" بَثَّ " الشَّيْءَ و " الخَبَرَ يَبُثُّه " بالضَّمّ " ويَبِثُّه " بالكسر بَثّاً هكذا صَرّحَ به ابنُ منظور وغيرُه فقولُ شيخِنا - : أَما الكَسْر فلم يذكُرْه أَحدٌ من اللُّغَويين ولا من الصَّرْفِيِّين مع استِيعابِهم للشَّواذّ والنَّوَادِر فالظاهر أَنّ المصنّف اشتَبه عليه بِبَتَّ بالمُثَنّاة بمعنى قطَع فهو الذي حَكَوْا فيه الوَجْهَيْنِ وتَبَرّع هو بِزيادَة لُغَةٍ ثالثَة غير معروفة انتهى - مَنْظُورٌ فيه وكفى بابن مَنْظُورٍ صاحِبِ اللسان حُجّةً . " وأَبَثَّهُ " إِبْثاثاً " وَبَثَّثَهُ " بالتشديد للمبالغة . قد يُبْدَل من الثّاءِ الوسطى باءٌ تخفيفاً فيقال : " بَثْبَثَهُ " كما قالوا في حَثَّثْت : حَثْحَثْت كلّ ذلك بمعنى " نَشَرَه وفَرَّقَه " . أَبَثَّه " فانْبَثَّ " : فَرَّقَه فَتَفَرَّق وخَلَقَ اللهُ الخَلْقَ فبَثَّهُمْ في الأَرْضِ وفي التنزيل العَزِيز : " وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِساءً " أَي نَشَر وكَثَّرَ وفي حديثِ أَمِّ زَرْعٍ " زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَرَه " أَي لا أَنْشُرهُ لِقُبْحِ آثارِه . وبَثْبَثَ الخَبَرَ بَثْبَثَةً : نَشَرَه . " وبثَثْتُكَ السِّرَّ " بَثّاً هكَذَا في سائر النُّسَخ والذي صَرّح به غيرُ واحدٍ من أَئمةِ اللّغَة : أَبْثَثْتُ فلاناً سِرّى - بالأَلفِ - إِبثَاثاً أَي أَطْلَعْتُه عليه وأَظْهَرْتُه له . أَمّا " أَبْثَثْتُكَ " فمن البَثِّ بمعنى الحُزْن أي " أَظْهَرْتُه " أَي بَثِّي " لَكَ " وفي الأَساس : ومن المَجَاز : بثَثْتُه ما في نَفْسِي أَبُثُّه وأَبْثَثْتُه إِيّاه : أَظْهَرْتُه لَه وباثَثْتُه سِرّى وباطِنَ أَمْرِي : أَطْلَعْتُه عَلَيْه وبينهما مُبَاثَّةٌ ومُنَافَثَة وبَثٌّ الخَبَرَ فانْبَثَّ . انتهى . " وتَمْرٌ بَثٌّ " ومُنْبَثٌّ إِذا لم يُجَوَّدْ كَنْزُه فَتَفَرَّق وقيل : هو المُنْتَثُر الذي ليس في جِرابٍ ولا وِعاءٍ كفَثٍّ وهو كقولهم : ماءٌ غَوْرٌ . قال الأَصمعيّ : تَمْرٌ بَثٌّ أَي " مُتَفَرِّقٌ " بعضُه من بعض " مَنْثُورٌ " أَي لعدمِ جَوْدَةِ كَنْزِه . " وَبثَّ الغُبَارَ وبَثْبَثَه : هَيَّجَه " وأثارَه . وَبَثْبَثَ التُّرَابَ : استثارَه وكَشَفَه عمّا تَحْتَه . " والمُنْبَثُّ : المَغْشِيُّ عليهِ " من الوَجْدِ والحُزْنِ أَو من الضَّرْبِ وأَما قولُه تعالى " فكانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً " فمعناه أَي غُبَاراً مُنْتَثِراً . " والبَثُّ : الحالُ " والحُزْنُ والغَمُّ الذي تُفْضِى به إِلى صاحِبِك . في حديث أُمّ زَرْع : " لا يُولِجُ الكَفَّ ليَعْلَم البَثَّ " قال الأَزْهَرِيّ : البَثُّ في الأَصل : " أَشَدُّ الحُزْنِ " وفي نسخِ التهذيب : شِدَّةُ الحُزْنِ والمَرَضُ الشَّدِيدُ كأَنَّهُ من شِدَّتِه يَبُثُّه صاحِبَه . المعنى : أَنّه كانَ بجَسَدِهَا عَيْبٌ أَو داءٌ فكان لا يُدْخِل يَدَه في ثَوْبِها فيَمَسَّه ؛ لعِلْمِه أَنّ ذلك يُؤذِيها ؛ تَصِفُه باللُّطْف . وقيل : إِنّ ذلك ذَمٌّ له أَي لا يَتَفَقَّد أُمورَها ومصالِحَها كقولهم : ما أُدْخِلُ يَدي في هذا الأَمْرِ أَي لا أَتَفَقَّدُه . وفي حديث كعبِ بنِ مالك " فلمّا تَوجَّهَ قافِلاً من تَبُوكَ حضَرَنِي بَثِّي " أَي اشْتَدَّ حُزْنِي . " واسْتَبَثَّه إِيّاه : طَلَبَ إِليه أَنْ يَبُثَّه إِيّاهُ " فالسّين للطّلَبِ
ومما يستدرك عليه : بَثَّ الخَيْلَ في الغَارَةِ يَبُثُّها بَثّاً فانْبَثَّتْ . وبَثَّ الصَّيَّادُ كِلابَه يَبُثُّها بَثّاً . وانْبَثَّ الجَرَادُ : انْتَشَرَ . وتَمْرٌ مُنْبَثٌّ : غيرُ مَكْنُوزٍ . وإِبْثِيثُ كِعفْرِيت : اسمُ جَبَل كذا في المُعْجَم . وبَثَّ المَتَاعَ بنَواحِي البَيْتِ : بسَطَه . قالَ الله عزّ وجلّ : " وزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ " أَي مَبْسُوطَة . وقال الفَرّاءُ : مَبْثُوثَةٌ أَي كَثِيرَةٌ . وفي حديثِ عبدِ الله " فلمّا حَضَر اليَهُودِيَّ المَوْتُ قال : بثْبِثُوه " حَكاه الهَرَوِىّ في الغَريبَيْن . وأَبَثَّه الحَديثَ : أَطْلَعَه عليه . قال أَبُو كَبير :
ثمّ انْصَرَفْتُ ولا أَبُثُّكَ حِيبتي ... رَعِشَ البَنَانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْوَرِ وبَثْبَثْتُ الأَمْرَ إِذا فَتَّشْتَ عنهُ وتَخَبَّرْتَه
" البَيْنِيثُ على " وَزْن " فَيْعِيلٍ " أَهمله الجوهريّ وفي التّهْذِيب - في الرّبَاعيّ - عن ابنِ الأَعْرَابِيّ أَنه " : سَمَكٌ بَحْرِيّ " فإِن كانت ياءَاه زائِدَتَيْن فهو من الثّلاثيّ قال أَبو منصور : وهو غير اليَنْبِيثِ أَي بتقديمِ المُثَنّاة التَّحْتِيَّة على النّون قال : وكلامُ العرب يأْتي على فَيْعُول وفَيْعَال ولم يَجْىء على فَيْعِيلٍ غير البَيْنِيثِ فلا أَدري أَعربِيٌّ هو أَم دَخِيل ؟ ب - و - ث
" باثَ " الشيء و " عَنْهُ " يَبُوثُ بَوْثاً " : بَحَثَ كأَبَاتَ وابْتَاثَ " إِباثَةً وابْتِيَاثاً . باثَ " مَتَاعَه " ومَالَه يَبُوثُه بَوْثاً إِذا " بَدَّدَهُ " . بَاثَ التُّرابَ يَبُوثُ وَيَبِيثُ بَوْثاً وبَيْثاً و " اسْتَباثَه : استَخْرَجَه " وسيأْتي في ب ى ث ؛ لأَنها كلمةٌ يائِيّة واوِيّة . حاثِ باثِ : قُمَاشُ الناسِ وَاوِيّة ويائيّة وقولهم : " تَرَكَهُم حاثِ باثِ - مكسورتين - و " جِىءْ بهِ من " حَوْثَ بَوْثَ " أَي من حيثُ كانَ ولم يَكُنْ " ويُنَوّنانِ " فيقال : تَركَهم حَوْثاً بَوْثاً . وعن ابن الأَعرابيّ : يُقَال : تَرَكَهُم حاثِ باثِ " أَي مُتَفَرِّقينَ " وفي مجمعِ الأَمْثال : " تُرِكَتْ دارُهم حَوْثَ بَوْثَ " أَي أُثِيرَتْ بحوافِرِ الدَّوابِّ وخُرِّبَتْ . ويقال " تَرَكَهم حَوْثاً بَوْثاً و " حَوْثَ بَوْثَ وحاثِ باثِ وحَيْثَ بَيْثَ أَي فَرّقَهُم وبَدَّدَهُم . وهذا من مُركّبات الأَحْوال
ومما يستدرك عليه : باثَ المكَانَ بَوْثاً وبَيْثاً : حَفَرَ فيه وخَلَطَ فيه تُرَاباً . وباثَ التُّرابَ يَبُوثُه بَوْثاً إِذا فَرَّقَه . وجاءَ بِحَوْثَ بَوْثَ إِذا جاءَ بالشّيْءِ الكَثِيرِ . وقال أَبُو مَنْصُور : وبِثَةُ : حرف ناقصٌ كأَنَّ أَصله بِوْثَة من بَاثَ الرّيحُ الرَّمادَ يَبُوثُه إِذا فَرَّقَه كأَنَّ الرَّمَادَ سُمِّى بِثَةً لأَنَّ الرِّيحَ يَسْفِيها وذكره المصنِّف في المُعْتَلّ وهذا موضعُ ذِكْره وقد نَبّهنا عليه هناك