أَلَكَ الفَرَسُ اللِّجامَ بفِيهِ يَأْلُكُه أَلْكًا : مثل علَكَه عن ابنِ سِيدَه وقالَ اللَّيث : قولُهم : الفَرَسُ يَأْلُكُ اللُّجُمَ والمعروفُ يَلُوكُ أَو يَعْلُك أي : يَمْضُغِ . قال : ومنه الأَلُوكَةُ والمَألُكة بضمّ اللاّم وتُفْتَحُ اللاّمُ أيضاً والأَلُوكُ والمَأْلُكُ بضم اللاّمِ قال سِيبَوَيْه : ليس في الكَلامِ مَفْعُل . وقال كُراع : لا مَفْعُلَ غيرُه كلُّ ذلك بمعنى الرسالَة اقتصر اللّيثُ منها علي المَأْلُكَة والأَلُوك وزاد الجَوهريُّ المَألك والأَلُوكَة ذكره ابن سِيدَه والصاغانيُ قال اللّيثُ : سُمِّيَت الرِّسالَةُ ألوكًا لأنَّها تُؤْلَكُ في الفَمِ ومثلُه قولُ ابنِ سِيدَه وأَنشَدَ الجوهَرِيُّ للَبِيدٍ :
وغُلامٍ أَرْسَلَتْه أُمُّهُ ... بألوك فبَذَلْنا ما سَأَلْ وشاهِدُ المَألُكَةِ قولُ مهر بن كعْب :
أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوس مَأْلُكَةً ... عن الذي قد يُقالُ بالكَذِبِ وأَنْشَد ابنُ بَرّي :
أَبْلِغْ يَزِيدَ بني شَيبانَ مَأْلُكَةً ... أَبا ثُبَيتٍ أَما تَنفَكُّ تَأْتَكِلُ
قالَ : إِنّما أَرادَ تَأْتَلِكُ من الأَلُوكَ حكاه يَعْقُوب في المَقْلوبِ قالَ ابنُ سِيدَه : ولم نسمَعْ نَحْنُ في الكلامِ تَأْتَلِكُ من الألُوكِ فيكونُ هذا مَحْمُولا عليه مَقْلُوباً منه وأَمّا شاهِدُ مَأْلُكٍ فقولُ عَديِّ بنِ زَيْدٍ العِبادِيِّ :
أَبْلِغِ النُّعْمانَ عَنّي مَأْلُكاً ... أَنَّه قدْ طالَ حبسي وانْتِظارِي قالَ شيخُنا : وقوله : لا مَفْعُلَ غيرُه هذا الحَصْرُ غيرُ صَحيحٍ ؛ ففي شرحِ التَّصْرِيف للمَوْلَى سعدِ الدّينِ أَن مَفْعُلاً مرفوضٌ في كلامهم إِلاَّ مَكْرُماً ومَعُوناً وزاد غيره مَألُكاً للرِّسالةِ ومَقْبُراً ومَهْلُكاً وميسُراً للسَّعَةِ وقُرِئَ : " فنَظِرَةٌ إِلى مَيسُره " بالإِضافَةِ قِيلَ : ويُحْتَمل أنّ الأَصْلَ في الألفاظِ المَذْكُورَةِ مَفْعُلَةٌ ثم حُذِفَت التّاءُ وذلك ظاهرٌ في قراءةِ ميسُرِه . وفي ارْتِشافِ الشيخِ أبي حَيّان - بعد ذكرِ السّتّةِ المذكورة - ولم يأْتِ غيرُها وقيل : هو أي : مَفْعُل جَمْعٌ لما فيه الهاءُ
وقال السِّيرافيُ : مفردٌ أَصلُه الهاءُ رُخِّمَ ضرورةً ؛ إِذ لم يَردْ إِلاَّ في الشِّعْرِ . قال شيخُنا : وهو في غير مَيسُرِه ظاهِرٌ أَمّا هي فوَرَدَتْ في القرآنِ ثم نَقَل عن بَحْرَق في شرحٍ اللاّمِيَّة بعد ما نَقَل كلامَ المُصَنّف مع أنّه - أي المُصَنِّف - ذكرَ الباقِياتِ في موادِّها وكانَ مُرادُه ما انْفَرَد بالضمِّ دونَ مشارَكةِ غيرِه لكن يَرِدُ عليه مَكْرُم ومَعُون . قلت : قد سَبَقَ إِنكارُ سِيبَوَيْهِ هذا الوَزْنَ وهذا الذي ذَكَره شيخُنا من الحَصْرِ هو نصُّ كُراع بعينِه قال في كتابيه المُجَرَّد والمُنَضَّد : المَأْلُكُ : الرِّسالة ولا نَظيرَ لها أي لم يَجئ على مَفْعُل إِلاّ هِيَ وما ذكره عن شَرحِ التَّصْرِيفِ وأبي حَيّان والسِّيرافي وبَحْرَق من ذكر مَكْرُم ومَعُون فقد سَبَقَهم بذلك الإِمامُ أبو مُحَمَّد ابنُ بري فإِنّه قال : ومثله مَكْرُم ومَعُون وأَمّا قولُ أبي حَيان : قِيلَ : إِنه جَمْعٌ لما فيه الهاء فهُوَ الذي حَكاه أَبو العَبّاس مُحَمّد بنُ يَزِيدَ في شرحِ قولِ عَدِي السابِق قال : مَأْلُك : جمعُ مَألُكَةٍ قالَ ابنُ سِيدَه : وقد يَجُوز أَنْ يكونَ من بابِ إِنْقَحْل في القِلَّة قالَ : والذي رُوِيَ عن أبي العَبّاس أَقْيسُ وقولُ السِّيرافي : إِنّه رُخِّمَ ضَرورةً ؛ إذْ لم يَرِدْ إِلاّ في الشِّعرِ . قلتُ : وشاهِدُ مًكْرُمٍ قولُ الشّاعِر أَنشده ابن بَرّيّ :
" لِيَوْمِ رَوْعٍ أَو فَعَالِ مَكْرُمِ وشاهِدُ مَعُون قولُ جَمِيل أَنشده ابنُ بَري :
بُثَيْنَ الْزَمي لا إِنّ لا إِن لَزِمْتِه ... على كَثْرَةِ الواشِينَ أي مَعُونِ فتَحَقّق بذلك أَنّهما إِنّما رُخِّما لضَرُورةِ شِعْر وأَما القِراءةُ المذكورةُ فقد نَقَلَها الجوهَرِيُّ في ي س ر ونَقَل عن الأَخْفَش أَنّه قال : غير جائِزٍ لأَنّه ليس في الكلامِ مَفْعُل بغيرِ الهاءِ وأَمّا مَكْرُم ومعُون فإِنّهما جمعُ مَكْرُمَة ومَعُونَة وبهذا يَظْهَرُ أَنّ ما نَقَله كُراع من الحصْرِ وقَلَّده المصَنِّفُ صحيحٌ بالنِّسْبَةِ وِإنْ كانَ الحَقّ مع سِيبَوَيْه في قولِه : ليس في الكلامِ مَفْعُل فإِنّ جميعَ ما وَرَدَ على وزنِه إِنما هو في أَصلِه الهاء وما أَدَقَّ نَظَرَ الجَوهرِيِّ حيث قالَ : وكذلك المأْلُك والمَأْلُكَة بضم اللاّمِ منهما وِلم يَتَعَرَّضْ لقَوْلِ كُراع إِشارةً إِلى أَنَّ أصْلَه المَألُكَة مُرَخَّم منه وليس ببِناءٍ على الأَصْلِ فتأَمّلْ ذلِك وأَنْصِف . وقِيلَ : المَلَكُ واحِدُ المَلائِكة مُشْتَقٌّ منه و أَصْلُه مَأْلَكٌ ثم قُلِبَت الهمزةُ إِلى موضِعِ اللاّمِ فقِيل ملأَكٌ وعليه قولُ الشّاعِر :
أيُّها القاتِلُونَ ظُلْماً حُسَيناً ... أَبشِرُوا بالعَذابِ والتَّنْكِيل
كُلُّ أَهْلِ السّماءِ يَدْعُو عَلَيكُم ... من نَبي ومَلأَكٍ ورَسُول ثم خُفِّفَت الهمزةُ بأَنْ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُها على الساكِنِ الذي قَبلَها فقِيلَ : مَلَكٌ وقد يُستَعْمَل مُتَمَّماً والحَذْف أَكثرُ ونَظِيرُ البيتِ الذي تَقَدّم أيضاً قولُ الشّاعرِ :فلستَ لإِنْسي ولكن لَملأَكٍ ... تنزَّلَ من جَوِّ السّماءِ يَصُوبُ والجمعُ ملائِكَةٌ دَخَلَت فيها الهاءُ لا لِعُجْمة ولا لنَسَبٍ ولكن على حَدِّ دُخُولِها في القَشاعِمَةِ والصَّياقِلَة وقد قالُوا : الملائِكُ وقال ابنُ السِّكّيتِ : هي المَأْلَكَةُ والمَلأَكَة على القَلْبِ والمَلائِكَةُ جمع ملأَكَة ثم تُرِكَ الهَمْزُ فقيل : مَلَكٌ في الوحدان وأَصلُه مَلأَك كما تَرَى وسيأتي شيءٌ من ذلك في م ل ك . وقالَ ابنُ عَبّاد : قد يكونُ الأَلُوكُ : الرَّسُولُ . قال : والمَأْلُوكُ : المَأْلُوقُ وهو المَجْنُون الكافُ بدلٌ عن القافِ . ويُقال : جاءَ فلانٌ إِلى فُلانٍ وقد اسْتَألكَ مَألُكَتَه أي : حَمَلَ رِسالَتَه . ويُقال أيضاً : اسْتلأكَ كما سيأْتي
ومما يُستَدْرَكُ عليه : أَلَكَه يَأْلِكهُ أَلْكاً : أَبْلَغَه الأَلُوكَ عن كُراعِ . وألَكَ بينَ القَوْمِ : إِذا تَرَسَّلَ . وقال ابنُ الأَنْبارِيّ : يُقال : أَلِكْني إِلى فُلانٍ يُرادُ به أَرْسِلْني وللاثْنَيْنِ أَلِكاني وأَلِكُوني وأَلِكِيني وأَلِكْنَني والأَصلُ في أَلِكْني أَلْئكْني فحُوّلَتْ كسرةُ الهَمْزَةِ إِلى اللاّمِ وأُسْقِطت الهمزةُ وأَنشد :
أَلِكْني إِليها فَخَيرُ الرَّسُو ... لِ أَعْلَمهُم بِنَواحِي الخَبر قال : ومن بني على الأَلُوك قال : أَصلُ أَلِكْني أألِكْني فحُذِفَت الهمزةُ الثّانيةُ تَخْفِيفاً . وأَنْشَد :
" أَلِكْني يا عُيَين إِليكَ قَوْلاً قال الأزْهَرِيُّ : ألِكني : أَلِكْ لَي وقال ابنُ الأَنْبارِي : أَلِكْني إِليه أي : كُنْ رَسُولِي إِليه وقالَ غيرُه : أَصْلُ أَلِكْني : أألِكْنِي أُخِّرت الهمزةُ بعدَ اللاّمِ وخُفِّفَت بنقْل حَرَكَتِها على ما قبلَها وحَذْفِها يقال : أَلِكْنِي إلَيها برسالةٍ وكان مُقْتَضَى هذا اللّفْظ أنْ يكون معناه أَرْسِلْني إِليها برِسالَةٍ إِلاّ أَنه جاءَ على القَلْب ؛ إِذ المعنى : كُنْ رَسُولي إِليها بهذه الرِّسالةِ فهذا على حدِّ قولِهم :
" ولا تَهَيَّبني المَوْماةُ أَرْكَبُها أي ولا أَتَهَيَّبُها وكذلك أَلِكْني لَفْظه يَقْتَضي أَن يكونَ المُخاطَبُ مرسِلاً والمتَكَلِّم مرسَلاً وهو في المَعْنَى بعَكسِ ذلك وهو أَنّ المُخاطَبَ مُرسَل والمُتَكلِّمَ مُرسِلٌ وعلى ذلك قولُ ابن أبي رَبِيعَةَ :
أَلِكْنِي إِليها بالسَّلامِ فإِنَّه ... يُنَكَّرُ إِلْمامي بها ويُشهَّر أي بَلِّغْها سلامِي وكُنْ رَسُولي إِليها . وقد تُحْذَف هذه الباء فيُقال : أَلِكْني إِليها السَّلام قال عَمْرُو بنُ شَأس :
أَلِكْني إِلى قَوْمِي السَّلامَ رِسالَةً ... بآيةِ ما كانُوا ضِعافاً ولا عُزْلاَ فالسَّلاَم مفعولٌ ثانِ ورِسالَةً بدلٌ منه وإِن شِئْتَ حَمَلْتَه إِذا نَصبتَ على مَعْنَى بَلِّغْ عَني رسالَةً والذي وَقَع في شِعْرِ عَمْرِو بنِ شأس :
أَلِكْني إِلَى قَوْمي السَّلامَ ورَحْمَةَ ال ... إله فما كانُوا ضِعافاً ولا عُزْلاَ وقدْ يكونُ المرسَلُ هو المُرسَل إِليه وذلك كقولكَ : أَلِكْني إِليكَ السلامَ : أي كُنْ رَسُولِي إِلى نَفْسِك بالسَّلام وعليه قولُ الشّاعر :
ألكْني يا عَتِيق إِليكَ قولاً ... سَتُهْدِيه الرّواة إِليك عَني وفي حَدِيثِ زَيد بن حارِثَة وأَبِيه وعَمّه :
ألِكْني إِلى قَوْمي وإن كُنْتُ نائِياً ... فإِني قَطِينُ البيتِ عنْدَ المَشاعِرِ أي بَلِّغْ رِسالَتي . وتقَدّم في ترجمة ع ل ج يُقال : هذا ألوكُ صِدْقِ وعَلُوكُ صِدْقِ وعَلُوجُ صِدْق لما يُؤْكَلُ وما تَلَوَّكْتُ بأَلُوك وما تَعَلَّجتُّ بعَلُوج
مَلِلْتُه ومَلِلْتُ منه بالكَسْر مَلَلاً مُحَرَّكَةً ومَلَّةً ومَلالَةً ومَلالاً : سَئِمْتُه وبَرِمْتُ به وقال بعضُهم : المَلال : أن تمَلَّ شيئاً وتُعرِضَ عنه قال الشاعر :
" وأُقْسِمُ ما بي مِن جَفاءٍ ولا مَلَلْ وفي مُهِمّاتِ التَّعريف للمُناوِيِّ : المَلالُ : فُتورٌ يَعرِضُ للإنسان من كثرة مُزاوَلَةِ شيءٍ فيُوجِبُ الكَلالَ والإعراضَ عنه . وفي الحديث : " فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتّى تَمَلُّوا " معناه أَنَّ اللهَ لا يَمَلُّ أَبداً ملَلْتُمْ أَو لمْ تَمَلُّوا فجَرى مَجرى قولِهِم : حتّى يَشيبَ الغُرابُ ويَبْيَضَّ القارُ وأَنَّ الله لا يقطَعُ عنكُم فضلَه حتّى تَمَلُّوا سؤالَه فسَمَّى فِعلَ اللهِ مَلَلاً على طريق الازدِواجِ في الكلامِ وهو بابٌ واسعٌ في العربيَّةِ كثيرٌ في القرآن . وفي حديث الاستِسقاءِ : " فأَلَّفَ اللهُ السَّحابَ ومَلَّتْنا " قال ابنُ الأَثير : كذا جاءَ في روايةٍ لمُسلِم أَي كَثُرَ مَطَرُها حتّى مَلِلْناها وقيل : هي مَلَتْنا بالتَّخفيف من الامْتِلاءِ فخفَّفَ الهَمْزَ . وأَنشدَنا حسَن بنُ مَنصورِ بنِ داوُدَ الحَسَنِيُّ :
أَكْثَرْتَ من زَوْرَةٍ فمَلَّكْ ... وزِدْتَ في الوُدِّ فاسْتَقَلَّكْ
لو كنْتَ مِمَّنْ تَزورُ يَوماً ... لكانَ عندَ اللِّقا أَجَلَّكْ كاسْتَمْلَلْتُهُ قال ابنُ هَرْمَةَ :
قِفا فهَريقا الدَّمْعَ بالمَنزِلِ الدَّرْسِ ... ولا تسْتَمِلاّ أَنْ تَطولَ بهِ عَنْسي وقال آخَرُ :
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرَى مُجالِسُها ... ولا يَمَلُّ من النَّجْوى مُناجِيها
وهذا كما قالوا : خَلَت الدَّارُ واسْتَخْلَت وعَلا قِرْنَهُ واسْتَعلاهُ . زادَ الزَّمَخشرِيُّ : واسْتَمْلَلْتُ به : تبَرَّمْتُ . وأَمَلَّني إملالاً وأَمَلَّ علَيَّ : أَي أَبرَمَني يقال : أَدَلَّ فأَمَلَّ . فهو مَلٌّ ومَلولٌ ومَلولَةٌ ومالولَةٌ ومَلالَةٌ بالتَّشديد وذو مَلَّةٍ نقله الجَوْهَرِيُّ وأَنشدَ :
إنَّكَ واللهِ لَذو مَلَّةٍ ... يَطْرِفُكَ الأَدْنى عن الأَبعَدِ وفي العُباب : قال جاريَةٌ من الأَنصارِ وأَنشدَ البيتَ هكذا وقال ابنُ بريّ : الشِّعْرُ لِعُمَرَ بنِ أَبي رَبيعَةَ وصوابُ إنشادِهِ : عن الأَقدَمِ وبعدَهُ :
قلتُ لها بلْ أَنْتِ مُعتَلَّةٌ ... في الوَصْلِ يا هِندُ لكَي تَصرِمي وهي مَلولٌ على القِياسِ ومَلولَةٌ على الفِعْلِ . والمَلَلُ مُحرَّكَة : سِمَةٌ على حُرَّةِ الذِّفْرَى خَلْفَ الأُذُنِ عن ابن عَبّادٍ . والمَلَّةُ : الرّمادُ الحارُّ الذي يُحمَى لِيُدْفَنَ فيه الخُبزُ ليَنْضَجَ كالمَلَلِ قال أَبو الأَسود الدُّؤَلِيُّ يَذُمُّ عَمّارَ بنِ عَمْروٍ البَجَلِيَّ وكان بخيلاً :
صَلْدِ النَّدى زاهِدٍ في كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... كأَنَّما ضَيْفُه في مَلَّةِ النّارِ وفي الحديث : " فقال له إنَّما تُسِفُّهُم المَلَّ " . المَلَّةُ أَيضاً : الجَمْرُ وبه فُسِّرَ حديثُ كَعْبٍ : أَنَّه مَرَّ به رِجْلٌ من جَرادٍ فأَخَذَ جرادَتينِ فمَلَّهُما أَي شَواهُما بالمَلَّةِ . المَلَّةُ : عَرَقُ الحُمَّى كالمُلالِ بالضَّمِّ . والمُلَّةُ بالضَّمِّ : الخِياطَةُ الأُولَى قبلَ الكَفِّ وقد مَلَّ الثَّوبَ يَمُلُّهُ مَلاًّ . المِلَّةُ بالكسْرِ : الشريعَةُ أَو الدِّينُ كمِلَّةِ الإسلامِ والنَّصرانِيَّةِ واليَهودِيَّةِ وقيل : هي مُعظَمُ الدِّينِ وجُملَةُ ما يجيءُ به الرُّسُلُ وكلامُ المُصنِّفِ يَشيرُ إلى تَرادُفِ الثّلاثَةِ قال الرّاغِبُ : المِلَّةُ : اسْمٌ لِما شرعَهُ الله تعالى لعِبادِه على لِسانِ أَنبِيائه لِيَتَوَصَّلوا به إلى جِوارِه والفرقُ بينَها وبينَ الدِّينِ إنَّ المِلَّةَ لا تُضافُ إلاّ للنَّبِيِّ الذي تستنِدُ إليه ولا تكادُ توجَدُ مُضافَةً إلاّ إلى الله تعالى ولا إلى آحادِ الأُمَّةِ ولا تَستعمَلُ إلاّ في جُملَةِ الشَّرائعِ دونَ آحادِها . وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ : دخَلَ فيها أَي في المِلَّةِ كتَسَنَّنَ واسْتَنَّ من السُنَّةِ . وقال أَبو إسحاقَ : المِلَّةُ في اللُّغَةِ : السُّنَّةُ والطَّريقَةُ ومن هذا أَخْذُ المَلَّة أي الموضع الذي يُخْتَبَزُ فيه لأَنَّهُ يُؤَثَّرُ في مَكانِها كما يؤَثَّرُ في الطَّريقِ قالَ : وكلامُ العَرَبِ إذا تَّفَقَ لفظُه فأَكثَرُهُ مُشْتَقٌّ من بعضٍ . وفي الأَساس : ومنَ المَجاز : المِلَّةُ : الطّريقُ المَسلوكَةُ ومنه : مِلَّةُ إبراهيمَ عليه السّلامُ خَيْرُ المِلَلِ . قال أَبو الهَيثَم : المِلَّةُ : الدِّيَةُ والجَمْعُ مِلَلٌ ومنه حديث عمرَ رضي الله تعالى عنه أَنَّه قال : ليسَ على عربِيٍّ مِلَلٌ . وأَنشدَ أَبو الهَيثَمِ :
" غَنائمُ الفِتيانِ في يَوْمِ الوَهَلْ
" ومِنْ عَطايا الرُّؤساءِ في المِلَلْ ومَلَّ القوسَ أَو السَّهْمَ أَو الرُّمْحَ بالنّارِ : إذا عالجَهُ بها ونَصُّ أَبي حنيفَةَ : في النَّارِ : عالَجَها بها . مَلَّ الشيءَ في الجَمْرِ : أَدْخَلَهُ فيه فهم مَمْلولٌ ومَليلٌ ومنه قولُ كعبِ بنِ زُهَيْرٍ رضي الله تعالى عنه :
" كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنَّارِ مَمْلولُ أَي كأَنَّ ما ظهَرَ منه للشَّمْسِ مَشْوِيٌّ بالمَلَّةِ من شِدَّةِ حَرِّهِ . مَلَّ في المَشْيِ مَلاًّ : أَسرَعَ كامْتَلَّ وذلكَ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً عن الأَصمَعِيِّ وقال مُصعَبٌ : امْتَلَّ واسْتَلَّ بمعنى واحدٍ كذلكَ تَمَلَّلَ . مَلَّ الثَّوْبَ يَمُلُّهُ مَلاًّ : درَزَهُ عن كُراعٍ وقال غيرُه : خاطَهُ الخِياطَةُ الأَولى قبلَ الكَفِّ . مَلَّ المَلاّلُ الخُبْزَ واللَّحْمَ يَمُلُّها مَلاًّ : أَدخلَهُ في المَلَّةِ أَي الرَّمادِ الحارّ والخُبْزُ يُسَمّى المَليلَ والمَمْلولَ وكذلكَ اللَّحْمُ وأَنشدَ أَبو عُبيدٍ :
تَرى التَّيمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبَى ... إلى تَيْمِيَّةٍ كعَصا المَليلِوفي حديثِ خَيبَرَ : إذا أُناسٌ من يَهودَ مُجتَمِعونَ على خُبزَةٍ يَمُلُّونَها أَي يَجعلونَها في المَلَّةِ . قال الزَّجّاجُ : ملَّ عليه السَّفَرُ مَلاًّ : طالَ كأَمَلَّ عليه . والمُلالُ بالضَّمِّ : خَشَبَةُ قائمِ السَّيْفِ وقيل : ظَهْرُ القَوْسِ كما في العُباب . مُلال : ع قال الشّاعِرُ :
رمَى قلبَهُ البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيَةً ... بذِكْرِ الحِمى وَهْناً فباتَ يَهيمُ المُلالُ : الحَرُّ الكامِنُ في العَظْمِ من الحُمَّى وتَوَهُّجِها كالمَليلَةِ كسفينَةٍ يُقال : رَجُلٌ مَمْلولٌ ومَليلٌ : بهِ مَليلَةٌ وهو مَجازٌ وفي الصِّحاحِ : المَليلَةُ : حرارَةٌ يجِدُها الرَّجُلُ وهي حُمَّى في العَظْمِ انتهى وفي المثَلِ : ذَهَبَت البَليلَةُ بالمَليلَةِ أَي الصِّحَّةُ بالحُمّى وفي الحديثِ : لا تزالُ المَليلَةُ والصُّداعُ بالعبدِ . وقال اللِّحيانِيُّ : مُلِلْتَ مَلاًّ والاسمُ المَليلَةُ كحُمِمْتَ حُمَّى والاسمُ الحُمَّى . المُلالُ : وجَعُ الظَّهْرِ أَنشدَ ثعلَبٌ :
" داوِ بها ظهرَكَ من مُلالِهْ
" مِنْ خُزَراتٍ فيه وانْخِزالِهْ
" كما يُداوَى العَرُّ مِنْ أُكالِهْ المُلالُ : عرَقُ الحُمّى وهذا قد تقدَّمَ له قريباً فهو تَكرارٌ . المُلالُ : التَّقَلُّبُ مرَضاً أَو غَمّاً قال :
وهَمَّ تأْخُذُ النُّجَواءُ مِنْهُ ... يُعَدُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ فِعْلُ الكُلِّ مَلِلْتُ بالكسْرِ مَلاًّ ومَلَّلْتُ بالتَّشديدِ وتَمَلَّلْتُ . منَ المَجاز : تَمَلَّلَ الرَّجُلُ وتَمَلْمَلَ : تقلَّبَ من مرضٍ أَو نحوِهِ كأَنَّه على مَلَّةٍ قاله ابنُ أَبي الحديدِ وأَصْلُهُ تملَّلَ فَفُكَّ بالتَّضْعيفِ وقال شَمِرٌ : إذا نَبا بالرَّجُلِ مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَبٍ قيل : قد تمَلْمَلَ وهو تقلُّبُه على فِراشِه قال : وتَمَلْمُلُه وهو جالسٌ أَنْ يَتَوَكّأَ مرَّةً على هذا الشَّقِّ ومرَّةً يَجْثُو على رُكْبَتَيْهِ والحِرْباءُ تتَمَلْمَلُ من الحَرِّ تصعَدُ رأْسَ الشَّجَرَةِ مَرَّةً وتَبْطُنُ فيها مَرَّةً وتظهَرُ أُخْرى . ومَلَّلْتُهُ أَنا : أَي قلَّبْتُه فهو يتعَدَّى ولا يتعَدَّى . منَ المَجاز : طريقٌ مَليلٌ ومُمَلٌّ بفتح الميم الثّانيَةِ : أَي سُلِكَ كثيراً وطالَ الاختِلافُ عليهِ فهو مُعْلَمٌ لاحِبٌ ومنه أَمَلَّ عليه المَلَوانِ : طال اخْتِلافُهُما عليه وقال ابنُ مُقْبِلٍ :
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ ... أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ أَي أَلَحَّ عليها حتّى أَثَّرَ فيها . وأَمَلَّهُ : قال له فكَتبَ عنهُ وأَمْلاهُ كأَمَلَّهُ على تَحويلِ التَّضْعيفِ وفي التَّنزيلِ : " فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بالعَدْلِ " وهذا من أَمَلَّ وفي التَّنزيلِ أَيضاً : " فهِيَ تُمْلَى عليهِ بُكْرَةً وأَصيلاً " وهذا من أَمْلَى وحَكى أَبو زَيدٍ : أَنا أُمْلِلُ عليه الكِتابَ بإظهارِ التَّضْعيفِ . وقال الفرّاءُ : أَمْلَلْتُ لُغَةُ أَهلِ الحِجازِ وبَني أسَدٍ وأَمْلَيْتُ لُغَةُ بني تَميمٍ وقيسٍ يقال : أَمَلَّ عليه شيئاً يكتُبُه وأَمْلى عليه فنزَلَ القرآن باللُّغتينِ معاً . قال الليثُ : حِمارٌ مُلامِلٌ كعُلابِطٍ وكذا ناقَةٌ مَلْمَلَى على فَعْلَلى : أَي سريعٌ وسريعَةٌ . وهي المَلْمَلَةُ بمعنى السُّرعَةِ وأَنشدَ لأَبي محمَّد الفَقْعَسِيِّ :
" يا ناقَتا مالَكِ تَدْأَلينا
" أَلَمْ تكوني مَلْمَلى ذَقُوناوالمُلْمُولُ بالضَّمِّ : المِكْحالُ وفي الصِّحاحِ : الذي يُكتَحَلُ به وقال أَبو حاتِمٍ : هو الذي يُكْحَلُ ويُسْبَرُ به الجِراحُ ولا يُقال : المِيلُ إنَّما المِيلُ من أَميال الطَّريقِ وكذلك قاله أَبو سعيدٍ وغيره من أَهلِ اللُّغَةِ . المُلْمُولُ : قضيبُ الثَّعْلَبِ عن ابْن دُرَيْدٍٍ قال غيرُه : قضيبُ البَعير أَيضاً . قال الأَزْهَرِيّ : المُلْمُولُ : الحديدَةُ التي يُكْتَبُ بها في أَلواحِ الدَّفْتَرِ . مَلَلُ كجَبَلٍ : ع بينَ الحَرمينِ على سبعةَ عشَرَ مِيلاً من المدينة على ساكِنِها السَّلامُ ومنه حديثُ عائشَةَ رضي الله تعالى عنها : أَصبحَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلَّم بمَلَل ثمَّ راحَ وتَعَشَّى بسَرِف . وقيل : هو على عشرينَ مِيلاً من المدينةِ قيل : إنَّه سُمِّيَ به لأَنَّ الماشِيَ إليهِ من المدينةِ لا يَبلُغُه إلاّ بعدَ مَلَلٍ وجَهْدٍ قاله السُّهَيْلِيُّ في الرَّوضِ . مَليلَةُ كسفينَةٍ : د بالمغربِ قُرْبَ سِبْتَةَ . مَلاّلَةُ كجَبّانَةٍ : ة قُرْبَ بِجايَةَ على ساحِلِ البَحرِ ومنها العَلاّمَةُ محمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ بنِ عُمَرَ بنِ عليٍّ المَلالِيُّ مِمَّن أَخَذَ على الشَّيخِ سيِّدي محمَّد بنِ يوسفَ بنِ عُمرَ بنِ شُعَيْبٍ السَّنوسِيِّ . والمُلَّى كرُبَّى : الخُبزَةُ المُنْضَجَةُ . وهارونُ بنُ مَلّولٍ المِصرِيُّ كتَنُّورٍ شيخُ الطَّبرانِيِّ وقد وقعَ مُصَغَّراً في مُعجَمِ ابنِ شاهينَ فإنَّه قال : حدَّثنا أَحمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ جامِعٍ العَسكَرِيُّ حدَّثنا هارونُ بنُ عيسى بنِ مُلَّيْلٍ وعيسى هو مَلُّول كانَ يُلَقَّبُ به كذا في التَّبصيرِ . وشُعَيْبُ بنُ إسحاقَ المَعروفُ بابنِ أَخي مَلُّولٍ الصَّيرَفِيُّ هكذا يقولُهُ أَصحابُ الحديثِ بالتَّشديدِ : مُحَدِّثانِ . المُلَيْلُ كزُبَيْرٍ : الغُرابُ عن ابن عَبّادٍ . مُلَيْلٌ : اسمٌ منهم مُلَيْلُ بنُ وَبْرَةَ الصَّحابِيُّ رضي الله تعالى عنه بَدرِيٌّ جَليلٌ لا رِوايَةَ له . وأَبو مُلَيْلِ بنُ عبدِ اللهِ الأَنصارِيُّ أَوردَه المُستَغفِرِيُّ . وأَبو مُلَيْلِ بنِ الأَغَرِّ ويُقال : ابنُ الأَزْعَر الأَنصارِيُّ ثمَّ الأَوسِيُّ الضُّبَعِيُّ : بَدْرِيٌّ صحابِيّانِ رضي الله عنهما . وانْمَلَّ مثل انْسَلَّ عن مُصعَبٍ . ومِمّا يستدرَكُ عليه : رَجُلٌ مَلَّةٌ : إذا كانَ يَمَلُّ إخوانَه سريعاً . وكذلكَ ذو أَماليلَ واحدُها إملالٌ وإمْلالَةٌ وأُمْلولَةٌ . وفي حديث المُغيرَةِ : مَليلَةٌ الإرْغاءِ أَي مَمْلولَةُ الصَّوتِ فَعيلَةٌ بمعنى مَفعولَة يصِفُها بكَثرَةِ الكلامِ ورفعِ الصَّوتِ حتّى تُمِلَّ السّامعينَ . وأَمَلَّ الخُبزَةَ في المَلَّةِ : أَدْخَلَها فيها وقال أَبو عُبيدٍ : المَلَّةُ : الحُفرَةُ نفسُها هكذا هو في اللِّسان والعُباب ووقعَ في الصِّحاحِ : الخُبزَةُ نفسُها . ورجلٌ مَليلٌ ومَمْلولٌ : أَحرَقَتْهُ الشَّمْسُ . وتَمَلَّلَ اللَّحْمُ على النّارِ : اضْطَرَبَ . ومَلْمَلْتُ فُلاناً : إذا قَلَّبْتَهُ . وقال أَبو زيدٍ : أَمَلَّ فلانٍ على فُلانٍ : إذا شَقَّ عليه وأَكثرَ في الطَّلَبِ . وبَعيرٌ مُمَلٌّ : أُكْثِرَ رُكوبُه حتّى أَدْبَرَ ظَهرُه قال العَجّاجُ - فأَظْهَرَ التَّضْعيفَ لحاجَته إليه - يصفُ ناقَةً :
" حَرْفٌ كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ
" لا تَحْفِلُ السَّوْطَ ولا قَولي حَلِي
" تشْكو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
" من طولِ إمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ ومُلَّ الطَّريق بالضَّمِّ : أَي اتَّضَحَ . وملالة : قريَةٌ بالفَيّومِ . ومَلَّوهُ بالتَّشديدِ : مدينةٌ بالصَّعيدِ الأَوسَطِ . وأَمْلالٌ : أَرْضٌ عن اليزيدِيِّ قال الفضْلُ اللَّهَبِيّ :