فَما إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ معناهُ ما يَتَنَفَّسُ قِرْنُه . وقال حَسَّان :
وَتَكَادُ تَكْسَلُ أَنْ تَجِيءَ فِرَاشَهَا ... فِي لِينِ خَرْعَبَةٍ وحُسْنِ قَوَامِمعناه وتضكسل ومنه قوله تعالى : " لَمْ يَكَدء يَرَاهَا " أَي لمْ يَرَهَا ولم يقارب ذلك وقال بعضُهم : رَآهَا مِن بَعْدِ أَن لم يَكَدْ يَراهَا مِن شِدَّةِ الظُّلْمَة . فاتَّضَح بذلك أَن قولَ شيخِنَا : كَوْن كاد صِلَةً للكلام لا قائلَ به إِلا ما وَرَد عن ضَعَفَةِ المُفسِّرين تَحَامُلٌ على المُصنِّف وقُصًورٌ لا يَخْفَى . وقال الأَخْفَشُ في قوله تعالى " لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا " حَمْلٌ على المَعنَى وذلك أَنه لا يراها وذلك أَنك إِذا قلت كاد يَفْعَل إِنما تَعنِي قَارَب الفِعْل على صِحَّةِ الكَلاَمِ وهكذا معنى هذه الآية إِلاّ أَنّ اللغة قد أَجازَتء : لم يَكَدْ يَفْعَل وقد فعَل بَعْدَ شِدَّة وليس هذا صِحَّةَ الكلامِ لأَنه إِذا قال : كادَ يَفْعَل فإِنما يعنِي قارَبَ الفِعْل وإِذا قال لم يَكد يَفْعَل يقول : لم يُقَارِب الفِعْلَ إِلاَّ أَن اللُّغَة جاءَت على ما فُسِّرَ . وقال الفَرَّاءُ : كُلَّمَا أَخْرَجَ يَدَه لمْ يَكد يَرَاهَا مِن شِدَّة الظُّلمَةِ لأَن أَقَلَّ مِن هذه الظُّلمةِ لا تُرَى اليَدُ فيه وأَما لم يَكَد يَقُوم فقَدْ قَام هذا أَكْثَر اللُّغَة . قد يكون كاد بمعنى أَرادَ ومنه قوله تَعالى " كذلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ " وقوله تعالى : " أَكَادُ أُخْفِيهَا " أَي أَردنا وأُرِيدُ وأَنشد أَبو بَكْرٍ للأَفْوَه :
فِإِنْ تَجَمَّعَ أَوْتَادٌ وأَعْمِدَةٌ ... وسَاكِنٌ بَلَغُوا الأَمْرَ الذي كَادُوا أَراد : الّي أَرادوا وأَنشد الأَخفشُ :
كَادَتْ وكِدْتُ وتِلْكَ خَيْرُ إِِرَادَةٍ ... لَوْ كَانَ مِنْ الصَّبَابَةِ مَامَضَى قال : معناه أَرادَتْ وأَردْت وقال الأَخفش في تفسير الآية : مَعناه : أُخْفِيهَا . وفي تَذكرةِ أَبي عَلِيٍّ أَن بعضَ أَهلِ التأْوِيل قالوا : " أَكادُ أُخفيها مَعْنَاه : أُظهِرُها قال شَيْخُنَا : والأَكثر على بقائها على أَصْلِها كما في البحْر والنَّهْرِ وإِعرَابِ أَبي البقاءِ والسَّفاقِسيّ فلا حاجةَ إِلى الخُروج عن الظاهر والله أَعلمِ قال السيوطيّ : وعكسه كقوله . تعالى : " يُرِيدُ أَنْ يَنْقُضَّ " أَي يكاد قلت : وفي اللسان : قال بعضهم في قوله تعالى : " أَكاد أُخْفِيهَا : أُريد أُخفيها فكما جاز أَن تُوضَع أُريد مَوْضِعَ أَكاد في قوله " جِدَاراً يُرِيد أَنْ يَنْقَضَّ " فكذلك أَكادُ فتأَمَّلْ . وقال ابنُ العَوَّام : كاد زَيْدق أَن يَمُوتَ . وأَن لا تَدخل مَع كادَ ولا مع ما تَصرّف مِنها قال الله تعالى " وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي " وكذلك جميع ما في القُرآن قال : وقد يَدْخِلون عليها أَنْ تَشْبِيهاً بِعَسَى قال رؤبة :
" قَدْ كَادَ مِنْ طُولِ البِلَى أَنْ يَمْصَحَا من ذلك قولهم : عَرَفَ فلان ما يُكَادُ مِنْه أَي ما يُرَادُ وفي حديث عَمْرِو بن العاصِ : مَا قَوْلُك في عُقُولٍ كَادَهَا خَلِقُها وفي رواية تِلْكَ عُقولٌ كادَهَا بَارِئُها أَي أَرادَها بِسُوءٍ . قال الليث : الكَوْدُ مصْدر كادَ يَكُود كَوْداً ومَكَاداً ومَكَادَةً تقول لِمَن يَطلُب إِليك شيئاً ولا تُريد أَن تُعْطِيَه تقول : لا ولاَ مَهَمَّةَ ولا مَكادَةَ . ولا كَوْداً ولا هَمًّا ولا مَكَاداً ولا مَهَمَّا أَي لا أَهُمُّ ولا أَكادُ . ويَكُودُ على صِغة المضارع : عن الصاغانيّ ولم أَجده في معجم ياقوتٍ مع استيعابه . وهو يَكُودُ بِنفْسِه كَوْداً عن الصاغانيّ لُغَة في تَكِيد كَيْداً أَي يَجُود بها ويسوق وذكره غالبُ اللغويين في الياءِ وسيأْتي . وأَكْوَأَدَّ الفَرْخُ والشَّيْخُ : شَاخَ وارْتَعَشَ كاكْوَهَدَّ . والكَوْدَةُ : كلّ ما جَمَعْتَ من تُرَابٍ وطعام ونَحْوِه وجَعَلْتَه كُثَباً أَكْوَادٌ . وكَوَّدَه أَي الترابَ : جَمَعَه جعَله كُثْبَةً واحِدةً يمانية . وكُوَادٌ وكُوَيْدٌ كغُرَابٍ وزُبَيْرٍ : اسمانِ
الوُدُّ والوِدَادُ : الحُبُّ والصَّدَاقة ثم استُعِير للتَّمَنِّي وقال ابنُ سِيدَه : الوُدُّ : الحُبُّ يكون في جَمِيعِ مَدَاخِل الخَيْرِ عن أَبي زَيْد ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ وهو الأَمْنِيَّة قال الفَرَّاءُ : هذا أَفْضَلُ الكلامِ وقال بعضهم : وَدَدْتُ ويَفْعَلُ منه يَوَدُّ لا غَيْرُ ذكَر هذا في قوله " يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ " أَي يَتَمَنَّى . وفي المفردات : الوُدُّ : مَحَبَّةُ الشّيءِ وتَمَنِّي كَوْنِه ويُسْتَعْمَل في كُلِّ واحِدٍ من المَعْنيينِ . وعَدَمُ تَعْرِيجِ المُصَنِّف عليه مع ذِكْره في الدَّوَاوِين المَشْهُورةِ غَرِيبٌ ويُثَلَّثَانِ ذَكَرَه ابنُ السيد في المُثلّث والقزَّازُ في الجامع وابنُ مالِكٍ وغيرُ واحد كالَودَادَةِ بالفتح كما يقتضيه الإِطلاق وظاهِره أَنه مَصْدَر وَدَّه إِذا أَحَبَّه لأَنَّه لم يَذْكُرْ غير هذا المعنى وظاهر الصحاح أَنه مصدر وَدَّ أَن يفْعَلَ كذا إِذا تَمَنَّاه لأَنه إِنما ذَكَرَه في مَصادِرِه كالفيوميّ في المصباح وكلام غيرِهم في أَنه يقال بالمعنيينِ وهو ظاهر ابن السيد وغيرِه والفَتْح كما قاله هؤلاءِ هو الأَكثرُ وهو الذي صَرَّح به أَبو زيدٍ في نَوَادِرِه ونقل غيرُهُم الكَسْرَ وقالُوا : إِنّه يقال : وِدَادَةٌ أَيضاً بكسر الواو كما صرَّح به ابنُ السيد في المثلّث وحكى غيرُهم فيه . الضَّمَّ أَيضاً فيكون مُثَلَّثاً كالودِّ الودادِ قاله شيخُنَا . قلت : وفي الأَفعال لابنِ القطّاع : وَدِدْتُ الشيءَ وُدًّا ووَدًّا : أَحبَبْتُه ولو فَعل الشيءَ ودَادَةً أَي تَمنَّيْتُه هذا كلامُ العَرب ووَادَّ فُلانٌ فُلاناً وِدَاداً ووِدَادَةً ووَدَادَةً فِعْلُ الاثنينِ . فظهرَ منه أَن الوِدَاد بالكسر والوَدَادَةَ والوِدَادة بالفتح والكسر مصدرُ وَادَّه أَي باب المُفاعَلة أَيضاً فليُنظَرْ . والمَوَدَّةِ بالفتح كما يقتضيه الإِطلاق وفي بعض النُّسخ بالكسر فيكون من أَسماءِ الآلاتِ فاستعمالُه في المصادِر شَاذٌّ وفي بعضِهَا بِكَسْر الواو كمَظِنَّة وهو في الظُّرُوفِ أَعْرفُ منه في المصادِرَ والمَوْدَدَةِ بفكّ الإِدغام بكسر الدال وبفتحها وحكاه ابنُ سِيده والقَزّازُ في معنى الودّ وأَنشد الفَرّاءُ :
إِنَّ بَنِيَّ لِلَئامٌ زَهَدَهْ ... لاَيَجِدُونَ لِصَدِيقٍ مَوْدَدَهْ قال القَزَّاز : وهذا من ضَرُورَةِ الشَّعْرِ ليس ممَّا يَجوزُ في الكلام وقال العَلاَّمَة عبد الدائم القَيروانيُّ بِسَنده إِلى المُطرّز : وَدِدْتُه مَوْدِدَةً بكسر الدالِ هو أَحد ما جاءَ على مِثَال فَعِلْتُه مَفْعِلَة قال : ولم يأْت على هذا المِثَال إِلاَّ هذَا وقولُهم حَمِيتُ عليه مَحْمِيَةً أَي غَضِبْتُ عليه . كذا نقلَه شيخُنا وقال : ففيها شُذوذٌ من وَجْهَيْنِ : الكَسْر في المَفْعلة والفَكّ وهو من الضرائرِ ولايَجوزُ في النَّثْرِ والسَّعَةِ كما نَصُّوا عليه . والمَوْدُودَةِ هكذا في النُّسخة الموثوق بها وقد سَقطَتْ في بعضِها ولم يتعرَّض لها أَئمَّةُ الغرِيبِ . حكَى الزَّجَّاجيُّ عن الكسائيّ : وَدَدْتُه بالفتح . وقال الجوهَرِيُّ : تقولَ وَدِدْتُ لو تَفْعَل ذلك ووَدِدْتُ لو أَنَّك تَفْعَل ذلك أَوَدُّ وُدًّا ووَدًّا ووَدَادَةً ووِدَاداً تَمنَّيْتُ قال الشاعرُ :
وَدِدْتُ وِدَادَةً لَوْ أَنَّ حَظِّي ... مِنَ الخُلاَّنِ أَنْ لاَ يَصْرِمُونِيووَدِدْتُه أَي بالكسر أَوَدُّه أَي بالفتح في المضارع فيهما أَمَّا في المَكْسُور فعلى القِيَاس وأَما في المفتوح فعَلَى خِلاَفَهِ حكاه الكسائيُّ إِذ لا يُفْتَح إِلاَّ الحَلْقِيُّ العِينِ أَو اللامِ وكِلاهما مُنْتَفٍ هُنا فلا وَجْهَ للفتْحِ وهكذا في المصباح قال أَبو منصور : وأَنكَر البَصرِيُّون وَدَدْتُ قال : وهو لَحْنٌ عندهم وقال الزَّجَّاج : قدعَلِمْنَا أَنّ الكسائيَّ لم يَحْكِ وَدَدْتُ إِلاَّ وقد سَمِعَه ولكنّه سَمِعَه ممن لا يَكُونُ حُجَّةً قال شيخُنَا : وأَوْرَدَ المعنيينِ في الفصيحِ على أَنهما أَصْلاَنِ حَقِيقَةً وأَقَرَّه على ذلك شُرَّاحُه وقال اليَزيديُّ في نَوادره : وليس في شَيْءٍ من العَربيّة وَدَْتُ مفتوحةً وقال الزمخشريُّ : قال الكسائيُّ وَحْدَه : وَدِدْتُ الرجُلَ إِذا أَحْبَبْتَه ووَدَدْتُه ولم يَرْوِ الفتحَ غيرُه . قلْت : ونقلَ الفَتْحَ أَيضاً أَبو جَعْفَر اللّبليّ في شرح الفصيح والقَزّاز في الجامع والصاغانيّ في التّكْملة كلهم عن الفَرَّاءِ . والوُدُّ أَيضاً : المُحِبُّ ويثَلَّثُ الفتحُ عن ابن جِنِّي يقال رَجُلٌ وُدٌّ ووَدٌّ ووِدٌّ وفي حديث ابنِ عُمَرَ أَنّ أَبَا هذَا كَانَ وَدًّا لِعُمَر قال ابنُ الأَثير هو عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُه كانَ ذا وُدٍّ لِعُمَرَ أَي صَدِيقاً وإِن كانَت الواو مكسورةً فلا يُحْتَاج إِلى حَذْفٍ فإِن الوِدَّ بالكسرِ : الصدِيقُ كالوَدِيدِ فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ وفلانٌ وُدُّك ووَدِيدُكَ . الوُدُّ بالضمّ أَيضاً : الرجلُ : الكَثِيرُ الحُبِّ قال شيخُنَا : وهذا لا يُنَافِي الأَوَّل بل هو كمُرَادِفِه كالوَدُودِ قال ابنُ الأَثير : والوَدُودُ في أَسماءِ الله تَعالَى فعَعُولٌ بمعنَى مَفْعُولٍ من الوُدذِ : المَحَبَّةِ يقال وَدِدْتُ الرجُلَ إِذا أَحْبَبْتَه فالله تعالَى مَوْدُودٌ أَي مَحْبُوبٌ في قُلُوبِ أَوْلِيَائِه أَو هو فَعُولٌ بمعنى فاعِلٍ أَي يُحِبُّ عِبَادَه الصالحينَ بمعنى يَرْضَى عنهم . والمِوَدِّ ضُبِط بالكسر كاسم الآلة وبالفَتْح كاسْمِ المَصْدَر قال شيخُنَا وكلاهما يَحْتَاجُ إِلى تَاْوِيل : وفي اللسان : يقال رَجُلٌ وُدٌّ ومِوَدٌّ وودُودٌ والأُنثَى وَدُودٌ أَيضاً والوَدُودُ : المُحِبُّ . الوُدُّ بالضمّ أَيضاً : المَحِبُّونَ يقال : قَومٌ وُدٌّ فهو مَصدرٌ يُرادُ به الجَمْع كما يُرَادُ به المَفْرَد كالأَوِدَّةِ جمع وَدِيدٍ كالأَعِزَّةِ جَمع عَزِيزٍ والأَوِدَّاءِ كذلك جَمْعُ وَدِيدٍ كالأحِبَّاءِ جمع حَبِيبٍ والأَوْدَادِن بدَالَيْنِ جمع وِدٍّ بالكسر كحِبٍّ وأَحْبَابٍ والوَدِيدِ هكذا في سائر النُّسخ واستعمالُه في الجَمْعِ غيرُ معروفٍ وأَنكرَه شيخُنَا كذلك وقال : فَيَحْتَاج إِلى ثَبتٍ . قلْت : والذي في اللسان وغيرِه من دواوين اللُّغَةِ المَوْثُوقِ بها وِدَادق بالكسر قَوْمٌ وُدٌّ ووِدَادٌ وأَوِدَّاءُ فهو كجُلٍّ وجِلاَلٍ وأَما الوَدِيدُ فلم يَذْكُره أَحَدٌ ولعلَّه سَبْقُ قَلَمٍ من الكاتِب والأَوًدِّ بكسر الواو وضَمِّها معاً أَي مع فتح الهمزة كقُفْلٍ وأَقْفَلٍ وقيل ذِئْبٌ وأَذْؤُبٍ قال النابغة :
إِنّي كَأَنِّي أَرَى النُّعْمَانَ خَبَّرَهُ ... بعْضُ الأَوْدِّ حَدِيثاً غَيْرَ مَكْذُوبِقال أَبو منصور : وذهبَ أَبو عُثْمَانَ إِلى أَن أَوُدًّا جَمْعٌ دَلَّ على واحِدِه أَي أَنه لا وَاحِدَ له قال ورواه بعضَهم : بَعْضُ الأَوَدِّ بفتح الواو يريد : الذي هو أَشَدُّ وُدًّا قال أَبو عَلِيٍّ : أَراد الأَوَدِّينَ : الجَمَاعَةَ . وبقي على المصنف : وُدَدَاءُ كعُلَمَاءَ قال الجوهريُّ : رِجَالٌ وُدَدَاءُ يَسْتَوِي فيه المُذكَّر والمُؤَنّث الكونِه وَصْفاً داخِلاً على وَصْفِ المُبَالَغَةِ وقال القَزَّازُ : ورجُلٌ وَادٌّ وقومٌ وِدَادٌ . ووُدٌّ بالفتح : صَنَمٌ ويُضَمُّ كان لِقَوْمِ نُوحٍ ثم صارَ لِكَلْبٍ وكان بِدُومَةِ الجَنْدَلِ وكان لِقُرَيْشٍ صَنَمٌ يَدْعُونه وُدًّا ومنهم من يهمز فيقول أُدٌّ ومنه سُمِّيَ : عَبْدُ وُدٍّ ومنه سُمِّيَ أُدُّ بنُ طابِخَةَ . وأُدَدُ جَدُّ مَعَدِّ بن عَدْنَانَ وقال الفَرَّاءُ : قَرَأَ أَهْلُ المَدِينَة : " وَلاَتَذَرُنَّ وُدًّا " بضمّ الواو قال أَبو منصور : وأَكثَرُ القُرَّاءِ قَرَءُوا وَدًّا بالفتح منهم أَبو عمرٍو وابنُ كَثِير وابنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكسائيُّ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ وقرأَ نافِعٌ وُدًّا بضمّ الواو وفي المحكم ووَدٌّ ووُدٌّ : صَنَمٌ وحَكَاهُ ابنُ دُرَيْدٍ مفتوحاً لا غيرُ وقالوا عبْدُ وُدٍّ يَعْنُونَه به وفي التهذيب : الوَدُّ بالفتح : الصَّنَمُ وأَنْشَدَ :
بِوَدِّكِ ما قَوْمِي عَلَى مَا تَرَكْتِهُم ... سُلَيْمَى إِذَا هَبَّتْ شَمَالٌ ورِيحُها أَرَادَ : بِحَقِّ صَنَمِكِ عليك . ومن ضَمَّ أَراد : بِالمَوَدَّةِ بيني وبينك . والوَدُّ : الوَتِدُ بلُغَة تَمِيم فإِذا زَادُوا الياءَ قالوا وَتِيدٌ قال ابنُ سِيدَه : زَعَمَ ابنُ دُريدٍ أَنها لُغَة تَميمِيَّة قال : لا أَدْرِي هل أَراد أَنه لا يُغَيِّرُها هذا التَّغْيِيرَ إِلاَّ بَنُوا تَمِيم أَم هي لُغَةٌ لِتَمِيم غيرُ مُغَيَّرَةٍ عن وَتِدٍ . وفي الصّحاح : الوَدُّ بالفتح : الوَتِدُ في لغةِ أَهْل نَجْدٍ كأَنهم سَكَّنُوا التَّاءَ فأَدْغَمُوهَا في الدّال . الوَدّ : اسم جَبَلٍ وبه فسر قَول امريءِ القَيْس :
تُظْهِرُ الوَدَّ إِذَا مَا أَشْجَذَتْ ... وَتُوَارِيهِ إِذَا مَا تَعْتَكِرْ قال ابنُ دُرَيْد : هو اسمُ جَبَلٍ وقال ياقوت : قُرْبَ جُفَافِ الثَّغْلَبِيَّة . ووَدَّانُ بالفتح كأَنَّه فَعْلاَن من الودّ : جامِعَةٌ قُرْبَ الأَبْوَاءِ الجُحْفَة من نواحِي الفُرْعِ بينها وبين هَرْشَى ستَّةُ أَمْيَالٍ وبينها وبين الأَبواءِ نَحْوٌ من ثمانيةِ أَميالٍ وهي لضَمْرَةَ وغِفَارٍ وكِنَانَةَ وقد أَكثرَ نُصَيْبٌ مِن ذِكْرِهَا في شعرِه فقال :
أَقُولُ لِرَكْبٍ قَافِلِينَ عَشِيَّةً ... قَفَا ذَاتِ أَوْشَالٍ ومَوْلاَكَ قَارِبُ
قِفُوا أَخْبِرُونِي عَنْ سُلَيْمَانَ إِنَّنِي ... لِمَعْرُوفِهِ مِنْ آلِ وَدَّانَ رَاغِبُ
" فَعَاجُوا فَأَثْنَوْا بِالَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُوَلَوْ سَكَتُوا أَثْنَتْ عَلَيْكَ الحَقَائِبُ قال ياقوت : قَرَاْتُ بخطّ كُرَاع الهُنَائِيّ على ظَهْرِ كِتَابِ المُنَضَّد من تَصْنِيفه : قال بعضُهم : خَرجْتُ حاجًّا فلمَّا صِرْتُ بِوَدَّانَ أَنْشَدْتُ :
" أَيَا صَاحِبَ الخَيْمَات مِنْ بَعْدِ أَرْثَدإِلى النَّخْلِ مِنْ وَدَّانَ مَا فَعَلَتْ نُعْمُفقال لي رجُلٌ من أَهْلِها : انْظُر هل تَرَى نَخْلاً ؟ فقلت : لا فقال : هذا خَطَأٌ وإِنما هو النَّخْلُ ونَحْلُ الوَادِي : جانِبُه . سَكَنَهَا الصَّعْبُ بن جَثَّامَةَ ابن قَيْس بن عبد الله بن وَهْب بن يَعْمُر بن عَوف بن كَعْب بن عامر بن لَيْث بن بَكْرٍ اللَّيْثِّي الوَدَّانِيُّ كانَ يَنزِلُهَا فنُسِبَ إِلَيْهَا هاجَرَ إِلى النبيِّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّمَ حَدِيثُه في أَهلِ الحِجَاز روى عنهُ عبدُ الله بن عبّاس وشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ الخَضْرَمِيّ ومات في خِلافة أَبي بكرٍ رضي الله عنهما . قال البَكريّ : وَدَّانُ : بإِفْرِيقِيَّةَ في جَنُوبِيّها بينها وبين زويلَةَ عَشْرَةُ أَيام من جِهَة إِفْرِيقِيَّة ولها قَلْعَةٌ حَصِينةٌ وللمدِينةِ دُرُوبٌ وهي مَدِينَتَانِ فيهما قبِلَتَانِ من العَرَب سَهْمِيُّونَ وحَضْرَمِيُّونَ وبابهما واحدٌ وبين القَبِيلَتَيْنِ تَنَازُعٌ وتَنَافُسٌ يُؤَدِّي بهم ذلك إِلى الحَرْبِ مِراراً وعندَهُم فُقَهَاءُ وأُدَبَاءُ وشُعَرَاءُ وأَكثَرُ مَعيشتهم من التَّمْر ولهم زَرْعٌ يَسيرٌ يَسْقُونَهُ بالنَّضْجِ افتتحها عُقْبَةُ بنُ عامِرٍ في سنة سِتٍّ وأَرْبعينَ أَيَّام مُعَاوِيَة منها أَبو الحَسَن عَلِيُّ بن إِسحاقَ بن الوَدّانيّ الأَدِيبُ الشاعِرُ صاحِبُ الدّيوان بصِقِلّيَةَ له أَدَبٌ وشِعْر ذكره ابنُ القطاع وأَنشدَ له :
مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي النَّهَارَ بِلَيْلَةٍ ... لاَ فَرْقَ بَيْنَ نُجُومِهَا وَصِحَابِي
" دَارَتْ عَلَى فَلَكِ السَّمَاءِ ونَحْنُ قَدْ دُرْنَا عَلَى فَلَكٍ مِنَ الآدَابِ
وأَتَى الصَّبَاحُ ولا أَتَى وكَأَنَّهُ ... شَيْبٌ أَظَلَّ عَلَى سَوَادِ شَبَابِ وَدَّان أَيضاً : جَبَلٌ طويلٌ قُرْبَ فَيْدٍ بينها وبين الجَبَلَيْنِ وَدّان أَيضاً : رُسْتَاقٌ بِنَوَاحِي سَمَرْقَنْدَ لم يَذْكُره ياقوت وذكره الصاغانيُّ . والوَدَّاءُ بتشديدِ الدالِ مَمْدوداً قال ياقوت : يجوز أَن يكونَ تَوَدَّأَتْ علَيْه الأَرْضُ فهي مُوَدَّأَةٌ إِذَا غَيَّبَتْه كما قيل أَحْصَن فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَب فهو مُسْهَبٌ وأَفْلَجَ فهو مُفْلجٌ وليس في الكلام مثلُه يعني أَنَّ اللازم لا يُبْنَى منه اسمُ مَفْعولٍ . وبُرْقَةُ وَدَّاءَ كذا بَطْنُ الوُدَدَاءِ كأَنَّه جَمْعُ وَدُودٍ ويُروَى بفتح الواو مَواضِعُ . وتَوَدَّدَه : اجْتَلَبَ وُدَّهُ عن ابنِ الأَعرابيّ وأَنشد :
أَقُولُ تَوَدَّدْنِي إِذَا مَا لَقِيتَنِي ... بِرِفْقٍ ومَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَاصِعِ تَوَدَّدَ إِليه : تَحَبَّبَ . والتَّوَادُّ التَّحَابُّ تَفَاعُلٌ مِن الوِدادِ وقَعَ فيه إِدْغامُ المِثْلَيْنِ وهما يَتَوَادَّانِ أَي يَتَحَابَّانِ . تَوَدُّدُ ومَوَدَّةُ امرَأَةٌ عن ابنِ الأَعرابيّ وأَنشد :
" مَوَدَّةُ تَهْوَى عُمْرَ شَيْخٍ يَسْرُّهُلَهَا المَوْتُ قَبْلَ اللَّيْلِ لَوْ أَنَّها تَدْرِي
" يَخَافُ عَلَيْهَا جَفْوَةَ النَّاسِ بَعْدَهُوَلاَ خَتَنٌ يُرْجَى أَوَدُّ مِنَ القَبْرِ قيل إِنها سُمِّيَت بِالمَوَدَّةِ التي هي المَحَبَّة . عن ابن الأَعْرَابيّ المَوَدَّةُ : الكِتَابُ وبه فُسِّر قوله تَعَالى " تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ " أَي بالكُتُبِ وهو من غرائب التفسير . ومما يستدرك عليه : قولهم بِودِّي أَن يكون كذا وأَما قول الشاعر :
أَيُّها العَائِدُ المُسَائِلُ عَنَّا ... وَبِودِّيك لَوْ تَرَى أَكْفَانِي فإِنما أَشْبَعَ كسْرةَ الدَالِ لِيسْتقيمَ له البَيْتُ فصارَتْ يَاءً كذا في الصّحاح . وفي شِفَاءِ الغَلِيل أَنه استُعمِل للتَّمنِّي قديماً وحديثاً لأَن المرءَ لا يَتَمَنَّى إِلاَّ مَا يُحِبُّه وَيَوَدُّه . فاستُعْمِل في لازِم مَعنَاه مَجَازاً أَو كِنَايَةً قال النَّطَّاحُ :
" بِودِّيَ لَوْ خَاطُوا عَلَيْكَ جُلُودَهُمْولا تَدْفَعُ المَوْتَ النُّفُوسُ الشَّحَائِحُ وقال آخر :
" بِودِّيَ لَوْ يَهْوَى العَذُولُ ويَعْشَقُ فَيَعْلَمَ أَسْبَابَ الرَّدَى كَيْفَ تَعْلَقُوفي حديث الحَسَن فإِن وَافَقَ قَوْلٌ عَمَلاً فآخِهِ وأَوْدِدْهُ أَي أَحْبِبْهُ وصَادِقْه . فأَظْهَرَ الإِدْغَامَ للأَمْرِ على لُغَةِ الحِجَاز وأَمّا قولُ الشَّاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعْرَابيّ :
وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ خَيْفَانَةً ... حَمُومَ الجِرَاءِ وَقَاحاً وَدُودَا قال ابنُ سيدَه : معنى قولِه وَدُودَا أَنهَا باذِلَةٌ ما عِنْدَهَا من الجَرْي لايَصِحُّ قولُه وَدوداً إِلاَّ على ذلك لأَن الخَيْلَ بَهائمُ والبهائِمُ لاوُدَّ لها في غَيْرِ نَوْعِهَا