الخُشُوعُ : الخُضُوعُ : كالاخِتْشاعِ والفِعْلُ كمَنَعَ يُقَالُ : خَشَعَ يَخْشَعُ خُشُوعاً واخْتَشَعَ . نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وقَالَ اللَّيْثُ : يُقَالُ : اخْتَشَع فُلانٌ ولا يُقَالُ . اخْتَشَعَ ببَصَرِهِ . أَوْ الخُشُوعُ : قَرِيب المَعْنَى مِن الخُضُوعِ قالَهُ اللَّيْثُ . أَوْ هو ونَصُّ العَيْنِ : إِلاَّ أَنَّ الخُضُوعَ في البَدَنِ وهو الإِقْرَارُ بالاسْتِخْذاءِ والخُشُوع في الصَّوْتِ والبَصَرِ . قالَ اللهُ تَعَالَى : " خاشِعَةً أَبْصَارُهُم " وقُرِئِ : " خَاشِعاً أَبْصَارُهُمْ " . قالَ الزّجّاجُ : هو مَنْصُوبٌ على الحالِ . وخَشَعَ ببَصَرِه أَيْ غَضَّهُ وهو مَجَازٌ . وفي النِّهَايَة : الخُشُوعُ في الصَّوْتِ والبَصَرِ كالخُضُوعِ في البَدَنِ . ومِنْهُ حَدِيثُ جابِرٍ : أَنَّهُ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فقالَ : أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهَ ؟ قَالَ : فخَشَعْنَا أَي خَشِينَا وخَضَعْنا . قالَ : وهكَذَا جَاءَ في كِتَابِ أَبِي مُوسَى والَّذِي جاءَ في كِتَابِ مُسْلِمٍ : فجَشِعْنَا بالجِيمِ وشَرَحَه الحُمَيْدِيّ في غَريبِه فقالَ : الجَشَعُ : الفَزَعُ والخَوْفُ . والخُشُوعُ : السُّكُونُ والتَّذَلُّلُ . ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَاَلَى : " وخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمنِ " أَي انْخَفَضَتْ . وقِيلَ : سَكَنَتْ . وكُلُّ سَاكِنٍ خَاضِعٌ وخَاشِعٌ
والخُشُوعُ في الكَوْكَبِ : دُنُوُّهِ مِن الغُرُوبِ كما في العُبَابِ وهو قَوْلُ أَبِي عَدْنَان وأَبِي صالِحٍ الكِلابيّ . أَمّا نَصُّ أَبِي عَدْنَانَ : خَشَعَتِ الكَوَاكَبُ إِذا دَنتْ من المَغِيْب وخضَعَت أَيْدِي الكَواكب : أَي مالَتْ لتَغِيبَ . ونَصُّ أَبِي صالِحٍ : خُشُوعُ الكَوَاكِبِ إِذا غارَتْ وكَادَتْ أَن تَغِيبَ في مَغِيبِهَا وأَنْشَدَ :
" بَدْرٌ تَكَادُ لَهُ الكَوَاكِبُ تَخْشَعُ وهو مَجَازٌ . ومِنَ المَجَازِ أَيْضاً : الخَاشِعُ : المَكَانُ المُغْبَرُّ لا مَنْزِلَ به . وفي الصّحاح : بَلْدَةٌ خَاشِعَةٌ : مُغْبَرَّةٌ لا مَنْزِلَ بها ومَكَانٌ خَاشِعٌ . وأَنْشَدَ الصّاغَانِيّ لِجَرِيرٍ :
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ المَدِينَةِ والجِبَالُ الخُشَّعُ وقالَ النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ يَصِفُ آثَارَ الدِّيَارِ :
رَمَادٌ ككُحْلِ العَيْنِ ما إِنْ تَبِينُه ... ونُؤْىٌ كجِذْمِ الحَوضِ أَثْلَمُ خاشِعُ
وفي اللِّسَان : الخاشِعُ من الأَرْضِ : الَّذِي تُثِيرُه الرِّيَاحُ لِسُهُولَتِه فَتَمْحُو آثَارَهُ . وقَالَ الزَّجّاج في قَوْلِه تَعَالَى : " ومِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خاشِعَةَ " . أَيْ مُتَغَيَّرَةً مُتهشِّمَة أَرادَ مُتهشِّمَة النَّبَاتِ . وقَالَ غَيْرُه : أَيْ مُطْمَئِنَّةً سَاكِنَةً . وقَالُوا : إِذا يَبِسَتِ الأَرْضُ ولَمْ تُمْطَرْ قِيلَ : قد خَشَعَتْ . وذَكَرَ الآيَة . قال : والعَرَبُ تَقُولُ : رَأَيْنا أرْض بَنِي فُلانٍ خَاشعَةً هَامِدَة ما فِيهَا خَضْرَاءُ . والمَكَانُ الخاشِعُ أَيْضاً : الَّذِي لا يُهْتَدَى له نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : لِلْخُشُوعِ مَوَاضِعُ : الخَاشِعُ : المُسْتَكِينُ . والخاشِعُ : الرَّاكِعُ في بَعْضِ اللُّغَاتِ . ومِنَ المَجَازِ : خَشَعَ السَّنَامُ . أَيْ سَنَامُ البَعِيرِ إِذا ذَهَبَ إِلاّ أَقَلَّهُ كَمَا في العُبَابِ . وفي اللِّسَانِ : إِذا أُنْضِيَ فذَهَبَ شَحْمُهُ وتَطَأَطَأَ شَرفُهُ
وخَشَعَ فُلانٌ خَرَاشِيَّ صَدْرِهِ فخَشَعَتْ هي : إِذا أَلْقَى بُزَاقاً لَزِجاً لازِمٌ مُتَعَدٍّ كما في العُبَابِ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَيْ رَمَى بِهَا . قال : والخِشْعَةُ بالكَسْرِ : الصَّبِيُّ يُلْزَقُ هكَذَا فِي النُّسَخِ والصَّوابُ : يُبْقَرُ عَنْهُ بَطْنُ أَمِّه إِذا ماتَتْ وهو حَيٌّ قالَ ابنُ بَرّيّ . قالَ ابنُ خالَوَيْه : والخِشْعَةُ : وَلَدُ البَقِيرِ والبَقِيرُ : المَرْأَةُ تَمُوتُ وفي بَطْنِهَا وَلَدٌ حَيٌّ فُيبْقَرُ بَطْنُهَا ويُخْرَج وكانَ بَكِيرُ بن عَبْدِ العَزيزِ خِشْعَةً . قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ : ورَأَيْتُ في حاشِيَةِ نُسْخَةٍ من أَمالِي الشَّيْخِ ابْنِ بَرِّيّ مُوْثُوقٍ بِهَا قالَ الحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ خارِجَةَ بنَ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ ابنِ بَدْر :
" وقَدْ عَلِمَتْ خَيْلُ ابنِ خِشْعَةَ أَنَّهَامَتَى تَلْقَ يَوْماً ذَا جِلاَدٍ تُجَالِدِ خِشْعَةُ : أُمُّ خَارِجَةَ وهي البَقِيرَةُ . كانَتْ ماتَت وهو في بَطْنِهَا يَرْتَكِم فبُقِرَ بَطْنُهَا فسُمِّيَت البَقيرَة وسُمِّيَ خارجَة لأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ من بَطْنِهَا . والخُشَعَةُ بالضَّمِّ : القِطْعَةُ من الأَرْضِ الغَلِيظَة عَنِ ابْنِ دُرَيْدِ . وقالَ اللَّيْثُ : الخُشَعَة من الأَرْض : قُفٌّ قد غَلَبَتْ عَليه السُّهُولَةُ أَيْ لَيْسَ بحَجَرٍ ولا طِينٍ . وقالَ الجَوْهَرِيّ : هي الأَكَمَةُ المُتَوَاضِعَةُ . وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : العَرَبُ تَقُولُ للْجَثَمَةِ اللاطِئَةِ المُلْتَزْقَةِ بالأَرْضِ هي الخُشْعَةُ والسَّرْوعةُ والقَائدَةُ . وج : خُشَعٌ كصُرَدٍ . قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ صُرُوفَ الدَّهْرِ :
جَازِعَاتٍ إِلَيْهِمُ خَشَعَ الأَوْ ... داةِ قُوتاً تُسْقَى ضَيَاحَ المَدَيدِ الأَوْدَاةُ : الأَوْدِيَةُ عَلَى القَلْبِ . ويُرْوَى خُشَّع : جَمْع خَاشِع
قالَ الجْوَهَرِيّ : وفي الحَدِيثِ : كَانِتِ الأَرْضُ خَاشِعَةً عَلَى الماءِ ثُمَّ دُحِيَتْ . قُلْتُ : والَّذِي في الغَرِيبَيْنِ للهَرْوِيّ : كَانَتِ الكَعْبَةُ خَاشِعَةً على الماءِ فدُحِيَتْ مِنْهَا الأَرْضُ . وفي العُبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : خَلَقَ اللهُ البَيت قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ بأَلْفِ عامٍ وكانَ البَيْتُ زُبْدَةً بَيْضَاءً حِينَ كَانَ العَرْشُ عَلَى الماءِ وكانَتِ الأَرْضُ تَحْتَهُ كَأَنَّهَا خَاشِعَةُ علَى الماءِ . ويُرْوَى : خَشَفَة فدُحِيَت الأَرْضُ مِن تَحْتِهِ والخَشَفَةُ : صَخْرَةٌ تَنْبُتُ في البَحْرِ وسَيَأْتِي
وتَخَشَّعَ : تَضَرَّعَ قَالَهُ اللَّيْثُ وأَنْشَدَ :
ومُدَجَّجٍ يَحْمِي الكَتِيبَةَ لا يُرَى ... عِنْدَ البَدِيعَةِ ضَارِعاً يَتَخَشَّعُ وقالَ الجَوْهَرِيّ : التَخَشَّعُ : تَكَلَّفُ الخُشُوعِ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : تَخَشَّعَ واخْتَشَعَ : رَمَى ببَصَرِهِ نَحْوَ الأَرْضِ وغَضَّهُ وخَفَضَ صَوْتَهُ . وقَوْمٌ خَشَّعٌ كرُكَّعٍ : مُتَخَشِّعُونَ . وخَشَعَ بَصَرُهُ : انْكَسَرَ قالَ ذو الرُّمَّة :
تَجَلَّى السُّرَى عَنْ كُلِّ خِرْقٍ كأَنَّهُ ... صَفِيحَةُ سَيْفٍ طَرْفُه غَيْرُ خَاشِعوالخُشُوعُ : الخَوْفُ : وبه فُسِّرَ قَوْلُه تَعَالَى : " الَّذِين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُون " أَي خائِفُون
واخْتَشَعَ : إِذا طَأْطَأَ صَدْرَه وتَوَاضَع . وقُفٌّ خَاشِعٌ : لاطِيءٌ بالأَرْضِ وهو مجاز . وجِدَارٌ خاشِعٌ : إِذا تَدَاعَى واسّتَوَى مع الأَرْضِ وهو مَجَازٌ . ويقَال : خَشَعَت الشمسُ وخَسَفَت وكَسفَت : بمَعنىً واحدِ وهو مجَازٌ . ويُقَال : خَشَعَتْ دُونَهُ الأَبْصَارُ وهو مَجاز . وخُشْعانُ بالضَّمِّ : قَرْيَةٌ باليَمَنِ
وحَشِيشَةٌ خاشعة : يابِسَةٌ سَاقِطَةٌ عَلَى الأَرْضِ وهو مَجَازٌ . وكَذَا خَشَعَ الوَرَقُ إِذا ذَبُلَ
وأَبو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بْنُ إِبْراهِيمَ الخُشُوعِيّ المُسْنِدُ لأَنَّ جَدَّهُ الأَعْلَى كانَ يَؤُمُّ النّاسَ فتُوُفِّي في المِحْرَابِ فسُمِّيَ الخُشُوعِيّ ذَكَرَهُ الحَافِظُ لمُنْذِرِيّ